دراسات / فكرة المخلص في الإسلام
فكرة المخلص في الإسلام
الاستاذة: شروق أياد خضير- كلية العلوم السياسية- جامعة بغداد
يؤمن المسلمون بظهور (المخلّص) ولقبه المشهور عندهم هو (المهدي) ولفظة المهدي، هي صيغة اسم مفعول من الفعل هَدَى، وهو من هداه الله للدين.(1) هُدىً وهدياً وهدايةً وهدية، والهدى، الرشاد، وهو ضد الظلال(2) ويذهب رأي آخر إلى عد لفظة (المُهدي) هنا بمعنى الفاعل، أي من يهدي الناس إلى الطريق المستقيم،(3) وقد ذكر السيوطي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (انما سُمي بالمهدي لأنه يهدي إلى جبل من جبال الشام يستخرج منه أسفار التوراة، يحاج بها اليهود) وقال في موضع آخر (سُمي بالمهدي لأنه يهدي لأمر قد خفي، يستخرج التابوت من أرض يقال لها انطاكية). وعلق الأستاذ سعيد أيوب على ذلك قائلاً: (من هذا كله تتضح رسالته، لأنه يهدي لأمر قد خفي).(4)
وذهب إلى معنى مقارب الشيخ الاربلي، فقال: (انما سمي القائم مهدياً لأنه يهدي إلى أمر مظلول عنه).(5) ويبدو ان الأقرب إلى الصواب هو عد لفظة (المهدي) في هذا الموضع بمعنى الفاعل والمفعول به، معا، أي من يهدي الناس ومن تلقى الهداية من الله.
أما عن ولادة فكرة المهدي والاعتقاد بها عند المسلمين، فقد اختلف الباحثون بصددها وتفرقوا إلى مذاهب شتى، فبعضهم فسرها بدلالة نظرية الأزمة الناجمة عن الظروف السياسية والاجتماعية التي عاشها المسلمون في الحقب اللاحقة على وفاة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وقد أشار إلى مثل هذه العوامل، مرجيليوث، إذ ذهب إلى ان اندلاع الحروب الأهلية وما تلاها من وضع قلق للإسلام، في الجيل الذي تلا عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، هو الذي قاد إلى تبني فكرة المهدي من المسلمين.
وجاء في الانسكلوبيديا المصغرة للإسلام ما معناه ان المسلمين قد تعلقوا بهذه الفكرة وسط الاضطراب السياسي والاجتماعي والأخلاقي والديني.
ويذهب العلامة الالماني جولد تسيهر إلى القول: (ان عقيدة المهدي وما تنطوي عليه من آمال وأمان تظهر في بيئات التقى والورع عند المسلمين كزفرة من زفرات الأسف والانتظار يصعدونها وهم في غمرات حالات سياسية واجتماعية لا تنقطع ثورة ضمائرهم حيالها). واستطرد قائلاً: (ان المسلمين، يشتركون في الاعتقاد بأن المسلم الصالح حبا في خير الجماعة الإسلامية، وابقاءاً على وحدتها لا ينبغي ان يشق عصا الطاعة، بل عليه ايثاراً للمصلحة العامة ان يحتمل صابراً المظالم القائمة ويتدرع بالصبر وطول الاناة في معاناة آثام الأشرار ولكنهم يتوقون علاوة على ذلك، التوفيق بين الواقع ومقتضيات ايمانهم وتقواهم، وأمدهم بهذا التوفيق رجاؤهم الوطيد في ظهور المهدي).(6)
في حين يرى روتلدسن، ان الفشل الظاهر الذي أصاب المملكة الإسلامية في توطيد أركان العدل والتساوي زمن دولة الأمويين، كان من الأسباب لظهور فكرة المهدي آخر الزمان(7) وذهب فان فلوتن، إلى ان جور النظام العباسي وعسفه لم يكن أقل من النظام الأموي حفزا للنفوس إلى التمسك بعقيدة المهدي.(8)
في حين ذهب البعض الآخر إلى ان هذه الفكرة قد جاءت إلى المسلمين من مصادر خارجية إذ يرون ان هذه الفكرة، قد تسربت إلى البيئة الإسلامية من الديانة اليهودية أو المسيحية أو الفارسية أو غيرها من الديانات التي آمنت بهذه الفكرة.
