(٢٢٩) الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وقانون المداولة الإلهي
الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وقانون المداولة الإلهي
مرتضى علي الحلي
أسس القرآن الكريم في نصوصه الشريفة لقانون حتمي التحقق والوقوع خارجاً وعلى متن الحياة التاريخية للبشرية، الماضي منها والحاضر والمستقبل الموعود، وذلك القانون هو (قانون المداولة) الذي هو منطوق الآية الشريفة: ﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾.
والمقصود بقانون المداولة بحسب ما يفهم من نصوص القرآن الكريم هو سنة إلهية حتمية تقتضي تبدل وتداول الأدوار بين الأُمم والحضارات، بأفول واحدة وظهور أخرى، وهكذا في تواصل متصل إلى نهاية التجارب البشرية.
وتقف هذه السنة الإلهية عند بدء دولة الإمام المهدي الموعود (عجّل الله فرجه) التي أسست لها الروايات الصحيحة وقالت إنها آخر الدول إلى قيام الساعة.
وهذا القانون الإلهي الحتمي، القطعي التحقق يعطي للمنتظرين (حتمية تفاؤلية) تنص على حتمية سقوط الدول المتجبرة وانهيار الجماعات المستبدة وتبدلها بآخرين.
ولكي نستكمل الشروط اللازمة لظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يجب علينا أن نستثمر من هذا القانون ما يعزز ويقوي إيماننا بحتمية التغيير والظهور المهدوي، وذلك يتم عبر تغيير ما بالنفس إلى ما يرضي الله تعالى لأن هذا القانون الحتمي (قانون المداولة) يتوقف في جلب النتيجة الإلهية لصالحنا على تغيير ما بأنفسنا وفق ما أراد الله تعالى، لذا هذه الحقيقة التي تكررت قرآنياً في آيتين هما: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ و ﴿بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾.
فقانون المداولة قانون نافذ المفعول وساري في مدياته إلى غاية إلهية، تنتهي عند تحقيق أهداف الله تعالى على يد الإمام المهدي الموعود (عجّل الله فرجه)، قال تعالى: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ﴾ و﴿وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ﴾ و﴿وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾.
فالنصر الإلهي هنا مشروط بتغيير ما في الذات البشرية، وذلك يتم عندما تدرك قدر الله تعالى وتخاف وعيده حال زيغها عن الجادة المستقيمة.
إن قانون (المداولة الإلهي) يضيف قدراً كبيراً من الإحساس النفسي، بل حتى الاجتماعي الحقيقي بأن العاقبة للمتقين حتماً حتى في وقت الصراع مع قوى الظلم والكفر التي تفوقنا عدة وعدداً.