البحوث والمقالات

(١٥٧) إنا غير مهملين لمراعاتكم

إنا غير مهملين لمراعاتكم

الشيخ حسين عبد الرضا الأسدي

من المفاصل الأساسية في كل مؤسسة أو دين هو سلطة تسمى بسلطة المراقبة، ومهمتها متابعة الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية ومعرفة مدى مطابقتها للأوامر التي أصدرتها السلطة التشريعية، ومدى مطابقة المشاريع للشروط الموضوعية للمشروع.
وأكثر ما نحتاج إليه هنا النزاهة والإخلاص، لأنه مهما كانت المشاريع التشريعية كثيرة، فإنك من دون مراقبة نزيهة لن تضمن مشروعاً مفيداً مطابقاً لمواصفات المشروع الواقعية! ولا أعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى أكثر من النظر إلى الواقع المعاش.
وعندما نأتي إلى الإنسان، نجد أنه في حياته ورحلته نحو الله تعالى لابد له من سلطة مراقبة تراقب سلوكياته باستمرار، إذ بعد أن تم التشريع الإلهي وبلغه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعد أن كانت مسؤولية الإنسان هي تنفيذ الأوامر والتكاليف الشرعية، حينئذٍ نواجه أمراً صعباً يتمثل في مراقبة الإنسان سلوكيات الإنسان ومدى تطابقها مع التشريع الإلهي، هذا.
ويمثل وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الواقعي وإن كان غائباً حالة شعورية للإنسان بالمراقبة الغيبية لأعماله، تلك المراقبة التي تدرجت من الخالق حيث قال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾. مروراً برسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقد جاء عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ما لكم تسوؤون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» فقال له رجل: كيف نسوؤه؟ فقال (عليه السلام): «أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسرّوه».
وتنتهي تلك المراقبة بأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام)، ومن أوضح ما يشير إلى هذه الحقيقة هو ما جاء في مكاتبة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) للشيخ المفيد، إذ جاء فيها: «فإنا نحيط علماً بأنبائكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم... إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء...».

البحوث والمقالات : ٢٠١٣/٠٦/٠٣ : ٣.٩ K : ٠
: الشيخ حسين عبد الرضا الأسدي
التعليقات:
لا توجد تعليقات.