فالباحث المستشرق مرجيليوث، بعد ان أشار إلى دور الاضطرابات الداخلية في حمل المسلمين على الاعتقاد بالمهدي، كما ذُكر سابقاً، ذهب إلى ان هذه الظروف هي التي قادت إلى اقتباس المسلمين لهذه الفكرة من اليهود والمسيحيين.
وينحو هذا المنحى كل من الباحثين جولد تسيهر، والفردبل، وفان فلوتن، وفي حين يرى الباحثان الأول والثاني، انها مستمدة من اليهودية والمسيحية، إذ ان النبي ايليا عند اليهود والمسيحيين قد رفع إلى السماء وانه لابد ان يعود إلى الأرض في آخر الزمان، وهو بذلك كان الانموذج الأول لأئمة الشيعة المختفين،(9) يرى الأخير ان هذه الفكرة قد تأتت من اليهودية والمسيحية لما تنطوي عليه من تنبؤ بالمستقبل، والتنبؤ ـ في اعتقاده ـ قد دخل إلى الاسلام على يد بعض الشخصيات اليهودية والمسيحية مثل كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وتميم الداري.(10)
ويشارك بعض الباحثين العرب المسلمين، هؤلاء المستشرقين في آرائهم، لعل أهمهم أحمد أمين وسعد محمد حسن وعبد الكريم الخطيب وعبد الحسيب طه حميده،(11) والحصان الذي ينسبها للمانوية.(12)
ومما تجدر الاشارة إليه هو ان بعض الباحثين الذين أرجعوا فكرة المهدي إلى اليهودية، اعتقدوا ان هذا (المؤثر اليهودي) قد دخل على يد شخصية عبد الله بن سبأ،(13) على ان بعض الباحثين قد أنكروا وجود هذه الشخصية، وبالتالي إلغاء دورها في بث هذا المعتقد، مثل الوردي والشيبي، والعسكري، وطه حسين، والنشار، وآل يس، ومغنية.(14)
يتضح مما سبق ان وجهات النظر السابقة تولي أهمية كبيرة لدور العوامل الخارجية في اعتقاد المسلمين بهذه الفكرة، وهي بذلك تحاول خلع الثوب الإسلامي عنها لتلبسها ثوباً يهودياً أو مسيحياً أو غير ذلك.
اما وجهة النظر الإسلامية فإنها تقر بحقيقة كون، ان كثير من الديانات والفلسفات قد سبقت الإسلام في القول بهذه الفكرة، الا أنها لا تجد في ذلك ما يتعارض والقول بإسلاميتها، ففكرة (المخلص) في نظرها لا تتعارض مع فطرة الإنسان وطموحاته، بصرف النظر عن انتمائه أو ديانته، ولعل السبب في اشتراك الكثير من الشعوب بهذه الفكرة، هو وجود حكمة بالغة في التدبير، يستمد الإنسان من خلالها صموده أمام الظلم والطغيان ولا يترك فريسة ليأسه، دون أن يزود بأمل إمكانية استعادة العدل والمساواة في يوم من الأيام.(15)
ومن جهة أخرى يرى المؤمنون بوجهة النظر هذه بأنه ليس كل ما جاء به الإسلام قد تفرد به عن الأديان السابقة، فكثير من الأمور الكلية التي جاء بها كانت شاخصة في الشرائع السابقة له.(16) وفي هذا الصدد قال الإمام الشاطبي: (وكثير من الآيات أخبر فيها بأحكام كلية كانت في الشرائع المتقدمة، وهي في شريعتنا، ولا فرق بينهما).(17) أضف إلى ذلك، إذا كانت وجهة النظر الأولى قد اتخذت من وجود هذه الفكرة في الديانات السابقة على الإسلام، دليلاً على اعتقادها في كون أن هذه الفكرة ليست من الإسلام، وبالتالي لا يصح الاعتقاد بها، فإن وجهة النظر الثانية تجعل من وجود هذه الفكرة في تلك الديانات ما يدعم ويؤصل ويبرر صحة الاعتقاد بها، فعلى سبيل المثال، يذهب سعيد أيوب إلى القول بأن العهد القديم قد اشار إلى المهدي باسم (قديم الأيام)، أي المكرر اسمه، في حين أشار إليه سفر الرؤيا من العهد الجديد باسم (الأمين الصادق).(18)
