أبحاث العدد:
خلاصات بحوث العدد:
المسار:
الموعود » اعداد المجلة » العدد ٨ / ذي الحجة / ١٤٤٠ هـ
لتصفح المجلة بـ Flsh
لتحميل المجلة كـ Pdf
العدد 8 / ذي الحجة / 1440 هـ

توثيقات المستشرقين الألمان للقضية المهدوية

توثيقات المستشرقين الألمان للقضية المهدوية

دراسة تحليلية نقدية

د. حسن جاسم محمد حسين الخاقاني (*)

المقدمة:
فجرٌ جديد، وإشراقة شمس جميلة، وبزوغ قمر ينير السماء بهذا الشكل البهي، ينتظر المنتظرون الطلعة البهية لإمام زمانهم المهدي بن الحسن المنتظر (عجّل الله فرجه)، ليبدأ بظهوره عهد الأُلفة والمحبة والرحمة ونصرة المظلوم وشيوع العدل والقسط، بعد عهد الظلم والجور الطويل الذي خيَّم على الدنيا، ومن هنا تتَّضح الأهمية الكبرى لموضوع القضية المهدوية التي قدَّمت فيها المؤلفات والبحوث الكثيرة على الصعيد الإسلامي، وتنبَّهت المدارس الاستشراقية إلى أهمية الموضوع، والمدرسة الألمانية من ضمن المدارس التي اهتمَّت بقضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، واتَّسمت توثيقات المستشرقين الألمان للقضية المهدوية بالتأرجح بين السلب والإيجاب، فهناك من تمكَّن سَبْر أغوار هذه القضية المهمة، قاصداً الدراسة العلمية الخالصة التي يمكن من خلالها الوصول إلى النتائج المرجوة والدقيقة، وفي الجانب الآخر وقف قسم من المستشرقين الألمان المتصيدين في الماء العكر، وهدفهم دس السم بالعسل حتّى يصلوا إلى غايتهم المنشودة بشقِّ الصف الإسلامي واختلاق الأزمات التي تثير الشارع الإسلامي، لعلمهم بأهمية هذه القضية وأثرها في نفوس المسلمين لوجود خلافات حولها تمتد إلى مئات السنين.
وقد تناول المستشرقون الألمان قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من عدَّة جوانب، منها: مسألة وجوده من عدمها، والأساس الذي بنيت عليه القضية المهدوية، كما أن موضوع ولادته الميمونة كانت محط اهتمامهم، ولم تكن الأوضاع السياسية المرافقة للولادة، أو المصاحبة للقضية بعيدة عن متناول أقلامهم كونها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بها، وهناك الكثير من الأحداث جاءت كردِّ فعلٍ على تلك الأوضاع لتجنُّب الاصطدام بالسلطة الحاكمة آنذاك، كما تطرَّقوا إلى الغيبتين الصغرى والكبرى وسفراء الإمام (عجّل الله فرجه) الأربعة، وأثرهم في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية على أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، ومن هنا عمد الباحث إلى تقسيم بحثه إلى عدد من الفقرات:
كان أولها: شكوك المستشرقين بشخص الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
والفقرة الثانية: رؤية المستشرقين الألمان للأوضاع السياسية المصاحبة لولادة المهدي (عجّل الله فرجه).
أمّا الفقرة الثالثة: فكانت عن الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة(1).
أولاً: شكوك المستشرقين الألمان بشخص الإمام (عجّل الله فرجه):
اجتهد بعض المستشرقين الألمان لتكريس مبدأ الشك في وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عبر أقاويل لا تستند إلى الحقائق ولا تصمد أمامها، فهذا المستشرق شتروطمان (Strothmann) يعبر عن رأيه في هذا الموضوع بقوله: (... ومن المشكوك فيه كل الشك أنَّ الحسن الخالص وهو الإمام الحادي عشر، قد خَلَّفَ ولداً على الإطلاق لما مات عام (260هـ/ 873م)، لكن ساد بين الشيعة الإمامية الاعتقاد بوجود ابن له هو محمد حجة الله)(2)، يبدو من هذا النص أن شتروطمان قد حسم أمره في مسألة وجود الإمام (عجّل الله فرجه)، فهو يستبعد تماماً ولادته، أو تخليف الإمام العسكري (عليه السلام) لولد، ولا يعد وجوده إلّا اعتقاداً لدى الشيعة الاثني عشرية.
ويذهب بذات الاتجاه المستشرق الألماني إسرائيل فردناند (Isr.Friedländer) فهو يعد الولادة أسطورية وذات إشكالية كبيرة، وأنها حدثت في اليوم نفسه الذي توفي فيه والده الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) عام (260هـ/ 873م)(3).
ويمكننا من خلال تتبع رأي هذين المستشرقين إيضاح مسألة أصبحت بديهية لديهم، وهي الشك في وجود هذه الشخصية كونهم قد بنوا اعتقادهم مسبقاً أن لا وجود لها مطلقاً، وإنما هي أسطورة من اختراع الشيعة أرادوا فيها إعطاء الأمل لأتباعهم عبر وسيلة الانتظار، كي يواصلوا الصمود أمام التحديات والأخطار المحدقة بهم من قبل السلطات الحاكمة التي اضطهدتهم بشتّى أنواع الاضطهاد، أو أنهم أرادوا إتمام عدة الاثني عشر إماماً الموافقة لمذهبهم الإمامي الاثني عشري، فهو تمام عدة الاثني عشر إماماً (عليهم السلام). وهم في هذا الرأي لم يبتعدوا كثيراً عن بعض علماء الإسلام الذين نقلوا حديثاً شاذّاً ينكر وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وجعلوا ذلك مقتصراً على نبي الله عيسى (عليه السلام)، وهذا ما صرّح به نعيم بن حماد(4) عن الحسن البصري(5) بأنَّ المهدي هو عيسى بن مريم (عليه السلام)(6)، ويرى إن كان هناك مهديٌّ فهو عمر بن عبد العزيز(7)، ويبدو من هذا الكلام ابتعاد نعيم عن الحقيقة مقتدياً بالحسن البصري، كما يظهر بجلاء انحيازه صوب الأمويين، ما جعله يعطي هذه المنزلة الرفيعة لعمر بن عبد العزيز، وتلاه ابن أبي شيبة(8) ناقلاً عن مجاهد(9) بأن المهدي عيسى بن مريم (عليه السلام)(10)، كما نقل غيرهم هذا الحديث الشاذ(11).
وهناك أمر مهم يمكن الالتفات إليه، وهو أن أكثر من نقل هذا الحديث ينقل أحاديث أخرى تشير بوضوح أنَّ المهدي من عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو ابن الإمام العسكري(12)، ويرى الباحث أن ذلك يعود لسببين:
أحدهما: سياسي مرتبط بالسلطة الحاكمة ومهادنة رجال الحديث والمؤرِّخين لهم، فلم يتوانوا عن تأليف أحاديث تسند إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تتلاءم مع توجهات أفراد الأُسَر الحاكمة في العهدين الأموي والعباسي لنيل رضى الحُكام أو تفادياً لسطوتهم وظلمهم.
والسبب الثاني: يعود إلى إصرار البعض على مجافاة الحقيقة والابتعاد عنها كونهم يرزحون تحت رؤية ضبابية لا تقر بمكانة أهل البيت (عليهم السلام) على الرغم من المؤشرات الكثيرة التي جاء بها القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة كما أن النقل العشوائي للروايات لم يكن بعيداً عن متناول هؤلاء، فظهر التناقض واضحاً في مروياتهم.
وتفنيداً لما جاء به شتروثمان (Strothmann) وإسرائيل فردناند (Isr.Friedländer)، لابد من العودة إلى المصادر الإسلامية التي أكَّدت ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ونسبته لأهل البيت (عليهم السلام)، فقد نقل البعض أحاديث عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) قبل ولادته، فهذا الصنعاني(13) يخصّصُ باباً لأخبار المهدي، ويشير بوضوح نسبته لأهل البيت (عليهم السلام)، بقوله عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «... فيبعث الله رجلاً من عترتي أهل بيتي فيملأ الأرض قسطاً كما ملئت ظلماً»(14)، ويحدد حماد المروزي نسب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بقوله: ... قال: «من قريش»، قلت: من أي قريش؟ قال: «من بني هاشم»، قلت: من أي بني هاشم؟ قال: «من بني عبد المطلب»، قلت: ثمّ أي عبد المطلب؟ قال: «من ولد فاطمة»(15). ويبدو من النصين أن أمر نسب المهدي (عجّل الله فرجه) إلى النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) قد حُسِم، وأي حديث بعده يدخل في مجال المساومات والمزايدات التي تريد الوصول إلى غايات دنيوية تبتعد بالحقيقة عن مسارها الصحيح، فهو من النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن ولد فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت محمد، وهذا ما أكدته المصادر الإسلامية الكثيرة(16).
وبالعودة إلى قضية ولادة الإمام (عجّل الله فرجه) ووجوده، التي أنكرها هذان المستشرقان، فقد أوردت المصادر الإسلامية روايات تصب باتجاه الولادة المباركة وحقيقة وجوده سنعرضها حسب التسلسل الزمني، ولاسيما التي كانت حاضرة أيّام الغيبة الصغرى، وهي تحمل خبراً صريحاً عن الولادة، فيروي لنا الكاتب البغدادي(17) بأنه قد ولد الخلف (عجّل الله فرجه) سنة ثمان وخمسين ومائتين ومضى أبو محمد الرابع (عليه السلام) وللخلف سنتان وأربعة أشهر(18). ويظهر ممّا تقدم وجود اختلاف في سنة الولادة المشهورة عند الإمامية كما سنرى عند ذكر خبرها، وهذا ما يجعل سنّ الإمام (عجّل الله فرجه) عند وفاة أبيه العسكري (عليه السلام) أصغر، لكن نقل الكليني لخبر الولادة يمكن عدّه الأشهر والأصح، فيرى أنه ولد (عجّل الله فرجه) للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين(19).
وهذه إشارة واضحة وجلية ينقلها الكليني في باب ولادة الصاحب (عليه السلام) يحدِّد فيها اليوم والشهر اللذَيْن وُلد فيهما الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بما لا يقبل الشك فيها وفي صاحبها، وكذا نقل ابن أبي زينب النعماني (ت حدود 360هـ/970م)(20) عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فيقسم الإمام بالله تعالى أنه ما رغب في الدنيا ساعة قط، ولكن فكره كان منصبّاً في مولود يكون من ظهره وهو الحادي عشر من ولده (عليهم السلام) وهو المهدي المنتظر الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً(21). تلاه العديد من علماء المسلمين الذين أرَّخوا لولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)(22)، وهناك أمر يجب الالتفات إليه، وهو أن بعض الذين كتبوا عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عوَّلوا في موضوع الولادة على روايات لا تشير بصراحة إلى الولادة.
ويرى الباحث أنَّ هؤلاء لم يكونوا بحاجة إلى هكذا أخبار يبتغون من ورائها إثبات الولادة لأن الأمر ليس بحاجة لذلك، كون الولادة ثابتة كما أشرنا لذلك، ومن الذين عوَّل هؤلاء على روايتهم: الروياني (307هـ/919م)(23) الذي روى حديثاً في مسنده عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مفاده: مجيء رايات سود من قبل المشرق يقتلون المسلمين قتلاً لم يقتله قوم قط مثله، وأضاف إذا سمعتم به فأْتُوه فبايعوه ولو حبواً على الثلج فإنَّه خليفة الله المهدي(24).
ويبدو من هذا الحديث أن ذكر المهدي جاء بعد هذه الحادثة وكأنَّه لن يتحقق بدونها، وكذا نقلهم عن سهل بن عبد الله البخاري (ت 341هـ/952م) عندما يتحدَّث عن أخ الإمام العسكري (عليه السلام)، وهو الذي تسميه الإمامية جعفر الكذاب(25)، وإن تسميته جاءت لادِّعائه ميراث أخيه الحسن العسكري (عليه السلام) دون ابنه القائم الحجة (عجّل الله فرجه) وهو لا طعن في نسبه(26). وغيرها من الروايات(27).
ويرى الباحث أنَّ الحاجة إلى هكذا روايات إنَّما جاءت لدفع الشبهة التي يثيرها البعض حول وجود الإمام (عجّل الله فرجه)، لذا نجد إسهاباً في نقل هكذا روايات، وفي مقابل الرفض القاطع لولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) نرى أن المستشرق هاينز هالم (Heinze Halm) يعيد ذلك الأمر إلى كتب الفرق الشيعية الأولى حسب ادِّعائه مستنداً إلى النوبختي(28) الذي ينقل خبراً مفاده أنَّ الإمام العسكري (عليه السلام) مات ولم يخلِّف أي ولدٍ يرثه، لذا ورثه أخوه جعفر(29)، كما يعيد الإمامة إلى محمد بن علي الهادي(30)، وفي أحيان أخرى يعيدها إلى الإمام الكاظم (عليه السلام).
