آية الله العظمى السيد محسن الحكيم قدس سره
ولادته:
ولد آية الله الحكيم سنة 1306 هـ في مدينة النجف الأشرف في أسرة كريمة الأصل وكان مبجّلا من قبل الجميع لفضله وعلمه.
دراسته:
تعلّم آية الله السيد محسن الحكيم قراءة القرآن في سن السابعة وشرع بطلب العلوم الإسلامية في سن التاسعة وقد ظهر له من النبوغ والاستعداد والذكاء ما جعل كل من حوله يستبشر له بمستقبل زاهر درس المقدمات عند أخيه الكبير السيد محمد الحكيم وحضر السطوح العالية عند جمع من فضلاء النجف الأشرف وحضر درس آية الله الآخوند الخراساني سنة 1326 هـ وهو في ريعان شبابه واستمر على ذلك ثلاث سنوات.
وبعد وفاة الآخوند حضر السيد الحكيم دورتين في أصول الفقه للمرحوم آية الله آغا ضياء الدين العراقي الذي قام بتربية جمع من الفضلاء الحائزين على مستوى علمي رفيع وفي الوقت ذاته كان يحضر درس المرحوم آية الله النائيني وجمع آخر من علماء النجف البارزين وفي سنة 1338 هـ بدأ تدريسه للفقه والأصول فحضر عنده جماعة من فضلاء الشباب في النجف وكان السيد الحكيم مدينا فيما وصل إليه من المنزلة المعنوية والأخلاقية للسيد محمد سعيد الحبوبي.
منزلته الاجتماعية:
كان آية الله العظمى السيد محسن الحكيم إحدى الشخصيات اللامعة في تاريخ الشيعة والمذهب وكانت حياته التي خلدها التاريخ حياة مثيرة وكان موته حدثا كبيرا وكان من الرجال الكبار الذين جعلوا حياتهم وقفا في خدمة الإسلام والمسلمين والعلم والفكر وقفا لطلاب العلم والمتعطشين إلى الحقيقة وفي سبيل المحرومين والمظلومين وخلّف مئات الآثار العلمية والاجتماعية وثبت السيد الحكيم صامدا كالجبل أمام الحوادث والاضطرابات ولم يستسلم أبدا ولم يعرف الضعف والعجز لذا اعتبره شيعة العالم سدا منيعا أمام الحوادث وبذلك حفظ لهم كيانهم ووجودهم.
نجوم آل الحكيم:
لا شك أن أسرة الحكيم في النجف تعدّ من أفخر الأسر وإلى جانب ما تمتع به السيد الحكيم من نشاطات اجتماعية وعلمية فقد حباه الله بذرية لمع نجمها في سماء العلم خلّف السيد الحكيم من الأبناء عشرة ومن البنات أربعا وهم:
1 - آية الله الحاج السيد يوسف الحكيم ولده الأكبر والذي كان من أساتذة الفقه والأصول في حوزة النجف
2 - حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد محمد رضا الحكيم
3 - الشهيد حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد محمد مهدي الحكيم
4 - حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد كاظم الحكيم
5 - آية الله شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم.
6 - الشهيد حجة الإسلام والمسلمين الدكتور السيد عبد الهادي الحكيم
7 - الشهيد آية الله الحاج السيد عبد الصاحب الحكيم
8 - الشهيد حجة الإسلام والمسلمين السيد علاء الدين الحكيم
9 - الشهيد حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد محمد حسين الحكيم
10 - حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد عبد العزيز الحكيم.
نشاطاته السياسية:
سئل السيد الحكيم يوما عن رأيه في السياسة وتدخّل العلماء فيها فأجاب: "إذا كان معنى السياسة هو إصلاح أمور الناس بحسب الأصول العقلائية الصحيحة والعمل على تحقيق رفاهيتهم كما هو المعنى الصحيح للسياسة فإن الإسلام كله هو هذا وليس هو غير السياسة وليس للعلماء وظيفة غير هذه وأما إذا كان المقصود من السياسة معنى آخر فإن هذا شيء غريب عن الإسلام" .
ولما أنزلت بريطانيا قواتها في منطقة الفاو الواقعة في الخليج العربي بهدف السيطرة على العراق وقامت طائراتها بقصف مدنه و قتل أبناء الشعب العراقي أصدر أستاذه المرحوم السيد محمد سعيد الحبوبي أمرا بالجهاد وذهب بنفسه إلى مدينة الناصرية الواقعة في جنوب العراق فرافقه السيد محسن الحكيم في سفره الجهادي هذا وأظهر السيد الحكيم وأستاذه صبرا واستقامة في تلك الجبهات.
