المسار:
العربية » التقويم المهدوي » شعبان المعظّم
شعبان المعظّم

(١٥) سنة (٢٥٥ هـ): مولد الإمام المهدي عليه السلام في ليلة (١٥) شعبان على رأي مشهور الطائفة:

(15) سنة (255هـ):

مولد الإمام المهدي عليه السلام في ليلة (15) شعبان على رأي مشهور الطائفة:
قال المفيد رحمه الله في الإرشاد: (كان مولده عليه السلام ليلة النصف من شعبان، سنة خمس وخمسين ومائتين. واُمّه اُمّ ولد يقال لها: نرجس. وكان سنّه عند وفاة أبي محمّد خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب، وجعله آية للعالمين، وآتاه الحكمة كما آتاها يحيى صبياً، وجعله إماماً في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسى بن مريم عليه السلام في المهد نبيّاً. وقد سبق النصّ عليه في ملَّة الإسلام من نبيّ الهدى عليه السلام ثمّ من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام، ونصَّ عليه الأئمّة عليهم السلام واحداً بعد واحد إلى أبيه الحسن عليه السلام، ونصَّ أبوه عليه عند ثقاته وخاصَّة شيعته. وكان الخبر بغيبته ثابتاً قبل وجوده، وبدولته مستفيضاً قبل غيبته، وهو صاحب السيف من أئمّة الهدى عليهم السلام، والقائم بالحقّ، المنتظر لدولة الإيمان، وله قبل قيامه غيبتان، إحداهما أطول من الأخرى، كما جاءت بذلك الأخبار، فأمَّا القصرى منهما فمنذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته وعدم السفراء بالوفاة. وأمَّا الطولى فهي بعد الأولى وفي آخرها يقوم بالسيف)(1).
وقال الشهيد رحمه الله في الدروس: (الإمام المهدي الحجَّة صاحب الزمان أبو القاسم محمّد بن الإمام أبي محمّد بن الحسن العسكري عجَّل الله فرجه، وُلد بسُرَّ من رأى يوم الجمعة ليلاً، وقيل: ضحى خامس عشر شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، اُمّه صقيل، وقيل: نرجس، وقيل: مريم بنت زيد العلوية)(2).
وقال ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة: (ولد أبو القاسم محمّد الحجّة ابن الحسن الخالص بسُرَّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة)(3).
وقال الكليني رحمه الله في الكافي: (باب مولد الصاحب عليه السلام: وُلد عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين)(4).
* وروى الصدوق رحمه الله عن محمّد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدَّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدَّثنا أبو عبد الله الحسين بن رزق الله، قال: حدَّثني موسى بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: حدَّثتني حكيمة بنت محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قالت: بعث إليَّ أبو محمّد الحسن بن علي عليهما السلام فقال: (يا عمّة، اجعلي إفطارك [هذه] الليلة عندنا فإنَّها ليلة النصف من شعبان، فإنَّ الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة وهو حجَّته في أرضه)، قالت: فقلت له: ومن اُمّه؟ قال لي: (نرجس)، قلت له: جعلني الله فداك ما بها أثر، فقال: (هو ما أقول لك)، قالت: فجئت، فلمَّا سلَّمت وجلست جاءت تنزع خفّي وقالت لي: يا سيّدتي [وسيّدة أهلي]، كيف أمسيت؟ فقلت: (بل أنت سيّدتي وسيّدة أهلي)، قالت: فأنكرت قولي وقالت: ما هذا يا عمّة؟ قالت: فقلت لها: يا بنيّة، إنَّ الله تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة، قالت: فخجلت واستحيت. فلمَّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت، فلمَّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث، ثمّ جلست معقّبة، ثمّ اضطجعت ثمّ انتبهت فزعة وهي راقدة، ثمّ قامت فصلَّت ونامت. قالت حكيمة: وخرجت أتفقَّد الفجر فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان وهي نائمة فدخلني الشكوك، فصاح بي أبو محمّد عليه السلام من المجلس فقال: (لا تعجلي يا عمّة فهاك الأمر قد قرب)، قالت: فجلست وقرأت ألم السجدة ويس، فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة فوثبت إليها، فقلت: اسم الله عليك، ثمّ قلت لها: أتحسّين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمّة، فقلت لها: اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك، قالت: فأخذتني فترة وأخذتها فترة، فانتبهت بحسّ سيّدي فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عليه السلام ساجداً يتلقّى الأرض بمساجده فضممته إليَّ فإذا أنا به نظيف متنظّف، فصاح بي أبو محمّد عليه السلام: (هلمّي إليَّ ابني يا عمّة)، فجئت به إليه فوضع يديه تحت أليتيه وظهره ووضع قدميه على صدره ثمّ أدلى لسانه في فيه وأمرَّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله، ثمّ قال: (تكلّم يا بني)، فقال: (أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمّة عليهم السلام إلى أن وقف على أبيه، ثمّ أحجم. ثمّ قال أبو محمّد عليه السلام: (يا عمّة، اذهبي به إلى اُمّه ليسلّم عليها وائتني به)، فذهبت به فسلَّم عليها ورددته فوضعته في المجلس، ثمّ قال: (يا عمّة، إذا كان يوم السابع فأتينا)، قالت حكيمة: فلمَّا أصبحت جئت لاُسلّم على أبي محمّد عليه السلام وكشفت الستر لأتفقَّد سيّدي عليه السلام فلم أرَه، فقلت: جُعلت فداك، ما فعل سيّدي؟ فقال: (يا عمّة، استودعناه الذي استودعته اُم موسى موسى عليه السلام). قالت حكيمة: فلمَّا كان في اليوم السابع جئت فسلَّمت وجلست فقال: هلمّي إلي ابني، فجئت بسيّدي عليه السلام وهو في الخرقة ففعل به كفعلته الأولى، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنَّه يغذّيه لبناً أو عسلاً، ثمّ قال: (تكلَّم يا بني، فقال: (أشهد أن لا إلاَّ إله الله)، وثنى بالصلاة على محمّد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمّة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين حتَّى وقف على أبيه عليه السلام، ثمّ تلا هذه الآية: بسم الله الرحمن الرحيم (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص: 5 و6]، قال موسى: فسألت عقبة الخادم عن هذه، فقال: صدقت حكيمة(5).
* وروى الصدوق رحمه الله أيضاً عن الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا محمّد بن إسماعيل، قال: حدَّثني محمّد بن إبراهيم الكوفي، قال: حدَّثنا محمّد بن عبد الله الطهوي، قال: قصدت حكيمة بنت محمّد عليه السلام بعد مضي أبو محمّد عليه السلام أسألها عن الحجَّة وما قد اختلف فيه الناس من الحيرة التي هم فيها، فقالت لي: اجلس، فجلست، ثمّ قالت: يا محمّد، إنَّ الله تبارك وتعالى لا يخلي الأرض من حجَّة ناطقة أو صامتة، ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام تفضيلاً للحسن والحسين وتنزيهاً لهما أن يكون في الأرض عديلهما، إلاَّ أنَّ الله تبارك وتعالى خصَّ ولد الحسين بالفضل على ولد الحسن عليهما السلام كما خصَّ ولد هارون على ولد موسى عليه السلام وإن كان موسى حجَّة على هارون، والفضل لولده إلى يوم القيامة، ولا بدَّ للأمَّة من حيرة يرتاب فيها المبطلون ويخلص فيها المحقّون، كيلا يكون للخلق على الله حجَّة، وإنَّ الحيرة لا بدَّ واقعة بعد مضي أبي محمّد الحسن عليه السلام.
فقلت: يا مولاتي، هل كان للحسن عليه السلام ولد؟ فتبسَّمت ثمّ قالت: إذا لم يكن للحسن عليه السلام عقب فمن الحجَّة من بعده وقد أخبرتك أنَّه لا إمامة لأخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام.
