الردّ الساطع على ابن گاطع
حجّية الاستخارة في العقائد
تأليف: السيّد ضياء الخبّاز
تقديم: مركز الدراسات التخصّصية في الإمام المهدي عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدّمة المركز:
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.
بعد أن كثر الحديث عن المدعو أحمد إسماعيل گاطع وما جاء به من دعاوى وأكاذيب وصلت إلى أكثر من (٥٠) دعوى باطلة ما أنزل الله بها من سلطان رأى مركز الدراسات التخصّصية في الإمام المهدي عليه السلام ضرورة التصدّي لبيان زيف هذه الدعاوي والردّ عليها ليس من باب أنَّ ما جاء به أُمور علمية تعتمد الدليل العلمي والبرهان المنطقي فأنت لا تجد في طيّات دعاويه غير الزيف والتدليس والكذب والافتراء والانتقاء في الاعتماد على الروايات _ وهذه كتبه وكتب أصحابه خير شاهد على ما نقول _، بل من باب أنَّ الشبهة قد تجد لها مساحة في بعض النفوس الضعيفة أوّلاً فتحتاج إلى بعض التوضيحات وبلورة الأُصول والقيم وبيان الأُسس التي يعتمد عليها المنهج العلمي لدى السير البشري عموماً والطائفة بشكل خاصّ، مضافاً إلى القاء الحجَّة على المغترّ به والمتَّبع خطاه لئلَّا يقول أحد: (لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً وَأَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى)(١).
لذا فإنَّ نشر هذا الكرّاس(٢) للردّ على ابن گاطع يعتبر حلقة من حلقات التصدّي لأهل البدع والزيغ، مضافاً إلى باقي أنشطة مركز الدراسات في ردّ الشبهات من خلال موقعه في النت وصفحات التواصل الاجتماعي وصحيفة صدى المهدي وغيرها.
نسأله تعالى الثبات على الحقّ (يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك).
مدير المركز
السيّد محمّد القبانچي
استند أدعياء المهدوية إلى الاستخارة كطريق ثانٍ لإثبات إمامة المدعو أحمد بن إسماعيل، وقد تشبَّثوا لإثبات حجّية الاستخارة، بأدلَّة ثلاثة:
الدليل الأوَّل: رواية صفوان بن يحيى:
وهي التي رواها الشيخ الطوسي رحمه الله في كتاب الغيبة عن علي بن معاذ: قلت لصفوان بن يحيى: بأيِّ شيء قطعت على علي؟ قال: صلَّيت ودعوت الله واستخرت عليه وقطعت عليه(٣).
وتقريب الإستدلال بها: أنَّ صفوان بن يحيى _ وهو أحد أعلام مدرسة أهل البيت في زمانه، وأحد تلامذة الإمام الرضا عليه السلام _ قد أثبت أنَّ الإمامة في سيّدنا ومولانا الرضا عليه السلام بالاستخارة، فدلَّ ذلك على حجّية الاستخارة وتحصيلها لليقين، إذ من البعيد جدَّاً في حقِّ مثل صفوان بن يحيى أن يستند إلى الاستخارة من تلقاء نفسه، ومن غير الاستناد إلى المعصوم عليه السلام.
الدليل الثاني: رواية سليمان بن بلال:
وقد رواها الشيخ النعماني في الغيبة عن أمير المؤمنين عليه السلام متحدِّثاً عن صفات الإمام المهدي عليه السلام وهي رواية مطوَّلة جاء فيها: (أوسعكم كهفاً، وأكثركم علماً، وأوصلكم رحماً، اللّهمّ فاجعل بعثه خروجاً من الغمَّة، واجمع به شمل الأُمَّة، فإن خار الله لك فاعزم، ولا تنثن عنه إن وُفِّقت له، ولا تجوزنَّ عنه إن هُديت إليه)(٤).
وتقريب الاستدلال بها: أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام قد اعتبر الاستخارة طريقاً من طرق إثبات الإمامة، إذ أنَّ قوله: (فإذا خار الله لك فاعزم) يدلُّ على ذلك.
