(٣٠) سنة (٣٠٥ هـ): شراء الشيخ الحسين بن روح ودائع الشيخ محمّد بن عثمان من ورثته، وفيها أدعية وقنوتات الأئمّة، ومنها قنوتات الإمام المهدي عليه السلام:
(30 جمادى الأولى) سنة (305هـ):
شراء الشيخ الحسين بن روح ودائع الشيخ محمّد بن عثمان من ورثته، وفيها أدعية وقنوتات الأئمّة، ومنها قنوتات الإمام المهدي عليه السلام:
قال السيّد ابن طاووس رحمه الله في مهج الدعوات: وجدت في الأصل الذي نقلت منه هذه القنوتات، ما هذا لفظه: ممَّا يأتي ذكره بغير إسناد، ثمّ وجدت بعد سطر هذه القنوتات إسنادها في كتاب عمل رجب وشعبان وشهر رمضان، تأليف أحمد بن عبد الله ابن عبّاس(1) رحمه الله، فقال: حدَّثني أبو الطيّب الحسن بن أحمد بن محمّد بن عمر بن عبد الله بن الصباح القزويني وأبو الصباح محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن البغدادي الكاتبان، قالا: جرى بحضرة شيخنا فقيه العصابة ذكر مولانا أبي محمّد الحسن ابن أمير المؤمنين عليه السلام، فقال رجل من الطالبيين: إنَّما ينقم منه الناس تسليم هذا الأمر إلى ابن أبي سفيان، فقال شيخنا: رأيت أيضاً مولانا أبا محمّد عليه السلام أعظم شأناً وأعلى مكاناً وأوضح برهاناً من أن يقدح في فعل له اعتبار المعتبرين، أو يعترضه شكّ الشاكّين وارتياب المرتابين.
ثمّ أنشأ يُحدّث فقال: لمَّا مضى سيّدنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه وأرضاه، وزاده علوّاً فيما أولاه، ففُرغ من أمره، جلس الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر زاد الله توفيقه للناس في بقيّة نهار يومه في دار الماضي رضي الله عنه، فأخرج إليه ذكاء الخادم الأبيض مدرجاً وعكّازاً وحقّة خشب مدهونة، فأخذ العكّاز فجعلها في حجره على فخذيه، وأخذ المدرج بيمينه، والحقّة بشماله، فقال الورثة: في هذا المدرج ذكر ودايع فنشره، فإذا هي أدعية وقنوت موالينا الأئمّة من آل محمّد عليهم السلام، فأضربوا عنها، وقالوا: ففي الحقّة جوهر لا محالة، قال لهم: تبيعونها؟ فقالوا: بكم؟ قال: يا أبا الحسن _ يعني ابن شبيب الكوثاري _، ادفع إليهم عشرة دنانير! فامتنعوا فلم يزل يزيدهم ويمتنعون إلى أن بلغ مائة دينار، فقال لهم: إن بعتم، وإلاَّ ندمتم، فاستجابوا البيع، وقبضوا المائة الدينار، واستثنى عليهم المدرج والعكّاز.
فلمَّا انفصل الأمر قال: هذه عكّاز مولانا أبي محمّد الحسن بن علي بن محمّد بن علي الرضا عليه السلام التي كانت في يده يوم توكيله سيّدنا الشيخ عثمان بن سعيد العمري رحمه الله ووصيَّته إليه وغيبته إلى يومنا هذا، وهذه الحقّة فيها خواتيم الأئمّة، فأخرجها فكانت كما ذكر من جواهرها ونقوشها وعددها. وكان في المدرج قنوت موالينا الأئمّة عليهم السلام وفيه قنوت مولانا أبي محمّد الحسن بن أمير المؤمنين عليه السلام وأملاها علينا من حفظه، فكتبناها على ما سطر في هذه المدرجة، وقال: احتفظوا بها كما تحتفظون بمهمّات الدين، وعزمات ربّ العالمين جلَّ وعزَّ، وفيها بلاغ إلى حين...
إلى أن قال: قنوت مولانا الحجّة بن الحسن عليهما السلام: (اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وأكرم أولياءك بإنجاز وعدك، وبلّغهم درك ما يأملونه من نصرك، واكفف عنهم بأس من نصب الخلاف عليك، وتمرَّد بمنعك على ركوب مخالفتك، واستعان برفدك على فلّ حدّك، وقصد لكيدك بأيدك، ووسعته حلماً لتأخذه على جهرة وتستأصله على عزَّة(2)، فإنَّك اللّهمّ قلت وقولك الحقّ: (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْأَياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [يونس: 24]، وقلت: (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) [الزخرف: 55]، وإنَّ الغاية عندنا قد تناهت، وإنّا لغضبك غاضبون، وإنّا على نصر الحقّ متعاصبون، وإلى ورود أمرك مشتاقون، ولإنجاز وعدك مرتقبون، ولحلول وعيدك بأعدائك متوقّعون. اللّهمّ فأذن بذلك، وافتح طرقاته، وسهّل خروجه، ووطّئ مسالكه، واشرع شرائعه، وأيّد جنوده وأعوانه، وبادر بأسك القوم الظالمين، وابسط سيف نقمتك على أعدائك المعاندين، وخذ بالثأر، إنَّك جواد مكّار).