ولما قوي نفوذ الشيوعيين في أجهزة ومؤسسات العراق وملئوا الأجواء بالرعب والخوف أصدر السيد الحكيم فتواه المشهورة حيث قال:"الشيوعية كفر وإلحاد" فكسر شوكتهم وأنقذ العراق والمقدسات الدينية من الخطر الذي أحدق بهما وفي سفراته المتكررة خلال بروز الحوادث والاضطرابات السياسية إلى الكاظمية وكربلاء كانت تقام المظاهرات التي تعم أرض العراق والتي تكلّلت في كثير من مراحلها بالنصر والغلبة كان للمرحوم آية الله الحكيم رغبة شديدة في تأسيس المدارس والمكتبات العامة والمساجد وسائر المؤسسات العلمية والدينية وتعدّ مكتبته المعروفة بمكتبة الإمام الحكيم في النجف الأشرف من أغنى وأحدث المكتبات الإسلامية وكان لها أكثر من مائة فرع في المدن العراقية المختلفة.
وتمّ بناء العديد من المدارس والمساجد في النجف الأشرف وبغداد والبصرة وسائر نقاط العراق والدول الإسلامية الأخرى بأمره و قد بقي اسمه رحمهالله خالدا في ذاكرة الجماهير وقد أحدث آية الله الحكيم نظما ومؤسسات لإدارة أمور المرجعية واختار لكل قسم مسئولا مستعينا بأهل الخبرة في تأسيس هذه التشكيلات فكانت هذه التشكيلات تدار بنظم خاصة.
من بركات وجوده المقدس:
سافر آية الله الحكيم إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج قبل وفاته بثلاث سنين وقد أولته الحكومة السعودية عناية واحتراما كبيرين وباركت حضوره في أرض الحجاز وأقام له الحجاج الإيرانيون في المدينة المنورة يوم عيد الغدير مراسم خاصة لاستضافته و شارك فيها الآلاف من الناس وببركته استطاع الحجاج الإيرانيون الذهاب إلى العراق وزيارة مراقد أئمة الهدى عليهم السلام.
وفي العقد الأخير من عمر السيد الحكيم أراد الإسماعيليون في العراق أن يبدّلوا الضريح المقدس لأبي الفضل ع وأن يقوموا بعمله حسب أذواقهم وكان هدفهم من ذلك الترويج لمذهبهم والتأثير على شيعة العراق ولما سمع آية الله الحكيم هذا الخبر أعلن بأنه سيقوم بتبديل الضريح بنفسه فأعطى الأوامر لفناني أصفهان الذين أعدّوا بعد مدة ضريحا لمرقد أبي الفضل وتم نقل الضريح من إيران في مراسم من التبجيل والاحترام وبصحبة جماعة كبيرة من الناس إلى العراق وتم وضعه في مكانه.
مؤلفاته:
1 - مستمسك العروة الوثقى ويعدّ هذا الكتاب أفضل إنتاجاته العلمية وهو عبارة عن شرح على كتاب العروة الوثقى للمرحوم آية الله السيد كاظم اليزدي وهو كتاب جامع وموجز.
2 - حقائق الأصول شرح على كفاية الأصول للمرحوم الآخوند الخراساني.
3 - دليل المناسك شرح استدلالي مختصر على كتاب مناسك الحج لأستاذه المرحوم العلامة النائيني.
4 - نهج الفقاهة شرح على كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري
5 - رسالة في إرث الزوجة من الزوج وهو أول آثاره العلمية التي كتبها في سنة 1331 هـ ولما عرضه على أستاذه السيد محمد سعيد الحبوبي قال له لم أكن أعرف قدرك ومن الآن أستطيع أن أقول بأنني أعرفك.
6 - شرح كتاب النافع
7 - تعليقة على كتاب الرياض من بحث الإجارة حتى النكاح
8 - رسالة مختصرة في الدراية
وفاته:
بعد عمر حافل بالسعي والجد في إعلاء كلمة الإسلام والمسلمين وبسبب التعامل القاسي للبعثيين الذي واجهه السيد الحكيم أصبح طريح فراشه مريضا وقد أخذه محبوه إلى لندن للعلاج ولمّا عاد إلى النجف الأشرف قام النظام البعثي بمنعهم من الالتقاء به وفي يوم الثلاثاء 27 ربيع الأول سنة 1390 هـ توفي السيد الحكيم عن أربع وثمانين سنة ودفن في مقبرة خاصة بجوار مسجد الهندي في النجف الأشرف.