الدليل الثالث: عمومات رجحان الاستخارة:
كقول الإمام الصادق عليه السلام: (فوَالله ما استخار الله مسلم إلَّا خار له البتَّة)(٥).
وعنه عليه السلام: (ما أُبالي إذا استخرت الله على أيِّ طريق وقعت)(٦).
فإنَّ هذه الروايات وأمثالها الكثير تدلُّ على محبوبية الاستخارة، وأنَّ الإنسان إذا استخار الله فإنَّه يريه الخير، وإمامة أحمد الحسن لا تخرج عن هذا العموم.
مناقشة الأدلَّة الثلاثة:
أمَّا رواية صفوان بن يحيى، فترد عليها ثلاث ملاحظات:
الملاحظة الأُولى: تفرّد الشيخ الطوسي بنقلها:
فهذه الرواية لم ينقلها أحدٌ من الأعلام والمحدِّثين سوى الشيخ رحمه الله، وتفرّد الشيخ بنقلها ليس إشكالاً في حدِّ ذاته، فكم لذلك من نظير، ولكن الإشكال بلحاظ التالي، فإنَّ علَّة نقله رحمه الله لها هي:
أنَّه كان في صدد مناقشة ما يدَّعيه الواقفة من أنَّ الإمام الغائب والخاتم هو الإمام موسى الكاظم عليه السلام، قال رحمه الله: (فأمَّا ما ترويه الواقفة فكلّها أخبار آحاد لا يعضدها حجَّة، ولا يمكن ادِّعاء العلم بصحَّتها، ومع هذا فالرواة لها مطعون عليهم، لا يوثق بقولهم ورواياتهم، وبعد هذا كلّه فهي متأوَّلة. ونحن نذكر جملاً ممَّا رووه ونُبيِّن القول فيها، فمن ذلك أخبار ذكرها أبو محمّد علي بن أحمد العلوي الموسوي في كتابه (في نصرة الواقفة))(٧).
والحاصل من كلامه رحمه الله هذا: أنَّ المدعو علي بن أحمد العلوي الموسوي قد ألَّف كتاباً باسم (في نصرة الواقفة) وموضوع الكتاب واضح من عنوان، فتصدَّى شيخ الطائفة لنقضه وردّه وإبطال دعاواه، ونقل من كتابه مجموعة روايات لأجل ردّها وتزييفها، وإحداها هذه الرواية التي هي محلّ البحث والنقاش!
ومن العجيب جدَّاً استناد أدعياء المهدوية إلى هذه الرواية، مع كونها من متفرّدات الواقفة التي راموا بها الطعن في إمامة الإمام الرضا عليه السلام، وإثبات أنَّه لا نصَّ عليه، ولذا اضطرَّ صفوان رحمه الله أن يلجأ إلى الاستخارة.
وكيفما كان، فإنَّ هذه ليست أوَّلَ قارورة تُكسَر في الإسلام، والذي يهمّنا في المقام هو أن نُبيِّن موقف الشيخ رحمه الله تجاه هذه الرواية، ويمكننا تلخيصه في ثلاثة أُمور:
الأمر الأوَّل: تصريحه أنَّ هذه الرواية هي من كتاب (في نصرة الواقفة)، لمؤلِّفه متقدِّم الذكر _ وهو شخص مجهول الحال، ولكن يُعلَم أنَّه كان من المتَّصلبين لمذهب الواقفة _، وأنَّها رواية آحاد لا تعضدها حجَّة ولا يمكن ادِّعاء العلم بصحَّتها، والرواة لها مطعون عليهم لا يوثق بقولهم ولا رواياتهم.
الأمر الثاني: إنَّه مع التسليم بصحَّة هذه الرواية، فإنَّها رواية متأوَّلة لا يُمكن الالتزام بظاهرها.
الأمر الثالث: أنَّه رحمه الله قد علَّق على هذه الرواية بقوله: (فهذا ليس فيه أكثر من التشنيع على رجل بالتقليد، وإن صحَّ ذلك فليس فيه حجَّة على غيره. على أنَّ الرجل الذي ذكر ذلك عنه فوق هذه المنزلة لموضعه وفضله وزهده ودينه، فكيف يستحسن أن يقول لخصمه في مسألة علمية إنَّه قال فيها بالاستخارة، اللّهمّ إلَّا أن يعتقد فيه من البله والغفلة ما يُخرجه عن التكليف، فيسقط المعارضة لقوله)(٨).
