المسار:
العربية » مجلة الانتظار » العدد: ١٠ / رجب / ١٤٢٨ هـ
العدد: 10 / رجب / 1428 هـ

وقفة / عقيدتنا في المهدي عليه السلام بين جيلين

عقيدتنا في المهدي عليه السلام

بين جيلين

الأستاذ محمد الخاقاني

من المعلوم.. وبعد حملات الفتح الغربية لمنطقتنا الفقيرة الغنية.. أحوَجَنا الغرب، لأَن نأخذ من بضاعته الشيء الكثير..

مع هذه البضاعة جاءنا ـ من بعض ما جاءنا ـ صفيح برّاق.. خاله الجهلاء منا؛ ولشدّة بريقه ولمعانه.. ولشدّة جهلهم فقد حسبوا ذلك الصفيح لجينا، وعوّلوا عليه كثيراً.. فمنهم من انتظر أن يعمل منه ورقاً يبتاعُ به ما يسد به جوع بطنه.. والبعضُ الآخر أضمر أن يصوغ منه قلادة يطوّق بها عنقه، ليعلو بها على سائر الأمم.. والشعوب.

ومن غريب الأمر ان كل أولئك الذين لم تنفعهم بصيرتهم ولا حتى بصرهم في تمييز الأمور وهم رغم اختلافهم فيما يذهبون إليه وفيما يرونه فقد اتفقوا جميعاً على برنامج واحد لإصلاح منطقتهم ـ وكما يرون هم ـ ألا وهو معاداة الإسلام عامة، ومناصبة آل بيت النبوة العداء خاصة، وكأن أمر العالم أو أمر هذه المنطقة لا يستقيم إلا بهذه المعاداة السافرة وكأن سفن الفضاء لا تخترق الغلاف الجوي إلا بهدم الإسلام، أو أن مصابيح الكهرباء لا تضيء الأرض إلاّ بأن تنطفئ قناديل العرش وتهدم بيوتٌ إذن الله تعالى أن يذكر فيها اسمه.

لقد نال الإمام المهدي عليه السلام من أولئك التّائهين الشيء الكثير من الازدراء والتهكم والاستهزاء، ومنهم من يدّعى الإسلام وانه مؤمن بالكتاب العزيز، ولكنه في الوقت نفسه يسأل متهكماً بظهور الإمام عليه السلام، وقبلها بإمامته عليه السلام صغيراً، متناسياً أن معجزته عليه السلام ليست بأعظم من معجزة عيسى عليه السلام ، ومنهم من يقول أن طول عمر الإمام يتعارض مع القانون الطبيعي، جاهلاً بأن فن الطب لا يمنع من طول العمر ـ ولا أدري ماذا يقول في تعمير نوح عليه السلام أو حتى عيسى عليه السلام ـ وفئة يتهمون اخوانهم الشيعة ويفسّرون إيمانهم بالمهدي بـ (التواكل) أي أن الشيعة لضعفهم عن رد الظّلم الواقع عليهم؛ لجأوا لهذه النظرية وهم ينتظرون القوي القائد المخلّص.

وفئة أخرى من هؤلاء تدّعي إدعاء النواصب، وتتكلّم بألسنتهم، وادعياؤها يقولون: إن مسألة المهدي لا تقتصر على شخص بعينه ولا تنحصر في شخص مهدي واحد يدعيه الشيعة الاثنا عشرية وان هناك مهدياً سيظهر، وبعد أَنْ يولد في آخر الزمان. إلى غير ذلك من تخرصات مما يمجّه الذوق ولا يقبله العقل.

ونقول نحن لا يهمنا من أمر أولئك، فهم أمّة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ولكنهم غرس غريب، صحيح أنه غرس هرم قد أكل الدهر منه ما أكل، ونال منه ثبات مبادئ الإسلام ما نال، فالمشكلة لم تعد في ذلك الغرس بل فيما يتطاير منه شرراً بذراً تسقطه ريح الحقد والجهل، ينبت أو يستنبت في ناحية من نواحينا ليكون عدوىً تتسبب في قلة المناعة الفكرية عند من لا مناعة فكرية عنده من أبنائنا.

ولكي لا تكون المسألة كما أريد لها من المبغضين، وكما يدبر لذلك كيد الكائدين، ولكي لا يستطيع من اغتصب فدكا ان يغتصب فدكاً ثانية، يجب علينا ـ لا باعتبارنا من المسؤولين ـ بل باعتبار أنّ الكل في موقع المسؤولية، يجب على كل منا أن يعمل جاداً على من هم بين أيدينا من إخواننا وأبنائنا من الذين لا يعرفون من الدين غير مظاهره، الذين يذرفون الدموع مدراراً أو يتصبّبون عرقاً وقد ينزفون دماً أيضاً، ولكنهم لا يعرفون الضروري من عقيدتهم ومنها عقيدتنا في الإمام الثاني عشر.

يجب علينا أن نقتلع ذلك الغرس وأفكاره، أن نعمل جاهدين من أجل ان تجتث هذه الأهواء، هذه الشجرة الخبيثة من فوق الأرض، من فوق أرضنا أرض العراق... الكوفة كنزُ الإيمان ومحجةُ الإسلام، عاصمة المهدي عليه السلام جعلنا الله من الممهدين لمقدمه الشريف.

العدد: ١٠ / رجب / ١٤٢٨ هـ : ٢٠١٣/٠٩/٢٤ : ٥.١ K : ٠
: محمد حسن عبد الخاقاني
التعليقات:
لا توجد تعليقات.

لتحميل أعداد المجلة (pdf):