المسار:
العربية » مجلة الانتظار » العدد: ٤ / صفر / ١٤٢٧ هـ
العدد: 4 / صفر / 1427 هـ

دراسات / عم الإمام الحجة عليه السلام الحسين بن علي عليهما السلام

عم الإمام الحجة عليه السلام
الحسين بن علي عليهما السلام

أحمد علي/ باحث اسلامي

بالنظر للظروف السياسية التي أفرزها التمسّك بالعرش، إختفى الكثير من الحقائق التي كان من المؤمل ظهورها كظهور الشمس في رابعة النهار، لما فيها من منافع عدّة لا يمكن إحصاؤها، فيجد الباحث عن الحقيقة صعوبة بالغة لما قدّمناه، ومن تلك الحقائق التي ابتُلينا بها هو عدم التعرّف على سيرة أبناء الائمة عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، فهم ما بين قتل وسبي وإقصاء وظلم، فضاع على الجميع أخبارهم لهذه الظروف السياسية، الواحد تلو الآخر، ومن هؤلاء الحسين بن علي بن محمد الجواد عليهم السلام ،وهو ابن الإمام الهادي وأخو الإمام العسكري وعمّ الإمام الحجة عليهم السلام، وكلّ ما حصلنا عليه هو نزر قليل من السيرة الذاتية له.مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام
فأحببنا أن نبيّن تلك الحقائق للقاريء الكريم حتى تظهر له رغم طمسها من قِبل مناوئيهم، وسأوردها تباعاً:
1ـ في من ذكره من العلماء والنسّابين:
1ـ الشيخ الطوسي( ت460هـ): ذكره في كتابه (الآمالي)، وكلّ من تأخّر عنه نقل منه،كالطبري في (بشارة المصطفى)، والمجلسي في (بحار الأنوار)، والبحراني في (الحدائق الناضرة) وغيرهم.
2ـ الإمام الفخر الرازي (ت606): ذكره في كتابه (الشجرة المباركة في أنساب الطالبية).
3ـ صفي الدين بن محمد المعروف بابن الطقطقي (ت 709هـ): في كتابه (الأصيلي في أنساب الطالبين).
4ـ أبو المعالي محمد سراج الدين الرفاعي (من أبناء العامة)، ذكره في كتابه (صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار )، في ترجمة الإمام الهادي عليه السلام ،حيث قال ما نصه:... وكان له خمسة أولاد: الإمام الحسن العسكري والحسين ومحمد وجعفر وعائشة.(1)
5ـ السيد أحمد بن محمد الحسيني الاردكاني في كتابه (شجرة الأولياء) المؤّلف سنة 1244هـ، وعدّه في ضمن أولاد الإمام الهادي عليه السلام ، ونقل عنه كلّ من السيد كاظم القزويني والشاكري وغيرهم في كتبهم.
6ـ الميرزا محمد بن محمد رفيع الملقب بـ (ملك الكتاب) في كتابه (بحر الأنساب) المطبوع في سنة 1335هـ.
7ـ الشيخ عباس بن محمد رضا القمّي (ت 1359هـ) في كتابيه (منتهى الآمال) و(ومفاتيح الجنان) وعدّه فيهما ضمن أولاد الإمام الهادي عليه السلام.
8 ـ السيّد محمّد مهدي الاصفهاني الكاظمي: في كتابه (دوائر المعارف)، ذكره في أحوال الإمام علي الهادي عليه السلام.
2ـ في جلالة قدره:
نقل السيد محمد كاظم القزويني عن كتاب (شجرة الأولياء):
أنّ الحسين كان زاهداً عابداً معترفاً بإمامة أخيه أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام ،وكان صوت الإمام المهدي عليه السلام يشبه صوت عمّه الحسين ، وكان الناس يعبّرون عنه وعن أخيه الإمام الحسن العسكري بـ (السبطَين) تشبيهاً لهما بالإمامين الحسن والحسين عليهما السلام.(2)
وهذا مما يدلّ على أنه ـ رحمه الله ـ كان من أعاظم السادات وأجلاّئهم ومن الزهّاد والعبّاد أيضاً.
3 ـ في أن صوت الإمام الحجّة يشبه صوته:
روى الشيخ الطوسي في كتابه (الأمالي) عن أبي محمد الفحام: قال: حدّثني أبو الطيب أحمد بن محمد بن بو طير، وكان لا يدخل المشهد ويزور من الشبّاك، فقال لي: جئت يوم عاشوراء نصف نهار ظهير، والشمس تغلي والطريق خال من أحد، وأنا فزع من الدعار(3) ومن أهل البلد(4) أتخفّى،إلى أن بلغت الحائط الذي أمضي منه إلى الشبّاك، فمددت عيني وإذا برجلٍ جالس على الباب ظهره إليّ كأنه ينظر في دفتر، فقال لي: إلى أين يا أبا الطيب؟ بصوت يشبه صوت حسين بن علي بن أبي جعفر إبن الرضا عليهم السلام , فقلت: هذا حسين قد جاء يزور أخاه, قلت: يا سيدي أمضي أزور من الشبّاك وأجيئك فأقضي حقّك, قال: ولم لا تدخل يا أبا الطيب؟ فقلت له: الدار لها مالك, لا أدخلها من غير إذنه, فقال: يا أبا الطيب تكون مولانا رقّاً وتوالينا حقّاً ونمنعك تدخل الدار! أدخل يا أبا الطيب, فقلت: أمضي أسلّم عليه ولا أقبل منه؟! فجئت إلى الباب وليس عليه أحد فيشعر بي، وبادرت إلى عند البصري خادم الموضع ففتح لي الباب فدخلت.
