(١١٢) أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) الزيارة المستهدفة
أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) الزيارة المستهدفة
حسين فرحان
سمل جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين وظهر فيكم حسيكة نفاق يتجدد بقلم أجير وعشق لشهرة وولع بالأنا تتصدون لزيارة الأربعين تشككون بورود النص فيها وتستعذبون ما أملاه عليكم مزاجكم المتقلب لتعملوا فيها الفكر بالرأي والقياس تريدون بذلك حجب النواميس التي قضت أن تنطلق الملايين الى معشوقها الوتر الموتور لتوهموا من كانت السذاجة ديدنه أن (الأربعين) هي زيارة (الواحد) لأربعين مؤمنا!!.
فلم يخجل الناعق بهذا الطرح من طرحه المليء بالبؤس والشقاء وسوء التوفيق، وكم وددنا أن نرى تعابير وجهه وهو يشاهد المسيرة المليونية تقطع مئات الكيلو مترات متوجهة للرحمة الواسعة تنشد استجابة الدعاء تحت القبة السامية، فالحقيقة التي آمن بها هؤلاء الزوار غير الوهم الذي آمن به أعداء زيارة الاربعين وشعائر الحسين عليه السلام فهم يرون غير الذي يراه من قست قلوبهم والذين ساروا على غير هدى.
إن زيارة الأربعين بما فيها وبمن فيها هي الدليل على أنها للحسين خالصة، لا نجادل أعدائها بألف لام العهد في روايتها ولا نجادلهم بالأسانيد وصحتها ولا بتسالم الفقهاء أخذا عن أهل البيت ع فمن يتصيد في الروايات وغايته تحريف الكلم لا ينفع معه احتجاج، وحسبنا أننا آمنا بها علامة من علامات الأيمان وإنها هبة الله لسيد الشهداء دون غيره وكرامة لزواره وميدانا يتنافس فيه المؤمنون أيهم للزهراء أقرب فهي بذلك علامة المؤمن لا علامة المشكك وإن كان اللفظ (زيارة الأربعين) غير واضح لمن تشنج واحتقن وامتلأ غيضا فهو واضح كلفظ وكمصداق لمن نادوا (يحسين بضمايرنا) وهو واضح ايضا بلحاظ أن الذي دعا إليه لأن يكون بهذا الشكل هو صاحب نداء (يا أهل العالم) عجل الله تعالى فرجه الشريف حين انتدب أهل الوفاء : (فَلْيَبْكِ الْباكُونَ، وَاِيّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النّادِبُونَ، وَلِمِثْلِهِمْ فَلْتَذْرِفِ الدُّمُوعُ، وَلْيَصْرُخِ الصّارِخُونَ، وَيَضِجَّ الضّاجُّونَ، وَيَعِـجَّ الْعاجُّوَن) فهل يكون في ما ادعى هؤلاء من تخاريف توهم بأنها زيارة لأربعين مؤمنا - مع ما ندب إليه من بكاء وصراخ وضجيج - مدعاة للتصديق والتسليم؟ فهل يعقل أن يتخلى المؤمن عن علامة من علامات إيمانه أو أن يترك الامتثال لأمر صاحب الأمر لأن معتوها خرفا أوحى له الشيطان بحرب الحسين فأعجبه ذلك؟
هل يعقل أن يلتفت العقلاء لدعوى جديدة مكملة للمنهج الأموي تستهدف الشعائر الحسينية والزيارات وكل ما هو متصل ومرتبط بالمذهب الشريف؟
حدث العاقل بما لا يليق.. حدث الموالي بما لا يليق.. حدث الشيعي.. حدث الزائر.. حدث المواكب.. حدث المشاية.. حدث الطفل الحسيني.. حدث الوجوه التي غيرتها الشمس.. حدث الصرخة.. حدث الدمعة.. حدث الرايات.. حدث السرادقات.. حدث اللطم.. حدث الاطعام والضيافة والانفاق.. حدث الشعث الغبر.. حدث حزنهم.. حدث الخطى التي تطأ الارض بحجة وترفع عنها بعمرة.. حدث الشيبة وهي تقصد كربلاء وهي محدودبة الظهر.. حدثهم جميعا بما ابتدعت واطمئن فأنك لن تجد أيها المشكك لصوتك صدى.
إنها أربعينية المواساة لزينب والسجاد وركب السبايا.. إنها أربعين جابر حين اغتسل بفرات لم يذقه الحسين فتعطر بالسعد ماشيا على أرض الكرب يشم عطر النبوة فيها حتى إذا وجده صاح باكيا (حبيب لا يجيب حبيبه)..
إنها أربعينية (يا نفس من بعد الحسين هوني..) حيث هجرت البيوت والاموال واللذات وانطلقت خطى المشاية نحو كعبة الأحرار..
إنها زيارة أربعين الحسين إن كنت تجهلها.. إنها دعوة الإمامة الساجدة التي رفعها الامام الصادق (عليه السلام): (اللّهُمَّ إنَّ أعْداءَنا عابُوا عَلَيهم بخُروجهم، فَلم يَنْهِهم ذلِكَ عَنِ الشُّخوصِ إلينا خِلافاً مِنْهم عَلى مَنْ خالَفَنا، فارْحَم تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتي غَيْرتها الشَّمْسُ، وَارْحَم تِلكَ الخدُودَ الَّتي تَتَقَلّبُ علىُ حُفْرَةِ أبي عَبدِاللهِ الحسينِ عليه السّلام، وَارْحَم تِلكَ الأعْيُنَ الَّتي جَرَتْ دُمُوعُها رَحمةً لَنا، وارْحَم تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتي جَزَعَتْ واحْتَرقَتْ لَنا، وارْحَم تِلكَ الصَّرْخَةً الَّتي كانَتْ لَنا، اللّهمَّ إني اسْتَودِعُكَ تلْكَ الأبْدانَ وَتِلكَ الأنفُس حتّى تَرْويهمْ عَلى الحَوضِ يَومَ العَطَشِ)..