المسار
العربية » المكتبة المهدوية » التوقيعات المهدوية
الفهرس
التوقيعات المهدوية

اللقاء (٢٥): عدة من المتدينين

اللقاء (25): عدة من المتدينين (*) (1)

أحْمَدُ بْنُ (الْحُسَيْن بْن) عَبْدِ اللهِ، عَن الْحُسَيْن بْن زَيْدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْبَغْدَادِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن سِنَانٍ الْمَوْصِلِيَّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ سَيَّدُنَا أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عليًّ الْعَسْكَريُّ عليه السلام وَفَدَ مِنْ قُمَّ وَالْجِبَال وُفُودٌ بِالأمْوَال الَّتِي كَانَتْ تُحْمَلُ عَلَى الرَّسْم، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ خَبَرُ وَفَاتِهِ عليه السلام، فَلَمَّا أنْ وَصَلُوا إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى سَألُوا عَنْ سَيَّدِنَا الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام فَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّهُ قَدْ فُقِدَ، قَالُوا: فَمَنْ وَارثُهُ؟
قَالُوا: أخُوهُ جَعْفَرُ بْنُ عليًّ فَسَألُوا عَنْهُ، فَقِيلَ لَهُمْ: قَدْ خَرَجَ مُتَنَزّهاً وَرَكِبَ زَوْرَقاً فِي الدَّجْلَةِ يَشْرَبُ وَمَعَهُ الْمُغَنُّونَ.
قَالَ: فَتَشَاوَرَ الْقَوْمُ وَقَالُوا: لَيْسَتْ هَذِهِ صِفَاتِ الإمَام، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: امْضُوا بِنَا لِنَرُدَّ هَذِهِ الأمْوَالَ عَلَى أصْحَابِهَا، فَقَالَ أبُو الْعَبَّاس مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ الْقُمَّيُّ: قِفُوا بِنَا حَتَّى يَنْصَرفَ هَذَا الرَّجُلُ وَنَخْتَبِرَ أمْرَهُ عَلَى الصّحَّةِ.
قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا: يَا سَيَّدَنَا نَحْنُ قَوْمٌ مِنْ أهْل قُمَّ، وَمَعَنَا جَمَاعَةٌ مِنَ الشّيعَةِ وَغَيْرهَا وَكُنَّا نَحْمِلُ إِلَى سَيَّدِنَا أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام الأمْوَالَ، فَقَالَ: وَأيْنَ هِيَ؟ قَالُوا: مَعَنَا، قَالَ: احْمَلُوهَا إِلَيَّ، قَالُوا: إِنَّ لِهَذِهِ الأمْوَال خَبَراً طَريفاً، فَقَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الأمْوَالَ تُجْمَعُ وَيَكُونُ فِيهَا مِنْ عَامَّةِ الشّيعَةِ الدَّينَارُ وَالدَّينَارَان، ثُمَّ يَجْعَلُونَهَا فِي كِيسٍ وَيَخْتِمُونَ عَلَيْهَا وَكُنَّا إِذَا وَرَدْنَا بِالْمَال قَالَ سَيَّدُنَا أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: «جُمْلَةُ الْمَال كَذَا وَكَذَا دِينَاراً، مِنْ فُلاَنٍ كَذَا، وَمِنْ فُلاَنٍ كَذَا»، حَتَّى يَأتِي عَلَى أسْمَاءِ النَّاس كُلّهِمْ وَيَقُولُ مَا عَلَى الْخَوَاتِيم مِنْ نَقْشٍ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: كَذَبْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى أخِي مَا لَمْ يَفْعَلْهُ، هَذَا عِلْمُ الْغَيْبِ.
قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ الْقَوْمُ كَلاَمَ جَعْفَرٍ جَعَلَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ لَهُمُ: احْمِلُوا هَذَا الْمَالَ إِلَيَّ، فَقَالُوا: إِنَّا قَوْمٌ مُسْتَأجَرُونَ، وُكَلاَءُ لأرْبَابِ الْمَال، وَلاَ نُسَلّمُ الْمَالَ إِلاَّ بِالْعَلاَمَاتِ الَّتِي كُنَّا نَعْرفُهَا مِنْ سَيَّدِنَا أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام فَإنْ كُنْتَ الإمَامَ فَبَرْهِنْ لَنَا وَإِلاَّ رَدَدْنَاهَا إِلَى أصْحَابِهَا يَرَوْنَ فِيهَا رَأيَهُمْ.
قَالَ: فَدَخَلَ جَعْفَرٌ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَكَانَ بِسُرَّ مَنْ رَأى فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا حَضَرُوا قَالَ الْخَلِيفَةُ: احْمِلُوا هَذَا الْمَالَ إِلَى جَعْفَرٍ، قَالُوا: أصْلَحَ اللهُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ إِنَّا قَوْمٌ مُسْتَأجَرُونَ، وُكَلاَءُ لأرْبَابِ هَذِهِ الأمْوَال، وَهِيَ وَدَاعَةٌ الجَمَاعَةٍ أمَرُونَا أنْ لاَ نُسَلّمَهَا إِلاَّ بِعَلاَمَةٍ وَدَلاَلَةٍ وَقَدْ جَرَتْ بِهَذَا الْعَادَةُ مَعَ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام.
فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: وَمَا الدَّلاَلَةُ الَّتِي كَانَتْ لأبِي مُحَمَّدٍ؟ قَالَ الْقَوْمُ: كَانَ يَصِفُ الدَّنَانِيرَ وَأصْحَابَهَا وَالأمْوَالَ وَكَمْ هِيَ، فَإذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَلَّمْنَاهَا إِلَيْهِ وَقَدْ وَفَدْنَا عَلَيْهِ مِرَاراً فَكَانَتْ هَذِهِ عَلاَمَتَنَا مِنْهُ وَدَلاَلَتَنَا، وَقَدْ مَاتَ، فَإنْ يَكُنْ هَذَا الرَّجُلُ صَاحِبَ هَذَا الأمْر فَلْيُقِمْ لَنَا مَا كَانَ يُقِيمُ لَنَا أخُوهُ وَإِلاَّ رَدَدْنَاهَا إِلَى أصْحَابِهَا.
فَقَالَ جَعْفَرٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ كَذَّابُونَ يَكْذِبُونَ عَلَى أخِي وَهَذَا عِلْمُ الْغَيْبِ، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: الْقَوْمُ رُسُلٌ وَما عَلَى الرَّسُول إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ.
قَالَ: فَبُهِتَ جَعْفَرٌ وَلَمْ يُحِرْ جَوَاباً، فَقَالَ الْقَوْمُ: يَتَطَوَّلُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ بِإخْرَاج أمْرهِ إِلَى مَنْ‏ يُبَدْرقُنَا حَتَّى نَخْرُجَ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ، قَالَ: فَأمَرَ لَهُمْ بِنَقِيبٍ فَأخْرَجَهُمْ مِنْهَا.
فَلَمَّا أنْ خَرَجُوا مِنَ الْبَلَدِ، خَرَجَ عَلَيْهِمْ غُلاَمٌ أحْسَنُ النَّاس وَجْهاً كَأنَّهُ خَادِمٌ فَنَادَى: يَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ! وَيَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ! أجِيبُوا مَوْلاَكُمْ! قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: أنْتَ مَوْلاَنَا؟ قَالَ: مَعَاذَ اللهِ، أنَا عَبْدُ مَوْلاَكُمْ فَسِيرُوا إِلَيْهِ.
قَالُوا: فَسِرْنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا دَارَ مَوْلاَنَا الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام فَإذَا وَلَدُهُ الْقَائِمُ عليه السلام قَاعِدٌ عَلَى سَريرٍ كَأنَّهُ فِلْقَةُ الْقَمَر، عَلَيْهِ ثِيَابٌ خُضْرٌ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْنَا السَّلاَمَ، ثُمَّ قَالَ: «جُمْلَةُ الْمَال كَذَا وَكَذَا دِينَاراً، حَمَلَ فُلاَنٌ كَذَا، وَفُلاَنٌ كَذَا»، وَلَمْ يَزَلْ يَصِفُ حَتَّى وَصَفَ الْجَمِيعَ ثُمَّ وَصَفَ ثِيَابَنَا وَرحَالَنَا، وَمَا كَانَ مَعَنَا مِنَ الدَّوَابَّ فَخَرَرْنَا سُجَّداً للهِ عز وجل شُكْراً لِمَا عَرَفْنَا وَقَبَّلْنَا الأرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ سَألْنَاهُ عَمَّا أرَدْنَا فَأجَابَ فَحَمَلْنَا إِلَيْهِ الأمْوَالَ وَأمَرَنَا الْقَائِمُ أنْ لاَ نَحْمِلَ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى بَعْدَهَا شَيْئاً فَإنَّهُ يَنْصِبُ لَنَا بِبَغْدَادَ رَجُلاً نَحْمِلُ إِلَيْهِ الأمْوَالَ وَيَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ التَّوْقِيعَاتُ.
قَالَ: فَانْصَرَفْنَا مِنْ عِنْدِهِ وَدَفَعَ إِلَى أبِي الْعَبَّاس مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُمَّيَّ الْحِمْيَريَّ شَيْئاً مِنَ الْحَنُوطِ وَالْكَفَن وَقَالَ لَهُ: «أعْظَمَ اللهُ أجْرَكَ فِي نَفْسِكَ»، قَالَ: فَمَا بَلَغَ أبُو الْعَبَّاس عَقَبَةَ هَمَذَانَ حَتَّى تُوُفّيَ رحمه الله، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ تُحْمَلُ الأمْوَالُ إِلَى بَغْدَادَ إِلَى النُّوَّابِ الْمَنْصُوبينَ وَيَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِمُ التَّوْقِيعَاتُ.

الهوامش:
(*) موسوعة توقيعات الإمام المهدي عليه السلام لمحمد تقي أكبر نژاد
(1) الخرائج والجرائح ص 1104 ج 3.
بحار الأنوار ص 47 ج 52 باب 18_ ذكر من رآه صلوات الله عليه.

التوقيعات المهدوية : ٢٠١٦/٠٦/١٩ : ٤.٨ K : ٠
التعليقات:
لا توجد تعليقات.