المسار:
العربية » مجلة الانتظار » العدد: ٥ / ربيع الأول / ١٤٢٧ هـ
العدد: 5 / ربيع الأول / 1427 هـ

دراسات / بلورة التكليف الشرعي للمرأة في عصر قبل وبعد الظهور

بلورة التكليف الشرعي للمرأة
في عصر قبل وبعد الظهور

سحر جبار يعقوب/ كلية القانون- جامعة الكوفة

قامت النظرية الإسلامية على مبدأ نشر السلام وتعميم الثقافة الإسلامية وهي ما يعبر عنها أسلمة العالم، هذه الأطروحة هي معالجة لمشكلات يعاني منها المجتمع، ولعل العلة في ذلك هو البحث عن تخليص الإنسان من الاثقال المادية، فنحن مسؤولون عن تقديم الدليل كي نتمكن من تخليص الإنسان من هذه الأعباء، عليه لابد أن يفهم الإنسان معنى العبادة والعبودية للخالق وانه يجب الاعتقاد بتوحيده في قلبه، ويقرّ بلسانه بمعنى لابد أن يتطابق الشعور القلبي مع الممارسة العملية، فالإيمان هو وظيفة الإنسان، والمرأة هي أحد أطراف العملية التكليفية، فالمرأة لها دورٌ لا يقلُ عن الرجل فيكفي أنها مرضعة الرجال ومن أحضانها يعرجُ الرجالُ إلى السماء، من خلال تربيتهم تربية صحيحة، هذا كله ولغيره لابد أن تُثقف المرأة لأنها تحتاج إلى عملية التواصل لمواجهة التحدي الكبير الذي يهدد الوجود العبادي والذي هو هدف خلق الإنسان، ووجود الإمام بلا شك امتداد لوجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن الامامة إستمرار للنبوة، في حقيقة الأمر ان الإمام إنما غاب لأن العباد جنحوا إلى الظلم، فضلاً عن ذلك ذكرت ثلاث علل للغيبة. الإمام عليه السلام غاب وحسب العلة الأولى خوف القتل كي لا تطاله يدُ السلطة العباسية، والعلة الأخرى حتّى لا تكون في عنقه بيعة لطاغوت زمانه، أما العلة الثالثة فهي منعت أونهت عن السؤال عن الغيبة التامة. لعل ما ذكر من علل كانت جزء علة أما العلة الحقيقية فإن عقول البشر قاصرة عن ادراكها لذا على المرأة أن تلتفت الى من حولها من أبنائها وبني جنسها ولابد أن ترتب منهجية متكاملة من خلال البيانات البسيطة، لذلك فللأم أدوار ينبغي أن تمارسها نذكر منها:
المطلب الأول: محور إعداد الجيل
هذا المحور يتطلب التثقيف والتوعية وهذا ما لا يتحقق بجلسةٍ أو جلستين أو كلام عابر، وإنما ينبغي الالتفات إلى أن تكليف المرأة في هذا الزمان بأن عليها ان تلتفت الى من حولها سواءً كانوا اناثاً ام ذكوراً لابد ان ترتب جدول متكامل من خلال البيانات البسيطة عن الإمام تذكر معلومات تناسب عقل السامع وتبدأ من أبسط إنسان وصولاً الى من له درجة من الوعي والعلم.
المطلب الثاني: متابعة ما سبق
يعني العمل على متابعة ما سبقَ تجذيرهُ وترسيخه في أذهان النشأ الجديد أي الاستمرار من خلال إتباع آليات نذكر منها:
أ ـ تيسير الكتب:
يعني تيسير الكتب التي تتناسب مع المراحل العمرية لفئات الشباب والشابات، وهذا غالباً ما يكون امراً دقيقاً لأن الأم يمكنها ادراك درجة وعي وذكاء أولادها بصورة أكثر مما هو الحال بالنسبة لغيرها حتّى بالنسبة للأب لأنها المربية الأولى في البيت ومن يتيسر لها الاشراف على أولادها.
ب ـ رد الشبهات:
قد تظهر هذه الحالة في مرحلةٍ عمرية كبيرة بعض الشرائح ولكن علينا أن نلتفت أن الإمام عليه السلام قد ولد فعلاً بإزاء من يذهب الى عدم ولادته علينا رد الشبهات مستعينين بالمصادر خصوصاً في إعتمادنا على مصادرهم في رد الشبهات التي يحاولون زجها إلينا، علينا اعداد الجيل والاستمرار في متابعته بالشكل الذي يضمن التواصل مع هذه الامكانيات لأننا لا يمكن بأي حال أن نضع موانع أمام الفرد مهمّتنا ترشيدها بمعنى أن نبلغ به درجة من الوعي والسلامة الفكرية بحيث أن هذا الولد لو اغترب نكون مطمئنين عليه لا نحتمل ولو بنسبة ضئيلة أن تأتي إليه شبهة ما، علينا إعداد البنت والتواصل معها حتّى تكبر لان لها تأثيراً مباشراً فيما لو كانت زوجة.