وهذا تعريض ما بعده تعريض بمن يستند إلى الاستخارة في إثبات الإمامة لأحد الأشخاص، وكيف جاز لأدعياء المهدوية أن يتمسَّكوا بما يكشف عن بلههم وغفلتهم إلى حدٍّ يُدخِلهم في دائرة المجانين؟!
فأين العقول من هذا؟! نسأل الله العفو والعافية، والسلامة في الدين والدنيا.
الملاحظة الثانية: جهالة علي بن معاذ:
إذ الرواية منقولة عنه، وهو مجهول الحال، ولا أثر له في كتب الجرح والتعديل عند الخاصّة والعامّة، ولعلَّه من مختلقات الواقفة.
الملاحظة الثالثة: قصور دلالة الرواية عن إثبات المدَّعى:
فإنَّنا حتَّى لو سلَّمنا مع هؤلاء بصحَّة الرواية _ ودون إثبات ذلك خرط القتاد _، وحكمنا بوثاقة علي بن معاذ ومحمّد العلوي _ اللذين لا يُعلَم أصلهما وفصلهما _ فإنَّ الرواية لا تُثبت مدَّعاهم، وإيضاح ذلك بالالتفات للتالي:
أوَّلاً: إنَّها ليست مرويةً عن المعصوم عليه السلام، بل هي عن أحد أصحابه، وأصحابهم مهما بلغوا من العلم والمعرفة فهم ليسوا بمعصومين، وقد يقع منهم الخطأ والاشتباه.
وثانياً: إنَّه لا يوجد شاهد من الرواية على كون فعل صفوان رحمه الله ممضى من قِبَل المعصوم عليه السلام.
فإن قلت: كيف غاب عن هذا العالم الجليل _ وهو من تلامذة عالم آل محمّد عليهم السلام _ أنَّ الاستخارة لا تنهض دليلاً لإثبات الإمامة لأحد الأشخاص؟!
قلتُ: على فرض وقوع هذا من صفوان _ وهو ممَّا يمتنع إثباته _ فإنَّ هذه الرواية تتحدَّث عن أوَّل إمامة الرضا عليه السلام، أي: قبل تلمّذ صفوان على يديه، ولم يُحرَز أنَّه في تلك المرحلة كان ذا رتبة عالية في العلم والجلالة؛ إذ أنَّه وإن حُكي عن الكشي رحمه الله كونه من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام، إلَّا أنَّه لم يرو إلَّا عن الإمامين الرضا والجواد عليهما السلام.
وبعبارة أُخرى: إنَّ هذا الإشكال مبنيٌّ على كون صفوان رحمه الله عالماً وفقيهاً منذ ذلك الوقت الذي استخار فيه _ كما في هذه الرواية الباطلة _، ولكن هذا لا دليل عليه، فهم مطالبون بإثبات ذلك، وقبله إثبات صحَّة الرواية.
وأمَّا رواية: (خار الله لك)، فنورد عليها ملاحظتين:
الملاحظة الأُولى: الملاحظة السنديَّة:
وحاصلها: أنَّ سند هذه الرواية مشتمل على الأسماء التالية، وإليك حالها:
١ _ موسى بن هارون بن عيسى، وهو مجهول الحال، إذ لم يرد في حقِّه توثيق.
٢ _ عبد الله بن مسلمة بن قعنب، والذي يُعبَّر عنه بالقعنبي، وهو تلميذ مالك إمام المالكية، بل هو الذي روى موطأ مالك عنه، ويوثِّقه أئمَّة العامّة(٩)، بينما لم يوثّقه أحد من علمائنا.
٣ _ وأمَّا سليمان بن بلال فلم يوثّقه أحد من أعلامنا، إلَّا ابن داود، وفي توثيقات المتأخّرين كلام طويل، والحقّ عدم اعتبارها.
