المسار
مسيرة الأربعين » قالوا في مسيرة الأربعين
الفهرس
قالوا في مسيرة الأربعين

سماحة السيد حسن نصر الله

من كلمة سماحة السيد حسن نصر الله في مهرجان اربعين الإمام الحسين عليه السلام

...اليوم، هذه المسيرة، هذا الحشد، هذا الحضور، في هذا المكان، حيث في سنة 61 للهجرة جاءت السبايا والرؤوس ووُضعت حيث أنتم الآن في موقف صعب ومأساوي ومؤلم ومحزن. اليوم من خلال مسيركم على نفس الدرب ونفس الطريق الجغرافي تقدمون رسالة للعالم على أن هذا الطريق المعنوي والإيماني والروحي والجهادي الذي قام بتضحيات جسام منذ اليوم الأول لبعثة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصولاً إلى بدر وأحد، وصولاً إلى كربلاء، هذا الطريق سوف يبقى حياً قوياً متدفقاً مستمراً قادراً على صنع الأمة، على دفع الأمة إلى مواقع عزّتها وكرامتها ومجدها.
اليوم عندما ننظر اليكم نعرف مَن المنتصر في كربلاء سنة 61 للهجرة، ومَن الغالب، عندما ننظر إلى وجوهكم، إلى إرادتكم، إلى حشودكم، إلى تصميمكم، إلى عزمكم، إلى حضوركم.
عندما ننظر إلى تلك الملايين المجتمعة والمحتشدة حول ضريح أبي عبدالله الحسين عليه السلام وأخيه أبي الفضل العباس عليه السلام في مدينة كربلاء اليوم وخلال هذه الساعات نعرف مَن المنتصر في تلك المعركة ومَن كان الغالب وأي منطق هو الذي سجل لنفسه خلوداً، هل منطق (كد كيدك واسعَ سعيك وناصب جهدك فو الله لن تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا) هو الذي انتصر أو منطق (لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل) هو الذي انتصر، يعني منطق زينب أو منطق يزيد، منطق الحسين أم منطق يزيد، منطق الإسلام أم منطق الجاهلية، مشروع الإسلام أم مشروع الجاهلية.
اليوم ما نشهده على امتداد العالم وما شهدناه على امتداد القرون يؤكد مَن الغالب الذي تحدث عنه إمامنا زين العابدين عليه السلام قائد موكب الأحزان والإباء والعزم والإرادة والوفاء عندما دخل إلى المدينة وسأله شامت وقال له: من الغالب؟ فقال عليه السلام ما مضمونه: إذا سمعت الأذان عرفت من الغالب، إذا سمعت الأذان يصدح بـ (أشهد ان لا إله الا الله وأشهد أن محمداً رسول الله) صلى الله عليه وآله وسلم عرفتَ من هو الغالب.
واليوم أيضاً نعرف من هو الغالب عندما نسمع اسم محمد رسول الله يُصدح به من على المنابر والمآذن والفضائيات والإذاعات خمس مرات في اليوم على امتداد المعمورة نعرف أن الدم انتصر على السيف في كربلاء، وأن مشروع الحسين حفيد محمد هو الذي انتصر في سنة 61 للهجرة، وأن السبايا وزين العابدين، أن الرؤوس المرفوعة على الرماح والنساء المقيّدات بالسلاسل اللاتي جيء بهنّ على مسافة طويلة إلى بعلبك ومنها إلى دمشق الشام هو الغالب وهو المنتصر وهو الحاضر.
نحن اليوم، من خلال هذا الإحياء، نؤكد هذا المعنى، معنى حياة هذا المشروع، حياة هذه الأمة، حياة هذا الدين، كما نعبر عن وفائنا وشكرنا واعترافنا بالجميل لرسول الله، لأهل بيت رسول الله، لصحابة رسول الله، للشهداء مع الحسين في كربلاء، الذين ـ بتضحياتهم ـ حفظوا لنا هذه الرسالة الإلهية وأوصلوها عبر الأجيال لنكون في هذا الزمن من المؤمنين بها، الملتزمين بها، العاملين بها، والتي نصنع بها انتصاراتنا وأمجادنا وحاضرنا ومستقبلنا ووحدة أمتنا وكرامة شعوبنا.
أيها الأخوة والأخوات: أهمية الإحياء لهذه المناسبة الجليلة والعظيمة، خصوصا هذه الأعوام، لها دلالة خاصة، كما كان يحصل في بعض مراحل التاريخ.
اليوم (فيما يتعلق بـ) المشي إلى كربلاء، الإنسان يمشي وهو في معرض التهديد والتفجير والعمليات الانتحارية والمجازر والقتل الجماعي من خلال هذا النهج التكفيري التقتيلي الذي تستخدمه اليوم أمريكا لصنع فتنة دامية بين أبناء هذه الأمة ومختلف طوائفها ومذاهبها، ولكن هل استطاعت التفجيرات والعمليات الانتحارية خلال سنوات أن تحول دون أن يعبّر هذا العشق للحسين ولجد الحسين عن نفسه بمسير الملايين مشياً على الأقدام إلى ضريح أبي عبدالله الحسين عليه السلام؟

لبنان-  بعلبك/ 3/ 1/ 2013 ميلادي
قناة المنار الفضائية

قالوا في مسيرة الأربعين : ٢٠١٧/٠١/٢٤ : ٢.٤ K : ٠
التعليقات:
لا توجد تعليقات.