لقاء النور / قصة بناء مسجد
قصة بناء مسجد
الراوي: السيد أحمد عسكري
التاريخ: 1381هـ
(المكان: قم المقدسة)
اختيار: السيد زيد الحلو
كتب سماحة آية الله الشيخ لطف الله الصافي صاحب كتاب (إجابات الأسئلة العشرة) في الصفحة 31 يقول:
من الحكايات العجيبة والصادقة التي حدثت في زماننا هذا هي حكاية بناء مسجد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام الواقع في الطريق بين طهران ومدينة قم المقدسة الذي يبعد عدة كيلو مترات من مدخل مدينة قم حيث شيّده الحاج يد الله رجبيان أحد أخيار مدينة قم.
في ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من شهر رجب المرجب لعام 1398هـ سمعت حكاية هذا المسجد من لسان السيد أحمد عسكري كرمانشاهي وبحضور الحاج يد الله وفي منزله حيث نقل العسكري فقال: قبل سبعة عشر عاماً وأثناء تعقيبات صلاة العصر طرق باب دارنا ثلاثة شبان يعملون في إصلاح السيارات، وكانوا يحضرون جلسات واجتماعات التوجيه الديني وتعليم القرآن التي كنت أقيمها في داري لمرضاة الله تعالى.
وعندما دخلوا الدار سألوني راجين أن أصحبهم إلى مسجد جمكران في قم لإقامة صلاة الحجة والزيارة، ونظراً لإصرارهم اضطررت إلى إجابة طلبهم فركبنا السيارة واتجهنا صوب مدينة قم، وقبل الوصول إلى مدخل المدينة وعند موقع مسجد الحسن المجتبى عليه السلام الحالي،توقفت السيارة وكلما حاولوا إصلاحها لم يوفّقوا إلى ذلك ثم أخذت قدح ماء من السيارة وذهبت بعيداً عنهم لأقضي حاجتي.
وفي هذه الأثناء، وبعد ابتعادي عن الجماعة لاحظت وجود شاب وسيم يرتدي ملابس بيضاء ناصعة ويضع على رأسه عمامة خضراء وبيده رمح يرتفع إلى أكثر من مترين! وهو يخطط الأرض برمحه، فتقدمت منه وقلت له:
يا ولدي العزيز، إن العصر عصر الطائرات والدبابات والقنابل وأنت تحمل رمحاً! أليس الأفضل لك أن ترجع إلى مدرستك وتقرأ دروسك؟! ثم ذهبت لقضاء حاجتي وإذ به ينادي عليّ: يا سيدي عسكري لا تـجـلـس هناك فإنني خططت المكان وهذا الموقع الذي تجلس فيه هو مسجد للصلاة.
وكطفل صغير يأمره أبوه قلت له: سمعاً وطاعةً وقمت من مكاني وابتعدت قليلاً ثم جلست لقضاء الحاجة.
وفي هذه الأثناء خطرت على بالي الأسئلة التالية لأسأله:
1 ـ هل هذا المسجد الذي تروم تشييده للجن أم للإنس وهو يبعد فرسخين من قم؟.
2 ـ إذا لم يشيد المسجد لحد الآن، فلماذا طلبت مني أن أغير مكاني؟.
3 ـ هل سيصلي في هذا المسجد الذي تشيّده، جن أم ملائكة الرحمن؟.
وفي هذه الأثناء وحينما كنت أريد أن أطرح هذه الأسئلة على السيد تقدّم إلي وضمّني إلى صدره وهو يبتسم ويقول:
إسأل ما تريد! فقلت له: ماذا تعمل في هذا الوقت بدل الجلوس في قاعات الدرس؟، فقال: إنني أخطط لتشييد مسجد هنا، ثم أضاف: في هذا المكان وقع أحد أعزاء فاطمة الزهراء عليها السلام ثم استشهد فيه وهنا سيكون محراب المسجد، ثم أخذ يشير بيده إلى هنا وهناك ويقول هذا مكان الوضوء، وهذا مكان التواليت، وهكذا.. ثم أخذ يبكي ويؤشّر إلى مكان ما وهو يقول: وهنا ستكون حسينية فلم أتمالك نفسي من البكاء أيضاً وقلت له:
يا ابن رسول الله، إنني أوافق على الشروط التالية:
1 ـ أن أكون حياً حتى تشييد المسجد، فقال: إن شاء الله.
