دراسات / كتاب اثبات الرجعة للفضل بن شاذان (دراسة وتحليل)
كتاب اثبات الرجعة
للفضل بن شاذان
(دراسة وتحليل)
سماحة الشيخ محمد رضا السلامي/باحث واستاذ في الحوزة العلمية
كتاب (إثبات الرجعة) يعتبر من أوثق الكتب وأعلاها سنداً في الروايات الخاصة بأحوال الإمام المهدي عليه السلام وأخباره.
ولابد في البداية من ترجمة مختصرة لمؤلفه الفضل بن شاذان نعرف من خلالها منزلة الرجل في نفسه وعلمه.
الفضل بن شاذان:
هو أبو محمد الفضل بن شاذان بن الخليل الأزدي النيشابوري من أصحاب الأئمة عليهم السلام الأجلاّء، روى عن الرضا عليه السلام والجواد عليه السلام ، وأورده الطوسي في أصحاب الإمام الهادي عليه السلام والإمام العسكري عليه السلام.(1)
كان أبوه من أصحاب يونس بن عبد الرحمن، وكان الفضل يقول: أنا خلف لمن مضى، أدركت محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وغيرهما، وحملت عنهم منذ خمسين سنة، ومضى هشام بن الحكم رحمه الله وكان يونس بن عبد الرحمن رحمه الله خلفه وكان يرد على المخالفين.
ثم مضى يونس بن عبد الرحمن ولم يخلف خلفاً غير السكّاك، فرد على المخالفين حتى مضى رحمه الله، وأنا خلف لهم من بعدهم رحمهم الله.(2)
وقد وثّقه رجاليو الشيعة وعدّوه من فقهاء ومتكلمي الإمامية.
قال النجاشي: الفضل بن شاذان بن الخليل، أبو محمد الأزدي النيشابوري، كان أبوه من أصحاب يونس، وروى عن أبي جعفر الثاني وقيل عن الرضا عليه السلام، وكان ثقة، أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلمين وله جلالة في هذه الطائفة، وهو في قدره أشهر من أن نصفه.(3)
وقال عنه الطوسي: متكلّم فقيه جليل القدر.(4)
وقال العلاّمة في الخلاصة: وكان ثقة جليلاً فقيهاً متكلّماً له عظيم شأن في هذه الطائفة، قيل أنه صنّف مائة وثمانين كتاباً، وترّحم عليه أبو محمد عليه السلام مرّتين وروي ثلاثاً ولاءً، ونقل الكشي عن الأئمة عليهم السلام مدحه، ثم ذكر ما ينافيه، وقد أجبنا عنه في كتابنا الكبير، وهذا الشيخ أجل من أن يغمز عليه، فإنه رئيس طائفتنا رحمه الله.(5)
وأشار العلامة بكلامه الأخير الى ما رواه الكشي في مدحه، ومنها الرواية في ترحّم الإمام عليه السلام عليه، وما أورده من روايتين يفهم منهما قدحه عليه السلام ، ولكن أجاب عليهما كل من ترجم له كما رأيت ذلك من العلامة نفسه. والمراد من الروايتين هو ما رواه الكشي عن علي بن محمد بن قتيبة عن رقعة عبد الله بن حمدويه والتي فيها نسبة القول بأن الله جسم للفضل بن شاذان وخروج التوقيع فيه بالتهديد بالدعاء عليه بمرض لا يدمل في الدنيا ولا في الآخرة، ورواية أحمد بن يعقوب البيهقي.(6)
وأُجيب على ذلك بتكذيب هذا التوقيع، إذ كيف يعقل صدوره من الإمام عليه السلام بعد وفاة الفضل بشهرين، كما في نص رواية البيهقي، اضافة إلى رد نسبة القول بالجسمية له في نفس الرواية، وان هذا التوقيع خرج في الحقيقة من قبل عروة بن يحيى الكذاب الغالي المعروف بالدهقان كما ذكر ذلك السيد الخوئي.(7)
كتاب اثبات الرجعة:
ذكره النجاشي(8) والطوسي(9) في ضمن كتب الفضل بن شاذان، وذكرا طريقيهما إلى كل كتبه، وذكره أيضاً ابن شهر آشوب في ضمن كتبه.(10)
وأشار إليه من جاء بعدهم وان اختلفوا في تسـمـيـة الـكـتـاب كـمـا سيظهر لك آنفاً ولكن الكتاب لم يصل إلى أيدينا وإن وصلت نسخة منه إلى السيد الميرلوحي المعاصر للعلامة المجلسي ضمّنها في كتابه كفاية المهتدي، وضن بها على العلامة المجلسي فلا تجد لها ذكراً في مصادر البحار.
