(٧٧) ابتداء عصر الغيبة بدور قيادي للمرأة الجدة (حديثة)
ابتداء عصر الغيبة بدور قيادي للمرأة الجدة (حديثة)
نور مهدي كاظم الساعدي
إن المتصفح لتاريخ الغيبة الصغرى وما جرى فيها من أحداث يجد الكثير من الدروس والعبر التي يمكن أن تكون مفتاحاً لسلوك سبل النجاح والارتقاء بالعمل إلى مستويات عالية المراتب إسهاماً في عملية التمهيد للظهور المبارك.
فمن هذه الأدوار المساهمة في عملية التمهيد هو دور المرأة المسلمة التي دائماً ما يُتَّهم الإسلام بأنه همَّشها ولم يعطها دورها، ولعل الرواية التي سيكون الحديث عنها تفند هذه الادعاءات الواهمة وتثبت أن للمرأة دوراً مهماً في نواحي الحياة عموماً، وفي المواقف الصعبة على وجه الخصوص.
جاء في كتاب كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق في باب ذكر التوقيعات إلى أن أحمد بن إبراهيم دخل على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا (عليهما السلام) سنة ٢٦٢هـ، فكلمها من وراء حجاب وسألها عن دينها، فسمت له من يأت به ثم قالت: (والحجة بن الحسن بن علي، فسمته)، فقال لها: جعلني الله فداك معاينة أو خبراً؟ فقالت: خبراً عن أبي محمد (عليه السلام) كتب به إلى أُمّه، فقال لها: أين الولد؟ فقالت: مستور، فقال: إلى من تفزع الشيعة؟ فقالت: إلى الجدة أم أبي محمد (عليه السلام)، فقال لها: أقتدي بمن وصيته إلى امرأة؟! فقالت: اقتداء بالحسين بن علي (عليهما السلام)، فإن الحسين (عليه السلام) أوصى إلى أخته زينب بنت علي في الظاهر فكان ما يخرج من علي بن الحسين (عليه السلام) من علم ينسب إلى زينب ستراً على علي (عليه السلام).
ومن المعلوم أن الإمام (عجّل الله فرجه) بدأت غيبته الصغرى سنه ٢٦٠ هـ والسائل سأل السيدة حكيمة في سنة ٢٦٢هـ، أي إن الشيعة كانت ترجع منذ بداية الغيبة إلى وقت سؤال السائل إلى الجدة وإلى السيدة حكيمة وليس إلى السفير الأول وهو عثمان بن سعيد العمري كما هو ظاهر هذا الخبر، ويمكن تفسير ذلك إلى أن هذا الرجوع إلى الجدة هو لحماية الإمام (عجّل الله فرجه) وسفرائه من الذين كانوا يتتبعون أثره، فلو كان الرجوع إلى السفير الأول مباشرة بعد وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) لشكَّل ذلك خطراً على حياة السفير الأول. خصوصاً وأنه كان سفيراً ونائباً للإمام العسكري (عليه السلام). لأن السلطة لن تتأخر أبداً في أخذه لمعرفة مكان وجود الإمام (عجّل الله فرجه).
ولعل هناك تفسيراً آخر لمسألة الرجوع إلى الجدة في بداية الغيبة وإلى السفير الأول لسنا بصدد الحديث عنه هنا في هذا المقال.
فمن هذه الرواية وبالخصوص هذا المقطع (إلى من تفزع الشيعة؟ فقالت: إلى الجدة أُم أبي محمد) نفهم أن الإمام أرجع الشيعة إلى (الجدة)، كل الشيعة وليس النساء فقط! وهذا يؤكد أن مع بداية الغيبة بدأ دور خاص للمرأة، يحملها المسؤولية، ويطالبها بالقيام بدور قيادي. ويؤكد أيضاً على أنها قادرة على تحمل تلك المسؤوليات، ومن هنا يمكن القول إن للمرأة المسلمة دوراً خاصاً في حركة أهل البيت (عليهم السلام) عموماً وحركة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) خصوصاً من قبل ولادته (عجّل الله فرجه) مروراً بغيبته إلى ظهوره وقيام الحق على يديه.