2 ـ أن يشيّد هنا فعلاً مسجد كبير، فقال: بارك الله فيك.
3 ـ إذا تم تشييد المسجد سأجلب ولو كتاباً واحداً لمكتبة المسجد، ثم قلت مازحاً لماذا لا تترك هذه الأفكار من رأسك يا ابن رسول الله وتذهب إلى مدرستك.
فتبسّم وضمّني للمرة الثانية إلى صدره! فقلت له: نسيت أن أسألك: من الذي سيشيّد المسجد؟، فقال: يد الله فوق أيديهم. ثم أضاف: وحينما يتم تشييده أرجو أن توصل سلامي إليه.
فرجعت إلى السيارة وأنا أسمع هدير محركها وقد بدأ بالعمل، ثم سألوني: مع من كنت تتحدث؟، قلت: مع ذلك الشاب السيد الذي يحمل رمحاً كبيراً، ألم تلاحظوا ذلك؟، فقالوا: أي سيد تتحدث عنه؟، نحن لم نر شيئاً.
وعند ذلك أدرت وجهي صوب مكان السيد الجليل الوسيم فلم أر شيئاً لا السيد ولا رمحه ولا حتى التلة التي قضيت حاجتي خلفها!!
عند ذلك أحسست وشعرت برجفة في جميع أوصالي وعندها جلست في السيارة وأنا شارد الذهن لا أفهم ماذا حصل؟!
وأخيراً جئنا إلى مسجد جمكران وصلّينا وأكلنا ثم استرحنا قليلاً، وبعدها قمت لأصليَ الجماعة وكان عن يميني كهل أشيب وعن يساري شاب في ريعان شبابه، وبعد الصلاة أخذت أبكي وأتوسل إلى صاحب الزمان وأطلب حاجتي منه.
وفي هذه الأثناء جاء رجل لم أتبين ملامحه لأنني كنت في حالة السجود فوقف بجانبي وقال: سلام عليكم يا سيد عسكري. فارتجفت مرة أخرى وأنا في حالة السجود حيث كان صوت هذا الرجل شبيه بصوت الشاب الوسيم الذي تحدّث عن تشييد المسجد في طريق قم قلت في نفسي دعني أقطع صلاتي لأسئله، لكنني استغفرت ربي وواصلت صلاتي حتى نهايتها ثم انتبهت نهايتها واذا بالشاب قد غادر المكان فسألت الرجل الكهل بجانبي:
ألا تدري أين ذهب الشاب الذي سلّم علي وأنا في حالة الصلاة؟، فقال: لم أر شاباً ولا أدري عمّن تتحدّث! ثم سألت الشاب الذي بجانبي عنه فكان جوابه بالنفي! فأصابتني الرجفة مرة ثانية وأهتز كياني بأجمعه وهنا أدركت أن ذلك الشاب في الحالتين كان صاحب الزمان عليه السلام.
ثم أغمي علي فرشوا الماء على وجهي ولمّا استيقظت طلبت الرجوع فوراً إلى طهران وعند وصولنا ذهبت مباشرة إلى أحد علماء طهران وشرحت له الحكاية بحذافيرها فأكد لي بأنه فعلاً المهدي المنتظر عليه السلام وقال: على أية حال، أنتظر حتى يتم تشييد المسجد الذي تحدثتما عنه.
وبعد فترة توفي والد أحد أصدقائي فاجتمعنا بمجموعة من المعارف والأصدقاء وأخذنا جثمانه إلى مدينة قم لدفنه هناك.