يتضح مما تقدم أن وجهة النظر الإسلامية ترفض الرأي القائل بلا إسلامية فكرة المهدي، وتحاول أن تثبت ان وجود هذه الفكرة في الديانات السابقة على الإسلام، لا يخرجها عن اطارها الإسلامي، وذلك لأنها وردت في المصادر القدسية الإسلامية، إما صراحةً أو تلميحاً، فالقرآن الكريم وان خلا تماماً من لفظة المهدي، بيد انه من المنطقي ان يشير إليه ضمناً خصوصاً وان السنة النبوية الشريفة قد جاءت على ذكره، كما سيتضح لاحقاً والسنة النبوية والقرآن الكريم صنوان لمشرع واحد، وتأسيساً على ذلك فقد فسر بعض علماء المسلمين(19) الكثير من الآيات القرآنية على انها نزلت في المهدي كقوله تعالى: ((وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ))(20) وقوله عز وجل: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))،(21) وقوله عز من قائل: ((وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَْرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ))،(22) وغيرها من الآيات القرآنية.
اما في السنة النبوية المطهرة، فابتداءاً لا يخفى أن العلماء والمحدثين الذين أخرجوا احاديث المهدي أو أوردوها عمن تقدم عليهم، قد بلغوا من العدد وتنوع المذاهب الاسلامية ما لا يستهان به، ومن هؤلاء الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو داود السجستاني، أبو عيسى الترمذي، احمد بن شعيب النسائي، ابن ماجة القزويني، الحاكم النيسابوري، ابن عبد البر القرطبي، أبو بكر الخطيب البغدادي، أبو محمد الفراء البغوي، مجد الدين بن الأثير، وآخرون غيرهم.(23) كما أن الصحاح الستة قد اشتملت على أحاديث المهدي، عدا صحيحي مسلم والبخاري، حيث لم يأت فيهما ذكر المهدي صراحة، أما رواة أحاديث المهدي فانهم لم يكونوا أقل عدداً من سابقيهم وفيهم الصحابة والاعلام، فمنهم على سبيل المثال: عمر بن الخطاب، الخليفة علي بن أبي طالب عليه السلام، عثمان بن عفان، العباس بن عبد المطلب، قتادة بن النعمان، أنس بن مالك، أبو هريرة، عائشة، سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام، وغيرهم.
وقد صرّح عدد من العلماء والمحدثين بتواتر أحاديث المهدي. ومن هؤلاء القرطبي المالكي، جمال الدين المزي، ابن القيم، ابن حجر العسقلاني، البربهاري شيخ الحنابلة، محمد بن الحسين الشافعي، الشوكاني، ابن حجر الهيتمي والسيد الأمين. وهذه جملة من أحاديث المهدي:
(لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً مني أو من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت ظلماً وجوراً).
(تملأ الأرض ظلماً وجوراً، ثم يخرج رجل من عترتي يملك سبعاً أو تسعاً فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً). (المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة), (المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ويملك سبع سنين).
وحيث ان القرآن الكريم أشار إلى المهدي، ضمناً، وحيث ان الأخبار قد تواترت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بخروجه آخر الزمان، وفق ما يراه المسلمون، فان النتيجة الحتمية لذلك هي ان يؤمن هؤلاء بأن الاعتقاد بفكرة المهدي هي من الإسلام ومتواتراته، بل وضرورياته. بيد ان صورة فكرة المهدية قد اختلفت من فريق إلى آخر من الفرق الاسلامية، فخلاصة اعتقاد أهل السنة بهذه الفكرة انه سيظهر في آخر الزمان رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم اسمه كاسم الرسول، واسم أبيه كاسم أبي الرسول، أي ان اسمه محمد بن عبد الله وليس لهذا الرجل وجود الآن بل سيولد في آخر الزمان وبوقت غير معلوم، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يبايعه المسلمون بين الركن والمقام، يؤيد الدين ويظهر العدل في الرعية، يأتيه الرجل فيقول يا مهدي اعطني، فيحثي له في ثوبه ما استطاع ان يحمله، يملك خمس أو سبع او ثمان أو تسع أو عشر من السنين.