فكنّا نقول: أليس كنتَ لا تدخل الدار؟ فقال: أمّا أنا فقد أذنوا لي، بقيتم أنتم(5).
ويظهر لنا من خلال الرواية عدّة أمور منها:
أ ـ أن صوت الإمام المهدي عليه السلام يشبه صوت عمّه الحسين عليه السلام.
ب ـ أن الحسين عليه السلام كان حيّاً بعد وفاة أخيه الحسن العسكري عليه السلام ، وذلك لقول الرواي أثناء زيارته لأئمة سرّ من رأى: هذا حسين قد جاء يزور أخاه لكن الفخر الرازي ذكر أن الحسين مات قبل أبيه بسرّ من رأى، وهذا القول مرفوض إذا ما عرفنا أن الحسين أقبر بجوار أبيه.
ج ـ جلالة قدر الحسين عليه السلام عندما توهّم أبو الطيب به: أمضي أزور من الشباك وأجيئك فأقضي حقّك.
د ـ جلالة أبي الطيب بقول الإمام الحجة عليه السلام له: (تكون مولانا رقّاً وتوالينا حقّاً ونمنعك تدخل الدار)،وهذا القول لا يصدر إلاّ من الامام المعصوم الذي يعرف أحوال مواليه وشيعته بدقّة متناهية،خصوصاً مخاطبته بالرقّية، وهذه ـ كما قلنا ـ لا تصدر إلا من معصوم.
والظاهر أن هذه القرينة أوحت للعلماء على أن المتكلّم هو الامام الحجّة عليه السلام الذي يشبه صوته صوت عمه الحسين، فضلاً عمّا اشتهر بين المعاصرين للحجّة عليه السلام وعمّه كأمثال أبي الطيب وغيره.
قال المحقّق البحراني في حدائقه في هذا القول: أقول: ولا يخفى أن قوله عليه السلام ـ وذكر قول الإمام المتقدم ذكره ـ إذنٌ لكل من كان كذلك, وهم جميع شيعتهم ومواليهم القائلين بإمامتهم, فإنهم مقرّون أو مذعنون بالعبودية والرقّية لهم منها, والكَون على قبول ذلك منهم لا اختصاص له بذلك الرجل كما توهّمه رحمه الله.
أقول: ويظهر من الرواية تأكّد استحباب الاستئذان للدخول الى المشاهد الشريفة التي أذن الله أن تُرفع.
هـ. وَصْف الراوي أهل البلد بالجفاة والدعار في بعض النسخ وتخفّيه منهم في ذلك العصر يُشعر بتصرّفات أهل البلد السيئة تجاه الموالين لأئمتهم، وربّما هذا هو السبب الرئيسي لانتقال السفارة في الغيبة الصغرى من سامراء إلى بغداد التي كان السفراء فيها يمارسون أنشطتهم بحرية أكثر في ذلك الوقت.
4 ـ في أحوال رواة هذا الخبر:
أ ـ الشيخ الطوسي (ت 460هـ) وجلالة قدره وشهرته تُغنينا عن ذِكره.
ب ـ أبو محمد الفحام: هو الحسن بن محمد بن يحيى بن داود الفحام المعروف بابن الفحام السرّ من رائي, وثّقه السيد الخوئي في معجمه لأنه من مشائخ النجاشي, وأكثر الشيخ الطوسي عنه على ما في أمالي ولده, وقال المجلسي في البحار: أنه أستاذ الشيخ, وقال صاحب منتهى المقال: وفي اعتماد الشيخ ـ أي الطوسي ـ عليه وجعله أستاذاً له يُشعر بالحسن بل وما فوقه, كما ذكره الخطيب البغدادي في تأريخه وذكر مشايخه ووثّقه، وذكر أنّه توفّي سنة8 40 ه(6).
ج ـ أبو الطيب أحمد بن محمد بن بو طير: وصف جلالة قدره ابن الفحام في كتاب (الآمالي) للشيخ الطوسي رحمه الله قائلاً: كان أبو الطيب أحمد بن محمد بن بو طير رجلاً من أصحابنا, وكان جدّه بو طير غلام أبي الحسن علي بن محمد ـ أي الإمام الهادي عليه السلام ـ وهو سمّاه بهذا الإسم, وكان ممن لا يدخل المشهد ـ أي مشهد العسكريين ـ ويزور من وراء الشبّاك ويقول: للدار صاحب حتى يؤذن لي, وكان متأدّباً يحضر الديوان، وكان إذا طلب من الإنسان حاجة فإن أنجزها شكر وبشّر, وإن وعده عاد إليه ثانياً, فإن أنجزها وإلاّ عاد الثالثة, فإن أنجزها وإلاّ قام في مجلسه إن كان ممّن له مجلس, أو جمع الناس فأنشد:

