أقسام النيابة العامة:
المسار
العصر القديم

الفضل بن شاذان قدس سره

للبحث فى حياه القدماء من فقهائنا واستشراف سيرتهم وما يتصل بحياتهم اهميه فائقه تتجسد فى الكشف عن معالم ومعطيات تلك المرحله المتقدمه من تاريخ الفقه، تلك المرحله التى شكلت القاعده الاساس لانطلاقه علم الفقه وتطوره.
وتتضاعف قيمه البحث عندما يكون الحديث عن اعلام الفقهاء من اصحاب الائمه الطاهرين عليهم السلام، وذلك لقربهم وادراكهم عصر النص وما اكتنفه من ملابسات.
وفى هذا البحث ندرس حياه احد اشهر فقهاء عصر الحضور الذين اضطلعوا بدور علمى مرموق فى رفد حركه الفقه وترويج الاحكام والدفاع عن الدين.
وفقيه هذه الدراسه هو الشيخ الاجل، الفقيه والمتكلم والمحدث الكبير الفضل بن شاذان النيسابورى(رحمهم  اللّه).
اسمه وكنيته:
هو الفضل بن شاذان بن الخليل ابو محمد النيسابورى الازدى.
وقد شاركه فى هذا الاسم الفضل بن شاذان الرازى من العامه، وتوهم ابن النديم انه فضل الشيعه وان له كتبا على المذهبين، الا ان الشيخ الطوسى قد تنبه - بعد نقله عنه ان لابن شاذان الشيعى كتباً على مذهب العامه- لذلك فقال: واظن ان هذا الذى ذكره هو (الفضل بن شاذان الرازى) الذى يروى عنه العامه لا (الازدى النيسابورى).
وادعى بعض المحققين ان اسم والد الفضل هو (الخليل)، وانه يلقب بشاذان. ويساعد عليه ما اورده الكشى فى يونس قال: جعفر بن معروف قال: حدثنى سهل بن بحر قال: حدثنى فضل بن شاذان قال: حدثنى ابى الخليل الملقب بشاذان.
الا ان الصحيح هو الضبط الاول، ويدل على خطا الاخير امور:
الاول: وجود نسخه من كتاب الكشى بالجيم (الجليل)، اى: حدثنى ابى الجليل.
ويؤيد هذا تعبيره عن والده فى بعض الاسانيد بالتعظيم والاجلال.
الثانى: ان الكشى الذى كان كلامه منشا لما احتمله القهبائى، قد نص فى موضعين من ترجمه الفضل على انه (الفضل بن شاذان بن الخليل).
الثالث: تصريح النجاشى فى ترجمه الفضل، وكذا الشيخ فى ترجمه والده على ان اسم ابيه شاذان.
كلمات الاطراء عليه:
ثناء الامام الحسن العسكرى عليه السلام فى حقه بعد عرض كتابه عليه حيث قال فيه: اغبط اهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان وكونه بين اظهرهم.
وكفاه بذلك فخرا كما قال ابن داود.
وذكر الكشى انه عليه السلام ترحم عليه ثلاثا ولاء.
* وقال عنه النجاشى: احد اصحابنا الفقهاء والمتكلمين، وله جلاله فى هذه الطائفه، وهو فى قدره اشهر من ان نصفه.
* واثنى عليه شيخ الطائفه بقوله: الفضل بن شاذان فقيه متكلم جليل القدر.
* واطراه ابن داود فقال: كان احد اصحابنا الفقهاء العظام والمتكلمين، حاله اعظم من ان يشار اليها.
* وبجله العلامه بهذه العباره: كان ثقه جليلا فقيها متكلما، له عظم شان فى هذه الطائفه. وهذا الشيخ اجل من ان يغمز عليه، فانه رئيس طائفتنا(رضى  اللّه عنه).
* وقال عنه السيد على الطباطبائى: احد اصحابنا الفضلاء العظماء المتكلمين من رجال الهادى والعسكرى.
* وذكره المحقق البحرانى قائلا: من قدماء اصحابنا رضوان اللّه عليهم، وخواص اصحاب الرضا عليه السلام.
* وفى جواهر الكلام: الفضل بن شاذان النيشابورى من القدماء الفضلاء من رجال الهادى والعسكرى عليهما السلام.
* وقال عنه الحجه السيد حسن الصدر: الشيخ الفضل بن شاذان بن الخليل ابو محمد الازدى النيشابورى، احد شيوخ اصحابنا الفقهاء المتكلمين والجامعين لجميع فنون الدين، وكان له جلاله فى هذه الطائفه، وهو فى قدره اشهر من ان نصفه.
وقال المحدث القمى عنه: كان ثقه جليل القدر فقيها متكلما، له عظم شان فى هذه الطائفه.
أسرته:
والذي يبدو من احوال اسره ال شاذان انها اسره عربيه من الازد، الا انه لم يعلم على وجه الدقه منحدرها وموطنها الاصلى.
واما النسبه الى نيسابور - حيث تطلق على الفضل وابيه وغيرهما من افراد هذه الاسره فى جمله من الاسانيد وكتب الرجال- فلم يتحدد مبدوها والمنشا فيها، اذ ان نشاه الفضل كانت بالعراق فى بغداد والكوفه - كما ستعرف فى قصه لقائه بالحسن بن فضال- وقد كان فى تلك البرهه برفقه ابيه شاذان. وعليه فان نسبه الاب الى نيسابور قد تكون بلحاظ تواجده فيها قبل قدومه الى بغداد، او بلحاظ تواجد من سبقه من ابائه فى تلك البلاد، كما انه يمكن ان تكون ولاده الفضل فيها ثم قدم العراق مع ابيه. نعم من المتيقن المعلوم توجه الفضل الى نيسابور- بعد مغادرته العراق - ومكثه فيها الى ان ادركته المنيه هناك حيث قبره وبقعته الان.
ولكنه من غير المستبعد جدا ان تكون نيسابور موطنا لهذه الاسره كسائر الاسر العربيه التى توطنت فى خراسان.
وعلى كل حال، فان من المعروف عن هذه الاسره انها اسره علم وروايه وفقاهه قد برز فيها رجال محدثون، ونحن نشير الى ابرز شخصيات هذا البيت:
1 - الشيخ الثقه شاذان بن الخليل، والد الاسره، وقد عبر عنه الكشى بانه من العدول الثقات من اهل العلم، وعده الشيخ فى اصحاب الجواد عليه السلام، ونقل النجاشى قولا عده فيه من اصحاب الرضا عليه السلام، قال فى ترجمه ولده الفضل: كان ابوه من اصحاب يونس، وروى عن ابى جعفر الثانى عليه السلام، وكان ثقه.
وله روايات عديده فى الكتب الاربعه اشار الى بعضها السيد الخوئى(قدس  سره) فى رجاله.
2 - نعيم بن شاذان، اخو الفضل، ذكره الشيخ فى ترجمه حيدر بن شعيب.
3 - على بن شاذان، والد ابى نصر قنبر بن على بن شاذان.
4 - محمد بن شاذان بن الخليل، اخو الفضل، ويروى عنه. ويروى عن محمد هذا ابن اخيه جعفر بن نعيم اخ احمد بن نعيم.
5 - ابو عبد اللّه محمد بن نعيم بن شاذان المعروف بالشاذانى، نص الشيخ على انه ابن اخ الفضل. واستظهر السيد الخوئى انه نفس محمد بن احمد ابن نعيم، وهو نفس محمد بن شاذان الذى كان من اصحاب العسكرى عليه السلام وادرك الغيبة الصغرى وبعث مالا لصاحبها عجل اللّه فرجه الشريف، وخرج فيه توقيع: (انه رجل من شيعتنا اهل البيت).
6 - ابو نصر قنبر بن على بن شاذان، وهو يروى عن ابيه عن عمه الفضل.
7 - جعفر بن نعيم بن شاذان النيسابورى، وهو من مشايخ الصدوق.
8 - محمد بن الحسن بن على بن شاذان، ذكره ابن داود فى القسم الاول من كتابه نقلا عن رجال الشيخ، وقال عنه: انه فاضل جليل القدر، الا انه لم نجده فى رجال الشيخ.
توثيقه:
قد عرفنا من خلال الكلمات السابقه لائمه الرجال واكابر الطائفه منزله الفضل ومكانته الساميه، حتى ان النجاشى قد ذكر بعد توثيقه له انه فى قدره اشهر من ان يوصف. وعلى كل حال فليس ثمه من يتوقف فى امره، بالرغم من وجود بعض الاخبار الوارده فيما هو خلاف ذلك والتى لم يعبا بها احد من العلماء، حتى نفس الكشى الذى اوردها قد اجاب عنها بعد ان قدم الاخبار الوارده فى مدحه، ومهما يكن من امر فانا نذكر بعض الاخبار فى مدحه وفضله كما ذكرها الشيخ الكشى فى كتابه ثم نتعرض لاخبار ذمه والجواب عنها.
1 - محمد بن الحسين بن محمد الهروى، عن حامد بن محمد الازدى البوشنجى، عن الملقب بـ(غورا) من اهل البوزجان - من نيشابور- ان ابا محمد الفضل بن شاذان(رحمهم  اللّه) كان وجهه الى العراق الى حيث به ابو محمد الحسن بن على عليهما السلام، فذكروا انه دخل على ابى محمد عليه السلام، فلما اراد ان يخرج سقط منه كتاب فى حضنه ملفوف فى ردائه، فتناوله ابو محمد عليه السلام ونظر فيه، وكان الكتاب من تصنيف الفضل بن شاذان، وترحم عليه، وذكر انه قال: (اغبط اهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان وكونه بين اظهرهم).
محمد بن الحسين، عن عده اخبروه احدهم ابو سعيد بن محمود الهروى، وذكر انه سمعه ايضا ابو عبد اللّه الشاذانى النيسابورى، وذكر له ان ابا محمد عليه السلام ترحم عليه ثلاثا، ولاء.
2 - سعد بن جناح الكشى، قال: سمعت محمد بن ابراهيم الوراق السمرقندى يقول: خرجت الى الحج فاردت ان امر على رجل كان من اصحابنا معروف بالصدق والصلاح والورع والخير يقال له: بورق البوشنجانى (قريه من قرى هراه) وازوره واحدث به عهدى. قال: فاتيته فجرى ذكر الفضل بن شاذان(رحمهم  اللّه)، فقال بورق: كان الفضل به بطن شديد العله ويختلف فى الليله مئه مره الى مئه وخمسين مره، فقال له بورق: خرجت حاجا فاتيت محمد بن عيسى العبيدى، فرايته شيخا فاضلا فى انفه اعوجاج -وهو القنا - ومعه عده، ورايتهم مغتمين محزونين، فقلت لهم: ما لكم؟ فقال: ان ابا محمد عليه السلام قد حبس. قال بورق: فحججت ورجعت، ثم اتيت محمد بن عيسى ووجدته قد انجلى عنه ما كنت رايت به، فقلت: ما الخبر؟ قال: قد خلى عنه. قال بورق: فخرجت الى سر من راى ومعى كتاب يوم وليله، فدخلت على ابى محمد عليه السلام واريته ذلك الكتاب، فقلت له: جعلت فداك، انى رايت ان تنظر فيه، فلما (قال) نظر فيه وتصفحه ورقه ورقه فقال: هذا صحيح ينبغى ان يعمل به. فقلت له: الفضل بن شاذان شديد العله، ويقولون انها من دعوتك بموجدتك عليه، لما ذكروا عنه انه قال: ان وصى ابراهيم خير من وصى محمد صلى الله عليه واله وسلم! ولم يقل - جعلت فداك - هكذا، كذبوا عليه؟ فقال: (نعم كذبوا عليه، رحم اللّه الفضل). قال بورق: فرجعت فوجدت الفضل قد مات فى الايام التى قال ابو محمد عليه السلام: رحم اللّه الفضل.
3 - جعفر بن معروف، قال: حدثنى سهل بن بحر الفارسى قال: سمعت الفضل بن شاذان اخر عهدى به يقول: انا خلف لمن مضى، ادركت محمد بن ابى عمير وصفوان بن يحيى وغيرهما، وحملت عنهم منذ خمسين سنه، ومضى هشام بن الحكم(رحمهم  اللّه) وكان يونس بن عبدالرحمن(رحمهم  اللّه) خلفه كان يرد على المخالفين، ثم مضى يونس بن عبدالرحمن ولم يخلف خلفا غير السكاك، فرد على المخالفين حتى مضى(رحمهم  اللّه)، وانا خلف لهم من بعدهم(رحمهم  اللّه).
واما الاخبار الذامه له فهى عباره عن روايتين:
الروايه الاولى: ابو عمرو الكشى قال: قال ابو الحسن على بن محمد بن قتيبه، ومما رقع عبد اللّه بن حمدويه، وكتبته عن رقعته: ان اهل نيسابور قد اختلفوا فى دينهم، وخالف بعضهم بعضا، ويكفر بعضهم بعضا، وبها قوم يقولون ان النبى صلى الله عليه واله وسلم عرف جميع لغات اهل الارض ولغات الطيور وجميع ما خلق اللّه، وكذلك لابد ان يكون فى كل زمان من يعرف ذلك، ويعلم ما يضمر الانسان، ويعلم ما يعمل اهل كل بلاد فى بلادهم ومنازلهم، واذا لقى طفلين يعلم ايهما مومن وايهما يكون منافقا، وانه يعرف اسماء جميع من يتولاه فى الدنيا واسماء ابائهم، واذا راى احدهم عرفه باسمه من قبل ان يكلمه.
ويزعمون جعلت فداك، ان الوحى لا ينقطع، والنبى صلى الله عليه واله وسلم لم يكن عنده كمال العلم ولا كان عند احد من بعد، واذا حدث الشى ء فى اى زمان كان ولم يكن علم ذلك عند صاحب الزمان: اوحى اللّه اليه واليهم.
فقال: كذبوا - لعنهم اللّه - وافتروا اثما عظيما.
وبها شيخ يقال له الفضل بن شاذان، يخالفهم فى هذه الاشياء وينكر عليهم اكثرها، وقوله: شهاده ان لا اله الا اللّه، وان محمدا رسول اللّه، وان اللّه عز وجل فى السماء السابعه فوق العرش، كما وصف نفسه عز وجل، وانه جسم، فوصفه بخلاف المخلوقين فى جميع المعانى، ليس كمثله شى ء وهو السميع البصير.
وان من قوله: ان النبى صلى الله عليه واله وسلم قد اتى بكمال الدين، وقد بلغ عن اللّه عز وجل ما امره به، وجاهد فى سبيله، وعبده حتى اتاه اليقين، وانه صلى الله عليه واله وسلم اقام رجلا يقوم مقامه من بعده، فعلمه من العلم الذى اوحى اللّه اليه، يعرف ذلك الرجل الذى عنده من العلم الحلال والحرام وتاويل الكتاب وفصل الخطاب. وكذلك فى كل زمان لابد من ان يكون واحد يعرف هذا، وهو ميراث من رسول اللّه صلى الله عليه واله وسلم يتوارثونه، وليس يعلم احد منهم شيئا من امر الدين الا بالعلم الذى ورثوه عن النبى صلى الله عليه واله وسلم، وهو ينكر الوحى بعد رسول اللّه صلى الله عليه واله وسلم.
فقال: قد صدق فى بعض وكذب فى بعض. وفى اخر الورقه: قد فهمنا رحمك اللّه كلما ذكرت، ويابى اللّه عز وجل ان يرشد احدكم وان نرضى عنكم وانتم مخالفون معطلون، الذين لا يعرفون اماما ولا يتولون وليا، كلمات لاقاكم اللّه عز وجل برحمته واذن لنا فى دعائكم الى الحق وكتبنا اليكم بذلك وارسلنا اليكم رسولا، لم تصدقوه! فاتقوا اللّه عباد اللّه، ولا تلجوا فى الضلاله من بعد المعرفه.
واعلموا ان الحجه قد لزمت اعناقكم، فاقبلوا نعمته عليكم، تدم لكم بذلك سعاده الدارين عن اللّه عز وجل ان شاء اللّه.
وهذا الفضل بن شاذان ما لنا وله، يفسد علينا موالينا، ويزين لهم الاباطيل، وكلما كتبنا اليهم كتابا اعترض علينا فى ذلك؟! وانا اتقدم اليه ان يكف عنا، والا - واللّه -سالت اللّه ان يرميه بمرض لا يندمل جرحه منه فى الدنيا ولا فى الاخره. ابلغ موالينا - هداهم اللّه - سلامى، واقراهم بهذه الرقعه ان شاء اللّه.
واجاب المحققون عن هذه الروايه:
اولا: عدم توثيق الراوى فيها وهو على بن محمد بن قتيبه، وعليه فالروايه لا يعتمد عليها.
ثانيا: اضطراب العباره المنسوبه اليه عليه السلام فى قوله: (لا يندمل جرحه لا فى الدنيا ولا فى الاخره)، اذ لا معنى لاندمال الجرح فى الاخره.
ثالثا: انه على تقدير صحه الروايه فانها مشتمله على مجرد عتاب وايعاد منه عليه السلام لا ايقاع، فيعلم انه لم يبق مصرا على خلافه، لترحمه عليه فى قصه بورق.
مع ان سبيل الخبر سبيل اخبار ذم صفوان وابن سنان التى اعقبتها اخبار مدح وثناء، حيث قال عنهما الامام الجواد عليه السلام: (رضى اللّه عنهما برضاي عنهما، فما خالفانى قط).
الروايه الثانيه:
قال احمد بن يعقوب ابو على البيهقى(رحمهم  اللّه): اما ما سالت من ذكر التوقيع الذى خرج فى الفضل بن شاذان ان مولانا عليه السلام لعنه بسبب قوله بالجسم، فانى اخبرك ان ذلك باطل، وانما كان مولانا عليه السلام انفذ الى نيسابور وكيلا من العراق كان يسمى ايوب بن الناب، يقبض حقوقه، فنزل بنيسابور عند قوم من الشيعه ممن يذهب مذهب الارتفاع والغلو والتفويض، كرهت ان اسميهم.
فكتب هذا الوكيل: يشكو الفضل بن شاذان بانه يزعم انى لست من الاصل، ويمنع الناس من اخراج حقوقه، وكتب هولاء النفر ايضا الى الاصل الشكايه للفضل، ولم يكن ذكروا الجسم ولا غيره، وذلك التوقيع خرج من يد المعروف بالدهقان ببغداد فى كتاب عبد اللّه بن حمدويه البيهقى، وقد قراته بخط مولانا عليه السلام.
والتوقيع هذا: (الفضل بن شاذان ما له ولموالى يوذيهم ويكذبهم؟! وانى لاحلف بحق ابائى لئن لم ينته الفضل بن شاذان عن هذا لارمينه بمرماه لا يندمل جرحه منها فى الدنيا ولا فى الاخره).
وكان هذا التوقيع بعد موت الفضل بن شاذان بشهرين فى سنه ستين ومئتين. قال ابو على: والفضل بن شاذان كان برستاق بيهق، فورد خبر الخوارج فهرب منهم، فاصابه التعب من خشونه السفر، فاعتل ومات منه، وصليت عليه.
وقد اجيب عن هذه الروايه ايضا:
اولا: ان التوقيع المتقدم كان مخرجه المعروف بالدهقان، وهو عروه بن يحيى الكذاب الغالى الذى كان يكذب على العسكرى وابيه عليهما السلام.
ثانيا: ان تاريخ خروج هذا التوقيع كان بعد وفاه الفضل بشهرين، وذلك فى سنه (260هـ)، مما يدل على كذب الدهقان فيه.
ثالثا: اشتماله على عباره (لا يندمل جرحه لا فى الدنيا ولا فى الاخره) التى عرفنا اضطرابها.
وعلى كل حال، فانه لم يتوقف احد فى توثيق الفضل، ولم يابه احد بمثل هذه الاخبار الذامه، حتى ان العلامه ذكر ان هذا الشيخ اجل من ان يغمز عليه، فانه رئيس طائفتنا(رضى  اللّه)، واعتبر المامقانى سقوط هذه الاخبار كنار على علم.
وتتميما للفائده واستيفاءا للغرض ننقل ما افاده صاحب تنقيح المقال، لكونه جامعا لما ذكرناه من نقد هذه الاخبار وغيرها من النكات المهمه، قال(قدس  سره):
والجواب عنها - بعد الغض عن اسانيدها-:
اولا: ان كون التوقيعين المزبورين خط الامام عليه السلام غير معلوم، كما نبه عليه فى التحرير الطاوسى بقوله: يمكن ان يكون الخط خط غير الامام عليه السلام، والظن بانه خط الامام عليه السلام لا يغنى من الحق شيئا، وربما يوجب الحسد وضع ذلك لتنقيص الفضل، كما لوح الى ذلك ابو محمد عليه السلام بقوله -فى خبر البوزجانى: وكان يغبط اهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان وكونه بين اظهرهم، وقد سمعت من الامام رد من ادعى كون مرض الفضل من دعائه عليه السلام، وسمعت ايضا ان مرضه نشا من تعبه فى الفرار من الخوارج. وفى اخر كلام الكشى كلام يتضمن الجواب عن التوقيع ونحوه، وهو قوله: وقف بعض من يخالف يونس والفضل وهشاما قبلهم فى اشياء، واستشعر فى نفسه بغضهم وعداوتهم وشنئهم (وسامتهم خ ل) على هذه الرقعه، وطابت نفسه وفتح عينيه، وقال: ينكر طعننا على الفضل، وهذا امامه قد اوعده وهدده وكذب بعض وصف ما وصف، وقد نور الصبح لذى عينين. فقلت له: اما الرقعه فقد عاتب الجميع وعاتب الفضل خاصه وادبه ليرجع عما عصى، قد اتاه من لا يكون معصوما، واوعده ولم يفعل شيئا من ذلك، بل ترحم عليه فى حكايه بورق، وقد علمت ان ابا الحسن الثانى وابا جعفر ابنه بعده صلوات اللّه عليهما قد اقر احدهما وكلاهما صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان وغيرهما لم يرض بعد عنهما، ومدحهما وابو محمد الفضل(رحمهم  اللّه) من قوم لم يعرض له بمكروه بعد العتاب، على انه قد ذكر ان هذه الرقعه وجميع ما كتب به الى ابراهيم بن عبده كان مخرجهما من العمرى وناحيته، واللّه المستعان، انتهى.
