الرسائل الشخصية للإمام المهدي عليه السلام
الرسائل الشخصية للإمام المهدي عليه السلام تُعد الرسائل الشخصية للإمام المهدي عليه السلام معلماً مهماً في تعايشه عليه السلام مع شيعته ومواليه، ومن خلال هذه الرسائل نلمسُ أهمية هذا التعاطي الذي حرص عليه الإمام المهدي عليه السلام في متابعة أحوال شيعته وحرصه البالغ على سلامة مسيرة حياتهم وتكاملها. رسالته عليه السلام إلى إبراهيم بن محمد بن فارس: عن سعد، عن محمد بن عبيد الله بن أبي غانم، عن إبراهيم بن محمد ابن فارس قال: كنت أنا وأيوب بن نوح في طريق مكة، فنزلنا على وادي زبالة، فجلسنا نتحدث، فجرى ذكر ما نحن فيه وبعد الأمر علينا، فقال أيوب بن نوح: كتبت في هذه السنة أذكر شيئا من هذا، فكتب (إلي): إذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم.(1) رسالته عليه السلام إلى الحسين بن روح: عن الحسين بن علي بن بابويه قال: حدثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاج، وهي سنة تناثر الكواكب أن والدي رضي الله عنه كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه يستأذن في الخروج إلى الحج، فخرج في الجواب: لا تخرج في هذه السنة. فأعاد وقال: هو نذر واجب، أفيجوز لي القعود عنه. فخرج في الجواب: إن كان لابد فكن في القافلة الاخيرة. وكان في القافلة الاخيرة فسلم بنفسه وقُتل من تقدمه في القوافل الأُخر.(2) رسالته عليه السلام في الإذن في الدخول إلى القبر: روى الشلمغاني في كتاب الأوصياء: أبو جعفر المروزي قال: خرج جعفر بن محمد بن عمر وجماعة إلى العسكر ورأوا أيام أبي محمد عليه السلام في الحياة و فيهم علي بن أحمد بن طنين، فكتب جعفر بن محمد بن عمر يستأذن في الدخول إلى القبر، فقال له علي بن أحمد: لا تكتب اسمي فإني لا أستأذن، فلم يكتب اسمه فخرج إلى جعفر: ادخل أنت ومن لم يستأذن. (3) قصة الحوانيت: روي عن محمد بن هارون الهمداني قال كان عليّ خمسمائة دينار وضقت بها ذرعاً، ثم قلت في نفسي: لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة دينار وثلاثين ديناراً قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار، ولا والله ما نطقت بذلك ولا قلت، فكتب عليه السلام إلى محمد بن جعفر: اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بخمسمائة دينار التي لنا عليه.(4) مع حاجز وكيل الناحية: روى محمد بن يوسف الشاشي أنني لما انصرفت من العراق كان عندنا رجل بمرو يقال له: محمد بن الحصين الكاتب، وقد جمع مالاً للغريم، قال: فسألني عن أمره فأخبرته بما رأيته من الدلائل فقال: عندي مال للغريم فما تأمرني؟ فقلت: وجّه إلى حاجز، فقال لي: فوق حاجز أحد؟ فقلت: نعم الشيخ، فقال: إذا سألني الله عن ذلك أقول إنك أمرتني؟ قلت: نعم. وخرجت من عنده فلقيته بعد سنين فقال: هو ذا أخرج إلى العراق ومعي مال للغريم، وأعلمك أني وجهت بماءتي دينار على يد العابد بن يعلى الفارسي وأحمد بن علي الكلثومي، وكتبت إلى الغريم بذلك وسألته الدعاء فخرج الجواب بما وجّهت، ذكر أنه كان له قِبلي ألف دينار وأني وجهت إليه بماءتي دينار لأني شككت (و) أن الباقي له عندي، فكان كما وصف، قال: إن أردت أن تعامل أحداً فعليك بأبي الحسين الاسدي بالري. فقلت: أكان كما كتب إليك؟ قال: نعم، وجهت بمأتي دينار لأني شككت فأزال الله عني ذلك، فورد موت حاجز بعد يومين أو ثلاثة، فصرت إليه وأخبرته بموت حاجز فاغتمّ، فقلت: لا تغتم فإن ذلك في توقيعه إليك وإعلامه أن المال ألف دينار والثانية أمره بمعاملة الاسدي لعلمه بموت حاجز.