(٢٦٢) طبيعة العلاقة بيننا وبين الإمام الحجّة (عجّل الله فرجه)
طبيعة العلاقة بيننا وبين الإمام الحجّة (عجّل الله فرجه)
الدكتورة بشرى العطار
علاقة القيادة:
مما يميّز الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) هو أنه الإمام الحي الذي يعيش على هذه الأرض ويعيش مع آمال والآم الناس ويشاركهم أحزانهم وأفراحهم وأنه يرعى شؤون الأمة، صغيرها وكبيرها حتى أنه ورد في إحدى رسائله (عجّل الله فرجه) للشيخ المفيد (رحمه الله) أنه قال: (لا يعزب عنّا شيء...).
إنه يجب فهم وإدراك ماهيّة العلاقة مع هذا الإمام الحي كي نبادله هذا الاهتمام من قبل شخصه الشريف.
وأن نصنّف هذه العلاقة إلى ثلاثة أنواع هي: القيادة، التربية، والرقابة.
وعن علاقة القيادة نقول:
إنّ الحديث عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من أهم الأحاديث التي يجب أن تحتل الجزء الأكبر عند كل من يعي حقيقة وجود الإمام (عجّل الله فرجه) وفاعليته في الساحة، فهو الإمام الحي وهو القائد وهو صاحب الأمر (عجّل الله فرجه).
والإنسان عليه أن يعيش هذه القيادة وأن يتحسسها فهو حين يخاطب وليّ أمره يجب أن يكون خطابه خطاب المقود للقائد أو المرؤوس للرئيس، وكما ورد عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي (عليهم السلام) وهو مقتد به قبل قيامه يأتم به وبأئمة أهل الهدى (عليهم السلام) من قبله).
فإنّ مجرد الإيمان والاعتقاد بوجوده (عجّل الله فرجه) يخلق لدى المؤمنين:
أولاً: الأمل والطموح ويهوّن لديهم المصاعب ويزيل همومهم فانّ المؤمنين الصادقين لم يعرفوا الهزيمة في صراعهم مع أهل الباطل وحتى لو هزموا عسكرياً فأنّ هذه الهزيمة لن تنال من معنويّاتهم ما دام هناك في هذا العالم (إمام قائد) لا بدّ من أن يظهر ويأخذ بثأر كل المظلومين.
ثانياً: الامتثال الكامل لأوامر القائد وإلّا فسوف يقع المؤمنون في مأزق خطير، وأجلى مثال بهذا الصدد ما يروي لنا التاريخ ما حدث في (معركة أحد)، حيث أنه بعد أن رسم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) -وهو القائد- الخطّة للمعركة وكان من ضروراتها سدّ بعض الثغرات التي تطلّ على أرض المعركة، هذه المعركة التي كادت تنتهي بانتصار المسلمين لولا أنّ أكثر الرماة الذين أمروا أن يسّدوا الثغرة الواقعة خلف الجبل عصوا أمر قائدهم وتركوا أماكنهم مما أدّى إلى مباغتة المشركين، لقد أدّى ليس إلى كثرة القتل في صفوف المسلمين بل إلى تعريض حياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للخطر حيث أنه لمّا جرح الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قام المنافقون بدور تثبيطي للعزائم بإشاعة أنّ القائد قد قتل مما زعزع همّة الكثير من المقاتلين المسلمين. وهذه الواقعة تظهر خطورة وأهمية سلامة القائد ووجوده بين جنوده.
ثالثاً: اليقين بأنه هو خليفة الله (عجّل الله فرجه) في الأرض، وهو السبب المتصل بين الأرض والسماء، وأنه حجة الله في كل عصر ولولاه لساخت الأرض بأهلها وكما ورد عن الإمام العسكري (عليه السلام): (ولولا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والأوصياء من ولده (عليهم السلام) كنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضاً من الفرائض).
إنّ المؤمنين الذين يستشعرون حضور الإمام (عجّل الله فرجه) في زمن الغيبة منحهم الإمام السجاد (عليه السلام) سمة الأفضلية على أهل كل زمان، حيث يذكر ذلك لأبي خالد الكابلي: (ثم تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله والأئمة بعده يا أبا خالد، أنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره (عليه السلام) أفضل من أهل كل زمان، لأن الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسيف، أولئك المخلصون حقاً وشيعتنا صدقاً والدعاة إلى دين الله سراً وجهراً).