ولقد اجاد الفاضل المجلسى الاول حيث قال- فيما نقله عنه سبط المولى الوحيد(رحمهم  اللّه) -: الظاهر ان ذمه لشهرته كزراره، مع ان الشهره يلزمها امثال هذه للحسد، فانه ذكر العامه ان البخارى لما صنف صحيحه فى كش جاء الى سمرقند فازدحم عليه المحدثون اكثر من مئه الف محدث، وكان يحدثهم على المنبر، فحسده مشايخ سمرقند واحتالوا لدفعه، فسمعوا ان البخارى يرى حدوث القران، وكان اكثرهم اشاعره، فساله واحد منهم: ما يقول شيخنا فى القران قديم او حادث؟ فقرا: (ما ياتيهم من ذكر من ربهم محدث...) الايه، فلما سمعوا ذلك منه قال علماء سمرقند: هذا كفر، فرموه بالحجاره والنعال، فاخذه محبوه واخرجوه منها خفيه، فجاء الى بخارى فاجتمع عليه اكثر من سمرقند، وفعلوا به ما فعلوا به فى سمرقند، ثم جاء الى نيشابور فى ايام الفضل بن شاذان فاجتمع عليه المحدثون قريبا من ثلاثمئه الف محدث، ثم فعلوا به ما فعلوا به فيهما، ثم جاء الى بغداد واجتمع عليه المحدثون وسالوا منه مئه حديث، وحذف كل واحد منهم حرفا، او بدلوا الفا بالواو او بالعكس، او نقلوا بالمعنى، او علقوا اسناد خبر الى اخر وامثالها وسالوا عنها فاجاب الجميع بانى لا اعرفها، ثم ابتدا بالاول فالاول. وقال: اما حديثك فاعرفه هكذا وقراه من الحفظ صحيحا حتى اتى على اخرها، فاجمعوا على انه ثقه حافظ ليس احفظ منه، واعتبروا كتابه واشتهر.
ثم قال المجلسى: فلا يستبعد ذلك من اصحابنا ايضا، فكيف كان بين اظهرهم وكانت العامه معادين له فى الدين والخاصه للدنيا والاعتبار مع ان رواه القدح ضعفاء! على انه يمكن ان يكون الفضل مثابا فى الاخبار التى نقلوها له من المعصومين عليهم السلام وردها الفضل لظنه الغلو، وكانوا مثابين لكونهم سمعوها من المعصومين عليهم السلام، وكونها مطابقه للاخبار التى نقلها مشايخنا المعظمون فى كتبهم عن المعصومين عليهم السلام الى ان نقل -اعنى المجلسى(رحمهم  اللّه) - روايتين متضمنتين لانه لو عرض علم سلمان على مقداد لكفره. ثم قال: والحق ان مراتب العلوم متفاوته، فيمكن ان يكون انكار الفضل لاخبارهم لعدم ادراكه، او لخوف الفضل ان يكفر العوام بالغلو، كما ورد فى الاخبار الكثيره: ان حدثوهم بما يعلمون او بما يفهمون. انتهى كلامه علا مقامه. وهو كلام موجه متين.
واقول: ربما يشهد بكون الرقعه فى ذمه مجعوله قول الكشى او البيهقى بعد نقلها: انه كان هذا التوقيع بعد موت الفضل بن شاذان بشهرين، وذلك فى سنه ستين ومئتين، ضروره انه اذا كان الفضل حينئذ متوفيا لم يبق محل لقوله: (لئن لم ينته الفضل عن مثل ذلك لارمينه...الخ). وبالجمله فسقوط الاخبار الذامه كنار على علم).
نشأته وبيئته:
ليس فيما نملكه من معلومات حول بدايات نشاه المترجم له ما يلقى الضوء على الخطوط التفصيليه للادوار الاولى لحياته وما اكتنفها من ملابسات، الا ان ثمه معلومات يسيره تكشف عن بدايات نشاته فى دراسه العلوم الشرعيه، وتعرفه على الحسن بن على بن فضال الذى كان من خواص الرضا عليه السلام، والموصوف بجلاله القدر وعظيم المنزله والزهد والورع والوثاقه.
والمستند فى ذلك هو ما اورده النجاشى فى ترجمه ابن فضال فى حديث عن ابن شاذان فصل فيه قصه تعرفه على ابن فضال ولحوقه به فى الكوفه وقرائته عليه كتاب ابن بكير، وكذلك يتضمن الخبر قراءته فى مبتدا امره على يد اسماعيل بن عباد فى مسجد الربيع فى قطيعه الربيع. ونص الخبر - كما اورده النجاشى نقلا عن الكشى- ما يلى:
قال ابو عمرو: قال الفضل بن شاذان: كنت فى قطيعه الربيع فى مسجد الربيع اقرا على مقرى يقال له اسماعيل بن عباد، فرايت قوما يتناجون، فقال احدهم: بالجبل رجل يقال له ابن فضال اعبد من راينا او سمعنا به، قال: فانه ليخرج الى الصحراء فيسجد السجده، فيجى ء الطير فيقع عليه فما يظن الا انه ثوب او خرقه، وان الوحش لترعى حوله فما تنفر منه، لما قد انست به، وان عسكر الصعاليك ليجيئون يريدون الغاره او قتال قوم، فاذا راوا شخصه طاروا فى الدنيا فذهبوا.
قال ابو محمد: فظننت ان هذا رجل كان فى الزمان الاول، فبينا انا بعد ذلك بيسير قاعد فى قطيعه الربيع مع ابى(رحمهم  اللّه) اذ جاء شيخ حلو الوجه حسن الشمائل، عليه قميص نرسى ورداء نرسى، وفى رجله نعل مخصر، فسلم على ابى، فقام اليه ابى فرحب به وبجله، فلما ان مضى يريد ابن ابى عمير قلت: من هذا الشيخ؟ فقال: هذ الحسن بن على بن فضال، قلت: هذا ذلك العابد الفاضل؟ قال: هو ذاك، قلت: ليس هو ذاك، ذاك بالجبل! قال: هو ذاك كان يكون بالجبل، قال: ما اغفل عقلك من غلام! فاخبرته بما سمعت من القوم فيه، قال: هو ذاك.
فكان بعد ذلك يختلف الى ابى، ثم خرجت اليه بعد الى الكوفه، فسمعت منه كتاب ابن بكير وغيره من الاحاديث، وكان يحمل كتابه ويجى ء الى الحجره فيقراه على. فلما حج ختن طاهر بن الحسين وعظمه الناس لقدره وماله ومكانه من السلطان وقد كان وصف له، فلم يصر اليه الحسن، فارسل اليه: احب ان تصير الى فانه لا يمكننى المصير اليك، فابى، وكلمه اصحابنا فى ذلك، فقال: ما لى ولطاهر، ولا اقربهم، ليس بينى وبينهم عمل، فعلمت بعد هذا (بعدها) ان مجيئه الى كان لدينه.
وكان مصلاه بالكوفه فى الجامع عند الاسطوانه التى يقال لها السابعه، ويقال لها اسطوانه ابراهيم عليه السلام.
وكان يجتمع هو وابو محمد الحجال وعلى بن اسباط، وكان الحجال يدعى الكلام، وكان (فكان) من اجدل الناس، فكان (وكان) ابن فضال يغرى بينى وبينه فى الكلام فى المعرفه، وكان يجيبنى جوابا سديدا.
وهذا النص يسلط الضوء على جانب من نشاه الفضل العلميه وانها كانت فى بدايه الامر فى قطيعه الربيع ثم التحق بعد ذلك بالكوفه. وقد كانت قطيعه الربيع - بالكرخ من بغداد - مركزا هاما لتلقى الحديث والفقه تخرج منه عشرات المحدثين سيما من الجمهور، كما يظهر هذا من تراجم كثيرين ممن ترجم لهم الخطيب البغدادى فى تاريخه.
والمراد بالربيع الذى نسبت اليه هذه القطعيه هو (الربيع بن يونس حاجب المنصور ومولاه، وهو والد الفضل وزير المنصور. وكانت قطيعه الربيع بالكرخ مزارع الناس من قريه يقال لها بياورى من اعمال بادوريا، وهما قطيعتان خارجه وداخله، فالداخله اقطعه اياها المنصور، والخارجه اقطعه اياها المهدى، وكان التجار يسكنونها حتى صارت ملكا لهم دون الربيع).
وعلى كل حال، فان لهاتين البيئتين (بغداد والكوفه) الاثر البالغ فى تكوين وتنضيج شخصيه الفضل، اذ ان معظم مشايخه العظام - كيحيى بن صفوان وابن ابى عمير ومحمد بن اسماعيل بن بزيع ويونس بن عبدالرحمن - كانوا من الكوفه او بغداد.
واما بيئته ومجتمعه فى نيسابور - التى انتقل اليها بعد مده دراسته واخذه عن مشايخه فى الكوفه وبغداد - فقد كانت معهدا علميا كبيرا فى العالم الاسلامى انذاك، قد خرج منها من ائمه العلم من لا يحصى كما نص عليه الحموى، وقد وصفها هو بانها (مدينه عظيمه ذات فضائل جسيمه، معدن الفضلاء ومنبع العلماء، لم ار فيما طوفت من البلاد مدينه كانت مثلها)، بل ان الفاضل المجلسى قد نقل وجود ثلاثمئه الف محدث فيها فى زمن الفضل كما سمعته فى قضيه ورود البخارى الى نيسابور.
وقد ضم المجتمع النيسابورى مذاهب عديده، شكلت المذاهب السنيه فيها الاغلبيه الساحقه وكان للشيعه وعلمائها ووكلاء الائمة عليهم السلام فيها حضور ايضاً.
ولا ريب فى ان يكون لفقيه لامع ومتكلم بارع كالفضل الدور الفاعل والاداء المطلوب فى النهوض بالمسووليه العلميه التى على عاتقه لترسيخ دعائم الحق.
ومن هنا فقد جاءت مصنفات الفضل منسجمه مع الهدف المذكور، ومتاثره بالجو العلمى فى نيسابور، المتلون بمختلف العقائد والاراء والفرق، وهذا ما سوف نعود اليه عند البحث فى البعد الكلامى من شخصيه الفضل بن شاذان.
واما اسفاره فلم يتضح لنا شى ء عنها سوى ما نقله الكشى فى ترجمه محمد بن ابى عمير عن سفره الى العراق قال: وجدت فى كتاب ابى عبد اللّه الشاذانى بخطه: سمعت ابا محمد الفضل بن شاذان يقول: دخلت العراق فرايت واحدا يعاتب صاحبه ويقول له: انت رجل عليك عيال وتحتاج ان تكتسب عليهم، وما امن ان تذهب عيناك لطول سجودك، فلما اكثر عليه، قال: اكثرت على، ويحك! لو ذهبت عين احد من السجود لذهبت عين ابن ابى عمير، ما ظنك برجل سجد سجده الشكر بعد صلاه الفجر فما رفع راسه الا عند زوال الشمس.
بيد انه لم يعلم الوقت الذى وقع فيه هذا السفر وفى اى بلد من العراق، ولا يبعد ان يكون ذلك ببغداد لمقام ابن عمير فيها.
وقد دخل الفضل الى واسط ايضا، كما صرح به هو فى ترجمه هشام بن الحكم، حيث ذكر انه راى داره بواسط.
مشايخه:
لقد تميزت مشيخه الفضل بن شاذان بوجود نخبه من اعيان اصحاب الائمة عليه السلام والرواه عنهم. ونحن نذكر طائفه من هولاء المشايخ العظام:
1 - محمد بن ابى عمير الازدى: قال النجاشى فى حقه: جليل القدر عظيم المنزله فينا وعند المخالفين. وقال عنه ايضا: لقى ابا الحسن موسى عليه السلام وسمع منه احاديث، وروى عن الرضا عليه السلام.
لقاه الفضل وروى عنه، وكان ذلك فى ايام شيخوخه ابن ابى عمير عليه الرحمه وبعد قضيه تعذيبه وضربه من قبل هارون الرشيد.
وقد كان اول لقاء به فى دار ابن ابى عمير عندما زاره هو وابوه شاذان، فتعرف حينذاك على محمد بن ابى عمير.
قال الفضل: اخذ يوما شيخى بيدى وذهب بى الى ابن ابى عمير، فصعدنا اليه فى غرفه وحوله مشايخ له يعظمونه ويبجلونه، فقلت لابى: من هذا؟ قال: هذا ابن ابى عمير، قلت: الرجل الصالح العابد؟ قال: نعم.
والظاهر من هذه الروايه ان الفضل لم يكن يعرف ابن ابى عمير قبل هذا اللقاء، وقد كان هذا اللقاء فى دار ابن ابى عمير ببغداد، لانه كان بغدادى الاصل والمقام.
وحدث الفضل ايضا عن ابن ابى عمير بقصه ضربه وما جرى له فيها فقال: سمعت ابن ابى عمير يقول: لما ضربت فبلغ الضرب مئه سوط ابلغ الضرب الالم الى، فكدت ان اسمى، فسمعت نداء محمد بن يونس بن عبدالرحمن يقول: يا محمد بن ابى عمير، اذكر موقفك بين يدى اللّه تعالى، فتقويت بقوله فصبرت ولم اخبر والحمد للّه. قال الفضل: فاضر به فى هذا الشان اكثر من مائه الف درهم.
وقد اشير الى شطر من رواياته عنه فى قسم الطبقات من معجم رجال الحديث (المجلد 13)، مات محمد بن ابى عمير سنه (217هـ).
2 - صفوان بن يحيى: وله روايات عنه فى الاستبصار والتهذيب.
روى الكشى عن جعفر بن معروف قال: حدثنى سهل بن بحر الفارسى قال: سمعت الفضل بن شاذان اخر عهدى به يقول: انا خلف لمن مضى، ادركت محمد بن ابى عمير وصفوان بن يحيى وغيرهما، وحملت عنهم منذ خمسين سنة.
وكان صفوان كوفيا، وقد توفى سنه (210هـ).
3 - يونس بن عبدالرحمن (المتوفى 208هـ): والظاهر انه قليل الروايه عنه، ومن رواياته عنه ما رواه فى الكافى المجلد السابع، كتاب الوصايا، الباب 5، ذيل الحديث 3. وقد كان يونس وجها متقدما عظيم المنزله، قد روى عن ابى الحسن موسى والرضا عليهما السلام، وكان الرضا عليه السلام يشير اليه فى الفتيا والعلم.
4 - ابوه شاذان بن الخليل: نص عليه الكشى، وله روايات عنه فى الكتب الاربعه وغيرها، وهو من اصحاب الجواد عليه السلام.
5 - الحسن بن محبوب.
6 - الحسن بن على بن فضال (المتوفى 224هـ).
7 - محمد بن اسماعيل بن بزيع: من اصحاب الكاظم والرضا والجواد عليهم السلام، كوفى ثقه صحيح.
8 - محمد بن سنان: كوفى، توفى سنه (220هـ)، وهو رجل ضعيف لا يعول عليه، ولا يلتفت الى ما تفرد به، ولذا لم يحل الفضل بن شاذان الروايه عنه.
9 - فضاله بن ايوب: كان ثقه فى حديثه مستقيما فى دينه، قد روى عن ابى الحسن موسى عليه السلام، وكان قد سكن الاهواز.
10 - عثمان بن عيسى: ابو عمرو العامرى، او الكلابى، كان شيخ الواقفه ووجهها، واحد المستبدين باموال موسى بن جعفر عليهما السلام، ثم تاب وبعث المال للرضا عليه السلام، وترك منزله بالكوفه، واقام بالحائر لرويا راها.
تلامذته والرواة عنه:
1 - على بن محمد بن قتيبه النيسابورى: قال النجاشى فيه: عليه اعتمد ابو عمرو الكشى فى كتابه الرجال. صاحب الفضل بن شاذان وراويه كتبه. له كتب منها: كتاب يشتمل على ذكر مجالس الفضل مع اهل الخلاف.
وقال السيد الداماد(قدس  سره) عنه وعن محمد بن اسماعيل الاتى انهما تلميذا الفضل، وحديث كل منهما يعد صحيحاً.
2 - محمد بن اسماعيل ابو الحسن النيسابورى البندقى، يدعى بندفر: يروى عنه الكلينى والكشى.
3 - نصر بن الصباح ابو القاسم البلخى: غالى المذهب، وروى عنه الكشى.
4 - على بن شاذان: وقد روى ابنه ابو نصر عنه عن الفضل. ذكره الشيخ فى طريقه الى ابن شاذان.
5 - محمد بن احمد بن نعيم بن شاذان.
6 - جعفر بن معروف: من مشايخ الكشى، من اهل كش، وكان وكيلا مكاتبا. ذكره الشيخ فى من لم يرو عنهم. يروى تاره عن الفضل بواسطه سهل بن بحر الفارسى، وتاره بلا واسطه.
7 - عبد اللّه بن حمدويه البيهقى.
8 - على بن محمد الحداد: يكنى ابا الحسن، وهو صاحب كتب الفضل، وروى عنه التلعكبرى اجازه.
9 - سهل بن بحر الفارسى: كان مقيماً بكش. ذكره الشيخ فى من لم يرو عنهم عليهم السلام.
10 - ابو محمد القماص الحسن بن علويه.
وهناك جمله اخرى من الرواه عنه لم نتعرض لهم للاختصار.
آثاره العلمية:
تميز العطاء العلمى للفضل بن شاذان بالوفره والكثره وفى مختلف الاتجاهات والعلوم، وقد بلغت مولفاته وكتبه مئه وثمانين مولفا، ولم يبق منها شى ء حتى اليوم سوى كتاب (الايضاح).
وقد اقر الامام العسكرى عليه السلام بعض كتبه عند عرضه عليه، وهو كتاب (يوم وليله) حيث قام بعرضه (بورق البوشنجانى) عند توجهه الى سامراء. قال بورق: دخلت على ابى محمد عليه السلام واريته ذلك الكتاب، فقلت له: جعلت فداك، ان رايت ان تنظر فيه، فلما نظر فيه وتصفحه ورقه ورقه قال: هذا صحيح ينبغى ان يعمل به، ثم ترحم على الفضل بعد ذلك.
والظاهر وصول كتبه الى زمن الشيخ الطوسى ومن بعده، حيث ان للشيخ كتاب النقض على ابن شاذان فى مساله الغار، كما ان كتاب الغيبه للفضل قد وصل للسيد على بن عبدالحميد، وهو ينقل عن اصل هذا الكتاب.
ويعود السبب فى انتشار كتبه وروايتها الى وجود من تحمل روايه كتبه وبثها، ومن هولاء: على بن محمد الحداد، نص عليه الشيخ وقال: انه صاحب كتب الفضل بن شاذان، وعلى بن محمد بن قتيبه تلميذ الفضل وصاحبه، وابو عبد اللّه محمد بن نعيم بن شاذان المعروف بالشاذانى، وهو ابن اخ الفضل، قد روى كتبه، ورواها عنه حيدر بن شعيب بن عيسى الطالقانى نزيل بغداد.
ونحن نسرد من كتبه ما اورده النجاشى ثم ما زاده الشيخ عليه فى الفهرست:
قال النجاشى: وذكر الكنجى انه صنف مئه وثمانين كتابا، وقع الينا منها:
1 - كتاب النقض على الاسكافى فى تقويه الجسم.
2 - كتاب العروس وهو كتاب العين.
3 - كتاب الوعيد.
4 - كتاب الرد على اهل التعطيل.
5 - كتاب الاستطاعه.
6 - كتاب مسائل فى العلم.
7 - كتاب الاعراض والجواهر، - وفى الفهرست: كتاب النقض على من يدعى الفلسفه فى التوحيد والاعراض والجواهر والجزء-.
8 - كتاب العلل.
9 - كتاب الايمان.
10 - كتاب الرد على الثنويه.
11 - كتاب اثبات الرجعه.
12 - كتاب الرجعه حديث.
13 - كتاب الرد على الغاليه المحمديه.
14 - كتاب تبيان اصل الضلاله.
15 - كتاب الرد على محمد بن كرام.
16 - كتاب التوحيد فى كتب اللّه، - وفى فهرست الشيخ: كتاب التوحيد من كتب اللّه المنزله الاربعه، وهو كتاب الرد على يزيد بن بزيع الخارجى-.
17 - كتاب الرد على احمد بن الحسين - وفى الفهرست للشيخ: كتاب الرد على احمد بن يحيى، ولعله نفس هذا الكتاب-.
18 - كتاب الرد على الاصم.
19 - كتاب فى الوعد والوعيد اخر.
20 - كتاب الرد على البيان (اليمان ظ) بن رئاب - وفى فهرست الشيخ: يمان بن رباب الخارجى-.
21 - كتاب الرد على الفلاسفه.
22 - كتاب محنه الاسلام.
23 - كتاب السنن.
24 - كتاب الاربع مسائل فى الامامه.
25 - كتاب الرد على المنانيه - وفى النسخه الحجريه الرد على المثلثه-.
26 - كتاب الفرائض الكبير.
27 - كتاب الفرائض الاوسط.
28 - كتاب الفرائض الصغير.
29 - كتاب المسح على الخفين.
30 - كتاب الرد على المرجئه.
31 - كتاب الرد على القرامطه - وفى الفهرست: على الباطنيه والقرامطه-.
32 - كتاب الطلاق.
33 - كتاب مسائل البلدان.
34 - كتاب الرد على البائسه.
35 - كتاب اللطيف - وفى بعض النسخ الحجريه: اللطف-.
