لقب (المهدي) على لسان الشعراء
لقب (المهدي) على لسان الشعراء
غفران الهاشمي
يدلّ مصطلح (المهدي) على الّذي هدى به الله إلى الحق، وبهذا المعنى لقّب بعض الأنبياء والرّسل. كما جاء في شعر جرير في وصف نبيّنا إبراهيم عليه السلام:
أبُونـا أبُو إسـحاقٍ يَجمَعُ بَينَنا أبٌ كـانَ مَهدِيَّـاً نَبِيَّاً مُطَـهَّراً
وقال سليمان بن صرد، الّذي قام يطالب بدم الحسين عليه السلام وقال (اللهمّ ارحم حسيناً الشّهيد بن الشّهيد المهدي بن المهدي).
كما أن لدعوات المهدوية اثراً في تاريخ الإسلام، فقد ادعى محمّد بن عبد الله بن الحسن المعروف (بالنّفس الزّكية) المهدوية، وكانت دعوته دعوة سياسية ثوريّة تتصدّى لرفع الظلم والإضطهاد. وأيّده بعض شعراء الشّيعة في عصره في شعرهم. وهذا بعض ما قاله سَلمَة بن أسلَم الجُهني في مدحه.
إنّا لنرجو أن يكـون محمّـد إمـاماً به يحيا الكتاب المنزَل
به يصلح الإسلام بعـد فساده ويحـيا يتـيم بائس ومعوّل
ويملأ عدلاً أرضنا بعد ملـئها ضلالاً ويأتينا الَذي كنت آمل
وظهر دعاة آخرون وهم من خلفاء العبّاسييّن الّذين ادعى كل واحد منهم أنّه المهدي المنتظر، وذلك لتحقيق أهدافهم السياسية. منهم ابو جعفر المنصورالذي أنشد في مدحه أبودلامة:
وَ قَدِّمُوا الْقائِمَ الْمَنْصُورَ رَاْسَكُمُ فَالْعَيْنُ وَالْأنْفُ وَالْآذانُ فِي الرَّاْسِ
وكذا إبنه المهدي وإبناهما؛ الهادي بن المهدي والهارون الرّشيد. الّذين إستخدموا الشّعر آلة لنيل أهدافهم وقد استمسكوا بأمل النّاس حول المهدي عليه السلام يقول إبراهيم الموصلي في مدح هارون:
إذا ظَلَـمَ الْـبـــــَلاءُ تَجَـلَّتْنـــــابِهروُنَ فَهـاروُنُ الْإمـامُ لَهـا ضِـيـــــاءُ
اسْـتَقامَ الْعُـــدُولَ فينـا وَغاضَ الْجَوْرُ وَ انْفَسَحَ الرَّجاءُ
رَأَيْتُ النّاسَ قَدْ سَـكَنُوا إلَـيْــهِ كَمـا سَكَنْتُ إلَى الْحَرَمِ الضّيــاءُ
تَبَّعْتُ مِنَ الرَّسُـولِ سَبيلَ حَقٍّ فَشَـأْنُكَ فِي الْاُمُـــورِ بِهِ اقْـــــتِداءُ
وفكرة المهدوية في تاريخ العرب كانت الأمل لتمحوأثر الظلم ولتملأ الأرض عدلاً بعد ما ملئت جوراً،ونرى بعض الشعراء قد أنشدوا أشعاراً في تأييد دعاة المهدوية ونظموا أبياتاً فيهم. كقوله لأحد الشعراء في تمجيد ومدح أحد مدّعي المهدوية:
سَـلامٌ عَلى قَبْرِ الْإِمـامِ المُمَجَّدِ سُـلالَةِ خَيْرِ الْعالَمـينَ مُحَـمَّدِ
وَ مُشْبِهِهِ في خُلْقِهِ ثُمَّ فِي اسْـمِهِ وَ فِي اسْـمِ أبيهِ وَالْقَضاءِ المُسَدَّدِ
وَ مُحْيي عُلُومِ الدّينِ بَعْدَ مَماتِها وَ مُظْهِـرُ أسْرارِ الْكِتابِ المُسَدَّدِ
أتَتْنا بِهِ الْبُشْـرى بِأنْ يَمْلَأَ الدُنيا بِقِسْـطٍ وَ عَدْلٍ فِي الْأَنامِ مُخَلَّدِ
وَ يَفْتَتِحُ الْأمْصارَ شَرْقاً وَ مَغْرِباً وَ يَمْلِكُ عُزْباً مِنْ مُغَيرٍ ومَنْجَدِ