وقفة / من علامات الظهور
من علامات الظهور
إبراهيم تحسين عبد الواحد
العَلامة في اللغة: شيء يُنصب في الفلوات تهتدي به الضالّة(1)
والعَلامة: الأمارة(2)
وقد وردت عن أئمّة الهدى عليهم السلام طائفة من الروايات في علامات الظهور، تُلقي أضواءً كاشفة على مجمل الظروف التي ستواكب عملية ظهور المنقذ المنتظر الذي يترقّب ظهوره المؤمنون بلهفة، ويضرعون إلى خالقهم الحكيم الرؤوف في تعجيل فرجه وتقريب أيّامه، لأنّهم يرقبون فيه السفير الذي ادّخرته السماء ليمثّل إرادتها في ربوع البسيطة، من خلال إخراجه رقاب المؤمنين من نير عبودية الطواغيت، وإدخاله إيّاهم إلى ساحة عزّ عبادة الواحد الأحد.
وما دام أمر المهديّ المنتظر عليه السلام من الميعاد الذي قطعه الله تبارك وتعالى على نفسه، وهو ـ تعالى ـ لا يُخلف الميعاد(3)، فلا بدّ أن يتعرّف المنتظرون على علامات ظهوره، ولمّا كان مثل المنتظر عليه السلام ، مثل الساعة لا تأتي إلاّ بغتة(4)، وكان على المؤمنين أن يحذروا من قسوة القلوب من طول الأمد ـ أمد الغيبة (5)، وأن يكونوا ـ وباستمرار ـ من المنتظرين لظهوره، ومن الذين أعدّوا أنفسهم لشرف مواكبة مسيرته الظافرة.
وروي أنّه يخرج من الوادي اليابس، وأنّه من ولد عتبة بن أبي سفيان(6)؛ وروي أنّ خروجه يتزامن في سنة واحدة مع خروج الخراساني واليماني(7)؛ وروي عن الإمام الصادق عليها السلام أنّ السفياني يوقع بالشيعة مقتلةً في الكوفة، وأنّه يملك قدر حَمْل امرأة أو حمل جمل(8).
وجاء أنّ السفياني والخراساني يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان(9)؛ وجاء أنّ السفياني يبعث جيشاً في طلب المهديّ، فيُخسف بهذا الجيش في بيداء المدينة(10).
من علامات الظهور الحتميّة:
1ـ خروج السفياني
وردت الرواية عن الإمام الباقر والإمام الجواد عليهما السلام بأن خروج السفياني من المحتوم الذي لا بدّ منه(11).
2ـ ظهور اليماني
ظهور اليماني هو أحد العلامات الحتميّة لظهور الإمام المهدي عليه السلام ، وقد ورد التأكيد على ذلك من الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام، وقالوا بأنّه ليس في الرايات أهدى من راية اليماني، لأنّه يدعو إلى المهدي عليه السلام (12).
3ـ الصيحة
ورد عن أئمة الهدى عليهم السلام التأكيد على أنّ الصيحة هي النداء الذي يأتي من السماء يُسمع الفتاة في خِدرها ويُسمع أهل المشرق والمغرب، وأنّ أعناق أعداء الله تعالى ستخضع عند سماع الصيحة(13)، وأكّدت بعض الروايات أنّ الصيحة هي صيحة جبرئيل إلى هذا الخلق، يناديهم باسم القائم عليه السلام فمن اعتبر بذلك الصوت فأجاب نالته رحمة الله عزّ وجل(14).
4ـ الخسف في البيداء
الخسف في البيداء (بيداء المدينة المنوّرة) من المحتوم الذي أكّد الأئمة الهداة عليهم السلام بأنّه من العلامات التي تكون بين يدي أمر خروج الإمام المنتظر عليه السلام ، وأكّدوا على حقيقة أنّ علامات الظهور أشبه بنظام الخرز يتبع بعضه بعض(15).
ويظهر من الروايات أنّ الخسف يكون بجيش السفياني الذي يتحرّك لغزو المدينة ـ مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلمـ فيأمر الله تعالى الأرض فتأخذهم، وهو قول الله عزّ وجل (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) (16) (17).
5ـ السيف والطاعون
رُويَ عن أمير المؤمنين والإمام الصادق عليهما السلام أنّه سيكون بين يدي القائم عليه السلام موتٌ أحمر وموت أبيض ـ وفي رواية: الطاعون الأحمر والطاعون الأبيض ـ وهما السيف والطاعون الجارف على التوالي(18).
هذا مجمل بأهمّ العلامات الحتميّة لظهور الإمام المهدي عليه السلام ، وهناك علامات أخرى ستواكب ذلك الظهور المبارك، منها:
نزول عيسى ابن مريم عليها السلام، خروج الدجال، خروج دابّة الأرض، طلوع الشمس من مغربها، الدخان.
الهوامش:
ـــــــــــــــــــــ
(1) لسان العرب 9: 373 (علم).
(2) مجمع البحرين 6: 123 (علم).
(3) أنظر كلام الإمام الباقر عليها السلام أبي هاشم الجعفري، الغيبة للنعماني: 301/ح4.
(4) أنظر كلام الإمام الرض عليها السلام مع دعبل الخزاعي، عيون أخبار الرضا 2: 256/ح35.
(5) أنظر كلام الإمام الصادق عليها السلام في تفسير قوله تعالى (ولا تكونوا كالذين أُتوا الكتاب من قَبْلُ فطال عليهم الأمد فقست قلوبُهم)، قال عليها السلام: الأمد (أمد الغيبة)، الغيبة للنعماني: 24، المقدّمة.
(6) الغيبة للنعماني: 255 ـ 256/ ح 13؛ الغيبة للطوسي: 270.
(7) الغيبة للطوسي: 271.
(8) الغيبة للطوسي: 272، 272، 278، 279.
(9) الغيبة للطوسي: 259.
(10) الغيبة للنعماني: 280/ ح67.
(11) أنظر: الغيبة للنعماني: 301/ح4 و ح10، بحار الأنوار 52: 249.
(12) أنظر: الغيبة للنعماني: 253/ح13، الإرشاد للمفيد 2: 375.
(13) أنظر: روضة الكافي: 310، الغيبة للطوسي: 110، تفسير مجمع البيان: 4: 184.
(14) أنظر: الغيبة للنعماني: 253/ح13.
(15) أنظر: الغيبة للنعماني: 257/ ح15، 262/ ح21.
(16) سورة سبأ: 51.
(17) تفسير العياشي2: 56، الغيبة للنعماني: 304/ ح14.
(18) الغيبة للطوسي: 267، الغيبة للنعماني: 289/ ح6.