المسار
العربية » المكتبة المهدوية » التوقيعات المهدوية
الفهرس
التوقيعات المهدوية

اللقاء (٥): علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي

اللقاء (5): علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي (*) (1)

جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الرَّازيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ رَجُلٍ ذَكَرَ أنَّهُ مِنْ أهْل قَزْوينَ لَمْ يَذْكُر اسْمَهُ، عَنْ حَبِيبِ بْن مُحَمَّدِ بْن يُونُسَ بْن شَاذَانَ الصَّنْعَانِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ إِلَى عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ الأهْوَازيَّ فَسَألْتُهُ عَنْ آل أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، قَالَ: يَا أخِي لَقَدْ سَألْتَ عَنْ أمْرٍ عَظِيم حَجَجْتُ عِشْرينَ حَجَّةً كُلاً أطْلُبُ بِهِ عِيَانَ الإمَام، فَلَمْ أجِدْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً، فَبَيْنَا أنَا لَيْلَةً نَائِمٌ فِي مَرْقَدِي إِذْ رَأيْتُ قَائِلاً يَقُولُ: يَا عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَدْ أذِنَ اللهُ لِي فِي الْحَجَّ، فَلَمْ أعْقَلْ لَيْلَتِي حَتَّى أصْبَحْتُ فَأنَا مُفَكّرٌ فِي أمْري أرْقَبُ الْمَوْسِمَ لَيْلِي وَنَهَاري.
فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْمَوْسِم أصْلَحْتُ أمْري وَخَرَجْتُ مُتَوَجَّهاً نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَمَا زلْتُ كَذَلِكَ حَتَّى دَخَلْتُ يَثْربَ فَسَألْتُ عَنْ آل أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَلَمْ أجِدْ لَهُ أثَراً وَلاَ سَمِعْتُ لَهُ خَبَراً فَأقَمْتُ مُفَكّراً فِي أمْري حَتَّى خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ اُريدُ مَكَّةَ، فَدَخَلْتُ الْجُحْفَةَ وَأقَمْتُ بِهَا يَوْماً وَخَرَجْتُ مِنْهَا مُتَوَجَّهاً نَحْوَ الْغَدِير، وَهُوَ عَلَى أرْبَعَةِ أمْيَالٍ مِنَ الْجُحْفَةِ فَلَمَّا أنْ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ صَلَّيْتُ وَعَفَّرْتُ وَاجْتَهَدْتُ فِي الدُّعَاءِ وَابْتَهَلْتُ إِلَى اللهِ لَهُمْ وَخَرَجْتُ اُريدُ عُسْفَانَ فَمَا زلْتُ كَذَلِكَ حَتَّى دَخَلْتُ مَكَّةَ فَأقَمْتُ بِهَا أيَّاماً أطُوفُ الْبَيْتَ وَاعْتَكَفْتُ.
فَبَيْنَا أنَا لَيْلَةً فِي الطَّوَافِ إِذَا أنَا بِفَتًى حَسَن الْوَجْهِ، طَيَّبِ الرَّائِحَةِ، يَتَبَخْتَرُ فِي مِشْيَتِهِ، طَائِفٌ حَوْلَ الْبَيْتِ، فَحَسَّ قَلْبِي بِهِ، فَقُمْتُ نَحْوَهُ فَحَكَكْتُهُ فَقَالَ لِي: مِنْ أيْنَ الرَّجُلُ؟
فَقُلْتُ: مِنْ أهْل الْعِرَاقِ، فَقَالَ لِي: مِنْ أيَّ الْعِرَاقِ؟ قُلْتُ: مِنَ الأهْوَاز، فَقَالَ لِي: تَعْرفُ بِهَا (ابْنَ) الْخَضِيبِ؟ فَقُلْتُ: رَحِمَهُ اللهُ دُعِيَ فَأجَابَ، فَقَالَ: رَحِمَهُ اللهُ فَمَا كَانَ أطْوَلَ لَيْلَتَهُ، وَأكْثَرَ تَبَتُّلَهُ، وَأغْزَرَ دَمْعَتَهُ، أفَتَعْرفُ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْمَازيَارَ؟
فَقُلْتُ: أنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: حَيَّاكَ اللهُ أبَا الْحَسَن، مَا فَعَلْتَ بِالْعَلاَمَةِ الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ؟ فَقُلْتُ: مَعِي، قَالَ: أخْرجْهَا، فَأدْخَلْتُ يَدِي فِي جَيْبي فَاسْتَخْرَجْتُهَا، فَلَمَّا أنْ رَآهَا لَمْ يَتَمَالَكْ أنْ تَغَرْغَرَتْ عَيْنَاهُ وَبَكَى مُنْتَحِباً حَتَّى بَلَّ أطْمَارَهُ، ثُمَّ قَالَ: اُذِنَ لَكَ الآنَ يَا ابْنَ الْمَازيَار، صِرْ إِلَى رَحْلِكَ، وَكُنْ عَلَى اُهْبَةٍ مِنْ أمْركَ، حَتَّى إِذَا لَبِسَ اللَّيْلُ جِلْبَابَهُ وَغَمَرَ النَّاسَ ظَلاَمُهُ، صِرْ إِلَى شِعْبِ بَنِي عَامِرٍ! فَإنَّكَ سَتَلْقَانِي هُنَاكَ.
فَصِرْتُ إِلَى مَنْزلِي فَلَمَّا أنْ حَسَسْتُ بِالْوَقْتِ أصْلَحْتُ رَحْلِي وَقَدَّمْتُ رَاحِلَتِي وَعَكَمْتُهَا شَدِيداً وَحَمَلْتُ وَصِرْتُ فِي مَتْنِهِ وَأقْبَلْتُ مُجِدّاً فِي السَّيْر حَتَّى وَرَدْتُ الشّعْبَ فَإِذَا أنَا بِالْفَتَى قَائِمٌ يُنَادِي: إِلَيَّ يَا أبَا الْحَسَن إِلَيَّ، فَمَا زلْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا قَرُبْتُ بَدَأنِي بِالسَّلاَم وَقَالَ لِي: سِرْ بِنَا يَا أخ (أخِي‏)، فَمَا زَالَ يُحَدَّثُنِي وَاُحَدَّثُهُ حَتَّى تَخَرَّقْنَا جِبَالَ عَرَفَاتٍ وَسِرْنَا إِلَى جِبَال مِنًى، وَانْفَجَرَ الْفَجْرُ الأوَّلُ وَنَحْنُ قَدْ تَوَسَّطْنَا جِبَالَ الطَّائِفِ.
فَلَمَّا أنْ كَانَ هُنَاكَ أمَرَني بِالنُّزُول وَقَالَ لِي: انْزلْ فَصَلّ صَلاَةَ اللَّيْل، فَصَلَّيْتُ وَأمَرَني بِالْوَتْر فَأوْتَرْتُ، وَكَانَتْ فَائِدَةً مِنْهُ، ثُمَّ أمَرَنِي بِالسُّجُودِ وَالتَّعْقِيبِ، ثُمَّ فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ وَرَكِبَ وَأمَرَني بِالرُّكُوبِ، وَسَارَ وَسِرْتُ مَعَهُ حَتَّى عَلاَ ذِرْوَةَ الطَّائِفِ، فَقَالَ: هَلْ تَرَى شَيْئاً؟ قُلْتُ: نَعَمْ، أرَى كَثِيبَ رَمْلٍ، عَلَيْهِ بَيْتُ شَعْرٍ، يَتَوَقَّدُ الْبَيْتُ نُوراً، فَلَمَّا أنْ رَأيْتُهُ طَابَتْ نَفْسِي، فَقَالَ لِي: هَنَّأكَ الأمَلُ وَالرَّجَاءُ، ثُمَّ قَالَ: سِرْ بِنَا يَا أخ (أخِي‏).
فَسَارَ وَسِرْتُ بِمَسِيرهِ إِلَى أن انْحَدَرَ مِنَ الذّرْوَةِ وَسَارَ فِي أسْفَلِهِ فَقَالَ: انْزلْ فَهَاهُنَا يَذِلُّ كُلُّ صَعْبٍ، وَيَخْضَعُ كُلُّ جَبَّارٍ، ثُمَّ قَالَ: خَلّ عَنْ زمَام النَّاقَةِ، قُلْتُ: فَعَلَى مَنْ اُخَلّفُهَا؟ فَقَالَ: حَرَمُ الْقَائِم عليه السلام، لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلاَ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، فَخَلَّيْتُ عَنْ زمَام رَاحِلَتِي، وَسَارَ وَسِرْتُ مَعَهُ إِلَى أنْ دَنَا مِنْ بَابِ الْخِبَاءِ فَسَبَقَنِي بِالدُّخُول وَأمَرَني أنْ أقِفَ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيَّ، ثُمَّ قَالَ لِي: ادْخُلْ هَنَّأكَ السَّلاَمَةُ.
