خلاصة بحث: إثبات ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
خلاصة بحث: إثبات ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
الشيخ كاظم القره غولي
إن عظم منزلة الإمامة جعلها نقطة افتراق داخل الجسد الإسلامي، فمن لم تدركه لفتة الرحمة من ربِّه أبعده حسده أو قعد به جهله أو أسره هواه.
وكانت حيثيات الإمامة مثاراً للبحث والتدقيق، فبعضٌ حظه الرفض، وآخر كفله التصديق.
ولطالما كان من سمة الفكر والمعتقد الجذب والدفع، وبمرور الليالي والأيام تجلّى في الإمامة ذلك في الأنام.
فكم من ناصب أدار التوفيق دفّة مركبه لبحر الولاء، وكم من موال عصف به كيد الشيطان في مستنقع العداء. والإيمان منه ثابت ومنه مستودع. ومن عثر فيه على مرتع لا يضمن دوام المهجع، فغربال الابتلاء ما فتئ يعمل ووابل الامتحان ما انفك يهطل. يتجلّى في أرضٍ حياةً ورحمةً، وينزل في أخرى بلاءً ونقمةً. شأنُ هذه الحياة لا يتبدل وقانونٌ لها لا يتعطل. والنار تحرق الخشب وتُنقّي الذهب.
ومن لم يُسلم عنانه للشيطان في أصل الإسلام كَمَنَ له اللعين في معرفة الإمام. وقبول القضايا في تناسب عكسي مع مقدار غرابتها. ومن أغرب القضايا أن يعيش إنسان لقرون متمادية، وأغرب من ذلك أن لا يعرفه أحد على مر العصور وتوالي الدهور، ومن هنا خُصت مسألة الإمام الثاني عشر (عليه السلام) بالكثير من الاهتمام، وصار الحديث فيها مورداً للنقض والإبرام. فأنكر قومٌ ولادته وبنى آخرون على وفاته، وأعلمنا آباؤه الكرام (عليهم السلام) أنه سيقال فيه «هلك في أي وادٍ سلك».
وقد شكّك البعض في تواتر الأخبار – على بعض المباني – في ولادته (عليه السلام). ونظراً لأهمية المسألة ومحوريتها في معتقدنا رأيت أن أتعرض إلى الأدلة التي يمكن أن تكون دالة على ولادته، ولم أقتصر في الاستعراض على ما يدل على ذلك مطابقة، وإنّما طفت في طوائف الأخبار التي تدلّ عليه التزاماً. ولم أُرْخِ العنان لقلم البحث لاستيعاب كلّ ما يمكن أن ينفع في ذلك من آحاد الأخبار، بل تعرّضت لطوائف وانتقيت بعضاً من كلٍ منها، مع إشارة إلى وجه الدلالة. ولو لم يكن في هذه الطوائف إلّا خصوص ما سقته من الروايات لكان فيها ما يزيد على الكفاية.