توضيح الإجابات- رسالة في توضيح إجابات ابن قِبَة (رحمه الله) عن شبهة ابن بشار في الغيبة
توضيح الإجابات
رسالة في توضيح إجابات ابن قِبَة (رحمه الله) عن شبهة ابن بشار في الغيبة
الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي
غيبة الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من أكثر المسائل العقائدية التي تناولها أهل البيت (عليهم السلام) بالبيان والتوضيح، وأجابوا عن الأسئلة المثارة حولها من زمن النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وصولاً إلى الإمام الحجة (عجّل الله فرجه).
وتبعاً لهذا الاهتمام سار علماء الطائفة في بيان غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) ودفع الشبهات والإشكالات المثارة حولها.
وأُلِّفتْ - منذ بدايات عملية التصنيف والكتابة - الرسائلُ والكتبُ حولها، ككتاب الغيبة للفقيه علي بن الحسن الطاهري (رحمه الله)(1) والغيبة للعباس بن هاشم الناشري الأسدي (رحمه الله) المتوفي سنة (220هـ أو 219هـ)(2) وغيرها الكثير.
ومما أُلِّف في رد الشبهات عن الغيبة كتب الفقيه والأصولي أبي جعفر عبد الرحمن بن قبة الرازي (رحمه الله)، إذ إن له العديد من المصنفات في هذا الصدد إلّا أنه لم يصل إلينا شيء مستقل منها، سوى جملة وافرة حوته بطون أمهات الكتب كما سنقف عليه في ترجمته.
وفي هذا البحث نحاول قدر الإمكان إبراز تراث هذا الرجل العظيم مع شيء من البيان والتوضيح، ونسلط الضوء على توضيح ما أجاب به (رحمه الله) عن بعض الشبهات المثارة حول الغيبة.
فيقع الكلام في محورين:
المحور الأول: ترجمة ابن قبة الرازي، ومن ورد ذكره في إجاباته، في نقاط:
1 - ترجمة الشيخ أبي جعفر ابن قبة الرازي (رحمه الله):
أ - قال الشيخ الجليل أبو العباس النجاشي (رحمه الله)(3) في ترجمة ابن قِبَة (رحمه الله):
محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي أبو جعفر، متكلم، عظيم القدر، حسن العقيدة، قوي في الكلام، كان قديماً من المعتزلة، وتبصر وانتقل.
له كتب في الكلام، وقد سمع الحديث، وأخذ عنه ابن بطة، وذكره في فهرسته الذي يذكر فيه من سمع منه، فقال: وسمعت من محمد بن عبد الرحمن بن قبة، له كتاب الإنصاف في الإمامة، وكتاب المستثبت نقض كتاب أبي القاسم البلخي، وكتاب الرد على الزيدية، كتاب الرد على أبي علي الجبائي، المسألة المفردة في الإمامة.
سمعت أبا الحسين ابن المهلوس العلوي الموسوي (رضي الله عنه) يقول في مجلس الرضي أبي الحسين محمد بن الحسين بن موسى، وهناك شيخنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمهم الله أجمعين)، سمعت أبا الحسين السوسنجردي (رحمه الله) وكان من عيون أصحابنا وصالحيهم المتكلمين وله كتاب في الإمامة معروف به، وكان قد حج على قدميه (قدمه) خمسين حجة - يقول: مضيت إلى أبي القاسم البلخي إلى بلخ، بعد زيارتي الرضا (عليه السلام) بطوس، فسلمت عليه، وكان عارفاً بي، ومعي كتاب أبي جعفر ابن قبة في الإمامة، المعروف بالإنصاف، فوقف عليه ونقضه بـ(المسترشد في الإمامة)، فعدت إلى الري فدفعت الكتاب إلى ابن قبة فنقضه بـ(المستثبت في الإمامة) فحملته إلى أبي القاسم فنقضه بـ(نقض المستثبت) فعدت إلى الري فوجدت أبا جعفر قد مات (رحمه الله).
ب - قال الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (رحمه الله)(4):
محمد بن قبة الرازي، يكنى أبا جعفر، من متكلمي الإمامية وحذاقهم، وكان أولاً معتزلياً، ثم انتقل إلى القول بالإمامة، وحسنت طريقته وبصيرته، وله كتب في الإمامة منها كتاب الإنصاف وكتاب المستثبت نقض كتاب المسترشد لأبي القاسم البلخي، وكتاب التعريف على الزيدية، وغير ذلك من الكتب.
ج - قال أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب المعروف بالوراق ابن النديم (رحمه الله)(5):
ابن قبة: وهو أبو جعفر محمد بن قبة، من متكلمي الشيعة وحذاقهم وله من الكتب: كتاب الإنصاف في الإمامة، كتاب الإمامة.
هـ - قال الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (رحمه الله)(6):
محمد بن عبد الرحمن بن قبة، الرازي، أبو جعفر: متكلم، عظيم القدر، حسن العقيدة، قوي في الكلام، كان من المعتزلة قديماً، وتبصر، وانتقل، وكان حاذقاً، شيخ الإمامية في زمانه، قاله النجاشي والعلامة.
مولده ووفاته:
لم تحدد المصادر تاريخ ولادته ولا وفاته بشكل صريح، ولكن يمكن تحديد تاريخ تقريبي لوفاته من خلال النص الذي ذكرناه عن النجاشي، فإنه يتحدث عن وفاته دون أن يذكر تاريخاً محدداً لها، فإذا علمنا تاريخ وفاة السوسنجردي أو تاريخ وفاة أبي القاسم البلخي أمكننا معرفة تاريخ تقريبي لوفاته.
أمّا السوسنجردي - وقيل الشوشنجردي(7) - فهو محمد بن بشر ويكنى بأبي الحسين ويعرف بالحمدوني، وهو من غلمان أبي سهل النوبختي(8)، والنجاشي يروي عنه بواسطة واحدة(9).
وذكر السيد الأمين في الأعيان(10) أن السوسنجردي تلمَّذ على أبي القاسم البلخي، وكان معتزلياً ثم صار إمامياً، ورد على أبي القاسم. وفي معرض حديثه - السيد الأمين - عن ابن قبة قال: إنه مات أوائل المائة الرابعة.
وأمّا أبو سهل النوبختي - الذي عُدَّ أستاذاً للسوسنجردي - فهو من كبار علماء الطائفة ومشاهيرها، وقد توفي سنة (311هـ)(11).
وأمّا أبو القاسم البلخي: فهو أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي، ويعرف بالكعبي، وقد وقع خلاف في تاريخ وفاته وأنه (309هـ)(12) أو (329هـ)(13)، أو (317 أو 319هـ)(14).
ويُعدّ البلخي من كبار متكلمي المعتزلة البغداديين، حيث أقام فيها مدة طويلة، ثم هاجر إلى بلخ، فأقام فيها إلى حين وفاته(15) وقد تقدم كلام الشيخ النجاشي في المراسلة بين البلخي وابن قبة.
فيمكن القول: إنه كان حياً إلى ما قبل وفاة البلخي جزماً، وكان في زمان الغيبة الصغرى للإمام (عجّل الله فرجه)، فإذا قلنا: إن وفاة البلخي كانت عام (309هـ)، فتكون وفاة النوبختي قبله بفترة، ولعل هذا ما استظهره السيد الأمين عندما قال: (أوائل المائة الرابعة) أي أوائل القرن الرابع، ويبقى مجال الاحتمال مفتوحاً.
أساتذته وتلامذته:
لم يُسجَّل في ترجمة ابن قبة (رحمه الله) أنه تلمَّذ على أحدٍ في كتب التراجم، نعم يمكن استفادة ذلك من كتب أخرى، كما في العبارة التي أوردها ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه على منهج البلاغة(16) قائلاً: وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي (رحمه الله تعالى)، ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي (رحمه الله) موجوداً... فإن كتاب شرح النهج وإن كان غير مصنف لتراجم الرجال، وكذلك ابن أبي الحديد من المتأخرين بزمان كثير عن زمان ابن قبة، إذ توفي سنة (656هـ)، ولا نعلم مستنده في هذه المعلومة، وهي الوحيدة في بابها.
نعم يمكن القول باستفادة ابن قبة من النوبختي مما ذكره الشيخ النجاشي(17) من أن بينهما مراسلات، قال: (جواباته - النوبختي - لأبي جعفر ابن قبة (رحمه الله)، جوابات آخر لأبي جعفر أيضاً...).
أمّا عن تلامذته: فقد بيَّن الشيخ النجاشي (رحمه الله)(18) فيما تقدم أن ممن أخذ عن ابن قبة هو ابن بطة قائلاً: وأخذ عنه ابن بطة، وذكره في فهرسته الذي يذكر فيه من سمع منه، فقال: وسمعت من محمد بن عبد الرحمن بن قبة....
وقيل: إن من تلامذته أيضاً: الحسن بن حمزة العلوي الطبري، الذي قيل عنه(19): (... كان فاضلاً أديباً عارفاً فقيهاً زاهداً ورعاً كثير المحاسن له كتب وتصانيف كثيرة، منها: كتاب المبسوط، كتاب المفتخر، وغير ذلك.
أخبرنا بجميع كتبه ورواياته جماعة من أصحابنا، منهم الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون، عن أبي محمد الحسن بن حمزة العلوي سماعاً منه وإجازة في سنة ستة وخمسين وثلاثمائة).
وقال السيد الأمين (رحمه الله) في ترجمة ابن قبة في أعيانه(20): (أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي، الظاهر أنه من أهل القرن الرابع(21) لأنه يروي عنه الحسن بن حمزة العلوي الطبري والتلعكبري - أي الشيخ المفيد - سمع من الحسن هذا سنة (328هـ))، ثم ذكر جملة من أحواله.
فعلى هذا يكون اثنان من أعاظم رجال الشيعة ومؤلفيهم من تلامذته.
كتبه ومؤلفاته:
للشيخ أبي جعفر ابن قبة (رحمه الله) عدة كتب ذكرها الشيخ النجاشي (رحمه الله) وغيره فيما تقدم من ترجمات، ومما يؤسف له أن أياً من هذه الكتب لا وجود لها اليوم بنحو مستقل، نعم بعضها موجود في طيات الكتب(22)، ونحن نذكرها تعداداً:
1 - كتاب الإنصاف في الإمامة.
2 - كتاب المستثبت، نقض على كتاب أبي القاسم البلخي.
3 - كتاب الرد على الزيدية.
4 - كتاب الرد على أبي علي الجبائي.
5 - المسألة المفردة في الإمامة.
وله العديد من الرسائل، منها ما ذكره الشيخ الصدوق في كمال الدين(23)، وهي ما نقوم إن شاء الله تعالى بتوضيحها.
2 - ترجمة أبي الحسن ابن بشار:
وهو علي بن أحمد بن بشار، قال السيد الخوئي (قدّس سرّه): له مقالة في إنكار الغيبة، وهو قائل بإمامة جعفر أخي الحسن العسكري (عليه السلام)، ولأبي جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة مقالة طويلة في رد مقالة علي بن أحمد، ذكره الصدوق في كمال الدين ص51(24)، ويحتمل أن محمد بن علي بن بشار - الذي هو من مشايخ الصدوق - ابنه(25).
