(١٦٤) حقائق القرآن تتخللها حقائق المهدوية
حقائق القرآن تتخللها حقائق المهدوية
إدريس هاني
عجباً للمسلمين كيف عز عليهم أن يستلهموا من قرآنهم حقائق المهدوية كما استلهمها مستشرق مثل -هنري كوربان- حيث عزاها إلى أصل القرآن الكريم دفعاً للقائل بأنها منتحلة عن الأفكار والمعتقدات التي نشأت في المجال الديني والسوسيو ثقافي الذي حلت به الرسالة الإسلامية، مؤكداً دعوته إلى التأمل في نصوص القرآن الكريم والنظر في أسرار حياته للتأكد بأن عقيدة المهدي (عجّل الله فرجه) تكاد تتخلل كل عقائده.
نعم فالقرآن نفسه وعد بأن يقيم على الأرض جنة تتنزل بركاتها من السماء، كما وعد بخسف الكافرين وفشلهم المتوقع مهما عتوا في الأرض عتواً واستكبروا استكبار، وعليك أن تحصي كل الآيات التي وعدت تلك الوعود دون أن تحقق واحدة منها حتى اليوم.
وها هو الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد مات أو قتل، وها هم الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وقد التحقوا بالرفيق الأعلى، فمن يا ترى حقيق بأن يحقق وعد الله في الأرض بأن يرعى دينه ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.
وأين هو علم الساعة الذي يكون في آخر الزمان، أين المهدي (عجّل الله فرجه) الذي يقوم الأود ويقيم الحق؟
ولنا أن نتخذ ميزاناً نزن به حقيقة ومصداق كل آية فيها وعد ولم يتحقق - وما أكثره - إلا وكان أمارة على أن أمراً لم يتم في دنيا الناس، الله متمه ولو كره الكافرون، ولا يتصور تحققه إلا في ضوء العقيدة المهدوية، وما أحاط بها من أخبار تعزز شأنيتها وتجعلها الأنسب لتحقيق هذا الأمر العظيم.
فلا وجود لسر تلبس به أمر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إلا وله نظائر من الذكر الحكيم.
كرفعة إدريس وعيسى (عليهما السلام)، وغيبة يونس (عليه السلام) عن أنظار الناس في بطن الحوت، وغيبة موسى (عليه السلام) أربعين يوماً عن قومه، أو اختفاء أمر الياس أو الخضر (عليهما السلام) عن عموم الصالحين وتدبيره السري لما ينفع الناس، فانظر تجد لأمر الغيبة الكبرى نظائر كأهل الكهف الذين دخلوا في نوم امتدّ بهم جيلاً بعد جيل وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد.
فإن لم يكن عزيزاً أن يبقي الله فتية يتقلبون على جنوبهم ليكونوا آية لقوم شاء الله أن يسخرهم في طريق لطفه، فكيف يعز عليه (عزّ وجل) ذلك في صالح أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، وان كان كلب أمكنه أن تطول به الغيبة كل هذا العدد من السنين، فهل يكثر ذلك على من هو في الشأن العظيم!.
وان مثل هذه الأمثال تجعل الاعتقاد بالمهدي (عجّل الله فرجه) تحصيل حاصل في الاعتقاد الديني كذي القرنين الذي صنع للقوم الذين استغاثوا به سداً عظيم، أو الخضر الذي كان يتصرف بالعلم لا بالظاهر، وانه من أمكنهم أن يؤمنوا بهذا في الأول أمكنهم الإيمان به في المآل، وبذلك وصفوا في محكم التنزيل ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾.