خلاصة بحث: الإمام المهدي (عليه السلام) في أحاديثِ الإمامِ عليِّ بنِ الحسين (عليه السلام)
خلاصة بحث: الإمام المهدي (عليه السلام) في أحاديثِ الإمامِ عليِّ بنِ الحسين (عليه السلام)
قراءةٌ تأويليةٌ
الدكتور حاكم حبيب الكريطي
بحث مشارك في مسابقة خاتم الأوصياء (عجّل الله فرجه) للإبداع الفكري
شغلتْ قضيةُ الإمامِ المهديِّ (عليه السلام) الفكرَ الإسلاميَّ منذُ عصرِ النبّوةِ، بعد أنْ أخبر النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بغيبتهِ وظهورهِ في أحاديثَ كثيرةٍ، وذهبَ المسلمونَ في فهمِها وإدراكِها مذاهبَ شتى، على الرّغمِ من أنّهم جميعاً مُجمعون على أصلِ الظهورِ. وقد تحدّثَ أهلُ البيت (عليهم السلام) في العصورِ اللاحقةِ كثيراً عن ذلك ليُزيلوا عن النفوسِ ما علِقَ بها من وهمٍ وانحرافٍ يمسُّ قضيةً تشكّلُ أُسّاً رئيساً من أسسِ (الإمامةِ). فتحدّثوا عن غيبةِ الإمامِ المهديّ (عليه السلام) وزمانها وعلاماتِ ظهورهِ بعد غيبتهِ، ليضعوا المسلمين في دائرةِ الانتظارِ والدعاءِ بتقريبِ الفرجِ، لأنّ ذلك يشدُّ المسلمَ إلى عقيدتهِ، ويجعلُهُ في ارتباطٍ متينٍ دائمٍ مع الله تعالى.
إنّ غيابَ الإمامِ (عليه السلام) يدعو إلى التمسّكِ بإمامتهِ، لأنَّ وجوبها وجوبٌ إلهيٌّ، والغائبُ الحيُّ يُنتظر ظهورُه إذْ إنّ غيابَه نظامٌ ربانيٌّ، أراده الله تعالى على هذا النحوِ ليبتليَ المسلمين ويختبرَهم، فالثباتُ في زمنِ الغيبةِ من المراتبِ التي ترفعُ من شأنِ صاحبهِ.
إنّ تصورَ الغيبةِ من كلامِ الأئمّةِ (عليهم السلام) وقراءةَ أحاديثِهم على وفقِ ما تقدّمُهُ اللغةُ من إمكاناتٍ تأويليةٍ، سيضيفُ بُعداً معرفياً للغيبةِ، تُعاضُده الرواياتُ الموثوقةُ التي وصلتْ إلينا عنهم، وسينهضُ هذا البحثُ بهذه المهمةِ إنْ شاءَ اللهُ تعالى، بعد النظرِ في أحاديثِ الإمام عليِّ بنِ الحسين (عليهما السلام) في هذا الشأن.
بقيَ أنْ نشيرَ إلى أنّنا سنقرأ أحاديثَ الإمامِ عليِّ بنِ الحسين (عليهما السلام) قراءةً تأويليّةً، ونعني بالقراءةِ التأويليّةِ هنا: الالتفاتَ إلى المفرداتِ المركزيّةِ في النصوصِ، والوقوفَ على المعاني التي تنطوي عليها ويقبلُها السياقُ، ونأخذُ منها ما قد يكونُ فيصلاً في فهمِ المعنى من دونِ أنْ ندعَ المعاني الأخرى. واستناداً إلى هذا، فقد نقفُ على أكثرَ من توجيهٍ للمعنى في مواطنَ كثيرةٍ، وبهذا ينكشفُ الثراءُ الدلاليُّ لأحاديثِ الإمامِ عليِّ بن الحسين (عليهما السلام)، شأنُه في ذلك شأنُ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) جميعاً، لأنّهم أربابُ الكلامِ.