ولنذكر نبذة عن المير لوحي وكتابه:
نسب الميرلوحي نفسه في أول كتابه، هكذا: محمد بن محمد لوحي الحسيني الموسوي السبزواري، الملقّب بالمطهر، والمتخلّص بالنقيبي.(11)
وقال العلامة الطهراني: السيد محمد بن محمد بن أبي محمد بن محمد المصحفي الحسيني السبزواري، الملقّب بالمطهر، والمتخلّص بـ (النقيبي) (ذ9: 1220)، وُلد بإصفهان قبل سنة 1000، وتوفي بها بعد 1083 التي فرغ فيها من الأربعين له الموسوم بـ (كفاية المهتدي في أحوال المهدي عليه السلام)(12)، والموجود نسخة منه عند الحسن المصطفوي العالم الكتبي بطهران، بقلم الملا محمد مؤمن بن عبد الجواد، فرغ من الكتابة تاسع صفر سنة 1085، ونسخة أخرى في (المجلس) كما في فهرسها 3: 61.(13)
ترجمه معاصره المير محمد زمان بن محمد جعفر بن محمد سعيد الرضوي المشهدي (1041م) في أول كتابه (صحيفة الرشاد) (ذ15 قم 91، 19 قم 406) الذي ألفه في قدح أبي مسلم الخراساني وهو صاحب الدعوة المقتول سنة 137 بيد العباسيين الذين أوجدهم، كتبه انتصاراً للمير لوحي هذا، وذكر أن جده الأعلى محمد المصحفي كان من أعاظم علماء سبزوار، وقد قرأ عليه جدي المير محمد سعيد بن مسعود الرضوي، وإن أجداده سادات ينهون نسبهم إلى إبراهيم الأصغر بن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام...، إلى آخر ما ذكره من كلام المير محمد زمان في صحيفة الرشاد.(14)
وقد عرفت من كلام صاحب الذريعة أنه ذكر وجود نسخة بقلم الملا محمد مؤمن بن عبد الجواد فرغ من كتابتها تاسع صفر 1085.
وقال في الذريعة: ورأيت نسخة منه بخط محمد مؤمن بن الشيخ عبد الجواد كتبها في عصر المصنف، وفرغ منها في سابع ربيع الثاني 1085.(15)
ولكن في آخر النسخة الموجودة في المكتبة المركزية بطهران، ضمن المجموعة المهداة من قبل المرحوم الأُستاذ السيد محمد مشكوة، تحت رقم (619) والتي طبع عليها الكتاب،(16) والمحتمل أنها هي التي رآها العلامة الطهراني عند الحسن المصطفوي العالم الكتبي بطهران، هكذا:
(تم هذا المختصر الموسوم بكفاية المهتدي في معرفة المهدي، والحمد لله على إتمامه، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً كثيراً، والسلام على من اتبع الهدى).
ثم جاء بعده: (تم الكتاب بعون الملك الوهّاب على يد الفقير الحقير المحتاج إلى رحمة ربه الغني ابن الشيخ عبد الجواد الكاظمي، محمد مؤمن في سنة ثلاث وثمانين وألف من الهجرة النبوية، وصلى الله على محمد وآله أجمعين).
وبجانب التاريخ المذكور، كتب التاريخ رقماً هكذا: (1083).(17)
وفي آخر النسخة الموجودة في مكتبة المجلس، والمرقمة في الفهرست (3/60 ـ 62)، والتي ذكرها العلامة الطهراني أيضاً تحت رقم (3: 61)، هكذا:
(تم هذا المختصر الموسوم بكفاية المهتدي، والحمد لله على إتمامه، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً كثيراً، والسلام على من اتبع الهدى).
