(١٣٥) الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه) في الكتاب والسنّة
الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه) في الكتاب والسنّة
الشيخ جعفر سبحاني
إن كلّ من كان له إلمام بالحديث يقف على تواتر البشارة، عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وآله (عليهم السلام) وأصحابه، بظهور المهدي (عجّل الله فرجه) في آخر الزمان لإزالة الجهل والظلم والجور، ونشر أعلام العلم، والعدل وإعلاء كلمة الحق، وإظهار الدين كلّه ولو كره المشركون، فهو بإذن الله تعالى سينجي العالم من ذلّ العبودية لغير الله، ويلغي الأخلاق والعادات الذميمة، ويبطل القوانين الكافرة التي سنتها الأهواء، ووضعتها يد بني البشر، ويقطع أواصر التعصبات القومية والعنصرية، والوطنية، ويميت أسباب العداوة والبغضاء التي صارت سبباً لاختلاف الأُمّة وافتراق الكلمة، واشتعال نيران الفتن والمنازعات، ويحقق الله سبحانه بظهوره (عجّل الله فرجه)، وعده الذي وعد به المؤمنين بقوله:
﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.
﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾.
وأنّه لابد أن يأتي عصر ذهبي لا يبقى فيه على الأرض بيت إلّا دخلته كلمة الإسلام، ولا تبقى قرية إلّا وينادى فيها بشهادة: (لا إله إلّا الله)، بكرة وعشياً.
هذا ما اتّفق عليه المسلمون في الصدر الأول، والأزمنة المتلاحقة، ولأجل ذلك استغلّ بعض المتهوسين قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فادّعوا المهدويّة، ولم نعهد أحداً ردّهم بإنكار أصل هذه البشائر، وإنّما ناقشوهم في الخصوصيات وعدم انطباق البشائر على المدّعى.
ولم ير التضعيف لأخبار الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إلّا من ابن خلدون في مقدمته، وقد فنّد مقالته (الأستاذ أحمد محمد صديق) برسالة أسماها: (إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون).
وأخيراً نشر (أحمد المصري) رسالة أسماها: (المهدي والمهدوية)، قام - بزعمه - بردّ أحاديث المهدي (عجّل الله فرجه)، وأنكر تلك الأحاديث الهائلة البالغة فوق حدّ التواتر، جهلاً منه بالسنّة والحديث. بتظافر مضمون قول الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم، حتى يخرج رجل من ولدي، فيملؤها عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً).
إنّ بحث الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بحث نقلي لا يمتّ إلى العقل بصلة، فعلى من يريد اعتناقه، أو - والعياذ بالله - ردّه ورفضه، الرجوع إلى الصحاح المسانيد، وكتب الحديث والتاريخ، حتى يقف على عدد الروايات الواردة حول المهدي (عجّل الله فرجه)، في مجالات مختلفة، وها نحن نأتي في المقام بفهرس الروايات التي رواها السنّة والشيعة وهي:
1- الروايات التي تبشّر بظهوره (عجّل الله فرجه)، (657) رواية.
2- الروايات التي تصفه (عجّل الله فرجه) بأنّه من أهل بيت النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، (389) رواية.
3- الروايات التي تدلّ على أنّه (عجّل الله فرجه) من أولاد الإمام علي (عليه السلام) (214) رواية.
4- الروايات التي تدلّ على أنّه (عجّل الله فرجه) من أولاد فاطمة (عليها السلام) بنت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (192) رواية.
5- الروايات التي تدلّ على أنّه (عجّل الله فرجه) التاسع من أولاد الحسين (عليه السلام)، (148) رواية.
6- الروايات التي تدلّ على أنّه (عجّل الله فرجه) من أولاد الإمام زين العابدين (عليه السلام)، (185) رواية.
7- الروايات التي تدلّ على أنّه (عجّل الله فرجه) من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) (146) رواية.
8- الروايات التي تدلّ على أنّه (عجّل الله فرجه) يملأ العالم قسطاً وعدلاً، (132) رواية.
9- الروايات التي تدل على أنّ للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) غيبة طويلة، (91) رواية.
10- الروايات التي تدلّ على أنّه (عجّل الله فرجه) يعمّر عمراً طويلاً، (318) رواية.
11- الروايات التي تدلّ على أنّ الإسلام يعمّ العالم كلّه بعد ظهوره (عجّل الله فرجه)، (47) رواية.
12- الروايات التي تدلّ على أنّه الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، (136) رواية.
13- الروايات الواردة حول ولادته (عجّل الله فرجه)، (214) رواية.
ولو وجد خلاف حول الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بين السنّة والشيعة، فهو الاختلاف في ولادته، فإنّ الأكثرية من أهل السنّة يقولون بأنّه سيولد في آخر الزمان، والشيعة بفضل هذه الروايات، تذهب إلى أنّه ولد في (سرّ من رأى)، عام (255هـ)، وغاب بأمر الله سبحانه سنة وفاة والده (عليه السلام)، عام (260هـ)، وهو يحيا حياة طبيعية كسائر الناس، غير أنّ الناس يرونه ولا يعرفونه، وسوف يظهره سبحانه ليحقّق عدله.