ويعتقد أهل السنة ان ظهور المهدي، هو أحد أشراط الساعة، أما العلامات الأخرى التي تسبقه وتليه، فهي كثيرة، منها: كثرة القتل وقلة العلم وظهور الفتن وكثرة الزلازل وارتفاع الأسعار وانتشار الأوبئة وموت الفجأة والهدنة مع الروم وظهور الدجال ونزول عيسى عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وظهور الدخان في السماء وحدوث ثلاثة خسوف في الأرض، ويلي ذلك كله انقلاب الكون وفناؤه ثم موت الجميع، ثم البعث والحساب.
ما تقدم كان خلاصة عامة لاعتقاد أهل السنة بفكرة المهدي، ويبدو ان هذا الاعتقاد قد شمل مذاهب أهل السنة الأربعة، الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي. واذا كانت هذه هي صورة المهدي من وجهة نظر أهل السنة، فكيف كانت في نظر فريق آخر من المسلمين، وهم الشيعة؟.
ان وجه الاختلاف بين الشيعة الاثني عشرية وبين السنة في هذا الموضوع، ينحصر في أن الشيعة يعتقدون بأن المهدي له وجود الآن، فقد ولد سنة 255هـ أو 256هـ، في سُرَّ من رأى ـ سامراء ـ وهو معلوم النسب، فهو محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالبK، أي أنه الامام الثاني عشر في سلسلة أئمتهم المعصومين.
ولما كانت الإمامة في نظر الاثني عشرية منصب إلهي يحتاج إلى النص والتعيين، فقد آمنت بإمامته جريا وراء النص، وكان النص على امامته ـ وفق ما يعتقدون ـ من نبي الهدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم من علي بن أبي طالب عليه السلام، كما نص عليه الأئمة الآخرون واحداً بعد واحد إلى أبيه الحسن. وإمامته كانت بعد وفاة أبيه وهو في الخامسة من عمره، وله غيبتان: الصغرى، وتبدأ منذ ولادته، وقيل منذ وفاة أبيه وانتهت بوفاة سفيره الرابع والأخير على بن محمد السمري، وأمدها اذن، 69 أو 74 سنة.
أما الغيبة الثانية فتبدأ منذ وفاة سفيره الرابع وتمتد إلى الوقت الحاضر، وقد اختلف الرواة حول الوجه من غيبته هذه، فقيل العلة المانعة من ظهوره هو خوفه على نفسه من القتل، وقيل ان خروجه، حدده الله ولا علم لأحد به، ولربما غيابه تحريض لاتباعه على مقاومة الظلم والتزام الطريق القويم، والتمسك بالفضائل، وقيل انها محنة، يريد بها الله عز وجل ان يمتحن عباده.
بالاضافة إلى ما تقدم تؤمن الاثنا عشرية بنزول عيسى عليه السلام، وظهور المسيح الدجال على النحو الذي آمن فيه أهل السنة، ولا يختلفون في هذا الموضع مع الآخرين، كما أن علامات ظهور المهدي والعلامات التي تليه، واحدة تقريباً عند الفريقين.
يتضح مما تقدم ان وجه الخلاف بين السنة والشيعة، حول هذا الموضوع، هو ان السنة يعتقدون ان المهدي لم يولد بعد، ولا يعرف من هو على وجه التحديد، في حين ان الشيعة الاثني عشرية يتفقون على ولادته ووجوده في دار الدنيا كما ان اسمه ونسبه محدد عندهم. اذن الاختلاف هنا، ينصب على شخص المهدي، وليس على أصل الفكرة.
