دراسات / الخمس في عصر الغيبة
الخمس في عصر الغيبة
سماحة السيد أحمد الاشكوري/ باحث وأستاذ في الحوزة العلمية
مسألة الخمس مثار خلاف عند العلماء ومحل للجدل والبحث والمناقشة وسنوافيك ببعــض أجوائـها وتداعياتها, بيد أن المهم أن هذه مسألة فقهية اجتهادية فلا يصح جعــل الخلاف مبرراً للتعدي من رأي المتخصص والعزوف الى الميولات الذاتية والاهواء الفردية فكم من مسألة هي محل للشجار لكن لا يسوغ تسويفها بعد ما كانت دائرة المحركية هو العقل العملي من حيث جانب ابراء الذمة والمعذرية لا من حيث إصابة الواقع, وقد تقدم الاشارة الى أن الجنبة العملية تخضع لقانون إفراغ الذمة ولا تخضع لضابط آخر ومن هنا ينبغي للعاقل أن يبحث عن مسوغات الأبراء وتفريغ الذمم وإن لم ينل الواقع, وهذا إنما يتحقق إما عن طريق الاحتياط في المسألة في مورد يمكن فيه الاحتياط, وإما التصدي بنفسه الى عملية الاستنباط ليبلغ مرتبة الاجتهاد, وإما بالاستعانة بفقيه من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم قادر على قراءة النصوص الدينية وفق موازين محددة بعيداً عن الفوضى والانفلات والتسيب, وسوف نبين أن هذه الطريقة ممضية في العرف العقلاني والشرعي, فبقاء النظم وعدم الوقوع في فخ الهرج والمرج رهن هذا الاسلوب في السياقات العملية, ومن هنا السائر على غير درب الاحتياط والاجتهاد والتقليد يمشي في الظلام كلما أكثر وأسرع في الحركة ازداد بعداً, وقد ابتليت المذاهب الإسلامية الأخرى بتخبط في الحركة وفي صياغة القواعد الفكرية اعتماداً منهم على الاستحسانات الشخصية وإعمال الرأي, واليوم تسري هذه الأراجيف عندنا في بعض الاوساط البعيدة عن مذاق أهل البيت وأصالته, وكيفما كان أن التركيبة الاجتماعية في جميع العصور مؤلفة من علماء وجهال يرجع الجاهل فيما يحتاج إليه إلى العلماء ويتابعهم في اختصاصهم من دون السؤال عن الدليل لان فهم جميع الأدلة واستيعابها عملية صعبة قال تبارك وتعالى: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وما ورد في التفسير المنسوب للامام العسكري (فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً على هواه مطيعاً لامر مولاه فللعوام أن يقلدوه) (واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا) كل هذا شاهد صدق على لزوم تحصيل المرخص والمصلح الشرعي, ولكننا مع هذا سنعقد الكلام في ضمن مقامات رفعاً للضبابية.
المقام الأول: إن مفاد الآية الكريمة (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) تقسم الخمس إلى ست حصص خلافاً للشافعي وأبي حنيفة حيث ذهبا إلى تقسيمه خمس حصص بحذف سهم الله سبحانه, وقد ورد في صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن الإمام الرضا عليه السلام سُئل عن قول الله عز وجل (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) فقيل له فما كان لله فلمن هو؟ فقال: لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو للامام فقيل له أفرأيت إن كان صنف من الاصناف أكثر وصنف اقل ما يصنع به؟ قال: ذاك إلى الإمام أرايت رسول الله صلى عليه وآله وسلم كيف يصنع؟ أليس انما كان يعطي على ما يرى كذلك الإمام.(1)
وعلى هذا فهي في زماننا ترجع إلى إمامنا المنتظر أرواحنا له الفداء, نعم وقع الخلاف في كون هذه الملكية للامام هل هي ملكية شخصية لكن لا بمعنى بموته يتوارثه الورثة حالها حال سائر الملكيات, أم ملكية المنصب كما يظهر من التعبير في الصحيحة بالامام دون ابن رسول الله وان الخمس حق وحداني جعل لمنصب الامامة وتحت اختيار الإمام فهو حق للمذهب (فاذا ثبت هذا الحق للفقيه في زماننا فله أن يتصرف بهذا الحق كما كان للامام عليه السلام كما سيأتي في أدلة النيابة) ومجرد الشك في جواز التصرف بهذا الحق بدون اذنه عليه السلام كاف في استقلال العقل بلزوم الاستئذان منه للزوم الاقتصار في الخروج عن حرمة التصرف في ملك الغير على المقدار المتيقن من اذنه ورضاه هو حالة الاستئذان فقط هذا كله بحسب الأسهم الثلاثة الأول الواردة في الآية الكريمة.