أعلى الصراط تريد رعية ذمّتي           أم في المعاد تجود بالإنعام
إنّي لدنياي أريدك فانتبه                 يا سيّدي من رقدة النوّام(7)

أقول: وقد ذكر عدّة من الرجاليين أن اسم جدّه ( بطّة) وقال البعض (ريطة)، ولم يتبين لي حاله سوى ما ذكرته آنفاً.
5 ـ في ذكر أولاد الحسين بن علي عليهم السلام
وكان له من الأولاد أربعة, وقد رحلوا بعد وفاة أبيهم عن سامراء إلى مدينة( لار) من بلاد فارس في إيران, فقُتلوا بعد وصولهم إليه(8)، وذكر السيد جواد شبّر في كتابه (الضرائح والمزارات) نقلاً عن كتاب (بحر الأنساب) أن أسماءهم: جعفر ومحمود وباقر وزين العابدين.
ومن هذا النصّ ومن رواية أبي الطيب يُستفاد أن الحسين قضى حياته في سامراء.
إلا أنّ هناك من ينفي أعقابه كالفخر الرازي في كتابه (الشجرة المباركة) وكذلك ابن الطقطقي في كتابه (الأصيلي) فقد ذكر الأخير في باب ذكر أولاد الإمام الهادي عليه السلام ما نصه: وله عليه السلام خمسة أولاد: الإمام الحسن العسكري عليه السلام وجعفر والحسين لا عقب له، وموسى لأم ولد لا عقب له.
6 ـ مدفنه
قال الشيخ عباس القمّي في كتابه ( منتهى الآمال): فإن قبر الحسين يقع في جوار قبري أبيه وأخيه عليه السلام في سامراء في القبّة السامية نفسها.
أقول: فلذا يُستحبّ بعد زيارة الإمامين العسكرين عليهما السلام ،زيارته بزيارة أولاد الأئمة المشهورة, وهذا مجمل ما عثرنا عليه من سيرة سيدنا ومولانا الحسين بن علي بن محمد الجواد عليهم السلام.



الهوامش:
ــــــــــــــــــ
(1) كشف الاستار: 95
(2) الإمام الهادي من المهد الى اللحد: 139.
(3) الدعار: جمع داعر وهو الخبيث الشرير.
(4) في بعض النسخ: اهل البلد الجفاة.
(5) الآمالي: 288. وكذلك بحار الأنوار: 52/23.
(6) تهذيب المقال: 1/34, تاريخ بغداد: 7/424/ ر 3992, معجم رجال الحديث: 6/144/ ر 3133.
(7) الآمالي: 299, بحار الأنوار: 50/219.
(8) الإمام الهادي من المهد الى اللحد: 139.

العدد: ٤ / صفر / ١٤٢٧ هـ : ٢٠١٣/٠٧/١٦ : ٦.٥ K : ٠
: أحمد علي
التعليقات:
لا توجد تعليقات.

لتحميل أعداد المجلة (pdf):