3 - ترجمة أبي جعفر ابن أبي غانم:
هو أبو محمد عبد الله بن أبي غانم القزويني، ترجم لابنه محمد الشيخ النمازي في مستدركات علم رجاله، وقال عنه: لم يذكروه(26)، ولعل أوسع من ترجم له ولابنه وأبيه هو رضيُّ الدين محمد بن الحسن القزويني المعروف بـ(آقا رضي) المتوفي سنة (1096هـ) في كتابه (ضيافة الإخوان وهدية الخلان) في مواقع ثلاثة نذكرها على الترتيب:
أ - أبو غانم الخادم القزويني(27):
من خدام مولانا أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام).
وهو والد عبد الله بن أبي غانم، وجد محمد بن عبد الله الآتي ذكرهما في محله.
وهو معروف بهذه الكنية ولم أطلع على اسمه.
روى الشيخ الصدوق... عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله) عن أبيه عن جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن أحمد المدائني عن أبي غانم المذكور قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي (عليه السلام) يقول: في سنة مائتين وستين يفترق شيعتي... إلخ الحديث.
وأيضاً روى في باب ميلاد القائم (عجّل الله فرجه) من الكتاب المذكور عن أبي غانم هذا بقوله: محمد بن موسى بن المتوكل عن عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن أحمد العلوي عن أبي غانم الخادم القزويني قال: ولد لأبي محمد (عليه السلام) ولد فسماه محمد... إلخ الحديث.
ب - عبد الله بن أبي غانم المكنى بأبي جعفر(28):
عبد الله هذا كان في أوائل زمان الغيبة الصغرى، وقد كان - بادئ الحال - متحيراً مع جماعة في أمر الغيبة، إلى أن ورد عليهم كتاب من الناحية المقدسة بخطه (عليه السلام)، يظهر ذلك مما روى شيخ الطائفة (رحمه الله) في كتاب الغيبة بقوله: أخبرنا جماعة عن أبي محمد التلعكبري عن أحمد بن علي الرازي عن الحسين بن محمد القمي، قال: حدثنا محمد بن علي بنان الطلحي الأبي عن علي بن عبيدة النيسابوري، قال: حدثني علي بن إبراهيم الرازي، قال: حدثني الشيخ الموثوق به بمدينة السلام، قال: تشاجر ابن أبي غانم القزويني وجماعة من الشيعة في الخلف، فذكر ابن أبي غانم أن أبا محمد (عليه السلام) مضى ولا خلف له، ثم أنهم كتبوا في ذلك كتاباً وأنفذوه إلى الناحية وأعلموه بما تشاجروا فيه، فورد جواب كتابهم بخطه (صلى الله عليه وآله وعلى آبائه).
«بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله وإياكم من الضلال والفتن، ووهب لنا ولكم روح اليقين وأجارنا وإياكم من سوء المنقلب، أنه نهي إليَّ ارتياب جماعة منكم في الدين وما دخلهم من الشك والحيرة في ولاة أمورهم، فغمنا ذلك لكم لا لنا وساءنا فيكم لا فينا...» إلخ التوقيع.
ج - محمد بن عبد الله بن أبي غانم القزويني(29):
وهذا من مشايخ الصدوق (رحمه الله) روى عنه في باب ما روي عن علي بن محمد العسكري من كتاب كمال الدين بقوله: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي غانم القزويني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن فارس... إلخ الحديث.
وسيأتي في ثنايا هذا البيان ترحم الشيخ ابن قبة على ابن أبي غانم.
4 - فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني:
قال الشيخ النجاشي(30): نزيل العسكر، قلَّ ما روى الحديث إلّا شاذاً، له كتاب الرد على الواقفة، وكتاب الحروب، وكتاب التفضيل، وكتاب عدد الأئمة (عليهم السلام) من حساب الجمل، وكتاب الرد على الإسماعيلية.
وقال عنه العلامة(31): غال ملعون، فاسدٌ مذهبه وبرى منه، وقتله أصحاب أبي محمد (عليه السلام) بالعسكر.
ومما ورد في أحواله(32):
عن إبراهيم بن داود اليعقوبي، قال: كتبت إليه (يعني أبا الحسن (عليه السلام)) أعلمه أمر فارس بن حاتم، فكتب: «لا تحفلن به، وإن أتاك فاستخف به».
وعن محمد بن عيسى بن عبيد، أن أبا الحسن العسكري (عليه السلام) أمر بقتل فارس بن حاتم وضمن لمن قتله الجنة، فقتله جنيد، وكان فارس فتاناً، يفتن الناس ويدعوهم إلى البدعة، فخرج من أبي الحسن (عليه السلام): «هذا فارس لعنه الله يعمل من قبلي فتاناً داعياً إلى البدعة، ودمه هدر لكل من قتله، فمن هذا الذي يريحني منه ويقتله، وأنا ضامن له على الله الجنة».
وعن محمد بن عيسى، قال: قرأنا في كتاب الدهقان وخط الرجل في القزويني، وكان كتب إليه الدهقان يخبره باضطراب الناس في هذا الأمر وأن الموادعين قد أمسكوا عن بعض ما كانوا فيه لهذه العلة من الاختلاف، فكتب: «كذّبوه واهتكوه أبعده الله وأخزاه، كاذب في جميع ما يدّعي ويصف، ولكن صونوا أنفسكم عن الخوض والكلام في ذلك وتوقوا مشاورته ولا تجعلوا له السبيل إلى طلب الشر، كفى الله مؤنته ومؤونة من كان مثله».
وعن سهل بن محمد، وقد اشتبه يا سيدي على جماعة من مواليك أمر الحسن بن محمد بن بابا، فما الذي تأمرنا يا سيدي في أمره نتولاه أم نتبرأ منه أم نمسك عنه فقد كثر القول فيه؟ فكتب بخطه وقرأته: «ملعون هو وفارس، تبرأوا منهما لعنهما الله وضاعف ذلك على فارس».
5 - محمد بن الإمام علي الهادي (عليه السلام):
قال السيد محسن الأمين (رحمه الله)(33): توفي في حدود سنة (252هـ).
جليل القدر عظيم الشأن، كانت الشيعة تظن أنه الإمام بعد أبيه (عليه السلام)، فلما توفي نص أبوه على أخيه أبي محمد الحسن الزكي (عليه السلام)، وكان أبوه خلفه بالمدينة طفلاً لمّا أُتي به إلى العراق، ثم قدم عليه في سامراء ثم أراد الرجوع إلى الحجاز فلما بلغ القرية التي يقال لها: بلد على تسعة فراسخ من سامراء مرض وتوفي قريباً منها، ومشهده هناك معروف مزور.
6 - جعفر بن الإمام علي الهادي (عليه السلام):
وأمره معروف مشهور ومما جاء فيه:
أ - روى الشيخ الصدوق (رحمه الله)(34) بسنده عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) في حديث طويل جاء فيه: «... إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) فسموه الصادق، فإن للخامس من ولده ولداً اسمه جعفر يدّعي الإمامة اجتراءً على الله وكذباً عليه فهو عند الله جعفر الكذاب المفتري على الله (عزَّ وجلَّ)، والمدّعي ما ليس له بأهل، المخالف على أبيه والحاسد لأخيه، ذلك الذي يروم كشف ستر الله عند غيبة ولي الله (عزَّ وجلَّ)...».
ثم قال: «كأني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله، والمغيب في حفظ الله والتوكيل بحرم أبيه جهلاً منه بولادته، وحرصاً منه على قتله إن ظفر به وطمعاً في ميراثه حتى يأخذه بغير حقه».
ومما قام به جعفر أنه غار(35) على دار الإمام (عليه السلام)، وأنه حمل إلى الخليفة عشرين ألف دينار لأجل أن يجعله في مرتبة الإمام الحسن (عليه السلام)، فردَّ عليه الخليفة: (اعلم أن منزلة أخيك لم تكن بنا إنما كانت بالله (عزَّ وجلَّ) ونحن كنا نجتهد في حط منزلته والوضع منه، وكان الله (عزَّ وجلَّ) يأبى إلّا أن يزيده كل يوم رفعة...)(36).
وروى(37) أيضاً عن سعد بن عبد الله في حديث طويل جاء فيه: (... إن جعفراً معلن بالفسق، ماجن، شريب للخمور، وأقل من رأيته من الرجال وأهتكهم لستره...).
إن جعفراً ادّعى الإمامة بعد الإمام العسكري (عليه السلام)، وتأسّست بسبب هذا الادّعاء فرقة تدّعي إمامة جعفر تارة من أبيه وأخرى من أخيه الحسن (عليهما السلام) وثالثة من أخيه محمد المعروف بسبع الدجيل(38)، وستأتي الإشارة إلى هذا من قبل الشيخ ابن قبة في معرض ردّه على ابن بشار.
وأمر جعفر وادعاءاته مشهورة معروفة، فلا نطيل فيها.
المحور الثاني: إجابات ابن قبة (رحمه الله) على ابن بشار:
المتن:
قال الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كمال الدين(39): اعتراضات لابن بشار:
وقد تكلم علينا أبو الحسن علي بن أحمد بن بشار(40) في الغيبة(41). وأجابه(42) أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي(43). وكان من كلام علي بن أحمد بن بشار علينا(44) في ذلك(45) أن قال في كتابه(46) أقول:
إن كل المبطلين أغنياء عن تشبيه إنية(47) من يدْعون له وبه يتمسكون، وعليه يعكفون، ويعطفون(48) لوجود أعيانهم وثبات إنياتهم.
توضيح ما قاله ابن بشار:
إن كل صاحب مقولة ودعوى باطلة ينطلق من دعواه في الباطل بعد الفراغ عن وجود من يدعي له مقام الإمامة، فادعاء الإمامة فرع وجود شخص متشخص وثابت في الخارج ثم يدعي له أصحاب هذه الدعوى أنه إمام حتى يصح التمسك به والعكوف عليه، فكل المبطلين ينطلقون من ادعاءاتهم بعد الفراغ عن وجود الشخص الذي يريدون أن يدّعوا له هذا المقام أو ذاك.
ثم قال:
وهؤلاء (يعني أصحابنا) فقراء إلى ما قد غني(49) عنه كل مبطل سلف(50) من تثبيت(51) إنية من يدعون له وجوب الطاعة، فقد افتقروا إلى ما قد غني عنه سائر المبطلين. واختلفوا بخاصة(52) ازدادوا بها بطلاناً وانحطوا بها عن سائر المبطلين.
لأن الزيادة من الباطل تحط(53) والزيادة من الخير تعلو، والحمد لله رب العالمين.
