(٩١) مدرسة الصحابة يؤمنون بخروج المهدي (عجّل الله فرجه)
مدرسة الصحابة يؤمنون بخروج المهدي (عجّل الله فرجه)
فرح موسى
لم يتفرد المسلمون الإمامية بعقيدة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، بل هي عقيدة واضحة في كل المدارس الإسلامية الأخرى، ومنها مدرسة الصحابة، فالكل آمن بخروج المهدي (عجّل الله فرجه) في آخر الزمان، وحتمية إقامة دولة العدل الإلهي على يديه، وهو المخلص لكل المظلومين على وجه الأرض، فهو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
وكل الأحاديث التي تخص الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) واضحة في كتب الفريقين من هذه الناحية، وكل ما اختلف فيه هو مسألة الولادة والغيبة.
ففي كتب العامة والأحاديث، والآثار التي أوردها السيوطي في شأن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والتي تزيد على المائتين، تلك الأحاديث والآثار كلها تقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة».
وقد جمع السيد العلامة (محمد بن إسماعيل الأمير اليماني) الأحاديث القاضية بخروج المهدي (عجّل الله فرجه)، وأنه من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنه يظهر في آخر الزمان، ثم قال: (ولم يأت تعيين زمنه إلّا أنه يخرج قبل خروج الدجال».
ومن الذين قالوا بأن أحاديث المهدي (عجّل الله فرجه) متواترة الحافظ (أبو الحسن محمد بن الحسين الآبري السنجري) صاحب كتاب (مناقب الشافعي)، المتوفى سنة ثلاث وستين وثلاثمائة من الهجرة، قال (رحمه الله) في محمد بن خالد الجندي راوي حديث (لا مهدي إلّا عيسى بن مريم): محمد بن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل.
وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بذكر المهدي (عجّل الله فرجه) وأنه من أهل بيته (عليهم السلام)، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلاً، وأن عيسى (عليه السلام) يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه (عليه السلام) يؤم هذه الأُمة ويصلي عيسى (عليه السلام) خلفه، وقد نقل ذلك عنه (ابن القيم) في كتابه (المنار المنيف) وسكت عليه، ونقل عنه أيضاً (الحافظ بن حجر) في (تهذيب التهذيب) في ترجمة محمد بن خالد الجندي وسكت عليه، ونقل عنه ذلك وسكت عليه أيضاً في (فتح الباري) في باب نزول عيسى بن مريم (عليه السلام)، ونقل ذلك عنه أيضاً (السيوطي) في آخر جزء (العرف الوردي في أخبار المهدي (عجّل الله فرجه)) وسكت عليه، ونقل ذلك عنه مرعي بن يوسف في كتابه (فوائد الفكر في ظهور المهدي المنتظر عليه السلام)، كما ذكر ذلك صديق حسن خان القنوجي البخاري في كتابه (الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة).
فكتب العامة زاخرة بأحاديث المهدي، فلو سلمنا جدلاً بعدم ولادته (عجّل الله فرجه) وأنه سيولد آخر الزمان يرد السؤال هنا:
هل يستلزم ذلك التنحي عن أداء المسؤولية بتهيئة أجواء تحقيق وعد الله؟ وهل يستلزم هذا أن ننكر على مدرسة الإمامية الاعتناء بالمسؤولية لإقامة الدين في زمن الغيبة بما يسمونه الانتظار؟ وهل مجرد عدم الاعتقاد بولادته وغيبته يعفي من مسؤولية الانتظار لذلك الوعد الإلهي المحتوم؟