وتأسيساً على ما تقدم، فان المسلمين يؤمنون بفكرة (المخلص) وكونهم اختلفوا في ولادة ذلك المخلص وتشخيص اسمه، فليس في ذلك أدنى حجة للقول بأن هذه الفكرة مجرد (أسطورة) بل هو على العكس من ذلك، من الأدلة القاطعة على ثبوت تحققها، اذ أنه، من قبيل الاختلاف في تفاصيل شيء متحقق الوجود، كاختلافهم ـ أي المسلمين ـ في القرآن الكريم بين القول بقدمه، وحدوثه من الله تعالى، مع اتفاقهم على تكفير منكره.
ومن جانب آخر، فإن وصف هذه الفكرة بالأسطورة التي سلبت العقول، ثم الإقرار بأنها خلقت تاريخ أمة، مع الاعتراف بأن لهذه الأمة حظاً وافراً من الحضارة ـ لا يخلو من التناقض إذ لا يعرف التاريخ أمة خلقت تاريخها أسطورة، فكيف الحال مع أمة هي من أرقى أمم العالم حضارة في القرون الوسطى باعتراف المستشرقين أنفسهم؟
وإذا توخينا الموضوعية، أمكن القول بأن للعوامل الداخلية من ظروف سياسية واجتماعية، قدراً من الأهمية في ترسيخ فكرة المهدي بين صفوف المسلمين دون ان يرقى ذلك الدور وتلك الأهمية إلى المستوى الذي يجعل منها العامل الخالق لهذه الفكرة والدافع الرئيس للاعتقاد بها عند المسلمين.
صفوة القول، ان فكرة (المخلص) الذي سيظهر في آخر الزمان، وينشر العدل والرخاء والمساواة ويقضي على الظلم والاضطهاد، فكرة لم تنفرد بها اليهودية فحسب، بل اشترك فيها الكثير من الشعوب والفلسفات والديانات السماوية وغير السماوية.
الهوامش:
(1) ابن منظور، لسان العرب، ج20 (القاهرة: الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1308هـ) مادة: هدى، ص229.
(2) ابن منظور، مصدر سابق ص 229.
(3) دوايت روتلدسن، مصدر سابق، ص 230، وكذلك فان فلوتن، مصدر سابق، ص79.
(4) سعيد أيوب، مصدر سابق، ص 313.
(5) أبو الحسن علي بن عيسى الاربلي، كشف الغمة في معرفة الأئمة، ج3 (النجف: مطبعة النجف الاشرف؛ 1385هـ) ص 263.
(6) جولد تسيهر، مصدر سابق، ص 217.
(7) ينظر: دوايت روتلدسن، مصدر سابق، ص 231.
(8) ينظر: فان فلوتن، مصدر سابق، ص 133.
(9) ينظر: جولد تسيهر، مصدر سابق، ص 215، وكذلك الفردبل، مصدر سابق، ص 154.
(10) ينظر: فان فلوتن، مصدر سابق، ص 115.
(11) ينظر على التوالي: احمد أمين مصدر سابق، ج1، ص 337، وسعد محمد حسن ص 48 ـ 49، وعبد الكريم الخطيب ص 539، وعبد الحسيب طه حميده، أدب الشيعة (القاهرة: دار المعارف. د.ت) ص 75.
(12) ينظر: عبد الرزاق الحصان، مصدر سابق، ص 101.
(13) احمد امين، مصدر سابق، ج1، ص 337، وكذلك سعد محمد حسن ص 49، وعبد الحسيب طه حميده ص 92، وجولد تسيهر، ص 374، يروي النوبختي، ان عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم أيام الخليفة عثمان بن عفان، ووالى الخليفة علي عليه السلام وغالى فيه، فبعد استشهاده نعاه احد ما فقال ابن سبأ للذي نعاه: (كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة، وأقمت على قتله سبعين عدلاً، فعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل ولا يموت حتى يملك الأرض)، ولذلك قيل ان عبد الله بن سبأ هو أول من بث فكرة الرجعة في الجو الإسلامي. أضف إلى ذلك ان هناك من يطابق بين شخصيتي عبد الله بن سبأ وعبد الله بن السوداء، كالطبري والمقريزي، في حين ان البغدادي يميز بينهما، لمزيد من التفاصيل حول هذه الشخصية ينظر: النوبختي، فرق الشيعة (بيروت: مطبعة حداد، د.ت) ص 27 ـ 28. وكذلك الطبري، تاريخ الممالك والأمم، ج5 (بيروت: دار القاموس العربي، د.ت) ص30، وما بعدها الشهرستاني مصدر سابقج1، ص 11، أبو منصور البغدادي، الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم (بيروت: دار الآفاق الجديدة، ط3، 1978) ص 223 ـ 226، د. محسن عبد الحميد، صراع الأفكار في المجتمع الإسلامي (بغداد: مطبعة وزارة التربية، ط1، 1998) ص 54 ـ 56.