ثم جاء بعده: (قد فرغ كتابته في يوم السبت من عشر الثالث من شهر الحادي عشر من سنة الإحدى من عشر الثاني من ماية الثالثة بعد الالف الأول من الهجرة النبوية المصطفوية، صلوات الله عليه وعلى آله، مطابق أودي التركي.
أرجو أن أكون شريكاً في ثواب قاريها وسامعها ومن اعتقد بها).(18)
فظهر من الجملة المشتركة في نهاية النسختين، أن المؤلف المير لوحي أنهى كتابه بهذه الجملة، وقد نعته بالمختصر، فهو في أربعين حديثاً ـ كما وصفه بأنه رسالة قبل الحديث الأخير(19) ـ ولم يذكر تاريخ انتهائه من الكتاب.
وأما الكلام الذي بعد هذه الجملة فهو للناسخين، أحدهما محمد مؤمن بن الشيخ عبد الجواد الكاظمي، والذي أرخ نسخه في (1083)، فلا أعرف من أين جاء العلامة الطهراني بتاريخ (التاسع من صفر) أو (السابع من ربيع الثاني) سنة 1085، وأن المؤلف أنهى كتابه بتاريخ 1083.
وجديرٌ ذكره أن كتاب (كفاية المهتدي في معرفة المهدي عجل الله فرجه) باللغة الفارسية، ذكر فيه مؤلفه أحاديث عن الفضل بن شاذان وغيره، ثم ترجمها للفارسية، قال في آخر مقدمته: وعملت بقدر الوسع والإمكان على نقل كل حديث انفرد بروايته الفضل بن شاذان ـ عليه الرحمة والغفران ـ ولا أنقل ما لا يوجد له مؤيدات.
وسميت هذا الأربعين بـ (كفاية المهتدي في معرفة المهدي عجل الله فرجه)، والتوكل على الله الملك المجيد.(20)
ثم قال في الحديث الأول:
قال الشيخ الكامل العادل العابد الزاهد المتكلم الخبير الفقيه النحرير النبيل الجليل أبو محمد الفضل بن شاذان بن الخليل ـ برّد الله مضجعه وجعل في الفردوس إلى الأئمة الطاهرين مرجعه ـ في كتابه الموسوم بإثبات الرجعة: ...(21)
وقال في الحديث الثاني: وابن شاذان ـ عليه الرحمة والغفران ـ في كتاب إثبات الرجعة، عنون باباً مشتملاً على مثل هذه الأحاديث، سماه (شدة النهي عن التوقيت)،(22) ـ ثم ذكر حديثاً من هذا الباب ـ.
أقول: ومن هذا يعلم إنه قد رأى كتاب إثبات الرجعة وكان عنده، فإن نفس هذا الحديث موجود في مختصر إثبات الرجعة(23) الذي كان عند الحر العاملي من دون ذكر عنوان للباب قبله، بل إن كل المنتخب ليس فيه أبواب.
ثم قال المير لوحي: قال الشيخ أبو جعفر الطوسي في كتاب الغيبة: أما وقت خروجه فليس بمعلوم لنا على التفصيل، بل هو مُغيَّب عنا إلى أن يأذن الله بالفرج، ثم نقل عدة أحاديث في هذا الباب ذكرابن شاذان ـ رحمة الله عليه ـ في سندها وهذه الأحاديث مع أحاديث أُخر في هذا المعنى رأيتها في كتاب إثبات الرجعة، منها ما قاله الشيخ أبو جعفر: وروى حديثين عن الغيبة للطوسي، ثم قال بعد الحديث الثاني ـ : وهذا الحديث رواه ابن شاذان بعدة أسانيد صحيحة.(24)
ومن قوله هذا يظهر أن ما رواه الشيخ الطوسي في الغيبة عن طريق ابن شاذان هو من كتابه إثبات الرجعة، ولا أقل أغلبها، وقد ذكر الطوسي في الفهرست طريقه إلى الفضل، هكذا:
أخبرنا (برواياته وكتبه) أبو عبد الله، عن محمد بن علي بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل.