وردّاً على هاينز هالم نقول: إنه قد اختار هذه الرواية التي تشكك بولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وهو لا يقف عند هذه الرواية، بل ينقل - أي النوبختي نفسه وفي نفس الكتاب - الكثير من الروايات التي تشير صراحة إلى الولادة وهي واحدة من بين العشرات التي تؤكِّد خبر الولادة، لذا نجد هالم مضطراً للعودة عن هذا التصور بآخر يؤكد خبر الولادة ويعبر عن رأيه في الموضوع بأن الإمام العسكري (عليه السلام) قد أخفى خبر ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عن الخليفة خوفاً عليه من أن يُقتل، وسوف يظهر كقائد للمسلمين(31).
ثانياً: توثيقات المستشرقين الألمان للأوضاع السياسية المصاحبة لولادة المهدي (عجّل الله فرجه):
رافقت ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أحداث سياسية مهمة كانت تعصف بالدولة العباسية بعد أن انتقل مقر الخلافة من بغداد إلى سامراء في عهد المعتصم العباسي، وتغيُّر رأس الخلافة السريع وسيطرة القواد الأتراك على مقاليد السلطة حتّى وصول المعتمد(32) إلى السلطة العباسية، واندلاع العديد من الثورات لاسيما ثورة الزنج(33) التي شغلت السلطات العباسية لمدة طويلة واستنزفت الكثير من الأموال والأرواح وأدخلت الرعب في نفوس الناس إلى أن تكلَّلت الجهود الحثيثة والطويلة الأمد بالقضاء عليها على يد الموفق العباسي(34) أخ الخليفة المعتمد.
وثورة ابن الصوفي العلوي(35)، وثورة علي بن زيد(36) في الكوفة، وظهور الدول المستقلة التي مارس بعضها ضغوطاً على الدولة العباسية للحصول على تفويض من الخليفة العباسي لما تمثله من رمزية لدى المسلمين، ولعلَّ أبرزها الطاهرية(37) والحمدانية(38) والصفارية(39).
أمّا الدولة الزيدية(40) فلم تكن بحاجة إلى التفويض كونها جاءت بالضد من توجهات العباسيين(41)، ولم تقف الانقسامات التي طالت جسد الدولة العباسية عند هذا الحد، بل استمرت وظهرت العديد من الدول المستقلة بمرور الوقت، ومن المظاهر البارزة في هذه المدة اللهو والمجون وحياة الترف التي عاشها الحُكّام على الرغم من الضائقة المادية التي تعيشها الدولة العباسية(42) ولم تكن ولادة الإمام (عجّل الله فرجه) بمنأى عن اهتمامات الخلافة العباسية التي كانت تراقب الأحداث عن كثب للسيطرة على المولود الذي يعدونه خطراً محدقاً بدولتهم.
وينظر المستشرقون الألمان إلى تلك الأوضاع من وجهة نظر تتأرجح بين نقل الحوادث التاريخية والتعليق عليها تارة بالسلب وأخرى بالإيجاب، ولعلَّ إسهامات الجيل الجديد من المستشرفين الألمان هي أوسع وأكثر عمقاً في معالجة الأوضاع السياسية المحيطة بولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، كما أنَّ المصادر الشيعية لم تكن بعيدة عن متناول أيديهم، وهذا ما يميزهم عن الجيل القديم الذين كانوا أقل عمقاً وتناولاً للمصادر الشيعية، فقد تناول المستشرق هاينز هالم الأوضاع السياسية المحيطة بولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ومهّد لهذه الأوضاع بالحديث عن جلب الإمام الجواد (عليه السلام) إلى بغداد من قبل المأمون العباسي وهو لا يزال صغيراً، واعتبر الإمام (عليه السلام) طالباً للزواج من بنت المأمون حتّى يتقرَّب من الأُسرة الحاكمة ويؤمِّن على نفسه وأسرته، ويحتل مرتبة عالية في الحياة السياسية والاجتماعية في بغداد (43).
ويبدو أن هالم لم يصب كبد الحقيقة بهذا النص، كون المصادر تشير بوضوح إلى رغبة المأمون بهذا الزواج لكي يأمن من الإمام (عليه السلام) وشيعته المناهضين للحكم العباسي ويجعله قريباً منه، وحاول العديد من المرات النيل منه عبر المناظرات التي كان يدعو لها الإمام (عليه السلام) محاولاً الانتقاص منه(44)، ثم تحول إلى مسألة انتقال مركز الخلافة من بغداد إلى سامراء وبقائها عاصمة للدولة العباسية لأكثر من نصف قرن بعد الضغوطات الكبيرة من قبل سكان بغداد الذين تعرَّضوا للأذى على يد جند الخليفة، لاسيما الأتراك منهم، ويتحدَّث عن هذه الحادثة التاريخية بأن الخليفة المعتصم انتقل مع حراسه الأتراك من بغداد إلى مقر جديد أسَّسه على نهر دجلة على بعد (100 كيلو متر) شمال غرب بغداد اسمه سامراء، وكان يتعيَّن على الأئمة (عليهم السلام) أن يتبعوا الخلفاء إلى هناك، في سنة (848م/233هـ)، أمر الخليفة المتوكل بجلب الإمام العاشر علي الهادي (عليه السلام)، ومن المؤكَّد أن ترحيل الإمام (عليه السلام) مجدداً كانت له أسباب سياسية فقد أصبح الشيعة أقوياء جدّاً إلى درجة أنهم صاروا يشكلون خطراً على الحكم العباسي(45)، ويظهر أن هالم يسرد تاريخياً الحال الذي وصلت إليه الدولة العباسية من ضعف وتدهور قد أشار إليه الباحث في بداية الحديث عن الأوضاع السياسية المرافقة لولادة الإمام (عجّل الله فرجه)، وكان للوئام الكبير بين الإمام الهادي (عليه السلام) وشيعته الأثر الكبير في رسم صورة ذهنية مليئة بالخوف والحيطة والتذمُّر في مخيلة الأسرة العباسية الحاكمة، وتوالي الثورات من قبل العلويين وأنصارهم قد ولدت ترسيخاً لهذه الصورة(46)، بعد ذلك يتحوَّل صوب الإمام العسكري (عليه السلام) وخوفه من بطش الخليفة الذي اضطرَّه إلى إخفاء ولادة ابنه المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) عنه، لشيوع الأخبار عن صفاته وقضائه على حكم الظالمين(47).
ويمكن القول: إن هذا الحال الذي يصفه هذا المستشرق يوافق ما كان سائداً من وضع سياسي آنذاك، ويقف المستشرق الألماني كونسلمان (Konzelman) في طليعة المتصدين لهذا الموضوع عبر اتِّباعه تسلسلاً تاريخياً واضحاً للأحداث، وإسهاباً في الشرح لتلك الأحداث جعلته ينفرد عن بقية المستشرقين في تناوله للأوضاع السياسية القريبة أو المصاحبة لولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فهو يتحدَّث عن التغيرات التي لحقت ببنية الجيش الذي خلَّفه المأمون لأخيه المعتصم - الذي يقول عنه كونسلمان خطأً أنه ابن المأمون بل هو أخ المأمون وابن هارون الرشيد - فقد أصبح المرتزقة الذين تم جلبهم من مصر والنوبة(48) والمغرب والعبيد القادمون من سمرقند(49) وبلاد الأرال(50)، وبحر قزوين(51) أصحاب قرار في الدولة، وأخذوا يتدخلون في إدارة مفاصل الدولة، وضاق أهل بغداد بهم ذرعاً، وفي أحد الأيام - كما يصف كونسلمان - تمكّن رجلٌ أن يستجمع قواه ووجَّه نقداً لاذعاً للخليفة بسبب وجود الجند الأجانب في بغداد وهدَّده أن يحاربه أهل بغداد بجيش لا قِبَل له به، وهو الدعاء ليلاً وهو نائم، وهذا الأمر دفعه لمغادرة المدينة، لكن كونسلمان يقول: إنه ترك بغداد تاركاً المرتزقة فيها، وهذا خطأ آخر يقع فيه، فما فائدة مغادرة بغداد من دون جنده الأجانب؟ وهم سبب المشكلة فيها(52).
أمّا علاقة الإمام الجواد (عليه السلام) بالخليفة المعتصم فقد انتهت بطلبه من ابنة أخيه زينب أن تضع السم للإمام (عليه السلام) وقتله(53)، وينتقل إلى خلافة الواثق والمستعين، ثم يتحول صوب المعتز الذي فقد زمام الأمور تماماً، لكنه تفرغ لعداء الإمام الهادي (عليه السلام) وطلب من رجاله وضع السم للإمام (عليه السلام) وقتله لتنتقل الإمامة إلى الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ويعبر كونسلمان عن إمامة الحسن العسكري (عليه السلام) أخطر الأعوام بالنسبة لآل النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويمكن رؤية سبب تعاظم الضغط الذي تمارسه مراكز القوى في الزيادة الضخمة لأعداد أنصار الحركة الشيعية أثناء الثلاثين سنة الأخيرة من القرن التاسع الميلادي. فكان قوّاد الحرس الذين حبسوا الخليفة لا يخشون إلّا نفوذ سلالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهم فقط الذين يستطيعون تشكيل خطر على سلطتهم، والقوّاد هم سلالة المرتزقة لا يملكون أي شرعية دينية، ولهذا كان سندهم السياسي ضعيفاً وهشّاً لدرجة خطيرة (54).
ويتَّضح من كلام كونسلمان مدى تعاظم القوى الشيعية المتبعة لآل البيت (عليهم السلام) في عهد الإمام العسكري (عليه السلام)، وهذا يؤيِّد ما تكلمنا به ردّاً على هالم من وجود جمهور شيعي كبير مؤيِّد للإمام العسكري (عليه السلام)، وسار على نهجه في تنصيب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وما يلفت النظر حقّاً كلام كونسلمان عن خوف القوّاد المرتزقة من قوة آل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونفوذهم، وعدم خشيتهم من الخليفة نفسه، فهذا دليل آخر على قوة وكثرة المحبين والموالين للإمام العسكري (عليه السلام)، وتنامي قوة الشيعة مقابل ضعف وانهيار قوة الخلافة العباسية، كما يعبِّر هذا الكلام بوضوح عن قوة السلطة الدينية التي توجه الجماهير.
ولم يتوقف كونسلمان عند هذا الحد، بل ربط الطموح السياسي لأهل البيت (عليهم السلام) بمسألة نهاية السلطة العسكرية في سامراء، فإذا ما أظهر الأئمة (عليهم السلام) طموحاً سياسياً مرة أخرى، فسيكون هذا بمثابة القضاء على زمن السلطة المطلقة للعسكر، وكان أصحاب الحكم في سامراء قد أقلقهم نبوءة تقول بولادة ابن للإمام الحادي عشر هو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الذي سيقود البشرية إلى الطريق الصحيح والآمن إلى رحمة الله الواسعة وجنته(55)، ويتَّضح من هذا الكلام لُبُّ المشكلة التي على أساسها تم جلب أهل البيت (عليهم السلام) إلى سامراء ووضعهم تحت الإقامة الجبرية والرقابة المستمرة لكي يستمر حكم بني العباس عبر وئد هذه النبوءة في مهدها.
ويختار كونسلمان حديثين تداولهما أهل سامراء بل وعامة الشيعة حول ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) كواقع لا مفر منه، أحدهما حديث النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ومفاده (سوف يخرج من بين أهلي)، وحديث الإمام الرضا (عليه السلام) - حسب نقل المستشرق ولا يوجد النص في كتب الحديث -: (من بعدي سيكون ابني محمد بن علي التقي إمام المؤمنين، وبعده يأتي ولده علي بن محمد، ويليه الحسن بن علي، ويكون ابنه المهدي المنتظر، وسوف يعيش في الخفاء، ولما يظهر سوف يعطي أوامر يطيعها الجميع)(56).