فَدَخَلْتُ فَإذَا أنَا بِهِ جَالِسٌ قَدِ اتَّشَحَ بِبُرْدَةٍ وَاتَّزَرَ بِاُخْرَى، وَقَدْ كَسَرَ بُرْدَتَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَهُوَ كَاُقْحُوَانَةِ اُرْجُوَانٍ قَدْ تَكَاثَفَ عَلَيْهَا النَّدَى، وَأصَابَهَا ألَمُ الْهَوَى، وَإِذَا هُوَ كَغُصْن بَانٍ، أوْ قَضِيبِ رَيْحَانٍ، سَمْحٌ سَخِيٌّ تَقِيٌّ نَقِيٌّ، لَيْسَ بِالطَّويل الشَّامِخ وَلاَ بِالْقَصِير اللاَّزقِ، بَلْ مَرْبُوعُ الْقَامَةِ، مُدَوَّرُ الْهَامَةِ، صَلْتُ الْجَبِين، أزَجُّ الْحَاجِبَيْن، أقْنَى الأنْفِ، سَهْلُ الْخَدَّيْن، عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ كَأنَّهُ فُتَاتُ مِسْكٍ عَلَى رَضْرَاضَةِ عَنْبَرٍ.
فَلَمَّا أنْ رَأيْتُهُ بَدَرْتُهُ بِالسَّلاَم فَرَدَّ عَلَيَّ أحْسَنَ مَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَشَافَهَني وَسَألَنِي عَنْ أهْل الْعِرَاقِ، فَقُلْتُ: سَيَّدِي قَدْ اُلْبِسُوا جِلْبَابَ الذّلَّةِ، وَهُمْ بَيْنَ الْقَوْم أذِلاَّءُ، فَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ الْمَازيَار لَتَمْلِكُونَهُمْ كَمَا مَلَكُوكُمْ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أذِلاَّءُ»، فَقُلْتُ: سَيَّدِي لَقَدْ بَعُدَ الْوَطَنُ وَطَالَ الْمَطْلَبُ، فَقَالَ: «يَا ابْنَ الْمَازيَار أبِي أبُو مُحَمَّدٍ عَهِدَ إِلَيَّ أنْ لاَ اُجَاورَ قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَهُمُ الْخِزْيُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ، وَأمَرَني أنْ لاَ أسْكُنَ مِنَ الْجِبَال إِلاَّ وَعْرَهَا، وَمِنَ الْبِلاَدِ إِلاَّ قَفْرَهَا، وَاللهِ مَوْلاَكُمْ أظْهَرَ التَّقِيَّةَ فَوَكَلَهَا بِي فَأنَا فِي التَّقِيَّةِ إِلَى يَوْم يُؤْذَنُ لِي فَأخْرُجُ».
فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي مَتَى يَكُونُ هَذَا الأمْرُ؟ فَقَالَ: «إِذَا حِيلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ سَبِيل الْكَعْبَةِ، وَاجْتَمَعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، وَاسْتَدَارَ بِهِمَا الْكَوَاكِبُ وَالنُّجُومُ»، فَقُلْتُ: مَتَى يَا ابْنَ رَسُول اللهِ؟ (فَ)قَالَ لِي: «فِي سَنَةِ كَذَا وَكَذَا تَخْرُجُ دَابَّةُ الأرْض مِنْ بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَمَعَهُ عَصَا مُوسَى، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ، تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَر».
قَالَ: فَأقَمْتُ عِنْدَهُ أيَّاماً وَأذِنَ لِي بِالْخُرُوج بَعْدَ أن اسْتَقْصَيْتُ لِنَفْسِي، وَخَرَجْتُ نَحْوَ مَنْزلِي، وَاللهِ لَقَدْ سِرْتُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَمَعِي غُلاَمٌ يَخْدُمُنِي فَلَمْ أرَ إِلاَّ خَيْراً وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً.



 

 

 

الهوامش:
(*) موسوعة توقيعات الإمام المهدي عليه السلام لمحمد تقي أكبر نژاد
(1) الغيبة للطوسي ج 3 ص 263_ فصل... ص: 253.
بحار الأنوار ص 9 ج 52 باب 18_ ذكر من رآه صلوات الله عليه.

التوقيعات المهدوية : ٢٠١٦/٠٤/١١ : ٤.٩ K : ٠
التعليقات:
لا توجد تعليقات.