36 - كتاب القائم عليه السلام.
37 - كتاب الملاحم.
38 - كتاب حذو النعل بالنعل.
39 - كتاب الامامه كبير.
40 - كتاب فضل امير المومنين عليه السلام.
41 - كتاب معرفه الهدى والضلاله.
42 - كتاب التعرى -وفى الحجريه: التعزى- والحاصل.
43 - كتاب الخصال فى الامامه.
44 - كتاب المعيار والموازنه.
45 - كتاب الرد على الحشويه.
46 - كتاب النجاح فى عمل شهر رمضان.
47 - كتاب الرد على الحسن البصرى فى التفضيل.
48 - كتاب النسبه بين الجبريه والثنويه -وفى النسخه الحجريه: الخيريه والشريه-.
اخبرنا ابو العباس بن نوح قال: حدثنا احمد بن جعفر قال: حدثنا احمد بن ادريس بن احمد قال: حدثنا على بن احمد بن قتيبه النيشابورى (النيسابورى) عنه بكتبه، وزاد الشيخ فى الفهرست:
49 - المسائل والجوابات.
50 - كتاب المتعتين: متعه النساء ومتعه الحج.
51 - المسائل فى العالم وحدوثه - ولعله نفس كتاب (مسائل العلم) المتقدم فى كلام النجاشى.
52 - كتاب الرد على الغلاه، ولعله نفس المعنون فى كلام النجاشى ب (الرد على الغاليه المحمديه).
53 - كتاب الرد على الدامغه الثنويه.
54 - كتاب الحسنى.
55 - كتاب الرد على المثلثه.
56 - كتاب الرد على ابى عبيد فى الطلاق، ولعله نفس كتاب الطلاق المذكور فى كلام النجاشى.
57 - كتاب جمع فيه مسائل متفرقه للشافعى وابى ثور والاصفهانى وغيرهم، سماها تلميذه على بن محمد بن قتيبه: كتاب الديباج.
58 - كتاب التنبيه فى الجبر والتشبيه. ثم قال الشيخ: (وله غير ذلك مصنفات كثيره لم تعرف اسماوها -الى ان قال:- وذكر ابن النديم: ان له على مذهب العامه كتبا كثيره، منها:
59 - كتاب التفسير.
60 - كتاب القراءه.
61 - كتاب السنن فى الفقه، وان لابنه العباس كتبا.
واظن ان هذا الذى ذكره الفضل بن شاذان الرازى الذى تروى عنه العامه.
اخبرنا بكتبه ورواياته هذه (وذكر طريقين للفضل):
1 - ابو عبد اللّه المفيد(رحمه  اللّه) عن محمد بن على بن الحسين بن بابويه، عن محمد بن الحسن، عن احمد بن ادريس، عن على بن محمد بن قتيبه، عنه.
2 - محمد بن على بن الحسين بن بابويه، عن حمزه بن محمد العلوى، عن ابى نصر قنبر بن على بن شاذان، عن ابيه، عنه).
والملاحظ لمجموع هذه المولفات يدرك ان الطابع العام فيها يتسم بالعنايه فيما اختلف فيه الفريقان فى الكلام والفقه. وسوف نتوقف عند هذه النقطه بشى ء من التحليل والبحث.
واما كتاب (الايضاح) الموجود فعلا بايدينا فلا شك فى نسبته الى الفضل ابن شاذان، الا انه لم يرد نص عليه فى مصدر من المصادر الموجوده. كما ان تسميته بالايضاح لم ترد فى كلام مولفه فيه على الاطلاق، الا ان كل ذلك لا يبعد ان تكون التسميه من مولفه وان لم ينص عليه لا فى مطاوى بحوثه ولا فى فهرستى الشيخ والنجاشى. وان كان عدم ذكرهما له مع شهره هذا الكتاب وتنوع بحوثه وفوائدها الغزيره امرا لا يكاد يخلو من الغرابه.
نعم ثمه احتمال قواه البعض فى ان يكون كتاب الديباج - الذى قال عنه الشيخ: جمع فيه مسائل متفرقه للشافعى وابى ثور والاصفهانى وغيرهم سماها تلميذه على بن محمد بن قتيبه: كتاب الديباج - هو نفس كتاب الايضاح، لاتفاق وصفه مع ما ذكره الشيخ فى اشتمال مسائله على ما عده فى كلامه، وللتقارب بين اللفظتين.
الا انه يمكن تضعيف هذا الاحتمال بامور:
الاول: ان الظاهر من نعت الشيخ لمحتوى كتاب الديباج انه فى الفقه، لاشتماله على ذكر مسائل من ذكره من فقهاء العامه، والايضاح فيه من الفقه والكلام والحديث وغيرها، بل يغلب عليه الكلام والمحاججه.
الثانى: انه لم يرد فى مقدمه كتاب الايضاح ولا فى تضاعيفه تصريح او تلويح بمثل ما ذكره الشيخ الطوسى من تبرع تلميذ الفضل بتسميته، مع ان المناسب فى مثل هذه الموارد التنويه بذلك حفظا للامانه، خصوصا من مثل تلميذ المولف!
الثالث: انه لم يتعرض لمثل هذا الاحتمال احد من ارباب الفن كالنجاشى والشيخ الطوسى.
البعد الاصولى:
ولا نقصد بالطبع حاله الاكتمال والنضج فى هذا البعد، بل المراد وجود موشرات وجذور قديمه لبعض مسائل هذا البعد فى عصر اصحاب الائمه عليه السلام، حيث بحث البعض منهم مباحث الالفاظ وبحث التعارض وغيرها، وربما يكون المدخل فى بعض تلك المسائل هو علم الكلام، اى ان طبيعه البحث قد انطلقت وبحثت ضمن اطار مسائل علم الكلام، الا انها من زاويه اخرى تعد من المبادى التصديقيه فى مسائل علم الاصول، ومن تلك المسائل مساله اجتماع الامر والنهى التى اثارت جدلا عند المسلمين بين مانع ومجوز، وقد ذهب اكثر الاشاعره الى الجواز، وهو مختار الفضل من قدمائنا والسيد المرتضى وجمله من فحول المتاخرين، بل فى القوانين: ان الظاهر من كلام الفضل ان ذلك كان من مسلمات الشيعه، والقول بعدم الجواز هو المنقول عن اكثر اصحابنا والمعتزله.
والظاهر انه ليس للفضل بن شاذان مصنف فى هذه المساله، وانما اورد رايه الشيخ الكلينى فى بحث الطلاق، حيث نقل عنه القول بصحه الصلاه فى الدار المغصوبه، وانه قال: وانما قياس الخروج والاخراج (للمعتده الرجعيه من بيتها) كرجل داخل دار قوم بغير اذنهم فصلى فيها، فهو عاص فى دخوله الدار وصلاته جائزه، لان ذلك ليس من شرائط الصلاه، لانه منهى عن ذلك صلى او لم يصل.
قال الفاضل التونى فى توضيح كلام الفضل المتقدم:
وغرضه: ان ما كانت الصلاه سببا للنهى عنه فاقترانه للصلاه مفسد لها، كالصلاه فى الثوب النجس، وما كان النهى فيه عاما غير مختص بالصلاه فاقترانه غير مفسد، كالصلاه فى الثوب المغصوب.
ابن شاذان والقول بالقياس:
قد نسب السيد المرتضى(قدس  سره) الى جمله من قدماء الاصحاب ونقله الاخبار منهم القول بالقياس، وعد منهم الفضل بن شاذان، ولم نقف على مستنده فى هذا القول.
نعم نسب الشيخ الصدوق رايا للفضل - فى مساله من مسائل الارث - الى القياس، وهذه المساله هى ما لو ترك الرجل ابن ابنه وابنه ابن وابوين، فحكم ان للابوين السدسين، وما بقى فلابنه الابن من ذلك الثلثان، ولابن الابنه منه الثلث، تقوم ابنه الابن مقام ابيها، وابن الابنه مقام امه.
قال الشيخ الصدوق بعد كلامه هذا: وهذا مما زل به قدمه عن الطريق المستقيمه، وهذا سبيل من يقيس.
ويمكن المناقشه فيما ذكره بما يلى:
اولا: ان ما ذهب اليه الفضل من عدم حجب الابوين ولد الولد عن الارث يمكن ان يكون قد استند فيه الى جمله من الادله التاليه:
1 - الكتاب العزيز: قوله تعالى: (يوصيكم اللّه فى اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين)، بناء على ان ولد الولد ولد حقيقه كما عن الاكثر، بل عن ابن ادريس الاجماع عليه، بل وعلى القول بالمجازيه فانه مراد هنا قطعا، لاجماع الفقهاء على الاستدلال بهذه الايه على اقتسام اولاد الابن نصيبهم للذكر ضعف الانثى، واحتجاجهم على بعض من شذ منهم فى قسمه ولد الانثى نصيبهم بالسويه، وما ذاك الا للاجماع على ان المراد بالولد هنا المعنى الاعم.
وقوله تعالى ايضا: (ولابويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد فان لم يكن له ولد وورثه ابواه فلامه الثلث)، فانه يعم ولد الولد. وقد حكى المرتضى وغيره الاجماع على ذلك.
وعليه، فاذا كان الولد حاجبا للابوين الى السدس لم يكن لهما معه جميع المال كما قاله الشيخ الصدوق.
2 - النصوص الوارده مثل: صحيح عبدالرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السلام قال: (بنات الابنه يرثن اذا لم تكن بنات كن مكان البنات).
وخبر اسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام: (ابن الابن يقوم مقام ابيه). على ان ما تمسك به الصدوق كخبر سعد بن ابى خلف وخبر عبدالرحمن بن الحجاج الاخر يمكن توجيههما بما يتفق وراى الفضل، وقد تعرض الشيخ الطوسى لبعض تلك الوجوه فقال:
فاما ما ذكره بعض اصحابنا - من ان ولد الولد لا يرث مع الابوين واحتجاجه فى ذلك بخبر سعد بن ابى خلف وعبدالرحمن بن الحجاج فى قوله: (ان ابن الابن يقوم مقام الابن اذا لم يكن للميت ولد ولا وارث غيره) قال: (ولا وارث غيره) انما هو الوالدان لا غير - فغلط، لان قوله عليه السلام: (ولا وارث غيره) المراد بذلك اذا لم يكن للميت الابن الذى يتقرب ابن الابن به او البنت التى تتقرب بنت البنت بها، ولا وارث له غيره من الاولاد للصلب غيرهما.
لما رواه عبدالرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السلام، قال: (ابن الابن اذا لم يكن من صلب الرجل احد قام مقام الابن) قال: (وابنه البنت اذا لم يكن من صلب الرجل احد قامت مقام البنت).
قال العلامه - معلقا على كلام الشيخ-: والظاهر ان قصد الشيخ بقوله: بعض اصحابنا، الصدوق، فانه قال بهذه المقاله الغريبه.
وثمه وجوه اخرى - غير ما ذكره الشيخ - يمكن حمل الاخبار عليها. ثانيا: ان قول الصدوق بالحجب مما انفرد به ولم يوافقه عليه احد، والاجماع منعقد على خلاف رايه، كما ادعاه فى الغنيه والكنز والتنقيح والقواعد.
ثالثا: ما افاده صاحب الجواهر فى مقام الرد على مقاله الشيخ الصدوق، حيث قال:
ان الصدوق(رحمهم  اللّه) صرح فى محكى الفقيه بمشاركه الجد لولد الولد، وغلط ما حكاه عن ابن شاذان من ان الجد كالاخ يرث حيث يرث ويسقط حيث يسقط، قال: (فان الجد يرث مع ولد الولد ولا يرث معه الاخ).
ومقتضى كلامه هذا وما تقدم من عدم ارث ولد الولد مع الابوين ان ولد الولد خارج عن الطبقه الاولى حيث لا يشاركها فى الارث، فيدخل فى الطبقه الثانيه ويشاركه الجد دون الاخ، مع ان من شان الطبقه مشاركه جميع اصنافها بعضهم لبعض، ولو جعل ولد الولد طبقه براسها وجب ان لا يشارك احدا من الطبقه الاولى ولا غيرها، مع ان الصدوق(رحمهم  اللّه) شرك بينه وبين الجد، وعلى هذا يختل نظام الطبقات التى استقر الاجماع عليها، بل كاد يكون من ضروريات المذهب، واللّه اعلم.
واخيرا فان الفضل قد صرح فى بعض مسائل الارث على ما نقله عنه الشيخ برفضه للقياس معلنا رايه فى ذلك واصفا القياس بانه من فعل ابليس الذى ضل به واضل.
البعد الفقهى:
لا شك ان الفضل بن شاذان(قدس سره) يعد احد ابرز فقهاء مدرسه اهل البيت عليه السلام. وقد صنف الفضل فى علم الفقه -بحسب ما اورده الشيخ والنجاشى(1) عشره مصنفات، الا ان الذى نحدسه ان عدد مولفاته الفقهيه يربو على ذلك، اذ ان ما اورداه فى مجموع تعداد كتبه يقل عن نصف عددها البالغ مئه وثمانين كتابا.
والظاهر وصول بعض كتبه الفقهيه بايدى فقهاء عصر الغيبه الصغرى كالشيخ الكلينى والشيخ الصدوق(قدس سرهما). حيث نقلا آراءه فى باب الارث فى الكافى ومن لا يحضره الفقيه والمقنع، كما انه قد نقل عنه فى الفتره ما بعد الغيبه الصغرى كل من السيد المرتضى فى رسائله والشيخ الطوسى فى الخلاف.وقد كانت آراوه فى كتب هولاء الاعلام محلا للتاييد تاره والتفنيد اخرى، سيما من قبل الشيخ الصدوق الذى خطا الفضل فى بعض مسائل الارث، كمساله توريث ابن الاخ للاب والام مع وجود الاخ من الام، حيث ذهب الفضل الى توريثه(2)، ومساله من ترك ابن اخ لام وابن ابن ابن اخ لاب وام، حيث اختار الفضل ان لابن الاخ من الام السدس وما بقى فلابن ابن ابن الاخ للاب والام(3)، وكذافى مساله اعتبار الجد بمنزله الاخ ابدا يرث حيث يرث ويسقط حيث يسقط(4)، وغير ذلك من مسائل الارث التى عارض فيها الشيخ الصدوق الفضل بن شاذان.
وقد تعرض كل من تلا هذه الطبقه لاراء الفضل التى طرحها فى باب الارث.
وكنا قد المحنا فيما مضى الى ان العطاء الفقهى للفضل بن شاذان قد تركز بشكل واضح على بعض ابواب الفقه التى كثر الخلاف فى العديد من فروعها ومسائلها بين الفريقين كمسائل باب الارث والطلاق والوضوء، حتى ان الاول منها قد استاثر باهتمام ملحوظ من بين سائر مولفاته، حيث افرد له ثلاثه كتب تتفاوت فى مستوى البحث وسعته، وذكرنا ان ذلك كان استجابه مناسبه لطبيعه بيئته ومناخها العلمى فى نيسابور.
وفيما يلى نشير الى بعض المرتكزات والنقاط فيما يخص فقهه وآراءه، بالرغم من فقدان كتبه التى يمكن ان تمدنا فيما لو ظفرنا بها بالكثير فى هذا المجال.
اولا:
اعتبار الكتاب والسنه مصدرين اساسيين فى اجتهاداته واستنباطاته الفقهيه، وهذا ما يمكن ملاحظته بوضوح فى رجوعه الى هذين المصدرين فى جمله من آرائه المنقوله، سيما ما نقله عنه الشيخ الكلينى(قدس سره).
وقد يلوح من بعض العبارات اعتماده على الاجماع ايضا كواحد من الادله المعتبره، فقد نسب الشيخ المفيد(قدس سره) -على ما نقله عنه السيد المرتضى(قدس سره) للفضل عندما سئل عن امامه امير المومنين عليه السلام فقال: الدليل على ذلك من كتاب الله عزوجل، ومن سنه نبيه، ومن اجماع المسلمين(5).
الا انه يحتمل ان يكون احتجاجه بالاجماع على سبيل الالزام للخصم بما يرضخ له من الادله.
واما السنه فى رايه فهى تشمل -بلا شك سنه الائمه الهادين عليهم السلام قولا وفعلا وتقريرا، وهذا ما ندركه منه بوضوح عندما يقوم بمقارنه بيننا وبين الجمهور فيقول: (فعن هولاء (علمائهم) اخذوا اديانهم واحكامهم، وبهم اقتدوا، وآثارهم اتبعوا، فهم الائمه الراشدون عندهم. واما نحن فانا ناتم بائمتنا من اهل بيت نبينا،ونقتدى بهم)(6).
ثانيا:
من المرتكزات الاساسيه فى منهجيه الفضل الفقهيه رفضه للراى والقياس، معتبرا العمل على ضوئهماركونا لغير ما انزل الله، وهذا ما نفهمه من مناقشاته وتعريضاته المتكرره فى كتاب الايضاح على القائلين بالراى. بل يمكن ان يقال: ان المحور الاساس فى كتاب الايضاح هو الرد على مسلك الاجتهادوالراى، حتى ان البعض قد عنون كتابه هذا بذلك فقال: كتاب الايضاح فى ابطال القول بالراى والاجتهاد(7).وفيما يلى بعض النصوص المنتقاه من كتاب الايضاح والتى تعكس راى الفضل فى هذه المساله:
ا - ذكر فى بعض فصول هذا الكتاب: ان القرآن هو من عند الله، والراى فى الحلال والحرام صعب، لان الحلال والحرام هو من عند الله عزوجل لا من قول من يخطا ويصيب(8).
ب - وقال فى بعض احتجاجاته: فان اقررتم ان الله بعث نبيه صلى الله عليه واله وسلم الى خلقه بجميع ما يحتاجون اليه من امر دينهم وحلالهم وحرامهم وسائر احكامهم، وان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان يعلمه فلا اختلاف بيننا وبينكم،وذلك انه لابد لكم اذا قلتم ذلك ان تلزموا الصواب اهله والخطا اهله، فيرجع الحكم الى الله والى رسوله صلى الله عليه واله وسلم والى اهل بيته والى ان دين الله تعالى قد كمل، فبطل الراى واهله(9).
ج - قوله فى تقرير بعض معتقدات الاماميه: اقرارنا من تنزيل الله واثبات الحجه لله والتبليغ لرسوله وحاجه الناس الى الكتاب والسنه وانه لاهدايه لاحد الى شى ء من الحق بغيرهما، وان الناس بهما يهتدون وبتركهما يضلون، وانه لا حلال الا حلال الله ولاحرام الا حرام الله، وانه ليس لاحد ان يحرم او يحلل دون الله ورسوله، وذلك قوله: (يا ايها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله واتقوا الله ان الله سميع عليم)(10). فاى تقدم اشد من تقدم من احل ما لم يحله الله ورسوله او حرم ما لم يحرمه الله ورسوله؟! اليس الله تعالى يقول: (قل ارايتم ما انزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ءالله اذن لكم ام على الله تفترون)(11)، وقال تعالى: (ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ان الذين يفترون على الله الكذب لايفلحون * متاع قليل ولهم عذاب اليم)(12) ؟! فاى شى ء تكون به الفريه على الله عزوجل اكثر من تحليل الدماء والفروج والاموال اوتحريمها بما زعمتم من انه ليس فى كتاب الله ولا سنه رسوله؟! واعلموا انا لم نورد الاحتجاج عليكم الابما انتم مقرون به او بما القرآن به شاهد عليكم (وبالله عزوجل التوفيق واياه نسال العصمه من كل هوى وراى وفتنه مضله )(13).
وقد كررنا البحث عن هذه المساله هنا، وقدمنا شطرا من الحديث عنها فيما سبق، وذلك لخطورتها سيمافيما يتصل بفقه القدماء، حيث قد سمعت عن مثل السيد المرتضى والشيخ الصدوق القول بان الفضل من العاملين بالقياس.
ثالثا:
استخدم الفضل فى مقام تحرير المسائل وطريقه عرضها اسلوبين: الاسلوب الاول:
تحرير المسائل والفروع الفقهيه بالطريقه المتداوله، تاره مع ذكر الدليل من الكتاب والسنه، وتاره مجرده عنه، وهو الغالب، وهذا ما يدركه الباحث بوضوح من خلال ما نقله عنه الشيخ الكلينى والشيخ الصدوق من آراء ونصوص من كتبه الفقهيه.
الاسلوب الثانى:
اسلوب الالزام، وقد استخدمه فى المسائل الخلافيه مع المذاهب الفقهيه الاخرى، وهو اسلوب علمى دقيق طبقه الفضل فى مجالى الفقه والكلام. ويعتمد هذا الاسلوب على الانطلاق مع الند من المسلمات التى يعترف بها ويرضخ اليها، ثم النقض عليه بجمله من التهافتات واللوازم غير الصحيحه التى تترتب على قوله مع التزامه بتلك المسلمات.
وقد نقل الشيخ الطوسى(قدس سره) جمله من تلك الالزامات التى اوردها الفضل على فقهاء الجمهور فى باب الارث، قال الشيخ: اوردناها على وجهها، لانها واقعه موقعه.(14)