جـ ـ التأكيد على أهمية وجوده الشريف
كان التأكيد سابقاً على أصل وجوده وجد أم لا من خلال تأثير الفضائيات واقتناع البعض بها مما هو مقطوع فيه أن الأرض لا تخلو من حجة لله ظاهرة أو باطنة لأنه لا يمكن أن نتصور أن يترك الرجل العاقل أسرته من دون نصب وصي أو قيّم فيما لو همّ بالسفر، فكيف بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم اذا توفي عندئذ لابد من نصب إمام بعده، مسألة عدم ضرورة وجود الإمام هذه مسألة تمتد حلقاتها الى إنكار أصل الإمامة وأن الأمة يمكن أن تنتخب أو تعين (مبدأ الخلافة) ان مبدأ التعيين والنص هو الحقيقة التي ينبغي أن يعينها أمثال هؤلاء، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترك الأمة إلى من لا يمكن أن يتصور صدور الخطأ منه، أما أهل الحل والعقد فهؤلاء يتصور أن يصدر منهم الخطأ، عليه لابد من التأكيد على أهمية وجود الإمام أي متابعة الثمار السابقة لهذه المعلومات التي اعطيتها للفرد لابد من مضاعفتها، الامام ليس كالأفراد العاديين وجد أم لا وإنما هو المنقذ صاحب الثورة العالمية.
د ـ الحفظ من الاختلاط
لابد من التحفظ من الاختلاط مع الآخرين ممن لهم تأثير سيء على الإنسان، علينا العمل على متابعة أولادنا بمستوياتهم المختلفة حتّى لا يندمج معهم رفقاء السوء ممن يحمل أفكار متطرفة، لذا لابد من إعداد البنت وتسليحها بالعقيدة.
هـ ـ دور المرأة
دور المرأة يتجسد فضلاً عما قيل في تعويد أفراد عائلتها على الصبر الذي فيه تنال الرغائب، ثقافة الصبر نافعة ومنذ البداية ـ من يمتلك ثقافة الصبر لا يكون في حالة ضياع نفسي، موضوع الصبر كآلية ينفع في حفظ الحالة التواصلية، أما حالة الاستعجال فهي لا تفيد جدوىً.
المطلب الثالث: محور الثقافة والإعلام
نعني به ماذا يمكن أن تقدمه المرأة في هذا الميدان، تكمن أهمية اختيار هذا العنوان من خلال اعتبار ان الحالة العصرية تعتمد في مجال واسع على موضوع الاعلام حتّى إنا نجد أن دولاً لا تتسلح بسلاحٍ عسكري بقدر ما تجهز من اعلام، وفيما يبدو ان هناك رواية اطلع عليها أغلب شيعة الإمام ألا وهي أن الإمام عليه السلام إذا ظهر عندما يقف بين الركنِ والمقام ينادي (يا أهل العالم)، أريد أن استشف من هذا النص ان الإمام يخاطب العالمين مع اعتقادنا بأن هناك أموراً خارقة للعادة يمكن أن يوظفها الإمام من أجل هذه القضية المركزية إلا أننا في ذاتِ الوقت علينا ألاّ نغفل عن أمرٍ مهم وهو تعاطي الإمام عليه السلام وتعامله مع المفردات بشكلٍ اعجازي أو طبيعي علينا أن نتصور أن تبث الفضائيات باختلافها المرئية والمسموعة من خلال شبكة المعلومات هذا البيان الذي يزف الخبر السعيد، هذا المذهب حُفِظَ بعناية إلهية لأن القائمين عليه ثلة معصومة ومن يسترشد برأي المعصوم أو أن يستنير برأي أهل البيت عليهم السلام يجد سبيل الفلاح أمامه مفتوحاً.
المرأة لها دور كبير من هذه الناحية، يمكن أن نثقفها بثقافة مهدوية وبذلك يكون بإمكانها أن تتعاطى مع هذه القضايا كمفردات إدارية علمية أو علمية ادارية اذ يمكن أن توظف هذه الطاقات النسوية للتأكيد على أن الدين عند الله الإسلام. لابد أن تشعر المرأة المؤمنة الواجب الشرعي يتعين ألا نغفل عن قصد القربى في كل ما نقوم به، لابد من إدخالها في نشاطات تؤكد وجودها، عليها أن تقارن المعلومات التي يمكن أن تحصل عليها مع كتب أهل العامة لأن الهدف هو الاستفادة من دورها فيما ينفع الناس لأنها قد تكون محتلة لموقعها المعين في مؤتمر، أو ندوة ثقافية، فلا يمكن بأية حالة أن يتم اختيارها وهي جاهلة لذلك لابد من الالتزام بعدة أمور منها:
1 ـ الاستماع الى المحاضرات القيمة التي تلقى من قبل أشخاص أمينين على المذهب.