ويبدو من سرد الأحداث لدى كونسلمان أنَّه بدأ يعتمد على المصادر الشيعية التي تروي الأوضاع السياسية المصاحبة لولادة الإمام (عجّل الله فرجه)، حيث يصور حالة الهلع والخوف التي أصابت أهل القصر وقوّاد الجيش في حال ولادة الإمام الثاني عشر (عجّل الله فرجه)، فإذا كان أهل بلد الرافدين مؤمنين بمجيء المهدي والذي أعطاه الله - طبقاً لعقيدتهم - سلطة واجبة على كل الناس، فكان على هؤلاء القوّاد أن يخشوا أن يَتَّبِع الناس هذا الإمام (عجّل الله فرجه) بصورة أكثر إصراراً من أتباعهم لكل الأئمة (عليهم السلام) الآخرين في الماضي، ولذا جعلت مراكز القوى في العاصمة تراقب بيقظة منزل الإمام الحادي عشر الحسن بن علي (عليه السلام) ليل نهار فكان يجب ملاحظة كل صوت له علاقة بمسلك أحفاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نحو النساء، وباحتمالات حدوث حمل يجب أن يُبلغ هذا إلى السلطات في سامراء فوراً(57)، ويظهر أنَّ جواسيس قد عينتهم السلطة لمراقبة بيت الإمام الحادي عشر (عليه السلام)، وينصبّ اهتمام هؤلاء بمراقبة نساء الإمام (عليه السلام)، لاسيما عند حصول حالة زواج أو حمل يجب أن لا يغيب عن أعين هؤلاء الجواسيس لكي تعلم به السلطة لتفادي أمر الولادة المرعبة بالنسبة إليهم.
وكما أشرنا إلى إسهاب كونسلمان في نقل كل ما يتعلَّق بقضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ها هو ينتقل للكيفية التي اقترن بها الإمام العسكري (عليه السلام) بزوجته أُم الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وله رأيه الخاص في هذا الزواج بعد أن ينقل الرواية الشيعية للزواج وينقل الأخبار التي تقول: إن الإمام الحادي عشر (عليه السلام) تزوَّج من أميرة بيزنطية، وقد أوردت الروايات قصة هذا الزواج حيث كان بشر بن سليمان(58) صديقاً للإمام العاشر (عليه السلام) الذي حبس ذات يوم في بلاط الخليفة العباسي، وكان الإمام العاشر (عليه السلام) قد كلَّف هذا الصديق بشراء جارية لابنه الإمام العسكري (عليه السلام)، وأعطاه خطاباً مكتوباً بلغة النصارى وصرّة بها (220 ديناراً) وأفهمه أنَّ هذه الفتاة ستتحدث بلغة النصارى، وسوف تسمعها تصيح فتلعن كل من يتقرب منها أو يريد لمسها، فإذا تعرفت على هذه الجارية فأعطها الخطاب وستستطيع قراءته(59)، هنا يتكلم كونسلمان عن الغيبيات التي من خلالها تمكَّن الإمام الهادي (عليه السلام) الحصول على الجارية البيزنطية التي ستصبح أُمّاً للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، والتي يعلم بمجيئها إلى مرسى بغداد، بل ويعرف السفينة التي قدمت على متنها، واسم النخاس الذي سيقوم ببيعها، ولن نتفاجأ بموقف هذا المستشرق بعد نقل سليمان بن بشر لما حدث معه في ميناء بغداد، عندما تعرف على الفتاة وأعطاها الخطاب فقرأته في الحال، وأثناء قراءتها له لم تستطع منع نفسها من البكاء، ثم قالت للنخاس: بعني لهذا الرجل وإلّا قتلت نفسي، أنا أميرة فأبي هو ابن قيصر بيزنطة، أمّا أُمّي فهي تنسب لحواري عيسى (عليه السلام)، وكان جدي القيصر يريد تزويجي لابن أخيه قبل نهاية العام، ولكنه لم يتمكَّن لتدخل الغيب الإلهي في الأمر، إلى أن قدم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أمام عيسى (عليه السلام) وجاء بعده علي (عليه السلام) وبعد علي جاء أحفاده الأئمة (عليهم السلام) المباركون، يحفّهم النور، فعانق عيسى (عليه السلام) محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم)، أمّا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له: »يا روح الله لقد أتيت في طلب حفيدة حواريك سيمون لحفيدي حسن بن علي الإمام الحادي عشر»، وبقيت في حالة يرثى لها حتّى ظهر لها في الحلم فاطمة (عليها السلام) ابنة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعها مريم العذراء (عليها السلام)، وقد طلبتا كلتاهما منها الدخول في دين الإسلام(60).
لقد بيَّن كونسلمان النسب الشريف لأُمّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وتدخّل كل من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وعيسى (عليه السلام) وفاطمة الزهراء (عليها السلام) ومريم العذراء (عليها السلام) لتكتمل الحلقة النبوية المباركة التي ساهمت في خطبة نرجس (عليها السلام) إلى الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ولم يترك كونسلمان الأمر يمر على هذا الحال بعد أن سرد قصة زواج الإمام (عليه السلام) من الأميرة البيزنطية من دون أن يدخل المنهجية الألمانية التي سادت في هذه القضية، فكان شكّه في مجمل القصة، فادَّعى أنَّها أسطورة من نسج خيال مؤرِّخي الشيعة، أرادوا منها إقناع الناس بمجريات الأحداث التي من شأنها إثبات إمامة محمد بن الحسن الإمام الثاني عشر، كما أنَّهم أرادوا إثبات ترويج نبي الله عيسى (عليه السلام) لمخلص من سلالة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) سيكون منقذاً للبشرية جمعاء من الظلم والاضطهاد الذي حلَّ بهم بعد العزوف عن الحق وجعل الدين وراء ظهورهم وظلم القوي للضعيف، وقد أعطى وجود الأميرة البيزنطية الفرصة لمؤرخي الشيعة أن يقولوا: إن عيسى (عليه السلام) نفسه قد أمر بعلو الإسلام وأنه هو بذاته شهد بمجيء مخلِّص حقيقي للناس، وفي الوقت نفسه استطاع مؤرِّخو الشيعة من خلال هذه الأسطورة التأكيد على نبل سلالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالحسن بن علي (عليه السلام) زوج ذو نسب شريف والزوجة تنتسب إلى أنبل أسرة مسيحية في العالم، فوحَّدا بينهما الإسلام والمسيحية، وبهذا يصير مخلِّصاً لأتباع الديانتين معاً، وبذلك يعني العالم كله(61).
ويعتقد الباحث أن كونسلمان أخذ يحركه عامل آخر بعد الشك، وهو التعصب لديانته المسيحية، وأراد القول: إن نسج هكذا أسطورة أُريد بها رفع شأن الإسلام من خلال نبي الديانة المسيحية وأن أُسرة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يمكن أن تحصل على نسب مسيحي شريف يثبت نبل هذه السلالة العربية؛ لأن الأسرة النبيلة المسيحية وافقت على ارتباط حفيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بحفيدة حواري عيسى (عليه السلام) متناسياً بل متغافلاً عن قصد ماذا يعني اسم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأُسرته التي كرَّمها الله تعالى في آية التطهير(62)، وآية المباهلة(63)، وآية ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم: 4)، وهو خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، والإسلام بوصفه ديانة سماوية جاءت بعد المسيحية لتكمل ما جاء به عيسى (عليه السلام) وعبَّر الله تعالى عن تعاطف وتواد أهل الديانة المسيحية مع المسلمين بقوله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ (المائدة: 82)، وقوله تعالى: ﴿وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ (المائدة: 83). ويتبيَّن من الآيتين الكريمتين مودَّة المسيح للإسلام، كذلك الحاجة الماسة لهم لدخول الإسلام لكي يكونوا شهوداً على عُلُوِّ الإسلام ورفعته.
ويحدِّد كونسلمان تاريخ ما وصفها بالأسطورة وشيوع الأمور الإلهية العجيبة من دون أدنى شك لديه إلى عهد الإمام الحادي عشر الحسن بن علي (عليه السلام)، وأنّ هذه الأخبار قد وصلت إلى أسماع السلطة الحاكمة فلم يدَّخروا جهداً في أن يعدّوا الأنفاس على الإمام (عليه السلام) وعائلته ليل نهار، حتّى لا تتم هذه النبوءة(64)، ويبدو أنه يريد إلصاق تهمة الأسطورة للإمام الحادي عشر (عليه السلام) وعدّه المسؤول عنها بعد أن ألصقها بعاتق مؤرِّخي الشيعة ليغلق الباب بوجه الذين يطمعون بالإمامة، ولكن أليس من الطبيعي أن تكون أخبار الإمام (عليه السلام) في عهد والده فهو على أبواب الولادة وهو الموعود بالإمامة وإنقاذ البشرية، فمتى تنتشر أخباره، أيعقل أن تكون بعد وفاة أبيه؟ إذن ما الفائدة من ذلك؟
كما يحدِّد كونسلمان تاريخ استلام الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لزعامة الشيعة بعد أن حدَّد حكم المعتمد العباسي (22 عاماً) من (870 - 892م) - (256- 279هـ)، والذي حكم منطقة شاسعة تمتد من حدود الهند إلى الساحل الإفريقي للأطلنطي، وفي أثناء هذه السنوات، حدث أن تسلَّم حفيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) زعامة شيعة علي بعد موت الإمام الحادي عشر (عليه السلام)، وقد حدث هذا عام (832م-260هـ)(65)، كما ينقل كونسلمان التحديات التي تعرَّض لها الإمام (عجّل الله فرجه) أثناء تسلُّمه للزعامة الشيعية، لاسيما ما حصل مع عمِّه جعفر الذي تصدّى للإمامة متعلِّلاً بتسلم الحسين (عليه السلام) الإمامة من أخيه الحسن (عليه السلام)، فهي ليست حكراً على الآباء والأبناء، لأن الإمام محمد بن الحسن (عجّل الله فرجه) لا يزال صغيراً، وربما لم يكن يعلم بولادته أصلاً، كونه ليس من الثقات الذين يُمكن البوح لهم بالسر، وينقل قصة الحجاج القادمين من قُم الذين يبحثون عن الإمام لكي يسلموه أموال الخمس، وقيام جعفر عم الإمام باستقبالهم إلى نهاية القصة(66).
ثالثاً: الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة:
كتبَ المستشرقون الألمان عن موضوع الغيبة والسفارة بمنهجية الشك العالية المعتادة لديهم، وينطبق هذا الأمر على الجيل القديم والجديد على حدٍّ سواء، وتعددت آراؤهم، ولم تخل كتاباتهم من الموضوعية أيضاً، ولكن على نطاق ضيِّق كما سنرى من خلال البحث في هذه المسألة، كما أن النتائج التي خرجوا بها تفاوتت فيما بينهم، وأطلق بعضهم العنان لنفسه بتصريحات لا تمت للحقيقة بصلة، فهذا المستشرق شتروثمان الذي اعتمد على العديد من المصادر الشيعية في كتاباته عن أهل البيت (عليهم السلام)، كرجال الشيخ الطوسي، ورجال الكشي(67)، ورجال النجاشي(68)، ورجال العلامة الحلي(69)، والعلامة المجلسي(70)، ومحمد بن علي الإخباري(71)، إلّا أنه لم يتيقَّن مما في بطون هذه المصادر الشيعية معبِّراً عن ذلك بقوله: (وحالة المراجع التي بين أيدينا لا تسمح لنا بالنظرة اليقينية في التطور التاريخي لالتقاء الدوافع المختلفة للشيعة)(72).
ويبدو أن قناعة (Strothmann) تنصب على المصادر الإسلامية الأخرى، لذا ستكون النتائج التي يخرج بها مشوَّهة وبعيدة عن الحقيقة المنشودة، ولعلَّ قوله بفقدان الإمام الباقر والصادق والرضا (عليهم السلام) لزمام الأمور وترك وكلائهم يديرون أمور المذهب الشيعي، خير دليل على تخبُّطه وفقدانه للتحكُّم في ميزان الحقيقة، فقد كان للإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) الدور البارز والكبير في إدارة دفَّة المذهب الاثني عشري، فهما مؤسسا الجامعة الإمامية الكبرى، ولهما يعود الفضل في غرس جذور المذهب الاثني عشري وتثبيته، كما لا يخفى على أحد دور الإمام الرضا (عليه السلام) في تقوية المذهب الاثني عشري بعد تولّيه ولاية العهد(73) في خلافة عبد الله المأمون، فهو يعتبر غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) اختفاءً على نحو غير معروف كما يدَّعي الشيعة، وأنَّه سيظهر في آخر الزمان على صورة المهدي(74)، ثم يأتي إلى موضوع النيابة، أو السفارة ليعبر عن رأيه فيها، فيصفها بأن منصب الوكيل يصبح أعظم شأناً عندما يكون الإمام غائباً، فهو يدّعي أنه الوحيد الذي يعرف الإمام الغائب، وقد استطاع أربعة أشخاص منذ عام (260هـ/873م) أن يدَّعوا ذلك لأنفسهم، ولما مات رابعهم، علي بن محمد السامرائي(75) سنة (334هـ/939م) انتهت الغيبة الصغرى، وأعقبتها الغيبة الكبرى التي تمتد إلى أيامنا والتي فيها يسقط في زعم الشيعة صلاة الجمعة، وذلك لأن الذي يؤم الناس فيها هو الإمام فقط(76).