وسوف نورد ما نقله الشيخ من هذه المسائل ونضمه الى جمله ما جمعناه من فقه الفضل فى نهايه هذاالبحث، ولكن نشير هنا الى نموذج من نماذج تطبيق هذا الاسلوب فى مساله ارث ولد الولد واعتراض الفضل على الجمهور القائلين بعدم توريثه مع التزامهم فى مسائل اخرى بترتيب آثار بنوته.
قال الفضل: من الدليل على خطا القوم فى ميراث ولد البنات انهم جعلوا ولد البنات ولد الرجل من صلبه فى جميع الاحكام الا فى الميراث، واجمعوا على ذلك فقالوا: (وحلائل ابنائكم الذين من اصلابكم)(15)، فاذا كان ابن الابنه ابن الرجل لصلبه فى هذا الموضع لم لا يكون فى الميراث ابنه؟! وكذلك قالوا: لو ان رجلا طلق امراه له قبل ان يدخل بها لم تحل تلك المراه لابن ابنه(16)، لقول الله عزوجل: (ولاتنكحوا ما نكح آباوكم من النساء)(17)، فكيف صار الرجل هاهنا ابا ابن ابنته ولا يصير اباه فى الميراث؟! وكذلك قالوا:يحرم على الرجل ان يتزوج بامراه كان تزوجها ابن ابنته، وكذلك قالوا: لو شهد لابى امه بشهاده او شهد لابن ابنته، بشهاده لم تجز شهادته. واشباه هذه فى احكامهم كثيره، فاذاجاووا الى باب الميراث قالوا: ليس ولد الابنه ولد الرجل ولا هو له باب، اقتداء منهم بالاسلاف، والذين ارادوا ابطال الحسن والحسين عليه السلام بسبب امهما، والله المستعان، هذا مع ما قد نص الله فى كتابه بقوله عز وجل: (كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وايوب)(18) الى قوله: (وعيسى والياس كل من الصالحين)(19)، فجعل عيسى من ذريه آدم ومن ذريه نوح وهو ابن بنت، لانه لا اب لعيسى، فكيف لا يكون ولد الابنه ولد الرجل؟!(20)
رابعا:
من خصائص فقه الفضل اطلاعه الواسع على فقه المذاهب الاخرى وفتاوى فقهاء الجمهور، كما يشير الى هذا الامر عناوين مولفاته فى مسائل الخلاف ككتابه الذى جمع فيه مسائل للشافعى وابى ثور والاصفهانى، والزاماته التى ذكرها الشيخ فى التهذيب(21).
خامسا:
وثمه ملاحظات يمكن تسجيلها على بعض آرائه التى قد يبدو عدم الانسجام فيها من حيث التخريج والتعليل، ونشير فى هذا الصدد الى ما ذكره السيد المرتضى(قدس سره) فى مساله ميراث ولد الولد حيث سجل على الفضل تهافتا فى بعض فروع المساله.
قال المرتضى(رحمه الله): (وقد ناقض الفضل بن شاذان فى مذهبه، وقال فى كتابه فى الفرائض -فى رجل خلف بنت ابن وابن بنت: ان لبنت الابن الثلثين نصيب ابيها ولابن البنت الثلث نصيب امه.
ثم قال فى هذا الكتاب -فى بنت ابن وابن ابن: ان المال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين. وهذه مناقضه لماقرره، لان بنت الابن تتقرب بابيها وابن الابن يتقرب ايضا بابيه، فيجب ان يتساويا فى النصيب، فكيف جعل هاهنا للذكر مثل حظ الانثيين مع ان كل واحد يتقرب بغيره؟! فله على مذهبه نصيب من يتقرب به، والا فعل مثل ذلك فى بنت ابن وابن بنت وجعل للذكر مثل حظ الانثيين.
ومن العجب انه قال فى كتابه ما هذه حكايه لفظه: فان ترك ابن بنت وابنه ابن وابوين فللابوين السدسان، وما بقى فلابنه الابن حق ابيها الثلثان، ولابن البنت حق امه الثلث، لان ولد الابنه ولد كما ان ولد الابن ولد.
وهذا التعليل ينقض الفتوى، لانه اذا كان ولد البنت ولدا، كما ان ولد الابن كذلك، فيجب ان يكون المال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين، لظاهر (يوصيكم الله)، وكيف اعطى الانثى ضعف ما اعطى الذكر)(22).
سادسا:
للفضل آراء يختص بها، وهى تخالف المشهور عند الطائفه، نذكر من هذه الاراء ما يلى:
ا - اذا خلف اخا لام وابن اخ لاب وام فان للاخ من الام السدس سهمه المسمى له، وما بقى فلابن الاخ للاب والام.
وحجه الفضل فى ذلك: ان ابن الاخ للاب والام يقوم مقام الاخ الذى يستحق المال كله بالكتاب، فهو بمنزله الاخ للاب والام، وله فضل قرابه بسبب الام.
وذهب مشهور الفقهاء الى ان المال كله للاخ من الام، وسقط ابن الاخ للاب والام، لان الاخ اقرب بدرجه، وتكثر الاسباب انما يراعى مع قرب الدرج وتساويها، اما مع اختلافها فلا(23).
ب - لو انفردت البنت والبنتين بالتركه كان الامر كالابن فى انتفاء الفرض، فالمال كله لها او لهما بالقرابه لا بالفرض.
وذهب الى هذا الراى الحسن بن ابى عقيل ايضا.
وادعى الاجماع على ان نصف المال للبنت او البنتين بالفرض والباقى يرد عليه.(24)
ج - لو ترك جده لام وخالا، فالمال بينهما نصفان بمنزله ابن الاخ والجد. والمشهور ان المال لجده الام وسقط الخال، لان الجد وان علا اولى من العم والخال(25).
هذا، وللفضل موافقات مع المشهور يلتقى فيها وآراء سائر الفقهاء، كما فى مساله من ترك عما وابن اخ فالمال لابن الاخ(26).
سابعا:
تتميز آراء الفضل بالاستقلاليه وعدم التاثر بفقه الاخرين ونظرياتهم. من هنا نجد الفضل ينفرد باراءتخصه فى قبال كبار الرواه والفقهاء كيونس بن عبدالرحمن، بل انه يخطى يونس فى جمله من المسائل ويناقش آراءه فيها.
ومن تلك المسائل ما ذهب اليه فى باب الارث من انه لو ترك عما وابن اخ فقد قال يونس: المال بينهمانصفان، وذكر الفضل:
ان يونس غلط فى هذا، وان المال لابن الاخ(27).
ومن جمله تلك المسائل ايضا: ما لو ترك عمه وخاله وجده لابيه، فذهب الفضل الى ان المال للجده،قال: وجعل يونس المال بينهن.
قال الفضل: غلط (يونس) هاهنا فى موضعين:
احدهما: انه جعل للخاله والعمه مع الجده ام الاب نصيبا.
والثانى: انه سوى بين الجده والعمه، والعمه انما تتقرب بالجده(28).
البعد الكلامى:
وهو من الابعاد البارزه فى النشاط العلمى للفضل، بل ان لهذا البعد ظهورا مبكرا لديه، وهو بعد فى اوائل امره، مما لفت نظر شيخه الحسن بن على بن فضال -وقد تقدم ذلك فى قضيه تعرفه عليه حيث كان -كما يقول الفضل يغرى بينه وبين ابى محمد الحجال الذى كان من اجدل الناس واكثرهم تمكنا من الكلام والجدل، وذلك فى اكثر البحوث حساسيه وهو موضوع (المعرفه)، فهنا ثلاثه امور تستدعى الامعان والتامل:
صغر سن الفضل فى حواره ومناقشاته مع الحجال، وشخصيه مجادله ابى محمد الحجال،وخطوره الموضوع الذى وقع محلا للبحث.
كما انه يكفى لاثبات اقتداره وغوره فى هذا المجال ملاحظه مصنفاته وكتبه، حيث اتسمت بالطابع الكلامى فى اكثر من مفرده من مفرداتها، وربما يبدو هذا تعبيرا طبيعيا عن المناخ العلمى الساخن الذى كانت تعيشه نيسابور حيث اختلاف المذاهب فيها والفرق، مما يدعو الى تركيز الجهد باتجاه تثبيت الخط الفكرى والعقائدى والفقهى للمذهب من جهه، ونقد ودراسه العقائد الاخرى من جهه ثانيه. ولذا فان مولفاته الفقهيه هى الاخرى لم تكن بعيده عن التاثر بهذا الامر، اى انها جاءت ناظره لجمله من المسائل الخلافيه الحساسه، كمسائل باب الارث والطلاق والوضوء وغيرها، وهذا ما نستجليه بوضوح من خلال قراءه لعناوين ما كتب، حيث انه كتب فى الفرائض والارث ثلاثه مستويات من البحث:الفرائض الكبير، والفرائض المتوسط، والفرائض الصغير.
وصنف -مضافا الى كتاب الطلاق كتاب النقض على ابى عبيد فى الطلاق، وكتاب مسائل متفرقه للشافعى وابى ثور والاصفهانى، مما يعكس اهتمامه وتركيزه على الهدف المذكور.
واما كتاباته فى البحوث الكلاميه فقد بحث مسائل التوحيد والامامه (وله فيها ثلاثه كتب) والرجعه والوعد والوعيد والايمان والاستطاعه وغيرها من مباحث العقيده والكلام(29).
كما ان له عده مصنفات نقديه لاراء ومعتقدات المذاهب الاسلاميه الاخرى على طريقه النقض والرد،منها: الرد على الفلاسفه، الرد على الثنويه، الرد على اهل التعطيل، الرد على الغاليه المحمديه، النقض على الاسكافى فى الجسم، الرد على احمد بن الحسين، الرد على المرجئه، الرد على البائسه، الرد على الحشويه، الرد على الحسن البصرى فى التفضيل، وغيرها كثير(30).
ومن تراثه الكلامى الواصل الينا هو كتاب الايضاح، الفه فى الرد على القول بالاجتهاد والراى والاستنباطات الظنيه، وقد ناقش فيه عده مسائل مختلف فيها فى التفسير والفقه والحديث والتاريخ، وسلك فيه طريق الاحتجاج والالزام والتحاكم الى نفس ما رواه الجمهور فى تلك المسائل لتكون الحجه الزم واقوى، وهذا ما اشار اليه بقوله فى بعض مواضع كتابه: (ان جميع ما رويناه فى كتابنا هذا من رواياتهم، وليس لاهل بيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولا لاحد من علماء الشيعه هاهنا ذكر او خبر يوثر)(31).
ان المنهج الذى اتبعه الفضل فى كتابه هذا هو من امتن المناهج واكثرها فائده ونفعا، وقلما يوجد فى كتب الكلام من سلك هذا المنهج. وكل من وقف على كتابه هذا وامعن النظر فيه يجد القدره التامه والكفاءه العاليه التى يتمتع بها مولفه فى مقام المحاججه والزام الخصم واستدراجه، واطلاعه الوافر على ما رواه وقاله علماوهم فى كل مساله يرد فيها عليهم، فيلزمهم بذلك كله.
ومن الامور الاخرى التى نلحظها فى البعد الكلامى لدى الفضل هو تصديه لمواجهه خط الغلو، وذلك من خلال تضعيفه لبعض رواته وشخصياته، مثل تضعيفه لابن بابا القمى وابى الخطاب ويونس بن ظبيان وابى العباس الطبرنانى وابى سمينه، حتى انه قال فيه:
كدت اقنت على ابى سمينه، فقال له القتيبى: ولم استوجب القنوت من بين امثاله (اى من الغلاه)؟ قال: لانى اعرف منه ما لا تعرفه(32). وقال الفضل بن شاذان فى بعض كتبه: الكذابون المشهورون:
ابوالخطاب، ويونس بن ظبيان، ويزيد بن الصايغ، ومحمد بن سنان، وابو سمينه اشهرهم(33).
وجميع هولاء – سوى يزيد الصائغ قد نص على غلوهم(34).
وقد كان ابو سمينه -وهو محمد بن على بن ابراهيم بن موسى القرشى ضعيفا جدا، فاسد الاعتقاد، قدورد قم، واشتهر بالكذب، ونزل على احمد ابن محمد بن عيسى مده، ثم اشتهر بالغلو فجفى، واخرجه احمد بن محمد ابن عيسى منها، وكان كذابا، شهيرا فى الارتفاع، لا يلتفت اليه(35).
والذى يظهر من النصوص الذامه للفضل -والتى تقدمت فى توثيقه انه كان فى نيسابور جماعه ممن يذهب مذهب الغلو والارتفاع، حتى ان وكيل الامام عليه السلام عندما قدم اليها نزل فى منازلهم، فكان سببالمعارضه الفضل وتكذيبه له. وقد ورد فى النص الاول من نصوص ذمه شطر من افكار هولاء الغلاه،مما سبب اختلاف اهل نيسابور فيها، وان الفضل كان يخالفهم فيها وينكر عليهم اكثرها، حسب ما وردفى هذا النص.
ولا ينبغى الاشكال بانه قد تقدم تضعيف هذه الاخبار، فكيف يستشهد بها هاهنا؟! اذ لا تنافى بين الامرين، لامكان صحه بعض ما ورد فيهما مما لا يرتبط بالتوقيع الصادر منه عليه السلام فى امر الفضل وذمه.
واخيرا، فان الفضل قد تعرض لبعض المضايقات نتيجه لتشيعه وعقائده المذهبيه، فقد ذكروا انه قد نفاه والى نيسابور عبدالله بن طاهر بعد ان دعاه واستعلم كتبه وامره ان يكتبها، فكتب الفضل تحته: الاسلام الشهادتان وما يتلوهما، فذكر ابن طاهر انه يجب ان يقف على قوله فى السلف، فقال ابن شاذان: اتولى ابابكر واتبرا من عمر، فقال له: ولم تتبرا من عمر؟ فقال: لاخراجه العباس من الشورى، فتخلص منه بهذا الجواب(36).
البعد الروائى:
وقد شكل هذا البعد -ايضا معلما بارزا من شخصيه الفضل العلميه، فكان كثير الروايه، ولا يكاد يخلوكتاب من كتب الحديث من الروايه عنه سيما الكتب الاربعه. وقد بلغ مجموع رواياته سبعمئه وخمسه وسبعين موردا على ما قيل(37)، ولربما يزيد على ذلك.
وقد روى عن ابى الحسن الرضا عليه السلام فى علل الشرائع، ولم ينص على روايته عنه عليه السلام سوى الشيخ الصدوق، حيث ذكر -فى الباب (182) من هذا الكتاب العلل التى رواها الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام.
وجاء فى آخر هذا الباب: سال على بن محمد بن قتيبه النيسابورى الفضل ابن شاذان وقال: اخبرنى عن هذه العلل التى ذكرتها عن الاستنباط والاستخراج، وهى من نتائج العقل او هى مما سمعته ورويته؟ فقال لى: ما كنت لاعلم مراد الله تعالى بما فرضه، ولا مراد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بما شرع وسن، ولا اعلل ذلك من ذات نفسى، بل سمعتها من مولاى ابى الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام المره بعد المره والشى ء بعد الشى ء فجمعتها. فقلت له: فاحدث بها عنك عن الرضا عليه السلام؟ فقال: نعم.
وفيه ايضا: ذكر ابو عبدالله محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان انه قال: سمعت هذه العلل من مولاى ابى الحسن بن موسى الرضا عليه السلام فجمعتها متفرقه والفتها.
وقد روى فى الفقيه موارد عديده لروايته عن الرضا عليه السلام(38).
وقال السيد الخوئى(قدس سره) بعد تعرضه لكلام الشيخ الصدوق(رحمه الله): هذا، وظاهر النجاشى -حيث خص والد الفضل بروايته عن الجواد عليه السلام، وعلى قول عن الرضا عليه السلام عدم روايه الفضل عن الرضا عليه السلام، وهو ايضا ظاهر الشيخ، حيث انه لم يعد الفضل من اصحاب الرضا ولا من اصحاب الجواد عليه السلام، ولكن الظاهر ان ما ذكره الصدوق هوالصحيح، وذلك لقرب عهده وطريقه الى الفضل. ويوكد ذلك ان والد الفضل روى عن ابى الحسن الاول عليه السلام فلا بعد فى روايه الفضل نفسه عن الرضا عليه السلام، فقد روى محمد بن يعقوب، عن الحسن ابن محمد الاشعرى، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن شاذان عن ابى الحسن موسى عليه السلام(39).
واما طرق المشايخ العظام اليه فى الكتب الاربعه فهى:
1 - طريق الشيخ الكلينى: محمد بن اسماعيل، عن الفضل بن شاذان. وهو مشترك بين جماعه، الا ان الراجح فيهم هو النيسابورى وكنيته ابو الحسن(40).
2 - طريق الشيخ الصدوق فى العلل التى ذكرها الفضل عن الرضا عليه السلام: عبدالواحد بن عبدوس النيسابورى العطار(رضى الله)، عن على بن محمد بن قتيبه، عن الفضل بن شاذان(41).
3 - طريق الشيخ الطوسى فى كتابيه: اسانيده المعروفه والمعتبره الى محمد بن يعقوب، عن على بن ابراهيم، عن ابيه، عن الفضل بن شاذان(42).
وتعتبر طرق الفضل فى رواياته من اوثق الطرق واكثرها اعتبارا، لروايته عن المشايخ الثقات، كيونس وصفوان وابن ابى عمير والحسن بن فضال وغيرهم.
وكان الفضل يتوقف فى الروايه عن محمد بن سنان ويقول: لا استحل ان اروى احاديث محمد بن سنان. وذكر فى بعض كتبه -على ما يروى عنه ان من الكذابين ابن سنان، وليس بعبد الله.
وفى نقل آخر عنه قال: ردوا احاديث محمد بن سنان، وقال: لا احل لكم ان ترووا احاديث محمد بن سنان عنى مادمت حيا، واذن فى الروايه بعد موته(43).
البعد الرجالى:
ويعتبر الفضل من ائمه علم الرجال وفرسان هذا المضمار، ولا يكاد يخلو مصنف من مصنفات علماءالرجال من نقل آرائه واعتماد توثيقاته وتضعيفاته، وقد شهد له بذلك كبار اساتذه هذا الفن، يقول المحقق الخبير المتتبع الشيخ آقا بزرك الطهرانى فى حقه: كونه من ائمه علم الرجال لا شبهه فيه لكثره الاعتماد على اقواله ونقلها فى الكتب الرجاليه معتمدا عليها، حتى ان الشيخ ابا على فى رجاله جعل للتسهيل رمزا لاسمه(44).
وللفضل آراء وتوثيقات وتضعيفات لجمله من الصحابه والتابعين والرواه عن الائمه المعصومين عليهم السلام ذكرها علماء الرجال كابى عمرو الكشى والنجاشى والشيخ والسروى وابن داود وابن طاووس والعلامه ومن تاخر عنهم الى يومنا.
وقد اعتمدوا آراءه فى عدد غير قليل من الموارد، وربما قدموا رايه على راى غيره من علماء هذا الفن،ولناخذ مثالين لذلك:
1 - ذكر النجاشى -فى ترجمه محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين راى ابن الوليد شيخ القميين فيه وانه قال -كما نقل عنه تلميذه ابو جعفر الصدوق: ما تفرد به محمد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لايعتمد عليه. ثم اورد النجاشى بعد هذا الكلام راى الفضل فيه فقال: قال ابو عمر: قال القتيبى: كان الفضل بن شاذان(رحمه الله) يحب العبيدى ويثنى عليه ويمدحه ويميل اليه ويقول: ليس فى اقرانه مثله. قال النجاشى معلقا على ذلك: وبحسبك هذا الثناء من الفضل(رحمه الله)(45).
2 - وفى محمد بن سنان اخذ النجاشى بتضعيف الفضل له حيث قال:
لا احل لكم ان ترووا احاديث محمد بن سنان، مع ان الشيخ المفيد قد وثقه، وكذا توقف العلامه فيه لتضعيف الفضل له ايضا.(46) واما طرق المشايخ العظام الكشى والنجاشى والطوسى(رحمهم الله) فى كتبهم الرجاليه وفهارسهم الى الفضل بن شاذان فهى كالتالى:
اولا:
طريق الشيخ الكشى:
1 - على بن محمد بن قتيبه او القتيبى، عن الفضل(47).
2 - محمد بن مسعود، عن عبدالله بن حمدويه البيهقى، عنه(48).
3 - محمد بن اسماعيل البندقى النيسابورى، عنه(49).
4 - جعفر بن معروف، عن سهل بن بحر الفارسى، عنه(50).
5 - ابوالقاسم نصر بن الصباح، عنه(51).
6 - محمد بن مسعود، عن ابن ازداد، عنه(52).
7 - محمد بن مسعود، عن ابن المغيره، عنه(53).
8 - محمد بن مسعود، عن الفضل، مكاتبه(54).
