البحوث والمقالات

(١٠٢) الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) وتربيتنا لأنفسنا

الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) وتربيتنا لأنفسنا

د. بشرى العطار

من علاقاتنا بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) علاقة التربية، إذ إنّ العقيدة بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يجب أن تخلق تطوّراً في البرنامج اليومي لحياة الإنسان الرسالي، فيكون إحساسه بقضية الإمام (عجّل الله فرجه) عالي المستوى في الفكر والممارسة، من خلال تربية النفس وإعدادها عقائدياً وفكرياً وسلوكياً.
أمّا أهمّ الأُسس التربوية التي يجب مراعاتها حتى تصدق صلة التربية مع الإمام (عجّل الله فرجه)، هي:
أ - التقوى:
إن قواعد البناء الإنسان إنما تنهض على التقوى والاستقامة وكما جاء في الآية الكريمة ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ﴾. أي أن من آثار إيمان الإنسان وتقواه هو افتتاح أبواب البركات الإلهية.
وهناك حقيقة أخرى يؤكد عليها القرآن بخصوص التقوى في سورة البقرة ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾، حيث إنّ الله سبحانه وتعالى يؤكد على حقيقة أن القرآن هدى (للمتقين) بالخصوص وليس لكل الناس، وهنا فإن التقوى تعني الاستقامة الباحثة أبداً عن النور في طريق الله، والمتقون هم الذين يشعرون بمسؤوليتهم الفكرية والاجتماعية تجاه العقيدة والحياة، فهم يحتاجون الهداية من موقع المواجهة الحادة للمشاكل الصعبة التي تعترضهم في قضايا الصراع، فيقفون أمامها موقف الجاد الذي لا يعيش حالة اللامبالاة والاسترخاء الفكري.
ب - محاسبة النفس:
إن المتقين هم الذين يخافون الله ويحبونه بإخلاص وإيمان، فيشعرون من خلال ذلك بالمسؤولية التي تتحول إلى مراقبة ومحاسبة في الفكر والعمل.
إنّ المحاسبة هي أولى خطوات التقوى، ولقد ورد عن الإمام الكاظم (عليه السلام) قوله: «ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل حسناً استزاد وإن عمل سيئاً استغفر الله»، فعبارة «ليس منّا» استبعاد لذلك الشخص الذي لا يحاسب نفسه عن حظيرة المسلمين، ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يطوف في الأسواق وينادي: «أيها الناس حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا».
وينقل عن السيد الطباطبائي (قدّس سرّه) أنه كان دؤوباً في وصيته لتلاميذه: (كل واحد منكم لما يتوسد الوسادة يومياً في الليل يتذكر ما عمله في النهار، فإن كان خيراً يستزيد ولا يكتفي، وإذا كان العكس فعليه أن يستغفر الله ويتوب).
ج - إيجاد القدوة الصالحة:
فإنّ الإنسان عندما يريد أن يحسّن أخلاقه وسلوكه وعلاقاته وطريقة معاملته للآخرين فلابدّ أن يكون لديه برنامج ما، ليسير عليه، وأن تكون له أُسوة وقدوة يحتذي به ويتبعه، فالذي يسعى لتطوير المجتمع فكرياً وسلوكياً لابدّ أن تكون لديه علاقة مع إمام أو مع حجة، وبتعبير آخر لابدّ أن يكون هذا الإمام (عليه السلام) كالضوء لأتباعه، يسيرون باتجاهه، وعلى أساس قبوله ورفضه لما يقوم به هؤلاء الأتباع في هذه الحياة.
هذا على الصعيد العام، أمّا على الصعيد الخاص فلابد أن يكون لنا قدوة ممن حولنا، كأن يكون مرجعاً أو عالماً كبيراً، فمن الطبيعي أن الإنسان ينظر إلى حركات وسكنات تلك الشخصيّة ليتعلم منه، ويتخذ منه قدوة له.
د - الحرص على تربية الأبناء التربية الرسالية:
حين يضع الأب الرسالي في ذهنه حقيقة أنه لو لم يدرك دولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ليكون ناصراً له، فلعل أولاده سيدركونه، وهذا مدعاة لأن يكون حريصاً على اختيار الزوجة الصالحة والواعية لينجب أولاداً يوليهم تربية إيمانية واعية في كل مراحل النمو من الطفولة وحتى البلوغ، وخاصة مرحلة الطفولة مصداقاً للحقيقة التي تقول: إن الوضع الروحي والسلوكي والخلقي للناس في كل عصر إنما هو حصيلة البذور التي نثرت في أدمغتهم أيام الطفولة، وبذلك يكون كل منهم مؤهلاً لأن يكون جندياً من جنود الإمام (عجّل الله فرجه).

البحوث والمقالات : ٢٠١٣/٠٦/٠٢ : ٣.٨ K : ٠
: الدكتورة بشرى العطار
التعليقات:
لا توجد تعليقات.