ويظهر أن المستشرق شتروثمان قد وقع مرة أخرى في مطبّ التزمّت بالرأي الذي أوصله إلى الشك والارتياب في كل ما يتعلق بقضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، لاسيما غيبته، فهو يجعلها اختفاءً على نحو غير معروف على الرغم من اطِّلاعه على كتب الشيعة التي تبيِّن أسباب الاختفاء وعلى الرغم من أنَّه كان مشرفاً على أطروحة الدكتوراه للدكتور جواد علي(77)، التي تتحدث عن القضية المهدوية من خلال المصادر الشيعية، وكان من المفروض على الدكتور أن يصحح مفاهيم هذا المستشرق، إلّا أنَّنا نجده يؤيِّد ما يقوله حول موضوع الوكالة(78).
ويبدو أن الدكتور جواد علي هو من تأثر بالمستشرق شتروثمان من دون أن يؤثر فيه، وعند تعرُّضه إلى موضوع النيابة يجعل الأشخاص المتصدّين لها أصحاب مصلحة تجعل منهم متنفذين في المجتمع الشيعي؛ لادِّعائهم المعرفة بالإمام الغائب من دون أبناء الطائفة، وأنَّهم ادَّعوا ذلك ولم يكن تعيينهم من قبل الإمام نفسه، متجاهلاً الكتب التي تشير إلى هذا الموضوع وتفصِّل في قضية اختيار الإمام (عجّل الله فرجه) لسفرائه الأربعة(79)، وهناك توقيعات من قبل الإمام (عجّل الله فرجه) تشير إلى بطلان ادِّعاء البعض للسفارة من دون وجه حق، وهذا ما أنكره الإمام (عجّل الله فرجه) في توقيعاته إلى أتباعه(80).
ويظهر أن شتروثمان قد أخطأ في لقب السفير الرابع فدعاه بالسامرائي وربما يكون الخطأ في الترجمة وليس منه، أمّا ادِّعاؤهُ بإسقاط صلاة الجمعة من قبل الشيعة حتّى يظهر الإمام (عجّل الله فرجه)؛ لأنه الوحيد الذي يؤم الناس فيها فهو ادِّعاء باطل جملةً وتفصيلاً، فصلاة الجمعة لم تنقطع عند الشيعة إلى عصرنا الحالي، وقد يكون انقطاعها في بعض البلدان لاسيما العراق - في أزمنة معينة - لأسباب سياسية تتعلق بسياسة الاضطهاد التي تعرَّض لها شيعة هذا البلد على مرِّ العصور، لكنهم لم يتركوا هذه الشعيرة إلى يومنا هذا، وينهج المستشرق إسرائيل فردلاندر (Isr-Friedläder) ذات النهج في موضوع غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) والسفراء، ويرى أنه دخيل على الفكر الشيعي الإمامي من الديانة المسيحية وبالتحديد من الطائفة الدوسيتية (docetic)، والديانة المانوية(81) في إيران أيّام الامبراطورية الساسانية اللتين تؤمنان بعودة المسيح (عليه السلام) (وماني)، وأن الذي صُلِب ليس عيسى (عليه السلام) بل الشيطان ولكن شُبِّه لهم ذلك، وكذا الأمر بالنسبة إلى (ماني) الذي حلَّ محله شخص آخر عندما صُلِب(82).
وردّاً على المستشرق فردلاندر الذي اعتمد ما يقوله ابن حزم الظاهري (ت456هـ/ 1064م) نقول: إن غيبة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) التي لم تأت طارئة بعد الإمام العسكري (عليه السلام) وإنَّما بشَّر بها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وفق ما جاء من أحاديث صحيحة، وكذلك أحاديث أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) الذين سبقوا الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وليست الغيبة بأمر مستورد لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) من سائر الديانات السماوية، أو الوضعية، ويكرِّر (هالم) ما يتردد عند البعض من وقوع الشيعة في الحيرة بعد وفاة الإمام الحادي عشر (الحسن العسكري (عليه السلام)) لعدم وجود من يتصدّى لقيادة الساحة الشيعية، فتحدث عن ذلك نقلاً عن أقدم المصادر الشيعية - كما يدَّعي - التي تذكر أيضاً أن انتهاء الخط الرئيسي للأئمة (عليهم السلام) قد أوقع الأُمَّة الشيعية في أزمة خطيرة، وأنها انقسمت إلى أكثر من عشر فِرَق، وأن إحدى هذه الفرق أكدت على وجود ابن للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وُلد عام (255هـ / 869م)، وأنَّ أباه قد خبّأه خوفاً عليه من بطش الخليفة العباسي، ولا يعلم بهذا الأمر إلّا العائلة والمقربون من الإمام فقط(83).
يتبيَّن من هذا أنَّ الإمام لم يترك الجمهور في حيرة وإنما أبلغ من يستطيع الوصول إلى الجمهور وإبلاغهم بما يجري، وهذا مدعاة للتأكيد أنَّ هناك عملاً كبيراً قام به الإمام العسكري (عليه السلام) لتهيئة الأمور لابنه الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، لذا نجد جمهور الشيعة متَّفقين عليه، والشاهد الثاني ما قاله الشيخ المفيد (ت 413هـ/1022م) إنه لمّا توفي أبو محمد الحسن بن علي بن محمد (عليه السلام) افترق أصحابه من بعده على ما حكاه النوبختي بأربع عشرة فرقة، فقال الجمهور منهم بإمامة القائم المنتظر (عجّل الله فرجه) وأثبتوا ولادته وصحَّحوا النص عليه، وقالوا هو سميّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ومهدي الأنام(84)، ومن جانبه نفى الشيخ المفيد وجود هذه الفرق الأربع عشرة في زمانه مؤكِّداً خلو الساحة الشيعية من هذه الفرق في زمانه، هذا وهو سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة سوى الإمامية الاثني عشرية القائلة بإمامة ابن الحسن (عجّل الله فرجه)، ومن سواهم منقرضون لا يعلم أحد من جملة الأربع عشر فِرقة التي ذكرها النوبختي ظاهراً بمقالة ولا موجوداً على هذا الوصف ديانته، ولكن عبارة عن حكاية عمن سلف وأراجيف بوجود قوم منهم لا يمكن إثباتها(85).
ومن هنا يمكن توجيه أصابع الشك إلى إمكانية حصول تحريف في نسخة النوبختي، فالشيخ المفيد ليس ببعيد عمّا كتبه النوبختي ولا يرى أثراً لتلك الفِرَق التي لم يعطها أسماء محددة في كتاب فِرَق الشيعة، بل يقول عند ذكر كل فرقة بالقول: (فرقة تقول)(86)، ويسكت عن تسميتها عدا تسميته للإمامية وهي المشهورة والموافقة لما جاء به الشيخ المفيد، وهذا يرجح قول الشيخ بعدم وجود تلك الفِرَق أصلاً، والشاهد الثالث على اتِّفاق جمهور الشيعة على إمامة محمد بن الحسن (عجّل الله فرجه) ما نقله ابن حزم الظاهري (ت456هـ/1063م) من أنَّ الإمامية الرافضة كلهم وهم جمهور الشيعة، ومنهم المتكلمون والعدد العظيم، بأن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، بن محمد بن علي، بن الحسين بن علي بن أبي طالب، حي لم يمت، ولا يموت حتّى يظهر ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وهو عندهم المهدي المنتظر(87).
ويبدو من قول ابن حزم أنَّ هناك اتِّفاقاً كبيراً وشبه إجماع على إمامة محمد بن الحسن المهدي المنتظر، ومن هنا يمكن القول: إن اختفاء الشخصيات المواكبة للحدث والمعوّل عليها في إيصال المعلومة الصحيحة إلى عامة الناس قد يجعلهم في حيرة من أمر الإمام (عجّل الله فرجه)، لكن ذلك لم يستمر طويلاً، فقد تصدّى علماء الشيعة إلى هذا الأمر، ومنهم من وردت أسماؤهم وأسماء مصنَّفاتهم التي أوضحت الأمر وأزالت الالتباس لدى جمهور شيعة أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ولعلَّ هذه الشواهد التاريخية كافية للرد على هالم.
ويصف هذا المستشرق الغيبة الصغرى التي بدأت بعد اختفاء الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وفق الرواية الشيعية التي ينقلها، ومفادها أن رؤية الإمام (عجّل الله فرجه) قبل غيبته اقتصرت على عدد قليل، هم أفراد الأسرة وعدد من الثقات المقربين، كما أنَّ الإمام (عجّل الله فرجه) لم يظهر بعد وفاة أبيه العسكري (عليه السلام)، وهذا مخالف للواقع، فقد ظهر الإمام (عجّل الله فرجه) عندما صلّى على أبيه، كذلك لقاؤه بتجّار قم، ثم بدأت أعمال السفراء الذين يتَّصل الإمام (عجّل الله فرجه) بشيعته عن طريقهم، ويوجز ذلك: ونود أن نشير هنا إلى أنّ الشيعة يعتقدون أنَّ الإمام الثاني عشر غائب لكنه يعيش في مكان ما على الأرض، وهم يعتقدون أيضاً، أنه ظل أربعة أجيال يتَّصل بأُمَّته عن طريق سفير يبلِّغها تعليماته بواسطة الرسائل، ويسمي الشيعة هذه المرحلة (874م-941م) الغيبة الصغرى(88).
إنَّ وصف المستشرق هالم هذه المرة دقيق على الرغم من أنَّه مختصرٌ، لكنه يوضّح الصورة الحقيقية للواقع الذي حصل بعد اختفاء الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والعلاقة التي ربطته بشيعته عن طريق النواب أو السفراء المختارين من قبله.
أمّا المستشرق كونسلمان فله رؤية خاصة بحادثة اختفاء الإمام (عجّل الله فرجه) تختلف عن الآخرين، فهو يُعلّل سبب الاختفاء (الغيبة) بالخوف، على الرغم من إقراره بأنَّ الغيبة من المبادئ والثوابت لدى المذهب الشيعي، وأنَّ اختفاء الإمام الثاني عشر (عجّل الله فرجه) من أمام عيون العامة فلا يراه إلّا خاصة الشيعة، والذي يقوم بتتبع الروايات التاريخية لابد أن يصل الى أن أفراد العائلة قاموا بإخفاء الصبي خوفاً عليه من مؤامرات عمِّه جعفر.
فبعد ما حدث أمام تجّار قم، كان يمكن لجعفر أن يخطط للقضاء على الصبي بالسم، وفي الواقع كان بيت الإمام العسكري (عليه السلام) في سامراء مبنياً فوق أقبية متشعبة مَنَحَتْه الفرصة في الاختفاء أثناء ملاحقة عملاء السلطة له، وكان الصبي يعرف أيضاً طرق الأنفاق تحت بيته، إلّا أنَّ افتراض أنَّه قد اختفى في هذا المكان لا يبرر اختفاءه عدَّة أيَّام بعد ذهاب تجّار قم، فماذا حدث بعد ذلك؟(89).
ويمكن القول إن كونسلمان قد رمى بلائمة اختفاء الإمام (عجّل الله فرجه) على عمِّه جعفر وبتدبير من عائلته، ويرى الباحث أن هذا الاستنتاج فيه ركاكة، فعلى الرغم من وجود خطر فعلي على الإمام (عجّل الله فرجه)، إلّا أنَّ ذلك لا يلغي مسؤولية السلطة الحاكمة في سامراء عن الاختفاء، ولم تمدّنا الروايات التاريخية عن أي دور يذكر لأفراد أُسرة الإمام (عجّل الله فرجه) في مسألة اختفائه، كما أنَّ العامل الغيبي لم يكن بعيداً عن قضية غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) التي من خلالها يتم الحفاظ على حياة الإمام وبقائه مصدر قلق وإزعاج للسلطات المتعاقبة على الحكم، وعنصر ديمومة لبث روح التفاؤل لدى أبناء المذهب الشيعي، وهذا هو الجواب أيضاً عن تساؤل كونسلمان عمّا جرى بعد ذلك، وتناول ذات المستشرق سفراء الغيبة الصغرى من دون المساس بجوهر الرواية التاريخية الشيعية لها، فيتحدَّث عن تعيين الإمام (عجّل الله فرجه) لسفراء عنه، لهم صلاحية الاتصال به، وهم معروفون بالاسم، فالأول عثمان بن سعيد العمري(90)، وتحدث عن دوره بوصفه حلقة وصل بين الإمام (عجّل الله فرجه) وشيعته من خلال إيصال الأوامر التي يصدرها له الإمام (عجّل الله فرجه)، كذلك الإجابة على أسئلة شيعته من قبل الإمام (عجّل الله فرجه) نفسه، والثاني وهو ابنه محمد بن عثمان العمري(91)، والثالث أبو القاسم حسين ويكتفي بذلك دون تكملة اسمه(92)، والرابع هو علي بن محمد السمري الذي عيَّنه الإمام (عجّل الله فرجه) عام (939م/348هـ)، وقبل وفاته بأيام قليلة انتهت الغيبة الصغرى لتبدأ الغيبة الكبرى(93).