ورواها محمد بن علي بن الحسين، عن حمزة بن محمد العلوي، عن أبي نصر قنبر بن علي بن شاذان عن أبيه، عن الفضل.(25)
وذكر طريقه في التهذيب، هكذا: ومن جملة ما ذكرته عن الفضل بن شاذان ما رويته بهذه الأسانيد عن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان.(26)
وقال العلامة في الخلاصة إن طريق الشيخ إلى الفضل بن شاذان صحيح.(27)
والنوري في خاتمة المستدرك: وإلى الفضل بن شاذان، صحيح في المشيخة، وإليه طريقان، أحدهما حسن، والآخر مجهول، في الفهرست.(28)
والسيد الخوئي قدس سره: كما إن كلا طريقي الشيخ ضعيف، الأول: بعلي بن محمد، والثاني: بحمزة بن محمد ومن بعده، نعم إن طريق الشيخ إليه في المشيخة صحيح.(29)
وقد ذكر المير لوحي عبارات كثيرة في كتابه ـ غير ما ذكرنا ـ يُعلم منها بأنه قد رأى كتاب إثبات الرجعة للفضل بن شاذان.(30)
ثم إن العلامة النوري قال في مقدمة النجم الثاقب: إن الكتب المرتبطة ببيان أحواله صلوات الله عليه، والتي تعرف بكتب الغيبة كثيرة، والذي يحضرني حالياً من أسمائها: ...، ـ ثم عد منها ـ كتاب إثبات الرجعة المعروف بالغيبة لأبي محمد الفضل بن شاذان النيسابوري.(31)
ثم قال: كتاب كفاية المهتدي في أحوال المهدي للسيد محمد بن محمد لوحي الحسيني الموسوي السبزواري الملقب بالمطهر، المتلخص بالنقيبي تلميذ المحقق الداماد، وأكثر ما في هذا الكتاب نقله من كتاب الفضل بن شاذان، فهو ينقل الخبر سنداً ومتناً أولاً، ومن ثم يترجمه.
وكان عنده (غيبة) الشيخ الطرابلسي، و(غيبة) الحسن بن حمزة المرعشي أيضاً، ما ننقله عن هذه الكتب الثلاثة، فإنما ننقله عن هذا الكتاب.(32)
ثم روى النوري عن كافية المهتدي في سائر كتابه بعنوان الغيبة إلا في موضع واحد، قال:
الخامس: روى الشيخ الثقة الجليل القدر العظيم الشأن أبو محمد الفضل بن شاذان النيشابوري، وقد ألف مائة وثمانين كتاباً، وروى عن الإمام الرضا عليه السلام والإمام الجواد عليه السلام ، وقد توفي في آخر حياة الإمام العسكري عليه السلام ، وقد ترحّم عليه عليه السلام ، في كتاب غيبته المسمى بـ (إثبات الرجعة) عن...(33)
وسماه في كشف الأستار: (الغيبة) أيضاً،(34) وروى عنه بهذا العنوان(35) فيه وفي مستدرك الوسائل.(36)
وقال فيما استدركه على المجلسي من كتب لم يذكرها في بحاره:
كالأربعين لمير محمد لوحي الملقب بالمطهر، المعاصر للعلامة المجلسي، يتضمن أخباراً كثيرة من كتاب الغيبة لفضل بن شاذان النيسابوري صاحب الرضا عليه السلام ، وكان عنده.(37)
أقول: ومن كلام النوري يظهر أن كتاب ابن شاذان اسمه (إثبات الرجعة) ويصنف في الكتب المعروفة بالغيبة، وأن ما نقله في كتبه كثيراً عن غيبة ابن شاذان هو كتاب إثبات الرجعة نفسه، وأنه نقل ما فيه عن كتاب كفاية المهتدي للمير لوحي، وقد عرفت أن المير لوحي قد صرح بأن اسم كتاب الفضل بن شاذان هو (إثبات الرجعة)، ولم يذكر اسم الغيبة أصلاً والنوري يصرح بأن اسمه هو هذا في موضعين، وما ذكره من أنه معروف بالغيبة لم أجد له ذكراً من أحدٍ قبله، بل لم ينقل أحد عن كتاب للفضل اسمه الغيبة.
