(٣١٧) امْضِ بِهَا إِلَى المَدائِنِ فَإِنَّكَ سَتَغِيبُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً، وَتَدْخُلُ إِلى سُرَّ مَنْ رَأَى يَوْمَ الخَامِسِ عَشَر...
عن الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام أنّه قال:
«امْضِ بِهَا إِلَى المَدائِنِ فَإِنَّكَ سَتَغِيبُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً، وَتَدْخُلُ إِلى سُرَّ مَنْ رَأَى يَوْمَ الخَامِسِ عَشَر، وَتَسْمَعُ الوَاعِيَةَ في دَارِي، وَتَجِدُنِي عَلَى المُغْتَسَلِ. قَالَ أَبُو الأَدْيَانِ: فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي فَإِذَا كانَ ذَلِكَ فَمَنْ؟ قال: مَنْ طَالَبَكَ بِجَواباتِ كُتُبِي فَهُوَ القَائِمُ مِنْ بَعْدِي، فَقُلْتُ: زِدْنِي، فَقال: مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ فَهُوَ القَائِمُ بَعْدِي، فَقُلْتُ: زدْنِي، فَقال: مَنْ أَخْبَرَ بِما فِي الهِمْيانِ فَهُوَ القَائِمُ بَعْدِي، ثُمَّ مَنَعَتْنِي هَيْبَتُه أَنْ أسأله عَمَّا في الهميان.
وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها، ودخلت سرَّ من رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي (عليه السلام) فإذا أنا بالواعية في داره، وإذا به على المغتسل، وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار والشيعة من حوله يعزّونه ويهنّونه، فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة، لأني كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور، فتقدَّمت فعزَّيت وهنّيت فلم يسألني عن شيءٍ، ثم خرج عقيد فقال: يا سيدي قد كفّن أخوك فقم وصلِّ عليه، فدخل جعفر بن عليِّ والشيعة من حوله يقدمهم السمّان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة.
فلمّا صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن علي صلوات الله عليه على نعشه مكفّناً، فتقدَّم جعفر بن علي ليصلي على أخيه، فلمّا همَّ بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج، فجبذ برداء جعفر بن علي وقال: تَأَخَّر يا عَمّ فَأنا أَحَقُّ بالصلاة على أبي، فَتَأَخَّرَ جَعْفَرٌ، وَقَدِ ارْبَدَّ وَجْهُهُ وَاصْفَرَّ.
فتقدَّم الصبيُّ وصلّى عليه ودُفن إلى جانب قبر أبيه (عليه السلام). ثم قال: يا بَصْرِيُّ هاتِ جَواباتِ الكُتُبِ التي مَعَكَ، فَدفعتها إليه، فقلت في نفسي: هذه بيّنتان، بقي الهميان، ثم خرجت إلى جعفر بن عليٍ وهو يزفر، فقال له حاجز الوشاء: يا سيدي من الصبي لنقيم الحجة عليه؟ فقال: والله ما رأيته قط ولا أعرفه، فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي (عليهما السلام) فعرفوا موته فقالوا: فمن نعزي؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلموا عليه وعزوه وهنوه وقالوا: إن معنا كتباً ومالاً، فتقول ممن الكتب؟ وكم المال؟ فقام ينفض أثوابه ويقول: تريدون منا أن نعلم الغيب. قال: فخرج الخادم فقال: معكم كتب فلان وفلان وفلان، وهميان فيه ألف دينار وعشرة دنانير منها مطلية، فدفعوا إليه الكتب والمال وقالوا: الذي وجّه بك لأخذ ذلك هو الإمام.
فدخل جعفر بن علي على المعتمد وكشف له ذلك، فوجَّه المعتمد بخدمه فقبضوا على صقيل الجارية فطالبوها بالصبي فأنكرته وادَّعت حبلاً بها لتغطي حال الصبي، فسُلِّمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي، وبغتهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان فجأة، وخروج صاحب الزنج بالبصرة، فشغلوا بذلك عن الجارية، فخرجت عن أيديهم، والحمد لله رب العالمين».
مصادر الحديث:
* كمال الدين: ج2 ص475 ب43 ح25 - (قال أبو الحسن على بن محمد بن حبّاب) وحدّث أبو الأديان قال: كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وأحمل كتبه إلى الأمصار، فدخلت عليه في علّته التي توفي فيها صلوات الله عليه، فكتب معي كتباً وقال:
* ثاقب في المناقب: ص607 ح554 - كما في كمال الدين بتفاوت، مرسلاً، عن أبي الأديان.
* نوادر الأخبار: ص228-229 ح1 – عن كمال الدين.
* إثبات الهداة: ج3 ص485 ب32 ف5 ح206 - عن كمال الدين.
وفي: ص672 ب33 ف1 ح42 - بعضه عن كمال الدين.
* حلية الأبرار: ج5 ص191 ب12 ح1 - كما في كمال الدين، عن ابن بابويه.
* تبصرة الولي: ص127 ح54 - كما في كمال الدين، عن ابن بابويه.
* مدينة المعاجز: ج7 ص611 ح2599 - كما في كمال الدين، عن ابن بابويه.
* البحار: ج50 ص332 ب5 ح4 - عن كمال الدين.
وفي: ج52 ص67 ب18 ح53 - عن كمال الدين.
* منتخب الأثر: ص367 ف1 ب4 ح11 - عن كمال الدين.
* ينابيع المودة: ج3 ص325 ب82 ح12 - كما في كمال الدين، عن كتاب الغيبة.