توضيح ما قاله ابن بشار:
إن هؤلاء - ويقصد بهم الشيعة القائلين بإمامة ابن الحسن (عليه السلام) -، يحتاجون أولاً إلى إثبات وجود من يدّعون له الإمامة، ليستغنوا بوجوده عن سؤال خصومهم عن أصل وجوده، كما استغنى الأدعياء والمبطلون الآخرون بوجود من يدعون لهم المقامات الخاصة، فإن كل مبطل تقدم وسمعنا به أو شاهدناه لا يحتاج إلى إثبات وجود من يدّعي أنه واجب الطاعة والانقياد.
فالقائلون بابن الحسن (عليه السلام) بحاجة إلى إثبات وجوده.
إلّا أنهم انفردوا عن جميع أهل الباطل حيث احتاجوا إلى إثبات وجوده وانحطوا بهذا الأمر عن سائر المبطلين، والزيادة من الباطل تحط ومن الخير تعلو.
ثم قال:
وأقول قولاً تعلم فيه الزيادة على الإنصاف(54) منا وإن كان ذلك غير واجب علينا. أقول: إنه معلوم أنه ليس كل مدعٍ(55) ومدعى له بمحق، وأن كل سائل لمدعٍ تصحيح دعواه بمنصف. وهؤلاء القوم(56) ادعوا أن من صح عندهم أمره وجب له على الناس الانقياد والتسليم(57)، وقد قدَّمنا أنه ليس كل مدع ومدعى له بواجب التسليم، ونحن نسلِّم لهؤلاء القوم الدعوى ونقر على أنفسنا بالإبطال - وإن كان ذلك في غاية المحال - بعد أن يوجدونا إنية(58) المدعى له، ولا نسألهم تثبيت الدعوى، فإن كان معلوماً أن في هذا أكثر من الإنصاف، فقد وفينا بما قلنا.
توضيح ما قال:
بعد أن بيَّن أنه ليس كل مدع ومدعى له محقاً، فإن كل مدع لابد من إقامة الحجة على حقانية دعواه، كما وأنه ليس كل شخص يسأل المدعي أو أتباعه فإنه يستبطن صحة الدعوى، مع ذلك فإن ابن بشار يريد أن يسأل من صح عندهم أمر الحجة (عجّل الله فرجه) ويقول لهم: عليكم إثبات أصل وجوده، فيكفينا إثباتكم لأصل وجوده، فإن تمكنتم من إثبات وجوده فنحن نسلِّم لكم ما تقولونه من إمامته.
قال:
فإن قدروا عليه فقد أبطلوا، وإن عجزوا(59) عنه فقد وضح ما قلناه من زيادة عجزهم عن تثبيت ما يدعون على عجز كل مبطل عن تثبيت دعواه. وأنهم مختصون من كل نوع من الباطل بخاصة يزدادون بها انحطاطاً(60) على المبطلين أجمعين لقدرة كل مبطل سلف على تثبيت دعواه إنية من يدّعون له، وعجز هؤلاء عما قدر عليه كل مبطل إلّا ما يرجعون إليه من قولهم: (إنه لابد ممن تجب به حجة الله (عزَّ وجلَّ))(61) وأجل، لابد من وجوده، فضلاً عن كونه(62).
فأوجدونا الإنية من دون إيجاد الدعوى.
توضيح ما قال:
إن القائلين بابن الحسن (عجّل الله فرجه) إن قدروا على تعيين وجوده والاستدلال عليه، فقد أبطلوا ما يعتقدونه فيه من الغيبة، وإن عجزوا وضعفوا عن هذا الطلب فإن الحجة ستكون لابن بشار بعد أن كان أكثر إنصافاً مع القائلين بابن الحسن (عجّل الله فرجه)، ثم كرر ابن بشار ما قاله من كون القائلين بابن الحسن (عجّل الله فرجه) يزدادون على جميع المبطلين بما يجعلهم ينحدرون ويزدادون انحطاطاً على سائر المبطلين، لأنهم عاجزون عن إثبات وجود ابن الحسن (عجّل الله فرجه) لاعتقادهم بغيبته.
ثم قال: أوجدوا لنا هذا الحجة، نكتفي منكم بأصل إيجاده دون عناء إثبات إمامته.
قال:
ولقد خبرت عن أبي جعفر بن أبي غانم(63) أنه قال لبعض من سأله فقال: بم تحاجّ الذين كنت تقول ويقولون: إنه لابد من شخص قائم من أهل هذا البيت؟ قال له: أقول لهم: هذا جعفر. فيا عجباً أيخصم الناس بمن ليس بمخصوم.
توضيح ما قال:
بعد إنكارك - يا بن أبي غانم - لابن الحسن (عليه السلام)، وأنت سابقاً ممن يقول بلابدية وجود قائم في كل زمان، وكنت ترى إمامة الحسن بن علي (عليه السلام) وآبائه، فمن هو القائم الآن؟
أقول لهم - أي ابن أبي غانم - الإمام الآن بعد الحسن بن علي (عليه السلام) هو جعفر(64).
ثم يقول ابن بشار: فيا عجباً أيخصم الناس بمن هو ليس بمخصوم؟ أي لماذا يتنازع الناس في الأمر الواضح الذي ينبغي أن لا يقع فيه خصام، فجعفر موجود، وهو الوحيد من أبناء الإمام الهادي (عليه السلام) موجود، فالإمامة فيه.
فالعجب من الناس أن ينكروا جعفراً مع أنه لا نزاع في وجوده وإنيته، وأنه ابن الإمام الهادي (عليه السلام) فهو المصداق الوحيد للإمامة.
فهو يتعجب ممن يشك ويتردد - على زعمه - في جعفر ووجوده وإمامته.
قال:
وقد كان شيخ في هذه الناحية (رحمه الله) يقول: وسمت هؤلاء(65) باللابدية(66).
أي إنه لا مرجع لهم، ولا معتمد إلّا إلى أنه لابد أن يكون هذا الذي ليس(67) في الكائنات، فوسمهم(68) من أجل ذلك.
ونحن(69) نسميهم بها أي إنهم دون كل من له بُدٌ(70) يعكف عليه، إذ كان أهل الأصنام التي أحدها، البُد، قد عكفوا على موجود وإن كان باطلاً، وهم قد تعلقوا بعدمٍ ليسٍ، وباطل محض، وهم اللابدية حقاً، أي لابد(71) لهم يعكفون عليه، إذ كان كل مطاع معبوداً. وقد وضح ما قلنا من اختصاصهم من كل نوع الباطل بخاصة يزدادون بها انحطاطاً. والحمد لله.
توضيح ما قال:
القائلون بإمامة الحجة بن الحسن بعد العسكري (عليهما السلام) في نظر ابن بشار والشيخ الذي استشهد به هم عبدة أصنام، بل دونهم لأن عبدة الأصنام قد عكفوا على باطل ولكنه موجود، أمّا من يعتقد إمامة ابن الحسن (عجّل الله فرجه) فعكفوا على من ليس بموجود ولأنهم يطيعون من يعتقدون بإمامته فهم يعبدونه، فهم اللابدية وعبدة الأصنام حقاً.
قال:
تختم الآن هذا الكتاب(72) بأن نقول: إنما نناظر ونخاطب من قد سبق منه الإجماع(73) على أنه لابد من إمام قائم من أهل هذا البيت(74)، تجب به حجة الله، ويُسدّ به فقر الخلق وفاقتهم، ومن لم يجتمع معنا على ذلك فقد خرج من النظر في كتابنا، فضلاً من مطالبتنا به.
ونقول لكل من اجتمع معنا على هذا الأصل(75) من الذي قدّمنا في هذا الموضع: كنا وإياكم قد أجمعنا على أنه لا يخلو أحد من بيوت هذه الدار(76)، من سراج زاهر، فدخلنا الدار فلم نجد فيها إلّا بيتاً واحداً(77)، فقد وجب وصح في ذلك البيت سراجاً. والحمد لله رب العالمين.
توضيح ما قال:
إننا نخاطب من أجمعوا معنا على لابدية وجود إمام من بيت الإمام الهادي بعد وفاة العسكري (عليهما السلام) تجب به حجة الله ويسد به فقر الخلق إلى الإمام، ومن لم يقل بهذا الإجماع فهو خارج عن خطاب هذا الكتاب.
وعلى هذا الإجماع، فإذا دخلنا دار الإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام) التي لابد أن يكون الإمام بعد مضي العسكري (عليه السلام) منها، لم نجد فيها إلّا سراجاً واحداً وهو جعفر، ولم نجد غيره. فيكون هو الإمام بعد العسكري (عليه السلام) بمقتضى الأصل الذي اتفقنا عليه.
قال الشيخ الصدوق (رحمه الله)(78) فأجابه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن ابن قبة (رحمهما الله) بأن قال:
إنا نقول وبالله التوفيق: ليس الإسراف(79) في الادعاء، والتقول(80) على الخصوم مما تثبت بهما حجة، ولو كان ذلك كذلك لارتفع الحجاج بين المختلفين، واعتمد كل واحد على إضافة ما يخطر بباله من سوء القول إلى مخالفه، وعلى حد هذا بُني الحجاج ووُضع النظر، والإنصاف أولى ما يُعامل به أهل الدين، وليس قول أبي الحسن: «ليس لنا ملجأ نرجع إليه، ولا قيم(81) نعطف عليه، ولا سند نتمسك بقوله»، حجة، لأن دعواه(82) هذه مجردة من البرهان(83)، والدعوى إذا انفردت عن البرهان كانت غير مقبولة عند ذوي العقول والألباب.
توضيح ما قاله ابن قبة (رحمه الله):
الادِّعاء على الخصوم ليس من الحجج في باب البرهان، إذ لو كانت المدعيات تصح بسوء القول في الخصم لصحت كل دعوى، ولصح أن يقول كل شخص في خصمه ما شاء، مع أن باب المناظرة له قواعد ثابتة وموازين معروفة، والإنصاف - إن كان - فأهل الدين أولى به، وليس قول ابن بشار بعدم وجود القيم والإمام الذي نرجع إليه هو قول مستدل ومبرهن على صحته بل هو مجرد دعوى، والدعوى لا قيمة لها ما لم تقرن بالدليل.
قال ابن قبة (رحمه الله):
ولسنا نعجز عن أن نقول: بلى، لنا - والحمد لله - من نرجع إليه، ونقف عند أمره، ومن كان ثبتت حجته وظهرت(84) أدلته.
فإن قلت: فأين ذلك؟ دلونا(85) عليه.
قلنا: كيف تحبون أن ندلكم عليه؟ أتسألوننا أن نأمره أن يركب(86) ويصير(87) إليكم ويعرض(88) نفسه عليكم؟
أو تسألونا أن نبني له داراً ونحوله(89) إليها ونُعلِمَ بذلك أهل الشرق والغرب؟ فإن رمتم(90) ذلك فلسنا نقدر عليه ولا ذلك بواجب(91) عليه.
توضيح ما قاله ابن قبة (رحمه الله):
نعم لنا ولله الحمد الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه) وهو الذي نرجع إليه ونأخذ أوامره ونلتزم حدودها، وإمامته علينا ثابتة ظاهرة.
