(٨٦) السيدة نرجس (عليها السلام) ودورها في القضية المهدوية
السيدة نرجس (عليها السلام) ودورها في القضية المهدوية
نور مهدي كاظم الساعدي
جاء في كتاب (موجز دائرة معارف الغيبة): أن السيدة نرجس أُم الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، هي مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأُمُّها من ولد الحواريين وتنسب إلى وصي المسيح شمعون. كذا ورد نسبها في قصة زواجها من الإمام الحسن العسكري (عليه السلام). ولها أسماء عدة منها (نرجس) ومنها (صقيل) وغير ذلك، ولعل ذلك لداعي التقية التي مارسها الإمام العسكري (عليه السلام) حفاظاً على حياتها وحياة الإمام ولدها (عجّل الله فرجه)، إلّا أن المشهور من أسمائها بين الشيعة الإمامية (نرجس) (عليها السلام).
دورها في القضية المهدوية:
نشر في الموقع العالمي للدراسات الشيعية على شبكة الانترنت مقال حول دور السيدة نرجس وحالها بعد غيبة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يمكن تلخيصه بـ:
إنه بعد وشاية جعفر (عم الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)) للمعتمد العباسي على وجود ابن للإمام العسكري (عليه السلام) تنقل إليه الأموال، وأرسل المعتمد العباسي الخيل والرجال إلى دار الإمام (عجّل الله فرجه) ليكبسوه، ويفحصوا في كل غرفه ودهاليزه، فلا يجدون شيئاً، وليتهم اكتفوا بذلك، وإنما اشتغلوا بالنهب والسلب والغارة على ما رأوا من متاع الدار. وبينما هم منشغلون بالنهب، يتحين الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فرصة غفلتهم، ويخرج من الباب. تقول الرواية: وهو يومئذٍ ابن ست سنين - والصحيح هو ابن خمس سنين - فلم يره أحد منهم حتى غاب. ولا يجد هؤلاء الرجال في الدار، بعد أن تبعثر أصحابها وتشتت شملها إلّا الجارية (أُم المهدي)، فيقبضون عليها ويرفعونها إلى الجهات الحاكمة.
ومن هنا تبدأ المحنة الأساسية لهذه المرأة الصابرة المجاهدة، تلك المحنة التي واجهتها، بكل صمود وإخلاص وإيمان، واستطاعت برغم الضغط الحكومي أن تخرج ظافرة في المعركة، وأن لا تبوح بالسر العزيز الذي باح به جعفر، وقد أوجب الله تعالى عليه كتمانه، وأبقت ولدها محجوباً مصاناً من الاعتداء. إنهم طالبوها بالصبي، فأنكرته ومعناه أنها ادَّعت أنها لم تلد، وأنه لا وجود لهذا الصبي على وجه الأرض، لكنها تدعي أن بها حملاً. ويقع لكلامها في ذهن الحاكم موقعاً. ومن هنا وقعت السيدة (نرجس) تحت المراقبة الشديدة المستمرة، حيث جعلوها بين نساء المعتمد ونساء الموفق ونساء القاضي ابن أبي الشوارب، وهن نساء أعلى رجال الدولة. ولا زالوا يتعاهدون أمرها في كل وقت ويراعونها، وطالت المدة ولم يحصلوا على شيء. وبقيت الجارية على هذه الحال حتى واجهت الدولة مشكلات أساسية، واضطرت إلى خوض الحروب في عدة جبهات، فانشغل رجال الدولة عن هذه الجارية، فخرجت عن أيديهم.
والغرض من هذه المدة الطويلة التي بقيت السيدة نرجس فيها تحت المراقبة والمقصود الأساسي من حجزها ومراقبتها ليس هو البحث عن جنينها أو انتظار ولادتها، وإلّا كان يكفي للتأكد من ذلك أن تمضي عليها عدة أشهر فقط، وإنمّا المقصود هو:
١. اضطهادها وعزلها عن مجتمعها.
٢. منع اتصال ولدها بها خلال هذه المدة، لو كان موجوداً.
إلّا أن مخططهم باء بالفشل وذلك لما كانت تتمتع به السيدة نرجس من حكمة وفطنة وحسن تصرف في هذه المواقف الصعبة من جهة، ومدى صبرها وامتثالها لأمر الله سبحانه وتعالى في حفظ مولودها وكتمان أمره (عجّل الله فرجه) من جهة أخرى.
وفي الختام هذه دعوة لنسائنا لدراسة حياة هذه السيدة الجليلة للاقتداء بها والسير على خطاها في عملية التمهيد لظهور المولى صاحب الأمر (عجّل الله فرجه).