وعندما وصلنا إلى مشارف المدينة وفي المكان نفسه الذي ظهر لي ذلك الشاب لاحظت عمالاً في المكان وبناء يُشيّد وقد ارتفع إلى متر تقريباً، فتوقّفت حالاً وسألت وأنا في السيارة بصوت عالٍ: من يشيّد هذا البناء ومن هو؟، فقال العمال: إنه مسجد يسمى مسجد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ويشيّده أولاد الحاج حسين السوهان. ثم تابعنا سيرنا إلى مدينة قم وقلت لرفاقي. خلال فترة الغداء. سوف ألحق بكم في الحرم الشريف. ثم أخذت سيارة أجرة وذهبت مباشرة إلى محلات أولاد الحاج حسين السوهاني وسألت ولده: هل أنتم تشيدون المسجد الفلاني؟، قال: كلا، قلت: ومن يشيده؟، قال: إنه الحاج يد الله رجبيان. ولما لفظ كلمة يد الله، ازدادت ضربات قلبي سرعة وأخذ العرق يتصبب من جميع أعضاء جسدي، فتعجّب صاحب المحل وجلب كرسياً وأجلسني عليه وقال: ماذا حصل لك أيها الرجل؟، وأنا أدمدم مع نفسي (يد الله فوق أيديهم) الجملة التي ذكرها إمام العصر والزمان عندما سألته: من يشيد المسجد!!
ثم رجعت فوراً إلى العالم الذي رويت له الحكاية وشرحت له ما سمعته في ذلك اليوم. فقال: أسرع وابحث عنه، ثم اشتريت أربعمائة كتاب مفيد ثم توجّهت إلى قم وبحثت عنه حتى وجدته و كان صاحب مصنع للغزل والنسيج الصوفي، ولم يكن الحاج يد الله في مكتبه فسألت رجلاً كان في ذلك المكتب عنه فقال: إنه في البيت، فقلت له: أرجوك أن تتصل به تلفونياً لأنني قادم من طهران وبحاجة إليه.
فاتصل بالحاج فسلّمت عليه وقلت له: لقد جلبت لك أربعمائة كتاب لتكون في مكتبة المسجد الذي تشيّده. فقال متعجباً: من أنت؟، وكيف عرفت أن في المسجد مكتبة؟، فقلت: إنها وقف في المسجد. فقال: لكن لماذا؟، فقلت له: لا يمكن شرح ذلك بالهاتف. فقال: تعال ليلة الجمعة القادمة ومعك الكتب وهذا عنواني، وأعطاني عنوان بيته.
ثم رجعت إلى طهران وهيأت الكتب، وفي ليلة الجمعة سافرت إلى قم مرة ثانية وحسب العنوان وصلت إلى دار الحاج يد الله رجبيان وعندما جلسنا سوية قال: لا آخذ الكتب حتى تحكي القصة. فسردت عليه الحكاية كاملة ثم رجعت إلى المسجد وصليت ركعتين وتذكرت لقائي بصاحب الزمان فبكيت وتضرعت إلى البارئ عز و جل أن يُحسن عاقبتي.
هذا وتحدث الحاج يد الله رجبيان عن حكاية المسجد بالنسبة إليه وقال: أثناء بناء المسجد، جاء أحد العمال وأعطاني خمسين توماناً وقال: لقد جاء سيد جليل القدر وقدّم هذا المبلغ قائلاً: هذه مساعدة لبناء المسجد. فغضبت من ذلك وقلت له: كيف تأخذ هذا المبلغ وأنت تعلم بأنني أقوم بتشييد المسجد على حسابي الخاص قربة إلى الله؟، ولكن قل لي كيف؟، وكيف وصل إلى المكان؟، فقال العامل: عندما أعطاني المبلغ تبعته لأرى بأي وسيلة جاء إلى المنطقة ولكنني بعد خطوات معدودة لم أجده وقد اختفى تماماً عن ناظري.
ويضيف الحاج رجبيان ببركة ذلك المبلغ الزهيد، لا أدري كيف تم تشييد المسجد بكل سرعة وسهولة والحمد لله.(1)