ويؤيد ذلك ما ذكره العلامة الطهراني في الذريعة، قال: (مختصر الغيبة) لفضل بن شاذان، للسيد بهاء الدين علي بن غياث الدين عبد الكريم بن عبد الحميد النيلي النجفي، قال في آخره: هذا آخر ما اخترناه من كتاب الفضل بن شاذان، وقال كاتبه السيد عبد المطلب بن محمد العلواني الحسيني الموسوي، أنه نقل عن خط من نقل عن خط السيد السعيد السيد علي بن عبد الحميد، والفراغ من كتابة السيد عبد المطلب 1222.(38)
فإن السيد علي بن عبد الحميد لم يذكر اسم الكتاب، وإنما قال: من كتاب الفضل بن شاذان.
وتسميته بـ (مختصر الغيبة) ـ وسيأتي الكلام عن هذا المختصر قريباً ـ جاء من العلامة الطهراني نفسه، لما اشتبه عليه الحال حسب ما فهمه من عبارات العلامة النوري، فقد عنون في الذريعة لـ (كتاب الغيبة) للفضل بن شاذان، وقال: كتاب الغيبة للحجة، للشيخ المتقدم أبي محمد فضل بن شاذان الأزدي النيسابوري، الراوي عن الجواد عليه السلام ، وقيل عن الرضا عليه السلام ، والمتوفى 260، وهو غير كتاب (إثبات الرجعة) له، كما صرح بتعددهما النجاشي، بل هذا الذي عبر عنه النجاشي بعد ذكره (إثبات الرجعة) بكتاب (الرجعة) حديث،(39) فهذا مقصور على أحاديث الرجعة وظهور الحجة وأحواله، ولذا اشتهر بكتاب الغيبة، وكان موجوداً عند السيد محمد بن محمد مير لوحي الحسيني الموسوي السبزواري، المعاصر للمولى محمد باقر المجلسي على ما يظهر من نقله عنه في كتابه الموسوم (كفاية المهتدي في أحوال المهدي)، وينقل شيخنا النوري في (النجم الثاقب في أحوال الإمام الغائب) فهو عن كتاب (الغيبة) هذا بتوسط المير لوحي المذكور، وقال الحاج ميرزا إبراهيم، أمين الواعظين الأصفهاني: (إن نسخة منه موجودة عندي بإصفهان)، ولعله مختصر غيبته الآتي في الميم فراجعه.(40)
وقال أيضاً: الرجعة وأحاديثها: للفضل بن شاذان بن الخليل، أبي محمد الأزدي النيشابوري المتوفى (260)، وهو غير (إثبات الرجعة) له أيضاً، وهذا هو الذي يعبر عنه بكتاب الغيبة كما يأتي بتصريح النجاشي، وكان عند المير لوحي الإصفهاني على ما ينقل عنه في كتابه الأربعين الموسوم (كفاية المهتدي)، وقد ظن في إعطائه للعلامة المجلسي، على ما ذكره شيخنا في (خاتمة المستدرك) و(النجم الثاقب) وغيرهما.(41)
فقد عرفت أن ما كان موجوداً عند المير لوحي وصرح به في كتابه (كفاية المهتدي) هو (إثبات الرجعة) لا غير، وإن عبر عنه الشيخ النوري بـ (الغيبة) في أغلب المواضع، فكأن الطهراني لم يدقق في تصفحه لكفاية المهتدي ولا في كتب أُستاذه النوري، والله أعلم.
كما أن النجاشي لم يذكر أن للفضل بن شاذان كتاباً اسمه الغيبة، وإن ذكر له كتاباً باسم (الرجعة) حديث، فأين التصريح منه بأنه الغيبة، كما هو قول الطهراني.