أما الثلاثة الاخيرة فهي مختصة ببني هاشم خلافاً للعامة كما هو شأنهم في مخالفة آل البيت عليهم السلام بل قد ادعى صاحب الجواهر الفقيه المعتق أن المسألة من الضروريات التي لا تحتاج إلى دليل بل الدليل من الروايات أيضاً تام.
إنما وقع الخلاف في أن سهم الثلاثة هل هي ملك للاصناف الثلاثة أم ان الاصناف الثلاثة هي مصرف له لا ملك, وقد ذهب غير واحد من علمائنا إلى الثاني ولو من حيث إن الجهة لا تملك وعليه يكون جميع الخمس ملك للامام (إما شخصي أو للمنصب) أو تحت اختياره لتدار به شؤون المنصب وإن للامام أن يصرفه في جميع ما يراه من مصالح نفسه ومصالح المسلمين ومنها إدارة معيشة الفقراء كما جعلت الزكاة وسائر الضرائب الاسلامية أيضاً تحت اختياره غاية الأمر انه يتعين عليه أن يموّن فقراء بني هاشم من تلك الضريبة المنسوبة إلى الامامة, نعم يبقى استفسار أن التمييز بين بني هاشم وبين غيرهم خلاف ما يقتضيه طبع الاسلام وروحه السامية من المساواة بين طبقات المسلمين ورفضه للتميز العنصري إلا أن هذا تام لو لم يكن لغير بني هاشم حق آخر والمفروض إن الزكاء لهم,هذا مضافاً إلى جعل هذا التكليف اختباراً وامتحاناً لمن لا يرضى أن يرى لأهل البيت عيناً وأثراً, بل الحفاظ على عنوان بني هاشم له من الأيجابيات في دفع الشبهات وتسجيل الحقائق وإكرام الرجل في عشيرته وعائلته أمر عقلائي عرفي يقبله روح الاجتماع.
داريت أهلك في هواك وهم عدى *** ولأجل عين ألف عين تكرم
المقام الثاني: الحق الشرعي في زمن الحضور.
الكلام فيه أن للمعصوم جهات أربعاً.
الجهة الأولى: في ولايتهم التكوينية التي هي عبارة عن تسخير الكون تحت اختيارهم وإرادتهم ومشيئتهم بحول الله وقوته ولا شبهة في ولايتهم على المخلوقين بأجمعهم كما يظهر من الأخبار, وقد ذكر المحقق السيد الخوئي (رحمه الله) كونهم واسطة في الايجاد وبهم الوجود وهم السبب في الخلق, إذ لولاهم لما خلق الناس كلهم, وإنما خلقوا لأجلهم وبهم وجودهم وهم الواسطة في الافاضة وهم العلل الغائية أيضا ولهم الولاية التكوينية لما دون الخالق فهذه الولاية نحو ولاية الله تعالى على الخلق ولاية إيجادية وإن كانت هي ضعيفة بالنسبة الى ولاية الله تعالى على الخلق, وقد يستدل لها بآية (إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَْرْضِ خَلِيفَةً) بتقريب لا يمكن أن يكون الانسان خليفة من قبل الله إلا بعد إعطائه مجموعة من الصلاحيات العامة التي يتحرك على أساسها في مجال التكوين وذلك لاجل لزوم وجود مشابهة بين المتخلف والخليفة, وهكذا قوله تعالى: (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الأَْرْضِ) فقضية الاستخلاف ثابتة وقضية الأمانة وتحملها الانسان الكامل مع عجز السموات والارض على تحملها.
ومنها (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَْكْمَهَ وَالأَْبْرَصَ بإذني) وفي نعوت سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم المفوض إليه دين الله, وكما ورد في زيارة الحجة ارواحنا له الفداء (ما من شيء إلا وانتم له السبب) وذلك لكونهم مظاهر اسمائه وصفاته تعالى فيكون فعلهم فعله, وفي الحديث القدسي (عبدي أطعني تكن مثلي تقول للشيء كن فيكون) بل المقام أوضح من أن يستدل له.
الجهة الثانية: في نفوذ أوامرهم في الاحكام الشرعية الراجعة إلى التبليغ ووجوب تبعيتهم, وبكلمة وجوب إطاعتهم في الاحكام الراجعة إلى التبليغ فهي قضية قياسها معها, ويمكن الاستدلال بأوامر الطاعة كـ (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ) ونحوه.
الجهة الثالثة: في وجوب إطاعة أوامرهم الشخصية كما لو أمر بلزوم الاتيان بالماء ليشربه, فأيضا كذلك تمسكا باطلاق أدلة الاطاعة, وبقوله تعالى: (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ).
