الافتتاحية
الافتتاحية
بسم الله الرحمن الرحيم
بين الغيبة والانتظار تاريخ طويل من المحن وتاريخ اطول من الانتصار، وبين المحن والانتصار تخلق فلسفة لتنمو الى فكرة وتحال الى عقيدة، وتترعرع إلى امةٍ تكبر امانيها بكبر محنها، وتنصهر امالها في قضيّة عزّ على غيرها ان تتذوّق حلاوة معاناتها كما هي تتذوّق مرارة آمالها.
أجل فليس بين الحلاوة والمرارة نسب الا نسب الصبر، وليس بين الصبر والالم الا علقة الكمال، وليس بين الكمال والمعاناة الا سمو الروح، ومراقي الرفعة، وشموخ الذات، وأبّهة العزة.
وإذا أردنا أن نستجمع ذاكرة التاريخ، او نستنطق أحداث الغابر، او نتوقف-ملياً- عند عظمة امةٍ، فإن الصبر سيكون سرّ العظمة ودافع المثابرة وسبب النصر فيما بعد.
إذن فالصبر مطية التفوق لانه من دواعي الثبات، والثبات فرع اليقين، واليقين مقدّمة النصر.
واذا توفّر الثبات واليقين والنصر فانهن محصّلة الصبر، إذن فالصبر أول كل شيء وآخر كل شيء في فلسفة الإمامة يحال الصبر الى حالة أرقى وطريقة أنضج وقضية أسمى فيرتفع الى مفهوم الانتظار، فالانتظار اذن هو محصلة الثبات واليقين، وهو كمال ترقى إليه أمة عانت من القهر لتتدرع بالصبر، وتثبت على يقين قضيتها.
إذن فالانتظار بناء النفس لترقى الى الكمال، وليس الانتظار هو التلبّث فحسب دون ان يكون هناك مزاولة لبناء النفس وجهادها وكمالها ورشدها.
هذا هو الانتظار في مفهوم اهل الانتظار فهو مقدمة النصر إذن.
واذا كانت اهمية الانتظار تنطلق من فلسفة قضية امة تصبو الى تقرير مصيرها وتتطلع لانتظار قائدها، فان ثقافة الانتظار لا تقل اهمية عن معرفة المصير الذي ينتظر الامة في احلك ظروفها واشدّ ساعاتها في المواجهة من اجل اثبات وجودها.
هذه هي رؤيتنا في ضرورة هذه الثقافة وبثّ الوعي الذي يضمن للآخرين ان يصلوا الى مستوى المسؤلية عند معرفتهم له.
من هنا يتلمسُ مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف اهمية هذا الانجاز، وهو يدرك مساهمة هذا الانجاز في تمتين اواصر الثقافة المهدوية مع افراد الامة، كما حرص من قبل في تقديم جهده المخلص.
وما هذا الذي نقدمه اليوم الا جزءاً من المسؤولية التي نستشعرها، وهي جزء مسؤولية القارئ كذلك ليصل الجميع الى مراقي الانتظار.
فالى اهل الانتظار نقدّم مجلة الانتظار في عددها التجريبي
رئيس التحرير