9 - محمد بن احمد بن شاذان، عنه(55).
10 - ابو الحسن بن ابى طاهر، عن محمد بن يحيى الفارسى، عن مكرم ابن بشر، عنه(56).
11 - ويروى عنه وجاده من كتبه(57).
ثانيا:
طريق الشيخ النجاشى: ابو العباس بن نوح، عن احمد بن جعفر، عن احمد بن ادريس بن احمد، عن على بن احمد بن قتيبه النيسابورى، عنه(58).
وعلى بن احمد تصحيف او تحريف، والصحيح هو على بن محمد بن قتيبه كما فى فهرست الشيخ، لتصديق العيون ومشيخه الفقيه له(59).
ثالثا: طريق الشيخ الطوسى: الشيخ المفيد، عن محمد بن على بن الحسين بن بابويه، عن محمد بن الحسن، عن احمد بن ادريس، عن على ابن محمد بن قتيبه، عنه(60).
خاتمه المطاف:
لقد وقفنا من خلال ما تقدم من حديث -عن حياه الفضل بن شاذان وابعادها المختلفه على الدور المرموق الذى نهض به هذا الفقيه الكبير، والجهد المعطاء الذى قدمه خدمه للدين الحنيف، ولئن كانت ثمه نقاط وضاءه فى حياته وشخصيته، فان تشرفه بصحبه ورفقه الائمه الاطهار عليه السلام تبقى هى الاكثراشراقا وتلالوا فى حياه هذا الفقيه العالم الذى نال بجميل خصاله وسيرته رضاهم عليه السلام فى حياته، حتى انهم ليغبطون اهل بلاده فى خراسان على وجوده بينهم، ثم كان ذلك ايضا وقت رحيله حيث ترحم عليه الامام العسكرى عليه السلام وهو بسامراء.
قال بورق البوشنجانى -الذى لقى الامام العسكرى عليه السلام وحدثه فى امر الفضل: فقلت له: الفضل بن شاذان شديد العله ويقولون انها من دعوتك بموجدتك عليه، لما ذكروه عنه انه قال ان وصى ابراهيم خير من وصى محمد صلى الله عليه واله وسلم، ولم يقل، جعلت فداك هكذا، كذبوا عليه؟ فقال: (نعم، رحم الله الفضل).
قال بورق: فرجعت فوجدت الفضل قد توفى فى الايام التى قال ابو محمد عليه السلام: رحم الله الفضل(61).
وقد كانت وفاته سنه (260هـ) حيث كان فى رستاق بيهق، فورد عليه خبر الخوارج فهرب منهم، واصابه التعب من خشونه السفر فاعتل ومات، وقد صلى عليه احمد بن يعقوب ابو على البيهقى(62). وقبره على فرسخ من نيسابور خارج البلد(63)، حيث بقعته اليوم تعلوها قبه، ويحوطها صحن يقصدها المومنون بالزياره والدعاء.
فقهه وفتاواه:
سبق وان اشرنا الى مولفات الفضل الفقهية، وذكرنا الابواب التي صنف فيها، وقلنا ان باب الارث كان هو الاكثر حظا من مولفاته،ومن هنا فقد اقتصر المتاخرون عنه ممن تعرض لنقل ارائه على النقل من هذا الباب. ولا نحسب احدا قد سبق الشيخ  الكليني(قده) في النقل عن الفضل، فقد نقل فصولا عديدة من كتابه، ثم تلاه الشيخ الصدوق(قده) في المقنع ومن لا يحضره  الفقيه، واقتصر السيد المرتضى والشيخ الطوسي على نقل مسالة او مسالتين من فقهه.
نعم، اورد في باب الطلاق من الكافي نصا من كتابه ((النقض على ابي عبيدة في كتاب الطلاق)).
وقد اعتمدنا فيما اثبتناه من فقهه ما نقله الشيخ الكليني، ورجحناه على نقل الشيخ الصدوق لتقدمه ولزيادته عليه من حيث التفصيل، وقارنا بين نصوصهما مع الاشارة الى مواضع الاختلاف او الزيادة بين المصدرين. وقد احتفظنا بما ورد من فوائد في هامش الكافي تتميما للفائدة، مع اضافات منا. واللّه ولي التوفيق.
مسائل من كتاب الطلاق
الفرق بين المطلقة على غير السنة والمطلقة اذا خرجت وهي في عدتها (64):
قال الفضل بن شاذان في جواب اجاب به ابا عبيد في كتاب الطلاق: ذكر ابوعبيد ان بعض اصحاب الكلام قال: ان اللّه تبارك وتعالى حين جعل الطلاق للعدة لم يخبرنا ان من طلق لغير العدة كان طلاقه عنه ساقطا، ولكنه شيء تعبد به الرجال كما تعبد النساء بان لا يخرجن من بيوتهن ما دمن يعتددن، وانما اخبرنا في ذلك بالمعصية فقال: (وتلك حدود اللّه ومن يتعد حدود اللّه فقد ظلم نفسه) (65)، فهل المعصية في الطلاق الا كالمعصية في خروج المعتدة من بيتها؟ الستم ترون ان الامة مجمعة على  ان  المراة المطلقة اذا خرجت من بيتها اياما ان تلك الايام محسوبة لها في عدتها وان كانت للّه فيه عاصية؟! فكذلك الطلاق في الحيض محسوب على المطلق وان كان للّه «فيه » عاصيا.
قال الفضل بن شاذان: اما قوله: ان اللّه عزوجل لما جعل الطلاق للعدة لم يخبرنا ان من طلق لغير العدة كان الطلاق عنه ساقطا،فليعلم ان مثل هذا انما هو تعلق بالسراب، انما يقال لهم:
ان امر اللّه عزوجل بالشيء هو نهي عن خلافه، وذلك انه جل  ذكره حيث  اباح نكاح اربع نسوة لم يخبرنا ان اكثر من ذلك لا يجوز، وحيث جعل الكعبة قبلة لم يخبرنا ان قبلة غير الكعبة لا تجوز، وحيث  جعل الحج في ذي الحجة لم يخبرنا ان الحج في غير ذي الحجة لا يجوز، وحيث جعل الصلاة ركعة وسجدتين لم يخبرنا ان  ركعتين وثلاث سجدات لا يجوز. فلو ان انسانا تزوج خمس نسوة لكان نكاحه الخامسة باطلا، ولو اتخذ قبلة غير الكعبة  لكان ضالا مخطئا غير جائز له وكانت صلاته غير جائزة، ولو حج في غير ذي الحجة لم يكن حاجا وكان فعله باطلا، ولو جعل  صلاته بدل كل ركعة ركعتين وثلاث سجدات لكانت صلاته فاسدة وكان غير مصل، لان كل من تعدى ما امر به ولم يطلق له ذلك  كان فعله باطلا فاسدا غير جائز ولا مقبول، فكذلك الامر والحكم في الطلاق كسائر ما بينا، والحمد للّه.
واما قولهم: ان ذلك شيء تعبد به الرجال كما تعبد به النساء ان لا يخرجن ما دمن يعتددن من بيوتهن فاخبرنا ذلك  لهن  بالمعصية، وهل المعصية في الطلاق الا كالمعصية في خروج المعتدة «من بيتها» في عدتها، فلو خرجت من بيتها اياما لكان ذلك محسوبا لها، فكذلك الطلاق في الحيض محسوب وان كان للّه عاصيا.
فيقال لهم: ان هذه شبهة دخلت عليكم من حيث لا تعلمون، وذلك ان الخروج والاخراج ليس من شرائط الطلاق كالعدة، لان العدة من شرائط الطلاق، ذلك انه لا يحل للمراة ان تخرج من بيتها قبل الطلاق ولا بعد الطلاق، ولا يحل للرجل ان يخرجها من بيتها قبل  الطلاق ولا بعد الطلاق، فالطلاق وغير الطلاق في حظر ذلك ومنعه واحد، والعدة لا تقع الا مع الطلاق، ولا تجب الا بالطلاق، ولايكون الطلاق لمدخول بها ولا عدة كما قد يكون خروجا واخراجا بلا طلاق ولا عدة، فليس يشبه الخروج والاخراج بالعدة والطلاق في هذا الباب، وانما قياس الخروج والاخراج كرجل دخل دار قوم بغير اذنهم فصلى فيها، فهو عاص في دخوله الدار وصلاته جائزة، لان ذلك ليس من شرائط الصلاة لانه منهي عن ذلك صلى او لم يصل، وكذلك لو ان رجلا غصب ثوبا لو اخذه  ولبسه بغير اذنه فصلى فيه لكانت صلاته جائزة وكان عاصيا في لبسه ذلك الثوب، لان ذلك ليس من شرائط الصلاة لانه  منهي  عن ذلك صلى او لم يصل، وكذلك لو انه لبس ثوبا غير طاهر او لم يطهر نفسه او لم يتوجه نحو القبلة لكانت صلاته  فاسدة غير جائزة، لان ذلك من شرائط الصلاة وحدودها لا يجب الا للصلاة، وكذلك لو كذب في شهر رمضان وهو صائم بعد ان لا يخرجه كذبه من الايمان لكان عاصيا في كذبه ذلك وكان صومه جائزا، لانه منهي عن الكذب صام او افطر، ولو ترك العزم على  الصوم او جامع لكان صومه باطلا فاسدا، لان ذلك من شرائط الصوم وحدوده لا يجب الا مع الصوم، وكذلك لو حج وهوعاق ل والديه ولم يخرج لغرمائه من حقوقهم لكان عاصيا في ذلك وكانت حجته جائزة، لانه منهي عن ذلك حج او لم يحج، ولوترك الاحرام او جامع في احرامه قبل الوقوف لكانت حجته فاسدة غير جائزة، لان ذلك من شرائط الحج وحدوده لا يجب الا مع الحج ومن اجل الحج. فكل ما كان واجبا قبل الفرض وبعده فليس ذلك من شرائط الفرض، لان ذلك اتى على حده والفرض جائز معه، فكل ما لم يجب الا مع الفرض ومن اجل الفرض فان ذلك من شرائطه، لا يجوز الفرض الا بذلك على ما بيناه، ولكن القوم لايعرفون ولا يميزون ويريدون ان يلبسوا الحق بالباطل.
فاما ترك الخروج والاخراج فواجب قبل العدة ومع العدة وقبل الطلاق وبعد الطلاق، وليس هو من شرائط الطلاق ولا من شرائط  العدة، والعدة جائزة معه، ولا تجب العدة الا مع الطلاق ومن اجل الطلاق، فهي من حدود الطلاق وشرائطه على ما مثلنا وبينا،وهو فرق واضح، والحمد للّه.
وبعد، فليعلم ان معنى الخروج والاخراج ليس هو ان تخرج المراة الى ابيها او تخرج في حاجة لها او في حق باذن زوجها مثل ما تم او ما اشبه ذلك، وانما الخروج والاخراج ان تخرج مراغمة او يخرجها زوجها مراغمة (66)، فهذا الذي نهى اللّه عزوجل  عنه، فلو ان امراة استاذنت ان تخرج الى ابويها او تخرج الى حق لم نقل: انها خرجت من بيت زوجها، ولا يقال: ان فلانا اخرج  زوجته من بيتها، انما يقال ذلك اذا كان ذلك على الرغم والسخط وعلى انها لاتريد العود الى بيتها فامسكها على ذلك، وفيما بينا كفاية.
فان قال قائل: لها ان تخرج قبل الطلاق باذن زوجها وليس لها ان تخرج بعد الطلاق وان اذن لها زوجها، فحكم هذا الخروج غيرذلك الخروج، وانما سالناك عنه في ذلك الموضع الذي يشتبه ولم نسالك في هذا الموضع الذي لا يشتبه، اليس قد نهيت عن العدة في غير بيتها فان هي فعلت كانت عاصية وكانت العدة جائزة (67)، فكذلك ايضا اذا طلق لغير العدة كان خاطئا وكان  الطلاق واقعا، والا فما الفرق؟!
قيل له: ان فيما بينا كفاية من معنى الخروج والاخراج ما يجتزا به عن هذا القول، لان اصحاب الاثر واصحاب الراي واصحاب  التشيع قد رخصوا لها في الخروج الذي ليس على السخط والرغم واجمعوا على ذلك (68).
فمن ذلك ما روى ابن جريج، عن ابن الزبير، عن جابر ان خالته طلقت فارادت الخروج الى نخل لها تجذه فلقيت رجلا فنهاها،فجاءت الى رسول اللّه صلى الله عليه واله وسلم فقال لها: اخرجي فجذي نخلك، لعلك ان تصدقي او تفعلي معروفا.
وروى الحسن، عن حبيب بن ابي ثابت، عن طاووس ان رجلا من اصحاب النبي صلى الله عليه واله وسلم سئل عن المراة المطلقة: هل تخرج في عدتها؟ فرخص في ذلك.
وابن بشير، عن المغيرة، عن ابراهيم انه قال في المطلقة ثلاثا:انها لا تخرج من بيت زوجها الا في حق، من عيادة مريض، اوقرابة، او امر لابد منه.
مالك، عن نافع، عن ابن عمر انه كان يقول: لا تبيت المبتوتة والمتوفى عنها زوجها الا في بيتها. وهذا يدل على انه قد رخص لهافي الخروج بالنهار.
وقال اصحاب الراي: لو ان مطلقة في منزل ليس معها فيه رجل تخاف «فيه » على نفسها او متاعها كانت في سعة من النقلة،وقالوا: لو كانت بالسواد فطلقها زوجها هناك فدخل عليها خوف من سلطان او غير ذلك كانت في سعة من دخول المصر، وقالوا:للامة المطلقة ان تخرج في عدتها او تبيت عن بيت زوجها، وكذلك قالوا ايضا في الصبية المطلقة.
قال: وهذا كله يدل على ان هذا الخروج غير الخروج الذي نهى اللّه عزوجل عنه، وانما الخروج الذي نهى اللّه عزوجل عنه هو ماقلنا، ان يكون خروجها على السخط والمراغمة، وهو الذي يجوز في اللغة ان يقال: فلانة خرجت من بيت زوجها، وان فلانا اخرج  امراته من بيته، ولا يجوز ان يقال لسائر الخروج الذي ذكرنا عن اصحاب الراي والاثر والتشيع: ان فلانة خرجت من بيت زوجها،وان فلانا اخرج امراته من بيته، لان المستعمل في اللغة هذا الذي وصفنا، وباللّه التوفيق.
مسائل من كتاب الارث
ميراث ولد الولد (69):
قال الفضل: وولد الولد ابدا يقومون مقام الولد اذا لم يكن ولد الصلب، «و» لا يرث معهم الا الولدان والزوج والزوجة.
وان ترك ابن ابن وابنة ابن فالمال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين.
فان ترك ابن ابن وابن ابنة فلابن الابن الثلثان ولابن الابنة الثلث.
وان ترك ابنة ابن وابن ابنة فلابنة الابن الثلثان نصيب الابن ولابن البنت الثلث نصيب الابنة.
وان ترك ابنة ابن وابنة ابنة، فلابنة الابن الثلثان ولابنة الابن الثلث، فالحكم في ذلك والميراث فيه كالحكم في البنين والبنات من الصلب، يكون لولد الابن الثلثان ولولد البنات الثلث.
فان ترك ثلاث بنين او بنات ابن بعضهم اسفل من بعض فالمال للاعلى، وليس لمن دونه شيء لانه اقرب ببطن، وكذلك لو كانواكلهم بنات فكان اسفل منهن ببطن غلام فالمال كله لمن هو اعلى، وليس لمن سفل شيء لان من هو اقرب ببطن احق بالمال من الابعد، مثل ذلك ان ترك ابن الابنة وابن ابنة ابن فالمال كله لابن الابنة، لانه اقرب ببطن.
وكذلك ان ترك ابنة ابنة وابن ابنة ابن فالمال كله لابنة الابنة، لانها اقرب ببطن، وكذلك ان ترك ابنة ابن ابنة وابن ابن ابن ابن  فالمال كله لابنة ابن الابنة، لانها اقرب ببطن.
وكذلك ان ترك ابن ابنة وبنت ابنة وامراة وعصبة فللمراة الثمن، وما بقي فبين بنت الابنة وابن الابنة للذكر مثل حظ الانثيين،يقسم المال على اربعة وعشرين سهما، للمراة الثمن ثلاثة اسهم، ولابنة الابنة سبعة اسهم، ولابن الابنة اربعة عشر سهما.
وان ترك زوجا وبنت ابنة وابن ابنة فللزوج الربع، وما بقي فبين ابنة الابنة وابن الابنة للذكر مثل حظ الانثيين، وهي من اربعة  اسهم: فللزوج سهم، ولابن الابنة سهمان، ولابنة الابنة سهم.
وان ترك ابن ابنة وابن ابن وزوجا فللزوج الربع، وما بقي فبين ابن الابنة وابن الابن، ولابن الابنة نصيب الابنة وهو الثلث،ولابن الابن نصيب الابن وهو الثلثان، وهي ايضا من اربعة اسهم.
وان ترك زوجا وابنة ابنة فللزوج الربع، وما بقي فلابنة الابنة.(70) وان ترك ابنة ابنة وابوين فللابوين السدسان، ولابنة الابنة النصف، وبقي سهم واحد مردود عليهم على قدر سهامهم، يقسم  المال على خمسة اسهم: فللابوين سهمان، ولابنة الابنة ثلاثة اسهم.
وان ترك ابن ابنة وابوين فللابوين السدسان، ولابن الابنة النصف كذلك ايضا، يقسم المال على خمسة اسهم: للابوين سهمان،ولابن الابنة ثلاثة اسهم.
فان ترك ابنة ابن وابوين فللابوين السدسان، وما بقي فلابنة الابن، وهي من ستة اسهم: للابوين سهمان، ولابنة الابن اربعة اسهم (71).
قال الفضل: من الدليل على خطا القوم في ميراث ولد البنات انهم جعلوا ولد البنات ولد الرجل من صلبه في جميع الاحكام الا في الميراث، واجمعوا على ذلك فقالوا: لا تحل حليلة ابن الابنة للرجل ولا حليلة ابن ابن الابنة، لقول اللّه عزوجل: (وحلائل  ابنائكم  الذين من اصلابكم) (72)، فاذا كان ابن الابنة ابن الرجل لصلبه في هذا الموضع لم لا يكون في الميراث ابنه؟! وكذلك  قالوا: لو ان رجلا طلق امراة له قبل ان يدخل بها لم تحل تلك المراة لابن ابنة (73)، لقول اللّه عزوجل: (ولا تنكحوا ما نكح  اباوكم من النساء) (74)، فكيف صار الرجل هاهنا ابا ابن ابنته ولا يصير اباه في الميراث؟! وكذلك قالوا: يحرم على الرجل ان  يتزوج بامراة كان تزوجها ابن ابنته، وكذلك قالوا: لو شهد لابي امه بشهادة او شهد لابن ابنته بشهادة لم تجز شهادته. واشباه  هذه في احكامهم كثيرة، فاذا جاووا الى باب الميراث قالوا: ليس ولد الابنة ولد الرجل ولا هو له باب، اقتداء منهم بالاسلاف،والذين ارادوا ابطال الحسن والحسين عليه السلام بسبب امهما، واللّه المستعان، هذا مع ما قد نص اللّه في كتابه بقوله عزوجل: (كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وايوب) (75)الى قوله: (وعيسى والياس كل من الصالحين)(76)، فجعل عيسى من ذرية ادم ومن ذرية نوح وهو ابن بنت، لانه لا اب لعيسى، فكيف لا يكون ولد الابنة ولد الرجل؟!
ميراث الولد مع الابوين (77):
وقال الفضل بن شاذان في ابنة واب، للابنة النصف وللاب السدس وما بقي رد عليهما على قدر انصبائهما.
وكذلك ان ترك ابنة واما، فللابنة النصف وللام السدس وما بقي رد عليهما على قدر انصبائهما وقد قال بعض الناس: وما بقي  فللابنة لانها اقرب من الوالدين وغلط في ذلك كله لان الابوين يتقربان بانفسهما كما يتقرب الولد وليسوا باقرب من الابوين،والصواب ان يرد عليهم ما بقي على قدر انصبائهم، لانهم استكملوا سهامهم فكانوا اقرب الارحام فكان ما بقي من المال لهم  بقرابة الارحام فيقسم ذلك بينهم على قدر منازلهم فيكون حكم ما بقي من المال حكم ما قسمه اللّه عزوجل بينهم لا يخالف اللّه في حكمه ولا تتغير قسمته.
وان ترك بنتا وابوين فللابنة النصف وللابوين السدسان وما بقي رد عليهم على قدر انصبائهم لان اللّه جل وعز لم يرد على  احد دون الاخر وجعل للنساء نصيبا كما جعل للرجال نصيبا وسوى في هذه الفريضة بين الاب والام.
وان ترك ابنتين وابوين فللابنتين الثلثان وللابوين السدسان.
وان ترك ثلاث بنات او اكثر فللابوين السدسان وللبنات الثلثان.
وان ترك ابوين وابنا وبنتا فلأبوين السدسان وما بقي فبين الابن والابنة للذكر مثل حظ الانثيين.
ميراث الابوين مع الزوج والزوجة (78):
قال الفضل بن شاذان في هذه المسالة وهي ما لو توفيت المراة وتركت زوجها وابويها: ومن الدليل على ان للام الثلث من  جميع المال ان جميع من خالفنا لم يقولوا في هذه الفريضة للام السدس، وانما قالوا: للام ثلث ما بقي، وثلث ما بقي هو السدس،ولكنهم لم يستجيزوا ان يخالفوا لفظ الكتاب فاثبتوا لفظ الكتاب وخالفوا حكمه، وذلك خلاف على اللّه وعلى كتابه.