(14) يطابق د. علي الوردي بين شخصيتي (عبد الله بن سبأ والصحابي الجليل عمار بن ياسر (وينحو منحاه الاستاذ الشيبي كما أثبت مرتضى العسكري بالأدلة الحسية عدم وجود هذه الشخصية، وكذلك الدكتور طه حسين الذي قال: (ان ابن السوداء لم يكن الا وهما). وقد تبنى هذا الرأي كل من الباحثين علي سامي النشار، ومحمد حسن ال يس ومحمد جواد مغنيه، تنظر هذه الآراء وعلى التوالي في: د. علي الوردي، وعاظ السلاطين (بغداد: مطبعة المعارف، 1954) ص 272 ـ 279، والدكتور كامل مصطفى الشيبي، الصلة بين التصوف والتشيع، ج1 (بغداد: مطبعة الزهراء، 1963، 1964) ص 26 ـ 39، مرتضى العسكري، عبد الله بن سبأ (النجف: المطبعة العلمية، 1956)، الدكتور طه حسين، الفتنة الكبرى، ج2 (القاهرة: دار المعارف، 1953) ص 98 ـ 99، علي سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام، ج2 (الاسكندرية: مطبعة دار نشر الثقافة، ط2، 1962) ص39، محمد حسن آل يس، مصدر سابق، ص 23، محمد جواد مغنية، المهدي المنتظر والعقل (بيروت: دار العلم للملايين، د.ت) ص 23.
(15) مجموعة باحثين، المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي، مصدر سابق، ص 14 ـ 15.
(16) المصدر السابق، ص 14.
(17) أبو اسحاق الشاطبي المالكي، الموافقات في أصول الشريعة، ج3 (القاهرة: المطبعة الرحمانية، د.ت) ص 117 ـ 118.
(18) ينظر: سعيد أيوب، مصدر سابق، هامش 38، ص 77 ـ 78، ويرى حكيمي أن التوراة والانجيل قد بشرتا بالمهدي. كما يعتقد الباحث عودة مهاوش الاردني ان في (سفر ارميا. صح 46: 2 ـ 11) من العهد الجديد اشارة إلى مجيء المهدي، ينظر على التوالي: محمد رضا حكيمي، مصدر سابق ص 54 ـ 58، مجموعة باحثين، المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي، مصدر سابق، ص 12، نقلاً عن: عودة مهاوش الاردني، الكتاب المقدس تحت المجهر (بلا مكان: لامط، د.ت) ص 155.
(19) مثل احمد بن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة في الرد على اهل البدع والزندقة (القاهرة: دار الطباعة المحمدية، د.ت) ص 160، وكذلك الحافظ سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي، ينابيع المودة (النجف: المطبعة الحيدرية، ط7، 1965) ص508، والشيخ المفيد، الارشاد (النجف: المطبعة الحيدرية، 1962) ص 346، ومحمد باقر بن محمد تقي المجلسي، بحار الأنوار، ج13 (طهران: مطبعة ميرزا محمد خليل الموسومي، 1305هـ) ص11.
(20) الزخرف: 61.
(21) التوبة: 33.
(22) الأنبياء: 105.
(23) ابن خلدون، المقدمة، مج1 (بيروت: دار الكتاب اللبناني، ط2، 1979) ص 556، وكذلك ابو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي مع شرح الحافظ ابن قيم الجوزية، عون المعبود: شرح سنن ابي داود، ج11 (بيروت: دار الفكر، ط3، 1973) حاشية ص 361.