الشهيد الشيخ زين الدين بن علي الجبعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني قدس سره
(911 هـ - 965 هـ)
اسمه ونسبه:
الشيخ زين الدين بن الشيخ علي بن أحمد الجبعي العاملي، المعروف بالشهيد الثاني.
ولادته:
ولد الشهيد الثاني في الثالث عشر من شوال 911 هـ.
نشأته:
نشأ في أُسرة علمية فاضلة، يكفي أنّ ستّة من آبائه وأجداده كانوا من العلماء الفضلاء، وكان قد اجتمع لديه عاملان مهمَّان، نهضاً به إلى تسلق سنام المجد وهما:
الأوّل: الجو العلمي الذي تأثّر به فبلور ذهنيته، ونمى فيه مواهب الفقاهة والمعرفة.
الثاني: الحالة الروحية التي كان يتمتّع بها الشهيد الثاني منذ صباه، فقد بكر بختم القرآن، والتوجّه العبادي.
وإلى جانب هذين العاملين كانت الهجرة من وطنه طلباً للعلم سبباً آخر في ارتقائه مدارج المعرفة، فسافر إلى قرية ميس، وهي إحدى قرى جبل عامل في جنوب لبنان، ولم يكن تجاوز سنَّ المراهقة، فأكمل دراسته المعمّقة مشفوعةً بالبحث الجاد، والمراجعة المركزة، فقطع مراحل عديدة في مدّة قصيرة، وهو في شوق إلى العلم، وحُسن استماع لحديث الأكابر، وكان شجاعاً في ساحات الحوار والمباحثة، يُفيد ويستفيد.
رحلاته:
قضى قرابة ثلاثين عاماً من عمره في أسفار ورحلات، فمنها العلمية، حيث درس خلالها على أفضل العلماء، ودرَّس جمعاً غفيراً، ومنها العبادية، تشرَّف فيها بالحج والعمرة، وزيارة بيت المقدِس، وزيارة العتبات المقدّسة في مدينة النجف الأشرف، ومدينة كربلاء والكاظمية وسامرّاء بالعراق.
وكانت سفراته العلمية إلى ميس، وكرك نوح، وجُبَع، ودمشق، ومصر، والحجاز، وبيت المقدس، والروم، وحلب، وأسكدار، وبعلبك، وغيرها، حتّى لم يُبقِ السفر من عمره إلاّ عشر سنوات قضاها مقيماً في بلاده.
أقوال العلماء فيه: نذكر منهم ما يلي:
1ـ قال الشيخ محمّد ابن العودي العاملي: (حاز من خصال الكمال ومآثرها، وتردّى من أصنافها بأنواع مفاخرها، كانت له نفس علية تزهي بها الجوانح والضلوع، وسجية سنية يفوح منها الفضل ويضوع، كان شيخ الأُمّة وفتاها، ومبدأ الفضائل ومنتهاها ...).
2ـ قال الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل: (أمره في الفقه والعلم والفضل، والزهد والعبادة والورع، والتحقيق والتبحّر وجلالة القدر، وعظم الشأن، وجمع الفضائل والكمالات أشهر من أن يُذكر، ومحاسنه وأوصافه الحميدة أكثر من أن تحصى وتحصر، ومصنّفاته مشهورة ... وكان فقيهاً مجتهداً، ونحوياً حكيماً، متكلّماً قارئاً، جامعاً لفنون العلوم، وهو أول مَن صنَّف من الإمامية في دراية الحديث).
3ـ قال الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة البحرين: (وكان هذا الشيخ من أعيان هذه الطائفة ورؤسائها، وأعاظم فضلائها وثقاتها، عالم عامل، محقّق مدقّق، زاهد مجاهد، محاسنه أكثر من أن تحصى، وفضائله أزيد من أن تستقصى).
أساتذته: نذكر منهم ما يلي:
1ـ الشيخ علي بن الحسين الكركي العاملي، المعروف بالمحقق الثاني.
2ـ السيّد حسن بن السيّد جعفر الكركي.
3ـ الشيخ علي بن عبد العالي الميسي.
4ـ أبوه، الشيخ علي الجبعي العاملي.
تلامذته: نذكر منهم ما يلي:
1ـ الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي، والد الشيخ البهائي.
2ـ أخوه، الشيخ عبد النبي الجبعي العاملي.
3ـ السيّد علي بن الحسين الموسوي العاملي.
4ـ الشيخ محمّد ابن العودي العاملي.
5ـ السيّد علي بن الحسين الصائغ.
6ـ الشيخ علي بن زهرة العاملي .
مؤلفاته: نذكر منها ما يلي:
1ـ غُنية القاصدين في معرفة اصطلاحات المحدِّثين.
2ـ جواهر الكلمات في صيغ القعود والإيقاعات.
3ـ التنبيهات العَلية على وظائف الصلاة القلبية.
4ـ نتائج الأفكار في حكم المقيمين في الأسفار.
5ـ الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية.
6ـ مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام.
7ـ روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان.
8ـ منار القاصدين في معرفة معالم الدين.
9ـ مُنية المريد في آداب المفيد والمستفيد.
10ـ مسكن الفؤاد عند فقد الأحبّة والأولاد.
11ـ تمهيد القواعد الأُصولية والعربية.
12ـ كشف الريبة عن أحكام الغِيبة.
13ـ الفوائد الملية في شرح النفلية.
14ـ البداية في سبيل الهداية.
15ـ كتاب الرجال والنسب.
16ـ الاقتصاد والإرشاد.
17ـ جوابات المسائل.
18ـ حاشية الإرشاد.
19ـ حقائق الإيمان.
20ـ الدراية.
شهادته:
بالرغم من الروح الإنسانية والأخلاقية التي تحلَّى بها الشهيد الثاني مع المسلمين المخالفين له في الرأي، إلاّ أنَّه لم يسلم من الضغط الشديد، والمراقبة الخانقة، وإحاطة العيون والجواسيس بمنزله، حتّى اضطرَّه ذلك إلى ترك مدينة بعلبك عام 955 هـ، والرجوع إلى بلدته جُبَع، ولم يَنتهِ الحقد الدفين في قلوب أعدائه، فاغتاله أحد أزلام ملك الروم بوشايةٍ من قاضي مدينة صيدا، وذلك في الخامس عشر من شهر رمضان 965 هـ.