وكذلك  ميراث المراة مع الابوين للمراة الربع وللام الثلث كاملا، وما بقي فللاب، لان اللّه جل ذكره قد سمى في هذه الفريضة وفي التي  قبلها للمراة الربع وللزوج النصف وللام الثلث ولم يسم للاب شيئا، وانما قال: (وورثه ابواه فلامه الثلث)(79)، وكان ما بقي بعد ذهاب السهام للاب فانما يرث الاب ما بقي.(80)
ميراث الاخوة والاخوات مع الولد (81):
قال الفضل: ان اللّه عزوجل انما جعل للاخت فريضة اذا لم يكن له ولد فقال: (ان امرو هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف (82)، فاذا كان له ولد فليس لها شيء، فمن اعطاها ما ترك) فقد خالف اللّه ورسوله. وكذلك ولد الولد ذكورا كانوا او اناثا وان سفلوا، فان  الاخوة والاخوات لا يرثون مع الولد، وكذلك الاخوة والاخوات لا يرثون مع الوالدين ولا مع احدهما.
قال الفضل: والعجب للقوم ان هم جعلوا للاخت مع الابنة النصف وهي اقرب من الاخت، واحرى ان تكون على مخالفة الكتاب،ولم يجعلوا لابنة الابن مع الابنة نصفا وهي اقرب من الاخت، واحرى ان تكون عصبة من الاخت كما ان ابن الابن مع الاخ هو العصبة دون الاخ، ولا يجعلون ايضا لها الثلث حتى كانها ابنة مع ابنة ابن، كما جعلوا للاخت النصف كانها اخ مع الابنة، فليس  لهم في امر الاخت كتاب ولا سنة جامعة ولا قياس، وابنة الابن كانت احق ان تفضل على الاخت من الاخت «ان تفضل على ابنة الابن » اذا كانت ابنة الابن ابنة الميت والاخت ابنة الام، واللّه المستعان.
قال: والاخوة والاخوات من الاب يقومون مقام الاخوة والاخوات من الاب والام اذا لم يكن اخوة واخوات لاب وام، ويرثون كمايرثون ويحجبون كما يحجبون، وهذا مجمع عليه ان مات رجل وترك اخا لاب «و» ام فالمال كله له، وكذلك ان كانا اخوين او اكثرمن ذلك فالمال بينهم بالسوية.
وان ترك اختا لاب وام فلها النصف بالتسمية، والباقي مردود عليها، لانها اقرب الارحام وهي ذات سهم، وكذلك ان ترك اختين اواكثر من ذلك فلهن الثلثان بالتسمية، والباقي يرد عليهن بسهام ذوي الارحام.
وان كانوا اخوة واخوات لاب وام فالمال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين، وكذلك اخوة واخوات من الاب يقومون مقام الاخوة  والاخوات من الاب والام اذا لم يكن اخوة واخوات لاب وام.
وان ترك اخا لاب وام واخا لاب فالمال كله للاخ للاب والام، وسقط الاخ للاب، ولا ترث الاخوة من الاب ذكورا كانوا او اناثا مع  الاخوة للاب والام ذكورا كانوا او اناثا. فان ترك اختا لاب وام واختا لاب فالمال كله للاخت للاب والام «وان ترك اختا لاب وام  واخ الاب فالمال كله للاخت للاب والام » يكون لها النصف بالتسمية، ويكون ما بقي لها وهي اقرب اولي الارحام، لان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: اعيان (83) بني الاب (84) احق بالميراث من ولد العلات (85)، وهذا مجمع عليه من قوله صلى الله عليه واله وسلم.
وان ترك اخا لاب وام واخا لام فللاخ السدس، وما بقي فللاخ للاب والام، وانما تسقط الاخوة من الاب لانهم لا يقومون مقام الاخوة من الاب والام اذا لم يكن اخوة لاب وام كما يقوم الاخوة من الاب مقام الاخوة من الاب والام اذا لم يكن اخوة لاب وام.
وان ترك اخوة واخوات لاب وام واخا واختا لام فللاخ والاخت من الام الثلث بينهما بالسوية، وما بقي فبين الاخوة والاخوات  للاب والام للذكر مثل حظ الانثيين.
وان ترك اختا لاب وام واخا واختا لام فللاخ والاخت للام الثلث وللاخت للاب والام النصف، وما بقي رد عليهما على قدر انصبائهما.
وان ترك اخوة لام واخا لاب فللاخوة من الام الثلث الذكر والانثى فيه سواء، وما بقي فللاخ للاب.
وان ترك اختين لاب وام واخا لام او اختا لام فللاختين للاب والام الثلثان وللاخ او الاخت من الام السدس، وما بقي رد عليهم على  قدر انصبائهم. وان ترك اختا لاب وام واخوة لام وابن اخ لاب وام فللاخوة من الام الثلث وللاخت للاب والام النصف، وما بقي  رد عليهن على قدر انصبائهن، ويسقط ابن الاخ للاب والام.
وان ترك اخا لاب وابن اخ لاب وام فالمال كله للاخ للاب، لانه اقرب ببطن وقرابتهما من جهة واحدة، ولا يشبه هذا اخا لام وابن اخ لاب، لان قرابتهما من جهتين، فياخذ كل واحد منهما من جهة قرابته.
وان ترك ثلاثة بني اخوة متفرقين فلابن الاخ للام السدس، وما بقي فلابن الاخ للاب والام، وسقط الباقون. وبنو الاخوة من الاب وبنات الاخوة من الاب يقومون مقام بني الاخوة وبنات الاخوة من الاب والام اذا لم يكن بنو اخوة واخوات لاب وام.
فان ترك ابن اخ لاب وام وابن اخ لام فلابن الاخ للام السدس نصيب امه، وما بقي فلابن الاخ للاب والام نصيب ابيه. وكذلك ابنة اخت من الام وبنت الاخت من الاب والام يقمن كل واحدة منهما مقام امها وترث ميراثها.
وان ترك اخ الام وابن اخ لاب وام فللاخ للام السدس (86) وما بقي فلابن الاخ للاب والام، لانه يقوم مقام ابيه (87).
فان ترك  اخ الام وابنة اخ لاب وام فللاخ للام السدس ولابنة الاخ من الاب والام النصف، وما بقي رد عليها لانها ترث ميراث ابيها.
وان ترك ابن اخ لاب وام وابنة اخ لاب وام فالمال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين.
فان ترك ابن اخ لام وابن «ابن»(88) اخ لاب فلابن الاخ للام السدس، وما بقي فلابن «ابن » الاخ للاب ياخذ كل واحد منهما حصة من يتقرب به (89).
وكذلك ان ترك ابن اخ عن احمد بن محمد (90) لام وابن ابن «ابن » اخ لاب فلابن الاخ للام السدس، وما بقي فلابن ابن «ابن »الاخ للاب.
وان ترك ابنة اخيه وابن اخته فلابنة اخيه الثلثان نصيب الاخ ولابن اخته الثلث نصيب الاخت.
وان ترك اخت الام وابن اخت لاب وام فللاخت للام السدس ولابن الاخت للاب والام النصف، وما بقي رد عليهما على قدر سهامهما.
فان ترك اختين لام وابن اخت لاب وام فللاختين للام الثلث ولابن الاخت الثلثان «بينهما».
وكذلك ان ترك اخت الام وبني اخوات لاب وام فللاخت للام السدس ولبني الاخوات للاب والام الثلثان للذكر مثل حظ الانثيين،وما بقي رد عليهم، ولا يشبه هذا ولد الولد، لان ولد الولد هم ولد يرثون ما يرث الولد ويحجبون ما يحجب الولد فحكمهم حكم  الولد، وولد الاخوة والاخوات ليسوا باخوة ولا يرثون في كل موضع ما يرث الاخوة ولا يحجبون ما تحجب الاخوة، لانه لا يرث  مع اخ لاب ولا يحجبون الام وليس سهمهم بالتسمية كسهم الولد، انما ياخذون من طريق سبب الارحام ولا يشبهون امر الولد.
فان ترك ابن ابن اخ لام وابنة ابن اخ لام فالمال بينهما نصفان.
فان ترك ابن ابنة اخ لاب وام وابنة ابن اخ لاب وام، فان كانت بنت الاخ وابن الاخ ابوهما واحدا فلابن بنت الاخ للاب والام الثلث  ولابنة ابن الاخ الثلثان، وان كان ابو ابنة الاخ غير ابي ابن الاخ، فالمال بينهما نصفان يرث كل واحد منهما ميراث جده.
فان ترك ابن ابنة اخ لاب وام وابنة ابنة اخ لاب وام، فان كانت امهما واحدة فالمال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين، وان لم تكن  امهما واحدة فالمال بينهما نصفان.
فان ترك ابن ابنة اخ لام وابن ابنة اخ لاب فلابن ابنة الاخ للام السدس، وما بقي فلابن ابنة الاخ للاب.
وان ترك ابنة ابنة اخ لاب وام وابنة الاخ لام فلابنة الاخ للام السدس، وما بقي فلابنة ابنة الاخ للاب والام.
وان ترك ابن ابنة اخت وابن ابن اخت فالمال بينهما على ثلاثة:
لابن ابن الاخت الثلثان، ولابن ابنة الاخت الثلث ان كانت  الام  واحدة، فان كانا من اختين فالمال بينهما نصفان.
وان ترك ابن اخت لاب وام وابنة اخت لاب وام وابن ابن اخت اخرى لاب وام، فان كانت ام ابنة الاخت وابن الاخت واحدة فالمال  بينهما للذكر مثل حظ الانثيين وسقط ابن ابن الاخت الاخرى، وان كانت ام ابن الاخت غير ام ابنة الاخت فالمال بينهما نصفان.
ميراث الجد (91): ان الجد بمنزلة الاخ (92) يرث حيث يرث الاخ ويسقط حيث يسقط الاخ، وذلك ان الاخ يتقرب الى الميت بابي الميت، وكذلك  الجد يتقر ب الى الميت بابي الميت، فلما ان استويا في القرابة وتقربا من جهة واحدة كان فرضهما وحكمهما واحدا.
قال: فان قال قائل: فلم لا تحجب الام بالجد والاخ او بالجدين كما تحجب بالاخوين؟ قيل له: لانه لا يكون في الاجداد من يقوم مقام الاخوين لاب وام في الميراث، لان الجد ابا الام بمنزلة اخ لام والاخوة من الام لا يحجبون، والجد وان قام مقام الاخ فانه ليس باخ،وانما حجب اللّه الاخوة لان كلهم على الاب، فوفر على الاب لما يلزمه من موونتهم، وليس كل الجد على الاب من اجل ذلك، ولما ان ذكر اللّه الاماء فقال: (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب)(93) ولم يذكر الحد على العبيد وكان العبيد في معناه ن في الرق، فلزم العبيد من ذلك ما لزم الاماء اذا كانت علتهما ومعناهما واحدا، واستغنى بذكر الاماء في هذا الموضع عن ذكر العبيد. وكذلك الجد لما ان كان في معنى الاخ من جهة القرابة وجهة من يتقرب الى الميت كان في ذكر الاخ غنى عن ذكر الجد ودلالة على فرضه اذا كان في معنى الاخ، كما كان في ذكر الاماء غنى عن ذكر العبيد في الحدود، وباللّه التوفيق.
فان مات رجل وترك جدا واخا فالمال بينهما نصفان، وكذلك ان كانوا الف اخ وجد فالمال بينهم بالسوية والجد كواحد من الاخوة،وللاخوة من الام فريضتهم المسماة لهم مع الجد.
فان ترك جدا واختا لاب وام فالمال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين.
وكذلك ان ترك جدا واخوات لاب وام او اخوات لاب بالغا ما بلغوا فالمال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.
فان ترك جدا واخا لام او اختا لام فللاخ او الاخت من الام السدس، وما بقي فللجد.
فان ترك اختين او اخوين او اخوة واخوات لام وجدا فللاخوة والاخوات من الام فريضتهم الثلث الذكر والانثى فيه سواء، وما بقي فللجد.
فان ترك جدا وابن اخ لاب وام فالمال بينهما نصفان، لانهم قد اجمعوا ان ابن الاخ يقوم مقام الاخ اذا لم يكن الاخ كما يقوم ابن الابن مقام الابن اذا لم يكن ابن، وهذا اصل مجمع عليه.
والجدة بمنزلة الاخت ترث حيث ترث الاخت وتسقط حيث تسقط الاخت، وحكمها في ذلك كحكم الجد سواء. والجدة من قبل الام وهي ام الام بمنزلة الاخت للام، والجدة من قبل الاب بمنزلة الاخت للاب والام على هذا تجري مواريثهن في كل موضع، فاذا اجتمع ثلاث جدات او اربع جدات لم يرث منهن الا جدتان: ام الاب وام الام، وسقطن الباقيات.
فان ترك جدته ام ابيه وجدته ام امه فلام الام السدس ولام الاب النصف، وما بقي رد عليهما على قدر انصبائهما، لان هذا مثل من ترك اختا لاب وام واختا لام، وهذا الباب كله على مثال ما بيناه من الاخوة والاخوات.
فان ترك اختيه لامه وجدته ام امه واختيه لابيه وامه وجدته ام ابيه فلاختيه لامه وجدته ام امه الثلث بينهن بالسوية، ولاختيه  لابيه وامه وجدته ام ابيه الثلثان بينهن بالسوية.
وان ترك اختا لابيه وامه وجده ابا ابيه وجدته ام ابيه وجدته ام امه فلجدته ام امه السدس، لانها بمنزلة اخت الام، وما بقي فبين الاخت والجد والجدة ام الاب وابي الاب للذكر مثل حظ الانثيين.
فان ترك اختيه لابيه وامه واخاه لابيه واخته وجدته ام ابيه وجدته ام امه فان لجدته ام امه السدس، وما بقي فبين الاختين للاب والام والجدة ام الاب بينهن بالسوية، وسقط الاخوة والاخوات من الاب.
وان ترك اخته لابيه وامه وجدته ام امه فلجدته ام امه السدس فانها بمنزلة الاخت لام، وللاخت للاب والام النصف، وما بقي ردعليهما على قدر انصبائهما.
فان ترك ام اوامراة واخا وجدا فللمراة الربع وللام الثلث، وما بقي رد على الام لانها اقرب الارحام.
فان ترك اما واخا لاب وام واخا لاب وجدا فالمال كله للام.
وان ترك زوجا واما واختا لاب وام وجدا «وهي كالاكدرية (94)» فللزوج النصف، وما بقي فللام، وسقط الباقون لانهم لايرثون مع الام.
فان ترك جدته ام امه وابنة ابنته فالمال لابنة الابنة، لان الجدة ام الام بمنزلة اخت لام والاخت للام لا ترث مع الولد ولا مع ولد الولد شيئا.
فان ترك جدته ام ابيه وعمته وخالته فالمال للجدة، وجعل يونس المال بينهن.
قال الفضل: غلط هاهنا في موضعين، احدهما: انه جعل للخالة والعمة مع الجدة ام الاب نصيبا، والثاني: انه سوى بين الجدة والعمة، والعمة انما تتقرب بالجدة.
فان ترك ابن ابن ابن وجدا ابا الاب قال يونس: المال كله للجد.
قال الفضل: غلط في ذلك، لان الجد لا يرث مع الولد ولا مع ولد الولد، فالمال كله لابن ابن الابن وان سفل لانه ولد، والجد انما هو كالاخ، ولا خلاف ان ابن ابن الابن اولى بالميراث من الاخ.
ميراث ذوي الارحام (95):
قال الفضل: ان ترك الميت عمين احدهما لاب وام والاخر لاب، فالمال للعم الذي للاب والام.
وان ترك اعماما وعمات فالمال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.
وان ترك اخوالا وخالات فالمال بينهم الذكر والانثى فيه سواء.
وان ترك خالا لاب وام وخالا لاب فالمال للخال للاب والام.
وكذلك العمة (96) والخالة في هذا انما يكون المال للتي هي للاب والام دون التي هي للاب.
وقد قال النبي صلى الله عليه واله وسلم: ((الخال وارث من لا وارث له)).
وان ترك عما وخالا فللعم الثلثان نصيب الاب وللخال الثلث نصيب الام، لان ميراثهما انما يتفرق عند الاب والام، وكذلك ان كانوا اكثر من ذلك، فعلى هذا المثال للاعمام الثلثان وللاخوال الثلث، وكذلك بنو الاعمام وبنو الاخوال وبنو العمات وبنو الخالات على  مثال ما فسرنا ان شاء اللّه.
فان ترك عما وابن اخت فالمال لابن الاخت، لان ولد الاخوة يقومون مقام الاخوة والعم لا يقوم مقام الجد، لان ابن الاخ يرث مع  الجد، وقد اجمعوا على ان ابن الجد لا يرث مع الاخ فلا يشبه ولد الجد ولد الاخوة ان شاء اللّه. وان ترك عما وابن اخ فالمال لابن  الاخ.
وقال يونس في هذا: المال بينهما نصفان، وغلط في ذلك، وذلك انه لما راى ان بين العم وبين الميت ثلاث بطون وكذلك بين ابن الاخ وبين الميت ثلاث بطون وهما جميعا من طريق الاب قال: المال بينهما نصفان، وهذا غلط، لانه وان كانا جميعا كما وصف ف ان  ابن الاخ من ولد الاب والعم من ولد الجد، وولد الاب احق واولى من ولد الجد وان سفلوا، كما ان ابن الابن احق من الاخ، لان  ابن  الابن من ولد الميت والاخ من ولد الاب، وولد الميت احق من ولد الاب وان كانا في البطون سواء، وكذلك ابن ابن ابن احق من الاخ وان كان الاخ اقعد منه (97)، لان هذا من ولد الميت نفسه وان سفل وليس الاخ من ولد الميت، وكذلك ولد الاب احق واولى من  ولد الجد، وكل من كانت قرابته من قبل الاب فانه ياخذ ميراث الاب، وكل من كانت قرابته من قبل الام فانه ياخذ ميراث الام، وكذلك  كل  من تقر ب بالابنة فانه ياخذ ميراث الابنة، ومن تقرب بالابن فانه اخذ ميراث الابن على نحو ما قلناه في الام والاب ان شاءاللّه.
وان ترك الميت عما لاب وام فللعم للام السدس، وما بقي فللعم للاب والام.
وكذلك ان ترك عمة وابنة اخ فالمال لابنة الاخ، لانها من ولد الاب والعمة من ولد الجد.
وان ترك ابني عم احدهما اخ لام فالمال كله للاخ للام، لان العم لا يرث مع الاخ للام، لان الاخ للام انما يتقرب ببطن وهو مع ذلك ذوسهم.
فان ترك ابن عم لاب وهو اخ لام وابن عم لاب وام فالمال لابن العم الذي هو اخ لام، لان العم لا يرث مع الاخ للام.
وان ترك ابنة عم لاب وام وابنة عم لام فلابنة العم من الام السدس، وما بقي فلابنة العم (98) للاب والام، وكذلك ابن خال لاب  وام  وابنة خال لام فلابنة الخال للام السدس، وما بقي فلابن الخال للاب والام.
وكذلك ان ترك خالا لاب وام وخالا لام فللخال للام السدس، وما بقي فللخال للاب والام، وان ترك خالا لاب وام واخوالا لاب  واخ والا لام فللاخوال للام الثلث، وما بقي فللخال للاب والام، ويسقط الاخوال للاب.
وان ترك عما لاب وخالة لاب وام فللخالة للاب والام الثلث، وما بقي فللعم للاب.
وان ترك ابنة عم وابن عمة فلابنة العم الثلثان ولابن العمة الثلث.
وان ترك بنات عم وبني عم فالمال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.
وان ترك بنات خال وبني خال فالمال بينهم (99) بالسوية الذكر والانثى فيه سواء.
وان ترك ابن عم لاب وام وابن عم لاب فالمال لابن العم للاب والام.
وان ترك ابن ابن عم لاب وام وابن عم لاب فالمال لابن العم للاب (100).
وان ترك ابنتي ابن عم احداهما اخته لامه فالمال للتي هي اخته لامه.
وان ترك خالته وابن خالة له فالمال للخالة، لانها اقرب ببطن.
وان ترك عمة امه وخالة امه استويا في البطون، وهما جميعا من طريق الام فالمال بينهما نصفان (101).
وان ترك جدا ابا الام وخالا وخالة فالمال للجد ابي الام.
وان ترك عم ام وخال ام فالمال بينهما نصفان.
وان ترك خالته وابن اخته وابنة ابنة اخته فالمال لابن اخته، وسقط الباقون.