ولم تكن المستشرقة الألمانية فيرينا كليم (Verena Klemm) بعيدة عن منهجية الشك العالي لدى أقرانها الألمان في بحثها عن الغيبة والسفراء الأربعة، سوى أنَّها كانت أكثر تفصيلاً، فقد تناولت موضوع الغيبة من جميع جوانبه، وكان الشك متجسداً لديها بقوة حول الجدوى من الغيبة التي ولَّدت الكثير من الشك وعدم اليقين لدى الكثير من الشيعة، لاسيما بعد وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) حيث انقسم الشيعة إلى متمسك بالإمام العسكري (عليه السلام) وأنَّه لم يمت وسيعود، وآخرين جعلوها في أخيه محمد بن علي الهادي الذي توفي قبل والده، بينما ذهب آخرون إلى إمامة محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام) رغم صغر سنِّه(94).
وسبق للباحث ردّ هذه الإشكالية عند ردِّه على المستشرق هاينز هالم، وعند تعرض فيرينا كليم للمصادر التي كتبت عن الغيبة بعنوان (أدب الغيبة عند الشيعة) وجدتُ أن هذا الأدب متداول حتّى بين الكُتّاب الذين لا يؤمنون بموت الإمام السابع الكاظم (عليه السلام) المتوفى (183هـ/799م)(95)، ونراها ذهبت إلى ما جاء به المؤرِّخ جواد علي في أطروحته عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وأخذت ترتيباً مقارباً لترتيبه مصادر الغيبة، والتي شككت في صحة الأخبار التي تنقلها عن الغيبة والسفراء الأربعة، فبدأت بالحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني(96) الذي كتب رسائل في الغيبة وهو زعيم الواقفية(97) التي تقف على الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)(98)، والمصدر الثاني الذي تناولته المستشرقة فيرينا كليم هو أبو الحسن بن علي المعروف بالطاطري(99) وعدَّته من الشخصيات الكبيرة والمهمة لدى الواقفية(100)، وتلته بالواقفي علي بن عمر الأعرج(101)، وبعده علي بن محمد بن علي السواق(102)، وهو واقفي أيضاً، ويلاحظ تبنّي المستشرقة المذكورة لكتاب من الواقفية بوصفهم أول من كَتَب عن الغيبة على الرغم من وجود كُتّاب قد سبقوهم، أو عاصروهم في الكتابة عن الغيبة من قبيل محمد بن عيسى بن يقطين(103)، والحسن بن علي بن فضال(104) الفطحي(105)، ربما كان دافعها أن تضعهم في تسلسل واحد، أو أنَّها أرادت أن توضح الانقسام الحاد بين أتباع أهل البيت (عليهم السلام) في شخصية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ولا يسعنا ذكر جميع الذين ذكرتهم من كتّاب الغيبة لكثرة عددهم(106)، لكن فيرينا كليم تعتقد بحصول تحول كبير في أدب الغيبة بعد وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، فتقول: (إن وفاة الإمام الحادي عشر الحسن العسكري عام (260هـ/874م) في سامراء، والاختفاء الغامض لابنه وخليفته محمد الإمام الثاني عشر قد أحدث تحوّلاً في أدب الغيبة، وأفرز العديد من أسماء المؤلفين)(107)، ويبدو أنَّها كانت محقَّة في هذا القول؛ لأن الذين كتبوا في أدبيات الغيبة كانوا أكثر قرباً من الحادثة التي أدَّت إلى غيبة الإمام الثاني عشر (عجّل الله فرجه)، وما تعرض له من ظروف صعبة أحاطت بتلك الغيبة، وتنتقل فيرينا كليم إلى السفراء الأربعة حيث تعدُّ كتب الغيبة لابن بابويه القمي (الصدوق) (ت381هـ/991م)، ومحمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ/1067م) هم أصحاب الإشارات الأولى لموضوع السفارة، وهذا حسب رأيها مثير للشك بحقيقة السفراء الأربعة؛ لأن المصادر السابقة لم تشر إليهم بصراحة(108).
ويظهر أنَّ عدم اطِّلاع هذه المستشرقة على جميع المصادر الشيعية قد أوقعها في خطأ، فهناك إشارات سبقت إشارات الصدوق والطوسي موجودة عند الكليني الذي كان حيّاً حتّى نهاية الغيبة الصغرى(109)، وإشارة أخرى عند الطبري الشيعي(110) في كتابه دلائل الإمامة(111)، ولم تخلُ كتب الشيخ المفيد (ت413هـ/1022م) من إشارات إلى السفراء الأربعة(112)، فكان على المستشرقة فيرينا كليم العودة إلى هذه المصادر قبل أن تحكم بهكذا حكم.
وتبقّى أن ننقل آراء بعض المستشرقين الألمان الذين عبَّروا عن آرائهم بالغيبة الصغرى والكبرى وعودة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من خلال كتبهم من دون الخوض في تفاصيل هذا الموضوع؛ كونه يأتي من ضمن تفاصيل البحث الذي يخوضون فيه، فهذه المستشرقة الألمانية جودرن كريمر(113) (Gudrun Kramer) عندما تأتي على موضوع جمع الأموال عند مراجع الشيعة تقول: (... ولا يمكن لأي حكم حتّى رجال الدين أن يكون شرعياً إلّا بظهور الإمام المهدي من الغيبة الكبرى)(114)، ويظهر بجلاء من هذا النص مدى ارتباط علماء الدين الشيعة بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كونه المخلِّص الذي سينقذ الأرض من الظلم والطغيان، وكل حكم لا يتولاه الإمام (عجّل الله فرجه) بنفسه لا يعد حكماً شرعياً بنظرهم كون الحكم في نهاية المطاف يعود للإمام الغائب (عجّل الله فرجه) الذي ينتظره مراجع الدين وسائر الناس على حدٍّ سواء.وقف المستشرق الألماني المسلم مراد ويلفريد هوفمان (115) (Murad Hofmann) مستغرباً من إصرار الشيعة على عودة الإمام الثاني عشر (عجّل الله فرجه) كي يصلح العالم بعد فساده(116)، ويبدو أن هذا المستشرق حديثُ عهدٍ بالإسلام، ولم يطَّلع على قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عن كثب، بل نراه ينقل أفكار المتعصبين من المسلمين الذين أخذ الإسلام عن طريقهم، فلو اطَّلع على كتب الشيعة، وكُتُب المسلمين الأخرى التي تُسلِّم بمسألة غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) لكان له قول آخر في هذه القضية.
والمستشرق الألماني الآخر الذي تحدث عن الغيبة ماربين (117) (Marbin) الذي يعبر عن حقيقة غابت عن مخيلة المستشرقين الألمان الآخرين، بل يمكن القول: إنه قد أصاب كبد الحقيقة حينما تحدث عن الغيبة والانتظار وكأنه يتحدث بضمير المنتظرين أنفسهم لظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فيرى أنَّ من المسائل الاجتماعية الهامة التي يمكن أن تكون سبباً في الأمل والخلاص هو الاعتقاد بوجود حجة في كل عصر وانتظار ظهوره، فالشيعة يعتقدون أنَّ الإنسان عندما يذهب إلى سريره يجب أن ينام ولديه أمل أن يُصبح ليؤيِّد إمامه الحجة وينصره عند ظهوره، ويعتقدون أيضاً أن كل العالم سيكون تابعاً لحكومته ومطيعاً له؛ لأن الفرد الشيعي بهذا الاعتقاد يرقى في عالم الإنسانية ويقوي عقيدته(118).
إنَّ ما تحدث به هذا المستشرق يوضِّح بجلاء مدى اهتمام أتباع أهل البيت (عليهم السلام) بموضوع الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وظهوره، بل جعله من أولى أولويات أتباعه، لا تفارقهم حتّى عند الذهاب إلى السرير يتأملون اليوم الذي سيظهر به الإمام (عجّل الله فرجه) ليعود به الإسلام غضّاً طريّاً، ويعدُّ ماربين عقيدة الانتظار من مقومات الرقي عند أتباع أهل البيت (عليهم السلام) لرسوخ هذه العقيدة في ذهنيتهم، ويطمحون إلى مجيء اليوم الذي يحكم به الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كل الأمم وتنصاع إليه كل الحكومات.
الخاتمة:
تبدَّدت الغيوم وانجلت بعد أن روت عطش الأرض ترابها وبشرها وشجرها وكل ما يدب عليها، وأشرقت الشمس لتضفي الألوان الجميلة البراقة، هكذا هو الظهور الذي ننتظره بفارغ الصبر، ونسأل الله تعالى في كل حين أن يفرِّجه، وإلى هذا الحد انتهى ما جادَ به قلمنا عن توثيق القضية المهدوية في نظر المستشرقين الألمان لنصل إلى النتائج الآتية:
أولاً: تعامل غالبية المستشرقين الألمان مع القضية المهدوية بمبدأ الشك العالي، والذهاب بها إلى مصاف الأساطير التي تهدف إلى تقديس شخصية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من قبل الشيعة.
ثانياً: كرَّر المستشرقون الألمان ما صدحت به حناجر وكتبت أقلام المشككين بالقضية المهدوية أنَّها نتاج للظلم والاستبداد الذي يعانيه الشيعة، فيؤمِّلون أنفسهم بمخلِّص يزيل عنهم الظلم، وهو في نظرهم غير قابل للتحقيق.
ثالثاً: حاول بعض المستشرقين الألمان الذهاب إلى أنَّ الشيعة استنسخت قضية الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) من بعض الفِرَق المسيحية القائلة بعودة عيسى بن مريم (عليه السلام)، وهذا ما جعل بعض الكُتّاب المسلمين المتأثرين باليهوديات إلى القول بأن المهدي إن وجد فهو عيسى بن مريم (عليه السلام).
رابعاً: على الرغم من اطِّلاع بعض المستشرقين الألمان على المصادر الشيعية التي نقلت قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إلّا أنَّها خلصت إلى ما يخالف ما جاءت به هذه المصادر.
خامساً: لم تخلُ كتابات المستشرقين الألمان من حقائق نقلها بعضهم بعد التعمُّق في دراسة القضية أو وجدوا أنفسهم مضطرّين لذكرها كونها جاءت على لسان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم).

المصادر:
القرآن الكريم.
أولاً - المصادر:
البخاري: محمد بن إسماعيل (ت 256هـ/870م).
1. التاريخ الصغير، تح: محمود إبراهيم زايد، دار المعرفة للطباعة - بيروت (1406هـ/1986م).
2. التاريخ الكبير، تح: محمد عبد المعيد خان (ب. ط)، المكتبة الإسلامية - ديار بكر (ب. ت).
ابن تغري بردي، جمال الدين ابي المحاسن يوسف (ت 874هـ/ 1469م).
3. النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة، مطابع كستاتوماس – القاهرة.
الحاكم النيسابوري: محمد بن عبد الله النيسابوري (ت405هـ/1014م).
4. المستدرك على الصحيحين، تح: يوسف عبد الرحمن، دار المعرفة- بيروت، (405هـ /1014م).
ابن حجر. أحمد بن علي (ت 852هـ/ 1449م).
5. تقريب التهذيب، تح: مصطفى عبد القادر عطا، ط2، دار الكتب العلمي – بيروت (1415هـ/1995م).
6. لسان الميزان، ط2، مؤسسه الأعلمي – بيروت (1390هـ/1972م).
ابن حزم: علي بن احمد بن سعيد (ت 456هـ/1067م) .
7. الفصل في الملل والهواء والنحل، تح: محمد إبراهيم نصر، عبد الرحمن عميرة، دار الجيل – بيروت.
ابن حماد: محمد بن احمد (ت 229هـ/844م).
8. الفتن، تح: سهيل زكار، دار الفكر- بيروت (1414هـ/1993م).
الحموي: ياقوت بن عبد الله (ت626هـ/1229م).
9. معجم البلدان، دار إحياء التراث العربي - بيروت (1399هـ/1977م).
