المسار:
العربية » مجلة الانتظار » العدد: ٩ / ربيع الثاني / ١٤٢٨ هـ
العدد: 9 / ربيع الثاني / 1428 هـ

قصائد مخطوطة / إمام هدىً  ما ضل من يهتدي به

إمام هدىً  ما ضل من يهتدي به

المرحوم الشيخ عبد الحسين محمد علي الأعسم(1)

أرسل إلينا هذه المخطوطة مشكوراً الأستاذ الباحث عبد الرزاق الأعسم ضمن مجموعة من قصائد مخطوطة أعدها للطبع وهي لجدّه الشيخ عبد الحسين الأعسم، وقد قام بتحقيقها وشرح غريب ألفاظها ونحن ننشر هذه القصيدة التي نظمها بحق الإمام المهدي عليه السلام متشوقاً إليه مادحاً له.

 

دنا مُكرَهاً يومَ الفراقِ يوادعُه

 

تسابقه قبلَ الوداعِ مدامعُه

وقد كاد أن يرفضَّ شجواً فؤاده

 

عن الصدر لو لا تحتويه أضالعه(2)

بنفسي حبيباً لم يدعْ لي تجلُداً

 

لتوديعه لمّا اغتديت أوادعه(3)

أعانقه والطرف يرعف خاشعاً

 

وما الصب إلاّ راعفُ الطرفِ خاشعه

وقد علقَتْ كفّاي شوقاً بكفّه

 

كما ضَمّتِ الطفلَ الرضيعَ رواضعُه

أُعرّض بالشكوى إليه ومهجتي

 

تنازعُ من أشواقه ما تنازعه

فديتُكَ زوّدْ من تركتَ بنظرة

 

فليتكَ لا جُرّعتَ ما هو جارعه

يَهِمُّ وأني باللحاقِ لمغرَمٌ

 

أحاطتْ به من جانبيه موانعه

شديدٌ خفوقُ القلب حتى كأنه

 

قوادمُ طيرٍ حائمٍ أو ترائعه(4)

ولما سمعتُ الركبَ غنّت حداتُه

 

وهى جلدي من هول ما أنا سامعه

وقلتُ لشوقي كيفما شئتَ فاحْتَكِم

 

لك الأمرُ فاصنَع‘ْ فيَّ ما أنت صانعه

ولاحٍ دعا للصبر من لا يجيبه

 

وقاد إلى السلوان من لا يطاوعه(5)

يكلفني صبراً خلعْتُ رداءه

 

وهيهات مني لبس ما أنا خالعه

فمن لمشوق لم يخط جَفْن عينه

 

غرارٌ ولم تفتق بنصحٍ مسامعه(6)

إذا رامَ أن يخفي هواه وشتْ به

 

مدامع تبدي ما تجنُّ أضالعه

فوالهفتي من بين خلٍّ موافقٍ

 

يراجعني في أمره وأراجعه

يواصل من واصلته غير طامحٍ rmal" dir="RTL" style="margin-bottom:0cm;margin:0; text-align:left;line-height:200%; text-indent:5px"> ولا زال يوليني وفاهُ ولم يكن

 

ليعدوَ منهاجَ الوفا وهو شارعه

سلوْتُ به عن كل غادٍ ورائحٍ

 

يصانعني في ودّه وأصانعه

وكم مستميل عنه قلبي مخادعٌ

 

فقلتُ له دعني تجدْ من تخادعه

وهبتَ الهوى إن لم تذق لذة الهوى

 

فلو ذقتها هانَتْ لديك مصارعه

وعُمْرٍ كفصل النبضتين صفا به

 

لي العيش أو كالبرق أسرع لامعه

قضيتُ به حق الهوى بتواصل

 

تحبّبُ أيام الحياة مواقعه

تعقّبه شجو تلظّى شجونه

 

بأحشائي متى يجمع الشمل جامعه

ولن يجبَه الرحمنُ بالرد سائلاً

 

مؤيدُه ابن العسكري وشافعه(7)

طربتُ إليه راجياً أن ينيلني

 

لقاه وإن شطّتْ عليّ مرابعه(8)

وصيّرت أشواقي إليه ذرائعي

 

فكم من بعيد قربته ذرائعه

عن الله يدنيني إليه فينطفي

 

بلقياه شوقٌ بلبلتني نوازعه

ويهدأ دمعٌ كلما تهتفُ النوى

 

به قرحَتْ أجفانَ عيني مدامعه

ويشتار طعم النوم من كان كلما

 

