(١٠٩) أصلُ زيارةِ الأربعين وأدلّةُ مشروعيّتها
أصلُ زيارةِ الأربعين وأدلّةُ مشروعيّتها
مرتضى علي الحلي
من المعلوم تاريخياً أنّ زيارةَ الأربعين الشريفة بدأتْ في يوم العشرين مِن صفر لسنة 61 للهجرة حيث كان رجوع حرم الإمام الحسين (عليه السلام)، من الشام إلى مدينة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) -بعد ما مرّوا بكربلاء- وهو اليوم الذي وردَ فيه جابرُ بن عبد الله الأنصاري إلى زيارة الحسين (عليه السلام)، وهو أوّل مِن زاره مِن الناس. (1)
ففي يوم العشرين مِن صفر رُدّ الرأسُ الشريفُ إلى بدنه بكربلاء.
وقد ذكرَ السيّدُ الأجلُّ المرتضى (قدّس اللهُ روحه) في بعض مسائله:
أنّ رأسَ الحسين بن علي (عليهما السلام)، رُدَّ إلى بدنه بكربلاء مِن الشام وضُمَّ إليه والله أعلم.(2)
وعن السيّد ابن طاووس: أيضا: قال:
إنّ رأسَ الحسين (عليه السلام)، أُعيدَ فدُفِنَ مع بدنِه بكربلاء:(3)
ومن هنا برزت ظاهرة زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في أربعينيّته الشريفة، وورد فيها حثُ وترغيبٌ شرعي مِن لدن الأئمة المعصومين (عليهم السلام).
فعن صفوان بن مهران الجمّال قال: قال لي مولاي الإمامُ جعفرُ الصادق (صلوات الله عليه) في زيارة الأربعين:
تزور عند ارتفاع النهار.(4)
وعن الحسين بن علي بن ثوير بن أبي فاختة قال:
قال لي أبو عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام): يا حُسين مَن خرجَ من منزله يريدُ زيارةَ الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) إنْ كان ماشياً كتبَ الله له بكلّ خطوةٍ حسنة، وحطَّ بها عنه سيئة، وإن كان راكباً كتبَ اللهُ له بكلّ حافر حسنة وحطَّ عنه بها سيئة، حتى إذا صار بالحائر كتبه اللهُ مِن الصالحين، وإذا قضى مناسكه كتبه اللهُ من الفائزين، حتى إذا أرادَ الانصراف أتاه ملكٌ فقال: له: أنا رسول الله: ربّك يقرئك السلام، ويقول لك: استأنف فقد غفر لك ما مضى. (5)
وروي عن أبي محمد العسكري (عليه السلام) أنه قال:
علامات المؤمن: خمسٌ: صلاة الإحدى والخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.(6)
أما مع الإمام المهدي (عليه السلام) فظاهرة زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) جاءت بصورة الإطلاق في زيارته المفتوحة فوردَ عنه (عجّل اللهُ فرجَه الشريف) في زيارته لجده الإمام الحسين (عليه السلام): فلئن أخرتني الدهور، وعاقني عن نصرك المقدور، ولم أكن لمن حاربك محاربا، ولمن نصب لك العداوة مناصبا، فلأندبنك صباحاْ ومساءً، ولأبكين عليك بدل الدموع دما، حسرة عليك وتأسفا على ما دهاك وتلهفا، حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتياب.(7)
الهوامش:
(1) وسائل الشيعة: الحر العاملي: ج14: ص479.
(2) إعلام الورى بأعلام الورى: الشيخ الطبرسي: ج1، ص477.
(3) وسائل الشيعة: الحر العاملي: ج10، ص312.
(4) تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي: ج6، ص113.
(5) وسائل الشيعة للحر العاملي: ج14، ص439.
(6) مصباح المتهجد للشيخ الطوسي: ص787.
(7) المَزار للمشهدي: ص501.، بحار الأنوار للمجلسي: ج98، ص238.