المسار:
العربية » مجلة الانتظار » العدد: ٢ / شعبان / ١٤٢٦ هـ
العدد: 2 / شعبان / 1426 هـ

دراسات / مدخل لدراسة القضايا المهدوية من خلال الادعية والزيارات المروية عن المعصومين (الحلقة الثانية)

مدخل لدراسة القضايا المهدوية
من خلال الادعية والزيارات المروية عن المعصومين عليهم السلام
(الحلقة الثانية)

السيد ياسين الموسوي

المرحلة الأولى: توثيق النص
دراسة أسانيد النصوص باستقراء الأدعية والزيارات المروية عن المعصومين عليهم السلام أمكننا تصنيف عناوينها ضمن عدّة قوائم.
القائمة الأولى الأدعية والزيارات المهدية:
أدعية الغيبة
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام وجاءت تسميتها بأدعية الحيرة انسلالاً من تسمية الغيبة بالحيرة كما جاء في مجموعة من الروايات عن المعصومين عليهم السلام في تسمية الغيبة بالحيرة عندما تحدثت عن فتنة آخر الزمان وحيرتها الصمّاء الصيلم المظلمة التي (يرجع عن هذا الأمر مَن كان يقول به)(1) فـ (يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها أقوام)(2) يجأر الصالحون إلى الله عزّ وجل يطلبون النجاة من الضلالة لأنهم علموا أنه (لا ينجو <أي من هذه الفتنة>(3) إلا مَنْ أخذ الله ميثاقه وكتب الإيمان في قلبه، وأيّده بروح منه)(4) فيتخلّصون من تضليل المضلّين أصحاب الآراء والبدع الكثيرة والمقالات المزوّقة المنمّقة، الذين خلطوا حقاً بباطل ولبسوا الأمور على المؤمنين فـ (لا يعرف أيّ من أي)(5) وقد نبّه الأئمة المعصومون عليهم السلام إلى هذه الحيرة والضلالة والفتنة بالروايات الكثيرة.. وجاء في بعض تلك الروايات الشريفة أنّهم عليهم السلام علّموا شيعتهم الأدعية التي إن واظبوا عليها واعتقدوا بما فيها فإنها سوف تخلّصهم وتُنجيهم.
ولأهمية تلك الأدعية الشريفة نبتدأ هذا البحث بالحديث عن أسانيدها، ليزداد المؤمن إيماناً والمنافق نفاقاً، فإن مع إيماننا بصحّة ما جاء في تلك الأدعية الشريفة من المعاني الجليلة التي تكفي لجواز قراءتها، لكننا آثرنا البحث في أسانيدها لتكون الحجّة أقوى، ويعلم المؤمن أنّ أئمته الأطهار عليهم السلام لم يتركوه وحده في محنته يعاني آلامها وظلماتها، وإنما كانوا معه من البداية يؤيّدوه ويسدّدوه، وأنه ما زال مشمولاً بعناية ولي الله الأعظم (أرواحنا لتراب قدميه الفدى) إضافة إلى ما تقدم من التنبيهات الضرورية لرسم منهج معرفي جديد.
1ـ روى الصدوق بالاسناد إلى عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى، ولا إمام هدى، ولا ينجو منها إلاّ من دعا بدعاء الغريق، قلت: كيف دعاء الغريق؟ قال: يقول: (يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك) فقلت: (يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك)، قال: إنّ الله عز وجل مقلّب القلوب والابصار ولكن قُل كما أقول لك: (يا مقلّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك).(6)
وقد ورد قريب من مضمونها في بعض أخبار العامة؛ منها ما رواه الحاكم في المستدرك قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار،ثنا محمد بن إبراهيم بن أرومة، ثنا الحسين بن حفص عن سفيان الثوري عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن حذيفة رض قال: يأتي عليكم زمان لا ينجو فيه إلا من دعا دعاء الغَرِيق).(7)
ثم عقب عليه بقوله (هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه).(8)
2ـ روى الكليني بإسناده عن:
الحسين بن أحمد، عن أحمد بن هلال، قال: حدثنا عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين قال: قال أبو عبد الله: لابدّ للغلام من غيبة. قلت: ولم؟ قال: يخاف ـ وأومأ بيده الى بطنه ـ وهو المنتظَر وهو الذي يشكّ الناس في ولادته، فمنهم من يقول: مات أبوه ولم يخلّف، ومنهم من يقول: وُلد قبل موت أبيه بسنتين. قال زرارة: فقلت: وما تأمرني لو أدركتُ ذلك الزمان؟ قال: ادعُ الله بهذا الدعاء: (اللهمّ عرّفني نفسك فإنك إنْ لم تعرّفني نفسك لم أعرفك، اللهم عرّفني نبيّك فإنك إن لم تعرّفني نبيك لم أعرفه قط، اللهم عرّفني حجّتك فإنك إن لم تعرّفني حجّتك ضللتُ عن ديني).
قال أحمد بن هلال: سمعت هذا الحديث منذ ست وخمسين سنة.(9)
وقد ورد الدعاء في كتاب الكافي للكليني بإسناده عن علي بن إبراهيم بنص مماثل(10) وراه الصدوق بحذف كلمة (عن ديني) عن أحمد بن محمد بن يحيى في كمال الدين وتمام النعمة.(11)
وروى النعماني في الغيبة يرفعه بإسناده عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام مثله.(12)
