(٣١٨) يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحاقَ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعالَى لَمْ يُخلَّ الأَرْضَ مُنْذُ خَلَقَ آدَمَ...
عن الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام أنّه قال:
«يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحاقَ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعالَى لَمْ يُخلَّ الأَرْضَ مُنْذُ خَلَقَ آدَمَ (عليه السلام) وَلا يُخَلِّيها إِلى أَنْ تَقُومَ السّاعَةُ مِنْ حُجَّةٍ للهِ عَلَى خَلْقِهِ، بِهِ يَدْفَعُ البَلاءَ عَنْ أَهْلِ الأَرْضِ، وَبِهِ يُنَزِّلُ الغَيْثَ، وَبِهِ يُخْرِجُ بَرَكاتِ الأَرْضِ.
قال: فقلت له: يا بن رسول الله فَمَنِ الإمام والخليفة بعدَك؟ فنهض (عليه السلام) مسرعاً فدخل البيت، ثمَّ خَرج وعلى عاتقه غلام كَأنَّ وجهه القمر ليلة البدر، من أبناء الثلاث سنين، فقال: يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحاقَ لَوْلا كَرَامَتُكَ عَلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ) وَعَلَى حُجَجِهِ مَا عَرَضْتُ عَلَيْكَ ابْنِي هذَا، إِنَّهُ سَمِيُّ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) وَكَنِيُّهُ، الذي يَمْلؤُ الأَرضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَما مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً.
يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ مَثَلُهُ فِي هذِهِ الأُمَّةِ مَثَلُ الخِضْرِ (عليه السلام)، وَمَثَلُهُ مَثَلُ ذِي القَرْنَيْنِ، وَاللهِ لَيَغِيبَنَّ غَيْبَةً لا يَنْجُو فيها مِنَ الهَلَكَةِ إِلّا مَنْ ثَبَّتَهُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) عَلَى القَوْلِ بِإِمامَتِهِ، وَوَفَّقَهُ فِيهَا لِلدُّعاءِ بِتَعْجيلِ فَرَجِهِ.
فقال أحمد بن إسحاق: فقلت له: يا مولاي فهل من علامة يطمئنُّ إليها قلبي؟ فنطق الغلام (عليه السلام) بلسان عربيِّ فصيحٍ فقال:
أَنا بَقِيَّةُ اللهِ في أَرْضِهِ، وَالمُنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِهِ، فَلا تَطْلُبْ أَثَراً بَعْدَ عَيْنٍ يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحاقَ.
فقال أحمد بن إسحاق: فخرجت مسروراً فَرِحاً، فلمّا كان من الغد عُدْتُ إليه فقلت له: يا بن رسول الله لقد عظم سروري بما مننت به عليَّ، فما السنّة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال: طُولُ الغَيْبَةِ يَا أَحْمَدُ. قلت: يا بن رسول الله وإنَّ غيبته لتطول؟ قال: إِي وَرَبِّي حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هذَا الأَمْرِ أَكْثَرُ القَائِلينَ بِهِ، وَلا يَبْقَى إِلّا مَنْ أَخَذَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) عَهْدَهُ لِوِلايَتِنا، وَكَتَبَ فِي قَلْبِهِ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ.
يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحاقَ: هَذَا أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللهِ، وَسِرٌّ مِنْ سِرِّ اللهِ، وَغَيْبٌ مِنْ غَيْبِ اللهِ، فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَاكْتُمْهُ وَكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ، تَكُنْ مَعَنا غَداً فِي عِلِّيِّينَ.
قال مصنّف هذا الكتاب (رضي الله عنه): لم أسمع بهذا الحديث إلّا من علي بن عبد الله الورّاق، وجدت بخطِّه مثبتاً فسألته عنه فرواه لي عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن إسحاق (رضي الله عنه) كما ذكرته».
مصادر الحديث:
* كمال الدين: ج2 ص384 ب38 ح1 - حدّثنا علي بن عبد الله الوراق قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري قال: دخلت على أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فقال لي مبتدئاً:
* الخرائج والجرائح: ج3 ص1174 ح68 - بعضه، مرسلاً، عن الحسن العسكري (عليه السلام).
* إعلام الورى: ص412 ب2 ف3 - كما في كمال الدين بتفاوت يسير، عن الشيخ أبي جعفر بن بابويه.
* كشف الغُمّة: ج3 ص316 - عن إعلام الورى.
* الصراط المستقيم: ج2 ص231 ب11 ف3 - مختصراً عن ابن بابويه.
* منتخب الأنوار المضيئة: ص40 ف3 - عن الخرائج.
* إثبات الهداة: ج1 ص113 ب6 ف5 ح153 - عن كمال الدين.
وفي: ج3 ص479 ب32 ف5 ح180 - عن كمال الدين.
وفي: ص665 ب33 ف1 ح31 - بعضه، عن كمال الدين. وقال: (ورواه الطبرسي في كتابه إعلام الورى عن ابن بابويه مثله).
* مدينة المعاجز: ج8 ص68-70 ح2682 - كما في كمال الدين، عن ابن بابويه.
* ينابيع المعاجز: ص313 ب21 - كما في كمال الدين، عن ابن بابويه.
* حلية الأبرار: ج5 ص202 ب13 ح16 - كما في كمال الدين، عن ابن بابويه.
* تبصرة الولي: ص138 ح58 - كما في كمال الدين، عن ابن بابويه.
* البحار: ج52 ص23 ب18 ح16 - عن كمال الدين.
* نور الثقلين: ج2 ص392 ح193 - بعضه، عن كمال الدين.
وفي: ج5 ص271 ح71 - عن كمال الدين.
الأنوار البهية: ص355 – كما في رواية كمال الدين سنداً ومتناً.
* منتخب الأثر: ص229 ف2 ب20 ح5 - عن كمال الدين.
* ينابيع المودة: ج3 ص317 ب81 ح2 - كما في كمال الدين، عن كتاب الغيبة.