البحوث والمقالات

(١٦٧) التلازم الذاتي بين المهدوية وكمال معاني الإنسانية

التلازم الذاتي بين المهدوية وكمال معاني الإنسانية

محسن وهيب عبد

العقيدة المهدوية بما هي عقيدة سماوية فإنها تعتمد المسلمات الغيبية فالدين يشترط الإيمان بالغيب وسيلة لازمة لبلوغ الهداية.
فاشتراط الإيمان بالغيب يأتي من اعتباره سبيلاً وحيداً لتفعيل الهداية التكوينية. هذا التفعيل الذي يذكي الفطرة وينقيها ولذا فإن الإيمان في ضوء العلم، ينفع ويبلغ غايته، حيث تتكامل النفس في مدارج الرقي من خلال تعاضد العلم والإيمان.
فمن خلال إدراك المرء لتداخل النصوص والبديهيات والمسلمات باتساق، ومن تعاضدها مع النسق الكوني، يحصل له علم، وتنطوي نفسه على معرفة تتطابق مع مسلماته بالعقيدة، فيتعزز إيمانه، وهو من سبل الكمال في الميزات الإنسانية للإنسان، التي لا تدرك إلا من خلال المهدوية، التي هي جزء العقيدة الإسلامية الخاص بالإمامة كسنة نبوية لا تنقطع، متجسدة واقعاً بوجود إمام العصر المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) من سلالة النبي الأطهر (صلى الله عليه وآله وسلم) وامتداده، اسمه كاسمه وكنيته ككنيته، يخرج في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
وإن هذه العقيدة في جوهرها ومضمونها ومرتكزه، وفيما تقرر وتؤكد لا تخص المسلمين وحدهم، فهي عقيدة كل دين سماوي، بل هي عقيدة بعض العقائد الخارجة على الدين بشكل أو بآخر، فالإنسانية كلها تنتظر المصلح الأكبر.
وبالمقارنة بين أفعال الكون والكينونة وبين ما يصدر عن الإنسان نجد أن أفعال الكون والطبيعة والأحياء كلها تصدر وفق نسق كوني واحد، تنطلق بعلة واحدة هي الرحمة، وتجري لغاية واحدة هي الكمال، هذا الكمال الذي ندركه من خلال مقدار رفع القصور المندرج في ذوات الموجودات، كي تتطور إلى الكمال حتى تبلغ غايتها في خاتم الرسل وكمال الرسالات، أي بسيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وامتداداته في عترته (عليهم السلام)، وبالإسلام وتمامه في دولته العالمية التي لابد أن تقوم للإنسان الكامل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ولو بقي يوم واحد من الدنيا.
فالكمال في خيار الإنسان لفعله، يأتي من تطابقه مع النسق الكوني وسننه.

البحوث والمقالات : ٢٠١٣/٠٦/٠٣ : ٣.٧ K : ٠
: محسن وهيب عبد
التعليقات:
لا توجد تعليقات.