المسار:
العربية » المكتبة المهدوية » أسماء وألقاب الإمام المهدي
أسماء وألقاب الإمام المهدي

يعسوب الدين

روى الشيخ الطوسي في (الغيبة) عن الامام الصادق عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقال (الله) فاذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه فيبعث الله قوماً من أطرافه (1) يجيئون قزعاً كقزع الخريف، والله انّي لأعرفهم وأعرف أسماءهم وقبائلهم واسم أميرهم، وهم قوم يحملهم الله كيف شاء من القبيلة الرجل والرجلين حتى بلغ تسعة فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر، وهو قول الله (أينما تكونوا يأتِ بكم الله جميعاً اِنَّ الله على كلّ شيء قدير) حتى انّ الرجل ليحتبي فلا يحل حبوته حتى يبلغه الله ذلك.(2)
وقد نقل السيد (رحمه الله تعالى) في كتابه الشريف (نهج البلاغة) الجزء الأول من هذا الخبر، وهذا نصّه: " فاذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه فيجتمعون اليه كما يجتمع قزع الخريف".(3)
قال السيد (رحمه الله تعالى): اليعسوب: السيد العظيم المالك لأمور الناس يومئذ، والقزع: قِطَعُ الغيم التي لا ماء فيها.(4)
وقد نقل عن الجزري في النهاية والزمخشري وآخرين انهم شرحوا هذه الفقرة بأنّها كناية عن ظهور الامام المهدي صلوات الله عليه.
واليعسوب في الأصل أمير النحل، والذنب كناية عن أنصاره عليه السلام، وما ذكر في الترجمة يطابق التفسير الذي فسّره الزمخشري.
ولا يخفى انّ اكثر هذه الأسماء والألقاب والكنى التي ذكرت انّما هي من الذات المقدسة للباري تعالى، والأنبياء والأوصياء عليهم السلام، وإنَّ جعلَ اللهِ تعالى وخلفائه اسماً لأحد ليس هو كالجعل للأسماء المتعارف بين الخلائق حيث لم يراعوا معنى ذلك الاسم ولم يلاحظوا وجوده وعدم وجوده في ذلك الشخص، وكثيراً ما يُسمّى وضيعوا المنزلة والفطرة ومذمومو الخلقة والخصال بأسماء شريفة. ولكن الله تعالى وأولياءه لا يضعون اسماً ما لم يصدق معنى ذلك الاسم على مسمّاه، وتُلاحَظ معان وصفات متعددة في اسم شريف واحد، ولذلك يمنح له ذلك الاسم، ولهذا السبب قد بيّنوا، في الأخبار المكررة في مقام جواب السائل علةَ الأسماء والألقاب الشريفة للحجج عليهم السلام. وقد ذُكر لبعضها وجوه متعددة كما في وجه كنية (أبو القاسم) لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال(5): "لأنّه كان له ابن يقال له قاسم فكنّي به " وقال ايضاً:".. انّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أب لجميع أمته، وعليّ عليه السلام فيهم بمنزلته(6).. " وهو(7) " قاسم الجنة والنار.. فقيل له ابو القاسم(8)"(9)، وقال أيضاً لأنّه يقسم الرحمة بين الخلق يوم القيامة (10) وهكذا في سائر الأسماء والألقاب.
ومن هنا يعلم انّ كثرة الأسماء والألقاب الالهية كاشفة عن كثرة الصفات والمقامات العالية، حيث يدل كلّ واحد منها على خلق وصفة وفضل ومقام، بل انّ بعضها تدل على جملة (مجموعة) منها.
ومنها يترقى إلى تلك المقامات بمقدار ما يتحمله اللفظ ويوسعه الفهم، وقد ظهر ايضاً انّ ادراك أدنى مقام من مقامات الامام صاحب الزمان عليه السلام خارج عن قوة البشر.





الهوامش:
(1) في الترجمة زيادة (من أطراف الأرض).
(2) الغيبة (الطوسي): ص 284 ـ 285.
(3) نهج البلاغة: ج 4، ص 57، محمد عبدة.
(4) نهج البلاغة: ج 4، ص 57، محمد عبدة.
(5) الرواية ترجمها المؤلف رحمه الله تعالى مقطعة وأضاف اليها بعض الزيادات مثل هذه الكلمة، وقد وضعنا النص بين قوسين.
(6) في الترجمة: (وأمير المؤمنين رئيس الأمة).
(7) هذه الزيادة في الترجمة.
(8) في الترجمة زيادة (يعني أبو أمير المؤمنين).
(9) الرواية رواها الصدوق في العلل والعيون والمعاني، واليك الرواية الكاملة عن المعاني: ص 52:
" عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال عن أبيه، قال: سألت الرضا أبا الحسن عليه السلام فقلت له: لِمَ كنّي النّبي صلى الله عليه وآله وسلّم بأبي القاسم فقال: لأنّه كان له ابن يقال له: (قاسم) فكنّي به. قال: فقلت له: ياابن رسول الله فهل تراني أهلا للزيادة؟ فقال: نعم، أما علمت أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أنا وعلي أبوا هذه الأمة؟ قلت: بلى. قال: أما علمت أنّ عليّاً قاسم الجنّة والنار؟ قلت: بلى. قال: فقيل له: أبو القاسم لأنّه أبو قاسم الجنة والنار. فقلت له: وما معنى ذلك؟ فقال: إنّ شفقة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم على امّته شفقة الآباء على الأولاد، وأفضل أمّته عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ومن بعده شفقة عليّ عليه السلام عليهم كشفقته صلى الله عليه وآله وسلّم لأنّه وصيّه وخليفته والامام بعده، فقال: فلذلك قال صلى الله عليه وآله: أنا وعليّ أبوا هذه الأمة. وصعد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم المنبر فقال: من ترك ديناً أو ضياعاً فعليَّ وإليَّ ومن ترك مالا فلورثته، فصار بذلك أولى بهم من آبائهم وأمّهاتهم، وصار أولى بهم منهم بأنفسهم، وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام بعده جرى ذلك له مثل ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وآله ".
(10) لم نجد هذه الرواية بهذا المعنى، نعم هناك رواية رواها الصدوق في الأمالي والعيون والمعاني وننقلها عن المعاني: ص 51 ـ 52 باسناده عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن آبائه، عن جدّه الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام، قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، فسأله أعلمهم، وكان فيما سأله، ان قال له: لأي شيء سمّيت محمداً، وأحمد، وأبا القاسم، وبشيراً، ونذيراً، وداعياً؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: " أمّا محمد فانّي محمود في الأرض، وأمّا أحمد فاني محمود في السماء، وامّا أبو القاسم فانّ الله عزّ وجلّ يقسّم يوم القيامة قسمة النار فمن كفر بي من الأوّلين والآخرين ففي النار، ويقسّم قسمة الجنة فمن آمن بي وأقرّ بنبوّتي ففي الجنّة، وأمّا الداعي فانّي أدعو الناس إلى دين ربّي عزّ وجلّ، وامّا النذير فانّي اُنذر بالنار من عصاني، وامّا البشير فانّي أبشّر بالجنة من أطاعني ".

أسماء وألقاب الإمام المهدي : ٢٠١٥/٠٣/٠٧ : ٨.٠ K : ٠
التعليقات:
لا توجد تعليقات.