ثم أنه نقل في موضع آخر من الذريعة عن الشيخ النوري أنه قال في أول (جنة المأوى): إني كلما أنقل في هذا الكتاب عن غيبة فضل بن شاذان، وعن غيبة الحسن بن حمزة المرعشي، وعن كتاب (الفرج الكبير) لمحمد بن هبة الله بن جعفر الطرابلسي، فإنما أنقلها عن كتاب المير لوحي هذا ـ يعني به كفاية المهتدي ـ لأنها كانت موجودة عنده، وينقل عنها في كتابه هذا.(42)
ولكني لم أجد هذه العبارة في جنة المأوى المطبوع مع البحار في الجزء 53 ومثل هذه العبارة نقلناها عن أول (النجم الثاقب) للشيخ النوري آنفاً عند ذكره لكتاب (كفاية المهتدي) للمير لوحي، ولكن جاء فيها: (كتاب الفضل بن شاذان) إشارة إلى ما ذكره عند عده كتب الغيبة، بقوله: كتاب إثبات الرجعة المعروف (بالغيبة) لأبي محمد الفضل بن شاذان النيسابوري(43) وأيضاً ليس فيها (الفرج الكبير)، بل (غيبة الشيخ الطرابلسي)، فراجع ـ.
مختصر إثبات الرجعة:
كانت نسخة من هذا المختصر عند الشيخ الحر العاملي ذكر أغلب أحاديثها (14 حديثاً) في كتابه إثبات الهداة، وإنْ كان قد ذكر في أول إثبات الهداة في الفائدة العاشرة، عند ذكره لكتب الشيعة التي نقل منها: كتاب إثبات الرجعة للفضل بن شاذان،(44) والذي يوحي بأنه نقل من كل الكتاب لا مختصره، وذلك ما قاله العلامة الطهراني في الذريعة تحت عنوان إثبات الرجعة: للشيخ أبي محمد الفضل بن شاذان بن الخليل الأزدي النيشابوري، المتوفى سنة 260، صرح به النجاشي، وحكى عن الكنجي أنه ذكر أن الفضل بن شاذان صنف مائة وثمانين كتاباً. (أقول) الموجود منه مختصره الآتي بعنوان منتخب إثبات الرجعة.(45)
وقال تحت عنوان منتخب إثبات الرجعة: للفضل بن شاذان، انتخبه بعض فضلاء المحدثين، كما كتب عليه الشيخ الحر بخطّه، صورة الخط في آخر النسخة الموجودة عند الشيخ محمد السماوي: (هذا ما وجدناه منقولاً من رسالة (إثبات الرجعة) للفضل بن شاذان بخط بعض فضلاء المحدثين).(46)
أقول: وهذه النسخة محفوظة في مكتبة آية الله الحكيم في النجف الأشرف، ذكرت في فهرست المكتبة (1/56، رقم 316)،(47) وقد نسخت عليها نسخة بخط ابن زين العابدين محمد حسين الأرموي، في 8 ذي القعدة سنة 1350 هـ، موجودة في المكتبة الرضوية بمشهد، ضمن مجموعة برقم 7442، تحتوي أيضاً على كتابي الأمالي والإفصاح للشيخ المفيد، وتحتوي على 20 حديثاً،(48) وهي التي طبع عليها الكتاب بعنوان (مختصر إثبات الرجعة)، تحقيق السيد باسم الموسوي، وقد تبع في مقدمته العلامة الطهراني في توهمه بأن (إثبات الرجعة) غير ما ذكره العلامة النوري بـ (الغيبة) للفضل.
وقد طابقنا أحاديث (المختصر) العشرين على ما هو منقول عن كتاب (إثبات الرجعة) للفضل في كتاب (كفاية المهتدي) للمير لوحي، فوجدنا كل الأحاديث العشرين موجودة فيه وبنفس تعاقبها هناك، فحصل لنا اطمئنان، أن المختصر منقول من كفاية المهتدي، وأن ما ذكره الحر العاملي بقوله (هذا ما وجدناه منقولاً من رسالة (إثبات الرجعة) للفضل بن شاذان بخط بعض فضلاء المحدثين) هو ما نقله المير لوحي عن إثبات الرجعة في كفاية المهتدي، قد تحاشى الحر العاملي التصريح باسمه لما كان معروفاً في ذلك الزمان من منافرة ومشاحنة بين المير لوحي والعلامة المجلسي المتعاصرين في إصفهان.