2 ـ مطالعة الكتب الخاصة والعامة.
3 ـ التشجيع على المساهمات النسوية في موضوع الإمام لأن الهدف هو عدم وأد الفكرة في مهدها.
4 ـ الابداع في بعض المجالات الحيوية التي تدخل في حقل الإعلام كالشعر، القصيدة.
5 ـ إستعاره الكتب والاشراف على كل هذه الممارسات المذكورة أعلاه.
المطلب الرابع: محور الانتظار
تكمن أهمية هذا المحور من خلال ملاحظة ما نشره أهل البيت عليهم السلام من ثقافة بأساليب متنوعة من أجل أن يبينوا أهمية هذه المفردة في حياة المكلفين في آخر الزمان وهذا يعطينا عدة مؤشرات منها:
1 ـ الاهتمام بهذا الموضوع وانه من المواضيع الأساسية التي لابد من العناية بها.
2 ـ صعوبة المرحلة.
3 ـ شراسة الهجمة.
وذلك نجده في النصوص المباركة، ولعل أول ما نبدأ به ما ذكره الإمام زين العابدين عليه السلام في الصحيفة السجادية نجد أن من جملة ما دعى به الإمام في بعض المناسبات كيوم عرفة وهو الموسم العبادي وكان يدعو في محضر من الناس، لعل السبب في ذلك هو تهيئة النفوس اعلامياً لفهم حقيقة هذا الأمر. في فقرة من فقرات الدعاء يقول الإمام عليه السلام : (اللهم وصل على أوليائهم المقرونين لمقامهم المتبعين منهجهم المقتفين آثارهم المستمسكين بعروتهم المتمسكين بولايتهم المؤتمنين بولايتهم المسلمين لأمرهم المجتهدين في طاعتهم المنتظرين أيامهم). الإمام عليه السلام يطلب من الله جل وعلا أن يرفع درجات أولياء آل محمّد بما يمكن أن يعبر عنه بشيعتهم ولكن هذه الولاية لها في نظر الإمام شروط إذ الإمام لا يعد هذا الشخص من أولياء آل محمّد حتّى يعترف بمقامهم ولا تكون لديه شبهة. أما من لا يعترف بمقامهم أو يعترف ولكنه لا يتبع منهجهم من الناحية العملية وهذا ما تجده بالنسبة لبعض المذاهب التي كانت في بداية الأمر منضوية تحت لواء أهل البيت عليهم السلام الا انه ونتيجة حب الدنيا الذي هو رأس كل خطيئة أو لبعض العوامل السياسية التي أفرزت انخراط هذا الشخص في جماعة لتكوين مذهب مقابل لمذهب أهل البيت عليهم السلام.
التاريخ يشير إلى أن بعض الذين كانوا على الحق انحرفوا، في كتاب (تهذيب الاحكام) للشيخ الطوسي يذكر في مقدمته ان هناك بعض الاشخاص ممن كانوا على الحق الا إنه حصلت لديه حالات ارتداد فكري على اعتبار ايجاده لبعض الروايات تتخالف مع البعض فبدلاً من عرضها على الكتاب وروايات أهل البيت حصلت عنده حالة تراجع عن الحق مما دعا به إلى تأليف كتاب (الاستبصار..) لتأسيس قاعدة يمكن من خلالها فهم جميع الروايات المتخالفة.
لدى أهل البيت عليهم السلام صفة التسامح والتواصل والتعالي على الأمور التافهة إذ إن نفوسهم كبيرة لا تنظر إلى الأمور العادية بهذا المنظار، الأئمة عليهم السلام ركّزوا ـ خصوصاً الإمام الصادق عليه السلام ـ (كيف تواصلكم)، الامام يسأل بعبارة أخرى، الأئمة عليهم السلام كانوا يفكرون كيف ان أصحابهم يثبتون بحيث يندمجون مع الفرق الأخرى وتتأثر الفرق المخالفة بأخلاقهم بحيث ان المخالف او الإنسان العادي لا يأتمن على أمانته الا الإنسان الشيعي، إذن أهل البيت عليهم السلام أهلّوا شيعتهم لدور القيادة في المجتمع لابد من الثبات على المذهب وعدم الانزلاق في مفردات المادة.الإمام عليه السلام يؤكد أيها الإنسان إن مجرد بلوغك لا يكفي بأن تنطق بالعقائد والأصول وإنما تحتاج للتواصل لأن هناك تأثيرات على صعيد الدنيا. الإمام السجاد عليه السلام بعد ذلك يبين (المادّين إليهم أعينهم) أي بالإنتظار إذ الفرد المنتظر في حالة صعوبة طوال الوقت لذا فهو يشخص ببصره إلى الإمام المنتظر عليه السلام.

العدد: ٥ / ربيع الأول / ١٤٢٧ هـ : ٢٠١٣/٠٨/٠١ : ٥.٤ K : ٠
: سحر جبار يعقوب
التعليقات:
لا توجد تعليقات.

لتحميل أعداد المجلة (pdf):