الجهة الرابعة: في ولايتهم التشريعية بمعنى كونهم أولياء بالتصرف في أموال الناس وأنفسهم مستقلاً, فالظاهر أيضاً لا خلاف في ولايتهم وكونهم اولى بالتصرف في أموال الناس ورقابهم بتطليق زوجاتهم وبيع أموالهم وغير ذلك من التصرفات ولا يمكن التمسك بأدلة الاطاعة, لأن الولاية غير الطاعة, نعم يدل عليه قوله تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فان الظاهر من الأولوية في التصرف وفي خطبة حجة الوداع (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) قالوا بلى. قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه وتوهم كون السيرة على خلاف ذلك وان الأئمة عليهم السلام لم يأخذوا مال الناس بغير المعاملات المتعارفة بينهم فلا يجوز ذلك.
مردودٌ, لان عدم الفعل لا يكشف على عدم الولاية, وبهذا يعلم أن ولاية الإمام بالحق الشرعي والسهم على القاعدة.
فحتى لو لم تدل آية مصرف الخمس على أن السهم الشرعي للامام يكفينا في مقام الاستدلال لذلك بأدلة الولاية التشريعية, بلا فرق بين القول بانه ملك شخصي أو ملك المنصب وبلا فرق بين القول بالملكية أو انه أمر تحت اختياره, هذا كله بالنسبة إلى المعصوم عليه السلام أما الفقيه فجزماً لم يثبت له الولاية التكوينية نعم يجب إطاعته بحسب الجهة الثانية دون الثالثة, وأما الجهة الرابعة فالمسألة خلافية وهل ثبتت بأدلة النيابة ذلك المعروف ليس للفقيه ولاية على أموال الناس وأنفسهم بمعنى استقلاله في التصرف فيهما, ومن هنا اتضح انه ليس له إجبار الناس على جباية الخمس والزكاة وسائر الحقوق المالية.
المقام الثالث: الأئمة الاطهار لهم ثلاث وظائف.
الوظيفة الأولى: تبيين الاحكام الشرعية وتكميلها ليتفاعل الواقع المتغير مع غاية الدين الخاتم, فلابد من افتراض وجود قاعدة تشريعية تتجاوب مع هدف الشريعة ومستجدات الحياة وتلبي حاجتهم توازنا بين الاصالة والعصرنة على نهج الوحي وامتداده وهي المسماة بالقوة التشريعية في المصطلح الفعلي.
الوظيفة الثانية: القضاء والحكم (القوة القضائية).
الوظيفة الثالثة: قيادة الامة وإدارة شؤون الدولة ( القوة التنفيذية) ولا معنى لحصر وظيفتهم في الاول والثاني دون الثالث, أي يكتفون بالقضية العلمية ويبتعدون عن القضية السياسية كما كان يروم اليه الخلفاء العباسيون من أن لكم بيان الاحكام الشرعية ولنا التصدي للأمور السياسية.
حينئذ نقول أما الوظيفة الاولى فقد اعطيت للمجتهد مع وجود فارق جوهري بين الحكم الصادر من الإمام فهو حكم واقعي وبين الصادر من المجتهد فهو ظاهري يخطأ ويصيب تمسكا بقولهم عليهم السلام (العلماء ورثة الانبياء), (العلماء امناء الرسل), (علماء امتي كانبياء بني اسرائيل أو انهم افضل) (أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به) (إن اولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم بعد السؤال عن خلفائه عند الترحم عليهم بانهم (الذين يأتون بعدي ويروون حديثي) وغير ذلك.
وهكذا الوظيفة الثانية فقد أعطيت الى المجتهد بمقتضى قوله عليه السلام اني قد جعلته حاكماً في مقبولة عمر بن حنظلة (ينظران من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً فاني قد جعلته عليكم حاكماً) وهكذا في صحيح أبي خديجة (اجعلوا بينكم رجلاً قد عرف حلالنا وحرامنا فاني قد جعلته عليكم قاضياً).
انما الكلام في الوظيفة الثالثة فالامام هو الذي يتحمل هذه الوظيفة من قبل الله وإن كان المشروع لم يصل الى مرحلة التنفيذ إلا في فترة قصيرة, لكنه هل نصب الإمام الفقيه لهذه المهمة أم لا؟ وبعبارة هل للفقيه أن يتصدى الى غير مقام الفتوى والقضاء من الامور العامة؟
تفصيل الامور العامة: إن كانت الامور العامة التي يتوقف عليها حفظ النظام كمسألة نصب الاوصياء والقيمين على الصغار والقصّر, وهكذا في مسألة الاوقاف العامة التي لا يوجد لها مثول معين, وملاحظة مصلحة الطائفة والدفاع عنها من جميع الجهات فكرياً واجتماعياً وتميثلاً حقيقياً مشرفاً وعرضها بالصور الصحيحة في العرصات العالمية وإيجاد التوازن بين أفرادها وسد حاجاتهم وهكذا الامور المسببة التي لا يرضى الشارع بتركها كالدفاع عن أعراض المؤمنين وأموالهم.
