(١٢١) دلالات زيارة الأربعين... الوسيلة
دلالات زيارة الأربعين... الوسيلة
مصطفى الهادي
قدّم الله تعالى للإنسان طرق كثيرة لينقذ نفسه من العذاب في الدنيا والآخرة في الدنيا الحصول على الراحة النفسية جراء هذه الأعمال وفي الآخرة رضا الله تعالى، فجعل: (الصدقة، وصلة الرحم، والإحسان إلى الوالدين وقول الصدق، وإطعام الطعام، وعتق المأسورين، والرفق بالحيوان).
فجميع الأعمال الصالحة التي تسير في طريق الله او تنبثق منه هي وسائل تخفيف للإنسان لما يرتكبه في مسيرة حياته الأرضية وصولا إلى سن الأربعين، حتى بلغ من لطفه تعالى بنا ورأفته إلى إنه يتقبل منك لو ازلت حجر من الطريق لكي لا يتعثر به الناس (اماطة الأذى من الطريق).
فكل طرق الخير توصل بالنهاية إلى الله وغفرانه ورضوانه ولعل الكثير مِنّا ــ على الأقل ــ إنما يفعل أعمال الخير من أجل غسل ذنوبه والتطهّر من موبقاته التي اجترحها مخالفا بذلك ربه وخالقه.
ولعل أسهل طرق الله للوصول إليه هو انه سنّ لنا (تعظيم الشعائر)، فلم يُحدد لنا ما هي هذه الشعائر، ولكن النبي والمعصومين سلام الله عليهم أرشدونا إلى أن كل أعمال البر والخير المنبثقة من التشريعات الإلهية هي شعائر علامات تقود الإنسان بالتالي إلى ربه. وهذه الشعائر كثيرة لا حصر لها حتى نحر بعير او شاة ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾.
وقد بيّن الله تعالى بأنه لا ينال منها شيئا سوى التزامنا وامتثالنا للأمر (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم). التضحية بهذه الضحايا يصحبها صفة معنوية لمن يتقرب بها، هذه الصفة المعنوية بما انها مرتبطة بالله تعالى فإنها سوف ترتقي بالإنسان نحو ربه.
ما أريد أن أقوله هو أن يوم الأربعين هو أحد هذه الشعائر –العلامات- التي تقود الإنسان إلى ربه من خلال تجشم العناء في زيارة أوليائه و (الأجر على قدر المشقة).
والوصول إلى الله عن طريق هذه الشعائر يتم عبر سيد الشهداء لأنه من أولياء الله وكأن السير نحوه بمثابة السير نحو الله تعالى لأن الحسين إنما كانت تضحيته خالصة لوجه الله (اللهم تقبل مِنّا هذا القربان). فكما أن القبلة في الصلاة تقودك نحو الله فإن الحسين (عليه السلام) بما أنه مرتبط بالله تعالى (حبلٌ ممدود بين السماء والأرض).
فإنه يقودك إلى ألله أيضا. (رضا الله رضانا أهل البيت).
وهناك وصية من نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن نتمسك بهذا الحبل لكي لا نتيه (ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ابدا).
فهو العاصم لنا من الضلالة في عصور الفتن التي تعصف بنا من كل جانب ومكان وهو القائد لنا نحو الله.
في عالم الأرقام والأعداد وجب علينا أن لا نغفل عن أشياء جرت بإذن الله تعالى منها على سبيل المثال: أن الوحي قد نزل على قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في سن الأربعين، ولابد من وجود حكمة من هذا العمر، لأن الله تعالى لا يختار شيئاً إلا وفيه حكمة عظيمة. وكذلك قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً... إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ﴾، [وقد سأل بعض الصحابة متى يؤخذ الرجل بذنوبه؟ قال: (إذا بَلَغْتَ الأربعين، فَخُذْ حذرك)].
وكذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾.
لا أريد أن الوي النصوص من أجل إثبات شيء غير واقعي، بل أن ما متوفر بين أيدينا من أحاديث واعمال صدرت من أهل العصمة تدل دلالة واضحة أن يوم الأربعين هو من الشعائر المستحب القيام بها بل بلغ من تأكيد استحبابها من قبل بعض الأئمة والعلماء ان تكون بمثابة الواجب على كل مؤمن موال قادر على ذلك أن يؤديها.
فلنجعل من زيارة الأربعين طريقا يقودنا إلى الله عبر الحسين عليه السلام لأن الحسين وسيلة من الوسائل التي تقودنا إليه وهو تعالى أمرنا بذلك فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾.
فلم يُحدد الله لنا ما هية تلك الوسيلة فالدعوة عامة بل تأمر التمسك بكل وسيلة توجب التقرب إلى الله وتقود إليه وأحد هذه الوسائل هو ما بيّنهُ المعصوم حيث قال: (نحن الوسيلة).
وفي بيان أنهم (عليهم السلام) الوسيلة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (الأئمة من ولد الحسين (عليه السلام)، من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله، هم العروة الوثقى وهم الوسيلة الى الله تعالى).
وفي دعاء الندبة: (وجعلتهم الذريعة إليك والوسيلة الى رضوانك). ويُشاركنا اهل السنة بذلك فقد ذكر ابن حجر في كتابه (الصواعق المحرقة: ص 180، ط مكتبة القاهرة) فذكر: توسل الشافعي بآل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال:
آل النبـي ذريعتـي وهم إليـه وسيلتـي * أرجو بهم اعطى غداً بيدي اليمين صحيفي.