الخصيبي: حسين بن حمدان (334هـ/ 945م).
10. الهداية الكبرى، ط2، مطبعه مؤسسه البلاغ – بيروت (1411هـ/1991م).
ابن خلكان: أحمد بن محمد (ت681هـ/1282م).
11. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تح: إحسان عباس، ب. ط، دار النفائس (بيروت -ب. ت).
الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748هـ/1348م).
12. تذكرة الحفاظ، تح: عبد الرحمن بن سحين المعطي، دار إحياء التراث العربي - بيروت.
13. سير أعلام النبلاء، تح: حسين الأسد، ط9، مؤسسه الرسالة - بيروت.
الروياني: محمد بن هارون (307هـ/ 919م).
14. مسند الروياني، تح: أمين علي أبو يماني، دار الراية – الرياض.
ابن سعد: محمد بن سعد بن منيع (ت 230هـ/ 785م).
15. الطبقات الكبرى، دار صادر – بيروت.
السيد العمري: علي بن محمد (ت 709هـ/ 1309م).
16. المجدي من أنساب الطالبية، تح: أحمد المهداوي، محمود المرعشي، ط1، مطبعة سيد الشهداء – قم (1409هـ/ 1989م).
ابن شاهين، عمر (ت 385هـ/ 995م).
17. تاريخ أسماء الثقات، تح: صبحي السامرائي، ط1، الدار السلفية - تونس (1404هـ/ 1984م).
الشهرستاني: محمد بن عبد الكريم (ت548هـ/1153م).
18. الملل والنحل، تح: أمير علي مهنا وعلي حسن فاعور، ط9، دار المعرفة - بيروت.
ابن شيبة: ابن أبي شيبه: عبد الله بن محمد (ت235هـ/ 849م).
19. المصنف، تح: سعيد اللحام، دار الفكر للطباعة - بيروت (1409هـ/1989م).
ابن الصباغ: علي بن محمد بن أحمد (ت855هـ/1451م).
20. الفصول المهمة في معرفة الأئمة، تح: سامي الغريري، ط1، مطبعه سرور - قم (1422هـ/2002م).
الصدوق: محمد بن علي بن الحسين (ت381هـ/911م).
21. إكمال الدين وتمام النعمة، تح: علي أكبر الغفاري، مؤسسه النشر الإسلامي - قم (1405هـ/1985م).
الطبرسي: أبو الفضل ابن الحسن (ت548/1153م).
22. تاج المواليد، مطبعة الصدر - قم (1406هـ/ 1986م).
الطبري: محمد بن جرير (ت 310هـ/ 923م).
23. تاريخ الرسل والملوك، تح: نخبة من العلماء، الأعلمي - بيروت (1403هـ/ 1983م).
الطوسي: محمد بن الحسن (ت 460هـ/ 1067م).
24. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، تح: مهدي الرجائي، مطبعة بعثت - قم (1404هـ/1984م).
25. رجال الطوسي، تح: جواد القيومي، ط1، (1415هـ/ 1995م).
عبد القاهر البغدادي: طاهر بن محمد (ت429هـ/1037م).
26. الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية، تح: محمد عثمان الخشن، دار ابن سينا -بيروت (1408هـ/1988م).
ابن عساكر: علي ابن الحسين (ت571هـ/1175م).
27. تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسميه من حل بها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها، تح: علي شيري، دار الفكر - بيروت (1415هـ/1995م).
العلامة الحلي: الحسن بن يوسف بن المطهر (ت726هـ/1325م).
28. خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، تح: جواد القيومي، ط1، مؤسسه النشر الإسلامي- قم.
أبو الفرج الأصفهاني: علي بن الحسين (356هـ/966م).
29. مقاتل الطالبين، تح: كاظم المظفر، ط2، المكتبة الحيدرية - النجف.
الكاتب البغدادي: محمد بن أحمد بن عبد الله (ت323هـ/933م).
30. تاريخ ولادة الأئمة. مطبعه الصدر - قم (1406هـ/1986م).
الكليني: محمد بن يعقوب (ت329هـ/940م).
31. الكافي، تح: علي اكبر الغفاري، ط5، مطبعة حيدري - طهران (1411هـ/1991م).
ابن ماجة: محمد بن يزيد (ت275هـ/888م).
32. السنن الكبرى، تح: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر - بيروت.
المحقق الحلي: جعفر بن الحسن (ت676هـ/1277م).
33. المعتبر في شرح المختصر. تح: عدة من الأفاضل، مطبعة مدرسة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) - قم (1411هـ/1291م).
النجاشي: أحمد بن علي (450هـ/ 1058م).
34. رجال النجاشي، ط5، مؤسسة النشر الإسلامي- قم.
ابن النديم: محمد بن أبي يعقوب (ت 428هـ/ 1036م).
36. فهرست ابن النديم، تح: رضا تجديد.
أبو نصر البخاري: سهيل بن عبد الله (ت341هـ/ 952م).
37. سر السلسلة العلوية، تح: محمد صادق بحر العلوم، ط1، مطبعة الشريف الرضي - قم (1413هـ/ 1993م).
النعماني، ابن أبي زينب محمد بن إبراهيم (ت 380هـ/ 990م).
38. الغيبة، تح: فارس حسون كريم، ط1، مطبعة مهر - قم (1422هـ/ 1992م).
النوبختي، الحسن بن موسى (ت300هـ/ 912م).
39. فرق الشيعة، تح: عبد المنعم الحفني ط1، دار الرشاد - القاهرة (1412هـ/ 1992م).
النويري: أحمد بن عبد الوهاب (ت733هـ/ 1332م).
40. نهاية الإرب في فنون الأدب، مطابع كوستاتسوماس – القاهرة.
اليعقوبي: أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح (ت بعد 292هـ/ 905م).
41. التاريخ، تح: خليل المنصور، مطبعة ستارة - قم (1428هـ/2008م).
ثانياً – المراجع:
البروجردي: علي أصغر.
42. طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال، تح: مهدي الرجائي، ط1، مطبعة بهمن – قم (1410هـ/ 1990م).
الحر العاملي: محمد بن الحسن.
43. أمل الآمل، تح: أحمد الحسني، مطبعة الآداب – النجف الأشرف.
شتروثمان: رودولف.
44. بحث الشيعة، موجز دائرة المعارف الإسلامية، ط1، مركز الشارقة للإبداع الفكري - الشارقة (1418هـ/ 1998م).
الطهراني: أغا بزرك.
45.الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ط3، دار الأضواء – بيروت (1403هـ/ 1983م).
كونسلمان: جرهارد.
46. سطوع نجم الشيعة، ترجمة: محمد أبو رحمة، ط1، مكتبة مدبولي – القاهرة (1414هـ/ 1994م).
هالم: هاينس.
47. الشيعة، ترجمة: محمود كبيبو، ط1، شركة الوراق – بيروت (1431هـ/ 2011م).
هوفمان: مراد ولفريد.
48. يوميات الماني مسلم، ترجمة: عباس رشدي العماري، ط1، مركز الأهرام – القاهرة (1414هـ/ 1993م).
ثالثاً – المراجع الأجنبية:
Isr-Friedlander
49. The Heterodoxies of the Shiites in the Presentation of Ibn Hazme Vol. 29 (1908 Journal of the American Oriental Society).
Gudrun Kramer
50. Speaking for Islam Religious،Authorities in Muslim Societis. Leiden. Boston.2006.
Verena.Klemm
51. Die Vier Sufara des Zwolften Imam zur formative Periode deZwolfersschia « in die Welt des Orients 1984.
رابعاً- المواقع الألكترونية:
فردريك الخامسhttps\ \ar.Wikipedia\wiki
مراد هوفمانhttps:\\ar Wikipedia-org\wiki\.

الهوامش:
(*) أستاذ في كلية الإمام الكاظم (عليه السلام) للعلوم الإسلامية، الجامعة - قسم التاريخ.
(1) اعتمد الباحث على عدد من المصادر الأولية والمراجع العربية والأجنبية، يقف في مقدمتها كتاب طبقات ابن سعد (ت 230هـ/785م)، وكتاب تاريخ الرسل والملوك لمحمد بن جرير الطبري (ت 310هـ/923م)، وكتاب الغيبة لابن أبي زينب النعماني (ت 380هـ/990م)، ومن المراجع المترجمة كتاب الشيعة لهاينز هالم (Heinz Halm)، وكتاب سطوع نجم الشيعة لكونسلمان (Konzelman)، وبحث غير مترجم للمستشرقة الألمانية فيرينا كليم (Verena Klemm)، واتَّبع الباحث المنهج التحليلي النقدي في دراسة النصوص الاستشراقية عن طريق تحليلها والرد عليها بما يتلاءم وطبيعة النص.
(2) بحث الشيعة، دائرة المعارف الإسلامية، 20/6422.
(3) Heterodoxies of the Shiites،p.31.
(4) نعيم بن حماد: ابن معاوية بن الحارث الخزاعي، أبو عبد الله المروزي، روى عن أبي حنيفة، وهو شيخ البخاري، ويحيى بن معين، قال العجلي ثقة، وقال أبو حاتم محله الصدق صاحب كتاب الفتن توفي عام (223هـ/837م) على الأرجح. ينظر: البخاري، التاريخ الصغير: 8/100؛ ابن حجر، تقريب التهذيب: 2/ 305.
(5) الحسن البصري: الحسن بن أبي الحسن بن يسار البصري أبو سعيد تابعي صاحب مدرسة التصوف البصرية، أمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) روى عن مجموعة من الصحابة قيل إنه توفي عام (110هـ / 728م) وله (88 سنة). ينظر: ابن سعد، الطبقات: 6/ 156-178؛ الذهبي، تذكرة الحفاظ: 2/ 432.
(6) الفتن: ص228.
(7) عمر بن عبد العزيز: ابن مروان بن الحكم أبو حفص الخليفة الأموي الذي... رفع السب عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) على منابر بني أمية، تولى الحكم لسنتين وخمسة أشهر، توفي عام (101هـ/719 م). ينظر: ابن سعد، الطبقات: 5/330-408؛ الفتن، ص152.
(8) ابن أبي شيبة: عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي صاحب التصانيف الكبار توفي في المحرم عام (230هـ/844م) وله بضع وسبعون سنة، سمع عن شريك، قال فيه أبو زرعة: ما رأيت أحفظ منه. ينظر: ابن سعد، الطبقات: 6/ 57؛ البخاري، التاريخ الصغير: 2/ 335؛ الذهبي، تذكرة الحفاظ: 2/ 432.
(9) مجاهد: مجاهد بن جبر المكي، أبو الحجاج المخزومي، مولى السائب بن أبي السائب روى عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وسعد بن أبي وقاص، وعدد آخر من الصحابة، روى عنه عطاء وعكرمة، وآخرين، توفي عام (100هـ/718م) وقيل (102هـ /720م) وقيل (103هـ/721م). ينظر: البخاري، التاريخ الصغير: 1/287؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب: 10/42.
(10) المصنف: 8/668.
(11) ينظر: الحاكم النيسابوري، المستدرك: 4/440؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: 47/ 519.
(12) حماد، الفتن: ص152؛ ابن أبي شيبة، المصنف: 8/668؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك: 4/557؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: 47/ 518.
(13) الصنعاني: عبد الرزاق بن همام الصنعاني، ولد في صنعاء من عائلة علم وصلاح عام (126هـ/743م) من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) صاحبه لمدة اثنين وعشرين عاماً، وهو الحافظ الثقة صاحب المصنف الكبير، توفي في عهد الإمام الجواد (عليه السلام) عام (211هـ/826م) عن خمس وثمانين عاماً روى عن معمر وابن جريج وآخرين. ينظر: النجاشي، الرجال: ص380؛ ابن خلكان، وفيات الأعيان: 3/216.
(14) المصنف: 11/ 372.
(15) الفتن: ص228.
(16) للاطِّلاع ينظر: البخاري، التاريخ الكبير: 2/406؛ ابن ماجة، السنن: 3/1368، الحديث 4086؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك: 4/557؛ الطوسي، الغيبة: ص187،186؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: 47/518؛ الذهبي، تذكرة الحفاظ: 2/ 463.
(17) الكاتب البغدادي: محمد بن أحمد بن أبي الثلج أبو بكر البغدادي الشهير بالكاتب البغدادي ولد عام (235هـ /849م)، سمع جدّه محمداً وعمر بن شبة، وأخذ عن محمد بن جرير الطبري، له من الكتب الاستقصاء في الفقه توفي عام (323هـ/934 م). ينظر: ابن النديم، الفهرست: ص292؛ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: 1/ 354-366.