(5) رسالته عليه السلام إلى محمد بن شاذان: عن محمد بن شاذان قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم ناقصة عشرين فأتممتها من عندي وبعثت بها إلى محمد بن أحمد القمي ولم أكتب كم لي منها، فأنفذ إلي كتابه: وصلت خمس مائة درهم لك فيها عشرون درهماً.(6) قصة عاتكة بنت الديراني: روي عن أحمد بن أبي روح قال: وجّهت إلي امرأة من أهل دينور فأتيتها فقالت: يا ابن أبي روح أنت أوثق من في ناحيتنا ديناً وورعاً، وإني أريد أن أودعك أمانة أجعلها في رقبتك تؤدّيها وتقوم بها. فقلت: أفعل إن شاء الله تعالى فقالت: هذه دراهم في هذا الكيس المختوم لا تحلّه ولا تنظر فيه حتى تؤدّيه إلى من يخبرك بما فيه، وهذا قرطي يساوي عشرة دنانير وفيه ثلاث حبات تساوي عشرة دنانير، ولي إلى صاحب الزمان حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها. فقلت: وما الحاجة؟ قالت: عشرة دنانير استقرضتها أمي في عرسي لا أدري ممّن استقرضتها ولا أدري إلى من أدفعها، فإن أخبرك بها فادفعها إلى من يأمرك بها. قال (فقلت في نفسي): وكيف أقول لجعفر بن علي؟ فقلت: هذه المحنة بيني وبين جعفر بن علي، فحملت المال وخرجت حتى دخلت بغداد فأتيت حاجز بن يزيد الوشاء فسلمت عليه وجلست. قال: ألك حاجة؟ قلت: هذا مال دُفع إلي لا أدفعه إليك حتى تخبرني كم هو ومن دفعه إلي؟ فإن أخبرتني دفعته إليك. قال: يا أحمد بن أبي روح توجّه به إلى سرّ من رأى. فقلت: لا إله إلا الله لَهذا أجلُّ شئ أردته، فخرجت ووافيت سر من رأى فقلت: أبدأ بجعفر. ثم تفكّرت فقلت: أبدأ بهم، فإن كانت المحنة من عندهم وإلاّ مضيت إلى جعفر. فدنوت من دار أبي محمد فخرج إلي خادم فقال: أنت أحمد بن أبي روح؟ قلت: نعم. قال: هذه الرقعة اقرأها، فإذا فيها مكتوب: (يا بن أبي روح أودعتك عاتكة بنت الديراني كيساً فيه ألف درهم بزعمك، وهو خلاف ما تظنّ، وقد أدّيت فيه الأمانة ولم تفتح الكيس ولم تدرِ ما فيه، وفيه ألف درهم وخمسون ديناراً، ومعك قرط زعمت المرأة أنه يساوي عشرة دنانير، صدقت مع الفصّين اللذين فيه، وفيه ثلاث حبّات لؤلؤ شراؤها عشرة دنانير وتساوي أكثر، فادفع ذلك إلى خادمتنا إلى فلانة فإنّا قد وهبناه لها، وصر إلى بغداد وادفع المال إلى الحاجز وخُذ منه ما يعطيك لنفقتك إلى منزلك. وأما عشرة الدنانير التي زعمت أن أمها استقرضتها في عرسها وهي لا تدري من صاحبها، بل هي تعلم لمن هي لكلثوم بنت أحمد وهي ناصبية فتحرّجت أن تعطيها وأحبّت أن تقسمها في أخواتها فأستأذنتنا في ذلك، فلتفرقها في ضعفاء أخواتها. ولاتعودن يا ابن أبي روح إلى القول بجعفر والمحنة له، وارجع إلى منزلك فإنّ عمك قد مات، وقد رزقك الله أهله وماله). فرجعت إلى بغداد، وناولت الكيس حاجزاً فوزنه فإذا فيه ألف درهم وخمسون ديناراً، فناولني ثلاثين ديناراً وقال: أُمرت بدفعها إليك لنفقتك، فأخذتها وانصرفت إلى الموضع الذي نزلت فيه وقد جاءني من يخبرني أن عمي قد مات وأهلي يأمروني بالانصراف إليهم، فرجعت فإذا هو قد مات وورثت منه ثلاثة آلاف دينار ومائة ألف درهم.(7)
الهوامش: (1) بحار الأنوار ج 51 ص 159 ح4. (2) بحار الأنوار ج51ص 293. (3) بحار الأنوار ج 51ص 293ح2. (4) بحار الأنوار ج 51ص 294ح4. (5) بحار الأنوار ج 51 ص 294ح5. (6) بحار الأنوار ج 51 ص 295ح 8. (7) بحار الأنوار ج 51ص 295ح11. |