أما ما هو مذكور في كفاية المهتدي من أحاديث عن (إثبات الرجعة) بحدود 60 حديثاً أو أكثر، أي حوالي ضعفي ما مذكور في المختصر.
ولعل الله يوفقنا أو أحداً غيرنا لافرادها، وضم ما موجود من روايات الفضل في غيبة الطوسي، وما رواه الصدوق عنه، وغيرهما، وطبعهما في كتاب واحد.
ثم إنه يبقى ما ذكره العلامة الطهراني تحت عنوان: مختصر الغيبة لفضل بن شاذان للسيد بهاء الدين علي بن غياث الدين عبد الكريم بن عبد الحميد النيلي النجفي، قال في آخره (هذا ما اخترناه من كتاب الفضل بن شاذان)، وقال كاتبه السيد عبد المطلب بن محمد العلواني الحسيني الموسوي أنه نقل عن خط من نقل عن خط السيد السعيد السيد علي بن عبد الحميد، والفراغ من كتابة السيد عبد المطلب 1222، ونسخة أخرى كانت عند الشيخ محمد السماوي كتابتها 1085، ملكها الشيخ الحر، ثم ابنه الشيخ محمد رضا، ثم جمع آخر من العلماء، أول رواياته عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، وكتب الشيخ الحر في آخره (هذا ما وجدناه منقولاً من رسالة (إثبات الرجعة) للفضل بن شاذان بخط بعض فضلاء المحدثين)، وذكرت هذه النسخة بعنوان (منتخب إثبات الرجعة) لاحتمال تعددهما، فراجع.(49)
أقول: إن ما ذكره من مختصر الغيبة للسيد بهاء الدين علي بن عبد الحميد النيلي قد يكون هو غير مختصر إثبات الرجعة الذي كان موجوداً عند الحر العاملي، وملك نسخته الشيخ محمد السماوي، خاصة وقد أشرنا إلى ترجيح أخذ هذا المختصر من كتاب كفاية المهتدي للمير لوحي، وهو معاصر للعلامة المجلسي والحر العاملي، بينما النيلي من شيوخ ابن فهد الحلي، وكان حياً سنة 803هـ، وقد ذكرنا أنه أورد روايات عن الفضل بن شاذان في كتابه الغيبة، كما نقلها عنه المجلسي،(50) وبعضها لم ينقلها المير لوحي في كفاية المهتدي، فلعل ما اختصره علي بن عبد الحميد النيلي كان من أصل كتاب الفضل، كما هو ظاهر العبارة في آخره، التي نقلها الطهراني.
وقد أشار الطهراني إلى هذا الإحتمال في كلامه الأخير، فلاحظ.
وأخيراً لابد أن نشير إلى أن كتاب المير لوحي (كفاية المهتدي في معرفة المهدي عليه السلام) قد طُبع بالفارسية في الجمهورية الإسلامية تحت عنوان (كزيده كفاية المهتدي) ومعنى (كزيده) مُنتخب وذلك لأن المحقق قد حذف منه بعض الكلام الذي يعرّض فيه المؤلف بالعلامة المجلسي صاحب البحار الذي كان معاصراً له وكان بينهما مهاترة وخلاف، وقد ترجم السيد ياسين الموسوي كتاب (كزيده كفاية المهتدي) إلى العربية ونشر من قبل مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام.
الهوامش:
ــــــــــــــــــــــــ
(1) رجال الطوسي: 390 (5740)، 401 (5881).
(2) اختيار معرفة الرجال 2: 818.
(3) رجال النجاشي: 306 (840).
(4) فهرست الطوسي: 361 (564).
(5) خلاصة الأقوال: 229 (769) القسم الأول وانظر: رجال ابن داود: 151 (1200) القسم الأول، وعالم العلماء: 90 (627) ؛ منتهى المقال 5: 167 (2282)؛ نقد الرجال 4: 21 (4114)؛ بلغة المحدثين: 393.
(6) اختيار معرفة الرجال 2: 818.
(7) معجم رجال الحديث 14: 315، 316.
