المسار:
ذي الحجة

(١٨) سنة (١٠ هـ): خطبة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خمّ في حجّة الوداع وبشارته بالإمام المهدي عليه السلام:

(18 ذي الحجّة) سنة (10هـ):

خطبة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خمّ في حجّة الوداع وبشارته بالإمام المهدي عليه السلام:
روى الطوسي رحمه الله في أماليه عن الحفّار، قال: حدَّثنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي الحافظ، قال: حدَّثني أبو الحسن علي بن موسى الخزّاز من كتابه، قال: حدَّثنا الحسن بن علي الهاشمي، قال: حدَّثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدَّثنا أبو مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، ففتح الله عليه، وأوقفه يوم غدير خُمّ، فأعلم الناس أنَّه مولى كلّ مؤمن ومؤمنة... إلى أن قال: ثمّ بكى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقيل: مِمَّ بكاؤك، يا رسول الله؟ قال: (أخبرني جبرئيل عليه السلام أنَّهم يظلمونه ويمنعونه حقّه، ويقاتلونه ويقتلون ولده، ويظلمونهم بعده، وأخبرني جبرئيل عليه السلام عن الله عز وجل أنَّ ذلك يزول إذا قام قائمهم، وعلت كلمتهم، واجتمعت الأمّة على محبَّتهم، وكان الشانئ لهم قليلاً، والكاره لهم ذليلاً، وكثر المادح لهم، وذلك حين تغيّر البلاد، وضعف العباد، والإياس من الفرج، وعند ذلك يظهر القائم منهم). فقيل له: ما اسمه؟ قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: (اسمه كاسمي، واسم أبيه كاسم أبي(1)، هو من ولد ابنتي، يظهر الله الحقّ بهم، ويخمد الباطل بأسيافهم، ويتَّبعهم الناس بين راغب إليهم وخائف منهم). قال: وسكن البكاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (معاشر المؤمنين، أبشروا بالفرج، فإنَّ وعد الله لا يخلف، وقضاءه لا يُرد، وهو الحكيم الخبير، فإنَّ فتح الله قريب. اللّهمّ إنَّهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، اللّهمّ اكلأهم وارعهم وكن لهم، وانصرهم وأعنهم، وأعزهم ولا تذلهم، واخلفني فيهم، إنَّك على كلّ شيء قدير)(2).

 

 

 

 

الهوامش:

ــــــــــــــــــــــ

(1) قال محمّد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول (ص 487 - 489): إن قال المعترض:... إنَّ من جملة الصفات المجعولة علامة ودلالة أن يكون اسم أبيه مواطئاً لاسم أب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، هكذا صرَّح به الحديث النبوي على ما أوردوه، وهذه الصفة لم توجد فيه...، فالجواب: لا بدَّ قبل الشروع في تفصيل الجواب من بيان أمرين يبتني عليهما الغرض: [الأمر] الأوّل: إنَّه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجد الأعلى وقد نطق القرآن الكريم بذلك فقال تعالى: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) [الحجّ: 78]، وقال تعالى حكاية يوسف عليه السلام: (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) [يوسف: 38]، ونطق بذلك النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الإسراء أنَّه قال: (قلت: من هذا؟ قال: أبوك إبراهيم). فعلم أنَّ لفظة الأب تطلق على الجدّ وإن علا، فهذا أحد الأمرين.
الأمر الثاني: إنَّ لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث حتَّى ذكرها الإمامان البخاري ومسلم رضي الله عنهما كلّ منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعدي، أنَّه قال عن علي عليه السلام: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمّاه بأبي تراب ولم يكن له اسم أحبّ إليه منه. فأطلق لفظة الاسم على الكنية، ومثل ذلك قال الشاعر:

أجل قدرك أن تسمّى مؤبَّنة * * * ومن كنّاك فقد سمّاك للعرب

ويروى: (من يصفك)، فأطلق التسمية على الكناية أو الصفة، وهذا شائع ذائع في لسان العرب.
فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين فاعلم أيَّدك الله بتوفيقه أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان له سبطان: أبو محمّد الحسن وأبو عبد الله الحسين، ولمَّا كان الحجّة الخلف الصالح محمّد عليه السلام من ولد أبي عبد الله الحسين، ولم يكن من ولد أبي محمّد الحسن، وكانت كنية الحسين أبا عبد الله فأطلق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على الكنية لفظ الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حقّ أبيه، وأطلق على الجدّ لفظة الأب فكأنَّه قال: يواطئ اسمه اسمي، فهو محمّد وأنا محمّد وكنية جدّه اسم أبي، إذ هو أبو عبد الله وأبي عبد الله لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنَّه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز، وحينئذٍ تنتظم الصفات وتوجد بأسرها مجتمعة للحجّة الخلف الصالح محمّد عليه السلام، وهذا بيان شافٍ كافٍ في إزالة ذلك الإشكال، فافهمه.
(2) أمالي الطوسي: 351 و352/ ح (726/66).

ذي الحجة : ٢٠١٦/٠٥/٢٦ : ٤.٤ K : ٠ : اليوم: ١٨، الشهر: ١٢، السنة: ١٠
التعليقات:
لا توجد تعليقات.