وان ترك ابن اخ لام وهو ابن اخت لاب (102) وابنة اخ لاب وهي ابنة اخت لام لكل واحد منهما السدس، من قبل ان احدهما هو ابن اخ لام فله السدس من هذه الجهة، والاخرى هي بنت اخت لام فلها ايضا السدس من هذه الجهة، وبقي الثلثان، فلابن الاخت من ذلك الثلث ولابنة الاخ من ذلك الثلثان، اصل حسابه من ستة، يذهب منه السدسان فيبقى اربعة، فليس للاربعة ثلث الا فيه كسر،يضرب ستة في ثلاثة فيكون ثمانية عشر، يذهب السدسان ستة فيبقى اثنا عشر، الثلث من ذلك اربعة لابن الاخت، والثلثان من ذلك ثمانية لابنة الاخ، فيصير في يد ابن الاخت سبعة من ثمانية عشر، ويصير في يدي بنت الاخ احد عشر من ثمانية عشر.
فان ترك ابنة اخت لاب وام وابنة اخت لاب وابنة اخت لام وامراة فللمراة الربع، ولابنة الاخت من الام السدس، ولابنة الاخت للاب  والام النصف، وما بقي رد عليهما (103) على قدر انصبائهما، وسقطت الاخرى وهي من اثني عشر سهما:
للمراة الربع ثلاثة،ولابنة الاخت للام السدس سهمان، ولابنة الاخت للاب والام النصف ستة اسهم، وبقي سهم واحد بينهما على قدر سهامها، ولايرد على المراة شيئا.
فان تركت زوجها وخالتها وعمتها فللزوج النصف وللخالة الثلث، وما بقي فللعمة بمنزلة زوج وابوين، وهي من ستة اسهم:للزوج النصف ثلاثة، وللخالة الثلث سهمان، وبقي سهم العمة.
فان تركت زوجها وجدها ابا امها وخالا فللزوج النصف وللجد السدس، وما بقي رد عليه، وسقط الخال. وان ترك عما لاب  وخالا لاب وام فللخال الثلث نصيب الام، والباقي للعم، لانه نصيب الاب.
فان ترك ابنة عم وابن عمة فلابنة العم الثلثان ولابن العمة الثلث.
فان ترك ابن عمته وبنت عمته فالمال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين (104).
وان ترك ابنة عمة لاب وام وابن عم لام فلابن العم للام السدس، وما بقي فلابنة العمة للاب والام، لان هذا كان الاب مات و ترك  اخا لام واختا لاب وام (105)، وهاهنا يفترقان.
فان ترك ابن خالته وخالة امه فالمال لابن خالته.
فان ترك ابن خال وابن خالة فالمال بينهما نصفان.
وان ترك خالة الام وعمة الاب فلخالة الام الثلث ولعمة الاب الثلثان.
وان ترك عمة الام وخالة الاب فلعمة الام الثلث ولخالة الاب الثلثان.
وان ترك عمة لاب وخالة لاب وام فلخالة الاب والام الثلث وللعمة الثلثان.
فان ترك ابن عم وابنة عم وابن عمة وابنة عمة وابن خال وابنة خال وابن خالة وابنة خالة فالثلث لولد الخال والخالة يقسم  بينهم بالسوية الذكر والانثى فيه سواء (106)، والثلث من الثلثين الباقيين لولد العمة للذكر مثل حظ الانثيين، والثلث ان  الباقيان من الثلثين لولد العم للذكر مثل حظ الانثيين.
واصل حسابه من تسعة، لانه يوخذ اقل شيء له ثلث ولثلثه ثلث وهو تسعة، فثلث ثلثه لا يقسم بين ولد الاخوال لانهم اربعة، فتضرب تسعة في اربعة فتكون ستة وثلاثين، فيكون ثلثه اثني عشروثلثا ثلثه ثمانية لا يقسم بين ولد العمة لانه ينكسر، فيضرب ستة وثلاثين في ثلاثة فيكون مئة وثمانية، الثلث من ذلك ستة وثلاثون بين ولد الخال والخالة لكل واحد منهم تسعة، وبقي اثنان وسبعون، من ذلك اربعة وعشرون: لولد العمة ولابن العمة  ستة عشر، ولابنة العمة ثمانية، وبقي ثمانية واربعون: لابن العم اثنان وثلاثون، ولابنة العم ستة عشر.
قال الشيخ الصدوق: ان ترك خالا وجدة لام فالمال لجدة الام، وسقط الخال، وغلط الفضل بن شاذان في قوله: المال(107)، (108). بينهما نصفان بمنزلة ابن الاخ والجد
ميراث القاتل (109):
لو ان رجلا ضرب ابنه غير مسرف في ذلك يريد تاديبه، فقتل الابن من ذلك الضرب، ورثه الاب ولم تلزمه الكفارة، لان ذلك للاب  لانه مامور بتاديب ولده، لانه في ذلك بمنزلة الامام يقيم حدا على رجل مات فلا دية عليه ولا يسمى الامام قاتلا.(110) وان ضربه ضربا مسرفا لم يرثه الاب (111)، فان كان بالابن جرح او خراج (112) فبطه (113) الاب فمات من ذلك فان هذا ليس بقاتل ولا كفارة عليه (114)، وهو يرثه لان هذا بمنزلة الادب والاستصلاح والحاجة من الولد الى ذلك والى شبهه من  المعالجات.
ولو ان رجلا كان راكبا على دابة فاوطات الدابة اباه او اخاه فمات لم يرثه (115). ولو كان يسوق الدابة او يقودها فوطئت  الدابة اباه او اخاه فمات ورثه، وكانت الدية على عاقلته لغيره من الورثة، ولم تلزمه الكفارة.
ولو انه حفر بئرا في غير حقه او اخرج كنيفا او ظلة فاصاب شيء منها وارثا له فقتله لم تلزمه الكفارة، وكانت الدية على  العاقلة، وورثه، لان هذا ليس بقاتل، الا ترى انه لو كان فعل ذلك في حقه لم يكن بقاتل ولا وجب في ذلك دية ولا كفارة؟! فاخراجه  ذلك الشيء في غير حقه ليس هو بقتل، لان ذلك بعينه يكون في حقه فلا يكون قتلا، وانما الزم الدية في ذلك اذا كان في غير حقه احتياطا للدماء (116)، ولئلا يبطل دم امرى مسلم، وكيلا يتعدى الناس حقوقهم الى ما لا حق لهم فيه.
وكذلك الصبي (117) والمجنون لو قتلا لورثا وكانت الدية على العاقلة.
والقاتل يحجب وان لم يرث (118)، قال: ولا يرث القاتل من المال شيئا، لانه ان قتل عمدا فقد اجمعوا انه لا يرث، وان قتل خطا فكيف يرث وهو توخذ منه الدية؟! انما منع القاتل من الميراث احتياطا لدماء المسلمين كيلا يقتل اهل الميراث بعضهم بعضا طمعا في المواريث.
ميراث المجوس (119):
وقال الفضل: المجوس يرثون بالنسب ولا يرثون بالنكاح (120)، فان مات مجوسي وترك امه وهي اخته وهي امراته فالمال لهامن قبل انها ام، وليس لها من قبل انها اخت وانها زوجة شيء.
فان ترك اما وهي اخته وابنة فللام السدس وللابنة النصف، وما بقي رد عليهما على قدر انصبائهما، وليس لها من قبل انها اخت شيء، لان الاخت لا ترث مع الام.
وان ترك ابنته وهي اخته وهي امراته فان هذه اخته لامه، فلها النصف من قبل انها ابنته، والباقي رد عليها، ولا ترث من قبل انها اخت، ولا من قبل انها زوجة شيئا.
وان ترك اخته وهي امراته واخاه فالمال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين، ولا ترث من قبل انها امراته شيئا. وهذا كله على هذا المثال ان شاء اللّه.
فان تزوج مجوسي ابنته فاولدها ابنتين ثم مات فانه ترك ثلاث بنات، فالمال بينهن بالسوية.
فان ماتت احدى الابنتين فانها تركت امها وهي اختها لابيها وتركت اختها لابيها وامها، فالمال لامها التي هي اختها لابيها، لانه ليس  للاخوة والاخوات مع احد الوالدين شيء.
ميراث المماليك (121):
قال الفضل: فان قال قائل: فان ابى مولى المملوك ان يبيعه وامتنع من ذلك يجبر عليه؟ قيل: نعم لانه ليس له ان يمتنع، وهذا حكم  لازم، لانه يرد عليه قيمته تاماً ولا ينقص منه شيئاً، وفي امتناعه فساد المال وتعطيله وهو منهي عن الفساد.
فان قال: فانها كانت ام ولد لرجل فيكره الرجل ان يفارقها واحبها وخشي ان لا يصبر عنها وخاف الغيرة ان تصير الى غيره هل  توخذ منه ويفرق بينه وبينها وبين ولده منها؟ قلنا: فالحكم يوجب تحريرها، فان خشي الرجل ما ذكرت واحب ان لا يفارقها فله ان يعتقها ويجعل مهرها عتقها حتى لا تخرج من ملكه ثم يدفع اليها ما ورثت.
فان قال: فانها ورثت اقل من قيمتها وورثت النصف من قيمتها او الثلث او الربع؟ قيل له: يعتق منها بحساب ما ورثت، فان شاء صاحبها ان يستسعيها فيما بقي من قيمتها فعل ذلك، وان شاء ان تخدمه بحساب ما بقي منها فعل ذلك.
فان قال: فان كان قيمتها عشرة الاف درهم وورثت عشرة دراهم او درهما واحدا او اقل من ذلك؟ قيل له: لا تبلغ قيمة المملوكة  اكثر من خمسة الاف درهم الذي هو دية الحرة المسلمة، ان كانت ما ورثته جزء من قيمتها او اكثر من ذلك اعتق منها بمقدار ذلك،وان كان اقل من جزء من ثلاثين جزء لم يعبا بذلك ولم يعتق منها شيء، فان كان جزء وكسرا او جزاين وكسرا لم يعبا بالكسر،كما ان الزكاة تجب في المئتين ثم لا تجب حتى تبلغ مئتين واربعين ثم لا تجب في ما بين الاربعينات شيء، كذلك هذا.
فان قال قائل: لم جعلت ذلك جزء من ثلاثين دون ان تجعله جزء من عشرة او جزء من ستين او اقل او اكثر؟ قيل له: ان اللّه عزوجل  يقول في كتابه: (يسالونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج) (122)، وهي الشهور، فجعل المواقيت هي الشهور،فاتم الشهور ثلاثون يوما، وكان الذي يجب لها من الرق والعتق من طريق المواقيت التي وقتها اللّه عزوجل للناس.
فان قال: فما قولك فيمن اوصى لرجل بجزء من ماله ومات ولم يبين، هل تجعل له جزء من ثلاثين جزء من ماله كما فعلته  للمعتق؟ قيل له: لا، ولكنه نجعل له جزء من عشرة من ماله، لان هذا ليس هو من طريق المواقيت وانما هذا من طريق العدد، فلما ان كان اصل العدد كله الذي لا تكرار فيه ولا نقصان فيه عشرة فاخذنا الاجزاء من ذلك، لان ما زاد على العشرة فهو تكرار، لانك  تقول: احد عشر واثنا عشر وثلاثة عشر، وهذا تكرار الحساب الاول، وما نقص من عشرة فهو نقصان عن حد كمال اصل الحساب  وعن تمام العدد، فجعلنا لهذا الموصى له جزء من عشرة اذا كان ذلك من طريق العدد، وهكذا روينا عن ابي عبد اللّه عليه السلام ان له  جزء من عشرة، وجعلنا للمعتق جزء من ثلاثين لانه من طريق المواقيت، وهكذا جعل اللّه المواقيت للناس الشهور كما ذكرنا.
فان قال: فان وهب للمملوك مالا هل يعتق بذلك المال كما اعتق بالاول؟ قيل له: ان هذا لا يشبه ذاك، فان الميت لما ان مات لم يكن لذلك المال رب غير المملوك، ولم يستحقه احد غير المملوك، فيبقى مال لا رب له، والهبة لها رب قائم بعينه ان ازلنا (123) عن المملوك رجع الى ربه القائم، وقد رضي ربه بما صنع المملوك، فهذا لا يشبه ذاك، والحمد للّه.
اقرار بعض الورثة بدين (124):
علي بن ابراهيم عن ابيه، ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن ابي عمير، عن جميل بن دراج، عن زكريا بن يحيى، عن الشعيري، عن الحكم بن عتيبة، قال: كنا على باب ابي جعفر عليه السلام ونحن جماعة ننتظره ان يخرج اذ جاءت امراة فقالت:ايكم ابوجعفر؟ فقال لها القوم: ما تريدين منه؟ قالت: اريد ان اساله عن مسالة، فقالوا لها: هذا فقيه اهل العراق فسليه، فقالت:ان زوجي مات وترك الف درهم، وكان لي من صداقي خمسمئة درهم، فاخذت صداقي واخذت ميراثي، ثم جاء رجل فادعى عليه  الف درهم فشهدت له، فقال الحكم: فبينا انا احسب ما يصيبها اذ خرج ابو جعفر عليه السلام فقال: ما هذا الذي اراك تحرك به اصابعك ياحكم؟ فاخبرته بمقالة المراة وما سالت عنه، فقال ابو جعفر عليه السلام: ((اقرت بثلث ما في يديها (125) ولا ميراث لها)). قال الحكم:فواللّه ما رايت احدا افهم من ابي جعفر عليه السلام.
قال الفضل بن شاذان: وتفسير ذلك ان الذي على الزوج صار الفا وخمسمئة درهم، للرجل الف، ولها خمسمئة درهم هو ثلث  الدين، وانما جاز اقرارها في حصتها، فلها مما ترك الميت الثلث وللرجل الثلثان، فصار لها مما في يديها الثلث، ويرد الثلثان على  الرجل، والدين استغرق المال كله، فلم يبق شيء يكون لها من ذلك الميراث، ولا يجوز اقرارها على غيرها.
ميراث ابن الملاعنة (126):
ابن الملاعنة لا وارث له من قبل ابيه، وانما ترثه امه واخوته لامه واخواله على نحو ميراث الاخوة من الام وميراث الاخوال  والخالات، فان ترك ابن الملاعنة ولدا فالمال بينهم على سهام اللّه، وان ترك الام فالمال لها، وان ترك اخوة فعلى ما بينا من سهام  الاخوة للام، فان ترك خالا وخالة فالمال بينهما بالسوية، وان ترك اخوة وجدا فالمال بين الاخوة والجد بينهم بالسوية الذكر والانثى فيه سواء، وان ترك اخا وجدا فالمال بينهما نصفان، وان ترك ابن اخته وجدا فالمال للجد لانه اقرب ببطن، ولا يشبه هذا ابن الاخ للاب والام مع الجد، وان ترك امه وامراته فللمراة الربع وما بقي فللام، وان ترك ابن الملاعنة امراته وجده ابا امه وخاله  فللمراة الربع وللجد الثلث، وما بقي رد عليه لانه اقرب الارحام، فان ترك جدة واختا فالمال بينهما نصفان.
وان ماتت ابنة ملاعنة وتركت زوجها وابن اخيها وجدها فللزوج النصف وما بقي فللجد، لانه كانها تركت اخا لام وابن اخ  لام  فالمال للاخ.
الاقرار بوارث اخر (127):
قال الفضل بن شاذان: ان مات رجل وترك ابنتين وابنين فاقر احدهم باخ اخر فانه انما اقر على نفسه وعلى غيره، وانما يجوزاقراره على نفسه ولا يجوز اقراره على غيره ولا على اخوته واخواته، فيلزمه في حصته للاخ الذي اقر به نصف سدس جميع  المال.
وان ترك ثلاث بنات فاقرت احداهن باخت ردت على التي اقرت لها ربع ما في يديها.
وان ترك اربع بنات واقرت واحدة منهن باخ ردت على الذي اقرت له ثلث ما في يديها وهو نصف سدس المال.
وان ترك ابنين فادعى احدهما اخا وانكر الاخر فانه يرد هذا المقر على الذي ادعاه ثلث ما في يديه.
وان مات احدهما لم يورثا، لان الدعوى انما كان على ابيه ولم يثبت نسب المدعي بدعوى هذا على ابيه.
طائفة من الالزامات على فقه الجمهور:
قال الشيخ الطوسي في التهذيب (128): وقد ذكر الفضل بن شاذان(ره) الزامات للمخالفين لنا، اوردناها على وجهها لانها واقعة موقعها.
فمن ذلك انه قال: اوجبوا ان اللّه تعالى فرض المحال المتناقض فقالوا في ابوين وابنتين وزوج: للابوين السدسان، وللابنتين  الثلثان، وللزوج الربع، فزعموا ان اللّه عزوجل اوجب في مال ثلثين وسدسين وربعا، وهذا محال متناقض فاسد، لان هذا لا يكون  في مال ابدا، واللّه لا يتكلم بالمحال ولا يوجب التناقض.
ثم زعموا ان للابنتين الثلثين اربعة من سبعة ونصف، وثلثا سبعة ونصف يكون خمسة لا اربعة، فسموا نصفا وثلث عشرثلثين، وهذا محال متناقض.
وزعموا ان للزوج واحدا ونصفا من سبعة ونصف، وهذا هو خمس لا ربع، فسموا الخمس ربعا، وهذا كله محال  متناقض.
وزعموا ان للابوين السدسين اثنين من سبعة ونصف، وانما يكون السدسان من سبعة ونصف اثنين ونصف، فسمو اربعا وسدس عشر ثلثا، وهذا محال متناقض.
وكذلك قالوا في زوج واخت لاب وام واختين لام فقالوا: للزوج النصف ثلاثة من ثمانية، وذلك انما يكون ربعا وثمنا، فسموا ثلاثة  اثمان نصفا.
وقالوا: للاختين للام الثلث اثنان من ثمانية، وذلك انما هو ربع، فسموا الربع ثلثا.
وقالوا: للاخت من الاب والام النصف ثلاثة من ثمانية، ونصف الثمانية انما يكون اربعة لا ثلاثة، فسموا ثلاثة اثمان نصفا، وهذا كله محال متناقض.
واذا ذهب النصفان فاين موضع الثلث؟! وكذلك قالوا في زوج واختين لاب وام واختين لام فقالوا:
للزوج النصف ثلاثة من تسعة، وذلك هو ثلث لا نصف، فسموا الثلث  نصفا.
وقالوا: للاختين للاب والام الثلثان اربعة من تسعة، وثلثا تسعة انما هو ستة لا اربعة، فسموا الثلث وثلث الثلث  ثلثين.
وقالوا: للاختين من الام الثلث اثنان من تسعة، والثلث من تسعة يكون ثلاثة لا اثنين، فسموا اقل من الربع ثلثا، وهذا كله محال  متناقض.
وكذلك قالوا في زوج وام واختين لاب وام واختين لام، فقالوا:للزوج النصف ثلاثة من عشرة، ونصف عشرة يكون خمسة لا ثلاثة، فسموا اقل من الثلث نصفا.
وقالوا: للام السدس واحد من عشرة، فسموا العشر سدسا. وقالوا: للاختين من الاب والام الثلثان اربعة من عشرة، فسموا خمسين ثلثين.
وقالوا: للاختين من الام الثلث اثنان من عشرة، واثنان من عشرة يكونان خمسا، فسموا الخمس ثلثا، وهذا كله محال متناقض  فاسد، وهو تحريف الكتاب كما حرفت اليهود والنصارى كتبهم، وذلك ان اللّه عزوجل لا يفرض المحال، ولا يغلط في الحساب،ولا يخط ى في اللفظ والقول والتسمية، ولا يموه على خلقه، ولا يلبس على عباده، ولا يكلفهم المجهول الذي لا تضبطه العقول،وقد اوجبوا كل هذا على رب العزة، ولو كان مراد اللّه عزوجل الذي قالوا لقدر ان يسمي السبع والثمن والعشر كما سمى الربع  والثلث والنصف، الا ان يكون اللّه عزوجل اراد عندهم ان يتعمد الخطا وان يغالط العباد ويموه على الخلق ويدخل في السخف  والجهل والعبث، وكل هذا محال في صفة اللّه تعالى ومنزه عزوجل عما وصفه به الجاهلون، وفيما بينا كفاية ان شاء اللّه تعالى.
ويقال لهم: ان جاز هذا الذي قلتم فما تنكرون ان يكون قوله عزوجل في كفارة اليمين: (اطعام عشرة مساكين)(129)؟! انما هوواحد في المعنى، لقوله عزوجل: (من جاء بالحسنة فله عشر امثالها)(130)، فالعشرة هاهنا واحد في المعنى، وكذلك قوله: (فاطعام ستين مسكينا)(131)، فالستون هاهنا في المعنى ستة، وكذلك قوله: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة)(132)، فالمئة هاهنا في المعنى ثمانون التي هي الحد المعروف. فان قالوا: كيف يكون العشرة واحدا، والستون ستة،والمئة ثمانين؟ قيل لهم: كما جاز ان يكون النصف ثلثا، والثلث عندكم ربعا، والربع خمسا، والمتعارف من الخلق على خلاف  ذلك، وهذا لازم على قياد قولهم، وفيه دليل ان الصحيح ما قاله ابن عباس رضي اللّه عنه والائمة الهادية من ال محمد عليه السلام. انتهى  كلام الفضل(ره).

