(١٩) إنكار المرجعية إنكار للإمامة الإلهية
إنكار المرجعية إنكار للإمامة الإلهية
السيد محمد القبانجي
لا يختلف اثنان من المسلمين على أن إنكار رسالة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يرجع بالحقيقة إلى إنكار جميع الرسالات السماوية، وهكذا تتفق الطائفة المحقّة على أن إنكار بعض الأئمة (عليهم السلام) هو إنكار لرسالة النبي وإنكار لجميع الأئمة (عليهم السلام)، كما ورد في الحديث الشريف عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد أن ذكر الأئمة بأسمائهم قال: «هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي، من أطاعهم فقد أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني، ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني...».
وهكذا قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أُنزل على محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم»، فكل هذا قد اتفقت عليه الطائفة وأجمعوا عليه.
ولكن الذي ينبغي تسليط الضوء عليه هو أن إنكار السفارة أو بعض السفراء أو واحد منهم يساوق إنكار الإمامة أيضاً على حدٍ سواء، وهذا ما تجده ظاهراً من كتاب الغيبة للشيخ الطوسي في باب (ذكر المذمومين الذي ادعوا البابية).
قال أبو علي بن همام: كان أحمد بن هلال من أصحاب أبي محمد (عليه السلام) فاجتمعت الشيعة على وكالة محمد بن عثمان (رحمه الله) بنص الحسن (عليه السلام) في حياته، ولما مضى الحسن (عليه السلام) قالت الشيعة الجماعة له: ألا تقبل أمر أبي جعفر محمد بن عثمان وترجع إليه وقد نص عليه الإمام المفترض الطاعة؟
قال لهم: لم أسمعه ينص عليه بالوكالة وليس أنك أباه - يعني عثمان بن سعيد - فأمّا أن أقطع أنّ أبا جعفر وكيل صاحب الزمان فلا أجسر عليه، فقالوا: قد سمعه غيرك، فقال: أنتم وما سمعتم.
ووقف على أبي جعفر فلعنوه وتبرَّؤوا منه.
ثم ظهر التوقيع على يد أبي القاسم بن روح (رحمه الله) بلعنه والبراءة منه في جملة من لعن.
وهو ظاهر من أنّ استحقاق اللعن لمنكر أحد السفراء وعموم السفارة الخاصة من باب أولى.
ويرجع الفقهاء سبب ذلك إلى إنكار الإمامة وتكذيب قول الإمام (عليه السلام).
وكما سبق فإنّ إنكار الإمامة أو تكذيب الإمام (عليه السلام) ينتج عنه إنكار النبوة وتكذيب قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي ﴿لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى﴾.
وهذا الموقف الحازم والحكم الشرعي الإلهي يمكن توسعته ليشمل إنكار المرجعية ودورها كممثل شرعي وحيد عن الإمام (عليه السلام) في عصر الغيبة، بعد تنقيح المناط وتوحيد العلة، إذ أن الرجوع إلى الفقهاء لم يكن اعتباطياً من قبل الطائفة، بل كان على أساس أنهم سفراء عامون له (عجّل الله فرجه).
فما نشهده اليوم من حملة مسعورة يقوم بها البعض حول التشكيك بالمرجعية وتمثيلها لمنصب الإمامة في عصر الغيبة، يراد منه النيل من دور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لريادة الأُمة وقيادتها عبر سفرائه العامين والذين هم كما نص عليهم الحديث الشريف «حجة الله على الناس».