من فقهائنا
سلسلة من المقالات تسلط الضوء على حياة الفقهاء النواب للإمام المهدي القائم عليه السلام
من فقهائنا
آية الله الشيخ مرتضى البروجردي قدس سره
اسمه وكنيته ونسبه قدس سره
مرتضى بن علي بن محمّد إبراهيم البروجردي.
ولد قدس سره في السابع عشر من جمادى الأُولى عام/1348ﻫ.
والده الشيخ علي كان من مراجع التقليد في زمانه وله العديد من المؤلفات، وكانت امه امرأة تقية، ورعة، زاهدة.
نشأ قدس سره في اسرة كريمة معروفة بالعلم و الفضل، وتربى منذ نعومة اظفاره في مدرسة والده قدس سره تربية عز وشرف وأدب وكرامة فكان يعتني به كثيراً لما يلحظ من طموح لديه، اذ يصطحبه معه الى أماكن البحث والتدريس واماكن العبادة، فاستقى من هذا وذاك روح الايمان وواقعيته وزرع في نفسه من سجايا الخلق المرضي والعطاء الروحي.
دراسته قدس سره
شرع قدس سره بطلب العلم وهو في سنّ السادسة من عمره، وذلك بتشجيع ودعم من والده، فأخذ يزدلف الى مجالس العلماء ويصغي الى محاضراتهم العلمية ، وحضر اولياته وسطوحه من النحو والصرف وبقية العلوم والمنطق والاصول والفقه والتفسير وعلم الكلام وغيرها على فضلاء عصره والمتخصصين في هذه العلوم وبعد ذلك حضر درس البحث الخارج عند كبار علماء الحوزة العلمية في مدينة النجف الأشرف حتّى نال درجة الاجتهاد.
أساتذته قدس سره
ابرز من درس قدس سره عليهم من العلماء، هم:
السيّد محسن الطباطبائي الحكيم قدس سره.
السيّد أبو القاسم الخوئي قدس سره.
الشيخ حسين الحلّي قدس سره.
أبوه الشيخ علي محمّد قدس سره.
طريقته في التدريس قدس سره
من الخصائص التي أمتاز بها درس الشيخ البروجردي قدس سره هي الدقّة، ومتانة المعنى، وسهولة العبارة، إذ كان يتحاشى استخدام العبارات الصعبة والمُعقّدة، وبهذا كان درسه سهلاً وفي متناول جميع الطلبة.
من تلامذته قدس سره
تتلمذ على يديه الكثير من الفضلاء، منهم:
السيّد منير الخبّاز القطيفي، السيّد المهري، السيّد علي رضا بن السيّد محمّد صادق الحكيم، السيّد جعفر بن الشهيد السيّد عبد الصاحب الحكيم، السيّد حسين بن الشهيد السيّد علاء الدين الحكيم، الإخوان الشهيد الشيخ علي واعظ زاده الخراساني والشيخ قاسم، نجله الشيخ محمّد مهدي، الشهيد السيّد محمّد صالح علم الهدى، الإخوان السيّد علي القزويني والسيّد محمّد، الشيخ علي الدهنين.
أخلاقه قدس سره
كان قدس سره لا يعتني بالدنيا وزخارفها، ويميل إلى البساطة في العيش، وكان يحتاط كثيراً في صرف الأموال الشرعية، وكان كذلك شديد العناية بالفقراء والمحتاجين، حتّى أنّهم ـ أحياناً ـ يأتون ويطرقون بابه في أوقات متأخّرة من الليل، فيرحّب بهم، ويقدّم لهم ما يقدر عليه، هذا بالإضافة إلى الرواتب الشهرية التي خصّصها لمساعدة الفقراء والمحرومين، وعوائل المسجونين في زنزانات نظام صدام البائد.
كان قدس سره ملتزماً بزيارة عاشوراء يومياً، وكذلك كان مستمرّاً على زيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام وأخيه أبي الفضل العباس عليه السلام في ليالي الجُمع، منذ أوائل شبابه إلى أكثر من خمسين سنة من عمره الشريف.
كان يتهجّد إلى الله تعالى ويناجيه في جوف الليل بقلبٍ محترق، وكان تهجّده غالباً في غرفةٍ مظلمة تماماً، وعندما سُئل عن السبب قال: (أُريد أن أتذكّر ظُلمة القبر).
من مؤلّفاته قدس سره
لقد نجح في تدوين تقريرات أُستاذه السيّد الخوئي في الفقه تحت عنوان (مستند العروة الوثقى).
علميّته قدس سره :-
ان الامر المهم والبارز في حياته العلمية انه واصل مع استاذه السيد الخوئي قدس سره ولازمه في دروسه العلمية فقد استفاد كثيراً منه سنين طوال . وحظى بأعتماده عليه ورعايته الخاصة له وقد نوه في عدة مواضع واشاد به كمفخرة من مفاخر الحوزة العلمية في النجف الاشرف وفي ذلك الوقت الذي كان يحتشد فيه درس هذا الاستاذ المتبحر بفضلاء الحوزة وعلمائها الذين قد وصل عددهم المئات ، ولم يكتف قدس سره بما يطرح في مجلس الدرس بل كان يحاوره ويناقشه خارج الدرس ويستمر النقاش لمدة طويلة .
ومن عطائه الفكري قدس سره انّه وفق لكتابة تقريرات استاذه في حقلي الفقه والاصول على اربعين مجلداً وقد تم طباعة 16 مجلداً منها تحت عنوان ( مستند العروة الوثقى) وبقيت الاجزاء الاخرى خطيّة فأصبحت هذه المجلدات محوراً تدور حولها كثير من بحوث الفقه في الحوزات العلمية وينتفع بها الفضلاء والاساتذة، وقد شهد الكثير من الاكابر لا سيما استاذه قدس سره بأن ما كتبه حسن التعبير وافٍ كافٍ خالٍ من التطويل الممل والاختصار المخل.
استشهاده قدس سره :-
لم يحتمل الظالمون و جود عالم زاهد شجاع له مكانة في اوساط الحوزة العلمية في مدينة النجف الاشرف فدبر له قدس سره مؤامرة لتصفيته حيث كان الشيخ قدس سره في يوم من الايام متوجهاً الى الحرم العلوي قبل الفجر كما هي عادته فمر عليه رجل ملثم فشتمه وضربه ضربة خفيفة وبعدها بفترة كان في محلة العمارة في منزل ولده الشيخ مهدي فخرج الشيخ قبل الفجر متوجهاً الى حرم امير المؤمنين وفي اثناء المسير واذا بشخص يرميه بـ(رمانة هجومية) فأنفجرت عليه ووقع الشيخ مضرجاً بدمه وعلى اثرها نقل الى المستشفى الى ان تماثل الى الشفاء وبقيت بعض الشظايا في جسمه الى وقت استشهاده قدس سره.
واما الاعتداء الاخر فكان في ليلة 24 ذي الحجة في سنة (1418هـ) حيث كان الشيخ يؤم المصلين في حرم امير المؤمنين عليه السلام وعند خروجه من الحرم متوجهاً الى منزله وعند المسجد الملاصق لمدرسة السيد اليزدي فاذا برجل ملثم يحمل مسدساً اطلق منه على الشيخ عدة اطلاقات اصابت رأسه وصدره فارداه صريعاً في باب المسجد المذكور.
تم تشييعه قدس سره و دفنه قدس سره في اليوم الثاني في مقبرة وادي السلام بمدينة النجف الاشرف حسب وصيته فرحمة الله عليه من شهيد محتسب صابر يوم ولد و يوم رحل شهيداً الى جوار ربه ويوم يبعث حيا.