ودعا في قنوته بهذا الدعاء: (اللّهمّ مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممَّن تشاء، وتعزُّ من تشاء، وتذلُّ من تشاء، بيدك الخير إنَّك على كلّ شيء قدير، يا ماجد يا جواد، يا ذا الجلال والإكرام، يا بطّاش، يا ذا البطش الشديد، يا فعّالاً لما يريد، يا ذا القوَّة المتين، يا رؤوف يا رحيم، يا لطيف يا حيّ حين لا حيّ، أسألك باسمك المخزون المكنون الحيّ القيوم الذي استأثرت به في علم الغيب عندك، ولم يطَّلع عليه أحد من خلقك، وأسألك باسمك الذي تصوّر به خلقك في الأرحام كيف تشاء، وبه تسوق إليهم أرزاقهم في أطباق الظلمات، من بين العروق والعظام، وأسألك باسمك الذي ألَّفت به بين قلوب أوليائك، وألَّفت بين الثلج والنار لا هذا يُذيب هذا ولا هذا يُطفئ هذا. وأسألك باسمك الذي كوَّنت به طعم المياه، وأسألك باسمك الذي أجريت به الماء في عروق النبات بين أطباق الثرى، وسقت الماء إلى عروق الأشجار بين الصخرة الصمّاء، وأسألك باسمك الذي كوَّنت به طعم الثمار وألوانها، وأسألك باسمك الذي به تُبدئ وتُعيد، وأسألك باسمك الفرد الواحد المتفرّد بالوحدانية المتوحّد بالصمدانية، وأسألك باسمك الذي فجَّرت به الماء من الصخرة الصمّاء، وسقته من حيث شئت، وأسألك باسمك الذي خلقت به خلقك ورزقتهم كيف شئت وكيف شاؤوا، يا من لا يغيّره الأيّام والليالي أدعوك بما دعاك به نوح حين ناداك فأنجيته ومن معه وأهلكت قومه، وأدعوك بما دعاك إبراهيم خليلك حين ناداك فأنجيته وجعلت النار عليه برداً وسلاماً، وأدعوك بما دعاك به موسى كليمك حين ناداك ففلقت له البحر فأنجيته وبني إسرائيل وأغرقت فرعون وقومه في اليم، وأدعوك بما دعاك به عيسى روحك حين ناداك فنجَّيته من أعدائه وإليك رفعته، وأدعوك بما دعاك حبيبك وصفيّك ونبيّك محمّد صلّى الله عليه وآله فاستجبت له ومن الأحزاب نجَّيته وعلى أعدائك نصرته، وأسألك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت، يا من له الخلق والأمر، يا من أحاط بكلّ شيء علماً، يا من أحصى كلّ شيء عدداً، يا من لا تغيّره الأيّام والليالي، ولا تتشابه عليه الأصوات، ولا تخفى عليه اللغات، ولا يبرمه إلحاح الملحّين، أسألك أن تُصلّي على محمّد وآل محمّد خيرتك من خلقك، فصلّ عليهم بأفضل صلواتك وصلّ على جميع النبيّين والمرسلين الذين بلَّغوا عنك الهدى وأعقدوا لك المواثيق بالطاعة، وصلّ على عبادك الصالحين، يا من لا يخلف الميعاد أنجز لي ما وعدتني واجمع لي أصحابي وصبّرهم، وانصرني على أعدائك وأعداء رسولك، ولا تخيب دعوتي فإنّي عبدك ابن عبدك وابن أمَتك أسير بين يديك، سيّدي أنت الذي مننت عليَّ بهذا المقام وتفضَّلت به عليَّ دون كثير من خلقك، أسألك أن تُصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تنجز لي ما وعدتني إنَّك أنت الصادق ولا تخلف الميعاد وأنت على كلّ شيء قدير)(3).
الهوامش:
ــــــــــــــــــــــ
(1) في البحار: (ابن عيّاش).
(2) في البحار: (غرَّة).
(3) أنظر: مهج الدعوات: 45 - 69.