3ـ روى الصدوق في كمال الدين بإسناده التالي: حدثنا أبو محمد الحسين بن أحمد المكتب قال: حدثنا أبو علي بن همام بهذا الدعاء، وذكر أن الشيخ العمري قدّس الله روحه أملاه عليه وأمره أن يدعو به وهو الدعاء في غيبة القائم عليه السلام .. ثم ذكر الدعاء بطوله وهو الدعاء الثاني من أدعية الغيبة الذي سوف نذكره إن شاء الله تعالى في هذه الرسالة.
4 ـ وقال الشيخ الطوسي في مصباحه: وما روي عن أبي عمرو بن سعيد العمريرض، أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري أن أبا علي محمد بن همام أملاه عليه وأمره أن يدعو به وهو الدعاء في غيبة القائم من آل محمد عليه وعليهم السلام.. ثم نقل الدعاء.(13)
5 ـ وقال السيد جمال الدين بن طاووس في جمال الأسبوع: أخبرني الجماعة الذين قدمت الإشارة إليهم بإسنادهم إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله جلّ جلاله عليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري: أن أبا علي محمد بن همام أخبره بهذا الدعاء، وذكر أن الشيخ أبا عمرو العمري قدس الله روحه أملاه عليه وأمره أن يدعو به، وهو الدعاء في غيبة القائم من آل محمد عليه وعليهم السلام، وحدث أبو العباس أحمد بن علي بن محمد العباس بن نوح رضي الله عنه قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويهرض قال: حدثنا أبو محمد الحسين بن أحمد المكتب قال: حدثني أبو علي محمد بن همام رحمه الله بهذا الدعاء، وذكر أن الشيخ العمري قدّس الله روحه أملاه عليه وأمره أن يدعو به.(14)
6 ـ وقال الشيخ الطوسي في مصباحه:
(الدعاء لصاحب الأمر عليه السلام المروي عن الرضا عليه السلام :
روى يونس بن عبد الرحمن أن الرضا عليه السلام كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر بهذا(15).. ثم ذكر الدعاء الثالث الذي ذكرناه في هذه الرسالة.
وقال السيد رضي الدين بن طاووس في جمال الأسبوع:
(ذكر الدعاء لصاحب الأمر المروي عن الرضا عليهما أفضل السلام:
حدثني الجماعة الذين قدّمت ذِكرهم في عدّة مواضع من هذا الكتاب بإسنادهم إلى جدي ابي جعفر الطوسي تلقاه الله جلّ جلاله بالأمان والرضوان يوم الحساب قال: أخبرنا ابن أبي الجنيد عن محمد بن الحسن بن سعيد بن عبد الله والحميري وعلي بن إبراهيم ومحمد بن الحسن الصفار، كلّهم عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مولد وصالح بن السندي، عن يونس بن عبد الرحمن، ورواه جدي أبي جعفر الطوسي فيما يرويه عن يونس بن عبد الرحمن بعدّة طرق تركت ذكرها كراهية للإطالة في هذا المكان، يروي عن يونس بن عبد الرحمن: أن الرضا عليه السلام كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر عليه السلام بهذا(16) .. ثم ذكر الدعاء.
ثم عقّب على هذا الدعاء بقوله: قد تضمّن هذا الدعاء قوله عليه السلام : (اللهمّ صلِّ على وُلاة عهده والأئمة من بعده) ولعل المراد بذلك أنّ الصلوة على الأئمة الذين يرتّبهم في أيامه للصلوة بالعباد في البلاد والأئمة في الأحكام في تلك الأيام، وأن الصلوة عليهم تكون بعد ذِكر الصلاة عليه صلوات الله عليه بدليل قوله: (ولاة عهده)، لأن ولاة العهد يكونون في الحياة، فكأن المراد: اللهمّ صلّ بعد الصلاة عليه على ولاة عهده والأئمة من بعده.
وقد تقدّم في الرواية عن مولانا الرضا عليه السلام : (والأئمة من ولده)، ولعلّ هذه قد كانت: (صلّ على ولاة عهده والأئمة من ولده) فقد وجدت ذلك كما ذكرناه في نسخة غير ما رويناه، وقد روي أنهم من أبرار العباد في حياته. ووجدت رواية متصلة الإسناد بأن للمهدي صلوات الله عليه أولاداً جماعة ولاة في أطراف بلاد البحار على غاية عظيمة من صفات الأبرار، وروى تأويل غير ذلك مذكور في الأخبار.
ووجدت هذا الدعاء برواية تغني عن هذا التأويل ونذكرها، لأنها أتمّ في التفصيل، وهي ما حدَّث به الشريف الجليل أبو الحسين زيد بن جعفر العلوي المحمدي قال: حدثنا أبو الحسين إسحاق بن الحسن العفراني قال: حدثنا محمد بن همام بن سهيل الكاتب ومحمد بن شعيب بن أحمد المالكي جميعاً عن شعيب بن أحمد المالكي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن مولانا أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام أنه كان يأمر بالدعاء للحجة صاحب الأمر عليه السلام ، فكان من دعائه له صلوات الله عليهما (17) ثم ذكر الدعاء.
وهناك صيغة أخرى لهذا الدعاء ذكرها السيد بن طاووس في جمال الأسبوع وهي قريبة جداً لنص هذه النسخة منه إلا بزيادة كلمات أو نقيصتها.
 


