(١٥٨) زبيدة زوجة هارون العباسي
زبيدة زوجة هارون العباسي
نور مهدي كاظم الساعدي
نساء في سماء القضية المهدوية:
هي زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور, زوجة هارون العباسي أم محمد الأمين, واسمها (أمة العزيز), وزبيدة لقب لقبها به جدها أبو جعفر المنصور لنضارتها.
عدّها الشيخ الصدوق من الشيعة، وأثنى عليها كثيراً، وقال المامقاني - تبعاً للشيخ الصدوق - أنها من الشيعة كذلك ولما عرف زوجها بتشيعها حلف بطلاقها، ومما يعرف عنها إنه كان لها مائة جارية يحفظن القرآن الكريم، ولكل واحدة ورد عشر القرآن.
وكان يسمع في قصرها كدوي النحل من قراءة القرآن الكريم، ولها معروف وفعل خير كثير، حيث أجرت الماء لأهل مكة بعد أن كانت الرواية عندهم بدينار، وأسالت إليها الماء من عشرة أميال.
ذكر خير الدين الزركلي في الجزء الثالث من كتاب (الأعلام) إنه إليها تنسب (عين زبيدة) في مكة حيث جلبت إليها الماء من أقصى وادي نعمان شرقي مكة وأقامت له الأقنية حتى أبلغته مكة.
وتوفيت زبيدة في سنة 216هـ كما ذكره صاحب (مستدرك سفينة البحار) في جزئه الرابع.
وعدّ الطبري في (دلائل الإمامة) أن زبيدة من النساء اللاتي يخرجن مع القائم (عجّل الله فرجه)، فقد روى بسنده عن الصادق (عليه السلام) إنه قال: (يكنّ مع القائم ثلاث عشرة امرأة، قلت (الراوي): وما يصنع بهنّ؟ قال: يداوين الجرحى, ويقمن على المرضى كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قلت: فسمّهن لي، قال: القنوا بنت رُشيد، وأم أيمن، وحبابة الوالبية، وسمية أم عمار بن ياسر، وزبيدة، وأم خالد الأحمسية، وأم سعيد الحنفية، وصبانة الماشطة، وأم خالد الجهنية).
وأشار السيد محمد علي الحلو في كتابه (الغيبة والانتظار) بقوله: ربما يتساءل عن كون نسبة التشيع إلى زبيدة لم تشتهر بين الأصحاب، فنقول: إنّ شهادة الشيخ الصدوق تعد من الشهادات التي يعدها أصحابنا (رضوان الله عليهم) حسية أو قريبة منه، لقرب عهده بأصحاب الأئمة وسفراء الحجة (عجّل الله فرجه)، والشيخ الصدوق أجل من أن يروي أمراً حدسياً يخبر به وينسبه إلى نفسه دون تحقيق في النسبة، كما أن نسبة التشيع إلى زبيدة لم تكن مشهورة لخفاء أمر تشيعها وكتمانه خوفاً من العباسي وبني العباس، كما أن نسبة التشيع إلى سيدة البلاط العباسي أمر غير متعارف عادة لدى الأوساط الذين عرفوا بني العباسي وعداءهم لأهل البيت (عليهم السلام)، إلاّ أن ذلك أمرٌ جديرٌ بالاهتمام لمعرفة أسبابه ودوافعه.
ومن خلال قراءة حياة هذه السيدة نقول رغم ما ينقل عنها من أخبار تكاد تكون مناقضة لما نقلناه أعلاه, يتبين أن هذا التناقض يدل بوضوح على صحة خبر تشيعها, فلو لم تكن من الشيعة, على هذا القدر من المكانة والإيمان والمعروف الذي نسب إليها لذكر ذلك جميع الكتب بشكل صريح وواضح، ولكنه شأن الحاقدين في تزييف الحقائق عندما لا تروق سيرة أحدٍ لمصالحهم وأهوائهم.
إن هذه المرأة تشبه آسية بنت مزاحم زوجة فرعون, فبالرغم من كون زوجها هو هارون العباسي المعروف بطغيانه وجبروته, إلا إنها آمنت بالله إيمانا حملها على الولاية وكانت تعمل الخير وتدعو له وتسعى لعمل مشاريع تخدم المجتمع, ولعل من أهم تلك المشاريع قضية إسالة المياه إلى مكة كما ذكرنا, وان مثل هذه الأعمال أهلتها لأن تكون ممن يكر مع الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في حركته العالمية العظيمة.