أقرّ له جنبٌ جفته مضاجعه

ويشعبُ صدعي من فوادحَ لوجرت

 

على يذبُلٍ هدّت بهنّ متالعه(9)

ويدفع عني من تعادي جنوده

 

علي فما عندي جنود تدافعه

ويشفع لي فيما أطعت غوايتي

 

بهنّ فيا طوبى لمن هو شافعه

ويتحفني استنشاده لي قوافيا

 

بمدحته تلتذ منها مسامعه

فتشرق منها في محياه بهجة

 

أشاهد منها فوق ما أنا سامعه

محيا لو أن الشمس تملك أمرها

 

لغابت حياءً منه حين تطالعه

هو الآية الكبرى المجلي شعاعها

 

دجى الغي حتى يثقب الجزعَ ساطعه(10)

إمامُ هدىً ما ضلّ من يهتدي به

 

ولا ارتاع من هولٍ حَشا من يتابعه

له المعجزاتُ المستنيرةُ لم تزل

 

ترى العينُ فيها فوق ما الوهم واسعه

وغرّ مزايا لو يحاول طامع

 

مباراتها أعيت عليه مطامعه

إليه أحاديث المفاخر تنتهي

 

إذا جمعت أهلَ الفخارِ مجامعه

سحاب ندى لا قطر إلا وأعشبتْ

 

مغاربه من وبله ومطالعه(11)

حَوَتْ كلُّ أرضٍ منه للبذل ناديا

 

تسيل عليه بالوفود شوارعه

وليث وغىً كم تشهدُ الناسُ موقفاً

 

له تجعل الولدانَ شيباً وقائعه

يصول بجيش تغتدي زمرُ العدى

 

عباديد مُذ تبدو عليهم طلائعه(12)

ويبلغ أقصى ما يروم بعزمةٍ

 

بها يستوي داني المرام وشاسعه

مليكٌ ترى الاقدار ملقيةً له

 

مقاليدَها يقتادُها فتطاوعه

خبيرٌ بما تخفي الصدور كأنما

 

يطالع أسرار الورى وتطالعه

فلم يستعِنْ غيرُ الذي هو عونه

 

ولم يرتفعْ غير الذي هو رافعه

ولم يتخذ غير الذي هو خصمه

 

ولم يتضح غير الذي هو واضعه

سيورد من والاه من بحر جوده

 

فراتا صفَتْ للواردين شرائعه

دنا وعده طوبى لمن نالَ عنده

 

مقاماً به يحوي السعادة طالعه

 


 

الهوامش


(1) هو العلامة الشيخ عبد الحسين ابن العلامة الشيخ محمد علي بن الشيخ حسين ابن الحاج محمد الأعسم النجفي، عالم محقق وفقيه فاضل، شاعر كامل وأديب أريب، ولد سنة 1177 هـ في النجف، وتتلمذ على الشيخ جعفر كاشف الغطاء والسيد محمد مهدي بحر العلوم والسيد محسن الأعرجي، مدحه جل المعاصرين بالعلم ودقة النظر، استقل بالتدريس والتأليف إلى أن توفي عام 1247هـ ـ 1832م، ولم يعقب سوى بنت واحدة هي والدة العلامة السيد مهدي الحكيم قدس سره والد المرجع الديني السيد محسن الحكيم قدس سره، له مؤلفات عديدة، وديوان شعر. <الحصون المنيعة ج9 ص321>.

(2) يرفض: يتفرّق.

(3) التجلد: الصبر.

(4) حائم: عطشان. القوادم: ريش في مقدمة جناح الطير.

(5) لاحٍ: لحى فلانا: عابه ولامَه.

(6) لم يخط جفن عينه: لم يغمض له جفن، الغرار: القليل من النوم وغيره.

(7) جبه: جبهه: قابله بما يكره.

(8) شطّ: بعُدَ. وجاء في التنزيل (لقد قلنا إذا شططا) 14/ الكهف وكذلك 4/ الجن.

(9) يذبل: اسم جبل.

(10) الجزع: مفردها الجزعة وهي: القطعة من الليل أي الظلمة.

(11) الوبل: المطر الشديد الفخم القطر.

(12) عباديد: فرق وجماعات.

العدد: ٩ / ربيع الثاني / ١٤٢٨ هـ : ٢٠١٣/٠٩/٢٣ : ٩.٤ K : ٠
: الشيخ عبد الحسين بن محمد علي الأعسم
التعليقات:
لا توجد تعليقات.

لتحميل أعداد المجلة (pdf):