فقلت: يا سيّدتي، حدّثيني بولادة مولاي وغيبته عليه السلام، قالت: نعم، كانت لي جارية يقال لها: نرجس، فزارني ابن أخي فأقبل يحدق النظر إليها، فقلت له: يا سيّدي، لعلَّك هويتها فأرسلها إليك؟ فقال لها: (لا يا عمّة، ولكنّي أتعجَّب منها)، فقلت: وما أعجبك [منها]؟ فقال عليه السلام: (سيخرج منها ولد كريم على الله عز وجل الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً)، فقلت: فأرسلها إليك يا سيّدي؟ فقال: (استأذني في ذلك أبي عليه السلام)، قالت: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن عليه السلام فسلَّمت وجلست فبدأني عليه السلام وقال: (يا حكيمة ابعثي نرجس إلى ابني أبي محمّد)، قالت: فقلت: يا سيّدي، على هذا قصدتك على أن أستأذنك في ذلك، فقال لي: (يا مباركة، إنَّ الله تبارك وتعالى أحبَّ أن يشركك الأجر ويجعل لك في الخير نصيباً)، قالت حكيمة: فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي وزيَّنتها ووهبتها لأبي محمّد عليه السلام وجمعت بينه وبينها في منزلي فأقام عندي أيّاماً، ثمّ مضى إلى والده عليهما السلام ووجَّهت بها معه. قالت حكيمة: فمضى أبو الحسن عليه السلام وجلس أبو محمّد عليه السلام مكان والده، وكنت أزوره كما كنت أزور والده، فجاءتني نرجس يوماً تخلع خفّي، فقالت: يا مولاتي ناوليني خفّك، فقلت: بل أنت سيّدتي ومولاتي، والله لا أدفع إليك خفّي لتخلعيه ولا لتخدميني، بل أنا أخدمك على بصري، فسمع أبو محمّد عليه السلام ذلك فقال: (جزاك الله يا عمّة خيراً)، فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس فصحت بالجارية وقلت: ناوليني ثيابي لأنصرف فقال عليه السلام: (لا يا عمّتا بيتي الليلة عندنا فإنَّه سيولد الليلة المولود الكريم على الله عز وجل الذي يحيى الله عز وجل به الأرض بعد موتها)، فقلت: ممَّن يا سيّدي؟ ولست أرى بنرجس شيئاً من أثر الحبل، فقال: (من نرجس لا من غيرها)، قالت: فوثبت إليها فقلَّبتها ظهراً لبطن فلم أرَ بها أثر حبل، فعدّت إليه عليه السلام فأخبرته بما فعلت فتبسَّم ثمّ قال لي: (إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل، لأنَّ مثلها مثل اُمّ موسى عليه السلام لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لأنَّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالى في طلب موسى عليه السلام، وهذا نظير موسى عليه السلام). قالت حكيمة: فعدت إليها فأخبرتها بما قال وسألتها عن حالها فقالت: يا مولاتي ما أرى بي شيئاً من هذا، قالت حكيمة: فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر وهي نائمة بين يدي لا تقلّب جنباً إلى جنب حتَّى إذا كان آخر الليل وقت طلوع الفجر وثبت فزعة فضممتها إلى صدري وسمَّيت عليها فصاح [إليَّ] أبو محمّد عليه السلام وقال: (اقرئي عليها: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر: 1])، فأقبلت أقرأ عليها وقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر [بي] الأمر الذي أخبرك به مولاي، فأقبلت أقرأ كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ وسلَّم عليَّ. قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت، فصاح بي أبو محمّد عليه السلام: (لا تعجبي من أمر الله عز وجل، إنَّ الله تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغاراً ويجعلنا حجَّة في أرضه كباراً)، فلم يستتمّ الكلام حتَّى غُيّبت عنّي نرجس فلم أرَها كأنَّه ضُرب بيني وبينها حجاب، فعدوت نحو أبي محمّد عليه السلام وأنا صارخة، فقال لي: (ارجعي يا عمّة فإنَّك ستجديها في مكانها). قالت: فرجعت فلم ألبث أن كشف الغطاء الذي كان بيني وبينها وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشى بصري وإذا أنا بالصبي عليه السلام ساجداً لوجهه، جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبّابتيه، وهو يقول: (أشهد أن لا إله إلاَّ الله، [وحده لا شريك له]، وأنَّ جدّي محمّداً رسول الله، وأنَّ أبي أمير المؤمنين)، ثمّ عدَّ إماماً إماماً إلى أن بلغ إلى نفسه. ثمّ قال: (اللّهمّ أنجز لي ما وعدتني، وأتمم لي أمري، وثبّت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً...).