(8) رجال النجاشي: 306/ 840.
(9) فهرست الطوسي: 361 / 564.
(10) معالم العلماء: 90/ 627، وانظر: تنقيح المقال 2: 9، مجمع الرجال 5: 21، معجم رجال الحديث 14: 309 /9374.
(11) كفاية المهتدي: 1.
(12) الذريعة إلى تصانيف الشيعة/ الشيخ اغا بزرك/ 18/101.
(13) انظر: الذريعة 18: 101 (867).
(14) طبقات أعلام الشيعة (القرن الحادي عشر): 479، وأنظر: الذريعة 9: 1220 (6926)، و1: 427 (2183).
(15) الذريعة 18: 102 (867).
(16) كفاية المهتدي: 18، مقدمة التصحيح.
(17) أنظر صورة للصفحة الأخيرة من النسخة المعتمدة في الطبع، الصفحة: (22). من كفاية المهتدي.
(18) أنظر صورة للصفحة الأخيرة من النسخة الموجودة في مكتبة المجلس، الصفحة (26ـ27) من كفاية المهتدي.
(19) كفاية المهتدي: 319، وكذا لم يذكر مصحح الكتاب، في أي نسخة توجد العبارة الأخيرة من الكتاب (صفحة 322)، وهي: تم هذا المختصر الموسوم بـ (كفاية المهتدي في معرفة المهدي) على يد أحقر العباد محمد مؤمن بن شيخ عبد الجواد يوم السابع (من) شهر ربيع الثاني من شهور سنة خمس وثمانين وألف من الهجرة النبوية. الحمد لله على إتمامه، وصلى الله على محمد وآله أجمعين.
(20) كزيده كفاية المهتدي: 11، مقدمة المؤلف، (معرف من الفارسية).
(21) كزيده كفاية المهتدي: 13، الحديث الأول.
(22) كزيده كفاية المهتدي: 27، الحديث الثاني.
(23) الحديث رقم 2 في مختصر إثبات الرجعة.
(24) كزيده كفاية المهتدي: 29 ـ 30، وانظر أيضاً: الصفحة: 265.
(25) فهرست الطوسي: 363 (564).
(26) تهذيب الأحكام 10: 385، المشيخة.
(27) الخلاصة: 436، الفائدة الثامنة.
(28) خاتمة المستدرك 6: 250 (542).
(29) معجم رجال الحديث 14: 318.
(30) منها ما صرح فيه بإسم كتاب إثبات الرجعة في الصفحات 260، 265، 296، 297، 306 من كزيده كفاية المهتدي.
(31) النجم الثاقب (المعرب) 1: 118، المقدمة.
(32) النجم الثاقب (المعرب) 1: 120، المقدمة.
(33) النجم الثاقب (المعرب) 1: 496، الباب الخامس.
(34) كشف الأستار: 212.
(35) كشف الأستار: 221.
(36) مستدرك الوسائل 11: 372 ح 11، و12: 279 ـ 281 ح1، 2، 3، 4.
(37) البحار 105: 68، الفيض القدسي في ترجمة العلامة المجلسي، وانظر الذريعة 1: 427 (2183).
(38) الذريعة 2: 201 (2574).
(39) رجال النجاشي: 306 (840).
(40) الذريعة 16: 78 (395).
(41) الذريعة 10: 162 (294)، وانظر: 1: 93 (450)، و1: 427 (2183).
(42) الذريعة 18: 102.
(43) النجم الثاقب (المعرب): 118، 120.
(44) إثبات الهداة 1: 28، الفائدة العاشرة.
(45) الذريعة : 93 (450).
(46) الذريعة 22: 367 (7472)، و20: 201 (2574).
(47) أنظر: مختصر إثبات الرجعة المطبوع: 11، فهرست التراث 1: 281، بعنوان (إثبات الرجعة) ذكر الحديث الأول من النسخة والعبارة في آخرها وهو عين ما موجود في المطبوع، وما ذكره العلامة الطهراني.
(48) مختبر إثبات الرجعة (المطبوع): 9.
(49) الذريعة 20: 201 (2574).
(50) البحار 53: 385.