الملاحظة الثانية: الملاحظة الدلاليَّة:
فإنَّ الرواية لا تدلُّ على إثبات أنَّ الإمامة لأحد الأشخاص يمكن أن يتمَّ عن طريق الاستخارة، إذ أنَّ عبارة (خار الله لك) تُستَعمل في مقام الدعاء بالخير للغير، وهي بقوَّة: أعطاك الله الخير، وقد نصَّ اللغويون على ذلك(١٠).
وقد جاء هذا الاستعمال كثيراً في كلمات العرب، ومن ذلك: قول السيّدة ديلم لزوجها الشهيد زهير بن القين رضي الله عنه: (خار الله لك، وأسألك أن تذكرني في القيامة عند جدّ الحسين عليه السلام)(١١)، وقول الأسديين للإمام الحسين عليه السلام لمَّا أخبراه بمقتل مسلم عليه السلام ووجداه مصمِّماً على المسير: (خار الله لك)(١٢).
فالرواية مفادها: إذا أعطاك الله الخير وشرَّفك برؤية صاحب العصر والزمان عليه السلام فاعزم ولا تنثني عن إمامته.
والحاصل: أنَّها أجنبية عن مسألة الاستخارة.
وأمَّا التمسّك بالعمومات، فيرد عليه:
أنَّ لازمه _ أي التمسّك بالعمومات _ تعطيل أحكام الله تعالى، وإبطال الشريعة المقدَّسة.
إذ لو تمسَّكنا بالعمومات المذكورة للزم إسقاط كثير من التقنينات الشرعية والقواعد الفقهية، بل إسقاط أبواب كاملة من الفقه الشريف، منها:
١ _ باب القضاء، فإنَّه ما دامت عمومات الاستخارة سارية، فلا حاجة للحكم بالبيّنات والأيمان، والشدَّة والصرامة في تتبّع أدلَّة المتخاصمين، بل يكفي للقاضي أن يستخير وينهي القضيَّة.
٢ _ باب التقليد، فبعد حجّية عمومات الاستخارة لا تبقى حاجة للفحص عن المجتهد الأعلم، بل لا حاجة للفحص عن المجتهد أصلاً، إذ أصبح من الممكن اختيار المرجع _ بل الحكم الشرعي _ عن طريق الاستخارة.
٣ _ باب الطهارة، فإنَّ الكثير من أحكامه مبنيَّة على ضوابط وقواعد معيَّنة _ كأحكام الاستحاضة بأقسامها الثلاثة، والتي يتوقَّف جريانها على الفحص ومعرفة مستوى الدم _ وما دامت عمومات الاستخارة حجَّة فهي تكفي المؤونة.
وهكذا هو الحال في غير ذلك من المسائل المشكوكة وغير الواضحة الحال في مقام التطبيق، كمسائل الهلال، والأطعمة والأشربة، وشكوك الصلاة والصيام والحجّ، ومن الواضح أنَّ الالتزام بذلك ما هو إلَّا الهذيان بعينه.
وهذا ما يدعونا للقول بأنَّ عمومات الاستخارة، وإن لم تكن مخصّصة تخصيصاً مصداقياً، إلَّا أنَّها مخصّصة تخصيصاً موردياً.
الثاني: أنَّ روايات الاستخارة مخصّصة تخصيصاً موردياً:
وبيانه:
المراد من التخصيص الموردي:
أنَّ كلّ دليل عامّ إذا لزم من ثبوت عمومه إلغاء تشريعات أُخرى، فلا بدَّ من تخصيص مورده، وإن لم تُخصَّص مصاديقه.
ويمكن التمثيل لذلك بقاعدتي التجاوز والاستصحاب، ببيان:
أنَّ مفادة قاعدة التجاوز هو: البناء على الإتيان بالجزء الذي شككت في الإتيان به من صلاتك بعد الدخول في جزء آخر، كما لو ركعت فشككت هل قرأت الفاتحة والسورة أم لا، فإنَّك تبني على الإتيان بالقراءة، وكذا لو شككت في صحَّة قراءة الفاتحة، فما دمت قد فرغت منها فتبني على الصحَّة.