وإن كنتم تريدون منا أن نريكم الحجة وندلكم على مكان وجوده، فإنه - لمكان غيبته - لا نقدر أن نطلب منه أن يذهب إليكم، أو أن يكون في بيت معلوم ونخبركم به لتأتوا إليه.
هذا الذي تطلبونه منا بعد ثبوت أدلة حجيته وظهورها ليس بواجب عليه، وليس فينا من يأمره، وإنما نحن مأمورون بالوقوف عند طاعته وأوامره.
قال (رحمه الله):
فإن قلتم: من أي وجه(92) تلزمنا حجته وتجب علينا طاعته(93)؟
قلنا: إنا نقرُّ أنه لابد من رجل من ولد أبي الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام)، تجب به حجة لله دللناكم على ذلك حتى نضطركم(94) إليه إن أنصفتم من أنفسكم.
وأول ما يجب علينا وعليكم أن لا نتجاوز ما قد رضي به أهل النظر(95)، واستعملوه، ورأوا أن من حاد(96) عن ذلك فقد ترك سبيل العلماء وهو إنا لا نتكلم في فرعٍ(97) لم يثبت أصله(98).
توضيح ما قال (رحمه الله):
أمّا لزوم طاعة ابن الحسن (عليه السلام) فهي من جهة أننا وأنكم نُقرّ أنه لابد من رجل من ولد أبي الحسن (عليه السلام) حجته واجبة على الناس، وهذه الجهة محل وفاق وإجماع بيننا وبينكم، وتقدم في كلام ابن بشار، وهذا مما لا ينبغي تجاوزه، فقد رضي بهذا الكلام أهل النظر والبحث من العلماء التابعين لهذا البيت، وقالوا: إن من ترك هذا الاتفاق فهو خارج عن الطائفة، وهذا هو الأصل الذي لابد أن نسير عليه في كلامنا معكم.
قال (رحمه الله):
وهذا الرجل الذي تجحدون(99) وجوده فإنما يثبت له الحق بعد أبيه وأنتم قوم لا تخالفونا في وجود أبيه، فلا معنى لترك النظر في حق أبيه والاشتغال(100) بالنظر معكم في وجوده، فإنه إذا ثبت الحق لأبيه، فهذا ثابت ضرورة(101) عند ذلك بإقراركم، وإن بطل أن يكون الحق لأبيه فقد آل(102) الأمر إلى ما تقولون وقد أبطلنا، وهيهات(103) لن يزداد الحق إلّا قوة ولا الباطل إلّا وهناً، وإن زخرفه(104) المبطلون.
توضيح ما قال (رحمه الله):
وهذا الرجل وهو ابن الحسن (عليه السلام) الذي جحدتم وجوده فالحق ثابت له بعد أبيه ونحن وأنتم لا نختلف في وجود أبيه (عليه السلام) وإمامته، فلا معنى أن نترك البحث والمحاججة في أبيه وننظر معكم في وجوده فهو فرع على أبيه وأصل إمامته منه، فإذا ثبت الحق لأبيه - وحسب الفرض هو ثابت - فثبوت الإمامة لابن الحسن (عليه السلام) يكون من الضرورات.
أمّا إذا بطل عندكم الحق في أبيه - وهو خلاف الضرورات والإجماع المتقدم عن ابن بشار - فقد صار الأمر إلى ما تقولون وتعتقدون في إمامة جعفر بن الإمام الهادي (عليه السلام)، ولكن هيهات أن يغلب الباطل على الحق وإن تزخرف بزخارف المبطلين.
قال (رحمه الله):
والدليل على صحة أمر أبيه إنّا وإياكم مجمعون(105) على أنه لابد من رجل من ولد أبي الحسن تثبت به حجة الله وينقطع به عذر(106) الخلق وأن ذلك الرجل تلزم(107) حجته من نأى(108) عنه من أهل الإسلام كما تلزم من شاهده(109) وعاينه، ونحن وأكثر الخلق ممن قد لزمتنا الحجة من غير مشاهدة فننظر في الوجه الذي لزمتنا منه الحجة ما هي؟
ثم ننظر من أولى من الرجلين اللذين لا عقب(110) لأبي الحسن غيرهما، فأيهما كان أولى فهو الحجة والإمام ولا حاجة بنا إلى التطويل.
توضيح ما قال (رحمه الله):
إن الدليل على صحة إمامة والد الحجة هو الإجماع من قبل جماعة ابن بشار وجميع الطائفة، فالكل متفق على أن الحجة بعد الإمام الهادي (عليه السلام) هو ولده الحسن العسكري (عليه السلام) الذي به ينقطع عذر الخلق وأن إمامته وحجيته لازمة على من كان نائياً وبعيداً كما هي حجة على الحاضر الذي عاينه وشاهده، وأكثر الناس ممن لزمتهم إمامة الإمام الهادي (عليه السلام) ومن بعده ولده الحسن (عليه السلام) لم يشاهدوه.
ولابد هنا من النظر في الدليل الذي به ثبتت إمامة الهادي (عليه السلام) لنلاحظ بعدها من هو من الرجلين الذين خلفهما ولا عقب له بعد وفاته غيرهما وهما جعفر وأبو محمد الحسن، فأيهما كان أولى به فهو الحجة والإمام بعده بلا حاجة إلى التطويل.
قال (رحمه الله):
ثم نظرنا من أي وجه تلزم الحجة مَن نأى عن الرسل والأئمة (عليهم السلام)، فإذا ذلك بالأخبار التي توجب الحجة وتزول(111) عن ناقليها(112) تهمة(113) التواطؤ(114) عليها، والإجماع على تخرصها(115) ووضعها. ثم فحصنا(116) عن الحال، فوجدنا فريقين(117) ناقلين يزعم(118) أحدهما أن الماضي(119) نصَّ على الحسن (عليه السلام) وأشار إليه، ويروون مع الوصية وما له من خاصة الكبر أدلة يذكرونها وعلماً يثبتونه. ووجدنا الفريق الآخر يروون مثل ذلك لجعفر لا يقول غير هذا.
توضيح ما قال (رحمه الله):
علينا أن نطالعَ حال من لم يشاهدوا الحجج السابقين (عليهم السلام)، لننظر من أي وجه تلزمهم حجيته مع عدم مشاهدته وليس بيدنا دليل فعلاً إلّا الروايات والأخبار، فإنها هي التي توجب الإلزام بالحجة حتى على من لم يشاهد الحجة.
ثم دققنا في حال الأخبار التي بيدنا والتي تنقل لنا من هو الحجة بعد الإمام الهادي (عليه السلام) فوجدنا مجموعتين تزعم إحداهما أن الإمام بعد الهادي الماضي هو الحسن (عليهما السلام) ويرون أن الإمام الهادي (عليه السلام) نصَّ على الإمام الحسن (عليه السلام) ووصيته فيه وأنه الأكبر من أولاده الباقين. ونظرنا في أدلة الفريق الآخر فنظرنا هم يقولون هي في جعفر، ولا يوجد فيما بين أيدينا غير هذا.
قال (رحمه الله):
فنظرنا، فإذا الناقل لأخبار جعفر جماعة يسيرة(120)، والجماعة اليسيرة يجوز عليها التواطؤ، والتلاقي(121)، والتراسل، فوقع نقلهم موقع الشبهة(122)، لا موقع الحجة، وحجج الله لا تثبت بالشبهات، ونظرنا في نقل الفريق الآخر، فوجدناهم جماعات متباعدي الديار والأقطار، مختلفي الهمم والآراء، متغايرين، فالكذب لا يجوز عليهم، لنأي بعضهم عن بعض، ولا التواطؤ، ولا التراسل، والاجتماع على تخرّص(123) خبر ووضعه، فعلمنا أن النقل الصحيح هو نقلهم، وأن المُحِقّ هؤلاء، ولأنه إن بطل ما قد نقله هؤلاء على ما وصفنا من شأنهم، لم يصح خبر في الأرض، وبطلت الأخبار كلها.
فتأمل - وفقك الله - في الفريقين، فإنك تجدهم كما وصفتُ، وفي بطلان الأخبار هدم الإسلام، وفي تصحيحها تصحيح خبرنا، وفي ذلك دليل على صحة أمرنا. والحمد لله رب العالمين.
توضيح ما قال (رحمه الله):
إن الذين ينقلون الروايات في إمامة جعفر جماعة قليلة يجوز أن يجتمعوا فيما بينهم فيتفقوا على إمامته، والإمامة لا تثبت فيما هو محل شبهة.
بينما من ينقل إمامة الحسن (عليه السلام) فهم من الكثرة والتباعد المكاني والزماني يصعب معه أن يلتقي بعضهم ببعض ويؤلفوا من عندهم أدلة إمامته، وهذه المقارنة توجب العلم بأن الحق مع القائلين بإمامته (عليه السلام):
أو ننتهي إلى لازم فاسد وهو الرفض لجميع الأخبار التي بني عليها الإسلام، وفسادُ هذا كاشف عن صحة ما نعتقد.
قال (رحمه الله):
ثم رأيت الجعفرية(124) تختلف في إمامة جعفر، من أي وجه تجب؟
فقال قوم: بعد أخيه محمد(125)، وقال قوم: بعد أخيه الحسن، وقال قوم: بعد أبيه، ورأيناهم لا يتجاوزون ذلك.
ورأينا أسلافهم وأسلافنا رووا قبل الحادث(126) ما يدل على إمامة الحسن وهو ما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا توالت ثلاثة أسماء: محمد وعلي والحسن فالرابع القائم»(127)، وغير ذلك من الروايات.
وهذه وحدها توجب الإمامة للحسن.
توضيح ما قال (رحمه الله):
من قال بإمامة جعفر وقع في اختلاف كبير يكشف عن بطلان ادّعائه إذ قال إن مصدر إمامته كان بوصية من أبيه الهادي (عليه السلام)، وهذا واضح البطلان، فمن يؤمن بإمامة الإمام الهادي (عليه السلام) قال بإمامة الحسن (عليه السلام)، بما فيهم من تبع جعفر بعد ذلك، ولهم روايات في ذلك، منها ما ذكر في المتن.
أمّا إن كانت من أخيه محمد - سبع الدجيل - فبطلانه أوضح من سابقه، إذ متى كانت لمحمد إمامة حتى تكون منه لمن يخلفه؟
أمّا إذا قيل إنها من أخيه الحسن (عليه السلام)، فسيأتي إبطالها، وهذا وحده كافٍ في ثبوت إمامة الحسن (عليه السلام) دون غيره.
قال (رحمه الله):
وليس إلّا الحسن وجعفر، فإذا لم تثبت لجعفر حجة على من شاهده في أيام الحسن والإمام ثابت الحجة على من رآه(128)، ومن لم يره فهو الحسن اضطراراً.
وإذا ثبت الحسن (عليه السلام).
وجعفر عندكم [مبرأ] تبرأ(129) منه.
والإمام لا يتبرأ من الإمام.
والحسن قد مضى(130)، ولابد عندنا وعندكم من رجل من ولد الحسن تثبت به حجة الله فقد وجب بالاضطرار للحسن ولد قائم (عليه السلام).
توضيح ما قال (رحمه الله):
ونحن معكم متفقون أنه ليس للهادي بعد موته إلّا الحسن (عليهما السلام) وجعفر، فإذا لم تكن لجعفر إمامة وحجية في أيام الحسن (عليه السلام)، فيكون هو - أي الحسن (عليه السلام) - الحجة فقط دون جعفر وإمامته وحجيته ثابتة على من رآه ومن لم يره.
فإذن ثبت أن الإمام هو الحسن العسكري (عليه السلام).
ومن الثابت عندكم أن جعفراً قد تبرأ منه، والإمام لا يتبرأ من الإمام، فلا يكون جعفر لتبرئه من الإمام بإمام.
وحيث إن الإمام الحسن (عليه السلام) قد مضى، وعندنا وعندكم لابد من إمامٍ بعده، ولابد أن يكون من ولد الإمام الهادي (عليه السلام)، وجعفر قد خرج بتبرئه.
فثبت أن من الحسن (عليه السلام) يكون الإمام وبذلك نثبت أن له ولداً بالاضطرار هو القائم بعده إذ لا إمامة لجعفر بعد الحسن (عليه السلام) لخروجه بتبرئه.
قال (رحمه الله):
وقل يا أبا جعفر(131) - أسعدك الله - لأبي الحسن(132) أعزه الله:
يقول محمد بن عبد الرحمن(133): قد أوجدناك(134) إنية المدعى له، فأين المهرب(135)؟
هل تقر(136) على نفسك بالإبطال - كما ضمنت - أو يمنعك الهوى(137) عن ذلك، فتكون كما قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: 119].
توضيح ما قال (رحمه الله):
يخاطب الشيخ ابن قبة (رحمه الله) ابن بشار بواسطة ابن أبي غانم بالقول: إننا أوجدنا وأثبتنا وجود الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه)، فلابد عليك يا بن بشار الإذعان كما وعدتَ بذلك، فأين المهرب من الحق؟ لا خيار لك لأنك في كلامك المتقدم وعدْتَ إن أثبتنا وجود الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه) أن تقرّ ببطلان أمر جعفر، فهل تقر الآن؟
أم أن الهوى سيمنعك فتكون مصداقاً للآية الكريمة.
قال (رحمه الله):
فأمّا ما وَسَمَ(138) به أهل الحق من اللابدية(139) لقولهم: لابد ممن تجب به حجة الله.
فيا عجباً، فلا يقول أبو الحسن(140): لابد ممن تجب به حجة الله؟، وكيف لا يقول، وقد قال عند حكايته عنا وتعييره إيانا: أجل، لابد من وجوده فضلاً عن كونه، فإن كان يقول ذلك فهو وأصحابه من اللابدية، وإنما وسم نفسه، وعاب إخوانه، وإن كان لا يقول ذلك فقد كُفينا مؤونة تنظيره وتمثيله بالبيت والسراج، وكذا يكون حال من عاند أولياء الله يعيب نفسه من حيث يرى أنه يعيب خصمه.
والحمد لله المؤيد للحق بأدلته.
توضيح ما قال (رحمه الله):
ما وصف ابن بشار به من يؤمن بالحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه) بأنهم من اللابدية، فهذا الوصف الذي تقدم بيان معناه، منطبق تمام الانطباق عليه وعلى جماعته، وهذا من العجائب، إن من يعاند أولياء الله تعالى يتهمهم بما هو متلبس فيه، وهذا من تأييد الله تعالى للحق، فهو أراد أن يعيب أتباع ابن الحسن (عجّل الله فرجه) والمؤمنين بوجوده وإمامته، فعاب نفسه.
قال (رحمه الله):
ونحن نسمي هؤلاء بـ(البُدية)، إذا كان عبدةُ البُدِّ(141) قد عكفوا على ما لا يسمع ولا يبصر ولا يُغني عنهم شيئاً، وهكذا هؤلاء.
ونقول: يا أبا الحسن(142) - هداك الله - هذا حجة الله على الجن والإنس، ومن لا تثبت حجته على الخلق إلّا بعد الدعاء والبيان، محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد أخفى شخصه في الغار(143)، حتى لم يُعلم بمكانه ممن احتج الله عليهم به إلّا خمسة نفر(144).
توضيح ما قال (رحمه الله):
إن أتباع ابن بشار هم عبدة الأصنام؛ لأنهم يتبعون من لم يثبت نفسه وإمامته بحجة، فكيف ينكرون حجية ابن الحسن (عجّل الله فرجه) بعد قيام الدليل عليه لأجل غيبته، أليس رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حجة على الإنس والجن مع ذلك قد أخفى نفسه ولم يعلم به إلّا خمسة نفر، فهل بهذا الإخفاء بطلت إمامته وحجيته؟
لا شك في أنهم يثبتون إمامة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وحجيته رغم أنه أخفى نفسه ولم يطلع على أمره سوى خمسة نفر، فكذلك الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه).
قال (رحمه الله):
فإن قلت: إن تلك غيبة(145) بعد ظهوره(146)، وبعد أن قام على فراشه من يقوم مقامه.
قلت لك: لسنا نحتج عليك في حال ظهوره، ولا استخلاف لمن يقوم مقامه من هذا في قبيل ولا دبير(147)، وإنما نقول لك: أليس تثبت حجته في نفسه في حال غيبته على من لا يعلم بمكانه لعلة من العلل؟
فلابد من أن تقول: نعم.
قلنا: ونثبت حجة الإمام وإن كان غائباً لعلة أخرى، وإلّا فما الفرق؟
توضيح ما قال (رحمه الله):
فإن ادعى ابن بشار أن هناك فارقاً بين غيبة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الغار والغيبة التي يدعيها أتباع الحجة ابن الحسن (عجّل الله فرجه) من أن غيبته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كانت بعد ظهوره واشتهار أمره ومعرفته باسمه ونسبه ووصفه، وأنها حصلت بعد أن أقام مقامه من يخلفه في المبيت على فراشه في القصة المعروفة، بخلاف غيبة ابن الحسن (عجّل الله فرجه) الذي تلبس بها منذ ولادته ولم يسبقها بظهور علني له.
يجاب: أن الشيخ ابن قبة (رحمه الله) لا يقبل هذا الكلام، لأن محل الاستدلال هو في ثبوت إمامته على أمته في زمان غيبته على من لا يعلم بمكانه، وهذا مع غيبة الإمام من واد واحد، فالاستدلال هو في حجيته على من غاب عنهم وهذا لا فرق فيه بينهما وإن كان هناك اختلاف في أسباب الغيبة لكل منهما (عليهما السلام).
قال (رحمه الله):
ثم نقول: وهذا أيضاً لم يغب حتى ملأ آباؤه (عليهم السلام) آذان شيعتهم بأن غيبته تكون(148)، وعرّفوهم(149) كيف يعملون عند غيبته.
فإن قلت: في ولادته(150).
فهذا موسى (عليه السلام) مع شدة طلب فرعون إياه، وما فعل بالنساء والأولاد لمكانه، حتى أذن الله في ظهوره، وقد قال الرضا (عليه السلام) في وصفه: «بأبي وأمي شبيهي وسميُّ جدي، وشبيه موسى بن عمران»(151).
توضيح ما قال (رحمه الله):
مضافاً إلى ما تقدم، نقول لك يا بن بشار: إن ابن الحسن (عجّل الله فرجه) لم يغب حتى ذاع صيت غيبته واشتهر أمر وقوعها فيه من خلال روايات آبائه الطاهرين من لدن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى أبيه (عليه السلام)، وذكرت الروايات تفاصيل غيبته وكيف ومتى ستقع.
وإن كان الإشكال في الولادة لا في غيبته فإنّا نقول: ما ذُكر في ولادته من الروايات مما روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) من أن ولادة الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه) تشبه ولادة موسى بن عمران (عليهما السلام) التي ذكرها القرآن الكريم والكتب السماوية الأخرى ولا سبيل لإنكارها، فهذه أيضاً لا سبيل لإنكارها.
فولادته (عجّل الله فرجه) حالها حال غيبته بلا فرق، كما جاءت بذلك الروايات وشبهت أمر ولادته بموسى (عليه السلام).
قال (رحمه الله):
وحجة أخرى: نقول لك: يا أبا الحسن، أتقرّ أن الشيعة قد روت في الغيبة أخباراً؟
فإن قال: لا، أوجدناه(152) الأخبار.
وإن قال: نعم، قلنا له: فكيف تكون حالة الناس إذا غاب إمامهم؟ فكيف تلزمهم الحجة في وقت غيبته؟
فإن قال: يقيم من يقوم مقامه، فليس يقوم عندنا وعندكم مقام الإمام إلّا الإمام، وإذا كان إماماً قائماً فلا غيبة.
وإن احتج بشيء آخر في تلك الغيبة فهو بعينه حجتنا في وقتنا لا فرق فيه ولا فصل(153).
توضيح ما قال (رحمه الله):
ونحتج عليك يا أبا الحسن ابن بشار بما تقرّ به أنت بنفسك ولا تنكره، فإن أتباع الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه) يسألونك: هل روت الشيعة في غيبة الحجة أخباراً؟ فإن أنكرت روايتهم أخذنا بيدك وأطلعناك عليها.
وإن أذعنت أنهم رووا في الغيبة أخباراً، قلنا: إنا نسألك كيف يكون وضع الناس وحالهم عند حصول غيبة الحجة (عليه السلام) وكيف تثبت عليهم حجيته وهو غائب عنهم؟
فإن قلت: إنه يقيم مقامه إماماً بديلاً عنه، فهو باطل لأنه إنكار للغيبة في الإمام.
وإن قلت شيئاً آخر، فما تقوله نحن نرتضيه بلا فرق ولا تفصيل.
قال (رحمه الله):
ومن الدليل على فساد أمر جعفر: موالاتُه وتزكيتُه(154)، فارس بن حاتم - لعنه الله - وقد برئ منه أبوه، وشاع(155) ذلك في الأمصار(156) حتى وقف عليه الأعداء، فضلاً عن الأولياء، ومن الدليل على فساد أمره: استعانتُه(157) بمن استعان في طلب الميراث من أُم الحسن (عليه السلام)(158)، وقد أجمعت الشيعة أن آباءه (عليهم السلام) أجمعوا أن الأخ لا يرث مع الأُم.
توضيح ما قال (رحمه الله):
وجوه بطلان إمامة جعفر:
الوجه الأول: أن جعفر يوالي ويوثق فارس بن حاتم - الذي تقدمت ترجمته في المحور الأول - وهو ملعون مطرود من قبل الإمام الهادي (عليه السلام)، وقد تبرأ منه (عليه السلام) وهذا من الأمور المعروفة الشائعة، حتى أن أعداء المذهب يعرفون به، فكيف يوثقه ويتودد إليه؟
الوجه الثاني: أنه استعان على أُم الحسن - والدته - (عليها السلام) لمشاركتها الميراث ولكي يثبت أنه وريث الإمام الحسن (عليه السلام) بعده، مع علمه أن الشيعة مجمعة أنه الأخ لا يرث مع وجود الأُم، فكيف يكون إماماً من يفعل هذا الأمر الصريح في مخالفة الشريعة.
قال (رحمه الله):
ومن الدليل على فساد أمره قوله: إني إمام بعد أخي محمد، فليت شعري متى تثبت إمامة أخيه - وقد مات قبل(159) أبيه - حتى تثبت إمامة خليفته؟
ويا عجباً، إذا كان محمد يستخلف، ويقيم إماماً بعده - وأبوه حيّ قائم - وهو الحجة والإمام، فما يصنع أبوه؟
ومتى جرت هذه السنة في الأئمة وأولادهم حتى نقبلها منكم؟
فدلونا على ما يوجب إمامة محمد، حتى إذا ثبتت قبلنا إمامة خليفته.
والحمد لله الذي جعل الحق مؤيداً، والباطل مهتوكاً ضعيفاً زاهقاً.
توضيح ما قال (رحمه الله):
الوجه الثالث: قول جعفر: إني إمام بعد محمد المعروف بسبع الدجيل، مع أن محمد بن الإمام الهادي (عليهما السلام) توفي في زمان إمامة الإمام الهادي (عليه السلام)، فكيف تثبت إمامته حتى يجعلها في أخيه جعفر، ومن العجائب التمسك بمثل هذا القول وإيراده كدليل على إمامة جعفر، إذ كيف له أن يقيم إماماً بعده مع إمامة أبيه الهادي (عليه السلام).
ثم هلّا دلّنا ابن بشار وجماعته متى كانت هذه السُنة والعادة من الأئمة (عليهم السلام)، في أن ابن الإمام الذي يموت في زمان إمامة أبيه يُنصّب إماماً نائباً عنه بعد موت أبيه، أنه لشيء عجاب!
على أنه لا يوجد دليل واحد يصح أن نستند إليه يثبت إمامة محمد سبع الدجيل، لكي نقبل - بعد إثبات إمامته - إمامةَ خليفته.
قال (رحمه الله):
فأمّا ما حكي عن ابن أبي غانم (رحمه الله)(160) فلم يرد الرجل بقوله، عندنا نثبت إمامة جعفر، وإنما أراد أن يعلم السائل أن أهل هذا البيت لم يفنوا(161) حتى لا يوجد منهم أحد.
وأمّا قوله: (وكل مطاع معبود) فهو خطأ عظيم، لأنا لا نعرف معبوداً إلّا الله، ونحن نطيع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولا نعبده.
توضيح ما قال (رحمه الله):
أمّا ما حكاه ابن بشار عن ابن أبي غانم، فله وجه جميل، فإنه لم يقل: إن جعفراً إمام، بل قال: إن الإمامة ضرورة في بيت الحسن العسكري (عليه السلام) ولابد منها، وأن بيت العسكري (عليه السلام) لم يفنَ حتى يقال: لا يوجد منهم أحد.
أمّا قول ابن بشار: إن أتباع الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه) يعبدون البُد، فهو خطأ جسيم وعظيم، لأننا لا نعرف معبوداً سوى الله تعالى وأمّا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمة (عليهم السلام) فلهم علينا الطاعة، وفرق بين الطاعة والعبادة.
قال (رحمه الله):
وأمّا قوله: نختم الآن هذا الكتاب بأن نقول: إنما نناظِر ونخاطب من قد سبق منه الإجماع، بأنه لابد من إمام قائم من أهل هذا البيت(162)، تجب به حجة الله - إلى قوله: - وصحّ أن في ذلك البيت سراجاً، ولا حاجة بنا إلى دخوله.
فنحن - وفقك الله - لا نخالفه، وأنه لابد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله، وإنما نخالفه في كيفية قيامه وظهوره وغيبته.
توضيح ما قال (رحمه الله):
وأمّا قول ابن بشار: إن الكلام هو مع من يقول بالإجماع على وجود شخص من أهل بيت الإمام الهادي والعسكري (عليهما السلام) بعدهما، فهذا الكلام لا نخالفكم فيه، والخلاف مع ابن بشار وجماعته هو في من هو هذا الإمام؟
وما هو الدليل على قيامه بالإمامة؟
وأنه الآن في غيبة دلت عليها الروايات على ما تقدم بيانه في الأجوبة التي مرت عليك.
قال (رحمه الله):
وأمّا ما مثّل به من البيت والسراج فهو مُنى، وقد قيل: إن المُنى رأس أموال المفاليس، ولكن نضرب مثلاً على الحقيقة، لا نميل فيه على خصم، ولا نحيف فيه على ضد، بل نقصد فيه الصواب، فنقول: كنّا ومن خالفنا قد أجمعنا على أن فلاناً مضى، وله ولدان، وله دار، وأن الدار يستحقها منهما من قدر على أن يحمل بإحدى يديه ألف رطل(163) وأن الدار لا تزال في يدي عقب الحامل إلى يوم القيامة، ونعلم أن أحدهما يحمِل، والآخر يعجز، ثم احتجنا أن نعلم من الحامل منهما، فقصدنا مكانهما لمعرفة ذلك، فعاق عنهما عائق، منع عن مشاهدتهما.
توضيح ما قال (رحمه الله):
وأمّا تمثيل ابن بشار بمثال البيت والسراج الذي انتهى من خلاله إلى تنصيب جعفر إماماً بعد شهادة الإمام العسكري (عليه السلام)، فهو أمانٍ لا أساس لها والأماني رأس مال كل مفلس.
والمثال الذي يمكن أن يقرّب الفكرة هو: لو فرضنا أن شخصاً مات وخلّف داراً، وله ولدان، والدار يستحقها من يتمكن من رفع ألف رطل بيدٍ واحدة، وعلمنا أن أحدهما حمل هذا الوزن والآخر من أولاد الماضي عجز عنه، ولكننا لا نعلم أياً منهما الذي حمل الرطل لوجود عائق عاقنا ومنعنا عن مشاهدة من حمل الرطل.
فماذا عسانا نفعل لنعرف الحامل للرطل؟
قال (رحمه الله):
غير أننا رأينا جماعات كثيرة في بلدان نائية متباعدة بعضها عن بعض يشهدون أنهم رأوا أن الأكبر منهما قد حَمَل ذلك، ووجدنا جماعة يسيرة في موضع واحدٍ يشهدون أن الأصغر منهما فَعَل ذلك، ولم نجد لهذه الجماعة خاصة(164) يأتوا بها، فلم يجز - في حكم النظر وحفيظة الإنصاف(165)، وما جرت به العادة وصحّت به التجربة - ردُّ شهادة تلك الجماعات(166)، وقبول شهادة هذه الجماعة(167)، والتهمة تلحق هؤلاء، وتبعد عن أولئك.
توضيح ما قال (رحمه الله):
وحتى نعرف حامل الثقل، بعد عدم إمكان مشاهدته، وجدنا طريقاً آخر لمعرفته يتمثل بنقل من شاهده ورآه أنه يحمل الثقل، وأن الحامل له هو الأكبر من أولاد صاحب البيت، والذين نقلوا ذلك جماعة كثيرة ومن بلدان مختلفة يمتنع أن يجتمعوا على اختلاق هذا الأمر ووضعه وتكذيبه، بينما رأينا من ينقل أن الولد الأصغر هو الذي حمل الثقل، جماعة خاصة قليلة مجتمعة في موضع واحد يجوز عليهم تلفيق ذلك وادعاءه، ولم يأتوا بشيء يميز قولهم ودليلاً يؤيد اختصاصهم بما ينقلون عن كون الولد الأصغر هو الحامل لهذا الثقل.
سيرة العقلاء والتجربة جرت وقامت على الأخذ بخبر الجماعة الأولى، ورد شهادة الجماعة الثانية، ونحن نفعل ذلك جرياً على عادة العقلاء وسيرتهم في هذا الأمر.
قال (رحمه الله):
فإن قال خصومنا(168): فما تقولون في شهادة سلمان وأبي ذر وعمار والمقداد لأمير المؤمنين (عليه السلام) وشهادة تلك الجماعات وأولئك الخلق لغيره، أيهما كان أصوب؟
قلنا لهم: لأمير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه أمور خُصَّ لها وخصُّوا بها دون من بإزائهم، فإن أوجدتمونا مثل ذلك، أو ما يقاربه لكم فأنتم المحقون:
الأول: إن أعداءه كانوا يقرون بفضله وطهارته وعلمه، وقد روينا ورووا له معنا أنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خبّر أن الله يوالي من يواليه، ويعادي من يعاديه، فوجب لهذا أن يتبع دون غيره.
توضيح ما قال (رحمه الله):
فإن نقض علينا خصومنا بما حاصله: أنكم اتبعتم أمير المؤمنين (عليه السلام) رغم أن الذين شهدوا له بالحقانية أقل بكثير ممن شهدوا لغيره، فما عدى مما بدا؟ أليس هذا تناقض؟ وما يجر إلى التناقض فهو باطل، وكذلك قولكم في إمامة الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه).
فإنا نجيبه بوجوه خمسة:
الوجه الأول: أن المائز بين الشهادة لأمير المؤمنين (عليه السلام) وبينها لجعفر أن أعداء أمير المؤمنين (عليه السلام) كانوا يقرون بفضله ورووا في ذلك الروايات التي لا يسع تكذيبها والتي تدل على لزوم اتباعه على الأمة كحديث الولاية، فيما لم يرو ذلك في جعفر، فهذه خصوصية تفرز ضرورة اتباع شهادة الأقل، وهي غير موجودة فيما يتعلق بجعفر.
قال (رحمه الله):
والثاني: إن أعداءه لم يقولوا له: نحن نشهد أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أشار إلى فلان بالإمامة، ونصبه حجة للخلق، وإنما نصبوه لهم على جهة الاختيار، كما قد بلغك.
والثالث: أن أعداءه كانوا يشهدون على أحد أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه لا يكذب، لقوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «ما أظلت الخضراء ولا أقلَّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر»(169)، فكانت شهادته وحده أفضل من شهادتهم.
والرابع: أن أعداءه قد نقلوا ما نقله أولياؤه مما تجب به الحجة وذهبوا عنه بفساد التأويل.
توضيح ما قال (رحمه الله):
الوجه الثاني: أن المخالفين لأمير المؤمنين (عليه السلام) بعد إذعانهم بفضله وولايته لم يدّعوا لمن نصبوه بالإمامة بدلاً عنه (عليه السلام) أنه حجة بنص عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإنما هو تنصيب جاء باختيارهم ورأيهم لا بإرادة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ونصّه عليه، والأخبار بذلك قد قرعت سمعك وبلغت.
الوجه الثالث: أن أعداء أمير المؤمنين (عليه السلام) رووا في أحد من شهد له بالإمامة أنه لا يصدر منه الكذب قط وأنه لا يوجد أصدق منه مشى على الأرض - باستثناء المعصومين (عليهم السلام) - فشهادة واحدٍ من مثله تكفي، بل هي أفضل من شهادتهم جميعاً.
الوجه الرابع: أن الذي دفع أعداءه لإنكار إمامته ليس إنكاراً منهم للنص وصدوره من النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بل ذهبوا لذلك لفساد تأويل النص واتباع الهوى والانحياز إلى الدنيا.
قال (رحمه الله):
والخامس: أن أعداءه رووا في الحسن والحسين أنهما سيّدا شباب أهل الجنة(170)، ورووا أيضاً أنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: «من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار»(171)، فلمّا شهدا لأبيهما بذلك، وصح أنهما من أهل الجنة بشهادة الرسول وجب تصديقهما، لأنهما لو كذبا في هذا لم يكونا من أهل الجنة، وكانا من أهل النار، وحاشا لهما الزكيَّين الطيبين الصادقين.
فليوجدنا أصحاب جعفر خاصّةً هي لهم دون خصومهم، حتى يُقبل ذلك منهم.
توضيح ما قال (رحمه الله):
الوجه الخامس: أن إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) شهد بها الحسن والحسين (عليهما السلام) سيدا شباب أهل الجنة بنص رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المتفق عليه، وهما لا يصدر منهما الكذب لأنهما سيدا شباب أهل الجنة، فهما صادقان فيما شهدا به.
فهل يوجد في من يدّعي أن الإمامة في جعفر مثلهما شهدوا له بإمامته؟ وهل روى الشيعة روايات يمنع التواطؤ على كذبها فيه؟ فإن كان كذلك فليرونا هذه المميّزات في رواتهم ورواياتهم.
قال (رحمه الله):
وإلّا فلا معنى لترك خبر متواتر، لا تهمة في نقله، ولا على ناقليه، وقبول خبر لا يؤمَن على ناقليه تهمة التواطؤ عليه، ولا خاصة معهم يثبتون بها، ولن يفعل ذلك إلّا تائه حيران.
فتأمل - أسعدك الله - في النظر فيما كتبتُ به إليك مما يَنظر به الناظر لدينه، المفكر في معاده، المتأمل بعين الخيفة والحذار إلى عواقب الكفر والجحود موفقاً إن شاء الله تعالى، أطال الله بقاءك، وأعزك، وأيدك، وثبتك، وجعلك من أهل الحق، وهداك له، وأعاذك من أن تكون من الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ومن الذين يستزلهم الشيطان بخُدَعِهِ وغروره، وإملائه، وتسويله، وأجرى لك أجمل ما عوَّدك. انتهى
توضيح ما قال (رحمه الله):
كيف يطلب منا ابن بشار وجماعته أن نتبع جعفراً بدلاً من الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه)، وفي طلبهم هذا اتباع للظن مقابل الخبر المتواتر الذي لا تهمة في ناقليه؟ ونحن ندعو لابن بشار وجماعته بالهداية وأن يكون من أهل الحق، وينصف نفسه وأتباعه.
انتهى التوضيح.
أقول: هذا ولم يبق من أتباع جعفر بعد زمان قليل أحد يقول بإمامته، قال الشيخ المفيد(172): (وليس من هؤلاء الفِرَق التي ذكرناها فرقة موجودة في زماننا هذا وهو سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة إلّا الإمامة الاثنا عشرية القائلة بإمامة ابن الحسن (عليه السلام) المسمى باسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) القاطعة على حياته... ومن سواهم منقرضون...).
اللهم بحق الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه الطاهرين ثبتنا على ولايتهم ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا.
الهوامش:
(1) رجال النجاشي: رقم667، ص254.
(2) رجال النجاشي: رقم741، ص280، وقيل اسمه عبيس.
(3) رجال النجاشي: رقم1023، ص375.
(4) الفهرست: ص207.
(5) الفهرست لابن النديم: ص225.
(6) وسائل الشيعة: ج3، ص476.
(7) معجم رجال السيد الخوئي: رقم10331.
(8) الفهرست - الشيخ الطوسي: ص208، رقم597.
(9) معجم رجال الحديث السيد الخوئي: رقم 10329.
(10) أعيان الشيعة: ج1، ص130.
(11) أعيان الشيعة: ج1، ص130.
(12) فهرست ابن النديم: ص319.
(13) سير أعلام النبلاء - الذهبي: ج14، ص313، ترجمة تحت عنوان الكعبي - الطبقة السابعة عشر.
(14) بحوث في الملل والنحل - السبحاني: ج3، ص288.
(15) المصدر السابق.
(16) شرح نهج البلاغة: ج1، ص206.
(17) رجال النجاشي - الشيخ النجاشي: ص63.
(18) المصدر السابق: ص375.
(19) الفهرست - الشيخ الطوسي: ص104.
(20) أعيان الشيعة: ج9، ص380.
(21) وهذا يفسر عبارته التي تقدمت (مات أوائل المئة الرابعة).
(22) وأنا أكتب هذا التوضيح صادفني كتاب: المتبقي من تراث ابن قبة الرازي، أعدَّه وحققه الشيخ حيدر البياتي وطبعه مركز إحياء التراث التابع للعتبة العباسية المقدسة، وهو جهد رائع ومثمَّن جزاهم الله تعالى خيراً عليه حيث جمعوا المتناثر من مصنفات هذه الشخصية العظيمة في كتاب واحد.
(23) كمال الدين: ص60 و94.
(24) معجم رجال الحديث: ج12، ص273، رقم 7895.
(25) المتبقي من تراث ابن قبة نقلاً عن مكتب (در فرايند تكامل) للسيد حسين المدرسي.
(26) مستدركات علم رجال الحديث: ج7، ص164، تحت الرقم 13666.
(27) ضيافة الإخوان وهدية الخلان - آقا رضي القزويني: ص66.
(28) المصدر السابق: ص234.
(29) المصدر السابق: ص308.
(30) رجال النجاشي: ص310، تحت الرقم 848.
(31) خلاصة الأقوال: ص387.
(32) معجم رجال الحديث - السيد الخوئي (قدّس سرّه): ج14، ص258، رقم9311.
(33) أعيان الشيعة: ج14، ص291.
(34) كمال الدين: ص347.
(35) المصدر السابق: ص459.
(36) المصدر السابق: ص507.
(37) المصدر السابق: ص68.
(38) فرق الشيعة: ص97؛ والفصول المختارة: ص318.
(39) كمال الدين: ص79، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري.
(40) تقدمت ترجمته.
(41) غيبة الإمام المهدي الحجة بن الحسن (عجَّل الله فرجه)، في المحور الأول الرقم 2.
(42) من هنا جاءت تسمية هذه الرسالة.
(43) تقدمت ترجمته في المحور الأول في الرقم 1.
(44) على الطائفة الإمامية الاثنا عشرية التي ثبتت على إمامة الإمام الحجة بن الحسن (عجَّل الله فرجه).
(45) في الغيبة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه).
(46) لم نعثر على كتاب ابن بشار، ولعل المقصود به الرسالة التي تضمنها رد ابن قبة ولعله كان موجوداً وانقرض.
(47) إنية - وجود.
(48) قال في مقاييس اللغة: ج4، ص351: العطف - الانحناء والانثناء، الرجل يعطف الوسادة يثنيها.
(49) قال في مقاييس اللغة: ج4، ص397: (غنى): الغين والنون والحرف المعتل أصلان صحيحان أحدهما يدل على الكفاية والآخر صون... يقال لا يغني فلان عن فلان أي لا يكفي كفايته.
(50) قال في مقاييس اللغة: ج3، ص95: السين واللام والفاء أصل يدل على تقدم وسبق، من ذلك السلف الذين مضوا.
(51) قال في مقاييس اللغة: ج1، ص401: التثبيتة الدوام على الشيء.
(52) قال في العين: ج4، ص134: باب الخاء والصاد... والخاصة الذي اختصصته لنفسك.
(53) قال في العين: ج3، ص18: الحط الحدر من العلو؛ وقال في لسان العرب: ج7، ص272: الحط والوضع، والحطيط الصغير.
(54) قال في لسان العرب: ج9، ص331: أنصف النهار أي انتصف وكل شيء بلغ نصف غيره فقد نصفه.
(55) قال في تاج العروس: ج11، ص452: منسوب إلى المدعة... كأنه فارغ مما يدعيه، خال منه.
(56) يقصد بالقوم: الذين يعتقدون بإمامة الحجة بن الحسن (عليهما السلام).
(57) قال في لسان العرب: ج12، ص295؛ التسليم بذل الرضا بالحكم.
(58) أي نطلب فقط إثبات وجود الحجة بن الحسن (عجَّل الله فرجه).
(59) قال في العين: ج1، ص215: أعجزني فلان إذا عجزت عن طلبه وإدراكه، وعجز يعجز عجزاً فهو عاجز ضعيف.
(60) تقدم أن معنى الحط والانحطاط هو الانحدار.
(61) يريد بها كان الناقصة إذ قال قبلها لابد من وجوده أي أصل وجود ابن الحسن (عجَّل الله فرجه)، ثم قال فضلاً عن كونه، أي عن كونه إماماً وحجة لله تعالى.
(62) أي لابد من وجود إمامٍ قائم من أهل البيت (عليهم السلام) تجب به حجة، وسيأتي بيانه في رد الشيخ ابن قبة (رحمه الله) عليه.
(63) تقدمت ترجمته في المحور الأول، ولعل هذا القول منه أوائل الغيبة، فإن بعضاً ممن وقعت بهم الحيرة عند الغيبة ذهبوا صوب جعفر، إلّا أنهم رجعوا عما هم عليه بعد تكشف الأمر وبيان وجه الحق.
(64) وهذا قول الفرقة التي قالت بإمامة جعفر بعد شهادة الإمام العسكري (عليه السلام) راجع الفصول المختارة ص317، قال الشيخ أيده الله: (... وقال نفر من الجماعة شذوا أيضاً عن الأصل أن الإمام... أخوه جعفر بن علي وزعموا أن أباه - الهادي (عليه السلام) - نص عليه بعد مضي محمد وأنه القائم بعده).
(65) القائلون بأن الإمام هو ابن الحسن (عجَّل الله فرجه).
(66) أي لابدية أن يعتقدوا بابن الحسن (عجَّل الله فرجه) إماماً مع أنه ليس بموجود وظاهر، فمن أجل هذا وصفهم باللابدية.
(67) ليس التامة هي التي تنفي الوجود عن الشيء.
(68) قال في معجم مقاييس اللغة: ج6، ص110: وسمت الشيء وسماً أثرت فيه بسمة.
(69) أي ابن بشار، ومن يرى الأمر في جعفر.
(70) قال في القاموس المحيط، ج1، ص276: البد بالضم: الصنم والجمع أبداد.
(71) أي لهم صنم يعكفون عليه ويعبدونه.
(72) وهو كتاب ابن بشار الذي رده الشيخ أبو جعفر ابن قبة (رحمه الله)، وهو محل كلامنا.
(73) وهو الإجماع على إمامة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
(74) بيت الإمام الهادي (عليه السلام).
(75) ضرورة وجود إمام من هذا البيت - بيت الإمام الهادي العسكري (عليه السلام).
(76) دار الإمام الهادي (عليه السلام).
(77) وهو بيت جعفر بن الإمام الهادي (عليه السلام) حيث إنه الوحيد الموجود والمشاهد، حسب دعواه.
(78) كمال الدين: ص81.
(79) قال في الفروق اللغوية، ص222: الإسراف مجاوزة الحد في الشيء.
(80) قال في لسان العرب: ج11، ص573، التقوّل كثرة الكلام.
(81) قال في العين: ج5، ص232: قيم القوم، من يسوس أمرهم ويقومهم.
(82) قال في لسان العرب، ج5، ص261: ادعيت الشيء زعمته لي.
(83) قال في الفروق اللغوية، ص108: البرهان إظهار صحة المعنى وإفساد نقيضه.
(84) قال في العين، ج4، ص37: الظهور: بدو الشيء الخفي، أظهرنا عليه أي اطلعنا.
(85) قال في معجم مقاييس اللغة، ج2، ص293: أصله يدل على مقاربة الشيء ومداناته.
(86) قال في العين، ج5، ص363: ركاب السفينة الذين يركبونها، ... والركوب اسم ما يركب.
(87) يصير قال في لسان العرب، ج8، ص477: صار الأمر إلى كذا يصير صيراً، والمصير الموضع الذي تصير إليه المياه.
(88) قال في العين، ج1، ص271: عرضت الجند عرض العين أي أمررتهم عليّ لأنظر ما حالهم ومن غاب منهم.
(89) قال في معجم مقاييس اللغة، ج2، ص121: تحرك في دور، وأحولت أنا بالمكان أي أقمت به حولاً.
(90) قال في العين، ج8، ص291: الروم طلب الشيء، رام يروم روماً ومراماً، طلب.
(91) قال في الصحاح، ج1، ص232: وجب الشيء أي لزم، يجب وجوباً أوجبه الله أي استحقه.
(92) قال في معجم مقاييس اللغة، ج6، ص88: الواو والجيم والهاء أصل واحد يدل على مقابلة لشيء، والوجه مستقبل لكل شيء.
(93) قال في العين، ج1، ص209: الطاعة اسم لما يكون مصدره الإطاعة وهو الانقياد.
(94) قال في لسان العرب، ج4، ص483: الاضطرار الاحتياج إلى الشيء، وقد اضطر إلى الشيء أي أُلجئ إليه.
(95) قال في لسان العرب، ج14، ص217: إذا قلت نظرت في الأمر: تفكراً فيه وتدبراً.
(96) قال في معجم مقاييس اللغة، ج4، ص135: يقال عَنِدَ فلان عن الأمر إذا حاد عنه.
(97) قال في لسان العرب، ج11، ص16: الأصل: أسفل كل شيء وجمعه أصول، استأصلت هذه الشجرة أي ثبت أصلها.
(98) قال في العين، ج2، ص126: الفرع هو أعلى الشيء وجمعه فروع.
(99) قال في العين، ج3، ص72: الجحود ضد الإقرار.
(100) قال في معجم مقاييس اللغة، ج3، ص195: الشين والغين واللام أصل واحد يدل على خلاف الفراغ تقول: شغلت عنك بكذا.
(101) قال في لسان العرب، ج4، ص483: الضرورة كالضرة، والاضطرار الاحتياج إلى الشيء وقد اضطره إليه أمر.
(102) قال في مجمع البحرين، ج1، ص134: آل أصله أهل، قولهم آلت المضربة إلى النفس، أي رجعت.
(103) قال في العين، ج4، ص107: بمعنى البعد والشيء الذي لا يرجى.
(104) قال في الصحاح، ج4، ص1369: الزخرف الذهب، ثم يشبه به كل مموه مزور.
(105) قال في الصحاح، ج3، ص1200: الجميع ضد المتفرقة، يقال جاءوا جميعاً أي كلهم.
(106) قال في الصحاح، ج2، ص738: واعتذر بمعنى أعذر: أي صار ذا عذر.
(107) قال في معجم مقاييس اللغة، ج5، ص245: أصل واحد صحيح يدل على مصاحبة الشيء بالشيء دائماً.
(108) قال في معجم مقاييس اللغة، ج5، ص377: النأي البعد.
(109) قال في الصحاح، ج2، ص494: المشاهدة المعاينة، قوم شهود أي حضور.
(110) قال في الصحاح، ج1، ص185: عقب فلان مكان أبيه عاقبة، أي خلفه.
(111) قال في لسان العرب، ج5، ص237: على معنى ما ظهرت وارتفعت.
(112) قال في لسان العرب، ج11، ص674: تحويل الشيء من موضع إلى موضع، التنقل التحول.
(113) قال في الفروق اللغوية، ص263: والتهمة الخصلة من المكروه تُظن بالإنسان أو تقال فيه.
(114) قال في تاج العروس، ج1، ص279: المتواطئ المتوافق.
(115) قال في الصحاح، ج3، ص1035: تخرص أي كذب.
(116) قال في العين، ج3، ص123: الفحص شدة الطلب.
(117) قال في العين، ج5، ص127: الفرق طائفة من الناس، والفريق من الناس أكثر من الفرق.
(118) قال في العين، ج1، ص364: زعم: إذا شك في قوله.
(119) المعني به هنا الإمام الهادي (عليه السلام).
(120) قال في لسان العرب: ج14، ص355: يسيرة قليلة.
(121) قال في لسان العرب: ج15، ص254: تلاقوا بمعنى جلس تلقاءه أي حذاءه.
(122) قال في الصحاح: ج6، ص2236: الشبهة: الالتباس.
(123) قال في مجمع البحرين: ج1، ص636: تخرص أي كذب.
(124) الجعفرية: فرقة تقول إن الإمامة في جعفر، وقد انقرضت، راجع الفصول المختارة: ص318.
(125) تقدمت ترجمته في المحور الأول - النقطة 6.
(126) حادث استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
(127) الغيبة - الشيخ النعماني: ص183؛ وينظر أيضاً كمال الدين: ص143، وغيرهما.
(128) قال في العين: ج8، ص307: ورأيت بعيني رؤية: أي حيث يقع البصر عليه.
(129) قال في لسان العرب: ج1، ص32: تبرأت من كذا وأنا براء منه (خلاء) برئ منه وخلي منه.
(130) قال في معجم مقاييس اللغة: ج5، ص331، مضى، الميم والضاد والحرف المعتل أصل صحيح يدل على نفاذ ومرور.
(131) وهو ابن أبي غانم، تقدمت ترجمته.
(132) وهو أبو الحسن بن بشار، وتقدمت ترجمته أيضاً.
(133) وهو الشيخ محمد بن عبد الرحمن ابن قبة صاحب الكتاب، وتقدمت ترجمته أيضاً.
(134) قال في الصحاح: ج2، ص547: وأوجده الله مطلوبه، أي أظفره به.
(135) قال في العين: ج4، ص46: الهرب الفرار.
(136) أقرّ أي أثبت على نفسه، قال في ترتيب إصلاح المنطق: ص51، تقر إقراراً إذا ثبت حملها، وقد قرّ يقرّ قراراً إذا سكن.
(137) قال في مجمع البحرين: ج4، ص446، قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ﴾، أي باتباع أهوائهم.
(138) تقدم معناه.
(139) تقدم معناه، ويشرح.
(140) ابن بشار.
(141) تقدم بيان معناه وشرحه.
(142) ابن بشار.
(143) غار جبل ثور.
(144) وهم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأبو بكر وعبد الله بن أريقط الليثي، وعامر بن فهيرة وأسماء بنت أبي بكر، راجع كمال الدين: ص84؛ وكذلك البداية والنهاية: ج3، ص238.
(145) قال في الصحاح: ج1، ص196: الغيب كل ما غاب عنك تقول غاب عنه غيبة وغيباً وغياباً ومغيباً.
(146) قال في العين: ج4، ص37: الظهور بدو الشيء الخفي، والظفر بالشيء والاطلاع عليه، والظهر فيما غاب عنك.
(147) تعريض بابن بشار بمعنى أنه لا يدري ما يقول، وهو مثل للعرب، قاله في العين: ج8، ص33.
(148) تحصل.
(149) بينوا لهم ما هي وظيفتهم في غيبته.
(150) إن أشكلت علينا أن ولادته أيضاً لا نعلم بها، أجبناك أنها تشبه ولادة موسى (عليه السلام).
(151) كمال الدين للشيخ الصدوق: ص57.
(152) تقدم بيانه.
(153) بلا تفصيل وتمييز بين ما تقوله وما سنقوله.
(154) قال في العين: ج5، ص392: رجل زكي تقي وصالح وطاهر.
(155) قال في العين: ج5، ص190: شاع الشيء يشيع مشاعاً وشيوعه فهو شائع إذا ظهر.
(156) قال في الصحاح: ج5، ص817: المصر واحد الأمصار، والمصران: الكوفة والبصرة.
(157) قال في الصحاح: ج6، ص2169: استعنت بفلان فأعانني وعاونني، الظهير على الأمر والجمع الأعوان.
(158) وهي السيدة الجليلة حديثة وقيل سمانة وسوسن وسليل كما سميت بالجدة والقصة التي رواها الشيخ الصدوق في كمال الدين ص507 عن أحمد بن إبراهيم وحديثة مع السيدة حكيمة وإشارتها بالرجوع إلى السيدة حديثة - الجدة - بعد الغيبة وتشبيهها بالسيدة زينب (عليها السلام) تكشف عن عظيم مقامها، وقد روي في فضلها العديد من الأخبار.
(159) مات محمد بن الإمام الهادي قبل موت الإمام الهادي (عليه السلام)، وقد تقدمت ترجمته.
(160) تقدمت ترجمته.
(161) قال في العين: ج8، ص376، الفناء نقيض البقاء، والفعل فنى يفني فناء فهو فانٍ.
(162) بيت الإمام العسكري (عليه السلام).
(163) يختلف حساب الرطل بالقياس إلى الكيلو لاختلاف حساب الرطل حسب المناطق، ولكن المعروف أن الرطل الواحد يساوي عالمياً (0.453) من الكيلو.
(164) قرينة خاصة وميزة تميز دعواهم عن دعوى غيرهم.
(165) من يراعي الإنصاف ونحن نراعيه لا كما ادّعاه ابن بشار وحاد عنه.
(166) التي روت الأخبار المتواترة مع كون الذي بعد الإمام الهادي هو العسكري وولده (عليهم السلام).
(167) جماعة ابن بشار القليلة المتحدة زماناً وفكرة المتواطئة على الكذب.
(168) جماعة ابن بشار.
(169) علل الشرائع: ص223.
(170) قرب الإسناد: ص111.
(171) الكافي: ج1، ص62.
(172) الفصول المختارة: ص321.