* وروى الطوسي رحمه الله عن ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن الصفّار محمّد بن الحسن القمّي، عن أبي عبد الله المطهّري، عن حكيمة بنت محمّد بن علي الرضا، قالت: بعث إليَّ أبو محمّد عليه السلام سنة خمس وخمسين ومائتين في النصف من شعبان وقال: (يا عمّة، اجعلي الليلة إفطارك عندي فإنَّ الله عز وجل سيسرّك بوليّه وحجَّته على خلقه، خليفتي من بعدي). قالت حكيمة: فتداخلني لذلك سرور شديد، وأخذت ثيابي عليَّ وخرجت من ساعتي حتَّى انتهيت إلى أبي محمّد عليه السلام، وهو جالس في صحن داره، وجواريه حوله، فقلت: جُعلت فداك يا سيّدي، الخلف ممَّن هو؟ قال: (من سوسن)، فأدرت طرفي فيهنَّ فلم أرَ جارية عليها أثر غير سوسن. قالت حكيمة: فلمَّا أن صلَّيت المغرب والعشاء الآخرة أتيت بالمائدة، فأفطرت أنا وسوسن وبايتها في بيت واحد، فغفوت غفوة ثمّ استيقظت، فلم أزل مفكّرة فيما وعدني أبو محمّد عليه السلام من أمر وليّ الله عليه السلام، فقمت قبل الوقت الذي كنت أقوم في كلّ ليلة للصلاة، فصلَّيت صلاة الليل حتَّى بلغت إلى الوتر، فوثبت سوسن فزعة وخرجت (فزعة) [وخرجت]، وأسبغت الوضوء ثمّ عادت فصلَّت صلاة الليل وبلغت إلى الوتر، فوقع في قلبي أنَّ الفجر (قد) قرب، فقمت لأنظر فإذا بالفجر الأوّل قد طلع، فتداخل قلبي الشكّ من وعد أبي محمّد عليه السلام، فناداني من حجرته: (لا تشكّي وكأنَّك بالأمر الساعة قد رأيته إن شاء الله تعالى). قالت حكيمة: فاستحييت من أبي محمّد عليه السلام وممَّا وقع في قلبي، ورجعت إلى البيت وأنا خجلة فإذا هي قد قطعت الصلاة وخرجت فزعة فلقيتها على باب البيت فقلت: بأبي أنت (واُمّي)، هل تحسّين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمّة، إنّي لأجد أمراً شديداً، قلت: لا خوف عليك إن شاء الله تعالى، وأخذت وسادة فألقيتها في وسط البيت، وأجلستها عليها وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة، فقبضت على كفّي وغمزت غمزة شديدة ثمّ أنَّت أنَّة وتشهَّدت ونظرت تحتها، فإذا أنا بوليّ الله صلوات الله عليه متلقّياً الأرض بمساجده. فأخذت بكتفيه فأجلسته في حجري، فإذا هو نظيف مفروغ منه، فناداني أبو محمّد عليه السلام: (يا عمّة، هلمّي فأتيني بابني)، فأتيته به، فتناوله وأخرج لسانه فمسحه على عينيه ففتحها، ثمّ أدخله في فيه فحنَّكه ثمّ [أدخله] في اُذنيه وأجلسه في راحته اليسرى، فاستوى وليّ الله جالساً، فمسح يده على رأسه وقال له: (يا بني اُنطق بقدرة الله)، فاستعاذ وليّ الله عليه السلام من الشيطان الرجيم واستفتح: (بسم الله الرحمن الرحيم (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص: 5 و6])، وصلّى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام واحداً واحداً حتَّى انتهى إلى أبيه، فناولنيه أبو محمّد عليه السلام وقال: (يا عمّة ردّيه إلى اُمّه حتَّى تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أنَّ وعد الله حقّ ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، فرددته إلى اُمّه وقد انفجر الفجر الثاني، فصلَّيت الفريضة وعقَّبت إلى أن طلعت الشمس، ثمّ ودعت أبا محمّد عليه السلام وانصرفت إلى منزلي. فلمَّا كان بعد ثلاث اشتقت إلى وليّ الله، فصرت إليهم فبدأت بالحجرة التي كانت سوسن فيها، فلم أرَ أثراً ولا سمعت ذكراً فكرهت أن أسأل، فدخلت على أبي محمّد عليه السلام فاستحييت أن أبدأه بالسؤال، فبدأني فقال: ((هو) يا عمّة في كنف الله وحرزه وستره وغيبه حتَّى يأذن الله له، فإذا غيَّب الله شخصي وتوفّاني ورأيت شيعتي قد اختلفوا فأخبري الثقات منهم، وليكن عندك وعندهم مكتوماً، فإنَّ وليّ الله يغيّبه الله عن خلقه ويحجبه عن عباده فلا يراه أحد حتَّى يقدّم له جبرئيل عليه السلام فرسه (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) [الأنفال: 42])(6).

 

 

 

 

الهوامش:

ــــــــــــــــــــــ

(1) الإرشاد 2: 339 و340.
(2) الدروس الشرعية 2: 16.
(3) الفصول المهمّة 2: 1102.
(4) الكافي 1: 514/ باب مولد الصاحب عليه السلام.
(5) كمال الدين: 424 - 426/ باب 42/ ح 1.
(6) الغيبة للطوسي: 234/ رقم 204.

شعبان المعظّم : ٢٠١٦/٠٣/٢٢ : ٥.٦ K : ٠ : اليوم: ١٥، الشهر: ٨، السنة: ٢٥٥
التعليقات:
لا توجد تعليقات.