فهذه الامور كلها إما أن تثبت لعامة المؤمنين ويكون الفقيه أحدهم أو تكون ثابتة لخصوص الفقيه لمعرفته بالاحكام الشرعية, وحيث أنه تتوفر في الفقيه صفات غير متحققة في غيره من جهة مقامه العلمي الشرعي وهدوئه وورعه وتهذيب نفسه وعدم تكالبه على الدنيا وعدم وقوفه على أبواب السلاطين والظلمة كل ذلك يقتضي إناطة هذه الامور الخطيرة به دون غيره أما في غير ذلك فلابد من مراجعة أدلة النيابة (نيابة الفقيه للمعصوم) هل تعمه أم لا.
المقام الرابع: الحق الشرعي (من حق الإمام وحق السادة أي السهمان) في عصر الغيبة.
أما حق الإمام فالاقوال في تعين الوظيفة كثيرة وأكثرها واضحة الضعف كالقول بوجوب دفنه الى أن يظهر الحجة, أو القول بوجوب عزله وايداعه والايصاء به عند ظهور إمارات الموت, أو القول بالقائه في البحر مما يستلزم ضياع المال وإتلافه والتفريط فيه بلا مبرر عقلاني لاسيما بالنسبة الى الاوراق النقدية, ومن جهة أخرى دلت الادلة على أن هذا السهم ملك للامام المعصوم ومجرد غيبته لا تخرجه عن ملكه وعليه جواز التصرف به مشروط بالاستئذان منه لانه هو المالك أو من ينوب عنه عليه السلام وهو الفقيه لاسيما على القول بانه ملك المنصب إلا أن مجرد الاستئذان لا يكفي في تصحيح التصرف به وإنما لابد من القطع برضا الإمام في الصرف أو الوثوق فنحتاج في الجواز الى الاذن وإحراز الرضا, فمن هنا لا يجوز صرف هذا الحق فيمن يمضي عمره بالمساهلة والتسكع ولو كان هناك اذن أو يعطي الى من هو منحرف العقيدة أو السلوك, بل يصرف في تشييد الدين ودعائمه وتقوية شوكة الاسلام وإبقاء استقلال رجال الدين عن الدولة والساسة, وان المؤسسة الدينية تملك منابع مالية تستطيع إيجاد دعاة للمذهب ومدافعين وحرس يحفظون العقيدة, وهذه المؤسسة لابد أن تكون مستقلة وغير محتاجة ولها القدرة في تنفيذ مشاريعها وطموحاتها, هذا كله لو كان السهم ملكاً شخصياً, أما لو قلنا أن الخمس بتمامه ملك لمنصب الامامة وليس لشخص الإمام كما تدل عليه جملة من الادلة وانتقال هذا المنصب الى الفقيه يلزم وبنحو أوضح تسليمه اليه لادارة شؤون الدين وكم من مذهب اضمحل وفنى أو انحرف بسبب الأعوزاز المالي, وكم من عقيدة لم يحكم لها بالنمو بسبب عدم التمويل المالي, وهذا بخلافه ما نجده في المذهب الامامي فيتمتع بخصائص كلها ناشئة من سهم الإمام وإن أمره بيد الفقيه.
فاليوم المذهب مستقل ينمو ويتكاثر وله صوته ومحاموه وله أنشطة ومشاريع عملاقة وله شبكاته العلمية والاجتماعية والخدمية، وهو ثري بسهم الإمام, هذا غيض من فيض من بركات سهم الإمام المهدي وأعداء الدين التفتوا الى ذاك ويسعون الى تجفيف هذا المنبع وسحب البساط من تحت المرجعية ولو بواسطة ايادي أجيرة تنفذ رغباتهم, والعيان خير دليل من البيان.
أما سهم السادة فيشترط فيه الايمان وفي اليتيم والمسكين الفقير منهم, وفي ابن السبيل الحاجة في بلد التسليم, ويجوز للمالك دفعه اليهم بنفسه وإن كان الاحوط الدفع الى المجتهد أو باذنه عند بعض فقهائنا لانه أعرف بمواقعه والمرجحات التي ينبغي ملاحظتها والحفظ لكرامة السادة وعدم رجوعهم الى المالكين. يتبع في العدد القادم إن شاء الله تعالى.
الهوامش:
ــــــــــــــــــ
(1) وسائل الشيعة الباب 2 من ابواب الخمس ح1.