(٧٨) المهدوية أصل ودليل
المهدوية أصل ودليل
ادريس هاني
ربما شق على البعض أن يكون الحديث حول المهدوية هو فرع للحديث عن الإمامة نفسها، كما لو كان القول في المهدوية لا يقع إلا في طول القول في الإمامة، ومع أن جانبا من الصحة يعكسه هذا الرأي، إلا أننا نعتقد أيضاً أن المهدوية هي بالأحرى، عقيدة قائمة بذاتها، حيث أن موضوعها ثابت في الوجدان الديني وغيره على النحو الأعم، إنها بهذا المعنى، فكرة راسخة في الوجدان البشري. بل هي المشترك الذي قد يحصل تصوره بدفعة واحدة، ولا تأتي المكابرة إلا في مرحلة ثانوية بعد أن كانت المهدوية حدساً يتعقله الوجدان حضورياً.
فلو سألت أي كائن بشري في كل جيل وفي كل دين، هل إنك ترجو شيئا أو تحمل بعض الأمل على الرغم من كل صنوف العذابات التي تلم ببني البشر؟ لأجاب: نعم أرجو الكثير وآمل الكثير.
إن المستقبل في وجدان البشر لا محالة أفضل.
وإذا سألته كيف تتوقعه؟ ربما هام وفتح المجال لأقصى الخيال.
وبين سؤال الـ(إن) وسؤال الـ(كيف)، خرج الموضوع عن الإجماع بالجملة، لتتكاثر الأفكار والأحاسيس والرسوم في الجملة.
ولو أسسنا لهذه القاعدة الكلامية، لاعتبرت المهدوية أساسا صالحا للبرهنة على ما قبلها من اعتقادات.
إن المهدوية بهذا المعنى _لو أصبحت قاعدة وجدانية استدلالية وليست فكرة مستدل عليها_ فإنها ستصبح موضوعا جامعا لكل المعتقدات الإسلامية، وأعني ها هنا الأصول الخمسة. لأنها العنوان الذي يمثل النتيجة الحتمية للاعتقاد بالأصول الخمسة، كما أن الاعتقاد بالمهدوية يجعل الاعتقاد بالأصول الخمسة أمرا حتميا.