الافتتاحية / ثورتان والذاكرة الكربلائية..
ثورتان والذاكرة الكربلائية..
عاشوراء... فيكِ يا ألق الذكرى تترجلُ الكلمات عن قافية الخلود لتنشر من أركان المأساة ما يربأُ بالنفوس الصغيرة أن تعتلي مطهّمات السبقِ في حلباتِ الصراع.. وبالنفوسِ الكبيرة ما تطمح في عاديات الوغى لبلوغ الكمال.. وتتسامى هذه الذكرى في ألقِ النشيج لترسم من طموح الحزن ما يستبدلُ الانكسار إلى هيجان الاعصار القادم من أعماق النفس كما هو من أعماق الماضي السحيق..
انها واقعة كربلاء.. تفرض على الماضي أن يزحف إلى أعتاب الحاضر وينتشل من شواطئه المرمّلة بدماء الأجساد المضرجة تلك الأجساد الخاوية لأرواح خانعة غير جديرة بالحياة؛ لتبعث فيها الحياة وحيوية النصر المبين.
انها واقعة النصر.. تُعيد إلى الأذهان ذلك الماضي الكربلائي العتيد لتربطه بمستقبل مهدوي يستقبل من الذاكرة الكربلائية كل مديات حركة الثورة المباركة رافعاً الشعار الاصلاحي الحسيني بكل مفاهيمه وقيمه <ما خرجتُ أشِراً ولا بطراً، ولكن خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي محمدN> فليست ثورة الحسين وحركة المهديL إلا وحدةً واحدةً تتجذر في أعماق الضرورة الاصلاحية لتستقطبَ من الواقع الممتهن حياة الأبطال حينما تحتبسُ النفوس في خنادق الوعد الحق والانتظار المعطاء..
إنهما الثورتان.. فتلك الحسينيةُ منها ترسمُ في مخيلةِ الزمان شارات الخلود.. وهذه المهدوية ترفع للنصر الآتي هامات الوجود.. وبين الخلود والوجود نسبُ الانتماء إلى الثورة بل قل إلى الاصلاح في كل حدوده ومقاساته الحسينية أو المهدوية.. فالثورة المهدوية لا تخرج عن حدود القياسات الحسينية في النشوء والانطلاق والحركة والنتيجة.. فللثورتين نسبُ الانتماء إلى الرسالة المحمدية تلك التي بعثت في الجسد الخاوي حركة الحياة.. وهما يبعثان استمرارية البقاء والخلود.. فالثورتان تعيشان في ذاكرةٍ واحدة لا تخرج في حدودها كذلك وفي قياساتها عن الثورة المحمدية، أي حركة الاصلاح الأولى بكل تفاصيلها المحمدية، فالذاكرة واحدة مهما تعددت الأسماء فهي ذاكرةُ كربلاء..
السيد محمد علي الحلو
رئيس التحرير