وأمَّا مفادة قاعدة الاستصحاب فهو: إبقاء ما كان على ما كان، ولو طبَّقنا أصل الاستصحاب في المثال السابق، للزم منه البناء على عدم القراءة حين الشكّ في الإتيان بها بعد الدخول في الركوع، إذ الأصل العدمي يقتضي أنَّنا لم نأتِ بها.
وهنا وقع الكلام في أنَّ الأصل الجاري في مورد الشكّ المذكور هل هو الاستصحاب لشمول عموماته للمورد أم هو قاعدة التجاوز؟
الصحيح هو الثاني، إذ أنَّنا لو تمسَّكنا بعموم أدلَّة الاستصحاب للزم إلغاء قاعدة الفراغ والتجاوز، إذ ما من مورد تجري فيه القاعدة إلَّا ويجري فيه الاستصحاب، فيكون تشريعها لغوياً لا قيمة له، وعليه فلا بدَّ _ تخلّصاً من محذور اللغوية _ من تخصيص مورد أدلَّة الاستصحاب في غير موارد قاعدة الفراغ أو التجاوز.
فالخلاصة: أنَّ المراد من التخصيص الموردي هو لزوم تخصيص مورد جريان الدليل حتَّى لا يلزم من التمسّك بعموم جريانه لغوية تشريعات أُخرى.
وعلى ضوء ما ذكرناه نقول:
إنَّ أدلَّة الاستخارة وإن كانت عامّةً، إلَّا أنَّنا لو تمسَّكنا بعمومها للزم من ذلك إلغاء معظم الأبواب الفقهية، وهذا يقتضي لزوم تخصيص مورد أدلَّة الاستخارة دفعاً لمحذور اللغوية.
فنقول: إنَّ أدلَّة الاستخارة ناظرة إلى المباحات، والموارد التي لم يُحدِّد الشارع المسار والوظيفة فيها، وأمَّا الموارد التي حُدِّد المسار فيها من قِبَل الشارع المقدَّس _ كما في العقائد وإثبات إمامة الأئمَّة وآخرهم أنَّه المهدي عليه السلام وأنَّه في غيبة وليس له نوّاب خاصّون في هذه الغيبة كما يدَّعي هؤلاء _ فعمومات الاستخارة غير جارية فيها، وإلَّا للزم إلغاء ما حدَّده الشارع من الوظائف في تلك الموارد.
وبما أنَّ قضيَّة الإمامة ممَّا حدَّد الشارع كيفية إثباتها، فإنَّها لا تكون مورداً لجريان الاستخارة، ولذا لا تجد أحداً من أئمَّتنا الأطهار عليهم السلام ولا علمائنا الأبرار رحمهم الله قد استند إلى قضيَّة الاستخارة لإثبات مصداق الإمامة، وإنَّما سلكوا طرقاً أُخرى شاقَّة ومضنيَّة، وتكبَّدوا في سبيل ذلك العناء والجهد ما لا يعلمه إلَّا الله تعالى.
وهذا كلّه طبعاً مع التسليم بكون الاستخارة تورث القطع واليقين، وإلَّا فهي ليست كذلك إذ إنَّها أقصى ما تورثه هو الظنّ، فلا يصحُّ التعويل عليها في مثل قضيَّة الإمامة والتي هي من القضايا اليقينية.
* * *
الهوامش:
ــــــــــــــــــــــ
(١) إقبال الأعمال ١: ٥٠٥.
(٢) مقتبس من كتاب (المهدوية الخاتمة) للمؤلِّف.
(٣) الغيبة للطوسي: ٦١.
(٤) الغيبة للنعماني: ٢٢٢.
(٥) الكافي ٣: ٤٧٠.
(٦) وسائل الشيعة ٨: ٨١.
(٧) الغيبة للطوسي: ٤٣.
(٨) الغيبة للطوسي: ٦١.
(٩) راجع: سير أعلام النبلاء ١٠: ٢٥٧.
(١٠) راجع: لسان العرب ٤: ٢٦٧.
(١١) بحار الأنوار ٤٤: ٣٧٢.
(١٢) بحار الأنوار ٤٤: ٣٧٣.