 

 

 

 

 

 

الهوامش:

ـــــــــــــــــــــــ
(1) الفهرست: 125. رجال النجاشى: 307.
(2)من لا يحضره الفقيه 4: 275.
(3) المصدر السابق: 277.
(4) المصدر السابق: 286.
(5) انظر: سفينه البحار 2: 368.
(6) الايضاح (لابن شاذان): 93.
(7) مقدمه الايضاح (للمحدث الارموى رحمه  اللّه): 34، نقلا عن رجال الميرزا محمد الاخبارى قدس  سره، وعن سفينه النجاه (للفيض الكاشانى قدس سره): 102.
(8) الايضاح: 108.
(9) المصدر السابق: 128.
(10) الحجرات: 1.
(11) يونس: 59.
(12) النحل: 116، 117.
(13) الايضاح: 127.

(14) تهذيب الاحكام 9: 251.
(15) النساء: 23.
(16) كذا فى الكافى والصحيح: ابنته.
(17) النساء: 22.
(18) الانعام: 84.
(19) المصدر السابق: 85.
(20) فروع الكافى 7: 90.
(21) تهذيب الاحكام 9: 252.
(22) رسائل الشريف المرتضى 3: 264.
(23) المختلف 9: 67، ط مكتب الاعلام الاسلامى.
(24) جواهر الكلام 39: 112.
(25) المختلف 9: 70.
(26) المصدر السابق.
(27) انظر: المقنع: 175.
(28) فروع الكافى 7: 119 و120.
(29) انظر: رجال النجاشى: 306.
(30) المصدر السابق.
(31) الايضاح: 92.
(32) انظر: خلاصه الاقوال: 141، 253، 268، 212.
(33) المصدر السابق: 253.
(34) انظر: المصدر السابق: 250، 251، 266، 212.
(35) المصدر السابق.
(36) اختيار معرفه الرجال 2: 818.
(37) معجم رجال الحديث 13: 299.
(38) من لا يحضره الفقيه 1: باب الاذان والاقامه، ح 915، وباب وصف الصلاه، ح 920 و927، وباب عله التقصير فى السفر، ح 1320، وباب صلاه العيدين، ح 1488، وباب صلاه الكسوف والزلازل، ح 1513.
(39) معجم رجال الحديث 13: 298.

(40) المصدر السابق 15: 90. مستدركات علم الرجال 6: 456.
(41) من لا يحضره الفقيه 4: 457، ط جماعه المدرسين.
(42) الاستبصار 4: 315. التهذيب 10: 47.
(43) انظر: اختيار معرفه الرجال 2: 796.
(44) مصفى المقال: 362، والرمز الذى استخدمه كلمه (فش).
(45) رجال النجاشى: 334.
(46) المصدر السابق: 328. خلاصه الاقوال: 251.
(47) اختيار معرفه الرجال 2: 781، 783، 796.
(48) المصدر السابق: 748.
(49) المصدر السابق: 818.
(50) المصدر السابق: 780، 818.
(51) المصدر السابق 9: 470.
(52) المصدر السابق: 477.
(53) المصدر السابق: 494.
(54) المصدر السابق: 668.
(55) المصدر السابق: 494.
(56) المصدر السابق: 710.
(57) المصدر السابق 1: 329.
(58) رجال النجاشى: 307.
(59) انظر: قاموس الرجال 8: 417.
(60) فهرست الطوسى: 125.
(61) اختيار معرفه الرجال 2: 818.
(62) المصدر السابق: 820.
(63) سفينه البحار 2: 369.
(64) فروع الكافي 6: 93 الى 96.
(65) الطلاق: 1.

(66) في القاموس: راغمهم نابذهم وهاجرهم.
(67) في بعض النسخ ماضي.
(68) ملخص الجواب: الفرق بين الخروجين قبل الطلاق وبعده في عدم جوازهما بدون اذن زوجها وجوازهماباذنه.
(69) فروع الكافي 7: 91 الى 93.
(70) قال الشيخ الصدوق في المقنع (ص 170): ((واذا تركت المراة زوجها وابن ابنها فان الفضل بن شاذان(ره) قال: للزوج الربع وما بقي فلولد الولد، وكذلك اذا ترك الرجل امراة وابن ابن فللمراة الثمن وما بقي فلابن الابن.
ثم قال(ره) معقبا على كلام الفضل: ولم ارو بهذا حديثا عن الصادقين(ع)، ولكنه وافق الفضل في الهداية والفقيه معللاذلك بان الزوجين ليسا بوارثين اصليين، انما يرثان من جهة السبب لا من جهة النسب، فولد الولد معهما بمنزلة الولد،لانه ليس للميت ولد ولا ابوان.
(71) تعرض الشيخ الصدوق(ره) الى هذه المسالة في كتاب (من لا يحضره الفقيه 4: 270)، ونقل راي الفضل فيها ونقده  قائلا: وهذا مما زل به قدمه عن الطريقة المستقيمة، وهذا سبيل من يقيس. وفي المختلف (9: 64): ان راي الفضل هوالمشهور.
(72) النساء: 23.
(73) كذا في الكافي والصحيح: ابنته.
(74) النساء: 22.
(75) الانعام: 84.
(76) المصدر السابق: 85.

(77) فروع الكافي 7: 97.
(78) المصدر السابق 7: 100.
(79) النساء: 11.
(80) واورد الشيخ الصدوق هذه المسالة ايضا في الفقيه: 267، مع اختلافات لفظية يسيرة مع ما في الكافي.
(81) فروع الكافي 7: 106 الى 110.
(82) النساء: 176.
(83) الاعيان: الاخوة لاب واحد وام واحدة، ماخوذ من عين الشيء وهو النفيس منه. (النهاية 3: 333).
(84) في بعض النسخ: «اعيان بني الام ».
(85) بنو العلات: هم اولاد الرجل من نسوة شتى، سميت بذلك لان الذي تزوجها على اولى قد كانت قبلها «ناهل ثم عل من هذه » والعلل: الشرب الثاني، يقال: علل بعد نهل. (الصحاح 5: 1773 ).
(86) في من لا يحضره الفقيه (4: 275) اضافة: ((سهمه المسمى له)).
(87) وناقشه الشيخ الصدوق(ره) فقال: انما يكون ابن الاخ بمنزلة الاخ اذا لم يكن له اخ، فاذا كان له اخ لم يكن بمنزلة الاخ، كولد الولد انما هو ولد اذا لم يكن للميت ولد ولا ابوان... الخ. وقال العلامة في المختلف (9: 68) بعد نقل كلام الشيخ الصدوق: ولا ريب في ان الحق ليس في طرف الفضل.
(88) في المقنع (ص 173) ومن لا يحضره الفقيه (4: 277): ابن ابن «ابن »، والظاهر صحة ما في الكافي، لموافقة ما نقله العلامة في المختلف عن المقنع والفقيه لما في الكافي.
(89) قال الشيخ الصدوق(ره) بعد نقل قول الفضل هذا في من لايحضره الفقيه (4: 277): انه على خلاف الاصل الذي بنى اللّه عزوجل عليه فرائض المواريث. وفي المقنع (ص 173) بعد ايراده قول الفضل قال: ولم ارو بهذا حديثا ولم اجده في غير كتابه.
(90) كذا في الكافي.
(91) فروع الكافي 7: 117 الى 120.
(92) في من لا يحضره الفقيه (4: 287) زيادة لفظة ((ابدا)). ثم ذكر بعد ايراد المسالة عن الفضل: وذكر الفضل بن شاذان من الدليل على ذلك ما رواه فراس، عن الشعبي، عن ابن عباس انه قال: كتب الي علي بن ابي طالب عليه السلام في ستة اخوة  وجد: ان اجعله كاحدهم وامح كتابي، فجعله علي عليه السلام سابعا معهم. ثم ناقشه(قده) فيما ذهب اليه فقال: وغلط الفضل في ذلك، لان الجد يرث مع ولد الولد، ولا يرث معه الاخ، ويرث الجد من قبل الاب مع الاب، والجد من قبل الام مع الام،فكيف يكون الجد بمنزلة الاخ ابدا؟! وكيف يرث حيث يرث ويسقط حيث يسقط؟! بل الجد مع الاخوة بمنزلة احدمنهم، فاما ان يكون ابدا بمنزلتهم يرث حيث يرث الاخ ويسقط حيث يسقط الاخ فلا.
ثم ساق الخبر الذي احتج به الفضل، وهو الخبر المروي عن ابن عباس، وعقب عليه قائلا: وليس هذا بحجة للفضل، لان هذا الخبر انما يثبت ان الجد مع الاخوة بمنزلة واحد منهم، وليس يثبت كونه ابدا بمنزلة الاخ، ولا يثبت انه يرث حيث  يرث الاخ ويسقط حيث يسقط الاخ، انتهى كلام الشيخ الصدوق. والمشهور ما قاله الفضل كما في المختلف (9: 69).
(93) النساء: 25.

(94) سميت الاكدرية لان عبدالملك بن مروان سال عنها رجلا يقال له الاكدر فلم يعرفها، كذا في القاموس.
(95) فروع الكافي 7: 121 الى 125
(96) في المقنع (ص 175): ((وكذلك العم والخالة، والصحيح ما في الكافي بقرينة السياق )).
(97) اي اقرب الى الميت، من قولهم فلان قعيد النسب، وقعدد وقعدود اي قريب الاباء من الجد الاكبر، كما قاله  الفيروزابادي.
(98) الظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في هذه الفروض في اختصاص المتقرب بالابوين او بالاب بالفاضل من نصيبهما وعدم الرد على كلالة الام صرح الفضل ايضا هنا بالاختصاص.
(99) اي مع اتحاد الاب.
(100) هذا يدل على ان حكم المسالة الاجماعية لا يسري في الاولاد كما صرح به الشهيد الثاني(ره) وغيره.
(101) هذا هو المشهور، وقيل: للخالة الثلث وللعمة الثلثان.
(102) كان تزويج ام زيد بعد مفارقة ابيه برجل، فولدت منه ولدا، وكان لابيه ولد من غير امه، فحصل التزويج بينهما،فولد الحاصل منهما ولد الاخ للاب والاخت للام او بالعكس.
(103) هذا على اصله خلافا للمشهور كما عرفت.
(104) هذا مع اتحاد الام والا فبالسوية.
(105) لعله كان ((واخا لاب وام)) فصحف او كان ((ابنة عم لاب وام)) فيما سبق في الموضعين، فيكون غرضه تشبيه ميراث  الاعمام بميراث الاخوة وبيان ان كلا منهم ياخذ نصيب من يتقرب به، فقوله: ((وهاهنا يفترقان)) اي افتراق نسب ابنة العم  وابن العم من هاهنا من عند الاب، فهم في حكم وراث الاب. ويحتمل ان يكون غرضه بيان انه لم يرد الزائد عن  النصف هاهنا على كلالة الام، لان العم ليس بذي فرض وهاهنا كانت الاخت من الاب ذات فرض.
(106) اقتسام الخوولة مطلقا بالسوية هو المذهب كغيرهم ممن ينتسب الى الميت بام، ونقل الشيخ في الخلاف عن بعض
الاصحاب ان الخوولة للابوين او للاب يقتسمون للذكر ضعف الانثى نظرا الى تقربهم باب في الجملة، وهو ضعيف، لان تقر ب الخوولة بالميت بالام مطلقا، ولا عبرة بجهة قربها.
(107) من لا يحضره الفقيه 4: 292. وهذا الفرع لم يذكره في الكافي.
(108) وفي المختلف 9: 70: والحق ما قاله الصدوق، لان الجد وان علا اولى من العم والخال واولادهم.
(109) فروع الكافي: 142 و 143
(110) في من لا يحضره الفقيه (4: 320) لانه في ذلك بمنزلة الامام يقيم حدا على رجل فيموت الرجل من ذلك الضرب  فلا دية على الامام ولا كفارة، ولا يسمى الامام قاتلا اذا اقام حدا للّه عزوجل على رجل فمات من ذلك.
(111) في من لا يحضره الفقيه (4: 320) اضافة: ((وكانت عليه الكفارة، وكل من كان له الميراث لا كفارة عليه، وكل من لم يكن له الميراث فعليه الكفارة.))
(112) الخراج -كما في القاموس: القروح.
(113) اي شقه.
(114) في من لا يحضره الفقيه: ((ولا دية )).
(115) في من لا يحضره الفقيه اضافة: ((وكانت الدية على العاقلة والكفارة عليه )).
(116) في من لا يحضره الفقيه: ((وانما الزم العاقلة الدية في ذلك احتياطا للدماء )).
(117) في من لا يحضره الفقيه: ((اذا لم يدرك )).
(118) في من لا يحضره الفقيه اضافة: ((الا ترى ان الاخوة يحجبون الام ولا يرثون)). وبهذه العبارة ينتهي نقل الشيخ  الصدوق لمسائل الفضل في كتاب الارث.
(119) فروع الكافي 7: 146.
(120) قال في المختصر النافع: قد اختلف الاصحاب في ميراث المجوس، فالمحكي عن يونس انه لا يورثهم الابالصحيح من النسب والسبب، وعن الفضل بن شاذان: انه يورثهم بالنسب صحيحه وفاسده، والسبب الصحيح خاصة وتابعه المفيد(ره(، وقال الشيخ ابوجعفر(ره) يورثون بالصحيح والفاسد منهما، واختيار الفضل اشبه.
(121) فروع الكافي 7: 148 و 149.
(122) البقرة: 189.
(123) كذا في الكافي، والظاهر سقوط الهاء في اخره: (ازلناه).
(124) فروع الكافي 7: 167.
(125) قوله: ((اقرت بثلث ما في يديها))، وقد مر هكذا في كتاب الوصايا، وفي الفقيه وبعض نسخ التهذيب: ((بثلثي ما في يديها))، ولعله كان هكذا في رواية الفضل ففسره بما فسره، او حمل قوله(ع): ((اقرت بثلث ما في يديها)) على ان المعنى:اقرت بان لها ثلث ما في يديها، او قرى: اقرت على البناء للمجهول، اي تقر المراة على الثلث ويرد منها الباقي.
وفي  الدروس بعد نقل هذا الخبر، وتحقيق المسالة والذي في التهذيب نقلا عن الفضل: ((فقد اقرت بثلث ما في يديها)) وانه  بخط مصنفه، وكذا في الاستبصار، وهذا موافق لما قلناه، وذكره الشيخ ايضا بسند اخر غير الفضل وغير الحكم متصلا بفضيل بن يسار عنه(ع): ((اقرت بذهاب ثلث مالها، ولا ميراث لها، تاخذ المراة ثلثي خمسمئة وترد عليه ما بقي)(محمد تقي المجلسي.
(126) فروع الكافي 7: 161 و 162.

(127) المصدر السابق 7: 166.
(128) تهذيب الاحكام 9: 252 و 253.
(129) المائدة: 89.
(130) الانعام: 160.
(131) المجادلة: 4.
(132) النور: 2.

العصر القديم : ٢٠١٣/٠٦/٠٥ : ٦.٤ K : ٠
التعليقات:
لا توجد تعليقات.