الهوامش:
ــــــــــــــــــ
(1) كما ورد ذلك في الرواية عن الإمام الكاظم عليه السلام وقد رواها المسعودي في إثبات الوصية/ 229 ـ 230.
(2) كما ذلك في الرواية عن الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام وقد رواها الصدوق في كمال الدين/ ص 330 ـ باب 32/ ح 14.
(3) ما بين القوسين ليس من الرواية.
(4) كما ورد ذلك في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام فيما رواه النعماني في غيبته/ ص 151/ باب10/ ح9.
(5) كما ورد ذلك في الخبر المروي عن الإمام الصادق عليه السلام (ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي) في الغيبة للنعماني/ ص 152ـ باب 10/ ح9.
(6) كمال الدين/ ص 352/ ح 49.
(7) المستدرك على الصحيحين/ الحاكم النيسابوري/ ج4/ ص 425.
(8) المستدرك على الصحينحين/ ج4/ ص 425.
(9) الكافي/ ج1/ ص 342/ كتاب الحجة/ باب في الغيبة/ ح29.
(10) الكافي/ ج1/ ص 342/ كتاب الحجة/ باب في الغيبة/ ح29.
(11) الكافي/ ج1/ ص 342/ كتاب الحجة/ باب في الغيبة/ ح29.
(12) الكافي/ ج1/ ص 342/ كتاب الحجة/ باب في الغيبة/ ح29.
(13) مصباح المجتهد/ ص 369/ الطبعة الحجرية، وص 411 الطبعة الحديثة.
(14) جمال الأسبوع/ ص 315/ الفصل 47/ الطبعة الحديثة، وص 521/ الفصل 47/ الطبعة القديمة.
(15) مصباح المجتهد/ ص 366/ الطبعة الحجرية/ وص 409/ الطبعة الحديثة.
(16) جمال الأسبوع/ ص 506ـ 507 الطبعة الحجرية، وص 307 الطبعة الحديثة.
(17) جمال الأسبوع ص 310 الطبعة الحديثة، ص 511 الطبعة الحجرية.

العدد: ٢ / شعبان / ١٤٢٦ هـ : ٢٠١٣/٠٧/١١ : ٦.٦ K : ٠
: السيد ياسين الموسوي
التعليقات:
لا توجد تعليقات.

لتحميل أعداد المجلة (pdf):