(18) تاريخ ولادة الأئمة: ص15.
(19) الكافي: 1/ 514.
(20) ابن أبي زينب النعماني: أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب سافر في طلب العلم، وقدم إلى بغداد قرأ على الشيخ الكليني، وسمع عن ابن عقدة والمسعودي وغيرهم له العديد من المؤلفات منها الغيبة، الفرائض، الرد على الإسماعيلية وغيرها، وكانت الشام آخر محطاته حيث توفي فيها. ينظر: النجاشي، الرجال: ص383.
(21) الغيبة: ص69.
(22) السيد العمري، المجدي من أنساب الطالبية: ص130؛ ابن خلكان، وفيات الأعيان: 2/451.
(23) الروياني: أبو بكر محمد بن هارون الحافظ صاحب المسند من مدينة رويان إحدى مدن أصبهان روى عن أبي كريب محمد بن العلاء، ومحمد بن حميد الرازي، وروى عنه أبو بكر الإسماعيلي، وإبراهيم العرميسي، له مؤلفات في الفقه. ينظر: ابن شاهين، تاريخ أسماء الثقات: ص14؛ الذهبي، تذكرة الحفاظ: 2/ 752-753.
(24) مسند الروياني: 1/ 418،417.
(25) جعفر: هو جعفر بن علي الهادي بن محمد الجواد أخو الإمام الحسن العسكري (عليهما السلام) كان له دور مريب بعد استشهاد الحسن العسكري (عليه السلام) كونه ادَّعى الإمامة بعده، لذا سمّي بالكذاب، ويسمّى بزق خمر حيث افترى على أخيه الحسن عند الخليفة بقوله إنه لم يخلِّف أحداً إلّا أنَّ امرأته نرجس تحمل طفلاً، ما حدا بالسلطات أن تقبض عليها... لمدة سنتين. ينظر: الخصيبي، الهداية الكبرى: ص248؛ ابن حجر، لسان الميزان: 2/119.
(26) سر السلسلة العلوية: ص40.
(27) الابري، مناقب الشافعي: ص96؛ الخوارزمي، مفاتيح العلوم: ص15.
(28) النوبختي: من أعلام القرن الثالث الهجري أبو محمد الحسن بن موسى بن الحسن بن محمد النوبختي... وهو من علماء الكلام، له كتاب اختصار الكون والفساد لأرسطو طاليس، وكتاب التوحيد، والجامع في الإمامة، وكتاب الرد على أصحاب التناسخ وغيرها، توفي نحو (310هـ/922م). ينظر: النجاشي، الرجال: ص63؛ الصفدي، الوافي بالوفيات: 12/174.
(29) فرق الشيعة: ص99.
(30) محمد بن علي الهادي: هو محمد بن الإمام الهادي الذي توفي في عهد والده، من أهل العلم والكرامات مرقده في مدينة بلد العراقية على بعد مسافة من سامراء، وهناك من يدَّعي أنَّ الإمامة فيه وتوقفت لديه وهو سيعود لأنَّه الإمام القائم. ينظر: ابن الصباغ، الفصول المهمة: ص1076، هامش1076.
(31) الشيعة: ص47.
(32) المعتمد: أبو العباس أحمد بن المتوكل ولد عام (229هـ/844م)، وأُمّه رومية تدعى فتيان، حاول حصر السيطرة التركية على الخلافة، لكنه وقع تحت سيطرة أخيه الموفق، وهذا ما دعاه إلى التفكير بالانتقال إلى مصر عند أحمد بن طولون، لكن الموفق علم بالأمر فأمر بإعادته إلى بغداد ووضعه تحت رقابته، حكم لمدة ثلاثة وعشرين عاماً، توفي عام (279هـ/892م). ينظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: 4/280-281؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: 12/540-552.
(33) ثورة الزنج: بدأت عام (255هـ/869م) قادها رجل ادَّعى النسب العلوي بعد أن استمال الزنج الذين تم استقدامهم من زنجبار لاستصلاح الأراضي السبخة الواقعة بين البصرة وواسط، وكانوا يعيشون في ظروف غاية في الصعوبة بسبب المعاملة القاسية من الملاك ومنع الأموال عنهم ما أثار غضبهم على الدولة، واستمرت حركتهم حتّى عام (270هـ/883م) بعد مقتل صاحبهم على يد الموفق العباسي. للمزيد ينظر: الطبري، التاريخ: 7/545-565.
(34) الموفق العباسي: أبو أحمد محمد بن جعفر المتوكل وقيل اسمه طلحة ولد في بغداد عام (227هـ/842م) ولي عهد أخيه المعتمد العباسي وقائد جيشه، والخليفة الفعلي، كان عالماً في الأدب والأنساب والقضاء والفقه، ذا حنكة سياسية وعسكرية لُقِّب بالمنصور الثاني. ينظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: 2/125؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: 13/169.
(35) ثورة ابن الصوفي العلوي: هو إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كان ظهوره في صعيد مصر وتحديداً في إسنا، فسيَّر له أحمد بن طولون جيشاً تمكَّن العلوي من هزيمته وقتل قائد الجيش، وسيَّر له ابن طولون جيشاً آخر التقى به في أخميم، تمكَّن من هزيمة ابن الصوفي الذي سار نحو الواحات، وكان ظهوره عام (256هـ/862م)، وتوفي حوالي (277هـ/883م). ينظر: أبو فرج الأصفهاني، مقاتل الطالبين: ص454؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة: 3/6.
(36) ثورة علي بن زيد الكوفي: كانت بداية هذه الثورة في الكوفة حيث استولى عليها علي بن زيد وطرد عامل المعتمد عليها فبعث إليه المعتمد بالشاه بن ميكال، واستطاع العلوي هزيمته فأرسل له المعتمد كنجور التركي فانسحب العلوي صوب القادسية ثم خنفان حيث أصهره من بني أسد، وسار إلى جنبلاء حيث التقى فيها بجيش كنجور مما أدى إلى هزيمته، وقتل على يد صاحب الزنج سنة (260هـ/866م). ينظر: الطبري، التاريخ: 8/216.
(37) الطاهرية: نسبة إلى طاهر بن الحسين مؤسس هذه الإمارة، ويرى بعض المؤرِّخين أنَّ أصل الطاهرين يعود إلى ملوك فارس القدماء، والبعض الآخر ينسبهم إلى الملوك الأفغان، وبرزت شخصية طاهر في الصراع بين الأمين والمأمون تأسست الإمارة الطاهرية عام (205هـ/821م)، وسقطت على يد الدولة الصفارية عام (259هـ/873م). ينظر: الطبري، التاريخ: 7/156.
(38) الحمدانية: تأسست الدولة الحمدانية عام (229هـ/890م)، وسميت نسبة إلى حمدان بن حمدون الذي أصبح عام (229هـ/890م) والياً على ماردين من قبل العباسيين، وينحدر الحمدانيون من أسرة عربية تعود إلى تغلب بن وائل كانت على المسيحية ثم تحولت إلى الإسلام على المذهب الشيعي. ينظر: ابن الأثير، الكامل في التاريخ: 7/ 538-540؛ النويري، نهاية الإرب: 23/19.
(39) الصفارية: تأسست الدولة الصفارية عام (254هـ/868م) أسسها يعقوب بن ليث الصفار الذي أسهم في حرب الخوارج ضمن المطوعة واستعان به أهل سجستان ليتولى إمارتها ثم امتد نفوذه إلى بوشنج، وهراة، ونيسابور وغيرها من البلاد، طمع في حكم بغداد لكنه خسر معركة دير العاقول عام (262هـ/875م) وتوفي بعدها ينظر: اليعقوبي، التاريخ: 2/495؛ الطبري، التاريخ: 7/416 و520.
(40) الزيدية: نسبة إلى الحسن بن زيد العلوي الذي وقف بوجه الطاهريين مع الديلم وقام بتأسيس الدولة العلوية عام (250هـ/864م) في طبرستان، وتعرَّضت دولته إلى خطر الصفاريين والطاهريين والعباسيين، واستمرت هذه الدولة حتّى عام (316هـ/928م). ينظر: الطبري، التاريخ: 7/429-432.
(41) الطبري، التاريخ: 7/430.
(42) ينظر: اليعقوبي، التاريخ: 2/459، 491؛ الطبري، التاريخ: 7/149.
(43) الشيعة: ص45.
(44) للاطلاع على المزيد من هذه المناظرات ينظر: الصدوق، عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1/139-209.
(45) الشيعة: ص46.
(46) لمعرفة المزيد عن الثورات العلوية والأوضاع السياسية ينظر: اليعقوبي، التاريخ: 2/496-504؛ الطبري، التاريخ: أحداث عام (249هـ - عام 254هـ).
(47) الشيعة: ص46.
(48) النوبة: بضم الأول وسكون الثانية وباء موحدة، وهي أرض من السودان تقع جنوب مصر، وأهلها نصارى أول بلادهم بعد أسوان يجلبون إلى مصر ويباعون فيها، ويعمل أهلها في الزراعة، وتعيش فيها أصناف من الحيوانات المفترسة. ينظر: الحموي، معجم البلدان: 5/308-309.
(49) سمرقند: اسمها بالعربية سمران، وقيل إنها من أبنية ذي القرنين بما وراء النهر، وهي قصبة الصغد فتحها سعيد بن عثمان، وفيها بساتين ومزارع وارحاء، ولها اثنا عشر باباً، أبوابها من حديد، ولها سور في أعلاه أزاج وأبرجة للحرب. ينظر: الحموي، معجم البلدان: 3/246-249.
(50) بلاد الأرال: تمثل هذه البلاد الحدّ الفاصل بين آسيا وأوروبا، وتمتد من روسيا حتّى كازاخستان. ينظر: الحموي، معجم البلدان: 1/136.
(51) بحر قزوين: ويسمى بحر أبسكون، ويقال إن ألفاً وأربعمائة نهر يصب في هذا البحر الذي يقال إنّ محيطه ألف ومائتا فرسخ، وفي وسطه جزائر أهلة في السكان، ومدينة قزوين مشهورة بناها سابور ذو الأكتاف، وفيها حصن يسمّى بالفارسية كشوين وتعني الحد المحفوظ. ينظر: الحموي، معجم البلدان: 4/342-344.
(52) سطوع نجم الشيعة: ص95.
(53) المرجع نفسه: ص98.
(54) المرجع نفسه: ص103.
(55) سطوع نجم الشيعة: ص104.
(56) المرجع نفسه: ص105-106.
(57) المرجع نفسه: ص106.
(58) بشر بن سليمان: من أبناء أبي أيوب الأنصاري كان يعمل نخّاساً في سوق بغداد: يقول إن الإمام الهادي (عليه السلام) قد علمه كيف يعمل في هذه المهنة، وأنه من ثقاته وهو جار للإمام (عليه السلام) في سامراء، وقد حبس معه في سجن الخليفة، انتدبه الإمام (عليه السلام) لشراء أُمّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) نرجس (عليها السلام). ينظر: الصدوق، إكمال الدين: ص418؛ الطوسي، الغيبة: ص208.
(59) سطوع نجم الشيعة: ص107.
(60) سطوع نجم الشيعة: ص107-108. لمعرفة المزيد عن قصة زواج الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) من السيدة نرجس (عليها السلام). ينظر: الصدوق، إكمال الدين: ص417-429؛ الطوسي، الغيبة: 309-314.
(61) سطوع نجم الشيعة: ص108-109.
(62) الأحزاب: 33.
(63) آل عمران: 61.
(64) سطوع نجم الشيعة: ص109.
(65) المرجع نفسه: ص111.
(66) المرجع نفسه: ص114-115.
(67) الكشي: هو محمد بن عمر بن عبد العزيز من العلماء الذين عاصروا الغيبة الصغرى لقبه نسبة إلى مدينة كش القريبة من سمرقند، عاش في بغداد مع الكليني، ونقل عن أكثر من خمسين عالماً، أبرزهم محمد بن مسعود العياشي صاحب التفسير المعروف، توفي عام (350 هـ/ 961م). ينظر: الطوسي، الفهرست: ص217؛ العلامة الحلي، خلاصة الأقوال: ص247.
(68) النجاشي: عاش في آخر القرن الرابع الهجري/ الميلادي، والنصف الأول من القرن الخامس الهجري/ الميلادي، وهو أبو العباس أحمد بن علي بن عباس النجاشي صاحب كتاب فهرست أسماء مصنفي الشيعة، أو رجال النجاشي، ولد عام (327هـ/938م)، كان والده أول أساتذته والشيخ المفيد، توفي عام (450هـ/1058م). ينظر: الطوسي، الرجال: ص7؛ العلامة الحلي، خلاصة الأقوال: ص72-73.
(69) العلامة الحلي: جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي من أسرة علمية عريقة حيث والده المطهر الحلي وخاله المحقق الحلي ولد عام (648هـ/1250م) في مدينة الحلة، له ما يقرب عن مائة مؤلف منها الإرشاد، مختلف الشيعة، الفوائد، وغيرها توفي عام (726هـ/1325م) ودفن في النجف الأشرف عند ضريح الإمام علي (عليه السلام). ينظر: المحقق الحلي، المعتبر: ص11؛ ابن حجر، لسان الميزان: 2/317.
(70) المجلسي: محمد باقر ولد في أصفهان عام (1037هـ) والده من أكابر علماء الشيعة الإمامية وينتهي نسبه إلى الحافظ أبي نعيم الأصبهاني، ويعد كل من والده والأغا حسين الخوانساري من أبرز أساتذته، ومن تلامذته السيد نعمة الله الجزائري، والشيخ جعفر الكركي، توفي عام (1111هـ/1699م)، ودفن في أصفهان وله مزار يقصده الناس. ينظر: الحر العاملي، أمل الآمل: 2/81؛ البروجردي، طرائف المقال: 2/388.
(71) علي بن محمد الإخباري: محمد بن عبد النبي بن الصائغ النيسابوري الإخباري ولد عام (1178هـ/1764م) في مدينة أكبر آباد (اكره) من مشاهير المدرسة الإخبارية والمتعصبين لها، وبرز في مجال الفقه الشيعي، توفي عام (1233هـ) في حادثة أثارت حولها العديد من التساؤلات. ينظر: أغا بزرك الطهراني، الذريعة: 26/33.
(72) دائرة المعارف الإسلامية، بحث الشيعة: 20/6419.
(73) لمعرفة المزيد عن ولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام) ينظر: اليعقوبي، التاريخ: 2/448-4 49؛ الطبري، التاريخ: 7/139-140.
(74) دائرة المعارف الإسلامية، الشيعة:20/6414.
(75) علي بن محمد السامرائي: هو أبو الحسن علي بن محمد السمري وليس السامرائي نسبة إلى سِمَّر بالسين المكسورة والميم المشددة المفتوحة من أعمال كسكر بين واسط والبصرة، رابع السفراء نواب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وآخرهم. ينظر: الطوسي، الغيبة: ص393.
(76) دائرة المعارف الإسلامية، الشيعة: 20/6419.
(77) حصل جواد علي على شهادة الدكتوراه من جامعة لايبزك الألمانية عن أطروحته الموسومة المهدي المنتظر عند الشيعة الاثني عشرية عام (1939م)، وضمَّنها سبعة فصول تناول فيها القضية المهدوية من جميع جوانبها. للمزيد يمكن الاطِّلاع على هذه الأطروحة، منشورات الجمل، ترجمة، أبو العيد دودو، ط2، بيروت، 2007م.
(78) المهدي المنتظر عند الشيعة الاثني عشرية: ص15.
(79) ينظر: الصدوق، إكمال الدين: ص432؛ الطوسي، الغيبة: ص353-393.
(80) هناك من ادَّعى السفارة، أو ما يسمى بالبابية لنفسه ومنهم الشريعي، والنصيري، وابن بلال وآخرون فجاءت التوقيعات بعدم أحقيتهم للاطلاع. ينظر: الصدوق، إكمال الدين: ص482-522؛ الطوسي، الغيبة: ص397-415.
(81) المانوية: نسبة إلى ماني الذي ظهر في عهد سابور ذي الأكتاف الساساني ومبدأ المانوية يعتمد على قدم النور والظلمة، وأن العالم مركب منهما. ينظر: اليعقوبي، التاريخ: 1/159-161؛ الطبري، التاريخ: 1/489.
(82) Heterodoxies of the Shiites، pp،29-32.
(83) فرق الشيعة للنوبختي: ص47.
(84) الفصول المختارة: ص318.
(85) الفصول المختارة: ص321.
(86) فرق الشيعة للنوبختي: ينظر ص 97-108.
(87) الفصل في الملل والأهواء والنحل: 5/37.
(88) الشيعة: ص48.
(89) سطوع نجم الشيعة: ص116.
(90) عثمان بن محمد العمري: عثمان بن سعيد العمري بفتح العين، يكنى أبا عمرو وأبا جعفر، وكان أسدياً يعمل في تجارة السمن، لذا يقال السمان للتغطية على الدور الذي يقوم فيه بالنيابة، وكان ينقل الأموال إلى الإمام العسكري (عليه السلام) عبر إخفائها في جراب السمن تقية وخوفاً، تولى السفارة كأول سفير للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وكان عمله يتَّسم بطابع السرية خوفاً من السلطة العباسية. ينظر: الطوسي، الرجال: ص389؛ الغيبة: ص353-359؛ العلامة الحلي، خلاصة الأقوال: ص432.
(91) محمد بن عثمان العمري: أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي خلف أباه في الوكالة للإمام (عجّل الله فرجه)، وبقي في هذا المنصب حوالي خمسين سنة وبقي حتّى وفاته، خرج إليه التوقيع من الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يعزيه بأبيه، ونقل عنه صاحب الطبقات حديث استحباب التسمية باسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحفر لنفسه قبراً، فسأله الناس، فقال: أجمع أمري وتوفي بعد شهرين، توفي عام (304هـ/916م)، وقيل (305هـ/917م). ينظر: ابن سعد، الطبقات: 5/54؛ الطوسي، الغيبة: ص359-367.
(92) أبو القاسم حسين: هو الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي النائب الثالث للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، تسلَّم النيابة خلفاً لمحمد بن عثمان العمري، وكان وجيهاً يصل إليه الوزراء والقضاة، سجنه حامد بن العباس وزير المقتدر خمس سنوات ثم أطلق سراحه بعد خلع المقتدر العباسي، توفي عام (326هـ). ينظر: الطوسي، الغيبة: ص367-373؛ ابن خلكان، وفيات الأعيان: 2/156.
(93) سطوع نجم الشيعة: ص118.
(94) Die vier Sufara des Zwölften،p.130..
(95) I bid،p.130.
(96) الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني: واسم أبي حمزة سالم أبو الحسن مولى الأنصار كوفي، وكان قائد أبي بصير يكنى أبا القاسم روى عن الإمام الكاظم والإمام الصادق (عليهما السلام) ووقف عند الإمام الكاظم (عليه السلام)، قيل إن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال فيه: «يا علي أنت وأصحابك شبه الحمير»، وقيل هو كذاب متهم. ينظر: النجاشي، الرجال: ص36؛ الطوسي، رجال الكشي: 3/705.
(97) الواقفية: فرقة ادَّعت بعدَّة ادِّعاءات حول الإمام الكاظم (عليه السلام)، حول موته من عدمه ووقفت عليه في الإمامة لأسباب مادية، وكان رئيسها البطائني، والقندي، والرواسبي الذين رفضوا تسليم أموال الزكاة إلى الإمام الرضا (عليه السلام). ينظر: النوبختي، فرق الشيعة: ص87-88.
(98) Die vier Sufara des Zwölften،p.127.
(99) الطاطري: أبو الحسن بن علي بن الحسن بن محمد الطائي الجرمي نسبة إلى قبيلة جرم اليمنية من وجوه الواقفية وشيوخهم، وسمّي بالطاطري لبيعه ثياباً تسمّى الطاطرية، له عدَّة كتب منها كتاب الغيبة. ينظر، النجاشي، الرجال: ص254-255.
(100) Die vier Sufara des Zwölften،p.127.
(101) علي بن عمر الأعرج: أبو الحسن الكوفي، وكان واقفياً ضعيف الحديث له كتاب في الغيبة. ينظر: النجاشي، الرجال: ص256؛ الطوسي، الفهرست: ص160؛ العلامة الحلي، خلاصة الأقوال: ص367.
(102) علي بن محمد بن علي السواق: أبو الحسن بن عمر بن رباح بن قيس بن سالم مولى عمر بن سعد بن أبي وقاص، ويلقب بالقلاء روى جدّه عمر بن رباح عن الإمام الصادق، وكان واقفياً، عدَّه النجاشي ثقة في الحديث، له كتاب الدلائل وكتاب الغيبة، وفي التاريخ له كتاب ما روي في الخطاب محمد بن أبي زينب مؤسس الفرقة الخطابية الغلاة. ينظر: النجاشي، الرجال: ص259؛ العلامة الحلي، خلاصة الأقوال: ص186؛ ابن داود، الرجال: ص262.
(103) محمد بن عيسى بن يقطين: أبو جعفر محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن موسى مولى أسد بن خزيمة ثقة كثير الرواية حسن التصانيف، روى عن أبي جعفر الثاني (محمد الجواد)، له عدَّة مصنَّفات منها التوقيعات، توفي عام (220هـ). ينظر: النجاشي، الرجال: ص333-334؛ الطوسي، الرجال: 2/817.
(104) الحسن بن علي بن فضال: أبو محمد الحسن بن علي بن فضال التيملي بن ربيعة بن بكر مولى تيم الرباب كوفي جليل القدر عظيم المنزلة زاهد ورع ثقة في الحديث، عدَّه الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام)، قيل إنه كان فطحياً ثم تركها وانسلخ عنها، له عدَّة كتب منها الغيبة. ينظر: النجاشي، الرجال: ص26؛ الطوسي، الرجال: ص371، العلامة الحلي، خلاصة الأقوال: ص37.
(105) الفطحية: نسبة إلى عبد الله بن جعفر الصادق (عليه السلام) الابن الأكبر للإمام الصادق (عليه السلام) الذي ادَّعى الإمامة خلفاً لأبيه ولقِّب بالأفطح لأن قدمه كانت عريضة، وقيل إنها تنقلب عندما يمشي، وقيل سمي بالأفطح لأن رأسه عريض، وقيل الفطحية نسبة إلى رجل هو رأس الفطحية كان لقبه الأفطح. ينظر: عبد القاهر البغدادي، الفَرق بين الفِرَق: 61-62؛ الشهرستاني، الملل والنحل: 1/196،195.
(106) Die vier Sufara des Zwölften،pp.127،128.
(107) Ibid،pp.127،128.
(108) Die vier Sufara des Zwölften.130.
(109) الكافي: 1/330.
(110) الطبري الشيعي: محمد بن جرير بن رستم الآملي، ولد في مدينة آمل، يكنى أبا جعفر، وليس هو صاحب التاريخ، كثير العلم حسن الكلام ثقة في الحديث، من أعلام القرن الرابع الهجري. ينظر: النجاشي، الرجال: ص376؛ الطوسي، الرجال: ص449؛ الفهرست: ص239؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: 4/252.
(111) دلائل الإمامة: ص521-527.
(112) الإرشاد،2/351؛ الفصول العشرة: ص78؛ المسائل الصاغانية: ص57.
(113) جودرن كريمر: مستشرقة ألمانية ولدت عام (1954م) في بون، تعمل باحثة في الشؤون الإسلامية حاملة لدرجة بروف، وهي أستاذة الدراسات الإسلامية في جامعة برلين، لها كتاب حسن البنا، وكتاب: يتحدثون باسم الإسلام.
(114) Speaking for Islam Religious،Authorities in Muslim Societis،p.219.
(115) مراد ويلفريد هوفمان: مستشرق ألماني ولد سنة (1931م/1350هـ) في بلدة اشافينبورغ شمال غرب بافاريا دبلوماسي ومؤلف ألماني، كان منتمياً لشبيبة هتلر عندما كان في التاسعة وفي نفس الوقت ينتمي لعصبة مناهضة للنازية، أكمل دراسة القانون في ميونخ، عمل في سفارة بلاده في الجزائر، ثم سفيراً في المغرب، كاثوليكي المولد أسلم (1980م/1401هـ).
(116) يوميات ألماني مسلم: ص89.
(117) ماربين: مستشرق ألماني له كتاب السياسة الإسلامية، حضر المجالس الحسينية في الهند، وإيران، ونشرت له صحيفة الحبل المتين الإيرانية رسالته الموسومة (السياسة الإسلامية المبنية على فلسفة الإسلام)، وتحت عنوان الثورة الكبرى أو السياسة الحسينية. ينظر: مركز الأبحاث العقائدية، موسوعة من حياة المستبصرين: 1/187.
(118) السياسة الإسلامية: ص126.

العدد ٨ / ذي الحجة / ١٤٤٠ هـ : ٢٠١٩/٠٨/٠٣ : ٤.٦ K : ٠
: د. حسن جاسم محمد حسين الخاقاني
التعليقات:
لا توجد تعليقات.

محتويات العدد: