السفير الثاني للإمام المهدي (عليه السلام)
محمد بن عثمان العمري
الشيخ ضياء الدين الخزرجي
المبحث الأول: محمد بن عثمان العمري في الميزان
المبحث الثاني: محمد بن عثمان العمري والأوضاع السياسية والفكرية والاجتماعية فترة سفارته
المبحث الثالث: محمد بن عثمان العمري ومدعو السفارة الكاذبة
المبحث الرابع: التراث الذي خلفه محمد بن عثمان بن سعيد العمري للأمة الإسلامية
المبحث الخامس: المعجزات التي ظهرت من الإمام المهدي (عليه السلام) على يدي محمد بن عثمان بن سعيد العمري
المبحث السادس: وفاة محمد بن عثمان العمري
المبحث الأول: محمد بن عثمان العمري في الميزان
ثم ابن عثمان وكيل عمري * * * وفاته قدر صحيح الخبر
وثاني السفراء قد أوصى إلى * * * حسين بن روح حيث ما ابتلا(١)
وهو محمد بن عثمان بن سعيد العمري، كنيته أبو جعفر، ويلقّب بالعمري والعسكري والأسدي والسمّان، أثنى عليه المخالف والموافق؛ فقد ذكر الجهضمي برواية رجال المذاهب الأربعة حال السفراء وكذا اسمه وأنه كان وكيلاً للإمام المهدي (عليه السلام) وامره أشهر من أن يحتاج إلى الإطالة(٢)، وأخرج الكيدري توقيعاً خرج من صاحب الزمان (عليه السلام) للعمري-أبي جعفر- وفيه وصايا أوجبت عليه الثبوت على إمامته(٣)، وقال ابن الأثير بعد ترجمة: إنه رئيس الإمامية والباب إلى المنتظر، وأوصى إلى أبي القاسم بن روح(٤)؛ وقال مثله في المختصر لأبي الفداء(٥)، والمسعودي في إثبات الوصية، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة.
أما علماء الشيعة فقد أجمعوا عليه، وتقدم ذكر عبارات القدماء في حق السفراء وهو من بينهم؛ قال المفيد: إنه من أصحاب الإمام العسكري (عليه السلام)، وممن شاهد الخلف في حياته، وكان من أصحابه وخاصته بعد وفاته؛ وكان أهل عقل وأمانة، وثقة ظاهرة ودراية، وفهم وتحصيل ونباهة، وكانت أخبار المهدي (عليه السلام) واصلة من جهته مدة من الزمن إلى الشيعة، وهو ممن يوثق بقوله ويرجع إليه لدينه وأمانته، وممن اختص به من الدين والنزاهة(٦) وقال الطوسي: بأنه وكيل من جهة الصاحب؛ وله منزلة جليلة عند الطائفة(٧) وأما الطبرسي فإن عدّه من الأبواب المرضيين والسفراء الممدوحين في زمان الغيبة، فقام مقام أبيه، وناب منابه في جميع ذلك، ولم يقم في أمر السفارة إلاّ بنص من قبل صاحب الزمان (عليه السلام) عليه، ولم تقبل الشيعة قوله الا بعد أن ظهرت آية معجزة على يديه من قبل صاحب الأمر، تدل على صدق مقالته وصحّة بابيّته، وقال الأردبيلي: بأنه مما لا تختلف الإمامية القائلون بإمامة الحسن بن علي (عليه السلام) فيه، وقال العلامة الحلي: الأسدي ابو جعفر، وكيل في خدمة صاحب الزمان (عليه السلام) وله منزلة جليلة عند هذه الطائفة.
أما علماؤنا المتأخرون فقد أثنوا عليه وبالغوا في مدحه، قال السيد حسن الصدر: إنه من ولد عمار بن ياسر، وإنه من أوليائه الصالحين وعباده المخلصين، عالم بالله وبأحكامه، تشرق عليه أنوار الملكوت، جالس على كرسي الاستقامة، لا نظير له في عصر العلوم والمعارف؛ وإنه حجة المولى على الشيعة، وعلى يده ظهرت الكرامات(٨)، وقال عنه القمي: إنه باب الهادي (عليه السلام) ووكيل الناحية المقدسة (عليه السلام) في خمسين عاماً؛ الذي ظهر على يده من طرف المأمول المنتظر (عليه السلام) معاجز كثيرة، وفضائله أشهر من أن تذكر(٩)، أما المامقاني فقد قال: إن جلالة شأن هذا الرجل وعلو قدره ومنزلته في الإمامية أشهر من ان يحتاج إلى بيان وإقامة برهان، وقد مرّ في أبيه ما ينص على وكالته حتى في حياة أبيه عن مولانا العسكري (عليه السلام) وسفارته عن الحجة (عجل الله فرجه): ووثاقته وأمانته وعدالته وإجماع الشيعة على ذلك(١٠)، وقال السيد الخوئي أيضاً: بأن الروايات في جلالة وعظمة مقامه متضافرة(١١).
أما منزلته في الأمة الإسلامية:
فقد نجح محمد بن عثمان العمري في تحصيل اعتماد الأمة الاسلامية، وحصل على مرتبة جليلة بين علمائنا وفصائلها؛ قال هبة الله نقلاً عن شيوخه وعلماء الأئمة: بأنهم مجتمعون على عدالته ووثائقه وأمانته، لما تقدم من النص عليه بالأمانة والعدالة(١٢)، ولا يعرفون في هذا الأمر غيره، ولا يرجعون إلى أحد سواه(١٣)، بل لا يختلف في عدالته، ولا يرتاب بأمانته(١٤)، وكان هذا السفير يخرج لهم التوقيعات من الإمام (عليه السلام) بنفس الخط الذي كان يخرج في حياة الحسن (عليه السلام) بالمهمات في أمر الدين والدنيا، وفيما يسألونه من المسائل بالأجوبة العجيبة(١٥)، وكان كأبيه يستلم الأموال الضخمة التي تأتيه من الأقطار الإسلامية(١٦)، وهو دليل على تسالم الأمة الإسلامية عليه، وعظمته وجلالته فيها، لا كما تزعم بعض الأفكار المشبوهة، لقد دعاه هذا الأمر وهو وصول تلك الأموال التي لا تحصل إلاّ للملوك والأُمراء إلى أن يُعيّن له عشرة أنفس من ثقاته في بغداد ليسهموا معه في أمر السفارة(١٧) وكان من بينهم الحسين بن روح النوبختي الذي عيّنه العمري قائماً على أملاكه وضبطها(١٨)؛ والبلالي وحاجز العطار وغيرهم على قبض الأنفال والأخماس(١٩) والشلمغاني على اخراج التوقيعات من قبله(٢٠) والحسين بن علي الأسود على الوقوفات(٢١) كل ذلك ليتم عبر خطة مبرمجة وأسلوب منتظم، وليتم ذلك الأمر في غاية السرية والكتمان؛ والحذر الشديد من مغبة الوقوع في مخالب السلطات.
وقد كانت الأموال تُسلّم إليه بطريق غامض ومغلّف بالسرية، وذلك بدلالة السفير نفسه، فقد روى الطوسي: وصول مبلغ ستة عشر ألف دينار من أهالي دينور، سلّمها الدينوري لوكيل الإمام (عليه السلام) بدلالة الوصف(٢٢)، فكان منهم من يطالب بالوصولات من السفير، ومنهم ممن لا يطالبه، ومنهم ممن لا يُسلّمه شيئاً الا بعد معرفة كرامة أو معجزة من الإمام (عليه السلام) تظهر على يديه وكان يتم تسليم الوصولات لأرباب الأموال لفترة قصيرة نسبياً وهي فترة خلافة المعتضد العباسي علم ٣٧٩هـ، أي بعد تسعة عشر عاماً من بدايتها، ثم انقطع التسليم، فقد روى الطوسي بإسناده عن المندائي قال: كلن من رسمي اذا حملت المال في يدي إلى الشيخ محمد بن عثمان العمري أن أقول له ما لم يكن أحد يستقبله بمله: هذا المال ومبلغه كذا وكذا للإمام (عليه السلام)، فيقول لي: نعم دعه فأرجعه، فأقول له مرة أُخرى: تقول لي: إنه الإمام؟! فيقول: نعم للإمام (عليه السلام) فيقبضه(٢٣)، ثم يسلم الوصول به(٢٤)، وبعد مضي فترة من سفارته طولب وكيله ابن روح النوبختي بدفع الوصولات، فشكا ذلك إلى ابو جعفر العمري، فأمر أصحابه أن لا يطالبوه بالقبوضات، وقال: كل ما وصل إلى ابي القاسم فقد وصل إلى ابي القاسم إلّي، فصارت تحمّل إليه الأموال، ولا يطالب بالقبوض(٢٥)، بسبب صعوبة الوقت أيام المعتضد حيث كان السيف يقطر دماً(٢٦)، وكانت تلك الفترة مليئة بالظلم وسفك الدماء(٢٧) كما سيأتي بيانه، فكان أبو جعفر العمري يسافر بين الحين والحين وهو زي التجار للتغطية على أمره، وكان يستلم الأموال بصفته تاجراً لا بصفته سفيراً، ويقول للرجل: امض إلى موضع كذا فسلّم ما معك، من دون أن يشعر بشيء، ولا يدفع إليه كتاباً لئلا تطلع عليه السلطات(٢٨)، وكان الإمام المهدي حريصاً على مطالبته بالأموال والأخماس والزكوات والأنفال التي تصل إلى سفيره ووكلائه في الأقطار الاسلامية، ولا يجوز لهم التخلف أو التقصير؛ فقد خرج توقيعاً منه (عليه السلام) ابتداءً من غير مسألة لسفيره، محمد بن عثمان العمري قائلاً: بسم الله الرحمن الرحيم، لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من استحل من أموالنا درهماً(٢٩)، وجاء في توقيع آخر: وأما المتلبسون بأموالنا، فمن استحل شيئاً فإنما يأكل النيران(٣٠).
وفي توقيعٍ ثالث: وأما سُئلت عنه في أمر من يستحيل ما في يده من أموالنا ويتصرف في ماله من أمرنا، فمن فعل ذلك هو ملعون، ونحن خصماؤه يوم القيامة، وقد قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): المستحيل من عترتي ما حرّم الله ملعون على لساني ولسان كل نبي مجاب، فمن ظلمنا، وكان في جملة الظالمين لنا، وكانت لعنة الله عليه قوله عزّ وجل: ﴿أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾(٣١).
أما منزلته عد الامام الهادي (عليه السلام):
لق ذكرنا أن الامام الهادي (عليه السلام) كان قد طبق على نفسه سياسة الاحتجاب الا عن عدد يسير من خواصه(٣٢)، حتى تألف الأمة الأسلوب لا يتنكر الغيبة، وتجري العادة بالاحتجاب والاستتار(٣٣). وكل هذه الأساليب التي استخدمها الامام (عليه السلام) انما كان بسبب المضايقات وحملات التفتيش والملاحقة لأنصار الإمام (عليه السلام) من قبل السلطات الحاكمة التي كانت تستخدم شتى الأساليب كما فعل الخلفاء من قبل السلطات الحاكمة التي كانت تستخدم شتى الأساليب كما فعل الخلفاء من قبل ضد الأئمة وأنصارهم ومؤيديهم.
فقد ذكر الطوسي: بأنه لم تلقَ فرقة وبلي أهل مذهب بما بليت به الشيعة من التتبع والقصد وظهور كلمة اهل الخلاف، حتى أننا لا نكاد نعرف زماناً تقدم سلمت فيه الشيعة من الخوف ولزوم التقية، ولا حالاً عريت فيه من قصد السلطان وعصبيته وميله وانحرافه(٣٤). وأكد أحمد أمين المصري هذا المعنى بقوله: إن التقية عند الشيعة جزء مكمل لتعاليمهم تواصوا به، وعدوه مبدءاً أساسياً من حياتهم(٣٥)، وكان هذا هو السبب في أن يشكل تاريخ أهل السنة وتراجمهم وأحاديثهم القسم الأعظم من تاريخنا الإسلامي دون التاريخ الشيعي الأمامي؛ الذي كان يعاني من ظلم الحكام وجورهم؛ فحدث لهم مما لم يحدث الا في حروب التتار والمغول والصليبيين ولم ينج من بطش الخلفاء حتى ممن لم يكونوا على مذهب الشيعة بسبب روايتهم حديثاً عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) من الأئمة (عليهم السلام)!! فمثلاً يضرب نصر بن علي الجهضمي ألف سوط لأنه حدّث بحديث عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في الحسن والحسين قوله: (من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة)؛ فكلّم جعفر بن عبد الواحد الخليفة المتوكل العباسي: بأن نصراً لم يكن شيعياً وإنما هو من أهل السنة، فضرب خمسمائة سوط وعفي عن الباقي(٣٦).
وهكذا ايضا يضرب مالك _مؤسس المذهب المالكي في عصر الصادق (عليه السلام)_ بسياط المنصور بعد معرفة نوايا الخليفة من معارضة مذهب الامامية فقال: لا تفعل اما هذا الصقع فقد كفيته، واما الشام ففيه الرجل الذي علمته _اي الاوزاعي_ واما اهل العراق فهم اهل العراق(٣٧). ولم يستثن اصحاب الائمة عن اساليب الحكام وتعسفهم؛ حتى اخذت تطاردهم، وبثت الجواسيس حولهم لاقتناص اخبارهم؛ وتعذيبهم بألوان العذاب وزجهم في السجون، وبقي الإمام المهدي (عليه السلام) وأصحابه يقفون أمام تيارات الانحراف القائمة في السلطة والأمة؛ ومواجهة الإلحاد.
فقد حدثنا التاريخ أن أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) وهو في سياسة الاحتجاب التي فرضها على نفسه كانوا قد بلغوا المائة والثمانين رجلاً(٣٨).
وهذا عدداً ضخماً بالنسبة للأوضاع التي كان يعيشها الإمام الهادي (عليه السلام) آنذاك؛ وقد اعتمد الإمام (عليه السلام) على محمد بن عثمان العمري في أموره ونهضته الإصلاحية؛ فقرّبه إليه وجعله باباً له في علومه وغوامض أسراره(٣٩)، وشارك أباه في مواجهة الانحراف(٤٠)، وصار وكيلاً خاصاً للإمام الهادي (عليه السلام) لما امتلكه من أمانة ودراية وفهم(٤١).
أما منزلته عند الإمام العسكري (عليه السلام):
لقد أفضى الأمر بالإمام العسكري (عليه السلام) بأن يتكلم من وراء الستار مع الخواص وغيرهم إلّا في الأوقات التي يركب فيها إلى دار السلطان(٤٢).
وقد قام الإمام بتقليص عدد أصحابه لخضوعه للرقابة الشديدة من قبل السلطات(٤٣).
وأن يكثف في اختفائه عن الساحة السياسية والاجتماعية؛ فقد كان المجتمع خليطاً غير متجانس من الإنسان المتسافل روحياً، والمشدود إلى مصالحه وخدمة ذاته والسير وراء رغباته وميوله؛ والمنحرف عن التعاليم الإسلامية بلا فرق بين طبقة وأخرى ولون وآخر، مستثنين في ذلك قادة الفكر والحركة الإصلاحية والنموذج الرسالي الواعي.
وبدأ محمد بن عثمان العمري تلك النهضة مع إمامه (عليه السلام)؛ فأوكل له (عليه السلام) مهمة البابية عنه(٤٤). وجعله مطلعاً على أخباره وأسراره، والقيام بنقل نداءاته وبياناته الصادرة منه إلى الأمة الإسلامية، ثم نصبه وكيلاً عنه في قبض الأموال والوجوه الشرعية، والمشاريع الضخمة(٤٥)، وقربه إليه ومنحه ثقته المطلقة به تلويحاً منه للأمة بعظم خطره وأن له شأناً آخر مع الإمام المهدي (عليه السلام) في تخطيطه لأمر الغيبة التي أشرفت على الوقوع والتحقق.
روى الطوسي بإسناده عن أحمد بن إسحاق القمي قال: سألت الحسن العسكري عن مثل ذلك – أي في أبي جعفر العمري كما سأل عن أبيه في حياة الإمام الهادي (عليه السلام) – فقال لي: العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك فعنّي يؤديان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما فإنهما الثقتان المأمونان(٤٦)، وغير ذلك من عظيم الإجلال والإكرام(٤٧).
فإن كلمة (ثقتي) التي كررها الإمام (عليه السلام) في محافل عديدة في حق محمد بن عثمان العمري وأبيه من قبل، لا تكون إلّا لمن أخلص وصفى، وتمخض إيمانه وولاؤه، وهي ليست باللفظة الرخيصة، بل عليها اعتماد الحفاظ وحملة الحديث؛ فإنهم إذا وجدوا حافظاً أو فقيهاً قالوا عنه: محدث ثقة، واتخذوها الحجة القاطعة لأعذار المشككين، فما ظنك بمن يقول الإمام فيه: «ثقتي»، فذاك حجة الحجة، وآية من آيات العصمة، وهذه الكلمة لا تليق إلّا بمحمد بن عثمان العمري وأمثاله، صاحب المقامات العالية، والمناقب السنيّة وآية من آيات العصمة، فالعرق صحيح وهو من ولد عمار بن ياسر(٤٨)؛ والمنشأ كريم فأبوه عثمان بن سعيد الذي أكرمه الأئمة (عليهم السلام) وعظموه وعرّفوا فضله وجلالته.
لقد أكد محمد بن عثمان العمري في سياسته على حقيقتين هامتين:
إحداهما: التأكيد على قرب ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) التي ستكون بداية التحول في التاريخ الإسلامي.
وثانيتهما: إخبار أصحابه بأن للإمام المهدي (عليه السلام) غيبتان: إحداهما صغرى والأخرى كبرى، باعتبار أن الغيبة حدث نادر في التاريخ البشري، تحتوي على عنصر غيبي خارج عن الحس، لأن عنصر اختفاء الإمام (عليه السلام) وإن لم يمكن تفسيره طبيعياً، إلّا أن طول عمره كان متمحضاً عن الإرادة الربانية، والعامل الروحي النازل من السماء لتحقيق اليوم الموعود.
ولكي تفهم الأمة هذا المفهوم، فلابد أن يتكرر ويفهم هذا المفهوم للأمة لكي تستسيغه وتعتاد عليه، ولا يحدث فيها هزة عنيفة أو ردة فعل في قبولها هذه الفكرة، خصوصاً وأن هناك إرهاصات مسبقة عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) حول فكرة وجود المهدي (عليه السلام) وغيبته.
إن هذه المسبقات الذهنية والقاعدة الفكرية المشحونة بالاعتقاد بالإمام المهدي (عليه السلام) وحصول العلم بقرب وقوعها، كان قد هيّأ الأرضية الملائمة لقبولها؛ فلم يبقَ أمام محمد بن عثمان العمري سوى إعلانه عن هذه الفكرة وتطبيقه لها وإشعار الأمة بقرب الولادة التي أوشكت على التحقق والتنفيذ، وبذل الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) جهوداً مضاعفة في تقوية الارتباط بين العمري والأمة وتوثيقه في محافل عديدة تمهيداً لأمر الغيبة، كقوله (عليه السلام) للوفد اليمني:
«اشهدوا على أن عثمان بن سعيد العمري وكيلي، وأن ابنه محمداً وكيل ابني مهديكم»(٤٩).
وقوله من قبل في أبيه عثمان بن سعيد: «هذا أبو عمرو الثقة الأمين ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات»(٥٠)، وقوله في عرض لأصحابه بلغوا أربعين رجلاً: «فاقبلوا من عثمان ما يقوله، وانتهوا إلى أمره، واقبلوا قوله، فهو خليفة إمامكم والأمر إليه»(٥١).
أما منزلته عند الامام المهدي (عليه السلام):
فالمتتبع للنصوص التاريخية يرى بوضوح وجود اللقاءات العديدة بين الامام المهدي (عليه السلام) وسفيره محمد بن عثمان العمري، وقد تمّ بعضها في حياة الامام الحسن العسكري بحضور ابنه الامام المهدي (عليه السلام). وكان يدور الحوار في تلك اللقاءات حول الاوضاع الاجتماعية السائدة ودراستها وكيفية معالجتها ووضع الحلول لها، وقد كان يحضر في تلك اللقاءات كبار الشخصيات الاسلامية امثال: عثمان بن سعيد وابن روح النوبختي والسمري، وابن متيل وابيه، والحسن بن أيوب بن دراج ومعاوية بن حكيم واحمد بن هلال وعلي بن بلال وغيرهم من بني نوبخت(٥٢).
وتعمقت تلك اللقاءات والزيارات بين الامام المهدي (عليه السلام) ومحمد بن عثمان فترة سفارة ابيه عثمان عن الامام المهدي (عليه السلام) وتنصيبه في بغداد، لتعتمد الامة في امورها عليه، لتحمل اليه اموالها وهمومها وآلامها وآمالها، ومن ثم يخرج لهم التوقيعات عن صاحب الأمر (عليه السلام) بشأنها(٥٣). وكان المسلمون مع صعوبة الوقت يقصدون أباه في حوائجهم وهو يخرج لهم الاجوبة والتوقيعات منه في حلّ مشاكلهم(٥٤)، وكانوا لا يشكون في قوله وفعله وصدقه(٥٥)، إلى ان توفي (رحمه الله) في عام ٢٦٥ه(٥٦)، وكان اول توقيع خرج من الامام المهدي (عليه السلام) لمحمد بن عثمان العمري بعد وفاة ابيه جاء فيه تنصيبه سفيراً جديداً له (عليه السلام) قائلاً: الحمد لله، فإن الأنفس بمكانك، وما جعله الله عز وجل فيك وعندك.. الخ(٥٧)، ثم ارفق صدور الحكم منه (عليه السلام) دعاء له بالسداد والتوفيق في هذه المهمة الصعبة فقال (عليه السلام): أعانك الله وقواك وعضدك ووفقك، وكان لك ولياً وحافظاً وراعياً وكافياً(٥٨)، فقام محمد بن عثمان العمري بمهام السفارة بعد تغسيله لأبيه وتكفينه وتجهيزه ودفنه بالجانب الغربي من مدينة السلام(٥٩) وقال الطوسي: فلما مضى ابو عمرو عثمان بن سعيد قام ابنه ابو جعفر محمد بن عثمان مقامه بنصّ أبي محمد (عليه السلام) عليه، ونص ابيه عثمان عليه بأمر القائم (عليه السلام)(٦٠).
وقام محمد بن عثمان العمري بعدة امور في سفارته عن الامام المهدي نلخصها بما يلي:
الأول- إعلانه أمر سفارته عن الإمام المهدي للأمة:
لقد أعلن السفير محمد بن عثمان العمري عن بداية سفارته عن الامام المهدي (عليه السلام) لأصحابه ومن يثق به في الامة الاسلامية، وقد كان التوقيع يعدّ عملاً من أعمال السفير في اثبات وجود الامام المهدي (عليه السلام) والتصديق بدعوى السفير في امر سفارته. روى الطوسي بإسناده عن عبد الله بن جعفر الحميري انه قال لمحمد بن همام: لمّا مضى أبو عمرو (رضي الله عنه) أتتنا الكتب بالخط الذي كنا نكاتب به بإمامة أبي جعفر (رضي الله عنه) مقامه(٦١). فكانت التوقيعات تخرج على يده من الإمام المهدي (عليه السلام) في المهمات طول حياته(٦٢).
الثاني- إقامة الدلائل والبراهين على صدقه:
قال الطوسي: وقد نقلت عنه دلائل كثيرة ومعجزات الإمام ظهرت على يده وأمور أخبرهم (عليه السلام) بها عنه؛ زادتهم في هذا الامر بصيرة(٦٣).
الثال – إثبات جدارته في أمر السفارة:
لقد ذكرنا النصوص الواردة في توثيقه من الامام الهادي والعسكري ثم الامام المهدي (عليه السلام) حيث قال فيه: لم يزل ثقتنا في حياة الأب رضي الله عنه وأرضاه ونضّر وجهه-يجري مجراه ويسدّ مسده، وعن امرنا يأمر الابن وبه يعمل(٦٤). وقد تسالمت عليه الامة ايضا بعد معرفتها له وتعايشها معه، فكانت لا تشك ابداً في اقولاه وافعاله؛ مجتمعة على عدالته ووثاقته(٦٥).
الرابع- تفوقه على اقرانه في العلوم:
ان استمرار محمد بن عثمان العمري اربعين او خمسين عاماً(٦٦) في امر السفارة ومناظرته سائر الفرق والأديان المختلفة؛ وافساد بعض العقائد والمذاهب الباطلة، وسد الشبهات التي اثارتها السلطات ومجابهة بعض الانحرافات في الامة كان دليلاً واضحاً ومتقناً على عظمة هذا السفير وجلالته وعظم المبدأ الذي انتسب له.
الخامس- حل مشاكل الامة وقضاء حوائج اصحابه:
السادس- المساهمة في اخفاء الامام المهدي (عليه السلام):
لقد وردت تصريحات عديدة من الامامين الهادي والعسكري (عليهما السلام) لاصحابهم بشأن اخفاء امر الامام المهدي (عليه السلام) عن انظار السلطات وخرجت من نفس الامام المهدي (عليه السلام) التصريحات والتوقيعات العديدة بشأن كتم أمره، وعدم التصريح باسمه، فمثلاً يخرج منه توقيع لسفيره محمد بن عثمان العمري ابتداء من غير مسألة: ليخبر الذين يسألون عن الاسم: اما السكوت والجنة، واما الكلام والنار، فانهم ان وقفوا على الاسم اذاعوه، وان وقفوا على المكان دلوا علي(٦٧).
السابع- قبض الاموال والانفال والزكوات من اربابها وصفها في المشاريع بأمر الامام المهدي (عليه السلام)(٦٨).
الثامن- تنصيب الوكلاء من قبله بامر الامام المهدي (عليه السلام):
لقد ذكر الصدوق قائمة باسماء الوكلاء الذين تن تنصيبهم وكلاء عن الامام المهدي (عليه السلام) ليساهموا في امر السفارة، وتسهيل عمل السفير، وايصال بياناته ونداءاته إلى الاقطار الاسلامية، اما في بغداد، فقد كان له من يتصرف في قبضها، وكانوا عشرة أنفس منهم ابو القاسم بن روح النوبختي (رضي الله عنه)(٦٩)، وكان كلام محمد بن عثمان العمري نافذاً في الأمة الاسلامية لانه يعبر عن كلام الامام المهدي (عليه السلام) حيث قال فيه (عليه السلام): وعن أمرنا بأمر الابن وبه يعمل، تولاه الله(٧٠)؛ وقوله (عليه السلام): وأما محمد بن عثمان العمري _رضي الله عنه وعن أبيه من قبل_ فإنه ثقتي وكتابه كتابي(٧١). ونشير إلى وضعه العائلي والاجتماعي.
أما أسرته:
فلم تشر النصوص الاسلامية إلى اسرته سوى أن له ابنة تدعى أم كلثوم، وكانت راوية للحديث(٧٢)؛ عالمة فاضلة تفوقت على اقرانها في شتى العلوم، وشهدت المحافل والأندية العلمية بحقّها، روت كتب أبيها وكثيراً من كراماته وفضائله(٧٣)، وروى الصدوق والطوسي وغيرهما احاديثها واخبارها، وكذا اخبار ابي نصر هبة الله بن محمد الكاتب الذي كان ابن بنت ام كلثوم بن ابي جعفر العمري(٧٤) _فقد تزوجت من أحمد بن ابراهيم التنوبختي وهو احد الشخصيات الاسلامية المرموقة، وكان متكلماً وفقيهاً ومن خواص محمد بن عثمان العمري، فلما توفي العمري اختص بالحسين بن روح النوبختي، فكان يكتب له الاجوبة عن المسائل التي يخرج جواباتها على يديه، وكثيراً ما يقول اصحابنا في المكاتبات التي خرجت جواباتها على يد الشيخ ابي القاسم بن روح النوبختي (رحمه الله): انها بخط احمد بن ابراهيم بن نوبخت وإملاء الشيخ أبي القاسم الروحي(٧٥)؛ وكان احمد بن ابراهيم قد تقدم بطلب إلى محمد بن عثمان العمري (رحمه الله) لرؤية الإمام المهدي (عليه السلام)(٧٦).
المبحث الثاني: محمد بن عثمان العمري والأوضاع السياسية والفكرية والاجتماعية فترة سفارته
بدأت سفارة محمد بن عثمان العمري عام ٢٦٥ه بعد وفاة أبيه، وانتهت عام ٣٠٥ه(٧٧) على اختلاف في الروايات أن فترة سفارته أربعين أو خمسين عاماً كما سيأتي في البحث. وكان قد عاصر فيها أربعة من الحكام هم: بقية خلافة المعتمد المتوفى عام ٢٧٩ه والمعتضد المتوفى عام ٢٨٩ه، والمكتفي بالله المتوفى عام ٢٩٥ه، وعشر سنوات من خلافة المقتدر التي استمرت إلى عام ٣٢٠ه(٧٨).
أمّا الحوادث المهمة التي رافقت فترة سفارته فنلخصها بما يلي:
أولاً- مطاردة قواعد الإمام المهدي (عليه السلام) وملاحقة أصحابه:
دلت النصوص التاريخية على بقاء الإمام المهدي (عليه السلام) فترة من الزمن بداية الغيبة الصغرى في سامراء، حيث كان العمريان فيها يستلمان التوقيعات الصادرة عنه (عليه السلام) وهما في بغداد، ولم يرد في تلك النصوص كيفية توصيلها لهما او استلامها، وبقي ذلك محاطاً بالغموض والكتمان؛ وكان السفيران من جهتهما أيضاً يوصلان الأموال والرسائل التي تصلهما إلى الامام المهدي (عليه السلام) وهو في سامراء(٧٩)، حيث يتمّ إخراج التعاليم والارشادات بشأنها منه (عليه السلام) بواسطة بعض الوكلاء الخاصين هناك(٨٠)، وقد دلت بعض المقابلات التي كانت تتم بينه (عليه السلام) وبعض الشخصيات الاسلامية على ذلك، كما جاء في خبر حاجظ الوشاء(٨١)، وأبي محمد الرازي وغيرهما(٨٢). وفي تلك الفترة، كانت السلطات تطارد الإمام (عليه السلام) مطاردة شديدة وتلاحق أنصاره ومؤيديه، حتى أنها كبست دار الإمام (عليه السلام) عدة مرات بعد وفاة أبيه الإمام العسكري (عليه السلام) من قِبل الخليفتين المعتمد والمعتضد(٨٣). فقد روى الراوندي أن المعتضد بعث ثلاثة من قواده لكبس دار الإمام (عليه السلام) وقال لهم: الحقوا واكبسوا دار الحسن بن علي فإنه توفي، ومن رأيتم في داره فأتوني برأسه(٨٤). فمن يكون في تلك الدار غير ابنه المهدي (عليه السلام)!!، مما يدل على أنه (عليه السلام) كان في سامراء التسعة عشر عاماً المتبقية من خلافة المعتمد إلى بداية خلافة المعتضد عام ٢٧٩ه. وتشير بعض النصوص إلى أن الإمام المهدي (عليه السلام) كان قد قلص كثيراً من وكلائه في سامراء، بل طلب من أصحابه أن يتركوا سامراء فوراً لكي لا تثار حوله الشكوك، ولفسح المجال لهم ليشاركوا في أمر السفارة كوكلاء له في البلاد الإسلامية، في كانت بغداد اكثر هدوءاً واستقرارا من سامراء، وتمتلك مقومات العمل الاسلامي نظراً لموقعها الجغرافي وارتباطها بسائر العواصم الاسلامية، وقد ساهم هذا الامر في اضفاء طابع الكتمان والسرية في عمل الامام المهديإ وسفارته.
ولكن ومع ذلك كله فلم تنته حملات التفتيش لبيت الإمام المهدي (عليه السلام) من قبل السلطات، التي كانت تحس بالخطر الشديد الذي كان يهددها بين الآونة والأخرى بلا رادع ولا وازع، فمثلاً يقتحم نسيم وهو أحد جلاوزة السلطة وجواسيسها-دار الإمام المهدي (عليه السلام) وكسر بابه، ولكنه سرعان ما فوجئ بوجود الإمام (عليه السلام) واقفاً أمامه متحدياً، وبيده طبرزين قائلاً: ما تصنع في داري؟ فلم يكن أمام نسيم سوى أن تراجع وشعر بالخيبة والانكسار قائلاً: إن جعفرراً زعم أن أباك مضى ولا ولد له(٨٥)!! فاوصل خبره بعدها إلى السلطات وحذرها منه؛ وكان من حسن الحظ أن الدولة مشغولة بحرب صاحب الزنج، وبعض الاضطرابات الداخلية التي كانت منعتها من ذلك، وقد باءت جميع محاولات السلطات في القبض على الإمام (عليه السلام) بالفشل الذريع، وبقي كابوس الإمام (عليه السلام) يلاحقها ويرعبها، مضافاً إلى حوادث شغب صاحب الزنج كاد يقطع الشريان الحياتي للنظام الحاكم.
ثانياً- صعوبة تلك الفترة.. والسرية التامة:
إن المتتبع للنصوص التاريخية يشاهد في هذه الفترة من سفارة محمد بن عثمان العمري أمرين هما: قلّة النصوص الخارجة إلى هذا السفير مع طول فترة سفارته(٨٦)، فلم ينقل توقيعاً ذا بال بداية سفارته إلا في حدود نسبية والظروف الصعبة والمعقدة التي يعيشها الإمام المهدي (عليه السلام)، فالسيف يقطر دماً في خلافة المعتضد العباسي كما يقال(٨٧)، وأن سنوات تلك الفترة كانت مليئة بالظلم وسفك الدماء(٨٨) كما ذكرنا.
ثالثاً- ظهور المدعين للسفارة كذباً عن الإمام المهدي (عليه السلام):
لقد ابتليت فترة سفارة محمد بن عثمان العمري بظهور السفارات الكاذبة لمدعيها عن الإمام المهدي (عليه السلام)؛ طمعاً في الزعامة على الأمة وابتزاز الأموال؛ مضافاً إلى الأشخاص الذين دستهم السلطات في صفوف الأمة لاقتناص خبر الإمام (عليه السلام) ومعرفة خبر السفارة، فادعوا أنهم وكلاء عنه (عليه السلام) ليعرفوا كل من يصل إلى الإمام (عليه السلام) ويتعرفوا على مكانه(٨٩)، وسنفرد لهم باباً في الحديث عنهم.
رابعاً- قساوة الحكام فترة سفارة العمري:
لقد ضاق الإمام المهدي (عليه السلام) بظلم الحكام فترة سفارة محمد بن عثمان العمري؛ فالمعتمد مثلاً يصدر أوامره بالقاء القبض على الإمام المهدي (عليه السلام) بعد أن أمر قبل ذلك بالقبض على الإمام العسكري (عليه السلام) وزجه في السجن(٩٠)، فأرسل الخيل والرجال إلى دار الإمام المهدي (عليه السلام) فكبسوه وفحصوا في كل غرفة ودهليز، ثم اشتغلوا بعدها بالنهب والسلب والغارة على ما رأوا من متاع الإمام (عليه السلام) في الدار(٩١)، وكانت فترة سفارة العمري أيام المعتضد عام ١٧٩ه من أصعب الفترات عليه وأقساها؛ قال المسعودي: كان المعتضد قليل الرحمة، كثير الإقدام، سفاكاً للدماء، شديد الرغبة في أن يمثل بمن قتله، وكان إذا غضب على القائد النبيل والذي يختصه من غلمانه، أمر أن تحفر له حفيرة بحضرته ثم يدلّى على رأسه فيها ويطرح التراب عليه ونصفه الأٍفل ظاهر على التراب ويداس التراب، فلا يزال كذلك حتى تخرج روحه من دبره. وروى المسعودي بعض الصور البشعة من تذعبيه قائلاً: كان المعتضد يأخذ الرجل فيُكتّف ويُقيّد فيؤخذ القطن فيحشى في أذنه وخيشومه وفمه، وتوضع المنافخ في دبره حتى ينتفخ ويعظم جسمه، ثم يسد الدبر بشيء من القطن ثم يفصد _وقد صار كالجمل العظيم_ من العرقين اللذين فوق الحاجبين، فتخرج النفس من ذلك الموضع، وفعل المعتضد هذا في لص سرق عشر بدر من بيت صاحب عطاء الجيش كان قد أعطاا الخليفة من بيت المال لبعض الرسوم اليه ليدفعها إلى الجند، فسرقت من بيته كلها ليلاً، ولم يشتف بذلك الفعل، بل أمر بعض الأطباء قبل ان يشنق بدن هذا اللص بأن يضربه في العرقين فوق الحاجبين اللذين في الجبين، فأقبلت الريح تخرج منهما مع الدم ولها صوت وصفير إلى ان خمد وتلف، فكان ذلك اعظم منظر رُئِي في ذلك اليوم من العذاب، وربما يقام الرجل في أعلى القصر مجرداً موثقاً فيرمى بالنشاب حتى يموت، واتخذ المطامير رجعل فيها صنوف العذاب(٩٢). فمن كان هكذا سريرتهه في لص سرق بعض البدر وقد ذكرت التصوص انه ارسل جماعة من قادته وامرهم بالتوجه إلى سامراء وقال لهم: الحقوا، واكبسوا دار الحسن بن علي فإنه توفي، ومن رأيتم في داره فأتوني برأسه(٩٣)، فلما فشلت هذه الهجمة على بيت الإمام (عليه السلام)، قام بهجمة أخرى، فبعث عسكراً أكثر وكان الإمام المهدي (عليه السلام) في الدار، فخرج منها ولم يروه!! بعد أن اجتمعوا على الباب وحفظوه حتى لا يصعد (عليه السلام) ولا يخرج(٩٤). أمّا سياسة المعتضد مع أصحاب الإمام (عليه السلام)؛ فقد روى التاريخ عنها الكثير، فمثلاً حمل علي بن عاصم إليه وهو شيخ الشيعة في وقته مع جماعة من أصحابه، فضُرب ثلاثمائة سوط(٩٥)! ثم حُبس حتى مات في المطامير، وبعدها رُمي في دجلة(٩٦).
خامساً- انتقال الخلاف العباسية من سامراء إلى بغداد:
ذكرت النصوص التاريخية ان المعتضد العباسي بويع له بالخلافة عام ٢٧٩ه، ثم أعرض عن سامراء اعراضاً تاماً، وانتقلت خلافته إلى بغداد، فبقيت سامراء لقمة سائغة للاضمحلال والفناء، وقد حوال المكتفي الرجوع والعودى إلى سامراء عام ٢٩٠ه لكن وزيره صرفه عن ذلك لجسامة الاموال التي يجب صرفها قبل الانتقال.
سادساً- الافول التدريجي للخلافة.. والفوضى في البلاد:
تفاقم اكر الخلافة العباسية فترة سفارة محمد بن عثمان العمري، فسيطرت الموالي والاتراك على دفة الحكم، واصبح تأثيرهم في التاريخ طبيعياً وامراً حتمياً، فهم القواد والمحاربون، وهم المالكون والمتصرفون في شؤون الدولة، فقلمّا يموت الخليفة حتف أنفه!! فالمعمد يكثر في الأكل على الشط ببغداد فيموت مبطوناً(٩٧)، والمعتضد يموت مسموماً من قِبل إحدى جواريه أو غيرها(٩٨)، والمقتدر يموت بشرّ قتلة من قِبل قوم من المغاربة والبربر، وكان منفرداً منقطعاً عن أصحابه فشهروا سيوفهم في وجهه؛ فقال لهم: ويحكم أنا الخليفة!! فقالوا: قد عرفناك يا سفلة!! أنت خليفة إبليس، وقتلوه وأخذوا جميع ما عليه حتى سراويله وتركوه مكشوف العورة إلى أن مرّ به رجل من الأكرة؛ فستره بحشيش ثم حفر له موضعه ودفن وعفى قبره(٩٩). والقاهر بالله ثاروا عليه جماعة من القواد الساجية والحجرية واقتحموا عليه قصره، فلما سمع القاهر الأصوات والجلبة، استيقظ مخموراً وطلب باباً يهرب منه، ولا زال يماطلهم منفرداً حتى أدركوه وقتلوه(١٠٠).
سابعاً- نهاية ثورة صاحب الزنج:
وشهدت فترة سفارة محمد بن عثمان العمري أيضاً نهاية صاحب الزنج بعد أن عاث في الأرض فساداً، وقتل وأحرق واستعبد الكثير من الناس إلى أن قتل عام ٢٧٠ه(١٠١)، وقد أدخل خبر قتله السرور والفرح على الأمة، وقيلت في ذلك الأشعار(١٠٢).
ثامناً- نهاية الدولة الطولونية:
وشهدت فترة سفارته أيضاً نهاية الدولة الطولونية في مصر حيث بدأت عام ٢٥٤ه فترة خلافة المعتز العباسي، ومؤسس هذه الدولة هو أحمد بن طولون التركي الذي ولاه بايكبال التركي من قبل السلطة العباسية على مصر، وبقي حاكماً على مص وسوريا، ومتحدياً العاصمة أحياناً(١٠٣)، حتى مات مبطوناً عام ٢٧٠ه(١٠٤) فخلف ابنه خمارويه(١٠٥)، الذي أصهر إليه المعتضد العباسي(١٠٦)، وبقي مستمراً على ملك أبيه إلى أن قتله بعض خدمه وهو مخمور، فشرحوا لحمه من أفخاذه وعجيزته، وأكله السودان من مماليكه(١٠٧)، وبقيت الدولة الطولونية حتى عام ٢٩٢ه، حيث استولى الخليفة المكتفي على دولتهم وأموالهم، وولي عيسى النوشيري على مصر(١٠٨)، وانقرضت بعد ذلك دولتهم، وقد كان لها دوراً هاماً في تغيير عجلة التاريخ ولمدة أربعين عاماً.
تاسعاً- ظهور مهدي جديد في افريقيا:
ومن الطريف في فترة سفارة محمد بن عثمان العمري هو ظهور رجل في افريقيا يدعي انه المهدي!! وأنه من ذرية اسماعيل ابن الإمام الصادق (عليه السلام) وهو جدّ الفاطميين في مصر عام ٢٩٦ه(١٠٩)، وكان قد ملك قسماً كبيراً من الشمال الافريقي بما يقابل ليبيا وتونس والجزائر، فاستتبت له الأمور وخافته القبائل، وأخرج رجلاً من (سجلماسة) يدعى عبد الله بن الحسن وأعلنه مهدياً!! وتبرع له بكل ملكه، فاستقامت له البلاد ودانت له العباد، وقام بفتوحات كثيرة بعيداً عن العاصمة بغداد؛ وأراد احتلال مصر مرتين فلم يفلح بسبب ما بذلته السلطة العباسية من دفعه، كانت أولاهما عام ٣٠١ه(١١٠)، وثانيهما عام ٣٠٧ه(١١١).
عاشراً- ظهور القرامطة:
ورافقت فترة سفارة محمد بن عثمان العمري ظهور القرامطة الذين ابتدأ أمرهم عام ٢٧٨ه(١١٢)، أي قبل حكة المهدي الافريقي بثمانية عشر عاماً؛ وكان هؤلاء يتصفون بالصرامة والشدة والاستهانة بالدماء؛ ولا يعتقدون بإمامة المهدي (عليه السلام)، وكانوا يختلفون في تفاصيل مذهبهم مع المذاهب الأخرى فقهاً وعقيدة، واتخذوا اسوأ الأساليب في التنكيل بالمسلمين خصوصاً قوافل الحجاج، والاعتداء على الكعبة الشريفة؛ وقلعوا الحجر الأسود ونقلوه إلى هجر(١١٣).
هذه نماذج من التاريخ استعرضناها فترة سفارة محمد بن عثمان العمير حيث يتضح من خلالها صعوبة الوقت وحراجة الموقف وخطر المسؤولية.
المبحث الثالث: محمد بن عثمان العمري ومدعو السفارة الكاذبة
لم يكن ادعاء منصب السفارة عن الإمام المهدي (عليه السلام) كذباً وزوراً أمراً غريباً عن الأذهان، لكثرة من ادعى هذا المنصب قبل ذلك في النبوة، أمثال مسيلمة الكذاب وسجاح وغيرهما؛ والإمام أمثال محمد ابن الحنفية وابنه عبد الله وأخيه علي، وعبد الله بن معاوية الخارج بالكوفة وصاحب أصفهان الذي مات بأرض الشراة بالشام ومحمد بن عبد الله بن الحسن (عليه السلام) الخارج بالمدينة، وجعفر الكذاب ابن الإمام الهادي (عليه السلام) وغيرهم(١١٤). فقد ادعى أكثر هؤلاء تلك المناصب في أول أمرهم ثم خلطوا فادعوا الالوهية بعد ذلك؛ وأنهم قد عرج بهم إلى السماء، وكلموا المسيح (عليه السلام) إلى غير ذلك من الخرافات الأكاذيب التي اختلقوها لأنفسهم وسموها فضائل لهم ليبتزوا أموال الناس السذج ويتزعموا عليهم، ولكن سرعان ما ظهر أمرهم وبان كذبهم، وباءوا بغضب على غضب وفي الآخرة لهم عذاب عظيم، وصاروا أضحوكة للتاريخ وملعنة للبشرية. وقسم من هؤلاء تاب ورجع عن أمره وندم على ما صدر منه واعتذر من أفعاله للأمة.
أمّا مدّعو السفارة عن الغمام المهدي (عليه السلام) كذباً وزوراً؛ فنلخص منهم:
أولاً- أبو محمد الشريعي:
كان من أصحاب الإمام الهادي والعسكري (عليه السلام)، واسمه الحسن، ثم انحرف وكان أول من ادعى مقاماً لم يجعله الله فيه، ولم يكن له أهلاً، وكذب على الله وحججه (عليهم السلام) ونسب إليهم ما لا يليق بهم وهم منه براء، فلعنته الشيعة وتبرأت منه، وخرج توقيعاً من الإمام المهدي (عليه السلام) بلعنه والبراءة منه. قال هارون: ثم ظهر القول منه بالكفر والإلحاد؛ وكل هؤلاء المدعين إنما يكون كذبهم أولاً على الإمام، وأنهم وكلاؤه يدعون هذه الضعفة بهذا القول إلى موالاتهم، ثم يترقى الأمر بهم إلى قول الحلاجية كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغاني ونظرائه عليهم جميعاً لعائن الله تترى(١١٥).
ثانياً- محمد بن نمير النصري:
كان يلقب بالفهري وهو من أصحاب الإمام العسكري (عليه السلام) فانحرف وافتتن وأصبح يستخدم اسم صحبته للإمام العسكري (عليه السلام) ليستدرّ الأرباح ويتصدر على الناس السذج، فكتب الإمام (عليه السلام) كتاباً شديد اللهجة ضّده وضد الحسن بن محمد المسمى بابن بابا القمي، حيث كشف فيه انحرافهما والبراءة منهما، فقال (عليه السلام) مخاطباً أحد أصحابه: ابرأ إلى الله من الفهري والحسن بن محمد بن بابا القمي، فبرأ منهما، فإني محذرك وجميع موالييّ، وإني ألعنهما عليهما لعنة الله، مستأكلين؛ يأكلان بنا الناس؛ فتّانين مؤذيين؛ آذاهما الله، أرسلهما في اللعنة، وأركسهما في الفتنة(١١٦)...الخ.
وقال سعد ببن عبد الله: كان محمد بن نصير النميري يدعي أنه رسول نبي، وأن علي بن محمد (عليه السلام) ارسله؛ وكان يقول بالتناسخ ويغلو في أبي الحسن الهادي (عليه السلام) ويقول في الربوبية، ويقول بالإباحة للمحارم وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، ويزعم أن الله عزّ وجلّ لا يحرم شيئاً من ذلك، وأن ذلك من التواضع والإخبات!! والتذلّل في المفعول به!! وأنه من الفاعل إحدى الشهوات والطيبات، وكان محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات _وهو والد علي بن محمد وزير المقتدر عام ٢٩٩ه_ يقوّي أسبابه ويعضده. ثم قال سعد: أخبرني بذلك عن محمد بن نصير أبو زكريا يحيى بن عبد الرحمن بن خاقات أنه رآه عياناً وغلام على ظهره؛ قال: فلقيته، فعاتبته على ذلك، فقال: إن هذا من اللذات؛ وهو من التواضع لله وترك التجبّر(١١٧).
وقال هبة الله أبو نصر: فلما توفي أبو محمد (عليه السلام) ادعى مقام أبي جعفر محمد بن عثمان؛ وأنه صاحب الزمان (عليه السلام)، وادعى له البابية، ففضحه الله تعالى بما ظهر منه من الإلحاد والجهل، ولعن أبي جعفر عن عثمان له وتبريه منه، واحتجاجه عنه.
وادعى ذلك الامر بعد الشريعي، وتبعه جماعة تسموا بالنصيرية كان منهم: محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات(١١٨). وقال أبو طالب الأنباري: لما ظهر محمد بن نصير بما ظهر، لعنه أبو جعفر – العمري (رضي الله عنه) وتبرأ منه، فبلغه ذلك، فقصد أبا جعفر (رضي الله عنه) ليعطف بقلبه عليه أو يعتذر إليه، فلم يأذن له وحجبه ورده خائباً(١١٩).
ولما اعتلّ العلّة التي توفي فيها؛ قيل له وهو ثقيل اللسان: لمن هذا الأمر من بعدك؟! فقال بلسان ضعيف ملجلج: أحمد!! فلم يدروا من هو؟!! وفرقة قالت: هو أحمد بن موسى بن الفرات، وهو أخو علي بن محمد وزير المقتدر، وفرقة قالت: إنه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن يزيد فتفرقوا، فلا يرجعون إلى شيء(١٢٠).
ثالثاً- أحمد بن هلال:
ويلقب بالكرخي(١٢١)، والعبرتائي(١٢٢)، ولد عام ١٨٠ه وتوفي عام ٢٦٧ه(١٢٣)، عاصر فيها الإمام الرضا (عليه السلام) والإمام العسكري (عليه السلام)، وسبع سنين من الغيبة الصغرى منها خمس سنين فترة سفارة عثمان بن سعيد، وسنتين فترة سفارة أبي جعفر العمري.
اتخذ مسلك التصوف، وحج أربعاً وخمسين حجة، عشرون منها على قدميه، لقيه أصحابنا بالعراق وكتبوا عنه(١٢٤)، ذمّه الإمام العسكري (عليه السلام) على ما روي عنه(١٢٥)؛ وتبنى بعده الإمام المهدي التحذير منه، فكتب إلى وكلائه بالعراق: احذروا الصوفي المتصنع(١٢٦)!!. وورد على القاسم بن العلاء نسخة ما كان خرج من لعن ابن هلال، فأنكروا رواة أصحابنا بالعراق ذلك، لما كانوا قد كتبوا من رواياته، فحملوا القاسم بن العلاء في أن يراجع في أمره؛ فخرج إليه الإمام المهدي (عليه السلام) توقيعاً على يد سفيره محمد بن عثمان العمري جاء فيه: قد كان أمرنا نفذ إليك في المتصنع ابن هلال لا رحمه الله بما قد علمت، ولم يزل لا غفر الله ذنبه، ولا أقال عثرته؛ يداخلنا في أمرنا بلا إذن منا، ولا رضاً، يستبد برأيه فيتحامى من ديوننا ولا يمضي من أمرنا إياه إلا بما يهواه ويريده، أراده الله في ذلك في نار جهنم، فصبرنا عليه حتى بتر الله بدعوتنا عمره، وكنا قد عرفنا خبره قوماً من موالينا في أيامه لا رحمه الله، وأمرنا بلقاء ذلك إلى الخاص من موالينا، ونحن نبرأ إلى الله من ابن هلال لا رحمه الله، ولا ممن لا يبرأ منه.
وأعلم الاسحاقي(١٢٧)؛ سلمه الله وأهل بيته مما أعلمناك من حال هذا الفاجر وجميع من كان سألك ويسألك عنه من أهل بلده والخارجين، ومن كان يستحق أن يطلع على ذلك؛ فانه لا عذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما روى عنا ثقاتنا، قد عرفوا بأننا نفاوضهم بسرنا ونحمله إياه إليهم وعرفنا ما يكون من ذلك إن شاء الله تعالى(١٢٨).
ويظهر من هذا البيان أنه صدر منه (عليه السلام) بعد موت ابن هلال، ولعله مات بعد التوقيع الأول وقبل هذا البيان. وقد اتضح أيضاً من التوقيع أن ابن هلال كان يتلقى الأوامر من الإمام المهدي (عليه السلام) ولو بالواسطة، الا انه كان يستبد برأيه فيها ولا يطيق منها الا ما يريد وكيف ما يريد!! فدعا عليه الإمام المهدي (عليه السلام) فبتر الله عمره، وثبت قوم على انكار ما خرج فيه، ولم ينفعهم هذا القول البليغ، فعاودوا القاسم بن العلاء على ان يراجع فيه؛ فخرج من الإمام المهدي (عليه السلام) على يد سفيره محمد بن عثمان العمري توقيعاً جاء فيه: لا شكر الله قدره، لم يدع المرزئة بأن لا يزيغ قلبه بعد أن هداه، وأن يجعل ما منّ به عليه مستقراً ولا يجعله مستودعاً؛ وقد علمتم ما كان من أمر الدهقان لعنه الله وخدمته وطول صحبته، فأبدله الله بالإيمان كفراً حين فعل ما فعل، فعاجله الله بالنقمة ولم يمهله، والحمد لله لا شريك له وصلى الله على محمد وآله وسلم(١٢٩).
ويظهر من النصوص التاريخية ان ابن هلال هذا بقي مؤمناً صالحاً فترة سفارة عثمان بن سعيد، ولكنه بدأ بالتشكيك في فترة سفارة أبي جعفر العمري؛ بحجة إنكار النصّ عليه من قبل الإمام العسكري (عليه السلام) ويقول: لم أسمعه ينص بالوكالة، وليس أنكر أباه؛ فأما أن أقطع أن أبا جعفر محم بن عثمان العمري وكيل صاحب الزمان (عليه السلام) فلا أجسر عليه!!؛ فقالوا له: قد سمعه غيرك!! فقال: أنتم وما سمعتم! ووقف علي أبي جعفر العمري فلعنوه وتبرأوا منه(١٣٠). وقد ذكره الشيخ الطوسي في قائمة المذمومين والمدعين للسفارة كذباً عن الإمام المهدي (عليه السلام)، وروى توقيعاً للحسين بن روح النوبختي بأنه بقي على ضلالته، فلعنه الإمام المهدي في جملة من لعن(١٣١).
رابعاً- أبو طاهر البلالي:
وهو محمد بن علي بن بلال، من أصحاب الإمام العسكري (عليه السلام)(١٣٢)، عدّه ابن طاووس من الوكلاء الموجودين في الغيبة الصغرى، والأبواب المعروفين الذين لا يختلف الإمامية القائلون بإمامة الحسن بن علي (عليه السلام) فيهم(١٣٣)، وظاهره كونه بمنزلة القاسم بن العلاء والأشعري والأسدي وغيرهم في الوثاقة والجلالة، الا ان الشيخ الطوسي ذكره في المذمومين الذين ادعوا البابية، فتابعناه على ما ذكره، وتوقف العلامة الحلي في ما يرويه من أجل ذلك أيضاً(١٣٤). قال الشيخ الطوسي: وقصته معروفة فيما جرى بينه وبين أبي جعفر _محمد بن عثمان_ نصر الله وجهه، وتمسكه بالأموال التي كانت عنده للإمام المهدي (عليه السلام)؛ وامتناعه من تسليمها، وادعاؤه أنه الوكيل، حتى تبرأت الجماعة منه، ولعنوه؛ وخرج فيه من صاحب الزمان (عليه السلام) ما هو معروف(١٣٥). ثم ان البلالي هذا كان له جماعة من الأصحاب والمؤيدين منهم: أبو الطيب أخوه، وابن حرز ورجل من أصحابنا، وقد انفصل الاخير عنه، وكان للبلالي دوراً هاماً في عملية الانحراف والتزوير، مما دعا أبي جعفر العمري بأن يتصدى له ويردعه، ثم أخذ الأموال التي كانت تصله بكونه وكيلاً عن الإمام المهدي (عليه السلام) فلم يفلح في ذلك، وبقي ابن بلال على ضلالته وتمسكه بالأموال وغيرها من الضلالات. روى الطوسي بإسناده عن المعاذي قال: قصد أبو جعفر العمري ابن بلال في داره وكان عنده جماعة فيهم؛ أخوه أبو الطيب وابن حرز، فدخل الغلام فقال: أبو جعفر العمري على الباب، ففزعت الجماعة لذلك وأنكرته؛ للحال التي كانت جرت؛ ولم يستطع ابن بلال ان يحجبه فقال: يدخل!!، فدخل أبو جعفر _العمري_ فقان له أبو طاهر والجماعة، وجلس في صدر المجلس، وجلس أبو طاهر كالجالس بين يديه فأمهلهم أن يسكتوا، ثم قال العمري: يا أبا طاهر، أنشدك بالله ألم يأمرك صاحب الزمان (عليه السلام) بحمل ما عندك من المال إليّ؟! فقال ابن بلال: اللهم نعم، فنهض أبو جعفر (رضي الله عنه) منصرفاً، ووقعت على القوم سكتة!! فلما تجلت عنهم قال أخوه أبو الطيب: ومن أين رأيت صاحب الزمان؟! قال: قد وقع علي من العيبة له ودخلني من الرعب منه ما علمن أنه صاحب الزمان (عليه السلام)، قال ذلك الرجل من أصحابنا: فكان هذا سبب انقطاعي عنه(١٣٦).
خامساً- البغدادي:
وهو محمد بن أحمد بن عثمان بن سعيد العمري؛ حفيد السفير الأول وابن اخي السفير الثاني أبي جعفر العمري، كان أمره في قلة العلم والمروءة أشهر من أن يذكر(١٣٧). فقد كان مشهوراً ومعروفاً عند عمه ابي جعفر العمري بالضلال والانحراف، لكنه غير معروف لدى الكثيرين من الاصحاب. روى الطوسي بان جماعة من الاصحاب كانوا في مجلس إقامة أبي جعفر العمري وهم يتذاكرون شيئاً من الروايات وما قاله الصادقون (عليهم السلام) حتى اقبل ابو بكر محمد بن احمد بن عثمان المعروف بالبغدادي وابن اخي ابي جعفر العمري (رضي الله عنه)، فلما بصر أبو جعفر (رضي الله عنه) قال للجماعة: امسكوا، فإن هذا الجائي ليس من اصحابكم(١٣٨)، وكان هذا قد ادعى السفارة الكاذبة وكان له جماعة من المؤيدين منهم: أبو دلف محمد بن المظفر الكاتب، وقد كان في ابتداء أمره مخمساً(١٣٩)، مشهوراً بذلك، لأنه كان تربية الكرخيين وتلميذهم وصنيعهم! وكان الكرخيون مخمسة لا يشك في ذلك أحد من الشيعة، وقد كان أبو دلف يقول في ذلك؛ ويعترف به ويقول: نقلني سيدنا الشيخ الصالح _قدس الله روحه ونور ضريحه_ عن مذهب أبي جعفر الكرخي إلى المهذب الصحيح، يعني أبا بكر البغدادي(١٤٠). ثم إن أبا بكر البغدادي حين أرسل اليه وجوه الخاصة وعلماءهم وسألوه عن دعواه السفارة، أنكر ذلك وحلف عليه وقال: ليس إلي من هذا الأمر شيء، وعرض عليه مال لكي يأخذه بالوكالة عن الإمام المهدي (عليه السلام)، وإنما عرض عليه ذلك امتحاناً، فأبى وقال: محرم علي أخذ شيء منه، فإنه ليس إليّ من هذا الأمر شيء، ولا ادعيت من هذا.
قال الراوي: فلما دخل بغداد؛ مال إليه أبو دلف الكاتب وعدل عن الطائفة وأوصى إليه، لم نشك أنه على مذهبه، فلعناه، وبرأنا منه، لأن عندنا: أن كل من ادعى الامر بعد السمري فهو كافر منمس، ضال مضل(١٤١). وكان أبو دلف يدافع عن أبي بكر البغدادي ويفضله على أبي القاسم الحسين بن روح وعلى غيره، فلما قيل له في وجه ذلك قال: لأن أبا جعفر محمد بن عثمان قد اسمه على اسمه في وصيته، فقلت له: فالمنصوص أفضل من مولانا أبي الحسن موسى الكاظم (عليه السلام)، فقال لي: أنت تتعصب على سيدنا ومولانا وتعاديه؛ فقلت: والخلق كلهم تعادي أبا بكر البغدادي وتتعصب عليه غيرك وحدك!! وكدنا أن نتقاتل ونأخذ بالأزياق(١٤٢)!! وحكي أنه توكل لليزيدي بالبصرة، فبقي في خدمته مدة طويلة، وجمع مالاً عظيماً، فسعي به إلى اليزيدي فقبض عليه، وصادره وضربه على أم رأسه حتى نزل الماء من عينيه، فمات أبو بكر ضريراً(١٤٣)، بعد أن أوصى إلى أبي دلف من بعده، فأصبح هذا أيضاً مدعياً للسفارة.
سادساً- الباقطاني:
وكان هذا أيضاً مدعياً السفارة عن الامام المهدي (عليه السلام)، وقد وضعه أحمد الدينوري بعد أن حمل اليه ستة عشر الف دينار من أهل دينور ليسلمها إلى السفراء بالوصف، فوصل للباقطاني وقال: بدأت بالباقطاني، وصرت إليه فوجدته شيخاً مهيباً له مروءة ظاهرة، وفرس عربي، وغلمان كثير، ويجتمع الناس يتناظرون عنده، قال: فدخلت إليه وسلمت عليه، فرحّب وقرب وسرّ وبرّ، فأطلت القعود إلى أن خرج الناس فسألني عن ديني، فعرفته أني رجل من أهل الدينور، وافيت ومعي شيئاً من المال أحتاج أن أسلمه وأريد حجة!! فلما أعوزه ذلك، قال: تعود إليّ في الغد، قال: فعدت إليه من الغد، فلم يأتِ بحجة! وافتضحه الله على رؤوس الخلائق(١٤٤).
سابعاً - إسحاق الأحمر:
وكان هذا قد ادعى السفارة أيضاً من الإمام المهدي (عليه السلام)، وكان شاباً نظيفاً، وقد كان يحضر منزله أكثر مما يحضره الباقطاني، وكان له فرس ولباس ومروة وغلمان كثر؛ قال الدينوري: دخلت عليه وسلمت عليه فرحب وقرب فصبرت إلى أن خف الناس، فسألني عن حاجتي، فقلت له كما قلت للباقطاني، وعدت إليه بعد ثلاثة أيام، فلم يأتِ بحجة، وفضحه الله تعالى في أمره(١٤٥).
ثامناً- أبو دلف الكاتب:
وهو محمد بن المظفر الكاتب، كان مخمساً مشهوراً، آمن بأبي بكر البغدادي واعتبر مذهبه هو الصحيح(١٤٦)، وكان يدافع عنه بحرارة، ويقدمه على ابن روح النوبختي(١٤٧)، حتى أوصى له أبو بكر البغدادي بعد وفاته(١٤٨)، وأمره في الجنون أكثر من أن يحصى(١٤٩) – ادعى السفارة بعد السمري، فكان هذا علامة كذبه لدى الأصحاب، فأظهر الغلو وجن وسلسل ثم صار مفوضاً.
أقول: لقد كان معظم هؤلاء المنحرفين المذكورين مشتركون في خط الأئمة (عليهم السلام) والسفراء في الأعم الأغلب، بشعورهم بظلم السلطات لهم، وعدم اعترافهم بمشروعيتها، وهذا الشعور نفسه كان قد جعلهم يرهبون أن يبيعوا ضمائرهم للسلطات أو يداهنوا معهم في أمرهم، أو يكرسوا نشاطهم وجهودهم لأجلها، لأنهم يشعرون أنهم لن يحصلوا على المؤيدين والأنصار في الأمة، وأنهم سيفقدونهم إن فعلوا شيئاً ما لصالح السلطات، فاعتبار أن تلك الفصائل كانت تمثل أعلى رصيد للإمام المهدي (عليه السلام)؛ فليس من السهولة أن يقدموا التنازلات للسلطات على صالح حسابهم، وعلى هذا سوف لن يكون الشعور بهذا الاتجاه وهو القرب من السلطات والإدلاء بأسرار الإمام المهدي (عليه السلام) مجدياً لهم، مضافاً إلى معرفتهم التامة بأن الإمام (عليه السلام) على علم كامل وتام بكل ما يصدر منهم من تحركات ونشاط، وبكل الدسائس والمؤامرات التي ربما يحيكونها ضده؛ وأنه بإمكانه أن يفضحهم في عقر دارهم؛ ولا يكون لهم أي قيمة في الأمة، وهذا هو الذي جعلهم طرفاً في عدائهم للسلطات والسفراء على حدٍ سواء، ولم يكن في مستطاعهم وهم يمثلون أضيق الاتجاهات وأضعفها في أن يحاربوا في جهتين ويبذلوا نشاطهم في أكثر من ميدان، مما عجّل في خاتمة أمرهم وإنهاء حسابهم.
المبحث الرابع: التراث الذي خلفه محمد بن عثمان بن سعيد العمري للأمة الإسلامية
لقد خلف محمد بن عثمان العمري تراثاً خالداً للأجيال والأمة الإسلامية مع تصديه لمهمة السفارة عن الإمام المهدي (عليه السلام).. ونلخصه بما يلي:
أولاً- ما تركه من روايات وأحاديث عن الأئمة وكتب ومؤلفات:
لقد كانت بغداد في أواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث مسرحاً عاماً للحوادث السياسية والفكرية؛ وقد خلف محمد بن عثمان العمري تراثاً ضخماً من الروايات والأحاديث عن الأئمة (عليهم السلام) وكتباً صنّفها في مختلف العلوم فقد روى الطوسي بإسناده عن أبي نصر هبة الله قال: كان لأبي جعفر محمد بن عثمان العمري كتباً مصنّفة في الفقه، مما سمعها من أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) ومن الصاحب (عليه السلام)، ومن أبيه عثمان بن سعيد عن أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام)، وعن أبيه علي بن محمد الهادي (عليه السلام) فيها كتب ترجمتها: كتب الأشربة. وذكرت الكبيرة أم كلثوم بنت أبي جعفر محمد بن عثمان (رضي الله عنه) أنها وصلت إلى ابي القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه) عند الوصية اليه(١٥٠).
والغريب من النجاشي والطوسي:
أنهما ذكراه فيمن لم يرو عن الأئمة (عليهم السلام)، مع ما تراه من روايته عن الإمامين الهادي والعسكري (عليه السلام)، قال السيد الخوئي: مقتضى ذلك أن محمد بن عثمان بن سعيد له كتاب وله رواية عن العسكري (عليه السلام) والصاحب (عليه السلام)، فكان على النجاشي والشيخ أن يذكراه في كتابيهما؛ وأنه لا وجه لعدّه فيمن لم يرو عنهم (عليهم السلام)، كما صنعه الشيخ (قدّس سرّه). ثم قال: ويمكن الاعتذار عن كلا الأمرين:
أما عن الأول:
فبأن الكتاب على ما يظهر من الرواية كان من الودائع عن السفراء، فلم يره أحد من العلماء والرواة، ولذلك لم يتعرض النجاشي والشيخ له.
وأما عن الثاني:
فبأن رواية محمد بن عثمان عن العسكري (عليه السلام) لم تثبت إلا فيما رواه ابن نوح من رواية محمد بن عثمان عن العسكري (عليه السلام) في الكتاب المزبور، وقد عرفت حال الكتاب. وأما روايته عن الصاحب (عليه السلام) فهو وإن كان أمراً ثابتاً وتقدم بعضها، إلا أن الشيخ الطوسي (رحمه الله) لم يتعرض في رجاله لمن روى عن الصاحب (عليه السلام)، باعتبار أن الرواة عنه (عليه السلام) لم ينحصر في السفراء إلا نادراً، فلأجل ذلك لم يجعل الشيخ لهذا باباً، وأدرج من روى عن الصاحب (عليه السلام) أيضاً فيمن لم يرو عنهم (عليهم السلام)(١٥١).
وقال التستري معتذراً للشيخ الطوسي والنجاشي قائلاً: إن عدم عنوان الفهرست له ورجال النجاشي غفلة بعد كونه ذا كتاب(١٥٢). والله اعلم.
وأما رواياته وأحاديثه عن الأئمة (عليهم السلام):
فقد روى عنهم (عليهم السلام) في مجالات مختلفة وأبواب عديدة من العلوم ونلخص بعضها بما يلي:
رواياته في أن الأرض لا تخلو من حجة(١٥٣)؛ وأن المهدي (عليه السلام) يحضر كل موسن حج وما قاله (عليه السلام) في الموسم(١٥٤) ودعاء الفرج الذي قرأه الإمام المهدي (عليه السلام)(١٥٥)، ومعاجز رآها في ولادة الإمام المهدي (عليه السلام)(١٥٦)؛ والأموال التي كانت تصل للإمام المهدي (عليه السلام) وقضية التشكيك(١٥٧)؛ وزيارة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) والصالحين تزيد في الرزق(١٥٨)؛ وروايته عن الإمام المهدي (عليه السلام) في دعاء المؤمن ودعاء الكافر(١٥٩).. الخ.
وأما أدعيته عن الأئمة (عليهم السلام):
فقد قدم محمد بن عثمان العمري تراثاً ضخماً من الأدعية إلى الأمة الإسلامية، فكان منها أدعية ذات مضامين تربوية وعرضه فيها: إنماء الملكات الروحية والنفسية السائرة نحو التكامل؛ وإضعاف الغرائز الجامحة في الإنسان وانتشاله من هوّة الشهوات، وتهذيب طباعه، وتطهيره من الآثام لكي يستخدم قواه ومواهبه في كل خير، وجاءت الأدعية التي رواها محمد بن عثمان عن أئمته (عليهم السلام) أو قالها بنفسه معالجة مشكلة الإنسان وهمومه، وهي تقوم على ناحيتين: الأولى زرع بذور الخير والأمالي وسقيها بماء العقيدة، وتقوية هذا الشعور بتوفير الأجواء الملائمة لاحتضانها لكي تعطي ثماراً صالحة. الثانية: تنمية الرغبة والرهبة من الله تعالى لأنها وحدها التي يتشعب عنها جذور الخير والتآلف وإيجاد الوازع الديني في النفس مرافقاً له في سره وعلانيته ليمنعه عن ارتكاب المعاصي، ويوقفه عن ارتكاب الجرائم. ولقد رسمت تلك الأدعية العلاقات الاجتماعية والعائلية وغرضهم زرع بذور المجتمع الصالح؛ ومنها التام لله سبحانه وتعالى، وهناك نموذجاً آخر من الدعاء يعبّر عنه بالدعاء السياسي، وقد استعمله الأئمة (عليهم السلام) كسلاح وزرع الخوف والرعب في قلوبهم لزعزعة كيانهم وتشتيت كلمتهم، وإيقاد الجذوة في نفوس المؤمنين وشحذها وتقويتها. وإليك ما ورد من أدعية كما أن تراثاً خلّفه محمد بن عثمان العمري عن الأئمة (عليهم السلام) ومنها أدعية مأثورة ومشهورة تقرأ دائماً في مرّ الأيام ولها إشراقات روحية في النفوس.
ومنها:
دعاء الافتتاح:
وهو الدعاء المشهور الذي يقرأ في شهر رمضان المبارك كل ليلة.. قال ابن طاووس نقلاً عن كتاب محمد بن قرة عن أبي عمرو محمد بن نصر السكوني (رضي الله عنه) قال: سألت أبا بكر محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي أن يخرج إليّ أدعية في شهر رمضان التي كان عمه أبو جعفر محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) يدعو بها فأخرج إليّ دفتراً مجلداً بأحمر فنسخت منه أدعية كثيرة، ومن جملتها: وتدعو بهذا الدعاء في كل ليلة من شهر رمضان، فإن الدعاء في هذا الشهر تسمعه الملائكة وتستغفر لصاحبه(١٦٠). وقال النوري في تحية الزائر ما ترجمته: وأسند العلامة المجلسي هذا الدعاء إلى صاحب الأمر (عليه السلام) وكتب للشيعة أن يقرأ كل ليلة من شهر رمضان(١٦١)، وأوله: بسم الله الرحمن الرحيم: اللهم إني افتتح الثناء بحمدك وأنت مسدد للصواب بمنك.. الخ(١٦٢).
ومنه دعاء السمات:
قال المجلسي: وهذا الدعاء من الأدعية المشهورة التي اشتهرت بين أصحابنا غاية الاشتهار في جميع الأعصار والأمصار، وكانوا يواظبون عليه ويعرف بدعاء «الشبور» و«السماء» بمعنى العلامات، والشبور بمعنى البوق الذي ينفخ فيه. روى المجلسي بإسناد صحيح عن الحسين بن أحمد بن أحمد بن عمر بن الصباح قال: حضرت مجلس الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري (قدّس سرّه) فقال بعضنا له: يا سيدي، ما بالنا نرى كثيراً من الناس يصدقون شبور اليهود على من سرق منهم، وهم ملعونون على لسان عيسى ابن مريم ومحمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)؟ فقال: لهذا علّتان، ظاهرة وباطنة، فأما الظاهرة: فإنها أسماء الله ومدائحه، إلا أنها عندهم مبتورة، وعندنا صحيحة موفورة، عن سادتنا أهل الذكر، نقلها لنا خلف عن سلف، حتى وصلت إلينا. وأما الباطنة: فإنا روينا عن العالم _أي الإمام المهدي (عليه السلام)_ أنه قال: إذا دعا المؤمن يقول الله عزَّ وجلَّ دعاؤه شوقاً مني إليه، وإذا دعا الكافر يقول الله عزَّ وجلَّ صوت أكره سماعه؛ اقضوا حاجته وعجلوها له حتى لا أسمع صوته، ويشتغل بما طلبه عن خشوعه-قالوا: فنحن نحب أن تملي علينا دعاء السمات الذي هو للشبور حتى ندعو به على ظالمنا ومضطهدنا والمخاتلين لنا والمتغررين علينا؟! فقال محمد بن عثمان العمري: حدثني أبو عمو عثمان بن سعيد قال: حدثني محمد بن راشد قال: حدثني محمد بن سنان قال: حدثني المفضل بن عمر الجعفي أن خواصاً من الشيعة سألوا عن هذه المسألة بعينها أبا عبد الله _الصادق (عليه السلام)_ فأجابهم بمثل الجواب(١٦٣).
وكان يوشع بن نون وصي موسى (عليه السلام) قد دعا بهذا الدعاء وعلّمه خواص بني اسرائيل.. قال الكفعمي: وهو مروي عن الصادق أيضاً بعينه إلا أنه ذكر أن محاربة العماليق كانت مع موسى (عليه السلام)(١٦٤). وقد روي فيه فضائل عديدة في قراءته، فقد روي عن الباقر (عليه السلام) أنه قال: لو حلفت أن في هذا الدعاء الاسم الأعظم لبررت، فادعوا به على ظالمنا ومضطهدنا والمتغررين بنا(١٦٥)، وقال (عليه السلام) أيضاً: هذا من مكنون العلم ومخزونه؛ فادعوا به ولا تبذلوه للنساء السفهاء والصبيان والظالمين والمنافقين(١٦٦)... الخ من الفضائل في قراءته(١٦٧). وقال عثمان بن سعيد العمري: قال محمد بن علي الراشدي: ما دعوت به في مهم ولا ملم الا ورأيت سرعة الإجابة(١٦٨). وقد ذكر المجلسي أنه يستحب الدعاء به في آخر ساعة من نهار الجمعة، وقد تصدى الكفعمي لشرح هذا الدعاء؛ فأخذت منه بعض الفوائد لبسط الكلام فيه لكونه من الأدعية المشهورة، وقد اشتمل هذا الدعاء على ألفاظ غريبة تحتاج إلى الشرح والبيان(١٦٩).. وهذا الدعاء هو: قال الشيخ الطوسي في المصباح: دعاء السمات مروي عن العمري محمد بن عثمان العمري وهو: اللهم إني اسألك باسمك العظيم الأعظم _ثلاث مرات_ الأعز الأجل الأكرم الذي إذا دعيت به على مغاليق ابواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت للفتح بالرحمة انفتحت، واذا دعيت به على مضائق ابواب الارض لفرج انفرجت... إلخ(١٧٠).
ومنها: دعاء أمير المؤمنين في الاستجارة وهو افضل أدعيته (عليه السلام):
قال ابن طاووس: ومن ذلك الدعاء المفضل على كل دعاء لأمير المؤمنين (عليه السلام) والباقر والصادق عرض على ابي جعفر محمد بن عثمان العمري (قدّس سرّه) فقال: ما مثل هذا الدعاء... وقال: قراءة هذا الدعاء من افضل العبادات وهو: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم انت ربي وأنا عبدك.. إلخ(١٧١).
ومنها: دعاء عبد الفطر المبارك(١٧٢)، ودعاء رجب في كل يوم، حيث روى الطوسي أنه أخرج هذا التوقيع الشريف من الناحية المقدسة على يدي أبي جعفر محمد بن عثمان العمري وهو: بسم الله الرحمن الرحيم؛ اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك المأمونون على سرّك المستبشرون بأمرك.. إلخ(١٧٣).
ومنها: صلاة وزيارة ودعاء للإمام المهدي (عليه السلام):
قال المجلسي: قال مؤلف المزار الكبير: ذكر التوجه إلى الحجة صاحب الزمان (عليه السلام) بعد صلاة اثنتي عشرة ركعة.. الخ(١٧٤)، والظاهر أن الصلاة قبل الزيارة. روى صاحب المزار وغيره عن أبي الحسين حمزة محمد بن الحسن شبيب قال: عرفنا أبو عبد الله أحمد بن ابراهيم النوبختي قال: شكوت إلى ابي جعفر محمد بن عثمان شوقي إلى رؤية مولانا (عليه السلام) فقال لي: مع الشوق تشتهي أن تراه؟! فقلت: نعم فقال لي: شكر الله شوقك وأراك وجهه في سرّ وعافية، لا تلتمس يا أبا عبد الله أن تراه، فإن أيام الغيبة تشتاق إليه، ولا تسأل الاجتماع معه، إنها عزائم الله والتسليم لها أولى، ولكن توجه إليه بالزيارة بعد صلاة اثنتي عشر ركعة... إلخ (١٧٥). أقول: قوله: لا تلتمس يا أبا عبد الله أن تراه... إلخ المراد منه رؤيته مطلقاً فهو غير ممنوع أصلاً، ولو كان ممنوع مطلقاً ولو في بعض الاحيان، لم يتفق لاحد من أهل الايمان حتى السفراء انفسهم، وهذا مخالف للعيان، لان الحكايات والروايات بهذا المرام من المؤمنين يوجب اليقين لأهل اليقين.
ومنها أدعية الأئمة (عليهم السلام) وقنوتاتهم في الودائع المستحفظة:
قال ابن طاووس: وجدت في هذا الاصل الذي نقلت منه القنوتات هذه ما هذا لفظه مما يأتي ذكره بغير اسناد؛ ثم وجدت بعد سطر هذه القنوتات اسنادها في كتاب عمل رجب وشعبان ورمضان تأليف احمد بن محمد بن عبد الله بن عباس (رحمه الله) فقال: حدثني ابو الطيب الحسن بن احمد بن محمد بن عمر بن الصباح القزويني، وابو الصباح محمد بن أحمد بن محمد البغدادي الكاتبان قالا: جرى بحضرة شيخنا فقيه العصاية ذكر مولانا أبي محمد الحسن ابن امير المؤمنين (عليه السلام)؛ فقال رجل من الطالبيين: انما ينتقم منه الناس تسليم هذا الامر إلى ابن ابي سفيان! فقال شيخنا: رأيت أيضاً مولانا أبا محمد المجتبى اعظم شأناً وأعلى مكاناً؛ وأوضح برهاناً من أن يقدح في فعل له اعتبار المعتبرين! او يعترضه شك الشاكين وارتياب المرتابين؛ ثم انشأ يحدث فقال: لما مضى سيدنا الشيخ ابو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري _رضي الله عنه وأرضاه وزاده علواً فيما أولاه_ وفرغ من أمره، جلس الشيخ ابو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر _زاد الله توفيقه_ للناس بقية نهار يومه في الدار الماضي (رضي الله عنه) _أي محمد بن عثمان العمري_ فأخرج إليه ذكاء الخادم الأبيض مدرجاً وعكازاً وحقة خشب مدهونة، فأخذ العكاز فجعله في حجزه على فخذيه، واخذ المدرج بيمينه والحقه بشماله، فقال الورثة: في هذا المدرج ذكر ودائع؛ فنشره ابن روح-فاذا هي أدعية وقنوت موالينا الأئمة (عليهم السلام) وفيه قنوت مولانا أبي محمد الحسن ابن امير المؤمنين (عليه السلام) وأملاها علينا من حفظه، فكتبناها على ما سطر في هذه المدرجة وقالوا: احتفظوا بها كما تحتفظون بمهمات الدين، وعزمات رب العالمين جل وعز(١٧٦)... وهي قنوتات وادعية للائمة (عليهم السلام) إلى الحجة المهدي (عليه السلام) وهي طويلة جداً مذكورة في كتب الادهية فراجعها(١٧٧).
أما تراثه فيما خرج من توقيعات:
وخرج من محمد بن عثمان العمري توقيعات كثيرة من امامه المهدي (عليه السلام) للامة الاسلامية في امور وقضايا عديدة.. تلخص بعضها بما يلي:
التوقيع الاول:
النهي عن ذكر اسم الامام المهدي (عليه السلام) وحكمة النهي عن ذلك:
روى المجلسي بإسناده عن علي بن صدقة القمي قال: خرج الي محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) ابتداء من غير مسألة: ليخبر الذين يسألون عن الاسم اما السكوت والجنة، واما الكلام والنار؛ فانهم ان وقفوا على الاسم اذاعوه، وان وقفوا على المكان دلّو عليه(١٧٨).
التوقيع الثاني: مسألة كلامية وهي تفويض الخلق والرزق:
ورد عن ابي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه او قال: أبو الحسن علي بن محمد بن احمد الدلال القمي(١٧٩) قال: اختلف جماعة من الشيعة في ان الله عزّ وجلّ فوّض إلى الائمة (عليهم السلام) ان يخلقوا ويرزقوا؟ فقال قوم: هذا محال لا يجوز على الله تعالى، لان الاجسام لا يقدر على خلقها غير الله تعالى؛ وقال اخرون بل الله تعالى اقدر على الائمة على ذلك وفوّضه اليهم فخلقوا ورزقوا.. وتنازعوا في ذلك نزاعاً شديداً، فقال قائل: ما بالكم لا ترجعون إلى ابي جعفر محمد بن عثمان العمري فتسألونه عن ذلك، فيوضح لكم الحق فيه، فان الطريق إلى صاحب الامر (عليه السلام)، فرضيت الجماعة بأبي جعفر وسلّمت وأجابت إلى قوله؛ فكتبوا المسألة وأنفذوها اليه؛ فخرج اليهم من جهته توقيع نسخته: ان الله تعالى هو الذي خلق الاجسام وقسم الارزاق لأنه ليس بجسم ولا حال في جسم، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، واما الائمة (عليهم السلام) فانهم يسألون الله تعالى، فيخلق؛ ويسألونه فيرزق، ايجاباً لمسألتهم، واعظاماً لحقّهم(١٨٠).
التوقيع الثالث: متى يظهر المهدي (عليه السلام)؟
روى الصدوق بإسناده عن علي بن همام قال: سمعت محمد بن عثمان العمري (قدّس سرّه) يقول: خرج توقيع بخطه نعرفه: من سماني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله، فقال أبو علي بن همام: وكتبت أسئلة عن الفرج متى يكون؟ فخرج إليّ: كذب الوقاتون(١٨١).
التوقيع الرابع: الموسوعة الفقهية للإمام المهدي (عليه السلام):
روى الصدوق بإسناده عن ابي الحسن محمد بن جعفر الاسدي قال: كان فيما ورد عليّ من الشيخ ابي جعفر محمد بن عثمان العمري (قدّس سرّه) في جواب مسائل صاحب الزمان (عليه السلام): اما ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها: فلئن كان يقول الناس: ان الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان، فما ارغم أنف الشيطان أفضل من الصلاة، فصلها وارغم أنف الشيطان... الخ(١٨٢) وهو توقيع طويل جداً وردت فيه مسائل عديدة وفروع فقهية متنوعة في كل الأبواب فراجعها في مظانها.
التوقيع الخامس: معجزات المهدي (عليه السلام):
وروى المجلسي بإسناده عن ابي الحسين الاسدي قال: ورد علي توقيع من الشيخ ابي جعفر محمد بن عثمان العمري (قدّس سرّه) ابتداء لم يتقدمه سؤال منه نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم، لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من استحل من اموالنا درهماً. قال ابو الحسين الاسدي (رحمه الله): فوقع في قلبي ان ذلك فيمن استحل من مال الناحية درهماً دون من أكل منه غير مستحل؛ وقلت في نفسي: ان ذلك في جميع من استحل محرماً!! فأي فضل في ذلك للحجة (عليه السلام) على غيره؟! قال: فوالذي بعث محمداً بالحق بشيراً، لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلى ما كان في نفسي: بسم الله الرحمن الرحيم: لعنة الله والملائكة والناس اجمعين على من أكل من مالنا درهماً حراماً(١٨٣) قال أبو جعفر محمد بن محمد الخزاعي: أخرج إلينا أبو علي الأسدي هذا التوقيع حتى نظرنا فيه وقرأناه(١٨٤).
التوقيع السادس: فضيحة المنحرفين.. وأجوبة عامة في الفقه والسياسة:
روى الكليني عن اسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري (رحمه الله) أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام): أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك ووقاك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا فاعلم انه ليس بين الله عزّ وجلّ وبين أحد قرابة، ومن أنكرني فليس مني، وسبيله سبيل ابن نوح؛ واما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل أخوة يوسف (عليه السلام)(١٨٥)... واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله.. واما ظهور الفرج: فانه لله وكذل الوقاتون، واما الفقاع فشربه حرام ولا بأس بالشلماب، وأما أموالكم فلا نقبلها إلا لتطهروا فمن شاء فليصل، ومن شاء فليقطع! وأما قول من زعم أن الحسين (عليه السلام) لم يقتل فكفر وتكذيب وضلال؛ وأما محمد بن عثمان العمري، فرضي الله عنه وعن أبيه من قبل، فإنه ثقتي وكتابه كتابي، وأما محمد بن علي بن مهزيار الأهوازي: فسيصلح الله قلبه ويزيل عنه شكه، وأما ما وصلنا به، فلا قبول عندنا الا لما طب وطهر؛ وثمن المغنية حرام، وأما محمد بن شاذان بن نعيم فإنه رجل من شيعتنا أهل البيت (عليهم السلام)، وأما أبو الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع ملعون وأصحابه ملعونون فلا تجالس أهل مقالتهم، فإني منهم بريء وآبائي (عليهم السلام) منهم براء، وأما المتلبسون بأموالنا، فمن استحل منها شيئاً فأكله فإنما يأكل النيران، وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا(١٨٦) وجعلوا منه في حلّ إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث، وأما ندامة قوم شكّوا في دين الله على ما وصلونا به فقد أقلنا من استقال؛ فلا حاجة إلى صلة الشاكين(١٨٧).
التوقيع السابع: فائدة الغيبة وعلتها:
روى الطوسي بإسناده عن اسحاق بن يعقوب قال: انه ورد عليّ من الناحية المقدسة على يد محمد بن عثمان العمري: وأما علّة ما وقع من الغيبة؛ فإن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾(١٨٨)؛ إنه لم يكن أحد من آبائي الا وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه؛ واني أخرج من حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي، وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس اذا غيبتها عن الأبصار، وإني أمان لأهل الأرض كما ان النجوم امان لأهل السماء، فاغلقوا ابواب السؤال عما لا يعنيكم ولا تتكلفوا على ما قد كفيتم، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ في ذلك فرجكم والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتبع الهدى(١٨٩).
التوقيع الثامن: في طلب العاقبة:
روى المجلسي بإسناده عن أحمد بن روح قال: خرجت إلى بغداد في مال لأبي الحسن الخضر بن محمد لأوصله، وأمرني أن أدفعه إلى ابي جعفر محمد بن عثمان العمري، فأمرني أن لا أدفعه إلى غيره؛ وأمرني أن اسأل الدعاء للعلّة التي هو فيها، واسأله عن الوبر يحلّ لبسه؟! فدخلت إلى بغداد وصرت إلى العمري، فأبى أن يأخذ المال فقال: صر إلى أبي جعفر محمد بن أحمد، وأدفع إليه فإنه أمره بأن يأخذه، وقد خرج الذي طلبت؛ فجئت إلى أبي جعفر فأوصلته إليه، فأخرج إليّ رقعة فيها بسم الله الرحمن الرحيم سألت الدعاء عن العلة التي تجدها، وهب الله لك العافية ودفع عنك الآفات، وصرف عنك بعضه ما تجده من الحرارة، وعافاك وصح جسمك... إلخ(١٩٠).
ذكرنا ان المعجزة بمفهومها الديني قد اصبحت في ضوء المنطق العلمي الحديث مفهومة بدرجة اكبر مما كانت عليه في ظل وجهة النظر الكلاسيكية إلى علاقة السببية، فقد تحولت تلك العلاقة في المنطق العلمي الحديث إلى قانون الاقتران او التتابع المطرد بين الظاهرتين دون افتراض تلك الضرورة الغيبية؛ فتتحول المعجزة على هذا إلى حالة استثنائية لهذا الاطراد في الاقتران من دون ان تصطدم بضرورة أو تؤدي إلى استحالة، ولكنها بناء على الاسس المنطقية للاستقراء تتفق مع وجهة النظر الحديثة، في ان الاستقراء لا يبرهن على علاقة الضرورة بين الظاهرتين، ولكننا نرى انه يدل على وجود تفسير مشترك لاطراد التقارب او التعاقب بين الظاهرتين باستمرار، وهذا التفسير المشترك يمكن صياغته على اساس افتراض حكمة دعت منظم الكون إلى ربط ظواهر معينة بظواهر اخرى باستمرار، فتدعو الحكمة بنفسها احياناً إلى الاستثناء فتحدث المعجزة(١٩١)-لقد صارت معاجز الامام المهدي (عليه السلام) على يدي سفيره محمد بن عثمان العمري وهي تدل على صدق مقالته وصحة بابيته، ودليل واضح على امام من انتموا اليه(١٩٢).
وقد اعتادت الأمة ان لا تقبل أي ادعاء في امر ما الا بعد ان يقام لها اية معجزة؛ وقد اقام العمري المعاجز الكثيرة التي ظهرت على يديه من امامه المهدي (عليه السلام)(١٩٣)، فكان ابو جعفر يخبر عن عجائب الامور التي لا يقف عليها الا الله سبحانه وتعالى(١٩٤)، أو الانبياء والأئمة (عليهم السلام) من قبل الله الذي يعلم السرائر وما تخفي الصدور(١٩٥). ونلخص بعض ما ظهر من معجزات الامام المهدي (عليه السلام) التي ظهرت على يدي سفيره محمد بن عثمان العمري.
أولاً- الاخبار عن امور غيبية مدهشة:
روى الطوسي بإسناده عن ابي نصر هبة الله قال: حدثني جماعة من بني نوبخت منهم ابو الحسن بن كثير النوبختي (رحمه الله) وحدثني به ام كلثوم بنت ابي جعفر محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه): انه حمل إلى ابي (رضي الله عنه) في وقت من الاوقات ما ينفذه إلى صاحب الامر (عليه السلام) من قم ونواحيها؛ فلما وصل الرسول إلى بغداد ودخل إلى ابي جعفر واوصل اليه ما دفع اليه وودعه، وجاء لينصرف قال له ابو جعفر: قد بقي شيء مما استودعته فأين هو؟ فقال له الرجل: لم يبق شيء يا سيدي؟! وقد سلّمته!! فقال له ابو جعفر: بلى، قد بقي شيء فارجع إلى ما معك وفتشه وتذكر ما دفع اليك؛ فمضى الرجل فبقي اياماً يتذكر ويبحث ويفكر فلم يذكر شيئاً ولا أخبره من كان في جملته! فرجع إلى ابي جعفر فقال له: لم يبق شيء في يدي مما سلم إليّ وقد حملته إلى حضرتك، فقال له ابو جعفر: فإنه يقال لك: الثوبان السردانيان(١٩٦) اللذان دفعهما اليك فلان بن فلان ما فعلا؟! فقال له الرجل: والله يا سيدي لقد نسيتهما حتى ذهبا عن قلبي، ولست ادري الان اين وضعتهما، فمضى الرجل فلم يبق شيء كان معه الا فتشه وحلّه؛ وسأل من حمل اليه شيئاً من المتاع ان يفتش ذلك، فلم يقف لهما على خبر! فرجع إلى ابي جعفر فاخبره فقال له ابو جعفر: يقال لك: امضِ إلى فلان بن فلان القطان الذي حملت اليه العدلين القطن في دار القطن فافتق احدهما، وهو الذي عليه مكتوب كذا وكذا فانهما في جانبه؛ فتحير الرجل مما اخبر به ابو جعفر، ومضى لوجهه إلى الموضع، ففتق العدل الذي قال له افتقه، فاذا الثوبان في جانبه قد اندسا مع القطن؛ فأخذهما وجاء بهما إلى أبي جعفر فسلمهما اليه وقال: لقد نسيتهما لأني لما شددت المتاع بقيا، فجعلتهما في جانب العدل ليكون ذلك أحفظ لهما، وتحدث الرجل بما رآه وأخبر به ابو جعفر العمري عن عجيب الامر الذي لا يقف اليه إلا نبي أو إمام من قبل الله الذي يعلم السرائر وما تخفي الصدور.
ولم يكن هذا الرجل يعرف ابا جعفر العمري، وإنما أنفذ على يده كما ينفذ التجار إلى اصحابهم على يد من يثقون به؛ ولا كان معه تذكرة سلمها إلى ابي جعفر ولا كتاب؛ لان الامر كان حاد جداً في زمان المعتضد والسيف يقطر دماً كما يقال، وكان سرّاً بين الخاص من أهل هذا الشأن(١٩٧).
ثانياً- معاجز متتابعة:
وروى المجلسي بإسناده عن محمد بن متيل قال: قال عمي جعفر بن متيل: دعاني ابو جعفر محمد بن عثمان المعروف بالبغدادي وأخرج إليّ ثويبات معلمة وصرة دراهم فقال لي: تحتاج أن تصير بنفسك إلى واسط في هذا الوقت وتدفع ما دفعت اليك إلى اول رجل يلقاك عند صعودك من المركب إلى الشط بواسط، قال: فتداخلني من ذلك غم شديد وقلت: مثلي في هذا الامر ويحمل اليه هذا الشيء الوتح _أي القليل التافه_ قال: فخرجت إلى واسط وصعدت من المركب فأول رجل تلقاني سألته عن الحسن بن محمد بن قطاة الصيدلاني وكيل الوقف بواسط، فقال: أنا هو؛ من أنت؟ فقلت: أنا جعفر بن محمد بن متيل، قال: فعرفني باسمي وسلّمت عليه، وتعانقنا، فقلت له: أبو جعفر العمري يقرأ عليك السلام، ودفع إليّ الثويبات وهذه الصرة لأسلمها إليك، فقال: الحمد لله، فإن محمد بن عبد الله العامري قد مات!! وخرجت لأصلح كفنه؛ فحلّ الثياب؛ فإذا بها ما يحتاج إليه من حبرة وثياب وكافور، وفي الصرة كرى الحمالين والحفّار!!، قال فشيعنا جنازته وانصرفت(١٩٨).
ثالثاً- الأموال الناقصة:
روى المفيد بإسناده عن علي بن محمد بن شاذان النيسابوري قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم ينقص عشرون درهماً؛ فلم أحب أن أنفذها ناقصة، فوزنت من عندي عشرون درهماً وبعثتها إلى الأسدي _أبي جعفر العمري_ ولم أكتب ما لي فيها؛ فورد الجواب: وصلت الخمسمائة درهم؛ لك منها عشرون درهماً(١٩٩).
رابعاً- قصة الدينوري وما فيها من الأعاجيب:
روى المجلسي بإسناده عن أبي العباس أحمد الدينوري الملقب «بأستارة» قال: انصرفت من أردبيل إلى دينور وأنا أريد أن أحج، وذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) بسنة أو سنتين _الترديد عن الراوي_ فاستبشر أهل دينور بموافاتي، واجتمع الشيعة عندي فقالوا: اجتمع عندنا ستة عشر الف دينار من مال الموالي ونحتاج أن نحملها معك، وتسلمها بحيث يجب تسليمها. قال: فقلت يا قوم هذه حيرة ولا نعرف الباب في هذا الوقت، فقالوا: إنما اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك وكرمك، فاعمل على أن لا تخرجه من يديك إلا بِحُجَّة... إلخ(٢٠٠) والخبر طويل جداً اقتصرنا على هذا فراجعه في مصدر ففيه العجائب المدهشة.
خامساً- قصة صاحب الشهباء:
روى الراوندي بإسناده عن أبي الحسين المسترق الضرير قال: كنت يوماً من الأيام في مجلس الحسن بن عبد الله بن حمدان ناصر الدولة؛ فتذاكرنا أمر الجماعة _أي الشيعة_ وكنت أزري عليها إلى أن حضرت مجلس عمي الحسين يوماً فأخذت أتكلم في ذلك، فقال: يا بني قد كنت أقول مقالتك هذه إلى ان ندبت لولاية قم حين استعصيت على السلطان وكان كل من ورد اليها من جهة السلطان يحاربه أهلها، فسلم إليّ جيش وخرجت نحوها، فلما بلغت إلى ناحية ((طرز)) خرجت إلى الصيد؛ ففاتتني طريدة فاتبعتها وأوغلت في أثرها حتى بلغت النهر فسرت فيه، فكلما أسير يتسع النهر؛ فبينما أنا كذلك إذ طلع فارس تحته شهباء وهو متعمم فعمامة خضراء لا يرى منه سوى عينيه وفي رجليه خفاوان حمراوان.. فقال: يا حسين!! ولم يحترمني ولا كنّاني فقلت: ما تريد؟ قال: كم تزرأ على الناحية(٢٠١)... إلخ وهو خبر طويل أيضاً فراجعه.
المبحث السادس: وفاة محمد بن عثمان العمري
انطلقت الحركة التغييرية والاصلاحية عند الائمة (عليهم السلام) من منطلقين اساسيين أحدهما: الالتزام بالمبدأ الرسالي حرفيا وعدم التفريط به مطلقاً، وثانيهما: رعاية الظروف السياسية والاجتماعية والفكرية السائدة في المجتمع والسلطات الحاكمة، ويلتقي هذان الامران في ضرورة العمل الايجابي المحدد الشكل والادوات في ظل تلك الظروف. هذا بالنسبة للمجتمع التطبيقي لعمل الأئمة (عليهم السلام) ونشاطهم الحركي. وأما المنهج العقائدي والفكري فإنهم كانوا يمثلون كل ما تطلبه الشريعة فيترجموها في سلوكهم ترجمة حية وأمينة-ومن خلال نوفر مستلزمات القيادة بأعلى مستواه بسبب التجربة الكاملة مع الأمة؛ فإن السلطات كانت تراقب كل تحركاتهم، وقد حاولت مراراً تمييع أطروحتهم، وصهرها في الجهاز الحاكم، وعزلهم عن الأمة وأصحابهم (عليهم السلام)، والإكثار في معاناتهم، مما كان له أثراً سلبياً في كفكفة نشاطهم؛ ويظهر هذا من خلال سياسة الحذر والكتمان قولاً وفعلاً في سلوكهم، وانتقل الأئمة في تلك الظروف من مرحلة التوسع الأفقي إلى مرحلة الحفاظ على البقاء والاتصال بأصحابهم الذين امتلكوا الكفاءات العظيمة وصلابة العقيدة والمبدأ؛ فاعتمدوا عليهم في أمورهم ووثقوهم للأمة.
ليسهل عملهم؛ وفي الغيبة الصغرى للإمام المهدي (عليه السلام) قام محمد بن عثمان العمري بأمر السفارة خمسين عاماً برواية ابن هبة(٢٠٢).
ونشير هنا إلى مسامحة تاريخية في سفارة العمري:
إن الأولى أن تكون سفارة محمد بن عثمان العمري أربعين عاماً لا خمسين عاماً كما تقدم ذكره عن ابن هبة. لما عرفت من أن ولادة الإمام المهدي كانت عام ٢٥٦ه(٢٠٣)، وفي رواية أخرى أنها عام ٢٥٥ه، وبدأت السفارة عام ٢٦٠ه أي بعد وفاة أبيه (عليه السلام)(٢٠٤)، وكانت وفاة عثمان بن سعيد العمري _السفير الأول عن الإمام المهدي (عليه السلام)_ عام ٢٦٥ه(٢٠٥) أي أنها استغرقت خمسة أعوام(٢٠٦)، وكانت وفاة محمد بن عثمان العمري عام ٣٠٥ه؛ فعليه: تكون مدة سفارة محمد بن عثمان العمري أربعين عاماً لا أكثر!. ولو اعتمدنا على رواية هبة الله فإن سفارة محمد بن عثمان ستكون عام ٢٥٥ه، ولم يولد الإمام المهدي على رواية الطوسي بعد!!، ولا تنفعنا أيضاً على الرواية الأخرى، لأن الإمام العسكري (عليه السلام) كان قد توفي عام ٢٦٠ه ثم استغرقت سفارة عثمان بن سعيد العمري خمسة أعوام؛ فلا نتفق مع هبة الله في روايته، وفيها من المسامحة ما لا يخفى.
لقد أمر الإمام المهدي (عليه السلام) لمحمد بن عثمان العمري في أن يوصي لابن روح بعده قبل وفاته بسنوات؛ كما سيأتي ذكره في ترجمة ابن روح.
لقد كان محمد بن عثمان العمري شيخاً متواضعاً عليه مبطنة بيضاء؛ يقعد على لبد في بيت صغير، ليس له غلمان ولا له من المروة والفرس ما وجد لغيره(٢٠٧)، وكان قد حفر لنفسه قبراً ينزل فيه كل يوم فيقرأ فيه القرآن جزءً جزءً(٢٠٨)، ولم يترك من زخارف الدنيا وزينتها بعد وفاته سوى مدرجاً وعكازاً خشب مدهونة(٢٠٩)؛ مع ما كانت تصله من الأموال العظيمة من الأقطار الإسلامية، فلم يزدد إلا تواضعاً وإجلالاً، وكانت تحدد بحدود المصالح العامة لا بالزخارف والأبهة الظاهرية. لقد كان أبو جعفر العمري حسن السيرة، يرتدي اللباس المتواضع، وفي يده خاتم قد نقش عليه: (لا اله الا الله الحق المبين)؛ وكانت عليه أيضاً نقوش خواتيم الأئمة (عليهم السلام)... روى الطوسي بإسناده عن أبي علي محمد بن همام قال:
وعلى خاتم أبي جعفر محمد بن عثمان العمري السمات (رضي الله عنه) (لا اله الا الله الملك الحق المبين)؛ فسألته عنه فقال؛ حدثني أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) أنهم قالوا: كان لفاطمة (عليها السلام) خاتم فضة عقيق؛ فلما حضرتها الوفاة دفعته إلى الحسن (عليه السلام)، فلما حضرته الوفاة دفعه إلى الحسين (عليه السلام)، قال الحسين (عليه السلام): فاشتهيت أن أنقش عليه شيئاً، فرأيت في النوم المسيح ابن مريم (عليه السلام) فقلت له: يا روح الله، ما أنقش عليه؟! فقال: انقش عليه: (لا اله الا الله الملك الحق المبين)، فإنه أول التوراة وآخر الإنجيل(٢١٠). وروي أن محمد بن عثمان العمري (رحمه الله) كان قد حفر لنفسه قبراً وسواه بالساج؛ فسأله محمد بن علي الأسود القمي عن ذلك؟! فقال: للناس أسباب؛ وسألته عن ذلك؟ فقال: قد أمرت أن أجمع أمري، فمات بعد ذلك بشهرين (رضي الله عنه وأرضاه)(٢١١).
ودخل عليه أبو الحسن علي بن أحمد الدلال القمي ليسلم عليه، فوجده وبين يديه ساجة ونقاش ينقش عليها ويكتب آياً من القرآن؛ وأسماء الأئمة (عليهم السلام) على حواشيها، فقال له: يا سيدي؛ ما هذه الساجة؟ فقال: هذه لقبري تكون فيه، أوضع عليها، أو قال أسند عليها، وقد عرفت منه.
قال العمري: وأنا في كل يوم أنزل فيه فاقرأ جزءاً من القرآن فيه، فأصعد قال الراوي: وأظنه قال: فأخذ بيدي وأرانيه؛ فإذا يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا صرت إلى الله عزَّ وجلَّ ودفنت فيه وهذه الساجة معي-قال الدلال القمي: فلما خرجت من عنده أثبت ما ذكره ولم أزل مترقباً به ذلك؛ فما تأخر الأمر حتى اعتلّ أبو جعفر؛ فمات في اليوم الذي ذكره من الشهر الذي قاله من السنة التي ذكرها؛ ودفن فيه(٢١٢). وقد اختلف في تاريخ وفاته؛ فقد ذكر الطوسي بإسناده عن هبة الله قال: وجدت بخط أبي غالب الزراري (رحمه الله) وغفر له؛ أن أبا جعفر محمد بن عثمان العمري (رحمه الله) مات في آخر جمادي الأولى سنة خمسة وثلاثمائة(٢١٣)، ووافق هذا التاريخ جماعة من مؤرخي أهل السنة(٢١٤)؛ وفي رواية أخرى عن هبة الله محمد بن محمد قال: إن أبا جعفر العمري (رحمه الله) مات في سنة أربع وثلاثمائة(٢١٥)؛ والأولى هي الأصح بنظر الاعتبار، بحسب التسلسل التاريخي، وبعد وفاته (رحمه الله) قام ابن روح النوبختي بتغسيله وتكفينه والقيام بأموره(٢١٦)، ودفنه في دار الماضي أبيه(٢١٧)؛ وقبره عند والدته في شارع باب الكوفة، في الموضع الذي كانت دوره ومنازله فيه، وهو الآن في وسط الصحراء (قدّس سرّه)(٢١٨).
أقول: وقبره الآن مشيد معروف بالخلاني؛ يزار للذكرى والتبرك (قدّس سرّه)(٢١٩)، وفيه عمارة مشيدة وحولة بيوت عامرة.
الهوامش:
(١) بهجة الآمال للتبريزي: ٥/٣٣٢.
(٢) الطرائف في معرفة الطوائف: ابن طاووس: ١/١٨٤.
(٣) الصراط المستقيم: البيضاوي: ٢/٢٣٥.
(٤) الكامل في التاريخ: ابن الأثير: ٨/١٠٩.
(٥) المختصر في أخبار من غبر: ١/٦٩.
(٦) عدّة رسائل: المفيد: ٣٦١، والغيبة للطوسي: ٧٦.
(٧) رجال الطوسي: ٥٩.
(٨) تأسيس الشيعة: ٤١١.
(٩) سفينة البحار: ١/٣٢٧.
(١٠) تنقيح المقال: ٣/١٤٩.
(١١) معجم رجال الحديث: ١٦/٢٧٤.
(١٢) الغيبة للطوسي: ٢١٦ و٢٢١.
(١٣) الغيبة للطوسي ٢٢١.
(١٤) الغيبة للطوسي: ٢٢١.
(١٥) الغيبة للطوسي: ٢٢٣.
(١٦) الغيبة للطوسي: ٢١٨، كمال الدين للصدوق: ٢/١١٦.
(١٧) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(١٨) الغيبة للطوسي ٢٢٥ و٢٢٧.
(١٩) الغيبة للطوسي ٢٤٨وما بعدها.
(٢٠) الغيبة للطوسي: ٢٤٨.
(٢١) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٢٢) دلائل الطبري: ٣٥٠.
(٢٣) الغيبة للطوسي: ٢٢٣.
(٢٤) الإرشاد للمفيد: ٣٣٥.
(٢٥) الغيبة للطوسي: ٢٢٦.
(٢٦) الغيبة للطوسي: ١٧٩.
(٢٧) عقيدة الشيعة؛ رونلدسن: ٢٥٧.
(٢٨) الغيبة للطوسي: ١٨٠.
(٢٩) الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٨٠.
(٣٠) الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٧١.
(٣١) الأعراف ٤٣، الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٧٩.
(٣٢) اثبات الوصية: المسعودي: ٢٣١.
(٣٣) اثبات الوصية: المسعودي: ٢٣١.
(٣٤) تلخيص الشافي، للطوسي: ١/٥٩
(٣٥) ضحى الإسلام: ٢/٢٤٧
(٣٦) تاريخ بغداد للبغدادي: ٢/٢٨١.
(٣٧) الإمام الصادق والمذاهب الاربعة: أسد حيدر: ١/٣٢٠.
(٣٨) رجال الطوسي باب أصحاب الهادي (عليه السلام)؛ رجال البرقي: ٥٧؛ المناقب لابن شهرآشوب: ٤/٤٠٢.
(٣٩) سفينة البحار للقمي: ١/٣٢٧.
(٤٠) تنقيح المقال للمامقاني: ٣/١٤٩.
(٤١) رجال الطوسي: ٥٩؛ الخلاصة للعلامة: ٥٧؛ الطرائف لابن طاووس: ١/١٨٤؛ عدة رسائل للمفيد: ٣٦١؛ الغيبة للطوسي:٧٦.
(٤٢) إثبات الوصية للمسعودي: ٢٦٢؛ منتهى الآمال للقمي: ٢/٥٦٥.
(٤٣) انظر رجال الطوسي؛ ورجال البرقي في أصحاب العسكري (عليه السلام).
(٤٤) الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٧٧؛ كمال الدين للصدوق: ١/١٨٩؛ الغيبة للنعماني: ١٧٣؛ مجمع الرجال للقهبائي:٧/١٩١؛ الكامل لابن الأثير: ٨/١٠٩؛ المختصر لأبو الفداء: ١/٦٩.
(٤٥) قاموس الرجال للتستري: ٦/٢٤٨؛ معجم رجال الحديث للخوئي: ٦/١٤٥؛ الغيبة للطوسي: ٢١٤.
(٤٦) الغيبة للطوسي: ٢١٩ و١٦٦؛ الكافي للكليني: ٦/٣١٢.
(٤٧) الغيبة للطوسي: ٢٢٠.
(٤٨) تأسيس الشيعة للصدر: ٤١١.
(٤٩) الغيبة للطوسي: ٢١٦.
(٥٠) الغيبة للطوسي؛ والنعماني؛ وكمال الدين للصدوق؛ وإثبات الوصية؛ ومنتخب الأثر وغيرها.
(٥١) الغيبة للطوسي: ٢١٧.
(٥٢) كمال الدين للصدوق: ٢/١٠٦، الغيبة للطوسي: ٢٠١٧.
(٥٣) سفينة البحار للقمي: ١/١٥٩.
(٥٤) سفينة البحار للقمي: ١/١٥٩.
(٥٥) الغيبة للطوسي: ٢١٥.
(٥٦) الغيبة الصغرى – محمد الصدر: ٤٠٤.
(٥٧) الغيبة للطوسي: ٢١٩.
(٥٨) الغيبة للطوسي: ٢١٩.
(٥٩) الغيبة للطوسي: ٢٢١.
(٦٠) الغيبة للطوسي: ٢٢١.
(٦١) الغيبة للطوسي: ٢٢٠.
(٦٢) الغيبة للطوسي: ٢٢١.
(٦٣) الغيبة للطوسي: ٢٢١، تأسيس الشيعة للصدر: ٤١١، سفينة البحار: القمي: ١/٣٢٧.
(٦٤) الغيبة للطوسي: ٢٢٠.
(٦٥) الغيبة للطوسي: ٢٢٠ و٢٢٢.
(٦٦) الغيبة للطوسي: ٢٢٣، إعلام الورى: الطبرسي: ٤١٦.
(٦٧) الغيبة للطوسي: ٢٢٢.
(٦٨) الغيبة للطوسي، وكمال الدين للصدوق.
(٦٩) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٧٠) الغيبة للطوسي: ٢٢٠.
(٧١) الغيبة للطوسي: ٢٢٠.
(٧٢) الغيبة للطوسي: ٢٢١ و٢٢٧ و٢٤٨.
(٧٣) الغيبة للطوسي: ٢٢٧.
(٧٤) الغيبة للطوسي: ٢٣٨ و٢٢٠.
(٧٥) الغيبة للطوسي: ٢٢٧.
(٧٦) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٧٧) الغيبة للطوسي: ٢٣٥، الكامل في التاريخ: ابن الاثير: ٦/١٥٩، ابن الوردي: ١/٢٥٥؛ المختصر لأبي الفداء: ١/٦٩.
(٧٨) إثبات الوصية: المسعودي: ٢٦٢.
(٧٩) منتهى المقال: المامقاني ١/٢٤١؛ والغيبة الصغرى للصدر: ٤٨٠.
(٨٠) بحار الأنوار المجلسي: ٥٢/٣٨٠.
(٨١) الغيبة للطوسي: ٢٥٨.
(٨٢) الخرائج والجرائح للراوندي: ١٦٤.
(٨٣) الخرائج والجرائح للراوندي: ٦٧.
(٨٤) الخرائج والجرائح: ٦٧.
(٨٥) الخرائج والجرائح: ٦٧ و١٦٤، الغيبة للطوسي: ١٦٢.
(٨٦) الغيبة للطوسي: ٢٢٣.
(٨٧) الغيبة للطوسي: ١٧٩.
(٨٨) عقيدة الشيعة، رونلدسن: ٢٥٧.
(٨٩) إعلام الورى: الطبرسي: ٤٢١.
(٩٠) إعلام الورى: الطبرسي: ٤٢١.
(٩١) الغيبة للطوسي: ١٣٦ و١٣٧؛ تاريخ سامراء: المحلاتي: ٢/٢٥٦.
(٩٢) مروج الذهب: المسعودي: ٢٣٢ و٢٥١.
(٩٣) الخرائج والجرائح: الراوندي: ٦٧.
(٩٤) الخرائج والجرائح: الراوندي: ٦٧.
(٩٥) الغيبة للطوسي: ٢١٢ و٢١٣.
(٩٦) رسالة أبي غالب الزراري: ١١٥.
(٩٧) الكامل في التاريخ: ابن الاثير: ٦/٧٣.
(٩٨) مروج الذهب: المسعودي: ٤/١٨٤.
(٩٩) الكامل في التاريخ: ابن الأثير: ٦/٢٢١.
(١٠٠) الكامل في التاريخ: ٦/٢٣٧.
(١٠١) الكامل في التاريخ: ٦/٥١.
(١٠٢) الكامل في التاريخ: ٦/٥٣
(١٠٣) الكامل في التاريخ: ٦/١٣.
(١٠٤) الكامل في التاريخ: ٦/٥٥.
(١٠٥) الكامل في التاريخ: ٦/٥٥.
(١٠٦) مروج الذهب: المسعودي: ٤/١٤٥.
(١٠٧) مروج الذهب: المسعودي: ٤/١٥٨.
(١٠٨) الكامل في التاريخ: ٦/٢٣٧.
(١٠٩) الكامل في التاريخ: ٦/٢٣٧.
(١١٠) الكامل في التاريخ: ٦/٢٣٧.
(١١١) الكامل في التاريخ: ٦/٢٣٧.
(١١٢) الكامل في التاريخ: ٦/٦٧.
(١١٣) الكامل في التاريخ: ٦/٢٠٤.
(١١٤) انظر الملل والنحل للشهرستاني، فرق الشيعة للنوبختي، الفَرق بين الفِرقَ للبغدادي، الكامل في التاريخ لابن الأثير، تاريخ الطبري، وتاريخ بغداد للبغدادي وغيرها.
(١١٥) الغيبة للطوسي: ٢٤٤.
(١١٦) رجال الكشي للطوسي: ٤٣٨.
(١١٧) الغيبة للطوسي: ٢٤٥، رجال الكشي للطوسي: ٤٣٨، فرق الشيعة: النوبختي: ٩٣.
(١١٨) فرق الشيعة للنوبختي: ٩٣
(١١٩) الغيبة للطوسي: ٢٤٥.
(١٢٠) الغيبة للطوسي: ٢٤٥، فرق الشيعة للنوبختي: ٩٤، رجال الكشي: ٤٣٨.
(١٢١) الغيبة للطوسي: ٢٤٥.
(١٢٢) رجال النجاشي: ٦٥.
(١٢٣) رجال النجاشي: ٦٥.
(١٢٤) رجال الكشي للطوسي: ٤٤٩.
(١٢٥) رجال النجاشي: ٦٥.
(١٢٦) رجال الكشي للطوسي: ٤٥٠.
(١٢٧) المظنون أنه أحمد بن إسحاق القمي الأشعري.
(١٢٨) رجال الكشي للطوسي: ٤٥٠.
(١٢٩) رجال الكشي: ٤٥٠.
(١٣٠) الغيبة للطوسي: ٢٤٥.
(١٣١) الغيبة للطوسي: ٢٤٥.
(١٣٢) جامع الرواة للأردبيلي: ١/١٥٣، الخلاصة للعلامة: ٦٩.
(١٣٣) جامع الرواة، الأردبيلي: ١/١٥٣.
(١٣٤) الخلاصة للعلامة: ٦٩.
(١٣٥) الغيبة للطوسي: ٢٤٥.
(١٣٦) الغيبة للطوسي: ٢٤٦.
(١٣٧) الغيبة للطوسي: ٢٥٥.
(١٣٨) الغيبة للطوسي: ٢٥٦.
(١٣٩) المخمسة من الغلاة يقولون: إن الخمسة، سلمان، أبو ذر؛ المقداد، عمار، عمرو بن أمية الضمري هم الموكلون بمصالح العالم من قبل الرب. هامش الغيبة: ٢٥٦.
(١٤٠) الغيبة للطوسي: ٢٥٦.
(١٤١) الغيبة للطوسي: ٢٥٥.
(١٤٢) الغيبة للطوسي: ٢٥٥.
(١٤٣) الغيبة للطوسي: ٢٥٦.
(١٤٤) بحار الأنور، المجلسي: ٥١/٣٣٦.
(١٤٥) بحار الأنور، المجلسي: ٥١/٣٣٦.
(١٤٦) الغيبة للطوسي: ٢٥٦.
(١٤٧) الغيبة للطوسي: ٢٥٠.
(١٤٨) الغيبة للطوسي: ٢٥٥.
(١٤٩) الغيبة للطوسي: ٢٥٥.
(١٥٠) الغيبة للطوسي: ٢٢١.
(١٥١) معجم رجال الحديث: الخوئي: ١٦/٢٧٦.
(١٥٢) قاموس الرجال: ٨/٢٦٦.
(١٥٣) كمال الدين للصدوق: ٢/٨١.
(١٥٤) من لا يحضره الفقيه للصدوق: ٣/٣٠٧، الغيبة للطوسي: ٢٢٢.
(١٥٥) كمال الدين للصدوق: ١/٤٣٢، بحار الأنوار للمجلسي: ٥١/١٥.
(١٥٦) كمال الدين: ١/٤٣٣ و٤٢٥، منتخب الأثر للصافي: ٣٤٢.
(١٥٧) الغيبة للطوسي: ١٣٠.
(١٥٨) مصباح المتهجد للطوسي: ٢٩٢، البحار: ٩٠/٣٦.
(١٥٩) بحار الأنوار للمجلسي: ٥/١٩٥.
(١٦٠) بحار الأنوار للمجلسي: ٥/١٩٥.
(١٦١) الاقبال: لابن طاووس: ٥٨.
(١٦٢) تحية الزائر للنوري: ١٣٢؛ زاد المعاد للمجلسي: ١٣٧.
(١٦٣) الاقبال: ٥٨، مفاتيح الجنان للقمي/ ١٧٩ وغيرهما.
(١٦٤) بحار الأنوار للمجلسي: ٩/٩٦.
(١٦٥) بحار الأنوار للمجلسي: ٩٠/١٠٢.
(١٦٦) بحار الأنوار للمجلسي: ٩٠/١٠١.
(١٦٧) بحار الأنوار للمجلسي: ٩٠/١٠٢.
(١٦٨) بحار الأنوار للمجلسي: ٩٠/٩٦.
(١٦٩) بحار الأنوار للمجلسي: ٩٠/١٠١.
(١٧٠) بحار الأنوار للمجلسي: ٩٠/١٢٦.
(١٧١) مصباح المتهجد للطوسي: ٣٧٤؛ بحار الأنوار للمجلسي: ٩٠/١٠٠.
(١٧٢) مهج الدعوات لابن طاووس: ١١٩، الصحيفة العلوية: ١٩٧.
(١٧٣) الاقبال لابن طاووس: ٢٧٤.
(١٧٤) مصباح المتهجد للطوسي: ٧٣٩؛ الاقبال: لابن طاووس: ٦٤٦؛ مفاتيح الجنان للقمي: ١٣٥.
(١٧٥) بحار الأنوار للمجلسي: ١٠٢/٩٦؛ المزار الكبير للكفعمي: ١٨٨.
(١٧٦) تحفة الزائر للمجلسي: ٤٢٩، بحار الانوار للمجلسي: ١٠٢/٩٧.
(١٧٧) مهج الدعوات لابن طاووس: ٤٥.
(١٧٨) بحار الانوار للمجلسي: ٥١/٣٥١.
(١٧٩) قال المامقاني في تنقيحه ج٣ باب الكنى: أبو الحسن الدلال ليس له ذكر في كلمات أصحابنا الرجاليين وانما الذي عثرنا عليه رواية الكليني في باب تربيع القبر من الكافي عن احمد بن محمد بن ابي نصر.. انظر هامش الاحتجاج للطبرسي.
(١٨٠) الغيبة للطوسي: ١٧٨، الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٧١.
(١٨١) كمال الدين للصدوق: ٢/١٠٦.
(١٨٢) كمال الدين للصدوق: ٢/١٩٩، الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٧٩.
(١٨٣) الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٨٠.
(١٨٤) بحار الأنوار للمجلسي: ٥٣/١٨٤.
(١٨٥) أشار إلى توبة عمه جعفر آخر عمره كما فعل أخوه يوسف (عليه السلام)؛ ويكنى جعفر هذا أبو عبد الله ويلقب (كرين) لأنه أولد مائة وعشرين ولداً؛ أعقب من جماعة انتشر منهم عقب ستة... ويقال لولده الرضويون نسبة إلى جده الرضا (عليه السلام)؛ وكانت وفاته عام ٢١٧ه وله خمس وأربعون سنة وقبره في دار أبيه بسامراء... انظر هامش فرق النوبختي.
(١٨٦) تحقيق ما أحل من الخمس في زمن الغيبة للشيعة يطلب من كتب الفقه، وفيه روايات وأقوال أشهرها وأظهرها، أن المراد بهذا الخبر وأمثاله: إباحة الخمس في المناكح للشيعة زمن الغيبة لتطيب ولادتهم دون الخمس في غيرها لأنه واجب.
(١٨٧) الغيبة للطوسي: ١٧٦-١٧٧، الاحتجاج للطوسي: ٢/٤٦٩-٤٧٠.
(١٨٨) سورة البقرة: الآية ١٠٤.
(١٨٩) الغيبة للطوسي: ١٧٧؛ الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٧٠.
(١٩٠) بحار الأنوار للمجلسي: ٥٣/١٩٧ نقلاً عن خرائج الراوندي، مستدرك الوسائل للنوري: ٢/٥٨٧ و٣/١٩٧.
(١٩١) بحث حول المهدي للصدر: ٣٦.
(١٩٢) الغيبة للطوسي: ٢٥٦.
(١٩٣) الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٧٨.
(١٩٤) بحار الأنوار للمجلسي: ٥٣/٣٣٦.
(١٩٥) الغيبة للطوسي: ١٧٩.
(١٩٦) السردانية: جزيرة كبيرة ببحر المغرب.. قاله في القاموس – ولعل الثوب السرداني منسوب إلى هذه الجزيرة.. هامش الغيبة للطوسي: ١٧٩.
(١٩٧) الغيبة للطوسي: ١٧٨ وما بعدها.
(١٩٨) بحار الأنوار للمجلسي: ٥١/٢٣٦.
(١٩٩) الإرشاد للمفيد: ٣٤٢.
(٢٠٠) بحار الأنوار للمجلسي: ٥١/٣٣٠/٣٣٦.
(٢٠١) الخرائج والجرائح للراوندي: ٧١؛ الصراط المستقيم للبياضي: ٢/٢١٢.
(٢٠٢) الغيبة للطوسي: ٢٢٣؛ أعلام الورى للطبرسي: ٤١٦.
(٢٠٣) الغيبة للطوسي: ٢٥٨.
(٢٠٤) الإرشاد للمفيد: ٣١٥.
(٢٠٥) الغيبة للطوسي: ٢٢٣؛ الكامل في التاريخ لابن الاثير:٨/١٠٩، المختصر لأبي الفداء: ١/٦٩؛ تاريخ ابن الوردي ١/٢٥٥.
(٢٠٦) الإمامة للصدوق: ١/٢٥٦؛ سفينة البحار للقمي: ١/١٥٩، كمال الدين: ٢/١٥٢.
(٢٠٧) بحار الأنوار للمجلسي: ٥١/٣٣٦.
(٢٠٨) الغيبة للطوسي: ٢٢٢.
(٢٠٩) مهج الدعوات لابن طاووس: ٤٥.
(٢١٠) الغيبة للطوسي: ١٨٠.
(٢١١) الغيبة للطوسي: ٣٢٣.
(٢١٢) الغيبة للطوسي: ٢٢٢.
(٢١٣) الغيبة للطوسي: ٢٢٣.
(٢١٤) الكامل في التاريخ: ابن الاثير ٨/١٠٩؛ المختصر لأبي الفداء: ١/٦٩؛ تاريخ ابن الوردي: ١/٢٥٥.
(٢١٥) الغيبة للطوسي: ٢٢٣.
(٢١٦) مهج الدعوات لابن طاووس: ٤٥.
(٢١٧) مهج الدعوات لابن طاووس: ٤٥.
(٢١٨) الغيبة للطوسي: ٢٢٣.
(٢١٩) الغيبة الصغرى للصدر: ٤٠٦.