البحوث والمقالات

(٢٢٢) برنامج التنمية البشرية والإمام المهدي (عجّل الله فرجه)

برنامج التنمية البشرية والإمام المهدي (عجّل الله فرجه)

لطيف عبد النبي يونس

تعتبر التنمية البشرية من أهم البرامج التربوية المعاصرة، وهي تهتم بمفردات جداً مهمة في حياة الإنسان منها كيف يفكر الإنسان بايجابية، وكيف يبتعد عن التفكير السلبي أو السلبية العامة، وكذلك كيف ننمي المهارات الفردية، وكيف يكون الإنسان ناجحاً في حياته، وكيف يتعرف إلى مواهبه وطاقاته، بالإضافة إلى كيفية الإبداع وكيفية إدارة الذات وإدارة الوقت، والعلاقات العامة وغيرها من مفردات التنمية البشرية.
يرتبط هذا العلم بأهم علمين وهما علم النفس وعلم الاجتماع ولعل أهم شخصيتين اعرفهما قد تناول هذا العلم المهم هو الدكتور إبراهيم الفقي وهو مصري الجنسية، وكذلك السيد هادي المدرسي.
ربما يستغرب البعض مما سأقوله و يندهش منه وهو أن باعتقادي أن كل علم إنساني له صلة بعلم أهل البيت (عليهم السلام)، وأنا على يقين إننا سنرى أموراً مدهشة نظرا لكون الفكر المهدوي يمتلك الشمولية والدخول في كل مفردات الحياة.
الأمل... والإمام المهدي (عجّل الله فرجه):
واحدة من أهم مفردات التنمية البشرية هي مفردة الأمل وهو كيف يعيش الإنسان بأمل جميل وكبير، وكيف يتخطى الإنسان عامل اليأس والقنوط والحزن والآلام ويتجاوزه إلى الأمل المشرق الأمل الكبير، الأمل الحقيقي وليس الأمل المزيف.
يتعلق الإنسان دائماً بالأمل ولا يتركه مهما حصل ولذلك نجد الغريق في البحر -كما يقولون- يتعلق حتى بالقشة لكي ينجو، وهكذا الإنسان يتعلق بالأمل إلى آخر حياته.
ولكن يقول علماء التنمية البشرية أن هناك أملاً حقيقياً، وهناك أملاً مزيفاً، وكذلك هناك أملاً صغيراً وهناك أملاً كبيراً، فعلى الإنسان ان يتعلق بالأمل الحقيقي وليس بالأمل المزيف لأنه إذا تعلق بأمل مزيف وظهر له زيفه في آخر المطاف فسيكون ذلك كارثة وصدمة على هذا الإنسان، وكذلك فإن الأمل الكبير هو الذي يصنع حياة الإنسان ويعظم قيمته الحاضرة والمستقبلية.
الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو الأمل الحقيقي:
وعلى أساس هذه المقدمة الضرورية فان الفكرة المهدوية تشكل أملاً فريداً من نوعه فهي تبشر الإنسان بأن له موعداً مع الأمل المشرق، موعداً مع الغد الذي يكتسح الظلام ويبيد كل ظلم (لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ أسمه اسمي فيملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجورا) فهنا مهما اشتد الظلم على الإنسان فهو يجد الأمل في الخلاص ويجد العدل والسعادة.
وكذلك إن هذا الإنسان عندما يعتنق الفكر المهدوي فإنه يعيش حالة الانتظار له، وحالة العمل له فهو يقيناً يعيش الأمل، وبغض النظر عن كون هذا المنتظر سوف يرى الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أو لا فانه في الحالتين سيكون لأمله مردود ايجابي، ولننظر إلى هذا الحديث الذي يضيء أملاً وإشراقاً.
فقد جاء في كمال الدين 303/ باب 26، ح 14 أن الصدوق روى بسنده عن الإمام الجواد (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال :(للقائم منا غيبة أمدها طويل... ألا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول غيبة أمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة). فماذا يريد الإنسان أكبر من هذا الأمل؟
قلنا إن الأمل يكون على نوعين أمل مزيف وأمل حقيقي وقد ثبت على مر التاريخ أن ما تعطيه كل الأفكار الوضعية هي آمال كاذبة، ولذلك نجد أن الإنسانية بالآمال الكاذبة ويبقى الأمل الكبير هو ذلك الذي بشرت به جميع الأديان وهو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الأمل تنتظره جميع الموجودات من إنسان وحيوان ونبات وجماد وكونيات، ولذلك فإن من يرتبط بهذا الأمل الحقيقي فهو يقيناً سيكون مطمئناً إلى أمله، بعكس أصحاب الأمل الأخرى التي لا تعطي اطمئناناً، فما على الإنسان إلا أنه ارتبط بأعظم أمل وأرقى أمل وأجمل أمل، وهذا الأمل هو هدية من الله (عزَّ وجل) للإنسان حتى يعيش سعيداً ومتفائلاً.
الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو الأمل الكبير:
قلنا وأن الأمل ما يكون صغيراً وما يكون كبيراً وعظيماً، وأن الأفكار الوضعية ربّما تعطيك آمالا ولكن ما قدر قيمتها وعظمتها أمام أمل تتعلق به كل الدنيا، أمل يجعل الحياة جنة لا مثيل لها، فهناك أحاديث تقول بأن العلم سيكون بسبعة وعشرين حرفاً، واليوم يعيش العالم وإلى قرب الظهور بحرفين، فكيف يا ترى سيكون التطور التقني وكيف تكون حياة الإنسان مرفهة، وأن السفر بين الكواكب سيكون مثل السفر بين بلداننا هذه، وستغدو الأرض جنينة تعيش بسلام وأمان، إن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عندما يخرج يمسح بيده الكريمة على رؤوس الناس فيكتمل إيمانهم، أي يد هذه وأي رحمة هذه.
إذن الأمل المهدوي كبير ومن يعتنقه فإن أمله يكبر، وبنفس الوقت هدفه يكبر، وبالتالي يكون صاحب عمل كبير وهدف كبير ومن يكن كذلك يكون سائراً نحو هدفه الكبير، واثقاً بخطاه بعكس الذي لا هدف له أو الذي له هدف صغير ومن هنا نجد أن المعتنقين للفكر المهدوي لا يكترثون للهموم ولا يكترثون للصعاب وهاهم المنتظرون اليوم يسيرون الآف الكيلومترات لكي يزورا إمامهم الحسين (عليه السلام) وهو في مشهده لا يرونه بل يتحسسونه بقلوبهم، فكيف يكون ذلك اليوم الذي يخرج فيه إمام زمانهم، فيا ترى أي صعاب تستوقف المنتظر عن هدفه وأمله الكبير.
إن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو الأمل الحقيقي وهو الأمل الكبير وكل ما حوته كلمة الأمل من ألم فانه لا يؤدي إلا إلى ذلك الأمل الموعود.
فكن صاحب أمل حقيقي وتأمل الموعود الحقيقي حتى تعيش حياتك أملا, متفائلاً عاملاً سعيداً... وأن الأمل كل الأمل بالمهدي الموعود (عجّل الله فرجه).

البحوث والمقالات : ٢٠١٣/٠٦/٠٤ : ٥.٣ K : ٠
: لطيف عبد النبي يونس
التعليقات:
لا توجد تعليقات.